حروب شاذة تعيشها مهنة المحاماة (ج 13 وج14 وج15 وج16)

                                         

                        د.عبد القادر القيسي

تكملة لمقالنا السابق نتناول المحاور (13 و14 و15 و16) في الحروب الشاذة التي تعيشها مهنة المحاماة، وهو:

المحور الثالث عشر: العملية الانتخابية في نقابة المحامين:
إن فكرة الوصول إلى منصب النقيب او عضو مجلس نقابة عن طريق صناديق الاقتراع هي معركة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة، وطبيعة الانتخابات العامة لا تختلف كثيراً في انتخابات نقابة المحامين من خلال التنافس للوصول إلى أحد المهام النقابية، وعلى المحامين أن يدرسوا خياراتهم جيداً، وأن لا يمنح المحامي صوته لأي كان أو للمجاملة أو نتيجة وساطة أو ضغط أو عدم اكتراث، فهذا الصمت سوف يحدد مصير العمل النقابي وربما المهني خلال مرحلة زمنية ليست قليلة، ويجب أن لا ينخدع المحامي بالمجاملات والحفلات والعزائم والمنح والهدايا والوعد بالمكاسب وغيرها، التي تقام قبيل موعد الانتخابات، وأن يقول كلمته ويضع صوته لمن يعتقد أنه سوف يؤدي خدمة حقيقية للمهنة وللمحامين، وليعلم أن أول المتضررين من سوء الاختيار هم المحامون أنفسهم، وأثمن ما يملكه المحامي تجاه نقابته ومهنته وزملائه هو صوته الانتخابي وأية مساومة على هذا الصوت يعني ِأن صاحبه رخيص وسيدفع الثمن غالياً من سوء اختياره.
ان انتخابات نقابة المحامين العراقيين تجري كل ثلاث سنوات؛ وقد لاحظنا في الدورة الانتخابية الماضية والحالية، هناك طابع تسقيطي مؤسف يجثم على أفكار بعض المرشحين وتسود المشهد الانتخابي، أجواء غير صحية وملوثة بطريقة لا تليق برجال القانون، ويترجم ميدانيا على صفحات التواصل الاجتماعي، ونجم عن ذلك، ردود أفعال وانتقامات واحتكاكات و ...الخ، وبات عدم ذكر اسم الخصم في الورقة وتسجيل الناخب لمن يريد من المرشحين الآخرين؛ اشبه بعملية قتل له؛ فإذا خسر أحد المرشحين المعركة فهذا يعني بالنسبة لخصمه الفائز أنه تمكن من قتله(على الورق) وعندما يتولى المرشح الناجح كعضو مجلس نقابة او نقيب مقاليد الأمور بالنقابة، يبدأ بالتربص لمن خسر المعركة من خصومه مستخدما كافة الأسلحة المهنية لإضعافه وفي كافة المجالات المتاحة والممكنة .
ولأجل حسن سير العملية الانتخابية لنقابة المحامين العراقيين، وان تكون صحيحة لا تشوبها الاتهامات بالتزوير؛ هناك ضرورة للنص في مشروع قانون المحاماة الجديد(ولم ينص قانون المحاماة النافذ أيضا) بان يتم تشكيل لجنة مركزية مكونة من تسع أعضاء ممن مارسوا المهنة مدة لا تقل عن عشر سنوات وتنتخب رئيساً لها خلال 48 ساعة من تشكيلها، ويتم اختيارها من الهيئة العامة، ويكون مجلس القضاء ووزير العدل ممثلا فيها، هي من تتولى عملية الاعداد للانتخابات، لضمان عدم اطلاق الاتهامات الجزافية بان هناك استغلال لإمكانيات وموارد النقابة في تحقيق فوز انتخابي، فيجب تسليم مقاليد النقابة لهذه اللجنة قبل موعد الانتخابات بثلاثون يوم، وهي تنظم وتشرف على سلامة اجراء الانتخابات، وهذا النص يعزز من نزاهة الانتخابات، ويّحجبْ الاقاويل عن عدم شفافية العملية الانتخابية.
الصفات المميزة التي يجب أن تتوفر في المحامي المرشح للعمل النقابي:
يجب أن تتوافر لدى المحامي المرشح لمهام نقابية صفات كثيرة، نرى ضرورة تضمينها في مشروع قانون المحاماة الجديد لأجل اختيار العناصر الكفؤة والنزيهة التي تصلح ان تكون مرشحة للتنافس في الانتخابات، والفوز كعضو مجلس نقابة او نقيب محامين، ولا بد من التذكير ان قانون المحاماة النافذ قد خلا من عدة صفات يجب ان يتمتع بها المرشح حتى يتم قبوله كمرشح لمنصب عضو مجلس او نقيب، وذكرت المادة(85) شرط واحد فقط، هو ان لا يكون المرشح قد عوقب تأديبيا، ومشروع قانون المحاماة الجديد أيضا قد خلا من شروط عديدة، عليه، نجد ان هناك عدة شروط يجب تضمينها في مشروع قانون المحاماة الجديد، اهمها:
اولاـ أن يتصف المرشح بالتزامه وحفاظه على أعراف وتقاليد مهنة المحاماة والنزاهة في التعامل والجرأة والقدرة على المواجهة والقدرة على الحوار واحترام الرأي الآخر.
ثانيا-أن يتصف المرشح بالموضوعية وعدم الانحياز للأشخاص، وأن يكون معيار انحيازه هو الانحياز للعمل الصالح للنقابة والمحامين، وان يقف بمواجهة العمل المضر بالنقابة والمحامين.
ثالثا-أن تتحقق لدى المرشح الشروط المنصوص عليها في القانون، وبقدم مهني (15) سنة للمرشح لمنصب عضو مجلس و(20) سنة لمنصب النقيب، وان يكون المرشح في صحة وعافية للقيام بالأعباء النقابية.
رابعاـ أن يكون المرشح بعيداً عن الانتماء لأي حزب سياسي، وبعيدا عن الطائفية والمذهبية وأن يكون لديه الشعور بأن هذا الوطن للجميع وأن تكون فكرة سيادة الدستور والقانون من بديهيات تفكيره القانوني.
خامساـ أن يتصف المرشح بالتجربة في أداء الخدمات للزملاء، وهذه التجربة لا تعني انه سبق له أن مارس مهام نقابية، وإنما تعني انه شارك فعلاً في العمل النقابي ولو بلجان صغيرة أو بمساعدة تلك اللجان المتعددة.
سادساـ أن يكون المرشح ذا سمعة اجتماعية مرموقة، ولم يعاقب تأديبيا، ولديه مكتب لائق ينم عن اهتمامه بأمور المهنة والنقابة بعيداً عن الربح المادي.
سابعاـ أن لا يكون المرشح ممن اتخذ موقفا سلبيا سابقا من مجلس النقابة التي رشح نفسه إليها؛ لأنه فشل في النجاح بالمعركة الانتخابية السابقة، وهذا أمر مهم ويشير إلى حقيقة الشخصية النقابية، فالمحامي النقابي الذي يخسر جولة الانتخابات يستمر في عطائه النقابي بأي مجال كان ولو في لجنة فرعية هي أدنى مما كان قد رشح نفسه إليها؛ بينما توجد خطورة في شخصية من يتخذ الموقف السلبي من أي عمل نقابي طيلة فترة الدورة الانتخابية للمجلس المنتخب، فلا يشارك بعمل جماعي أو ندوة أو محاضرة أو لجنة ويجعل من نفسه فوق كل تلك الأعمال، إن مثل هذا المحامي لا يمكن أن يكون محامياً نقابياً.
ثامناـ أن تكون لديه القدرة على التسامح، فالمحامي (غير المتسامح) إذا تبوأ المركز النقابي انتقم من خصومه وابتعد عن الموضوعية وأضر بالعمل النقابي.
تاسعاـ أن يؤمن المرشح بالعمل الجماعي، ولا يكون سريع الانفعال أو سريع الاستفزاز فهذا يذهب العقل ويفقد الحقوق النقابية التي تحتاج الى الصبر والتأني وسعة الصدر والحكمة والتروي بإصدار القرار.
أخيراً قد لا نجد المحامي المرشح لتبوأ المناصب النقابية، الذي تجتمع فيه كل هذه الصفات، ولكن إذا ما اجتمعت معظمها فهذا حسن، والمسؤول عن نجاح العمل النقابي هو المحامي صاحب الصوت الانتخابي الذي يدلي به في صندوق الاقتراع فإذا ما أحسن المحامي الاختيار سار العمل النقابي على أكمل وجه، وإذا ما أساء الاختيار أساء للنقابة والمهنة، وكان هذا المحامي هو ممن سيناله السوء إضافة الى لعنة الأجيال القادمة من أبناء المهنة.
ولذلك يجب ألا يخسر المحامون صوتهم في الانتخابات فلا يقدمون صوتهم لمحام مهني ولكنه ليس نقابيا.
وتنويها، لاشك أن الوضع الحالي الذى يسود وسط المحامين ترجع المسئولية عنه إلى النقابة وبخاصة بعض الاعضاء، فلم يكن على المحامين ثمة ذنب أو مسئولية أنهم وضعوا ثقتهم في بعض الأعضاء، واعتقدوا انهم خيرون واكتشفوا بمحض الصدفة أنهم في غير مكانهم بالمرة، وإن كان كذلك فيمكن لومهم على شيئا واحدا اخطأوا فيه وهم تحت تأثير أشد من تأثير التنويم المغناطيسي الذى يلجأ إليه المجرم في ارتكاب فعلته، ألا وهو انسياقهم بكل جوارحهم وطاقاتهم التي لم يتبقى منها سوى الضعف والازدراء وراء بعض قادة المحامين الذين أثبتوا على مر أيام قليلة أنهم كانوا بدون أي إضافة ولو ضئيلة يمكن أن تشفع لهم أخطائهم التي خيبوا فيها الظنون.
المحور الرابع عشر: هيئات الانتداب واهميتها في العمل النقابي:
عملت كرئيس غرفة المحامين في المحكمة الجنائية المركزية لحوالي سبع سنوات خلت، والغرفة من اكبر الغرف الموجودة في العراق لأهمية المحكمة وثقل الدعاوى المنظورة فيها وكثرة اعداد المحامين المتواجدين فيها، ولقربي من قيادات النقابة لفترة طويلة، عاصرت خلالها خمس نقباء محامين اجلاء، ولدي تصور بسيط عن مخرجات العمل النقابي، احتدم نقاش بيني وبين أحد المحامين الشباب الذي عرض علي في وقتها فكرة ترشيحه كعضو مجلس النقابة، واعترضت عليه وقلت له الأفضل، وجوب وضع قدم معين لمن يحق له الترشيح لمجلس النقابة في هيئات الانتداب او احد اللجان النقابية الفعالة في النقابة، قبل الترشح كعضو مجلس نقابة، وأخذ يعارض اقتراحي، وكان اقتراحه؛ أنه تكفي ممارسة عدة سنوات للمحامي الشاب حتى يحق له الترشيح لتلك المناصب؛ فقال لي: لماذا تحرمون الشباب من الوصول الى المراكز النقابية بسرعة، وهل تخشون الشباب لأنهم أكثر فعالية من شيوخ المحامين وبالتالي سوف ينجح المحام الشاب ويكون اداؤه افضل من قدامى المحامين، فأجبته:
المسألة ليست شباب وشيوخ فالعمل النقابي أساسه الأعراف والتقاليد ولا يكتسبها المحامي فور حلفه اليمين أو حصوله على لقب أستاذ، فلا بد من ممارسة مهنية طويلة تتخللها دراسة مستدامة للأعراف والتقاليد المهنية إضافة الى دراسة القانون بأنواعه واختصاصاته، وشيء جميل أن ينتقل المحامي من مكتبه الى عضوية هيئة انتداب الغرف لكنه يكون غير جميل اذا انتقل مباشرة للترشيح كعضو مجلس نقابة، دون أن يكون قد مر بتجربة مشاركته في هيئات الانتداب او لأحد اللجان النقابية الفرعية التي يتم تشكيلها في بداية كل دورة انتخابية، والمشكلة التي سوف يعاني منها المحامي الذي وصل بسرعة الى أحد المناصب النقابية، انه في معرض قيامه بإيجاد الحلول للمنازعات التي قد تحصل بين المحامين أنه سيجد صعوبة في حلها، وأنه سوف يستغرق وقتاً وجهداً كبيرين في دراسة الأمور المهنية والنقابية ليصل بالحلول المناسبة للمسائل المعروضة، بينما لو كان هذا المحامي قد تدرج في اللجان المشار إليها وعمل بها، وعرف كيفية التعاطي مع احتياجات المحامين وطرق إيجاد الحلول لكل مشكلة، ممكن أن تصادف العمل النقابي، لكـان الأمر عليه سهلاً، وتكون له محطة مهمة لأجل الانتقال الى الترشيح الى عضوية مجلس النقابة، واذا فشل في الفوز فهو حتما يحمل قيمة وحيدة هي مجرد شرف المحاولة أو المحاولات الفاشلة التي مكانها الأساسي هو صندوق التجارب الحياتية البائسة.
والموجبات تحتم، على المحامين أعضاء هيئات الانتداب ان يعملوا بجد؛ لتكون لديهم الخبرة في تلميع أسمائهم، وان يكونوا عنوان النشاط والنزاهة والتفاني في سبيل المصلحة المهنية العامة.
واثبتت التجربة، بضرورة ان تقوم النقابة بأجراء تعديلاتها على مشروع قانون المحاماة الجديد بالنص بوضوح على عبارة (هيئات الانتداب) في الغرف الفرعية في بغداد والمحافظات (والذي خلا من ذلك قانون المحاماة النافذ) وتسمية هيئات المحافظات ب (مجالس الفروع)، وكذلك النص، على ان يكون اختيار المحامي المرشح لهيئات الفروع، بقدم نقابي عشرة سنوات وخمسة عشر سنة على الأقل لعضو مجلس النقابة وعشرون سنة كنقيب محامين، ليكون موفقا في عمله.
ان زيادة اعداد أعضاء هيئات الانتداب كان قرارا ليس صائبا؛ وأشبه بتوزيع تركة، لان عملهم لا يتطلب هذا العدد الذي وصل الى سبع أعضاء ومعهم لجنة المحامين الشباب، واصل عمل هيئات الانتداب تنظيمي اشرافي وحلقة وصل بين النقابة وغرفة المحامين، وليس هناك قرارات مهمة تتخذها هيئات الانتداب في غرف المحامين لصلاحياتها المحدودة؛ حتى تتطلب كل هذه الاعداد، خاصة في الغرف الفرعية، لكن غرف المحافظات لا باس ان يكون هناك سبع أعضاء لضخامة عملها، ونرى ان لا تقحم النقابة نفسها في أعمال هيئات الانتداب الفرعية بدون مقتضي، لان ذلك سيساهم في تأجيج الصراع بين المحامين ويؤدي لزيادة الشقاق والفرقة.
ولنا على أداء هيئات الانتداب عدة ملاحظات قد أكون مصيبا في بعض منها، وقد أكون مخطئا في مجملها، واوجزها بما يلي:
أولا/ هيئات الانتداب كثافة عددية غير منتجه ومترهلة، ونتيجة مؤلمه لأسوأ اجتهاد عبر تاريخ المهنة؛ في جعل أعضاء هيئات انتداب الفروع بسبع أعضاء ومعها لجنة للمحامين الشباب، ففيه مساؤى عديدة أبرزها:
الف-تشتيت للرأي وكثرة للاجتهادات، يتولد عنه ضعف مركزية رئيس هيئة الانتداب، وقد يولد خلافات حادة بين الأعضاء لاختلاف الرؤى في منهجيه العمل النقابي وعدم الانسجام في تقدير المسائل، مما ينتج عنه صعوبات ومشاكل قد تثور في عمل الغرفة، وتصبح هناك تيارات متضادة بين مجموعة من اعضاء هيئة الانتداب ضد مجموعة أخرى.
باء-هناك فقدان لروح التعاون وتشتيت للجهود، بسبب انشاء لجان الشباب، مما ادت الى تقاطع بينها وبين هيئة الانتداب لضعف الخبرة وفوضوية العمل، خاصة التجربة اثبتت، ان غالبية المحامين الشباب تنقصهم الدراية والحنكة المطلوبة في إدارة هكذا لجان.
ثانيا / فقدان قسم من أعضاء هيئات الانتداب ورؤسائها، الرؤية في تقديم أفكار عملية لحل المشاكل القائمة للمحامين لعدم الخبرة في إدارة أزمات المحامين، وهناك ضعف واضح في معالجه السلبيات واعتماد منهج المواءمة والمهادنة مع الكادر القضائي ومنتسبي السلطة القضائية وبقية السلطات في حل المشاكل، وعدم استخدام أدوات واّليات الضغط المتاحة بقانون المحاماة؛ مما أفقد المحامين قوتهم.
ثالثا/ أداء قسم من هيئات الانتداب لغرف المحامين سواء الفرعية او المحافظات، كان بعيد عن التزام الإطار المؤسسي والجماعي ويغلب عليه النزعة الفردية، وهناك فساد في الأداء لدى البعض.
رابعا/ ضعف وتلاشي للخطاب والدور المهني لكثير من هيئات الانتداب سواء الفرعية او المحافظات، والاهتمام بالدور الإعلامي، والانصراف عن المهام الأساسية التي أنيطوا بها للعمل على رعاية شؤون المحامين والارتقاء بالمهنة.
خامسا/ اغلبية أعضاء هيئات الانتداب حديثو عهد بالعمل النقابي، مما أدى الى نشوء صراعات، ورأس غير
 قادر علي السيطرة، مما نتج عن ذلك عمل ارتجالي غير مدروس في كثير من مفاصله.
سادسا/ هناك تأثيرات متنوعة تحدد بوصلة بعض الأعضاء، منها قد يكون طائفي غير مهني او خارجي، مما يؤثر وأثر في عمل الغرفة بالمجمل، وأصبح بعيد عن مصالح المحامين الحقيقية.
سابعا/ هناك تسويق لأفكار من بعض أعضاء الهيئات سواء في الفروع او المحافظات، وشروع في اعمال على أنها إنجازات واقعة، لكسب تأييد وهمي، ودعم نقابي.
ثامنا/ محاولة بعض اعضاء ورؤساء هيئات الانتداب بخاصة، المحافظات، في تعظيم الاستفادة من المقومات والإمكانات الشخصية لتقوية مراكزهم النقابية لتحقيق مكاسب مادية شخصية يرافقه اّمال نقابية أكبر مستقبلا.
انني ما زلت أتوجه بالدعوة، لوضع الحلول والاّليات لتنفيذ بعض الاختلالات التي ذكرتها في مشروع قانون المحاماة النافذ ومعه مشروع قانون المحاماة الجديد، فنحن أعلم بمشاكلنا وأقدر على تقديم الحلول لها، فهل من وقفة جادة نحن بها جديرون.
المحور الخامس عشر: الإطار القانوني الذي تقوم عليه النقابة وموقعها الالكتروني:
أن نقابة المحامين (نقيبا وأعضاء مجلس) سدنة القانون وحراسه ولا أجرؤ في عرضي عليكم ذكر نصوص مواد قانون المحاماة (74 حتى 92) فأنتم قطعا أكثر فهما وأعلي استيعابا لمدلولها القانوني والعملي وما تحويه من تكليف للسيد النقيب العام للمحامين ومجلس النقابة العامة برعاية شئون المحامين والعمل والمحافظة على كرامة النقابة وكرامة أعضائها والإشراف علي حسن سير العمل بالنقابة.
لكن ما تمر به نقابتنا العزيزة بمواقف وما يتعرض له المحامون الزملاء من أحداث جسام، ليست جميعها مما يمكن اعتبارها في عداد التصرفات الفردية أو الشخصية، بل اصبحت واقع عام نحياه جميعا، وأصبحت النقابة العامة بحاجة ماسة لرسالة حقيقة تؤديها، لتظفر بالمكتسبات على مر تاريخ نقابتنا العريقة. فلوجود نقابة فعليه، لابد من وجود نص دستوري يحمي النقابة ويحدد وينشئ ويقر حقوقها وواجباتها وعلاقاتها مع سلطات الدولة الثلاث، وإذا كان للعمل المهني أو النقابي صلة وثيقة مع السلطة القضائية من خلال مشاركة المحامين للقضاء في تحقيق العدالة فان هذا لا يمنع من أن تكون هناك علاقات محددة ومتبادلة بين النقابة والسلطة القضائية، وان يكون العمل جاد من نقابة المحامين للنص على هذا الحق(تشكيل النقابة) في الدستور يحكم استقرار هذا الحق ويصبح حقاً طبيعياً يجب احترامه، ويصبح العمل النقابي حق دستوري، يستمد المحامون حقهم في الوجود بالعمل المهني والنقابي من الدستور مباشرة، ونقابة المحامين تنظيم مهني اجتماعي علمي مؤسس وفق أحكام الدستور، أما القوانين فهي لتنظيم هذا الحق وليس لإلغائه.
هناك حالة من الاضطراب والتشنج تعيشها نقابة المحامين ويساهم فيها المحامون جميعا؛ وخاصة ونحن مقبلين على تشريع قانون جديد للمحاماة وبدء دورة انتخابية جديدة، يتعين على أعضائها مراجعة أوراقهم مرة أخري لكيلا تخسر نقابة المحامين الجولات والفرص العديدة السابقة، فالطريق الذي لا يصل بصاحبه لمقصده تركه فضيله.
هناك مهام وواجبات على النقابة (نقيبا ومجلسا) المباشرة لإدخالها في مشروع قانون المحاماة الجديد إضافة لما ورد في القانون منها:
اولاـ الدفاع عن مصالح أبناء المهنة ومنع من تسول له نفسه من أبناء المهنة الإساءة لها ولتقاليدها وأعرافها.
ثانياـ تأمين حرية المحامين في اتخاذ الوسائل التي يرونها مناسبة في الدفاع عن مصالح الموكلين، وفي إطار القانون والشرعية، وعلى النقابة التدخل في كل حالة فردية أو جماعية يكون فيها المحامي قد تعرض لحرمانه من ممارسة واجباته، وان تنقل النزاع من المحامي المتضرر إلى النقابة لتحل النقابة محل المحامي.
ثالثاـ تأمين فرص العمل للمحامين: بالبحث عن مطارح العمل المهني والعمل على إصدار التشريعات اللازمة التي تلزم المتقاضين أو أصحاب المصالح في تلك المطارح بالتعاقد مع المحامين، والاهم من ذلك كله العمل على تعديل أو إلغاء النصوص التي تحجب العمل عن المحامين بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتعتبر عملية تنظيم المساعدات القانونية للمواطنين من أهم الوسائل التي تساعد على إيجاد فرص عمل للمحامين الشباب.
رابعاـ المساهمة في تطوير التشريع: تملك نقابة المحامين أكبر حشد من رجال القانون في الدولة، كما أنها تملك أكثر الوسائل فعالة من أية جهة عامة في الاطلاع على مختلف تشريعات العالم، وفي الكشف عن عيوب القوانين والأنظمة والممارسات الخاطئة وفي إظهار المشاكل التي لم يضع لها القانون حلاً، واقتراح الحلول الممكنة، فهناك مئات المحامين ممن يبدون استعداداً تاماً للمساهمة في عملية تطوير التشريع، ومن الخطأ الفادح خسارة هذه الطاقات الجبارة.
خامساـ المساهمة في البحث العلمي وتطوير التعليم الجامعي:
هناك مئات المحامين ممن يشكلون قوة علمية هائلة، على النقابة الاستفادة من هذه القوة، بخاصة من أصحاب الشهادات العليا، لتطوير عملية البحث العلمي وتطوير مناهج التعليم الجامعي بما يخدم الفكر القانوني.
موقع النقابة الالكتروني في الميزان:
مازالت مواقع الخلاف والأزمات الداخلية مستمرة في نقابة المحامين، فكل خطوة يقدم عليها نقيب المحامين ومجلسه الموقر؛ تواجه بعاصفة عاتية ومواجهة دامية من قبل المحامين (تترجم غالبا على صفحات التواصل الاجتماعي بطريقة غير مهنية وبلغة فجة)، يقوم متطوعون كثيرون بتدبير خطة مضادة دورها الأساسي هو إفساد ما يجول بخاطر النقابة (نقيبا ومجلسا) حتى لو لم ير النور بعد.
ربما بسبب الأزمات المتلاحقة والمستمرة التي واجهتها النقابة بعد الاحتلال، من أزمات بخاصة الاعتداءات على المحامين والاستهانة بهم وأكثرها انتهت بما انتهت إليه، وتعضيدا لذلك، كان أداء المكتب الإعلامي الذي يدير الموقع، ضعيف ومتهالك وبعيد عن الأطر الإعلامية الحرفية المطلوبة، ويستكمل مبتكراته البائسة التي لم تكن موفقة نهائيا في إعطاء الصور الإيجابية للعمل النقابي، ولم تركز على كثير من الاعمال والنشاطات والانجازات التي كانت تحيط عمل النقيب وأعضاء المجلس بطريقة حرفية مهنية.
نقابة المحامين مساحة مشتعلة بالأحداث وسكاكين الصحافة والمحامين والحقوقيين وغيرهم عليها حادة وحامية، تطول كل همزة ولمزة تحدث بين جدران النقابة أو حتى خارجها، فهناك ضرورة لفتح باب الحوار والمناقشة مع المحامين والحقوقيين والصحفيين لنضمن مراقبة فعالة لعمل النقابة، ويرافق ذلك، ان يُدار موقع النقابة من اشخاص ذو كفاءة إعلامية فنية وبمهنية عالية، وان يكون متاح لجميع المحامين، من خلال تزويد غرف المحامين في المحافظات بالأنترنيت؛ لأجل مواكبتهم لأي تطور او نشاط او قرار تقوم به النقابة. موقع النقابة الالكتروني ناقص في جميع جوانبه المهنية والتنظيمية، ويفتقر إلى الخبرة التي يقوم عليها أي عمل اعلامي ناجح، وتحاول النقابة جاهدة على اظهار الموقع بالطريقة المثلى، لكن النتائج الملموسة في الميدان المهني الإعلامي لا تلبي الطموح، وكانت أكثر بيانات النقابة في أزمات ومشاكل عديدة بعيدة حتى عن الصياغة الحرفية التي يجب ان يتمتع بها رجال القانون، بخاصة نحن أصحاب المفردة القانونية اللغوية القوية والمعبرة، وكان ذلك واضحا في بيان النقابة بصدد تعرض السيد النقيب لمحاولة الاغتيال.
ان البنية التحتية التي أنشأتها النقابة للموقع وللقائمين عليه مكان يليق بهم فقط، ولم يكن عملهم مغطي لعمل المحامين عموما، سيما هناك فقدان واضح وبائن في الشكليات الحقيقية للعمل الإعلامي، التي ليس لها محل من الإعراب، فالعبرة بما يعطيه هذا المكان من معلومات متوازنة وصادقة عن عمل النقابة، والخطة الموضوعة لعمل الموقع ضعيفة ومتهالكة وتحتاج الى مراجعة وتصويب، والعمل الإعلامي للنقابة يفوق قدرات العاملين به بكثير، فالكل يطمع أن يكون عمل المكتب الإعلامي المشرف على الموقع، شامل لكل نشاطات النقابة وجوانب ومؤسسات المجتمع، جامعا لكل أنواع الخبر، المهني والمحلي والدولي وباللغات العربية والإنكليزية والكردية، وهذا شيئا أقرب للمستحيل، فالمعروف عن المؤسسات المتخصصة أنها تهتم بعرض ما يخصها من أخبار وتطورات للأحداث المتعلقة برجالها، وما تقوم بعمله النقابة يحتاج إلى فريق كبير منظم ومغطى بسقف مادى يضمن الاستمرارية، فهناك مؤسسات صحفية ومعلوماتية تهدف إلى الربح تستطيع النقابة ان تستفاد من خبرتهم في تطوير عمل النقابة الإعلامي، وهو مهم جدا في إعطاء زخم مهني حقيقي لإعلاء مهنة المحاماة وإعطاء صورة ناصعة ومشرفة للمحام، بعد انتكاسات دائمة وواقعة.
إن الطريقة التي يمارس فيها المكتب الإعلامي للنقابة عمله، معيبة وقاصرة وخائنة، ولم تكن بالمستوى المطلوب وكانت ولا زالت ترسم وتعطي نتائج وهمية، وما يفعله المكتب الإعلامي في راي الكثيرين مجرد استهلاك للطاقة وتضييع للوقت، خاصة في ظل وجود صقور جارحة كامنة ومتربصة حتى تأتى الفرصة لتركب الموجة، فعند النجاح يصبحون أصحاب الفضل العظيم، وعند الفشل (لا قدر الله) سيكونون أول من يهاجم ويعيب ويتهجم.
تبقى ملاحظة هامة تحتاج إلى تفسير، تتعلق بالأساس، ببعض الصور والنشاطات التي يظهرها موقع النقابة الإلكتروني بالذات على صفحات الفيس بوك، مع التنويه، ان كل المؤسسات والنقابات المهنية الرصينة والتي شاهدناه في الدول الاوربية وبالذات نقابة المحامين، ليس لها موقع على صفحات الفيس بوك، فقط صفحة رسمية على الشبكة العنكبوتية، تغطي نشاطاتها وتتواصل مع الجميع من خلالها وترد على أي سؤال، وهذا الامر طرحته على السيد نقيب المحامين في زيارته مؤخرا الى اربيل، وطلبت منه ان يغلق صفحته وكافة صفحات أعضاء المجلس، لوقف ظاهرة الصفحات الوهمية واللغة الشوارعية المستخدمة أحيانا في هذه الصفحات، وان يصدر تعليمات لأجل تنظيم صفحات الفيس بوك للمحامين بما يضمن مكانة المحام واخلاقه المهنية، لان الحرية الشخصية للمحامي في الفيس بوك ليست مطلقة وانما تصطدم بالمحافظة على كرامة وهيبة المهنة، لاسيما أنه يُعرف نفسه محام، بالتالي حريته تقف عند حدود المساس بوقار المهنة، فمن مطالعة هذا المنشورات على موقع النقابة تتداخل المفاهيم لدى أي أحد إلا أصحابها فقط، هذه النشاطات(للقاءات ومناسبات عديدة) قامت بها النقابة، وإلى جانبها تعليقات وجمل مدح وتمجيد لإنجازات، وسئلت سؤال عن تلك النشاطات، مضمونه: هل هذه وسيلة دعاية انتخابية للأعضاء أم شكل من أشكال الإعجاب والتباهي، فما ذنب المحامين في ذلك؟
ان النقابة (نقيبا ومجلسا) عليها ان لا تفوت استغلال اي فرصة في الظهور الإعلامي في جميع القنوات الفضائية والجرائد والصحف، لأجل إعطاء فكرة إيجابية عن مهنة المحاماة في ظل سلبية كبيرة قد اعترت عمل المحام، وبعيدا عن استخدام الظهور المستمر على شاشات القنوات الفضائية والشو الإعلامي والخروج من استوديو والدخول في آخر حبا في الشهرة والظهور وترضية للنفس، بخاصة نحن امام مشرط ارعن لا يرحم وأصبح يقطع كل الأوردة والشرايين، وهذا ما يجري بالضبط مع المحامين ونقابتهم أيضا، وأصبح المحامين وفق ذلك في ذمة القدر والصدفة.
المحور السادس عشر: تعقيب المعاملات من قبل المحام:
إن ازدياد عدد المحامين (مائة وعشرون ألف محام) افرز لنا معـقـّب مـتـطــوّر يحمل شهادة المحاماة ويمارس عمل التعقيب فقط ويبتعد عن مهنته الأساسية؛ لأسباب عديدة منها قد تعود لأجور التعقيب الجيدة وأخرى لقلة الدعاوى التي يترافع بها وهناك صعوبة في ممارسة عملهم بسبب ضعف خبرتهم وغير ذلك من الأسباب؛ لكن تبقى نظرة المحامي لنفسه ونظرة المجتمع له مهمة، وعلى المحام ان لا يترك مهنته الأساسية بدون ان يفكر او يجهد نفسه قليلا من أجل مهنته لأنها مهنة سامية. هناك قانون ينظم عمل الدلالين وكتاب العرائض ولم يرد فيهما كلمة محام، ولم يرد في قانون المحاماة رقم 173 لعام 1965 النافذ ما يسمح للمحامي بتعقيب المعاملات، فقط في المادة (م19)منه، التي سمحت للمحام المتمرن كمرحلة أولية بممارسة التعقيب، وهذا يعد عيب في قانون المحاماة النافذ فمن غير الصحيح ان يتخذ المحام من مهنة التعقيب بديلاً عن مهنة المحاماة ويترك الترافع أمام المحاكم، ولا ينغمس في خضّم المرافعات والمحاكمات، لأن هدف المحامي أساساً هو المحافظة على حقوق الناس، وحدد قانون المحاماة دور المحامي في سوح القضاء، لأجل نيل هذه الحقوق.
ولا بد من الإشارة الى ان هناك فرق بين المعقب وكاتب العرائض.
كاتب العرائض: (هو شخص الطبيعي اجيز له ان يحترف كتابة العرائض نيابة عن أصحابها مقابل اجر وذلك فيما يتعلق بشؤونهم لدى الجهات العامة وغير العامة.)
اما معقب المعاملات: (الشخص الطبيعي الذي يحترف مهنة تعقيب وإنجاز المعاملات لدى الجهات العامة وغير العامة نيابة عن أصحابها مقابل اجر).وفي العراق لا يوجد قانون ينظم عمل المعقبين، ففي دول أخرى مثل سوريا؛ نقابة المحامين السوريين منعت المحامين من تعقيب المعاملات، وهناك نقابة تنظم عمل المعقبين اسمها نقابة المجازين القانونيين(نقابة الحرفيين) حيث لا يتم العمل بالمعاملات وكتابة الطلبات والعرائض والاستدعاءات إلا بموجب ترخيص من هذه النقابة، والتي تتابع اعمال المعقبين وتراقب الأخطاء إن وجدت، فالمجاز يقوم بحلف اليمين القانونية أمام المحاكم المدنية، ويحق له العمل في جميع دوائر الدولة ماعدا المحاكم لأن القانون الذي ينظم اعمالهم  يمنع دخول المعقبين الى المحاكم بسبب وجود المحامين وللحفاظ على هيبة المحام وعدم تداخل عمله مع المعقب، فيما اذا استجدت عن دعوى المحام متطلبات إدارية تستوجبها دعوته، والمعقبين في سوريا لهم اكشاك ولوحة مدون فيها اسم المعقب المجاز والرقم الخاص به حتى لا يدخل أناس غرباء على المهنة، ولكل معاملة لها معقب مجاز خاص فالمعاملات العقارية لها معقب خاص والمعاملات المرتبطة بالصحة لها معقب خاص، فيكتب على اللوحة نوع التعقيب.
التعقيب لم يرد في باب اتعاب المحاماة:
لم ترد عبارة تعقيب المعاملات في قانون المحاماة النافذ عند تحدثه عن اتعاب المحاماة (الباب الخامس من القانون)، فبالنسبة لاحتساب أتعاب المحامي، هناك نقطة مهمة؛ إذا كان دور المحام معقباً لمعاملة في إحدى دوائر الدولة، وليس التقاضي أمام المحاكم، فإن التطبيقات العملية لدعاوى اتعاب المحاماة لم يتمخض عنها احتساب أجور خاصة للتعقيب، فالمحامي لا يستحق هنا أجور محاماة وفق قانون المحاماة، وإنما يستحق الأجور كعلاقة بين دائن ومدين، والمادة  55 من  قانون المحاماة النافذ وما بعدها، تتحدث عن الترافع والخصومة ومن خسر الدعوى ومن كسب الدعوى، وغيرها من المصطلحات التي لا تكون إلا في ممارسة المحامي لعمله (الحقيقي) في الدعاوى وفي ساحات المحاكم، وبالتالي فإن قانون المحاماة هو الذي يطبق عليها، ولا يطبق على أعمال التعقيب، التي يمارسها كثير من المحامين في الوقت الحالي. ان تعقيب المعاملات يسيء لكرامة مهنة المحاماة ان اتخذه المحام كمهنة له، لان التعقيب يبعد المهنة عن اطرها النبيلة ويضعف استحقاقاتها، فالأعمال الإدارية التي تتطلبها الدعوى ومراجعة الدوائر الحكومية لإنجاز الدعوى او تنفيذ القرارات لا باس من ذلك، لأن التعقيب والترافع في دعاوى كثيرة يكونان قطبان مندمجان في مهنة المحاماة، ولا غنى للمحامي عنهما معاً.
فالمحامي ممكن أن يعقب المعاملات، وهذا إجراء قانوني ولا يعيب على المحامي ذلك إذا حافظ على أصول مهنته وكرامة تلك المهنة النبيلة فعندما يقيم دعوى عقار فإن المحامي ملزم بمراجعة دائرة التسجيل العقاري، او إزالة شيوع عقار او دعوى أحوال شخصية، قد تكون هناك مراجعة لدوائر الجنسية وذلك لا يعتبر تعقيباً بل إكمال لمتطلبات دعوته، بالرغم من ان هذه الدوائر لا تقبل بالوكالة لكثرة عمليات التزوير ويفضل ان يقوم بتعقيبها الموكل نفسه، لا ان يقوم المحام بإصدار هويات او صور قيود تحت ذريعة ان المحكمة طلبت ذلك.
ان مهنة "التعقيب"، في أحيان كثيرة اخترقت اللوائح وكسرت الأنظمة والقوانين والتعقيدات، وفتحت الباب لثغرات يتسلل منها الفساد وإن لم يكن ظاهرًا، والنظرة المجتمعية للمحامي الذي اصبح معقب معاملات بحقيبة وبدلة ورباط، هي نظرة غير مرغوبة، لأن هدف المهنة هو أساساً الترافع، والمعقب غالبا ما يكون، ذلك الرجل الذي لم يحصل على شهادة ابتدائية ربما، ولديه عصا سحرية مهمته إكمال معاملات المواطنين في الدوائر كافة بسهولة دون تعقيد أو تأخير، وقسم من المعقبين، في العراق يمارسون أعمالهم مع زبائنهم تحت عنوان (اي معاملة ممكن تعقيبها والمبلغ الذي يحدد بيننا لا احدده انا او صاحب المعاملة انما تحددها نوعية وكمية الرشوة التي تقدم للموظف) وكلما زادت درجة المخالفة النظامية زاد مقدار أتعاب المعقب، أخذاً في الحسبان نسبة الموظف المرتشي، دون اكتراث بالاعتبارات الدينية أو القانونية.
ونلاحظ المحام الذي يعمل بتعقيب المعاملات فقط، بانه ويدور في حلقة عنوانها تحقيق المكاسب المادية بعيدا عن المهنية والكفاءة.
هناك ضرورة بان يتضمن مشروع قانون المحاماة الجديد نصوص تمنع المحام المتمرن من اتخاذ التعقيب مهنة له، سيما الممارسة العملية افرزت بعض المحامين المعقبين، يقومون بالتفنن في إيجاد السبل لتحقيق اهداف مادية بحتة؛ فارغين من المعلومات القانونية، بسبب ترك المهنة ومهنة المحاماة الجليلة يجب ان ترفض ذلك.
إن هذه التداعيات افرزت صراعاً يشوب العلاقة بين المحامين ومعقبي المعاملات، مرده تنازع المصالح (مادية ومهنية) بين الشريحتين، وإن كلاً منهما لا يتوانى أن يطلق الاتهامات للأخر.
ولأجل تفادي ما ورد في قانون المحاماة النافذ (م19 منه) وحفاظا على كرامة وهيبة المهنة وشخص المحام نرى ان يتم النص في مشروع قانون المحاماة في باب المحام المتمرن، مادة تنص على:
((يمنح المحامي المسجل حديثا الصلاحية المحدودة (أ) يمارس فيها الترافع في الدعاوى البدائية التي لا تخضع للطعن استئنافا ودعاوى الأحوال الشخصية والجنح والمخالفات وحضور التحقيق فيها والطعن في الأحكام والقرارات الصادرة فيها ومتابعة المعاملات الناتجة من الدعوى في دوائر الدولة ولمدة سنتين، ويحظر على المحام ترك ساحات المحاكم والترافع واتخاذ مهنة تعقيب المعاملات مهنة له)).

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

731 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع