بقلم الأستاذ الدكتور غانم الشيخ
عندما كانت القوات العراقية تقاتل في أدغال أفريقيا!
كانت أول زيارة لي لجمهورية جنوب السودان قد تمت بعد أسابيع قليلة من إنفاصلها عن السودان وإعلانها الإستقلال والذي حصل في تموز 2011 وكنت قد زرت هذه البلاد مرات سابقة كجزء من السودان وخصوصاً مع توقف القتال بعد إعلان الفترة الانتقالية عام 2006 فوجدت، هذه المرة، العاصمة "جوبا" بالمقارنة مع زياراتي السابقة وقد أمتد اليها النشاط بعد أن كانت تبدو بوضوح منهكة من آثار الحروب وأخطرها الزرع الواسع للألغام والأهمال وقلة الإعمار وكان يُعزى ذلك لسعي السلطة المحلية ذلك الوقت قبل الغستقلال لزيادة تذمر الناس والإتجاه نحو التصويت للأستقلال في الأستفتتاء الذي جرى في كانون الثاني 2011. وفعلاً صوّتَ أكثر من 98% من المشاركين في الأستفتاء بالأنفصال متجاوزين العدد المطلوب لإعلان الإستقلال وهو 60% وباشواط غير مسبوقة. وكنت دائماً ما آتساءل مع نفسي مراراً هل ستنعم الدولة الوليدة بالسلام بعد فترات دامية بين حرب أهلية أولى بين 1954-1973 وتجربة حكم ذاتي أقليمي بين 1972-1983 وحرب اهلية ثانية بين 1983-2000 وزرع ألغام ومناوشات وقتال هنا وهناك بين هذه الحروب وكم سيستمر الهدوء والسلام والأمان؟
تقع جمهورية حنوب السودان ضمن الحزام الأستوائي الأفريقي الأخضر المغطى بمناطق الأدغال الأفريقية الكثيفة حيث يتلاشى النيل الأبيض القادم من الجنوب بعد مروره شرق العاصمة جوبا بتفرعه الى فروع كثيرة مشكلاً عدداً هائلاً من البحيرات والأهوار المغطاة بادغال كثيفة في أكثرها ومتسبباً بصعوبة وكثيراً بتعطيل التنقل خلال المنطقة.
صورة سيلفي قرب أحد تفرعات النيل الأبيض قرب مدينة جوبا
كنت أقوم بمهمة استشارية في تلك البلاد بتكليف من التحالف العالمي للموارد البشرية الصحية (GHWA) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) بغرض تقديم الإستشارة والتعاون مع وزارة الصحة الوليدة في جوبا وباقي الولايات لصياغة وثيقة للسياسات الوطنية لتطوير الموارد البشرية الصحية لذلك البلد ولتتبعها زيارتي الثانية بعد شهر لصياغة الخطة الوطنية الستراتيجية لتطوير الموارد وهو ما فعلته كذلك. كنت أسكن في فندق يقع في فرع يُفضي الى شارع المطار وكان شارعاً جديداً وقد غزته المحلات والفنادق والمطاعم التي غالبا ما يملكها ويديرها هنود وصينيون وصوماليون ومنها سوبرماركت غير كبير يملكه ويديره لبناني.
كان الشارع الذي يقع فيه الفندق هادئاً ومريحاً ويمر فيه عدد قليل من السيارات وكان الفندق يملكه ويديره شركة هندية ويحتوي على مطعم يقدم أشهى الأكلات الهندية حيث يقوموا بطبخ ما تطلبه وفق إختياراتك من كميات وحرارة التوابل والدهون والملح وما الى ذلك. ودائما ما كنت أخرج الى شارع المطار عصراً للمشي والعودة دون الدخول في متاهات الشوارع الفرعية وأنا لا أعلم الى أين تفضي هذه الفروع وماذا تحتوي في دهاليزها رغم أن البناء حول الشارع كان حديثاً ولكن كانت تبدو على أطراف الشارع وفروعه الكثير من العشوائيات وكما متوقع فإن كل الشوارع الفرعية كانت ترابية عدا شارع المطار المعبد.
شارع المطار في جوبا نهايات 2011
في أحد الأيام وبعد إنتهاء إحدى جلسات الورشة التي أقمتها في جوبا وفي قاعة المطعم واثناء تناول الغداء مع مسؤولين في وزارة الصحة يشاركون بالورشة وبعد إنتهائهم من الغداء غادر الكثير منهم مبكراً فبقيتُ أنا على المائدة بإنتظار السيارة لنقلي الى مكان الورشة وكانت لازالت تجلس على الطاولة معي إحدى الممرضات وكانت تعمل بدرجة مدير عام في الوزارة ففاجأتني وسألتني "هل أنت فعلاً عراقي؟" فأجبت متعجباً بالإيجاب ومنتظراً أن تكمل لي ماذا كان يدور ببالها عن حملة الجنسية العراقية لتسألني ذلك السؤال. وذهب خاطري فوراً بعيداً الى قاعة مطار جوبا وانا أستخدمها لأول مرة في سفرتي هذه حيث كنت سابقاً لا أمرُّ بهذه القاعة وإنما أدخل عن طريق قاعة الشرف التي كانت وزارة الصحة السودانية تتيحها لنا أثناء وصولنا لجوبا قبل الأستقلال. كانت قاعة الوصول قاعة صغيرة تشتبك داخلها الأنفاس والأيدي والأرجل والحقائب والصيحات الى أن تصل بك الموجة البشرية المتدفقة الى شباك في جانبها لتسليم جواز السفر ودفع رسم الفيزا بالدولار من الشباك. وحين وصولي الشباك رحب بي الموظف بأدب وهو يتفحص وجهي مبتسماً فتشجعتُ وسألته هل مسموح لحملة الجواز العراقي بفيزا عند الوصول؟ كنت وقتها أحمل جواز سفر الأمم المتحدة ولآخر مرة قبل أن تغير الأدارة في المكتب الأقليمي للمنظمة رأيها بحاملي هذا الجواز ومنعها بالآخر متقاعدي المنظمة (مثلي) من إستعمال ذلك الجواز الدولي الأزرق السحري. أجابني الموظف وهو يبتسم نعم لكل الجنسيات في العالم ما عدا جنسيتين أثنتين فقط وسكت. لم أعطه فرصة لكي ينسى ما قاله فسألته وماهي تلك الجنسيتين ياترى؟ أجاب دون أن ينظر لي: السعودية والقطرية فأحسست أني قد أفقده حلمه إن سالته ولماذا رغم شوقي لمعرفة السبب فأخذت جوازي وعدت اصارع الموجة البشرية التي ملأت القاعة لأبحث عن حقائبي التي كانت ملقاة على أرضية القاعة.
مطار جوبا الدولي عام 2011
تذكرت ذلك الحديث في المطار وطمأنت نفسي بأن محدثتي الآن في المطعم لا دخلَ لها بدخولي البلاد الحديثة الأستقلال كعراقي وذهبتْ بي مخاوفي مرة أخرى فتذكرت وبسرعة ما مررتُ به قبل أيام وكان يوم أحد وصادف التاسع من شهر تشرين الأول عام 2011 وهو بالطبع عطلة فحين أنقطع الماء في غرفتي بالفندق وكنت قد تناولت لتوي غداءاً هندياً محترماً ومباشرة بعد إنقطاع الماء أنقطعت الكهرباء فأصبحت الغرفة عبارة عن فرن محكم وخصوصاً بسبب التخوف من فتح اي شباك قد يؤدي لتسلل بعوض يحمل الملاريا والتي كانت مصدر قلق دائم لي كلما حاولت أن أفكر بها فقررتُ أن أخرج للشارع وفي الوقت ذاته أشتري حاجتي من خضراوات وفاكهة وماء معدني من دكان البقال الصومالي على شارع المطار بعد أن أتمشى قليلا. كانت الخضراوات، بل كل شئ، يستورد من أوغندا والدول المجاورة المجاورة وكانوا يبيعون الطماطة والبصل بالعدد وبوضع ثلاث حبات منها في طبق يباع بحوالي الدولار أما الخيار فكان أغلى ولايؤكل لأنني أكتشفت أنه كان أصفر اللون من الداخل وقد تُرك ينمو أكثر من ما يحتاج أما الفاكهة فتباع بالمفرد كذلك وكنت قد أستفسرت عن سبب إستيراد الخضراوات وعدم زرع الطماطة مثلا وهي سهلة الزرع في الأرض الخصبة جداً وأستيرادها بدلاً عن ذلك فعلمت أن السائد في المجتمع كان سلبياً عن الذي يزرع اي شئ. كان في العادة أن أجد عند مدخل الشارع الفرعي للفندق عدد من الدراجات النارية تقف هناك وبعد أن سألت عنها علمت أنها "تاكسيات" جوبا حيث يقل كل واحد منها راكب أو أكثر يجلس أو تجلس خلف السائق لينطلق يطارد بهم بسرعة جنونية.
تكسي جوبا "الدراجة النارية" تنقل راكبة
ذلك اليوم لم أجد أي من تلك التكسيات بل وجدت مكانهم دراجة واحدة يجلس عليها شرطي مرور وبيده جهاز لاسلكي ويتلفت يمنة ويسرى ففسرت الأمر أنه هو من منع التكسيات من الوقوف وقبل أن أصل الى مدخل الشارع لمحت سيارتين مدنيتين تقف كل منها على أحد جانبي مدخل الشارع وبداخلها عدد من الركاب والسائق. خلال ثواني من وصولي الى الشارع العام الذي كان يبدو خالياً من السيارات خلال ذلك الوقت لمحت دراجة نارية مسرعة تقطع الشارع ويصدر منها ضوء أزرق متقطع وصوت إنذار عالي (عا....) واختفت الدراجة خلال ثواني بإتجاه مركز المدينة والغريب أن الدراجة كانت تمر لوحدها وبمجرد خروجي الى الشارع العام لمحت من بعيد أضواءاً متعددة عالية قادمة من جهة المطار وتبدو بعيدة وتقترب منا ففكرت قد تكون سيارات سباق يجرى يوم الأحد العطلة ولذلك فرغ الشارع من السيارات ومن المارة عدا تلك الدراجة المسرعة وبأقتراب الأضواء تبينتُ من كثرة الأضواء عدداً كبيراً من الدراجات تتبعها سيارات كثيرة ففكرت أنه ربما كان موكب لمسؤول؟ أخرجت هاتفي الجوال من جيبي وفكرت أن أصور الموكب فقد يكون مثلاً رئيس الجمهورية الجديد لهذه الدولة الجديدة، ربما. في لحظة لمحت رجلا طويلاً وضخماً يقترب مني ويرفع يده مشيراً بمنعي من أخذ صور ففهمت وحاولت إعادة الهاتف لجيبي. وبسرعى مر موكب مكون من عدد كبير من الدراجات النارية تتبعها سيارات المرسيدس وبسرع جنونية وكأنها برقٌ خاطف. كانت يدي لازالت في جيبي لإعادة الجوال اليه عندما أحسست أنني فقدت بصري فجأة ودون أي ألم فقد إظلمت الدنيا من حولي واختفى الموكب ومعه الشارع والرجل الطويل وكل ما في الشارع ففكرت أن الرجل ربما ضربني على رأسي أو أنني أصبت فجأة بفيبوبة أفقدتني البصر؟ بعد لحظات قليلة عشتها لا أحس لا بالمكان ولا بالزمان تبين لي تدريجياً أن ما حصل كان بفعل إثارة الموكب المار لعاصفة ترابية سوداء أفقدتني الرؤية تماما للحظات طالت علي بين الوعي واللاوعي بما تسبب بذلك.
مدخل الفندق على شارع المطار 2011
نظرَتْ لي المديرة العامة وكنتُ أعرف أنها مقربة من الحكومة حيث كانت طيلة شبابها تقاتل في أحراش الغابات مع الدكتور جون كارنج الذي كان يقود العصيان على الحكومة المركزية في الخرطوم ومنذ الخمسينات وهي تبدو بوضوح أنها من قبيلة الدنكا الأفريقية الشهيرة بمقاتليها والتي ينشر أبناؤها في عموم دول شرق أفريقيا. وكانت الحكومة الجديدة في الجنوب قد عينت مباشرة بعد الأستقلال عدداً كبيراً من المقاتلين السابقين في مناصب عليا مناسبة لخبراتهم في الدوائر المدنية الكثيرة المستحدثة بعد الأستقلال (الظاهر أستفاد الجنوبيون من تجربة العراق في "الدمج"!). ومن خلال نظراتها سألتني مضيفتي بعد أن لاحظت قلقي من سؤالها الأول حول جنسيتي بسؤال آخر أغرب من الأول الذي سمعته منها: "هل رأيتَ جبل عيراق؟" وكانت تقصد وبلكنتها الجنوبية في لفظ اللغة العربية ب "جبل العراق"! ومن المعلوم أن الغالبية العظمى للسكان هناك وبالخصوص المثقفين منهم يفهمون ويتكلمون اللغة العربية وبطلاقة ولكن بلهجة جنوبية خاصة. ولأنني دائماً ما أحب أن أقرأ وأطلع على أحوال المناطق التي كنت أسافر اليها وقبل سفري لأقف على الحالة التأريخية والجغرافية والأجتماعية والسياسية فقد كان من أحب ما أقرأه هو مايخص الجغرافية وهو الموضوع المحبب لي منذ أول درس لي فيه بالأبتدائية ولحد اليوم فقد أجبتها دون تردد بأنه "لا يوجد جبل أسمه جبل العراق، فأي جبل تقصدين؟"
تشجعت مديرتُنا العامة ونادت على أحد المشاركين في عملنا وذكَّرته بجبل العراق الذي يعرفه الكثير من زملائها كما يبدو والذي لايزال يحمل الإسم ذاته وهو يقع بمسافة غير بعيدة عن مدينة جوبا وعلى أطراف الطريق الدولية المفضية الى الحدود مع أوغندا فأيدها زميله دون إكتراث وقال أن ذلك كان منذ زمن طويل وتعجب متسائلاً ما الذي ياترى ذكرّنا به وغادرَنا مسرعاً.
وفهمتُ من الحديث أن هذا الجبل هو عبارة عن تل كبير وواسع المساحة المرتفعة عن سطح الأرض وبعلو بعض الشئ وهناك كما فهمت قامت "قوات عراقية" بإتخاذه معسكراً لها وكانت مسلحة بسلاح ثقيل وكانت قوات "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة الدكتور جون كارنك تحاول تطويق ذلك التل وتمنع عنه الإمدادات كما تخبرني محدثتي وهي ممن شارك بمعارك "العصيان/التحرير" وبشن هجومات على ذلك التل وبطريقة المباغتة و"الضرب والهرب" وبصعوبة نظراً لإمتلاك القوات على التل لسيطرة غالبة من مكانها فوق التل وتتكرر المحاولات الى أن أختفت يوما تلك القوات العراقية! وأنتهى الحديث والتفصيل الى هذا الحد.
بالطبع أثار ذلك الحديث لدي الكثير من الأهتمام والأستغراب لأنه لم نسمع نحن العراقيون يوماً أن العراق أرسل قوات مقاتلة خارج الحدود ربما بإستثناء الأردن وسوريا ومصر أثناء المعارك مع أسرائيل وكان آخرها عام 1973. فما هو سر تلك القوات وماذا كانت تفعل هناك بعيداً في أدغال أفريقيا الشائكة.
شجرة منكا عملاقة تتوسط مبنى وزارة الصحة في جوبا ومنها تتدلى حبات المنكا
وقد أصابني ذلك الحديث ومنذ ذلك الوقت بالتطلع الى الوصول الى إجابة شافية عن ذلك السر وعن مدى صحته وعن مصير أفراد تلك القوات في حالة صحة الحديث الذي سمعت وداومت على البحث في كل ما متوفر من معلومات ومن كتب تخص العلاقة بين العراق والسودان ولكن الفشل كان حليفي في كل محاولة. وقد تسنى لي مؤخرا أن أحصل على ما يؤكد تلك المعلومات التي أخبرتني بها المديرة العامة (ج.) ومن مصدرين سودانيين مختلفين فقد أخبرني صديق لي من السودان (ع. ع. ت.) ما يؤيد ذلك وأكده لي صديق آخر لا علاقة له بالصديق الأول وهو (ع.ع.م.). في البداية أخبرني الصديقان عدم معرفتهم بالتفصيل رغم أنه كان لديهم معلومات عن وجود تعاون عسكري بين العراق والسودان ولكن بعد إتصالهم بمعارف موثوقين لهم وأحدهم كان يعمل موظفاً في مكتب رئاسة الجمهورية في الخرطوم تجمعت لدي معلومات مفادها أن "التعاون السوداني العراقي قديم. لكن في عهد ما يسميه السودانيون (عهد الديمقراطية الثالثة) الممتد بين ١٩٨٥- ١٩٨٩ كان هناك تعاون عسكري كبير عبر تحالف حزب البعث السوداني والحزب الاتحادي الديمقراطي حيث قام العراق بمد السودان باسلحة من راجمات وطائرات وطيارين في الحرب ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان برئاسة كارنك ولكن لم يسمع عن قوات خاصة عراقية آنذاك. وفي التسعينات استمر التعاون بين حزبي البعث العراقي والاخوان المسلمين السوداني وكان هناك طيارين عراقيين وساعد العراق ذلك الوقت في بناء مصانع اسلحة في السودان حيث كان التنافس بين العراق وايران في مجال التسليح. وقد أتصل صديقي بأحد الأصدقاء وقد أكد له فعلاً أنه كانت آنذاك قوات عسكرية عراقية في جنوب السودان" إنتهى حديث الصديق الأول. أما الصديق الثاني فقد أبلغني التالي: "ليست لدي معلومات عن القوات العراقية..ولكن سمعت بأنهم (في السودان) كانوا يستخدمون أسلحة عراقية مختلفة وخصوصا سلاح الراجمات وقد أتصلت بأحد الإخوة وكان يعمل في رئاسة الجمهورية سابقاً..حيث أكد لي وجود بعض القوات العراقية في جنوب السودان، في الفترة الانتقالية للرئيس عبد الرحمن سوار الذهب (1985-1986)،وفي فترة الرئيس صدام حسين ..حيث طلب الرئيس صدام من السعودية (تمويل) بناء قواعد عسكرية في السودان وقد تم ذلك بالفعل. وكان سبب استدعاء القوات العراقية هو زحف قوات جون قرنق نحو الشمال تدريجيا..مما استدعى تدخل القوات العراقية لصدها وردها جنوباً..بعدها رجعت القوات إلى العراق." إنتهت شهادة صديقي الثاني. ويذكر أن المقصود بعهد الديمقراطية الثالثة هو الفترة التي بدأت بالإنقلاب عندما كانت القوات العراقية تقاتل في أدغال أفريقيا!{ الذي قاده عبد الرحمن سوار الذهب في نيسان 1985 وتسليمه الحكم لحكومة منتخبة عام 1986 برئاسة الصادق المهدي وينتهي العهد بالإنقلاب الذي أطاح بالصادق المهدي في 30 تموز عام 1989 وكان إنقلاباً للأخوان المسلمين.
وأخيراً، لابد من الإقرار بعد هذا السرد لمعلومة غاية في الأهمية من تأريخنا العراقي السري وهي معلومة تُوثَق لأول مرة ولا يَعرف عنها العراقيون شيئاً كما لم يُنشر عنها سابقاً أي خبر لحد علمي حتى الآن. وآمل من هذا المقال أن يثير الموضوع لدى المطلعين وبالأخص لدى من له معلومات أو كان في موقع أتاح له الإطلاع على هكذا معلومة. وأُقِر بأن المقال قد كتبته إعتماداً على ما توصلت إليه وكتبته بأمانة كما وصلني وأن المقال ينقصه الكثير من المعلومات التي قد تتوفر لدى العراقيين كالمشاركين في هكذا نشاط في السودان لإكمال المعلومة وخصوصاً ما يخص مصير تلك القوات فيما إذا تكون قد عادت سالمة الى العراق أم أن جميع أفرادها أو بعضهم (مهما كانت أعدادهم) قد أستشهدوا هناك بعيداً عن أرضهم وعن أهلهم. وأتمنى من القراء الأفاضل التركيز على إضافة أي معلومة تؤدي الى كشف المخفي من أسرار تلك القوات أو حتى نفي وجود مثل تلك القوات إذا كان هناك دليل يتفيها وفي الآخر لا يصح إلا الصحيح والله من وراء القصد.
1349 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع