رسائل هادفة لمعالجة قضايا عراقية ساخنة / الحلقة العشرون

                                       

رسائل هادفة لمعالجة قضايا عراقية ساخنة/ح20


           

      

أهمية أختيار وزراء كفوئين للحكومة القادمة وخاصة الوزارات الأمنية

ان جميع الدول من تأسيسها وحتى بلوغ مرحلة النضج والعظمة تمر بمواقف مختلفة في الشدة والصعوبة, واتخاذ قرار الحسم في تشكيل الحكومة الجديدة واحد من هذه المواقف، ثم ان هناك محطات اخرى يصعب اتخاذ القـرار بصددها ما لم تتوفر الارضية المناسبة له, وللوصول الى خطوات ناجحة تفعل من عملية اتخاذ هذا القرار لابد من الارتكاز على عدة محاور اهمها التخصص والكفاءة والنزاهة التي اصبحنا بحاجة ماسة الها.
ما يهمنا هنا ان نوري المالكي قد يكون قادرا  على تشكيل الحكومة في المدة الدستورية التي حددت بثلاثين يوما ما لم توضع العصا في عجلة التكليف، فالكتل السياسية تستطيع مساعدة  رئيس مجلس الوزراء المكلف لانجاز مهمته من خلال تقديم شخصيات كفوءة متخصصة اكاديمية وفق تخصص الوزارة التي ستسند لها وهذا هو الاساس الصحيح لتشكيل الحكومة, لكون التخصص مطلوبا والتجربة السابقة اثبتت ان الشخص غير المتخصص يسبب مشاكل في وزارته وعلى هذا الاساس الدور الرئيس يقع على عاتق الكتل السياسية بان تقدم شخصيات بتخصص وكفاءة وخبرة مهنية تتناغم وما رشحت له.
ان ما يقلقنا ويثير شجوننا هو التخبط في اختيار تلك الشخصيات من قبل الكتل السياسية المتصارعة فيما بينها من اجل المصالح الانية والشخصية وان الازمة التي يمر بها العراق ازمة اشخاص وليست ازمة مؤسسات، وان الاستغراق في تفصيلات المشكلة مضيعة للجهد والوقت ويبقى ما يهمنا هو بذل الجهد الجهيد لمقاومة المنافع الشخصية وتغيير طريقة التفكير لتكون أكثر عقلانية وصفاء، وخاصة في موضوع أختيار الوزراء والمسؤوليين الأساسيين لوزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات.
وعلى اصحاب القرار ان يسألوا انفسهم هل هم جادون في تنظيم حياة العراقيين تنظيما حقيقيا بتغلبهم على جذور التردد في العمل السياسي وان عليهم ان يعلموا أن جميع القرارات بما فيها التي تم الاتفاق عليها في (بغداد او اربيل) يمكن إلغاؤها والعدول عنها ولو بعد حين حتى لو كان هناك بعض الخسائر، فمن ذا الذي يكسب على طول الخط فيما كل شيء في الحياة يمكن تعويضه،على ان يحاولوا التعود على حسم أمور بلدهم من دون مساعدة دولية او اقليمية، وإن لم تستطع كتلة ما عمل ذلك فيمكنها الاستعانة بمتخصصين عراقيين من ذوي الكفاءة والخبرة في هذا المجال او ذاك وما اكثرهم لمن اراد البحث والتقصي.
قد يعتقد بعض السياسيين في المرحلة الراهنة أنهم لم يصلوا بعد للمرحلة التي تمكنهم معرفة كيفية اتخاذ القرار الصحيح وذلك بناء على الاعتقاد بأنهم ليسوا في مناصب او لم يشغلوا مناصب تعلمهم اتخاذ القرار الذي كان حكرا على السياسيين فيما مضى من الدهر فكل تصرف يعد قرارا ويعد سببا رئيسا في اتخاذ قرار او القرار البديل.
المشكلة التي تواجهنا اليوم هي كيف يتم اختيار الوزراء لذلك تقتضي الضرورة التعرف على المشكلة التي من أجلها سوف يتخذ رئيس مجلس الوزراء المكلف نوري المالكي قرارا باستيزارهم من خلال الإحاطة بجوانب المشكلة وتحليلها وتقييمها ووضع بدائل لحل المشكلة حتى يمكن اختيار الأنسب من المرشحين للوزارة المعنية، لتعكس هذه القرارات أهداف صاحب القرار.  ولتحديد مشكلة اختيار الوزراء والتعرف عليها يجب ان نطرح عددا  من التساؤلات عن نشاط الكتل السياسية في المرحلة الماضية والاعمال التي قدمتها او التي لم تقدمها بعد ان وعدت بها ناخبيها، ولماذا كان الوعد وهل النتيجة الجديدة مقبولة أم غير مقبولة؟ وما الغاية المرجوة من حل المشكلة القائمة؟ وقبل أن تسعى الكتل الى حل المشكلة يجب عليها أولا أن تفهمها كما هي وليس من منظور مصلحتها.
ولكي تصل الكتل السياسية او زعاماتها الى صيغة تفهم من خلالها مشكلة اختيار الوزراء واخراج العراق من ازمة مستفحلة يجب ان تعرف طبيعة المشكلة وتحددها وتصنفها على أساس التجربة والخبرة من خلال المعلومات المتوفرة بما فيها التاريخية وما تتضمنه من مشكلات مشابهة ونتائج وحلول سابقة، وجمع المعلومات من خلال المقارنة بين النتائج المتوقعة والأهداف المرسومة، وتقبل النقد البناء وملاحظة ومحاولة تطبيق التجارب الدولية في هذا الشأن، والمقارنة بأوضاع مشابهة لما نحن فيه عدا الدول العربية.
إن وعي  الكتل  السياسية  ما نحن فيه من ازمة ازاء  مشكلة اختيار وزراء الحكومة المقبلة يعد خطوة مهمة في عملية حل الازمة لذلك فمن المهم جدا تحديد طبيعة المشكلة بدقة وإلا فإن الحل المقترح قد لا يأتي بالنتائج المطلوبة.
ان ما يواجه الكتل والاحزاب من اشكالية هي كيف يمكنها الوصول الى لب المشكلة والتعرف على أسبابها؟ وما هي البدائل المتاحة لحل المشكلة؟ وكيف يمكن تقييم البدائل؟ وكيف يمكن التغلب على العقبات المتوقع ظهورها؟وما يجب ان لا ننساه هو ان  الكتل السياسية التي يتوجب عليها اختيار ثلاثة مرشحين لشغل منصب واحد لكي يتسنى لنوري المالكي رئيس مجلس الوزراء المفاضلة بين المرشحين لاختيار الانسب من بينهم يمكن ان يتنامى لديها احساس بالاضطراب والقلق بشأن من ترشحهم وربما تواجه امرين متناقضين هما اتخاذ القرار والتغيير أو البقاء حتى اخر المهلة الدستورية التي تم تحديدها مسبقا خوفا من التغيير او التنصل من الوعود المتفق عليها.
اجد ان الكتل السياسية تواجه في بداية مرحلة مسيرتها الوليدة ما بعد التغيير والديمقراطية شعورا بأهمية تنمية ذاتها وحضورها في المشهد السياسي ودخول تشكيلة الحكومة عن طريق زج مرشحين مؤهلين ومناسبين يحظون  باختيار رئيس مجلس الوزراء ويلبون طموح الكتلة التي رشحتهم لشغل المنصب وهل يكون ولاء  هؤلاء للوطن و للمواطن,ام  للكتلة و الحزب او لرئيس مجلس الوزراء ..
وفي البداية يجب التأكد من الإدراك الصحيح للموقف وكيفية مقابلة الاحتياجات الاساسية للوطن والمواطن فهما الأساس لتعريف وتحديد طبيعة المشكلة، فالتغيير مثلا قد يكون مفيدا في بعض المواقف ولكن بقاء الوضع على ما هو عليه قد يكون أفضل في ما إذا كان المرشح لتولي الوزارة شخصا  غير مؤهل لتحمل المسؤولية وهذا يتطلب من الكتلة أمرين: أن تثق في قراراتها ونتائجها، وأن تقبل التحدي وتخاطر بالتغيير سعيا إلى التقدم والوصول للحل الامثل.
وقد يغيب عن بعض سياسيينا ان يعرفوا ان القرار الرشيد هو الذي يحقق الأهداف التي من أجلها اتخذ وان كان بشكل نسبي فيما يتعلق بكل ظرف ومشكلة فقد يكون قرارا صحيحا في موقف ما ولا يكون كذلك في آخر.
ولهذا عليهم ان يضعوا البدائل المتاحة للاختيار, وذلك عن طريق كتابة مزايا وفضائل وحتى عيوب كل مرشح على حدة للوصول  إلى المرشح صاحب أعلى المزايا والأقل عيوبا ليسهم بدرجة ما في حل المشكلة او جزءا منها.
وعلى الكتل السياسية ان تحاول الابتكار والتجديد أي ابتكار حل لم يسبق استخدامه من قبل حكومات او كتل سابقة، وقد تطرح كتلة ما سؤالا مفاده كيف أقيّم المرشح المناسب لحل المشكلة وما هي المعايير التي يتم على أساسها اختيار الحل الأمثل؟
ونجيب على هذا السؤال بأنه يجب المقارنة بين المرشحين عن طريق معرفة مدى إسهام كل منهم بتقديم برامج لاربع سنوات ممكنة التطبيق والوصول الى حلول مقترحة لحل اية مشكلة متوقعة، وما هي التكلفة أو الأعباء التي تترتب على تطبيق الحل لهذا المرشح على ان تقدم ثلاثة مرشحين في وقت واحد؟ وما هو المدى الزمني المتوقع لكي ينتج الحل آثاره؟ وهل يمكن استبدال الوزير المعني باخر خلال اربعة اشهر بعد التكليف ان لم ينجح في تطبق ربع الخطة الموضوعة له؟ وما هي المشاكل الجانبية التي قد تترتب على تطبيق كل حل للمشكلة المطروحة؟
ويجب على الكتل السياسية كتابة ما يمكن أن تقدمه خلال اربع سنوات مقسمة الى خطط سنوية على ان تكتب أيضا المميزات المتوقعة من سرعة الحصول على نتائج خطتها السنوية او الخمسية، وأن تحسب الأعباء التي يجلبها كل مقترح على حدة، ثم ان عامل الوقت غاب عن اغلب ان لم نقل جميع الكتل السياسية ولهذا عليها ان تحسب المدى الزمني المتوقع لحل مشاكل العراق للوصول إلى الوضع المناسب وتحديد متى يمكن الدخول في مجال العمل الجدي والحقيقي لاعادة الاعمار،على ان لا تنسى تحديد المشكلات الجانبية التي قد تحدث من اتخاذ أي قرار اتخذته وان تكون هناك خطط بديلة معدة لكل موقف على ان لا يقل عدد الخطط البديلة التي لا تشبه اي منها سابقتها بعشر خطط بديلة في اقل تقدير.
أن أهم شروط أنتخاب الوزراء الأمنيين (الدفاع - الداخلية -الأمن الوطني - المخابرات) هي.
1. أهمية أدراك فلسفة الأمن الوطني العراقي للوزير المعني وما هي أهم المخاطر التي يواجهها هذا الأمن.
2. القدرة على تحليل مخاطر الأمن الوطني العراقي (الخارجية والداخلية ومصادر ونوع القوى الأرهابية ).
3. الخبرة العسكرية والأمنية (خط الخدمة - التدرج الوظيفي - المهارة - الموهبة - الثقافة الأمنية).
4. الثقافة العامة الواسعة وخاصة في المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتاريخ والجغرافية ألخ.
5. السيرة والسمعة الحسنة في الأوساط العسكرية والأمنية، ودرجة الآحترام والقبول والثقة المناطة به .
6. القدرة على فهم فلسفة عمل ومهام الوزارات الأمنية والدوائر التنفيذية العائدة لها, (على سبيل المثال، ما الفرق ما بين مسؤوليات وعمل وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش؟).
7. المهارة في كيفية توظيف الخبرات المتراكمة والمتاحة بما يضمن نجاح عمل هذه الوزارات الأمنية، وما هي القدرات المتاحة على وضع آليات العمل المطلوبة وجداول التوصيف  الوظيفي لكل مفصل ومستوى من الوزير ونزولا إلى أصغر المستويات التنفيذية.
8. القدرة على تحليل المهام (الرئيسية والثانوية والمكتسبة).
9. القدرة على أعداد فريق التخطيط الإستراتيجي لتحقيق المهام الرئيسية والثانوية والمكتسبة للوزارة المعنية، وما هي المراحل اللازمة للوصول للنتائج المرجوة.
10. القدرة على إجراءات التسيق العام مع السياسة الخاصة بالحكومة (الإستراتيجية العليا) وسياسة الوزارة المعنية.
11. القدرة على إجراءات التنسيق مع المؤسسات ذات العلاقة على المستوى الداخلي والأقليمي والدولي وخاصة مع المؤسسات الأميركية ذات العلاقة المشتركة.

الفريق الركن الدكتور
عبد العزيز المفتي
عمان 24/11/2010

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة..

http://www.algardenia.com/maqalat/15786-2015-03-28-21-04-47.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

4830 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع