د.رعد العنبكي
كان فيما مضى شاب ثري ثراءا عظيما – وكان والده يعمل بتجارة الجواهر والياقوت ،وكان الشاب يؤثر على اصدقائه ايما ايثار وهم بدورهم يجلونه ويحترمونه بشكل لا مثيل له
ودارت الايام دورتها ويموت الوالد وتفتقر العائلة افتقارا شديدا فتذكر الشاب ايام
رخائه ليبحث عن اصدقاء الماضي – فعلم ان اعز صديق كان يكرمه ويؤثر عليه
واكثرهم مودة وقربا منه قد اثرى ثراء لايوصف من اصحاب القصور والاملاك
والاموال – فتوجه اليه عسى ان يجد عنده عملا او سبيلا لاصلاح حاله
فلما وصل باب القصر استقبله الخدم والحشم فذكر لهم صلته بصاحب الدار
وكان بينهما من مودة قديمة فذهب الخدم فاخبروا صديقة بذلك فنظر اليه ذلك
الرجل من خلف ستار ليرى شخصا رث الثياب عليه اثار الفقر فلم يرض بلقائه
واخبر الخدم بان يخبروه ان صاحب الدار لايمكنه استقبال احد
فخرج الرجل والدهشة تاخذ منه ماخذها وهو يتالم على الصداقة التي ماتت وعلى
القيم كيف تذهب بصاحبها بعيدا عن الوفاء
وتساءل عن الضمير كيف ان يموت وكيف للمرؤة ان لا تجد سبيلها في
نفوس البعض ومهما يكن من امر فقد ذهبت بعيدا
وحدث يوما وقريبا من داره صادف ثلاثة من الرجال عليهم اثار الحيرة
وكانهم يبحثون عن شئ – فقال لهم: ماامر القوم ؟! قالوا له نبحث عن
رجل يدعى فلان ابن فلان وذكروا اسم والده !فقال لهم : انه ابي!! وقد مات
منذ زمن فحزنوا الرجال وتاءسفوا كثيرا وذكروا اباه بكل خير
وقالوا له ان اباك كان يتاجر بالجواهر وله عندنا قطع نفيسة من المرجان
كان قد تركها عندنا امانة فاءخرجوا كيسا كبيرا قد ملئ مرجانا فدفعوه
اليه ورحلوا والدهشة تعلوه وهو لايصدق مايرى ويسمع !! ولكن
تساءل اين في هذه الايام من يشتري المرجان؟ فاءن عملية بيعه تحتاج
الى اثرياء والناس في بلدته ليس فيهم من يملك ثمن قطعة واحدة
مضى في طريقه وبعد برهة من الوقت صادف امراءة كبيرة في السن
عليها اثار النعمة والخير – فقالت له: يابني اين اجد مجوهرات للبيع
في بلدتكم؟
فتسمر الرجل في مكانه ليساءلها عن اي نوع من المجوهرات تبحث؟
فقالت : اي احجاركريمة رائعة الشكل ومهما كان ثمنها
فساءلها ان كان يعجبها المرجان !؟ فقالت : نعم
نعم المطلب فاءخرج بضع قطع من الكيس فاندهشة المراءة لما راءت
فابتاعة منه قطعا ووعدته بان تعود لتشتري منه المزيد
وهكذا عادت الحال الى يسر بعد عسر وعادت تجارته تنشط بشكل كبير
فتذكر بعد حين من الزمن ذلك الصديق الذي ما ادى حق الصداقة فبعث له
ببيتين من الشعر بيد صديق جاء فيهما
صحبت قوما لئاما لا وفاء لهم*** يدعون بين الورى بالمكر والحيل
كانوا يجلونني مذ كنت ذي غنى ***وحين افلست عدوني من الجهل
فلما قراء ذلك الصديق هذه الابيات كتب على ورقة ثلاث ابيات
وبعث بها اليه جاء فيها
اما الثلاثة قد وافوك من قبلي* * *ولن تكن سببا من الحيل
اما من ابتاعت المرجان والدتي* * *وانت انت اخي بل منتهى املي
وما طردناك من بخل ومن قلل* * *لكن عليك خشينا وقفة الخجل
تحياتي وحبي واشواقي
اخوكم المخلص
الدكتور
رعد العنبكي
4852 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع