زيد الحلي
زرت باريس ثلاث مرات .. المرة الاولى في العام 1987 ضمن وفد صحفي عراقي بمعية الاستاذ الطيب طه البصري رحمه الله ، استغرقت اسبوعا ، والثانية في العام 2006 لحضور مؤتمر نظمته هيئة الاعلام والاتصالات بأشراف منظمة اليونسكو في قاعتها بباريس حضره عدد من رؤساء تحرير الصحف العراقية وانا من ضمنهم ، والثالثة في العام 2008 للمشاركة في فعالية ثقافية واعلامية كبيرة اقامتها مؤسسة العالم العربي ، حضرتها قامات صحفية عربية شهيرة ..
باريس قرنفلة ، ضوعها لا ينسى ، وتبقى حية في الذاكرة ، مهما طال زمنها ..لكني مررت بتجربة ، شبيهة بلقطات فلم رعب ، لعمنا الفرد هتشكوك ..
في المرتين ، الاولى والثانية ، كانت ضيافتنا في فندق ( كونكورد ) الباريسي الشهير ، والأخيرة في فندق ( المريديان ) .. حجزت لي غرفة انيقة جدا .. مريحة جدا .. ارتحتُ فترة الظهيرة ، بعد وصولنا مباشرة .. وفي المساء لبيت دعوة صديق ، فكانت سهرة جميلة ، وفي نهايتها اوصلني الصديق الى الفندق بعد ان طلب مني رقم غرفتي للاتصال لاحقا.. ودلفت الى المصعد العملاق ، وماهي سوى لحظات كنت في الطبقة التاسعة وتوجهت الى غرفتي ذي الرقم ( 941 ) .. وبين غفوة منتشيه ، وصحو قلق ، سمعت رنين هاتفي ، كان المتحدث ذات الصديق ، فقال : اردتُ تطمينك حتى لا تنزعج في الصباح حين تعرف ان غرفتك ، هي ذاتها الغرفة التي قُتل فيها العالم النووي المصري ( الدكتور يحيى المشد ) في عام 1980 حيث وجدت جثته هامدة مهشمة الرأس بعمل خسيس قام به الموساد الإسرائيلي لتعاونه مع العراق في برنامجه النووي السلمي ... طار النوم مني ، واخذت صور دماء العالم (المنشد ) تترئ امامي ، وباتت اذني تستمع الى اصوات استغاثته و.. و...
بملابس النوم ، خرجت من غرفة الرعب ، وتوجهتُ مذعورا الى غرفة زميلي في الفعالية الشاعر عبدالرزاق عبد الواحد ...فطرقتُ بابه بقوة ... لم يفتح إلا بعد دقائق وكأنها الدهر ...ارتميت على سريره ، وفي الصباح تبادلنا الغرف ... بقى في غرفة الرعب , وبقيت في غرفة ابو خالد .. عبدالرزاق عبد الواحد !
رحمك الله عالمنا العربي د. المشد ، ولا زال عتبي على صديقي العراقي الذي حول ليلتي الجميلة الى ليلة رعب قائما ، فلازلت اعيش تلك اللحظات حتى ... اليوم !
( الصورة مع موظف الاستقبال في فندق الكونكورد ) الباريسي
3278 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع