إبراهيم الزبيدي
"إن كل بندقية تصنع، وكل سفينة تدشن، وكل صاروخ يطلق هو في الحسابات النهائية عملية سرقة للقمة العيش من أفواه الجياع، ومن أجساد الذين يرتجفون من شدة البرد ويحتاجون لكسلاء"(دوايت آيزنهاور 1960)
أضعنا الكثير من الحبر وعرق الجبين وسهر الليالي ونحن نحاول جممع الأدلة والقرائن والبراهين لكي نثبت أن حزب حسن الله وحماس هي في حقيقتها أذرع للنظام الإيراني تقوم، نيابة عنه، بحرق ديار أهلها وتقتيل شبابها، فداءً للولي الفقيه وإرضاءً لشغفه برؤية الحرائق تشتعل في المدن الآمنة، والدماء تسيل، والجموع تهجر من ديارها، لتحقيق الحلم الإمبراطوري القديم، وهو وهم وخيال.
حتى جاء حجة الإسلام مجتبي ذو النور، ممثل المرشد الأعلى علي خامنئي في الحرس الثوري، ليعلن، رسميا وعلنا وصراحة وعلى رؤوس الأشهاد في حديث أدلى به في نادي الصحفيين التابع لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية " أن قوة حماس وحزب الله تساوي جزءًا صغيرًا من قوة إيران العسكرية".
فإذا كان حسن نصر الله ونعيم قاسم وخالد مشعل واسماعيل هنية والزهار هم الجزء الأصغر فلابد أن يكون الجزء الأكبر والأعظم مليشيا بدر – الجناح العسكري، وعصائب أهل الحق، وجيش المختار، وحزب الله العراقي، والمجلس الأعلى الإسلامي والفضيلة والتيار الصدري- سرايا السلام وحركة حزب الله النجباء، ويقودها الشيخ أكرم الكعبي الذي كان نائب الأمين العام للعصائب، كتائب سيد الشهداء وأمينها العام "الحاج ولاء" وسرايا الجهاد والبناء وأمينها العام الحالي حسن الساري، النائب الحالي والوزير السابق وأحد قيادات المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بقيادة عمار الحكيم، وكتائب التيار الرسالي وأمينها العام هو النائب الشيخ عدنان الشحماني وسرايا الخراساني قائدها الفعلي حامد الجزائري وسرايا عاشوراء وهي جناح عسكري للمجلس الأعلى الإسلامي وسرايا العتبات و سرايا العتبة العلوية بقيادة "الشيخ كريم"، إضافة إلى كثير من الفصائل الصغيرة الأخرى، ومنها فيلق الوعد الصادق، ولواء أسد الله الغالب، وكتائب أنصار الحجة، ولواء القارعة، وسرايا الزهراء، وسرايا أنصار العقيدة، وكتائب الغضب، وحركة الأبدال، ولواء المنتظر، وكتائب درع الشيعة، وجيش المختار، وحزب الله الثائرون. ويمكن أن نرفق بكل هذا الكم من الوكلاء الحوثيين والمعارضين البحارنة، وأمثالهم من الظاهرين والمستترين في دول الخليج العربي وتركيا وأفغانستان ومصر وتونس وليبيا أيضا والمخفي كان أعظم.
وحول كل فصيل من هذه الفصائل طبقة واسعة جدا من الخدم والسماسرة والتجار والمقاولين والكتّاب ورجال الدين والمثقفين والإعلاميين، ويعدون بالملايين.
والسؤال المهم هنا هو، كم أنفقت وكم تنفق إيران على هذه الجبهة الواسعة من الذيول والأذرع، بكل أنواعها وعلى اختلاف درجات أهميتها ومقدار تمويلها وتسليحها وتدريبها؟
والسؤال الآخر الأهم، ماهو الهدف الذي يرى النظام الحاكم في إيران أنه يستحق و(يستاهل) كل هذه الأموال والمتاعب والدماء والدموع ووجع الراس؟
وعطفا على هذين السؤالين سؤال واحد فقط ليس للشيعة العقلاء المتحضرين المتنورين المنصفين غير المغفلين المُستغفلين، والرافضين للعبودية الاختيارية لنظام الملالي في طهران، والمترفعين عن خيانة أوطانهم وتدميرها وقتل أهلها واحتلالها ، ولكنه لأولئك الشيعة العرب المخدرين بالطائفية العمياء، والمُسيَّرين إلى الموت عميانا كالأغنام، كيف كان حال العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين قبل ظهورالخميني، وما هو حالها اليوم بعد كل ما أشعله وريثه خامنئي من حروب وحرائق؟ وبماذ يصفونها؟، هل هي حروب عاقلة وعادلة وضرورية لأخذ الثأر من أنظمة أو شعوب بادأتها بالعداء والقتال والاحتلال؟
وهنا يجيء السؤال الأهم. كيف يرضى مواطن آمن في بلد آمن أن يحمل، متطوعا، سلاحا على إخوته في الوطن، فيقلب أمنهم خوفا، وسلامهم حربا، ويقتل ويغتال وينهب ويغتصب ويعتدي ويهجر منهم الالاف والملايين لحساب حاكم طائفي عنصري متخلف يرى أن غير الفارسي، من أي جنس وأي دين أو طائفة، أقل قيمة وإنسانية وكرامة، ويجب أن يسوقه (الحارس الثوري) بالعصا.
ألم يقرأ الشيعي العربي الموالي لحاكم من هذا النوع أو يسمع بالجنرال فيروزآبادي رئيس أركان الجيش يدعو إلى تنقية اللغة الفارسية من الكلمات العربية الدخيلة؟ وألم يقرأ ويسمع علي يونسي، المستشار الأول للرئيس الإيراني، حسن روحاني، في تصريح أوردته وكالة "إيسنا" شبه الرسمية في طهران، معلنا أن "إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ، وعاصمتها بغداد" و "أن جغرافيا وثقافة إيران والعراق غير قابلتين للتجزئة، وأن كل منطقة الشرق الأوسط إيرانية، وسيتم الدفاع عنها بكل قوة لأنها جزءٌ من إيران".؟
كتبت هنا مقالا في 13/3/2013 بعنوان: إيران تقتل أتباعها. وقد شُتمت يومها كثيرا عليه من عشاق الولي الفقيه، وكذبوني واتهموني بالطائفية والعنصرية الخرف والهذيان والعمالة للشياطين.
حسنٌ إذن. تأملوا ما يدور الآن في اليمن. لقد غرر الملالي بنفر من غلاة الحوثيين، وكانت الطائفة الحوثية راضية مرضية هانئة، يسافر أبناؤها إلى دول الجوار، ويقيمون فيها معززين مكرمين، ثم يعودون إلى مدنهم وقراهم أصحاء وأثرياء.
أمرهم الملا خامنئي بالخروج من منازلهم بما خف حمله وما ثقل من سلاح لجعل حياة اليمنيين، كل اليمنيين حتى الحوثيين أنفسهم، دمارا وخرابا، دما ودموعا ودخانَ حرائق، فتمددوا وتوسعوا، تجبروا، تكبروا، وكلما جاءهم أحد مسالما ساعيا لصلح، صفعوا جبهته بحجارة من سجيل، حتى تعب واستقال ممثل الأمم المتحدة بن عمر، ولم يقنعوا بالحوار. أرادوا أن يأخذوا كل شيء ولا يعطوا غيرهم أي شيء. جهلة سذج وأغبياء. صدقوا أن إيران امبراطورية بحق وحقيقي، وأنها سوف تقطع اليد التي تمس منهم شعرة، مهما نهبوا وقتلوا وخربوا، وأن سفنها الماخرة في البحار، وصواريخها وطائراتها تحميهم من غضب الله إذا جاء. خرجوا من قمقمهم في صعدة، وانتشروا انتشار الداعشيين، بسرعة ويسر، فأخذوا صنعاء وذمار والضالع وعمران، وهاجموا عدن وما زالوا يرسلون قنابلهم وصواريخهم إلى منازل سكانها المدنيين العزل دون حساب ولا كتاب.
حتى أتتهم يدٌ فراسة وفمُ، كما قال المتنبي، واندلعت عليهم نيران جهنم من فوق، ومن تحت، ومن حيث لا يحتسبون، وتقطعت بهم السبل، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت. وفي ساعة الشدة المشتدة لم يقبضوا من حبيبهم قاسم سليماني ومن أخيهم في الجهاد حسن نصر الله، ومن مليشيات هادي العامري والخزعلي والكعبين غير الشجب والاستنكار، وسوى الوعد والوعيد، ولا شيء غيرالكلام الفاضي. وهاهم يتساقطون كالعصافير، وكالرطب اليابس على رمال اليمن، ولا من معين. أليسوا قتلى، وأليست دماؤهم في رقبة الولي الفقيه؟
والذين قُتلوا من شباب الشيعة اللبنانيين الذين ساقهم إلى الموت في سوريا والعراق، والذين قتلوا من شباب العراق الشيعة الذين استغفلهم بخرافة "حماية مقام السيدة زينب" في دمشق، ولكنه قتلهم في حلب وحمص وحماة ودرعا والغوطة والقلمون، أليسوا قتلى وأليست دماؤهم في رقبة الولي الفقيه؟. فكيف لا يرون ولا يسمعون ولا يعقلون؟
2185 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع