(أقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها - ٤)

                                                        

                          حسن ميسر صالح الأمين

(أقوال من أجل الموصل في محنتها ومستقبلها - ٤)

بحرٌ من العطاء الثر ونهرٌ جارٍ من التضحية والإقدام وشلالٌ من الوفاء والقيم والمبادئ ، دافع عن حدود العراق من أقصاه إلى أقصاه ونذرَ نفسه فداءًا لتراب العراق الغالي ، حريصٌ في منتهى الحرص وخلوصٌ خدوم ، متواضعٌ محبوبٌ متفانٍ ، رفع علم العراق في أقصى جنوبه وهو أبن شماله محررًا لأرض العراق بنصرٍ مؤزر عندما كان جنديًا مدافعًا عن العراق العظيم وشعبه وحدوده وفي عنفوان عطائه وقمة شجاعته اللتان لم ولن تنضبا ، شرب من دجلتها العذوبة ورقة التعامل وحلو الكلام وصفاء المحبة ونقاء القلب والخلق القويم فأخلص لها ولأهلها وعوائلها كما أخلص للعراق وشعبه ، اذا قرأت له ينتابك الشعور بأنك أمام جبل شاهق يجمع الأصالة في حياته الوظيفيه المليئة بالشجاعة والبطولة والإقدام وبين التاريخ والتراث المليئ بالقيم الوفاء والأخلاص والمدعم بالحقائق الدامغة والتمحيص المعمق في كشف الأمور وتصويب ما علق بها من شوائب ، أنه اللواء الركن والمؤرخ القدير الأستاذ أزهر سعد الله حياوي العبيدي الذي درس في مدارس الموصل وأنهى دراسته الأولية فيها ، وأنتقل بعدها إلى بغداد لإكمال دراسته الجامعية في جامعة بغداد ، معهد اللغات العالي ، قسم اللغة الروسية ، وترك الدراسة في المعهد في المرحلة الثانية ليلتحق بالكلية العسكرية بدورتها (43) عام (1964 - 1966) وعيّن في صنف المدفعية حيث تدرج في الرتب من ملازم  وصولًا إلى لواء ركن وشغل  مناصب عديدة في الجيش متدرجًا فيها حسب الضوابط والشروط المعمول بها في المؤسسة العسكرية وشعل مختلف المناصب العسكرية بوصفه ضابط مدفعية (منصب آمر فصيل إلى ضابط موضع  ، ومعاون آمر بطرية  ، وآمر بطرية) ، ثم واصل دراسته العسكرية في كلية الأركان في العامين (1976 -1977) ، وشغل بعد التخرج منها مناصب قيادية عدة  (ضابط ركن  ، مقدم لواء ، وضابط ركن في مقر فرقة مشاة ، وآمر فوج مشاة ، وآمر لواء مشاة ، ورئيس أركان فرقة مشاة ، وقائد فرقة مشاة ، وقائد فرقة حرس جمهوري) ، إشترك بدورة الدفاع الوطني في جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا وحصل على دبلوم عال (يعادل الدكتوراه) في العلوم العسكرية وإدارة الحروب عام (1994) ، مُنحَ العديد من الأوسمة وأنواط الشجاعة ونياشين الخدمة والإستبسال لشجاعته وإنضباطه وحسن الأداء في إدارة المناصب القيادية والعسكرية ، له عدد كبير من الدراسات والبحوث العسكرية والمقدمة إلى كلية الاركان وكلية الحرب والمؤسسات العسكرية الأخرى ويحتفظ الآن بمذكرات منضّدة على الحاسبة من أربعة أجزاء (العسكرية الحقيقية ، الحرب العراقية – الإيرانية ، حرب الخليج الثانية ، العراق الجديد) ، أحيل على التقاعد بعد أحداث 2003  ، ليتفرغ بمعوله وطول نفسه وصبره المعهود ليغوص نبشًا في أعماق النفائس من الأعمال والندرة في العناوين ، فهو عضو في (اتحاد الأدباء والكتاب ، جمعية المؤرخين ، جمعية النسابين)  ، وأصدر العديد من الكتب منها أثناء خدمته العسكرية وأخرى بعد إحالته على التقاعد ، والتي تعد مراجع قيمة ورصينة للباحثين عن الحقيقة وأصولها (الموصل أيام زمان ،  1989) ، (امارة العبيد الحميرية ، 1993) ، (العبيد في الموصل ، 1993) ، (أسماء والقاب موصلية ، 1999) ، (جادة باب لكش ، 1999) ، محلة باب الجديد (2001) ، (الحكايات الشعبية الموصلية ، 2011) ، وعمل على توثيق الصلة الثقافية بين أدباء المدينة ومجتمعها مع جامعة الموصل من خلال عمله في لجنة أصدقاء الجامعة منذ العام 1995 ، ورفد مركز دراسات الموصل وشارك في ندواته ببحوث عديدة منها (نظرة في التراث الشعبي) و (مكائن طحن الحبوب في الموصل) و (المرأة الموصلية بين الماضي والحاضر) ، وقدم بحوثًا أخرى قصيرة إلى مجلة (موصليات) التي يصدرها المركز وفي الصحف والمجلات ونشر مقالاته التراثية العديدة  في مجلة التراث الشعبي البغدادية ، ومجلة الموصل التراثية (التي ساهم في تحريرها مع رئيسها الأديب غانم الحيّو عام 2004) وفي الجرائد التي كانت تصدر وقتئذ ومنها (الحدباء ، البيضاء ، البيرق ، نينوى) ، كما ونُشرت معظم مقالاته الصحفية التراثية في جريدتي عراقيون وفتى العراق الموصليتان ، وفي العام 2007 ،  أعّدَ وبجهود فردية مضنية انجازاً كبيراً باسم (موسوعة الموصل التراثية) جمع فيها ما كتبه أدباء الموصل عن مدينتهم في مجلة التراث الشعبي العراقية والذي تبنى مركز دراسات الموصل نشرها في العام 2008 في مجلدين ، كما ولديه مجلد آخر جمع فيه بحوثه التراثية ومقالاته الصحفية كافة وباسم (موصليات ... العبيدي) تزينه صور قديمة لم تنشر سابقاً لمدينة الموصل ، وكذلك قيامه بترجمة القيد العثماني لسنة 1839 كاملًا وبواقع (500) صفحة والذي يعد من الأعمال المتميزة جدًا والتي تقدم فائدة كبيرة لأهل الموصل ، وواصل إبحاره في أعماق البيوتات والعوائل الموصلية فأتحفنا بإنجازٍ مبهرٍ عظيم  في إصداره الأخير لكتاب (موسوعة الأسر الموصليه في القرن العشرين) والذي غاص به في أعماق تاريخ هذه العوائل إلى مئات السنين الخاليه ليُثبّتَ المعلومات الدقيقة والحقيقية عن الجذور والجدود وليربط الأصول بالفروع في عمل أستغرق معه عقدًا من الزمن وسط ظروف صعبة وقاسية جدُا تحرى فيها المعلومة الصادقة بكل جهد وعناء وأشهد له متابعته الحثيثة في ذلك عندما أتصل بي أكثر من  (7) مرات للتحقق فيما يخص عائلتي من معلومات ، إذ بدأ العمل بها في العام (2006) عن طريق الانترنت والفيس بوك والزيارات الشخصية للمحلاّت في الأسواق والبيوتات في الأحياء وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة التي واجهته ومنها الظرف الأمني آنذاك وكثرة التفجيرات والاغتيالات اليومية فضلاً عن تحسّب أهالي المدينة من هذا الظرف وتمنّع الموصلي من الإجابة عند سؤاله عن نسبه ، تمكن من توثيق المعلومات التفصيلية عن (2300) أسرة موصلية قديمة ممن كانوا يسكنون ضمن سور الموصل القديم ، ومن وجهة نظري الشخصية يُعّد إنجازه هذا هو أكبر هديه للموصل وأهلها وتاريخها ولأجيالها اللاحقة ، كما وله العديد من مشاريع الكتب والتي لا تزال مخطوطات وفي إنتظارها جميعنا لتبصر النور قريبًا ، لم تثنهِ ظروف الكتابة والتأليف عن متابعة أوضاع الموصل وما لحق بها من ظلم وقتل ودمار ، وكان له من تحرير الموصل نصيبٌ كبير فيها إذ أبت ظروف عمليات التحرير إلا أن تختار نجله الأكبر (ليث) شهيدًا  مدنيًا بريئًا وليترك من بعده عائلته المتكونه من (الزوجة و 5 أولاد) وليكون واحدًا من الأربعين ألفًا ممن قضوا فيها ثمنًا لتحريرها رحمهم الله جميعًا ، متابع لمجريات الأحداث وتطورات الأمور في الموصل ، السياسية منها والعسكرية وكان له تشخيص دقيق لكيفية الخروج من أزمة الموصل بعد التحرير فأطلق بشجاعته المعهوده مقولته كما في الصورة أدناه ليعلنها نهارًا جهارًا بلفظه محاولة البعض بالتشبث والتمسك بالمناصب والمسؤوليات من الذين يسعون جاهدين في إعادة تدوير أنفسهم في قادم الأيام متراقصين على الجراحات ومتناسين كل ما جرى على الموصل وأهلها وكان ذلك في تعليق له على  مقالتنا (يا خيل نينوى أركبي) بتاريخ (30 حزيران 2017) (والتي اكدتُ فيها على أن ما حدث للموصل وأهلها طيلة ما مضى من قتلٍ وتدميرٍ وظلمٍ وحيفٍ هو نتيجة ضعفنا وتفككننا ومجافاتنا لقول الحقيقة وفضح الفاسدين والسراق والمتلونين ، وأقترحتُ البدء بحملة كتابة ونشر مكثف وواسع لتوحيد المطالب التي تُمثل إرادة أهل نينوى سعيًا لإيصال الصوت الموصلي  بالرفض التام لحضور أي من السياسيين السابقيين والحاليين عن محافظة نينوى وشاغلي المناصب والمسؤوليات منذ 2003 ولحد الآن في المشهد السياسي لنينوى في المرحلة القادمة  ، إضافة إلى المطالبة بضرورة الإسراع بمحاكمة وإعادة تفعيل مقررات اللجنة النيابية للتحقيق في أسباب سقوط الموصل) ، وأرى في إستجابته عبر مقولته أدناه ، أنها حكمة بالغةً وقولًا يُفصح عن لسان الكثيرين من المخلصين والصادقين والشرفاء والمحبين للموصل وأهلها وهي عنوان عريض وكبير يحمل في طياته الكثير من المعاني والدلائل من رجل عسكري محنك ومثقف غيور عايش الظروف بساعاتها وأيامها ولياليها منذ بادئ الامر وحتى الخلاص منها دون أن يترك الموصل يومًا واحدًا ويعيش بعيدًا عنها ، أضعها أمامكم متأملاً إثراء الموضوع وتأييد المقولة لتغدوَ مطلبًا جماهيريًا ورسالةً واضحة المعنى لمن يروم التشبث والعودة اللاحميدة في تبؤء المناصب والمسؤوليات في محافظتنا العزيزة نينوى في المرحلة القادمة ، شاكرًا للجميع كرمهم وتفضلهم بمتابعة سلسلة الأقوال هذه مثمنًا مساهمتهم معنا في إرساء الأسس السليمة والحلول الصحيحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولتعود الموصل بأيدي رجالها الحقيقين وتقبلوا وافر الإحترام والتقدير .
حسن ميسر صالح الأمين
31/7/2017
والمقولة هي :
يجب أن يأخذ وجهاء المدينة وأُسرها العريقة مواقعهم ويجب تغيير جميع رؤساء الدوائر والمسؤولين بعناصر من المثقفين وأصحاب الشهادات العليا ولا نقبل المحاصصة وتوزيع المناصب للأحزاب ويجب أن لا تذهب دماء الأبرياء سدى ويحاسب من كان السبب في دمار المدينة وأهلها الطيبين .
المؤرخ
أزهر العبيدي

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

516 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع