"التراث الشعبي العراقي: بعض من حكاياته وامثاله وشخصياته ومهنه، محفورة في ذاكرة ناسها واهلها"
العراق متعدد الثقافات غني بتنوعه الحضاري، فهو يعتبر من أقدم وأعرق البلاد في العالم حيث امتلك ارثاً تراثياً عظيما امتاز بالأصالة والقيم والابداع والانتماء زاد عن 7000سنة، سمته الاصالة والتنوع والثراء، انّ تنوّعه التراثي وثراءه الثقافي ثروة غنية المنبع، وطنية النبض والملامح والهوية، وهذه الثروة نقطة قوة، لا بل هي نعمة أصبح لزاماً علينا أن نحسن استثمارها، ولم تعهدنا الحياة إلا شعباً حيّاً حاملاً للحضارة بكل ابعادها، ستمده من واقع الحضارة القديمة وتناقلت إليه عبر العصور والأزمان والأجيال اللاحقة في مختلف الميادين الفكرية والأدبية والتأريخية.
التراث الشعبي العراقي تراث غير مادي العراق غني ورثه عبر مختلف مراحله التاريخية والحضارية، وبصنفيه المكتوب والشفوي، متعدد الأصول بغنى تنويعاته التاريخية والاجتماعية وتقاليده العريقة، وتأتي هذه التنويعات في نسيج عتيق متجدد في المسافات المفتوحة بين المدن القديمة والصحراء والجبال والساحل وضفاف الأنهار العريقة (دجلة والفرات وديالى والزاب وشط العرب)، وفي البيئات الطبيعية المختلفة والمؤتلفة كلياً أو جزئياً، وبين المدن والأرياف وما فيها من لهجات متقاربة أو متباعدة نسبياً، أنّ الروافد الثقافية الشعبية بكل أنماطها الاقتصادية والاجتماعية والدينية والفنية وتختزن رموزاً كثيرة وتؤكد على هويتنا وتؤثث تاريخنا وتربط ماضينا بحاضرنا.
يمثل التراث الشعبي منظومة مختلف الفنون والآداب الشعبية كالحكايات والسير الشعبية والامثال الشعبية والعادات والقيم والأزياء والتقاليد والطقوس في الأفراح والأحزان، والفولكور الشعبي كالأهازيج والرقص والدبكة والغناء والموسيقى والأعراف السائدة التي تعبّر عن أشكال ونواحي الحياة الاجتماعية ومضامينها الإنسانية المختلفة وأنماط حياتية متنوعة وغنية بجميع اصنافها.
زخر التراثُ الشعبي بحكايات، وقصص البطولة والشجاعة والخرافات ومنها المتعلقة بالطنطل والجن والغول والسعلوة، عكسَتِ المُخيلة العراقية، ومدى ما تحتويه من أساطير، فقد اعتاد سرد الحكاية منذ القدم، إذ كانت القصص تروى على ضوء نار السمر قبل الكتابة والرسم، ومدى ما تحتويه من أساطير،قد تناولت قصصُ التراث الشعبي عدةَ موضوعات؛ فمن قصص بداية الخلق وحضارة الإنسان الأولى، والطوفان ورجل الكهف، إلى حكايات الجان، والوحوش، وتحويل الأبطال إلى حيوانات وجماد، وبعض المعتقدات الاجتماعية عن الحسد، وقراءة الفنجان.
الحكاية الشعبية تعدّ جزءاً من موروثنا الشعبي وخلاصة إفرازات لتفاعلات الناس مع ظروف الحياة التي عاشها الإنسان، اذ تعتبر من أبرز الوسائل لإيصال أفكار معينة فيها الفائدة والتسلية، فحكاية النساء غير حكاية الرجال، وحكاية البادية غيرها في الحاضرة، وتختلف هذه الحكايات في موضوعاتها ومجالسها وطريقة روايتها وأسلوبها، وينقل مجلس الحكاية من بيت إلى بيت آخر، ولاسيما عند النساء، فيقولون "التعلولة" في اليوم الفلاني في بيت فلان وتعني التعلولة قضاء الأمسية متعللين برواية الحكايات والأحاديث، يجتمع الرجال شتاءً في المضيف أو الديوان أو في بيت احد الموسرين في حجرة واسعة، طويلة، تسمى الديوانية، أما في الصيف فيخرجون من الحجرات إلى (الطارمة) أو (الحوش) في البراني، وفي الريف تفرش البسط بجانب المضيف أو في أحدى الحارات التي تنظف وترش عصرا ويجلس الرجال متقابلين، وفي الوسط دلال القهوة، وحكايات أهل البادية والصحراء من البدو والأعراب كانت تمتاز بطابع خاص يربطها بتلك الصحراء وظروفها ومناخها وطبيعة الحياة والمعيشة فيها، فنجد لديهم حكايات عن الكرم ، وهو ما يتفاخر به أهل الصحراء، والفروسية ، والغزو، والصيد والصبر، والإناء، والرعي مع المواشي، أو موارد الماء، وكل هذه الأشياء من صميم حياة البادية وأهلها، أما حكايات أهل القرى فتدور أحداثها حول الفقر ومشكلاته المختلفة والتطلع إلى الغنى عن طريق عفريت من الجن، أو العثور على كنز مرصود ملئ بالجواهر الثمينة أو العثور على آثار قديمة نادرة وغالية الثمن في مغارة أو في قبر دارس قديم، أو في بئر مهجورة أو غير ذلك، ففي عهد حكم الإمبراطورية العثمانية، انتشرت العديد من المقاهي في المدن الرئيسية، مثل بغداد والموصل والبصرة وكركوك،
حيث وجودها الدائم ممثلة بـ"الحكواتي" أو "الراوي"، الذي يمتاز بسرعة البديهة والشهامة والنخوة والفراسة، واضح الرؤية، دقيق الحكم، ازدهرت حرفة الحكواتي او الراوي كجزء من التراث القديم، منذ نهايات القرن الثامن عشر، وذاع صيته في القرن التاسع عشر الميلادي، وكان الناس يقصدون المقاهي التي تستضيف الحكواتي بلهفة للاستماع لهم، ومن أبرز القصص والسير التي كان يرويها في تلك الفترة :
" قصة عنترة والسيرة الهلالية وألف ليلة وليلة"، وكان على الحكواتي أن يجذب جمهوره بالتمثيل والصوت والحركة، وإجادة فن الإلقاء والتشويق، واستخدم بعض الحكواتيين التلويح بالسيف أو العصا لإثارة مشاعر المستمعين، وكانت تعتبر تلك السهرات بمثابة وسيلة ترفيهية، وتثقيفية، وتوجيهية تحض على الأخلاق، ونصرة المظلوم، ويعمد خلالها الحكواتي إلى الحركة، والتلاعب بالمفردات والألفاظ، بحيث تبقى حواس الحضور جميعهم، متعلقة بما سيقوله من جملة خلف الأخرى؛ وكان يعمد إلى إنهاء حديث سهرة الليلة، بموقف محرج وحبكة مثيرة، ولشدة تأثر بعض الحضور بسيرة القصة كان ثمة من يتبعه خارج المقهى، طالباً منه كشف بعض التفاصيل عن مصير أبطال قصصه، لكن الحكواتي كان يرفض كشف أسرار قصته قبل حلول موعدها، "كان لأكثر من قرنين يروي قصة بطولاتنا الغابرة، حين يضرب عنترة بن شداد بسيفه أربعين رأساً إلى اليمين، ومثلها إلى اليسار، كما كانت القيامة تقوم إذا أنهى الحكواتي كلامه، وابن شداد في السجن، وكم من رجل قرع باب الحكواتي في منتصف الليل، مُطالباً إياه بتحرير البطل، وفك أسره، قبل طلوع النهار وإلا، فيضطر المسكين إلى متابعة القراءة، حتى يطلق سراح عنترة.
انحسرت نشاطات الحكواتي مع انحسار عدد المقاهي وانتشار البث التلفزيوني والتطور الرقمي والحداثي، وتقلص دور الحكواتي في المقاهي، ولكن لا تزال شخصية الحكواتي لها منزلتها، وإلى فترة قريبة، كانت بعض المقاهي الشعبية مكاناً للحكواتي يسرد قصته على الجمهور بكل متعة، وتشويق، ومرح.
وإذا كانت ولادة الحمامات أبعد بمئات السنين من ولادة المقاهي فهما يشتركان في حركة الصعود والهبوط، وتشير كتب التاريخ أن عشرة آلاف حمام كانت في بغداد من العصر العباسي الأول والتي امر بإنشائها الخليفة أبو جعفر المنصور، حتى راح القول بأن مساحة بغداد تكاد تكون كلها حمامات، أما "ألف ليلة وليلة" فقد زخرت بحكايات كانت أحداثها تمر على حمامات بغداد في ذلك الزمن،
منها ما اندثر منذ سنوات، ومنها ما يزال موجودًا، يعتبر حمام السوق جزءا من الحياة البغدادية وتراثها وثقافتها، يأخذون اليه حكاياتهم و قصصا تدخل تحت تدفق المياه الساخنة لتخرج منتعشة بذاكرة المكان، في الاحياء القديمة من بغداد تتناثر حمامات السوق هنا و هناك لتكون جزءا من حياة الناس و طقوسهم الجميلة، ومن بقايا العشرة الاف حمام كان في جانب الكرخ بعد نشوء الدولة العراقية عدد قليل منها اشهرها"حمام شامي" الذي يعود تاريخه الى القرن السادس عشر الميلادي ويقع في علاوي الشيخ صندل وحمام أ"يوب يتيم" وحمام "الجسر" وحمام "الملوك" الذي شيد عام 1900 ميلادية وحمام "الجوادين" في منطقة الكاظمية، وفي الرصافة اشهرها حمام "الباشا" وحمام "السراب" وحمام "يونس" وهم في محلة الميدان وسط بغداد، وحمام "عيفان" وحمام "المالح" ويقع في منطقة الفضل، وحمام"كجو" وحمام "بنجة علي" وحمام "الكمرك" في محلة باب الاغا، وحمام "القاضي" وحمام "حيدر" بقسميه الرجالي والنسائي الذي يضرب به المثل ويقع في شارع المستنصر قرب محلة رأس القرية، كان الحمام ملتقى اجتماعيا يجمع ابناء المحلات المتقاربة ويتميز بفوائد عديدة لا تقتصر على الاغتسال والنظافة، انما كان منتجعا للترفيه والطبابة والتعارف والاسترخاء وحتى الغناء اثباتا للموهبة والهواية، زاخرة بالطرافة والفكاهة،
وكانت الأعراس تبدأ من الحمامات حيث يأتي العريس وبصحبته مجموعة من أصدقائه المقربين وبعد أن يتم "غسله وتشجيعه" يخرجون به إلى الزفة، وطبعاً مع اغتسال الجميع على نفقة "العريس"، وكانت المرأة ترتاد الحمام مصطحبة بناتها وأطفالها وزوجات أبنائها - الكنائن - أو قريباتها وجاراتها ولا تنسى المرأة الذاهبة الى الحمام أن تحضر معها أدوات الحمام حيث تتأبط (الطاسة) والصابون الركي والليفة والكيس للتفريك وطين خاوة والحناء، فضلاً عن المناشف، أما طعام الحمام وما يرافقه من برتقال او ركي وغيره، ان اكثر الحمامات اختفت من مشهد الحياة الاجتماعية في بغداد بعد ان تعرضت الى الازالة والهدم لاسباب عديدة!!.
الأمثال الشعبية هى فلسفة الشعوب تمثل تاريخها ومن خلال هذه الأمثال يمكننا أن نقيم هذه الشعوب فهى تراث الماضي ومن ليس له ماض فليس له حاضر أو مستقبل، فهي تعبر عن خبرات وتجارب وثقافات الشعوب المختلفة وقدرتها على صياغة هذه الخبرات في كلمات موجزة في شكل قوالب لغوية شعبية تترجم أحوال السابقين وتسجل وقائعهم وتصور مشاعرهم، حتى أصبحت هذه الأمثال مصدرًا من مصادر التراث ومرآة الأمم التي تعكس واقعها الاجتماعي والفكري والثقافي، مُجسّدة في عبارات موجزة غنية بالحكمة والدلالات، وتعد أكثر أنواع الأدب الشعبي قدرة على حفظ وحمل وترجمة أفكار وذهنيات أفراد المجتمع، وكذا عاداته وتقاليده وأعرافه ومعتقداته الاجتماعية، بمعنى أنها تعد وعاء تصب فيه ثقافة المجتمع الذي أنتجها، فهي تعبير بسيط يؤثر على المستمع أو القارئ، ويتم صياغتها بطريقة محددة، وتعطي موجز ملخص لمجموعة من الأفكار، ولها تأثير دائم على الإنسان ويعتبر المثل الشعبي بتغير ألفاظه من صميم اللغة، ويدعم الناس أقوالهم بالمثل، ويستشهدون به توضيحاً لمقاصدهم الكلامية، واكتفاءً به عن الشرح الطويل، فالأمثال تُغني المتكلم والسامع عن كلام طويل، وتدخل في الأحاديث كمسلّمات لكون المثل الشعبي ذا أثر بعيد في العقلية إضافة لإيمانهم بصحة الحقائق التي تضمّنتها الأمثال العامية، يعد العراق من اقدم البلدان التي جاءت منها الامثال والحكمة والعبر، فهناك أمثال مشتركة بين كل مدنه وأطيافه، وأخرى قد تخصُّ مدينة دون أخرى، تكون حاضرة في البيت والشارع والمناطق الشعبية، فلكل مناسبة مثل شعبي، ولكل قصة ذاكرة محفوظة في جملة يغلب عليها طابع السجع، أو الطرافة، أو المفاجأة، إنّ الأمثال الشعبية ممارسة لغوية جمالية متداولة في الموروث الثقافي العراقي باعتبارها عنصرا مهمّا تستخدمه جميع فئات المجتمع حيث تعمل على توحيد الوجدان والطبائع والعادات، كما ينظر إليها من ناحية أخرى على إنّها وثيقة تاريخية واجتماعية هامة تمكننا من قراءة أخلاق المجتمع وعاداته وطرق تفكيره وفلسفته في الحياة، فهي تكشف عن لغة الجماعة واستعمالاتها اللهجية وأسلوب عيشها ونمط تفكيرها ومعاييرها الأخلاقية، كما ان العراق من اكثر الدول اهتماماً بالأمثال الشعبية القديمة اذ تحتوي على مواعظ وأفكار وحكم هامة للغاية، وتثبت هذه المفاهيم في عقول الناس، وذلك لأنها جُمل قصيرة، ويُمكن حفظها بكل سهولة، بالإضافة إلى معانيها الواضحة، وهذه الأمثال مقتبسة ومأخوذة من أحداث واقعية حدثت بالفعل في الحياة اليومية، فهناك العديد من الأمثال التى تتحدث عن طبيعة الشعب العراقي وعن الرجل بصفة عامة وكذلك عن العلاقة بينه وبين المرأة، والحكمة والتأمل التي يحظى بها، وفيما يلى اشهر هذه الأمثال التي جاءت من حكمة السابقين:
حط الحديد على الحديد يصيح رن، للي يأكل بضرسه ينفع نفسه، الطول طول نخلة، والعقل عقل الصخلة، اليدري يدري والما يدري كضبة عدس، جانت عايزه التمت، طبل صوته عالي ومن جوه فارغ، يركض والعشا خباز، بالوجه مراية وبالظهر سلايه، سبع صنايع والبخت ضايع، بخيرهم ما خيروني، بشرهم عموا عليه، عمى يكود بأعمى، يسد ضوه الشمس بمنخل، موكل من صخم وجهه كال آني حداد، مثل بلاع الموس، موكل مدعبل جوز، اتغده بيه، كبل ما يتعشه بيك، من قلة الخيل شدوا على الكلاب سروج، ردناه عون طلع فرعون، اللي يسوك المطي يتحمل ظراطه، انجان هاذي مثل ذيج خوش مركه وخوش ديج، المبلل ما يخاف من المطر، ابيش ابلشيت، يابو بشت، اللي يشوف الموت يرضى بالسخونه، نايم ورجليه بالشمس، اللي تلدغه الحيه بيده يخاف من جرة الحبل، الما يعرف يركص يكول الكاع عوجة، لو العمة حبت الكنه جان ابليس دخل الجنة، تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي، اللي ما يسوكه مرضعه، سوك العصا ما ينفعه، حاجيج يابنتي واسمعج ياجنتي، جزنا من العنب ونريد سلتنا، الي ما تدندل زنبيلها ما حد يعبيلها، اللي ما يجي وياك، تعال وياه، نطي الخبز للخباز حتى لو يأكل نصه، سوي زين، وذب بالشط، اسمة بالحصاد ومنجله مكسور، الحمل الثقيل مايشيله غير صاحبه، امشي شهر ولا تعبر نهر، من لحم ثوره واطعمه، يامن تعب يامن شكه يامن على الحاضر لكه، الحبل على الجرار، الشاذي بعين امة غزال، اللي يدك الباب يردوله الجواب، اجه العصر بنالة قصر، الباب اللي تجيب الريح سـده وأستريح، ابويه ما يكدر غير بس على أمي، كلمن نصيبه يصيبه، زود الغركان غطه، اش معلم الجحش بأكل النعناع، أنا وياك والزمن طويل، كلمن يمد رجله على كد ألحافه، اشتعل بيت الكذاب محد صدكه، مثل السمج مأكول مذموم، الأعوج ما ينعدل، مثل ذيل الجلب، الزواج اوله عسل وتاليته بصل، اللي يتزوج أمي، يصير عمي، اجه يكحلها عماها، لمايعرف تدابيره حنطته تأكل شعيرة، بعد ما شاب ودوه الكتاب، من هالمال حمّل جمال، الي يعمل بيدهُ الله يزيده، يركض والعشا خباز، عمة عين البامية شكد تنفخ، الإمام اللي ما يشور ما يزوره أحد، خلي يأكلون مادام خالهم طيب، حبايه حبايه، تصير كبايه، فوق حقة دقة، الغني فلوسه بعبه والناس تحبه، باكه لا اتحلين كرصه لا تكسرين أكلي لما تشبعين، ضيع الصايه والصرماية، الشبعان ما يدري بالجوعان، لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي، البطانة اغلى من الوجه، أطفر النهر ما طوله ضيك، اذا كان صاحبك حلو لا تأكله كله، يم العقرب لا تقرب يم الحيه افرش ونام، اقفل بابك، أمن جارك، حرامي البقر يعرف حرامي الجاموس، جیب خالي وخشم عالي، حجارة بلاش، عصفور بفلس، الطابوك نام وانشكا اللكام، ايد وحده ما تصفك، يكد أبو كلاش يأكل أبو جزمه، الواحد ما يصير أثنين، الي ما يلوح العنب یكول حامض، أمشي شهر ولا تطفر نهر، هم نزل وهم يدبج ع السطح، ما كو دخان بلا نار، إجاك الموت یا تارك الصلاة، ضاع الأخضر بسعر اليابس، تريد أرنب اخذ أرنب، تريد غزال اخذ ارنب، أكل أكل أسباع وكوم أبساع، جيب ليل واخذ عتابة، تساوت الكرعة وأم شعر، جاك الذيب، جاك الواوي، اللي يثرد يدري والي يأكل ما يدري، ما يعبر عليه قرش قلب، واوي عتيك، تريد تعلم الواوي على لحم الدجاج، لف صديق ولا عدو واحد.
الاهوار حافلة بامثالها الشعبية النابعة من بيئتها، عرفوا معنا إلى أشهرها وأكثرها تداولاً:
ايميط بالعيص : ايميط يعني السير وهو المشحوف والعيص مااشتدت كثافته من القصب، ايون مثل البرهان: البرهان احد الطيور التي تعيش في الاهوار وهو طير جميل ويضرب لوصف أي متألم يلجأ للأنين وقد قالت بنت الاهوار وهي تصف حالها :
بالونة يالبرهان شاركني ويا ك انه على ولفي الراح وانت على دنياك،
اسويك ركة شلب، ايزلج على الرمل، اوصلها للطين الحري، الما يسوس امه عروس، ايطك مثل الرباخة، اتكول عينها عين بنية (سمك بني)، امشطب بابن البكورة، اصفر مثل الخريط، امعيدي ولبس له قندرة، امفتش باللبن، ابحش من الجفة.
الأغاني العراقية: تعود جذور الأغاني العراقية الى حضارات سومر وبابل وآشور وغيرها، والتي كان للموسيقى دور في حياة سكّانها وقد تم العثور على عدد من القطع الأثرية التي تعود إلى حقب ما قبل التاريخ وفيها دلائل على استخدام آلات موسيقية مثل القيثارة السومرية، وكان الغناء يشكل واحدة من علامات الرقيّ، وكانت تعكس الحياة اليومية للعراقيين، وأفراحهم وأحزانهم، بأنواعها الثلاث "الريفي والحضري والبدوي"، اما الجانب الآخر من الأغنية فتمثل بالمقام البغدادي والمربع، وقد كانت وسيلة للتواصل وتوثيق التاريخ، معتمدة على إيقاعات وأصوات الآلات الموسيقية العربية التقليدية مثل العود والناي، والقانون والدف، والطبلة، اشتهرت بالتنوع، وتنوع الأنماط الغنائية؛ فهناك المقام العراقي باختلاف أنواعه، ونمط الأبوذيات، وغناء البستات القديمة والحديثة، إضافة إلى المربعات، والعتابة، والركباني، والنايل، والمنولوجات، والموشحات، وأغاني الزفة، ودبكة الجوبي، والزورخانة، والاغاني الريفية، وأغاني المناسبات كأغاني رمضان، وأغاني الأطفال، وأغاني الأعياد، وغيرها الكثير، كما انها تميزت عن باقي الأغاني التراثية العربية الأخرى، وثباتها على مدار الزمن حتى حلول العصر الحديث، النص الغنائي خرج من وجدان شعراء شعبين اشتهروا ليس في العراق فحسب وانما على المستوى العربي والدولي، وكثير من اشعارهم قصائد مغناة، منهم عبد الكريم العلاف وسيف الدين ولائي وعريان السيد خلف وزامل سعيد فتاح ومظفر النواب وزهير الدجيلي وناظم السماوي، ومن الملحنين الموسيقيين الموسيقي رفدوا الأغنية العراقية بأجمل الأغاني مثل:
عباس جميل وناظم نعيم ومحمد نوشي ورضا علي ومحمد عبد المحسن وكذلك كمال السيد وكوكب حمزة وطالب غالي وأيضا حميد البصري وطارق الشبلي ومفيد الناصح وجعفر الخفاف وطالب القره غولي وسرور ماجد وغيرهم، تميز تراث الغناء العراقي بأسماء رائدة عديدة منذ عشرينيات القرن الماضي، وهي أسماء لامعة طال بعضها النسيان وعلقت أخرى في ذاكرة محبيهم، نستحضر كوكبة منهم:
صالح الكويتي ومحمد القبنجي وناظم الغزالي ويوسف عمر وصديقة الملاية وعفيفة اسكندر..
وداخل حسن وحضيري أبوعزيز وسليمة مراد وزهور حسين ونرجس شوقي وحيدة خليل ولميعة توفيق وعزيز علي ومسعود العمارتلي،
ثم نصل إلى جيل السبعينات وما تلاه مثل أصوات سعدي الحلي وحسين نعمة وفاضل عواد وفؤاد سالم وامل خضير وسيتا هاكوبيان ورياض أحمد واياس خضر وقحطان العطار
وحسين الاعظمي وكاظم الساهر ومائدة نزهت وسعدون جابر وكمال محمد وأنوار عبدالوهاب وهناك اخرين ..
تحتفظ الذاكرة الشعبية العراقية بكثير من حكايات وأساطير التراث الشعبي، فهي ذات حضور في تأريخنا كتراث شعبي نتوارثه معا تلك الشخصيات اثرت التراث واثرت فيه نذكر معا ملامح هذه الشخصيات ودورها ما بقى منها وما اندثر، منها: سندباد البحري
هذه الشخصية من أساطير الف ليلة وليلة وعلي بابا وقصته الشهيرة مع كهرمانة والاربعين حرامي، كذلك شخصية علاء الدين وقصته المعروفة مع المصباح السحري والمارد في القمقم، وجحا وبهلول، جميعها شخصيات قرأنا عنها في طفولتنا، وكنا نتحرق شوقًا لسماع حكايتها، استمتاعًا بأحداثها الشيقة، واستقاءً للعبرة والعظة الواردة بين ثناياه فهي تمثل الشجاعة التي امتلكها علي بابا والحكمة لدى علاء الدين والذكاء الذي اقترن بأفعال السندباد وجحا واليه تنسب البساطة الصريحة والنقد الساخر مع الحكمة العميقة في رؤية واقع عصرها، وبهلول الذي اشتهر بالفكاهة والطرافة الممزوجة بالحكمة والمعرفة في الوقت الذي قيل عنه انه مجنون، وتلك الشخصيات صارت جزءا لا يتجزأ من التراث العربي حتى لا يكاد يذكر الشرق يوما الا وذكروا معه، وحول اكتشاف الإنسان للكون والدين والحياة، دور قصة حي بن يقظان، وتحمل القصة عددًا من المضامين الفلسفية أوردها الفيلسوف ابن سينا، الذي كتبها أثناء فترة سجنه، ثم أعاد كتابتها الشيخ شهاب الدين السهروردي وابن طفيل وآخر من كتب فيها كان ابن النفيس، تجمع بين الفلسفة والأدب والدين والتربية، فهي قصة ذات مضامين فلسفية عميقة، تحدث القصة عن امرأة تزوجت خفية دون علم شقيقها، وعندما وضعت وليدها خافت عليه، فوضعته في تابوت وألقته في البحر، وكان هذا الطفل حي بن يقظان، بعد ذلك يستقر التابوت على ساحل جزيرة الواق واق، وتلتقط ظبية صوت حي بن يقظان، فتعطف عليه وترضعه مع صغارها.
ورث العراق عبر مختلف مراحله التاريخية ارثاً متنوعاً ، ظهر ذلك بوضوح في تعدد الفنون الشعبية الموسيقية والحرف والمصنوعات التقليدية التي تعكس ذوقا فنيا وتراثا غنيا:
الجالغي البغدادي، احد الفنون التراثية، وهو فن امتد منذ سنوات طويلة يعتبر الجالغي البغدادي كالجوقة الموسيقية، حتى الأربعينيات، كانت فرق الجالغي في بغداد، والتي تعزف المقام العراقي، تحظى بشهرة كبيرة في أكبر مدن العراق، حيث كانت تعزف في إحياء المناسبات المختلفة وبخاصة حفلات الزفاف والختان في المنازل الخاصة وفي المناسبات الدينية ولجمهور أكبر في المقاهي أو الملاهي الليلية المنتشرة في ذلك الحين، ومحبي هذا اللون من الغناء الذي رافقته فرقة الجالغي ليلا في المقاهي القديمة حيث كانت العادة ان يخصص صاحب المقهى – تختين – ( والتخت في اللغة التركية تعني قطعة الخشب تعلو قليلا عن الارض) ويرصف فوق التختين كراسي فيكون اشبه بمسرح بدائي يجلس عليه مقرئ المقام وعازفو الجالغي وهو الجوق الموسيقي الذي يحتوى على الجوزة و السنطور و الدف و الدنبك لأداء مقامات وبستات ووصلات غنائية، وكان يشترط بعازفي الات الجالغي ان يكونوا ممن يتمتعون بجمال الصوت لان مهمتهم كانت تتعدى العزف الى ترديد البستات التي كانت تغنى في ختام المقام، فكانت المقاهي في ذلك الزمان بديلا عن القاعات في الوقت الحاضر، وكان التخت بديلا للمسرح وكان ولا يزال للمقام وقع خاص واثر في نفوس العراقيين، وكان لقراء المقام محبوهم ممن يتابعون نشاطهم الغنائي، وكان فرق الجالغي البغدادي، يرتدون في الغلب زيا من الموروث العراقي او ملابس رسمية وقد يعتمرون السدارة، ما زال عدد ضئيل من فرق الجالغي يلعبون موسيقى المقام العراقي في بغداد اليوم.
الختان هو من الواجبات الدينية المفروضة لدى المسلمين، واليهود، وكان قديما أغلب الحلاقين هم (مطهرجية)، وفي بعض من مناطق بغداد أن يكون المطهرجي يهوديا، كان ما يميّز المطهرجي هي حقيبته الجلدية السوداء أو القهوائية، أن حفل الطهور كان سابقا يدخل البهجة والسرور إلى المنزل، اذ كانت العائلة مع الأقارب تجتمع في المنزل منتظره وصول المطهجي بكل شغف وعند الانتهاء من عملية الطهور تعلو الزغاريد لتملأ المكان” مشيرا إلى تقديم الحلوى وعند العض الميسورين إقامة مأدبة طعام، وكان يُكرم المطهرجي ببعض المال على قدر مكانة أهل الطفل، ويقال إن قضية الطهور لها جذور بابلية، كانت حفلات الطهور معروفة تُقدم فيها الهدايا على انغام الموسيقى والاهازيج: (طهّرناه واخلصنه منه)، كانت أغلب مناسبات الطهور صيفا، وفي أيام المناسبات كانت المستشفيات تقوم بإجراء الختان الجماعي لأبناء العوائل الفقيرة مجانا، فضلا عن توزيع الحلوى ونحر الذبائح، وكانت من ضمن قوانين الختن أن يُختن الولد قبل بلوغ السبع سنوات، وتُخاط له دشداشة بيضاء، وهدايا تُهدى، وعندما يأتي الضيوف كان الأطفال يحرصون على ارتداء الدشداشة، ورفعها من الأمام لا حذرا من الجرح بل تنبيها على الواجب.
الوشم او "الدكة"
تمثل ظاهرة الوشم أو كما تسمى لدى العرقيين “الدكة” على الجسد من قبل النساء قديماً، وهي أحدى الفنون التراثية التى عرفتها معظم الحضارات القديمة وكان جزأ من حياة الناس اليومية، وعادة اجتماعية متوارثة تعشقها النساء كإحدى علامات التفاخر والزينة والعلاح، تتركز أماكن الوشم عند المرأة غالباً في الساقين، والأنف وأسفل الفم والأصابع، وكانت الأمهات تحرص منذ زمن طويل على إرسال بناتها إلى "الداكوكة" لوشمها كي تبدو بشكل جميل ولافت لتثير انظار الرجال واعجابهم، وأيضا تحافظ على قيم القبيلة التي ترى فيها زينة وعادة متعارفا عليها، يعتقد كثير من الناس ان وشم الجسم ببعض العلامات والخطوط، يبعث ارتياحا نفسيا، وأيضا محاولة للخلاص من الشر والحسد، وهو ما تكشفه طريقة نقش الخطوط في الأيدي والأرجل بشكل لافت لدى النساء، اما الرجل فالوشم يقتصر عندهم على دكات الوجه وثلاث دكات على ظهر الكف، بعد ستينات القرن الماضي اخذت ظاهرة الوشم تزول قبل أن تندثر بمرور الزمن، لتنتشر لاحقا ظاهرة التاتو بشكل لافت بين الشباب من جديد، وبأشكال وطرق حديثة حتى باتت هوساً يزداد الإقبال عليه من كلا الجنسين، لتطوي بذلك ذاكرة إحدى العادات القديمة في العراق.
السقا:كانت السقاية مهنة هامة وهي احدى المهن التراثية، امتازت وظيفة «السقا» بأهمية كبيرة في بغداد منذ العهد العباسي، كان هناك نوعين من السقائيين، فالنوع الاول يحمل الماء من النهر بواسطة دلوين تشدها قطعة قوية من الخشب تستقر على الكتفين ومهمتهم ملء اواني المنازل، وكان لكل سقاء من هؤلاء السقائيين عددا من البيوت الخاصة بهم لقاء اجور شهرية او اسبوعية ولكل سقاء منهم شاطئه، حيث يقوم بإعداد مواقع له لكي يغرف الماء بسهولة من النهر ويجلبه الى البيوت، اما النوع الثاني هم الذين يجوبون الاسواق والشوارع حاملين قربهم المزينة بالكثير من الوسائل الجمالية والمنادين على بضاعتهم من الماء او العصائر او عرق السوس، وعادة ما يكون الماء مهيلا وفيه حلاوة قليلة جدا، وعادة تكون القرب محمولة على الجانب او الاواني المستخدمة في ذلك فهي من البرنج الاصفر اللماع، بعد توصيل المياه الى البيوت، أخذت مهنة «السقا» تتوارى وتندثر ماعد سقاء ماء الورد او عرق السوس، سقا أراه ويحلو لي أن أشرب من مياه قربته إنه عجوز، أمام الإعدادية المركزية التي كنت احد طلابها، سقا أراه ويحلو لي أن أشرب من مياه قربته إنه عجوز، يمد إليك يده بكوب فضي اللون وينظر إليك بعينين باسمتان، لا تستطيع أن ترد يده وما أن تتذوق المياه المعطرة بماء الورد ما تلبث أن تطلب كوبا أخر.
بائع السميط،:السميط نوع من أنواع الخبز بشكل أقراص دائرية صغيرة وبحجم أصبع أو أصبعين ومرشوش على سطحها بعض من حبات السمسم وتعمل بطريقة خاصة مشربة بالسمن أوالزبدة، يضع بائع السميط بشكل مرتب دائري على خشبة دائرية فوق رأسه وغالبا ما يتجول في الازقة وعند اسوار المدارس والمقاهي والسينما، مناديا باعذب الكلمات مروجا لبضاعته السميييييييييييييييييييط الحار، يا ما تلذذنا بطعم السميط مع الببسي!.
صناعة النحاس: في سوق الصفافير ببغداد، والتي يعود تأسيسه إلى العهد العباسي، تصل إلى مسامعك دقات خفيفة وقوية ومتناسقة كأنها عزف موسيقي من القرون الوسطى، ومنذ زمن (الفراهيدي) النحوي صاحب موسيقى العروض الشعري الذي أسسه على نقر مطارق الصفارين التي تنبعث منه الأصوات والنغمات المختلفة وكأننا نستمع الى فريق موسيقي متكامل، تصدر عن مطارق أمهر الحرفيون الذين توارثوا هذه الصنعة الشاقة أبًا عن جد وتفننت أيديهم برسم لوحاتٍ وزخارف على أوانٍ نحاسية لطالما جذبت أذواق الكثير من المقتنين ومن دول مختلفة من العالم، والمدهش اننا لو سألنا صفارا من أبناء السوق ما الذي يجعلك تتحكم بنوع الطرقة وبقوتها وطولها وموسيقاها لأجابك فورا بأنها طبيعة العدة المنزلية نفسها فالنقر على ( الدلة) الصغيرة هو غيره على (الطشت) الواسع المفتوح. كما أن الضرب على (المشربة او المسخنة) الضيقة الفوهة يختلف عن العدتين السابقتين، وبطرقات الصناع المهرة يتحول معدن النحاس الخام بفن ومهارة كالرسم تخاله سحرا يخطف الالباب والعقول إلى تحف فنية مختلفة الأشكال والألوان، فيتلون النحاس بين أحمر وأصفر والنحاس المغطس، بعض من البغداديين كانوا يفضلون أبواب النحاس الملونة لمداخل بيوتاتهم معتقدين انها تطرد النحس،
وصناعة الاواني المنزلية واباريق الشاي والكاسات والملاعق، واطارات الصور والفوانيس النحاسية والنقش عليها والفوانيس والنقش عليها كلها نتاج سوق الصفافير، دخلت منتجات هذه الصناعة إلى البيوت وأصبحت أساسية في الأيام العادية والمناسبات والأعراس، لا يخلو بيت من البيوت البغدادية من قدر النحاس او الطشت واواني الطبخ والسماور وادوات الاستحمام والانتيكات البغدادية، سوق الصفافير أخذ يتآكل لعدم استعمال النحاس في الأدوات المنزلية، وتغير نمط التصنيع اليدوي الى استخدام الأجهزة والمكائن ولتوقف سوق التراثيات، مع قلة وفود السياح والزائرين، أصوات سوق الصفافير تقاوم الزمن، ان من المخيف ان يأتي يوم لا نسمع فيه صدى هذه المطارق الجميلة التي تشكل معالم أشياء جميلة ونافعة، تعبر عن تراث بغداد.
صانع القباقيب:اصل “القبقاب” قديماً يعود للسوريين، ويُستخدم للحمامات في الماضي، تعد جزءًا من التراث الأصيل كان القبقاب يحظى بشعبية كبيرة في المنازل والمساجد لتميزه بخصائص عدة، أبرزها أنه لا ينزلق عند المشي عليه، فالقبقاب بارد صيفا ودافئ شتاء، ولا يسبب التشققات الجلدية، ومريح في الحركة والعمل في شؤون البيت، وفي الأسواق والأزقة، وكان الرجال يلبسونه أيضاً اتقاءً للوحل أيام الشتاء، ولكن يؤخذ على القبقاب ثقل وزنه والإزعاج الذي يصدر عنه عند المشي به ، من منا لا يتذكر اغنية شادية التي تقول «رنة قبقابي يمة رنة قبقابي وانا ماشية يمه بتميل راسي» ومع ذلك فلم يبق من هذه الاغنية سوى الذكرى، وتبدو الصناعة اليدوية البسيطة في طريقها للاندثار، حيث لم يعد ينتجه الا بضعة حرفيين.
صناعة الخوص:تعد صناعة الخوص من أقدم المهن الشعبية بالعراق، وعرفها العراقيون منذ زمن بعيد، ولا تزال قائمة في بغداد حتى يومنا هذا، متوارثة من الاباء والاجداد، فهي حرفة يدوية، تعتمد على أدوات بسيطة دون الحاجة إلى المكائن الصناعية، فهي حرفة يدوية تعتمد على مهارة صانعها،
يصنع صاحبها الكراسي والأقفاص والسجاد والمراوح اليدوية والشبابيك وغيرها من مستلزمات البيوت باستخدام الخوص وجريد النخيل، وحاليًا تواجه الحرفة بعض المخاطر فيما يتعلق بقلة الإقبال على منتجاتها، ومع ذلك فهى ما زالت قائمة في بعض المناطق الريفية.
هناك مهن اختفت من قاموس شوارع بغداد على سبيل المثال لا الحصر: خياط الفرفرفوري، بائع الملح على الجمال،
حدّاد السكاكين والمناجل المتجول بعجلته وعتلته الدوّارة، مرّكِبْ أسنان الذهب، وطب الاعشاب، وهم عادة من الغجر {الكاولية} ، بائع { الجَقْجِقِدرْ، العَلوجَة، الكَركَري}، سيارة ام الدخان، بائع البادم والمكاوية، ولا يمكن الحفاظ عليها الا ان نستخدمها لاغراض التراث والسياحة من اجل الحفاظ على التقاليد.
شهدت الساحة الثقافية في العراق في اواخر القرن الماضي محاولات كثيرة وجادة لجمع التراث الشعبي العراقي، فقد افتتح المتحف البغدادي في سبعينات القرن الماضي، ضمت بمجموعها 197 مجسما،
ومن ثم وفي عام 1985 ضم المتحف بـ 347 مجسما لتتوالى المجسمات والمشاهد المصنوعة من الجبس تارة، ومن الشمع تارة اخرى تباعا، مجسدة بمجموعها لمحات وضاءة من عبق الماضي وحنين الذكريات وملامح شتى عن الحياة الاجتماعية والتراثية البغدادية بأدق تفاصيلها ولعل من أبرزها اضافة الى قاعة الصور التراثية، والشناشيل البغدادية، وقاعة الساعات القديمة،
مشهد بائعات اللبن، والقصة خون (الحكواتي)، والخياط ، والحداد، و بائع السبح، والبقال، والرواف ، وزفة العريس، وجراخ السكاكين، والمكوجي، والنجار، والجالغي البغدادي، وخياط الفرفوري، والخباز، والقصاب، والنداف،
والمصور الشمسي، والعرضحالجي، وبائع الباجة، وبائعة الباقلاء بالدهن...، كما جرى تدوين التراث الشعبي وربما لاعادة صياغته وتقديمه بشكل اكثر عقلانية وتوافقا مع عقلية الطفل وقابليته على التقبل والقناعة ولاسيما ان بعض هذه الحكايات الشعبية تعد فيما اذا شذبت وهذبت دروسا تربوية ذات مدلول ومغزى يتوافقان كليا مع متطلبات العصر الذي نعيش فيه، ونجاح برامج الفرقة القومية للفنون الشعبية التي كانت تقوم بعرضها في المسرح القومي ببغداد وخارج العراق والتي انطفأ بريقها بعد الغزو والاحتلال،
الا من خلال مجهودات فردية قام بها الفنان علاء مجيد احد أعضاء الفرقة القومية للفنون الشعبية والذي اشرف على فرقة طيور دجلة التي تضم مجموعة من النساء العراقيات المقيمات في السويد والذين يقومون بإحياء الأغاني التراثية، وهم يحملون رسالة نشر الثقافة والتراث العراقي في دول المهجر،
و وبنفس المجهود الفردي اعتلت المطربة فريدة محمد علي المعروفة بـ«سيدة المقام العراقي»، منصة المقام العراقي، بالاعتماد على ﻓﺮﻗﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻛﺎنت ﻭلا ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺮﺍﻓﻖ ﻗﺮاء ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ، ﻭﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﻋﺎﺯﻓﻲ آﻻﺕ ﺍﻟﺴﻨﻄﻮﺭ وﺍﻟﺠﻮﺯﺓ (الكمنجة) وﺍﻟﻄﺒﻠة وﺍﻟﺮﻕ وﺍﻟﻨﻘﺎﺭ وباشراف الموسيقار محمد حسين گمر، الفنانة فريدة أبدعت في الرجوع إلى زمن الأغنية الجميلة واللحن الشجي وأصبح لها جمهور واسع من العراقيين والعرب في المهجر.
ولكي نحافظ على مخزون تراث العراق وثرائه العريق وممارسيه ورواته، يتطلب اجراء حملة ميدانية على مستوى العراق لتوثيق وتدوين تراثه اللامادي، وجمع وتوثيق العناصر الأكثر عرضة للاندثار لكل محافظة، تطوير البحوث والدراسات العلمية والتقنية التي تجعل من الدولة قادرة على مواجهة الاخطار التي تهدد تراثها مستعينين بتجارب دول لها تراث عريق مثل مصر واليابان والهند، قيام وزارة الثقافة على تنظيم فعليات لتعريف الأجيال القادمة بهوية التراث العراقي والطقوس والازياء والتقاليد والعادات القديمة والمهن والفننون التي كان يمارسها العراقيين القدماء في مختلف جوانب الحياة اسوة بما عملته امانة بغداد من فعاليات ليوم بغداد، وتوسيع المتحف البغدادي وجعله اكثر شمولية، وبذلك الاجراء نعيد لذاكرة الأبناء صورة من تاريخهم وتراثهم العريق بما عرفه من نبل وأصالة، وتعيد ايضاً إلى أذهانهم صورة آبائهم وأجدادهم ومواقفهم الحميدة وأعمالهم الخالدة، التي يعتز بها كل محب لأرضة ووطنه وأهله وتاريخه، قبل أن تصبح نصا في كتب التاريخ والتراث، ومن الله التوفيق.
سرور ميرزا محمود
694 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع