وليد فاضل ألعبيدي
هو نوع من التدين يهتم بالشكل دون الجوهر ويغرق في التفاصيل فتضيع منه الكليات ويضيع منه تكاملية الدين وروحانياته, يجعل الطقوس الدينية غاية في حد ذاتها فيتوقف عندها ولا يرى ما بعدها من غائية الكدح إلى الله بغية ملاقاته.
مفهوم الإله :
أنه محاسب لا يهتم إلا بالأعداد والأحجام والهيئات أو مراجع حسابات يتصيد الأخطاء ويبحث عن الهفوات مهما كانت صغيرة ويفترض سوء النية فيمن يراجع وراءهم فالجميع لديه مدانون حتى يثبت العكس, ولذا يتحول الدين عند ألوسواسي إلى مجموعة من الأوامر والنواهي والطقوس. وعلاقة ألوسواسي بالصورة الوالدية علاقة تحفل بالتناقضات فهو يحب أحد الوالدين أو كليهما ويكرهه أو يكرههما في ذات الوقت أو على الأقل يخشى بطشه أو بطشهما فيظهر المبالغة في إرضائهما والطاعة لهما.
صفاتها:
المتدين ألوسواسي لا يشعر أبدا بالرضا فهو دائما مقصر وعبادته ناقصة أو خاطئة, ولديه شعور مزمن بالذنب والتقصير والخطأ والخطيئة, وهذا الشعور لا يدفع إلى الارتقاء بتدينه بقدر ما يدفع إلى الغرق في مزيد من التفاصيل وإلى حالة من كراهية وجلد وربما تدمير الذات, بينما هو يعتقد أنه يحسن العبادة ويتقنها ويرعى تفاصيل الدين.
1-المتدين ألوسواسي عنيد ومستبد برأيه.
2-ألوسواسي منكفئ على ذاته مشغول بصراعاته الداخلية ولذلك لا يرى الواقع الحياتي الأوسع بوضوح ومن هنا تجده في آرائه وفتواه منغلقا على حياته الذاتية أو مجتمعه المحلي الضيق ويريد أن يفرض رؤيته الضيقة المحدودة على العالم كله على اعتبار أنه يملك الحقيقة .
3-ألوسواسي لا يحب التفكير ولا استخدام العقل فهو لا يثق في عقله ولا عقل الآخرين لهذا يتشبث بالنقل ويعتبره الوسيلة الوحيدة والصحيحة للسير على الطريق الصحيح.
4- والمتدين ألوسواسي لا يشعر أبدا بالرضا فهو دائما مقصر وعبادته ناقصة أو خاطئة.
التدين ألوسواسي هو نوع من الدفاعات النفسية على المستوى الشخصي والجماعي, فالشخص ألوسواسي يشعر في قرارة نفسه بالخطأ والخطيئة والتقصير والدونية الأخلاقية لذلك يتشبث بمظاهر الدين وتفاصيله ودقائقه بشكل مرهق وملح لعله يطهر نفسه المذنبة, فالانشغال بالمظهر ودقائق التفاصيل يرحمه من مواجهة الداخل المشوه أو المرفوض أو المتمرد أو العاصي في نظره، وعلى المستوى المجتمعي نجد أن شيئا من هذا قد حدث, حيث سادت موجات من الفساد في العقود الأخيرة وتورط الكثيرون من الناس بقصد أو بدون قصد في هذا الفساد وتلوثوا بدرجات متفاوتة فكان المخرج القريب والسهل هو المبالغة في مظاهر التدين كنوع من التطهر أو التطهير (السطحي) الذي يعطي بعض التوازن للشخص وللمجتمع فهاهو يتشبث بمظاهر التدين التي تحميه من الوصم الأخلاقي الداخلي والخارجي.
تفسر أسباب التدين ألوسواسي:
علاقة ألوسواسي بالصورة الوالدية علاقة تحفل بالتناقضات فهو يحب أحد الوالدين أو كليهما ويكرهه أو يكرههما في ذات الوقت أو على الأقل يخشى بطشه أو بطشهما فيظهر المبالغة في إرضائهما والطاعة لهما.
وينتقل نموذج العلاقة بالأب (الأرضي) إلى العلاقة بالرب (السماوي) فيغلب عليها الخوف أكثر من الرجاء والتوجس أكثر من الطمأنينة وتوقع العقاب أكثر من انتظار الرحمة، وفي نسبة غير قليلة من الوسواسين نجد أنهم عانوا في طفولتهم المبكرة من نموذج الوالدية الناقدة بمعنى أن أحد الأبوين أو كليهما كان شديد الانتقاد والتعنيف للطفل مما رسب لديه إحساسا مزمنا بالتقصير والخطأ وربما القذارة والتلوث يحاول طيلة حياته أن يتخلص من هذا الإحساس دون جدوى.
ويرجع التحليليون جذور السلوك ألوسواسي إلى سوء تعامل الأم مع الطفل في المرحلة الشرجية (Anal Phase) مما يكسبه صفات العناد والاستحواذ ويكسبه الشعور بعدم النظافة وما ينتج عنه بعد ذلك من سلوكيات تعويضية من المبالغة في النظافة والنظام والتطهر، بينما يرى السلوكيون أن ألوسواسي قد اكتسب هذه الصفات من علاقته بأحد والديه أو كليهما حين كانا يعززان فيه هذا السلوك من خلال آلية الارتباط الشرطي ومبدأ الثواب والعقاب.
المهم أن العلاقة بين ألوسواسي ورمز الوالدية علاقة ملتبسة ومتناقضة وقد ينعكس هذا على علاقته بربه حين يطيعه بشكل مبالغ فيه وفي ذات الوقت قد يتشكك في وجوده أو يتخيله في صور لا تليق بجلاله أو قد يدور في عقله سباب للذات الإلهية ويدخل في صراع مرير بين التعظيم والسب.
من خزائن علم النفس
وليد فاضل ألعبيدي
2014-09-20
1065 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع