د.مؤيد عبدالستار
خلال الاحداث الاخيرة والاضطرابات التي حدثت في مدن الرمادي والموصل وصلاح الدين ، حاولت حكومة المالكي السيطرة على الموقف فامرت القوات العسكرية بضبط النفس والالتزام باقصى حالات الحذر وعدم اللجوء الى السلاح في مواجهة المتظاهرين ، وقد سارت الامور هادئة وكان من نتيجة ذلك تشكيل لجنة برئاسة السيد الشهرستاني وعضوية مجموعة من الفضلاء الذين سـعوا لمعالجة الاشكالات بتقديم مختلف التنازلات ، رغم ان بعضها غير قانوني ، ولكن :
اذا لم تكن الا الاسنة مركبا / فما حيلة المضطر الا ركوبها
حرصت العديد من الاحزاب والكتل السياسية والشخصيات المستقلة والمراجع الدينية ووجهاء العشائر على اطفاء نار الفتنة التي يحاول استغلالها اعداء الشعب العراقي الذين يصولون ويجولون في ساحات الاعتصام يحملون الاعلام والشعارات الصدامية ، ويهزجون بالاهازيج الطائفية المقيتة .
في الوقت الذي تحتاج فيه هذه الفتنة الى أعلى قدر من الحكمة و المزيد من التنازلات من أجل عدم تأجيجها والبحث عن حلول مناسبة لها ، نجد البعض يستأثر بموقعه السياسي الذي وضعه الناخب أمانة في عـنـقه فيسعى الى استغلال الاحداث وتـشـديد مطالبه كي يستأثر بنعيم السلطة على حساب آلام المواطنين.
الغريب أن يقود السيد رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي في هذه الفـتـنة الساخنة حملة لسحب الثقة عن السيد رئيس الوزراء ، وبالرغم من اننا لا نعتقد بان منصب رئاسة الوزراء يجب ان يبقى حكرا على المالكي ، الا ان هذا الظرف الساخن ليس مناسبا لقيادة هذا النوع من المناورات ، بينما نجد موقف المرجعية راجحا حين منعت محاولة لحل مجلس النواب ، وهو الموقف الحصيف الذي يحرص على ارواح المواطنين وحقن دمائهم بغض النظر عن من المستفيد من هذا الصراع سواء المالكي او النجيفي ، موقف المرجعية منطلق من مصلحة الشعب اولا ، وهذه المصلحة أهم من أي منصب سياسي ، لان السياسي موجود في منصبه لخدمة المواطن ، فالحرص على المواطن لا على رئاسة الحكومة او رئاسة مجلس النواب ، بينما لم يلتزم السيد النجيفي مع الاسف بهذا النهج رغم انه يمثل أعلى سلطة تشريعية ما يفرض عليه الوقوف الى جانب ابناء شعبه كافة دون اختيار الوقوف الى جانب قائمته الانتخابية او الطائفة او المدينة .
هذا الموقف للسيد النجيفي يجعلنا ننظر في تردد الحكومة من تسمية وزير للدفاع لا يؤتمن جانبه ، لذلك عصعص هذا المنصب ، وصَعبَ العثور على الشخص المناسب الذي يحتله ، فالقائمة العراقية ترشح من لا يثق فيه التحالف الوطني بينما التحالف الوطني يريد من يطمئن اليه ومن لا يخرق الاتفاقات فينقلب بين ليلة وضحاها على المواثيق والتعهدات .
منذ بداية الاحداث انحازالسيد النجيفي رئيس مجلس النواب الى المتظاهرين وارسل تصريحا يحذر فيه القوات الامنية من مواجهة المتظاهرين ، بينما كان المفروض فيه ان يطلب من ابناء مدينته ،ومن المتظاهرين في الرمادي ، ومن نواب قائمته ان يحفظوا حقوق القوات الامنية وعدم الاحتكاك بها ، واذا كان في احداث الفلوجة اجتهاد واختلاف بين المتظاهرين والجيش ، ولم تحسم اللجنة التحقيقية بعد من المقصر ومن المذنب في الاحداث ، فان ما حدث للسيد نائب رئيس الوزراء صالح المطلك وما واجهه من اعتداء بالحجارة والرصاص مما اضطر حمايته الى الهرب وانقاذ المطلك من اغتيال وقتل مؤكد لا يقبل الجدل ، الافلام المصورة للحدث منشورة على صفحات الانترنيت ، اضافة الى ان السيد المطلك لم يذهب الا لكونه من المؤيدين لمطالب المتظاهرين المشروعة ، ولم يضمر لهم اي عداء ، ولم يكن في نية حمايته ولا في استطاعتهم مواجهة تلك الجموع الهائجة التي تجمعت عليه بتحريض من قوى اكبر من المتظاهرين ، وما حدث الاعتداء عليه الا لانه نائب لرئيس الوزراء المالكي ولم يغادر منصبه اكراما لرغبة المتظاهرين الذين فرضوا ارادتهم على نواب العراقية واجبروهم على الانسحاب من الحكومة تحت التهديد والوعيد .
وهذا يثير سؤالا مشروعا مفاده ان ماذا كانت ستكون عليه الامور لو كان السيد اسامة النجيفي وزيرا للدفاع !!
ان المؤمل من القيادات السياسية وعلى الاخص المناصب السيادية ان تكون حمامة سلام في خضم هذا الصراع العنيف الذي تسعى العديد من القوى الداخلية والخارجية الى تأجيجه على كافة الاصعدة ، وتسعى جاهدة الى احياء الفتنة الطائفية كي لا يبقى في العراق رمق يستطيع فيه مواجهة تكالب القوى المتربصة بثرواته و الراغبة في تقاسم أرضه وسمائه ومياهه .
878 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع