علاء الدين الأعرجي
أهمية الثورة الزراعية
Neolithic
Revolution
يعتبر جمهور العلماء الإنثربولوجيون، أن تطور الإنسان من مرحلة البداوة الأولى، التي دامت ملايين السنين، التي عاش فيها الإنسان القديم في ظلمات وتخلف، إلى مرحلة الزراعة؛ يعتبرونها ثورة تاريخية أساسية. لأنها أوصلت الإنسان، خلال فترة قصيرة نسبيا، إلى مرحلة الحضارة الحديثة، التي تتفجر منجزاتها في كل يوم على مختلف الأصعدة، ولاسيما الفكرية والعلمية والتقنية ، وغزو الفضاء .
فالإنسان، بعد أن أَصبح مُزارِعًا، لم يعد يعتمدُ في حياته على الصُّدفة أو عطاءاتِ الطبيعة، وينتظرُ هِباتِها التلقائيَّة الجاهزةَ للاستهلاك، كما كان سابقاً، حين كان في مرحلة التغذي على المنتجات الطبيعية الجاهزة للاستهلاك. بل أخذ يعتمدُ على عملِه المُنظَّم وجهدِه الهادف، أكثر من أيِّ وقتٍ مضى. لذلك تُعتَـبَر مرحلةُ الزراعة خطوةً ثوريَّةً حاسِمةً قرَّبَت الإنسانَ نحو تسخير الطبيعة لِخدمتِه، على النحو الذي وصَلْنا إليه في العصر الحديث. فقد أدَّت الثورةُ الزراعيَّة، بين أُمورٍ أُخرى، إلى الاستقرارِ في الأرض وبناءِ المساكن فالقُرى فالمُدُن، فتقسيم العمل، فمُراقبة تعاقُب الفصول لرَصد الوقت المناسب للبذار ثُمَّ جَنيْ ِالمحصول. وأدَّى ذلك إلى الحاجة لحسابِ الزمن، من خلال رصدِ النجوم والشمس وتغيُّر مواقع بزوغها النسبيِّ في الشتاء والصيف، ودرجة ارتفاعها في القبَّة السماويَّة، ومراقبةِ مواسمِ هطول المطر التي ترتبطُ بنُمُوِّ الحاصل الزراعيِّ، فالتبادل التجاريّ للمنتجات، الأمرُ الذي أدَّى إلى ابتكار العدد فالحساب، فالكتابة للتوثيق، فالقوانين التي تنظِّم العلاقاتِ الزراعيَّة والتجاريَّة، فالعلوم المساعدة الأخرى، وصولاً إلى التحضُّر والتقدُّم الذي وصلَت إليه حضاراتُ الهلال الخصيب الأصليَّة، ومنها السومرية والأكدية والبابلية والمصرية، التي كانت مَعينًا لبقيَّة الحضارات العالميَّة الأُخرى، كما يرى جمهورُ المؤرِّخين ومنهم نوح كريمر وهنري فرانكفورت وأرنولد توينبي. أنظر كتابي:
- الأمُّة ُ العربيَّةُ الـمُمَزَقةُ بين البداوة المتأصلة والحضارة الزائفة
دراسة لتفسيرالصراع بـ " نظرية العقل المجتمعي"
https://drive.google.com/file/d/0B7-yP9NKQgUrb2tvN3NmUjFqUms/view?usp=sharing
(كذلك الفصل العاشر، منشور في مجلة" صوت داهش" عدد خريف 2004، ص 29-39)".
694 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع