الدكتور محمود الحاج قاسم محمد
باحث في تاريخ الطب العربي الإسلامي
طبيب أطفال – الموصل / العراق
لماذا تأخر العرب والمسلمون وتقدم الآخرون
المقدمة : قبل أن ندخل في تفاصيل هذا الموضوع الشائك نتساءل مع الكثيرين ، هل العرب والمسلمون تأخروا فعلاً وتقدم الآخرون ؟
وجواباً على ذلك نقول أن العرب والمسلمون لم يتأخروا في سلم الحضارة ، ولكن الآخرون عندما امتلكوا مفاتيح الحضارة التي تتمثل بالنبوغ العلمي ، والرقي المادي والمعنوي ، استطاعوا التقدم واستحداث صرح حضارة اتصفت بتنظيم مدني وعملي وتقني قادر على تلبية متطلبات القيم والمشاعر الإنسانية .
ويذهب الدكتور عبد القادر حسين ياسين هذا المنحى فيقول (( فهنا ليس لمصطلح التأخر التاريخي أي معـنى . وإذا كان مما لا شك فيه أن الشعور بالتأخر والجمود يشكل لحظة أصيلة ومتكررة في الوعي العربي والإسلامي الحديث ، فلم يكن هذا الشعور هو السائد أو المسيطر على هذا الوعي في أي فترة... فقد أدى اكتشاف التقدم التاريخي منذ القرن التاسع عشر إلى انخراط العرب العملي في دورة الحداثة العالمية ، والى اعتناقهم قيمها ومفاهيمها حتى انطبع تصورهم لتاريخهم الحديث كله بطابع التحول والتقدم... فالصورة السائدة لهذا التاريخ في الكتب والمؤلفات والوعي الشعبي العام هي صورة الانتقال من الانحطاط ( الذي ميز العصور الطويلة الممتدة بين نهاية الدولة العباسية وظهور الدولة الحديثة) إلى النهضة ( وهي كلمة أطلقت على الانبعاث الفكري والأدبي والعربي في نهاية القرن التاسع عشر تيمنا بالنهضة الأوروبية ) إلى الثورة التي اكتسبت طابع حركة التحرر الوطني من الاستعمار قبل أن تتحول إلى ثورة البنيات والهياكل التقليدية الإقطاعية والأبوية والرجعية )) .
ويقول أيضاً ((إن المشكلة التي تعاني منها المجتمعات العربية والإسلامية اليوم لا تنبع من أننا كنا متقدمين نملك ناصية العلم والمعرفة والخلق والإبداع ثم تأخرنا، وهو ما يشكل سنة تاريخية تنطبق علينا كما تنطبق على غيرنا .
ولكن المشكلة تنبع من بروز نمط جديد من التنظيمات المدنية والتقنية والصناعية والاجتماعية والسياسية ، أي نموذج حضارة جديدة يتوجب علينا استيعابها والسيطرة عليها ))
بعد هذا ندخل في صميم الموضوع ضمن محاور أربعة :
المحورالأول : مقومات بزوغ الحضارة العربية الإسلامية :
مما لا شك فيه أن الحضارة العربية لم تنهض وترتقي إلا عندما جاء الإسلام وسعى إلى تكوين شخصية ربانية متكاملة الجوانب من الناحية الإعتقادية والأخلاقية والإبداعية والعقلية والصحية .
وكذلك عندما أكد على عوامل بناء النفس الإنسانية والحضارة ، كالرجولة ، والصدق ، وحب الخير للناس ، وصناعة المعروف ، وإعطاء كل ذي حق حقه ، ونصرة المظلوم والابتعاد عن التواكل والتقصير وترك العمل .
يقول شكيب أرسلان عن أسباب ارتقاء المسلمين (( إن أسباب ارتقائهم الماضي إنما تَرجِع إلى الإسلام الذي كان قد ظهر في الجزيرة العربية فدانَ به قبائل العرب، وتحولوا بهدايته من الفُرقة إلى الوَحدة، ومن الجاهلية إلى المدنية، ومن القسوة إلى الرحمة، ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الواحد الأحد، وتبدَّلوا بأرواحهم الأولى أرواحًا جديدة، صيَّرتهم إلى ما صاروا عليه من عزٍّ ومنعة، ومجد وعرفان وثروة، وفتحوا نصف كرة الأرض في نصف قرن.))
ويقول أيضاً (( أمَّا الإسلام فلا جِدال في كونه سببَ نهضة العرب وفُتوحاتهم المدهشة ممَّا أجمَعَ على الاعتِراف به المؤرِّخون شرقًا وغربًا، لكنَّه لم يكن سببَ انحطاطهم فيما بعدُ، كما يَزعُم المُفتَرون الذين لا غرض لهم سوى نشر الثقافة الأوروبية بين المسلمين دون ثقافة الإسلام،وبسْط سِيادة أوروبا على بلدانهم، بل كان السبب في تردِّي المسلمين هو أنهم اكتفَوا في آخِر الأمر من الإسلام بمجرَّد الاسم، ولكنَّ الإسلام اسم وفعل.)) .
أما أهم المقومات التي جاء بها الإسلام والتي كانت سبباً لبزوغ الحضارة العربية الإسلامية فهي:
1– الاهتمام بالعلم وحق التعلم : أعلن الإسلام منذ نزول أول آية من القرآن الكريم بأن التعليم ليس حقاً وإنما واجب وفرض على كل ذكر وأنثى فقال تعالى (( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم )) ( آية 1 ، 5 - سورة الفلق ) .
وسبحانه وتعالى عندما خاطب نبيه بذلك إنما قصد به كل البشر من غير تفريق بين الذكور والإناث ، فجاء حديث الرسول مؤكداً فرضية طلب العلم على الجميع فقال ((طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة))
وجاء الإسلام يحمل في طياته الدعوة لإشاعة العلم في الناس ، فحقائق الكون فيه هي آلاء الله ، والإنسان المسلم الذي ليس بينه وبين ربه واسطة ولا حجاب حسب المفهوم الإسلامي ، مدعو إلى النظر في حقائق الكون في سبيل معرفة الله عن طريق آلائه . وعندما جعل الإسلام العلم عبادة وفريضة على كل مسلم ومسلمة لم يقم كهنوتاً يحتكر العلم فيه رجال الدين دون غيرهم .
ويؤكد الدكتور جعفر عبد (( إنه عندما تحرك المسلمون الأوائل في هذا الاتجاه وساروا على هذا النهج تمكنوا عن طريق البحث العلمي الجاد بناء حضارة شامخة أشعت على العالم كله بعطائها المتميز ، لافتاً إلى أنه لا يقتصر معنى البحث العلمي ، كما هو شائع على البحث في العلوم الطبيعية ، وإنما يمتد مفهوم البحث العلمي ليشمل كل فروع الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية ))
2 – الحرية : مفهوم الحرية في الإسلام مفهوم قائم على أساس من التتبع للنصوص الشرعية الواردة بشأن الحرية الفردية والحرية الجماعية كصنوان لا يفترقان … وهي تتلاقى على مفهوم أن الناس جميعاً قد ولدوا أحراراً وحريتهم في هذه الحياة مطلقة في كل شيء ، إلا أنها أي
(( الحرية الإسلامية مشروطة بشروط ، ومقيدة بقيود وليست شروطها وقيودها شراً . بل هي خير وبركة وسلام للفرد والجماعة على سواء .
فالحرية الإسلامية تعني أن يكون الإنسان حراً فيما يعتقد وفيما يعمل على أن يكون اعتقاده وعمله مبنيين على علم صحيح ، وفكر رجيح .وإلاّ فلا حرية لجاهل ، ولا حرية لسفيه ، ولا حرية لمفرق لجماعة المسلمين أو طاعن في معتقداتهم وحاطٍ من مقدساتهم .
والحرية الإسلامية تمنح الفرد الحق في أن يقول أو يفعل ما يريد بشرط أن لا يؤذي قوله أو فعله قريباً أو صديقاً أو جاراً أو مواطناً . وإلاّ فأية حرية هذه التي تمنح للطغاة والبغاة والمفسدين في الأرض ، الذين لا يعرفون لوطنهم ومواطنيهم حقاً عليهم يحميهم من أذاهم وقذاهم وعدوانهم والحرية الإسلامية – كذلك – تمنع الفساق أن يجاهروا بفسقهم لئلا يعطوا القدوة لغيرهم من الأغرار والبسطاء ولئلا ينقلب معنى الحرية إلى الإباحة في الإجرام والإفساد))
وهناك مسألة مهمة لابد من ذكرها في هذا المقام وهي أنه (( في الإسلام كما أن للفرد حقوقاً على المجتمع المتمثل بالدولة كذلك للمجتمع على الفرد حقوق ، فما من حق أياً كان نوعه وطبيعته إلاّ وهو مقيد بقيود وشروط سماها القرآن الكريم حدود الله فقال سبحانه وتعالى : (( تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هو الظالمون )) ( آية 229 – البقرة ) .
فكل من تجاوز عن حدود حقه يعتبر ظالماً ومتعدياً ومتجاوزاً على حقوق الآخرين ، فلا يجوز لا شرعاً ولا قانوناً ولا عقلاً أن يتمتع الإنسان بالحرية بمعناها اللغوي وهو المطلق من كل قيد وشرط أي أن يفعل الفرد ما يشاء ومتى يشاء وكيف يشاء ، فالفرد لا يكون له الحرية بهذا المعنى ، إذ ذلك لا يصدق إلاّ إذا كان الفرد يعيش منفرداً وبمعزل عن أي مجتمع من الناس لأن للأفراد في كل مجتمع مصالح وحقوقاً مشتركة فلا يمكن لأي منهم أن يتمتع بحريته المطلقة في ممارسة حقه دون أن يتضمن ذلك اعتداءً على حريات وحقوق الآخرين ، بل المطلوب من كل فرد أن يتنازل عن جزء من حرياته وحقوقه مقابل عدم حرمان الآخرين من حرياتهم وحقوقهم لأن ذلك هو ثمن الحياة المشتركة في مجتمع واحد أو في مجتمعات متعددة )) .
3 – التكافل الإجتماعي : (( لقد فرض الإسلام التكافل الإجتماعي في صوره وأشكاله ليكون أحد الدعائم القوية لبناء المجتمع الإسلامي ، يقول سبحانه وتعالى (( إنما المؤمنون إخوة ))
( الحجرات – آية 10) ، ويقول (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاٍ فخورا )) ( النساء – آية 36 )
وتروى عن النبي (ص) أحاديث كثيرة في هذا الباب منها (( ليس من بات شبعان وجاره جائع )) ويقول (( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً )) .
وفي سبيل تحقيق مبدأ رعاية الدولة لكل فرد رعاية كريمة ، جعل للفقراء والمساكين ربع ما تحصله الدولة من أموال الزكاة وإذا لم يف ذلك بحاجة الفقراء والمساكين جعل حقاً آخر على الأغنياء يستوفى منهم ، يقول ( ص) (( إن الله فرض على الأغنياء من أموالهم بقدر ما يسد فقرائهم ))
4– حرية العقيدة والعلاقة مع غير المسلمين والتسامح مع سكان البلاد التي فتحوها :
في الوقت الذي يحث الإسلام أتباعه على الدفاع عن دينهم الحنيف والعمل على نشره بالجهاد وبذل الغالي والنفيس في سبيل ذلك ، لم يحمل أحداً بالقوة على اعتناقه ، فقد أمر سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بعدم جواز الإكراه في الدين وعندما فتح المسلمون مصر والشام وفارس والأندلس لم يفرضوا الإسلام بالقوة بل تركوا أهل الأديان الأخرى أحراراً في ممارسة شعائرهم الدينية معتبراً حرية الناس في عقائدهم مكفولة مقدسة في ظل الإسلام وتحت رايته ، ويمكن تلمس ذلك من خلال النصوص القرآنية ووصايا الرسول والخلفاء وبنود المعاهدات والاتفاقات مع غير المسلمين .
وإن ما فعله المسلمون على سبيل المثال عند فتحهم لصقلية والأندلس وغيرها من البلدان هو أنهم تركوا لأهلها الحرية الكاملة بل المطلقة لمزاولة عاداتهم وقوانينهم الدينية حتى أعتنق أكثرهم الإسلام طواعية ، وأسهم علماء العرب والمسلمون إسهاماً فعالاً في النهضة العلمية التي نبغت في كل من الأندلس وصقلية ، والكثير من المستشرقين المنصفين يعترفون بأن من مزايا الدين الإسلامي التسامح والعطف والحفاظ على العادات والتقاليد والإنتاج العلمي للبلدان التي فتحوها ، تقول زيغريد هونكه في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب (( لقد حول العرب الأندلس في مائتي عام حكموها من بلد فقير مستعبد إلى بلد عظيم مثقف مهذب يقدس العلم والفن والأدب ، قدم لأوربا أعلى سبل الحضارة وقادوها في طريق النور ))
5 – العدالة في القضاء والمساواة في الحقوق والواجبات:
العدل في العلاقات الإنسانية … قاعدة عامة في الإسلام ، سواءً بين المسلمين ، أو بين غيرهم ، وقد أقره بصورته المطلقة الواسعة ، فلم تقم محاكم خاصة للأغنياء والسادة ومحاكم خاصة للفقراء والسوقة .فالمساواة والعدالة أمام القضاء معناه ألاّ يميز أشخاص على غيرهم من حيث القضاء أو العقوبة .
قال تعالى :(( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )) ( آية 58 – سورة النساء ) .
وفي الحديث القدسي الشريف :(( يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً
فلا تظالموا )) . ويقول : (( لا تفلح أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي )) .
و قال تعالى :(( ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ))
( آية 8 – سورة المائدة ) .
والعلاقة مع غير المسلمين إذا لم يكونوا محاربين … هي ليست عدالة فحسب … بل علاقة بر … بكل ما في كلمة بر من مفهوم ومدلول ومعنى .
قال تعالى :(( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين . إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ))
( آية 8 ، 9 – سورة الممتحنة ) .
وحق المساواة البشرية أقرها الدستور الإلهي بأربعة عشر قرناً قبل إقرارها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الأولى .(( والمساواة التي أقرها الإسلام هي أن يحوز الإنسان المجد ، ومظاهر الحياة والسلطان ، ونعمة المال والمناصب والوظائف حسب جهده واستعداده وكفايته لا يحول دون ذلك ضالة نسب ، ولا معابة لون ، فالعربي والعجمي والأسود والأبيض لهم أن يتمتعوا حسب نصوص الإسلام بالحقوق العامة كحق الحياة وحق الملكية والحقوق الأخرى من غير تفريق ويسري القانون عليهم من غير تمييز )) :
المحور الثاني : مقومات تقدم الآخرين في العصر الحديث :
1 – التخلص من معوق الفكر ( الكنيسة ) : (( عاشت أوربا ظلاماً قروناً متطاولة ، اعتنقت خلاله النصرانية المحرفة ودانت بها شعوبها ، فلم تفد منه في محو التخلف عن نفسها ، بل زادها جهلاً وظلاماً ، حيث منعت من التفكير إلا من خلال الكنيسة وضمن الحدود التي ترسمها )) . ولذلك (( لم يتقدم الغرب إلا بعد أن نجح في التخلص من معوق الفكر ( الكنيسة ) ، وكان احتكاكهم بالمسلمين دافعاً لمثل هذه الثورة ، تعلموا فيه إنسانية الإنسان ، وزرع فيهم الأمل لإسترداد تلك الإنسانية ، التي فقدوها مع حكم الإقطاع والكنيسة . وعقلاء الغرب ومفكروه يشهدون بفضل المسلمين على أوربا في النهضة الحديثة ))
و (( قد بدأ الغرب في التقدم لما تخلوا عن دين الخرافة والدجل، لما علموا أن سبب تخلفهم هو سيطرة رجال الدين على مجالات الحياة التي يستغلونها من أجل مصالحهم الشخصية والتي بها يستطيعون التقدم، هناك ثاروا على هذا الدين الذي لم يعد حقا دينا سماويا بل أصبح دين رجال الكنيسة يستغلونه أبشع استغلال، هنا بدأ الغرب في تقدمه .))
2- الحرية : (( الحرية هي التي جعلت من الغرب أمة تفكر وتبدع بينما غيابها لدينا صنعت أمة خائفة مترددة ، إذ الفارق بيننا وبين الآخرين- اليوم - أنهم اتفقوا على تداول سلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة والنزيهة بعد أن ضمنوا حرية الناس في الاختيار لهذا أو ذاك بلا ضغوط ولا تخويف ولا تكفير ولا تخوين بحيث يطرح الكل برامجه على الشعب بشكل متساوي ثم يترك للناس الاختيار وبهذا تخلصوا من الكثير من العقد والمخاوف التي تحبط الإنسان وتجعله منشغلاً بإرضاء زيد أو عمر على حساب مستقبل الوطن ، الفارق إذاً أنهم تخلصوا وخلصوا شعوبهم من المخاوف بينما بقيت الشعوب العربية ترزح تحت ظل أنظمة مخيفة مستبدة قاهرة ))
3- المساواة في الحقوق أمام القانون: (( تعيش المجتمعات الغربية مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة ويكفل القانون لجميع الفئات حقوقهم وواجباتهم فلا سيادة لغير القانون الذي يطبق على جميع الناس بدون استثناء بل وصل الأمر في مرات عديدة إلى محاكمة رؤساء دول ووزراء وشخصيات هامة تم التفطن لخرقهم لقوانين في دولهم فتم الزج بهم في السجن وإزاحتهم من مناصبهم مثلهم مثل غيرهم من الناس العاديين ذلك أن المناصب الهامة في الغرب لا تحمي متقلديها من العقاب في حال خرقهم للقانون .
وتكفل حرية الصحافة والإعلام هذا الأمر فتجد الصحافيين يترصدون أصحاب المناصب والنفوذ ويسلطون الضوء بأقلامهم على أي تجاوز للسلطات أو خرق للقوانين .. فكم من وزير أو رئيس أو مسؤول أقيل أو أجبر على الاستقالة لتورطه في فضيحة مالية أو جنسية أو سياسية .
فالمسؤولية هناك تكليف وتنتهي بانتهاء أمدها أو حدودها .. والمسؤول يعيش حياته العادية بين الناس . . بالقانون الذي يطبق على جميع الناس سواسية ويضمن حقوقهم ويضبط ما لهم وما عليهم .. ((
4– التكامل والتطور في مجال التربية والتعليم : حيث تجد المناهج متطورة ، وتقدم العلوم والتكنولوجيا بشكل مواكب للعصر فلا مجال لأن تجد نقصا في التجهيزات أو اكتضاضا في الأقسام أو نقصا في كفاءة المدرسين أو خللا على مستوى التسيير الإداري .. ينشأ الطفل هناك على حب العلم والمعرفة ويستعمل المدرسون وسائل حديثة ترغب التلميذ في الدراسة ... كما أنه لا مجال لقمع التلميذ واضطهاده فالعقوبات البدنية ممنوعة وحقوقهم مضمونة ولا مجال لتهميشهم فهم يعاملون باحترام ، ويجاب على كل أسئلتهم مهما كانت ، ويدرسون كل العلوم فليس هناك محظورات فكل شيء قابل للنقاش والمعرفة على أسس علمية دقيقة ومدروسة ... فيتعلم الطفل أساليب الحوار والديمقراطية وينشأ على السلوك الحضاري وينهل من العلوم والمعارف الحديثة ويتربى على الخلق والابتكار والإبداع ...
كما تشجع حكوماتهم البحث العلمي وترصد ميزانيات ضخمة لذلك فميزانية بعض المراكز البحثية مثلا تعادل ميزانيات الدول العربية مجتمعة ...
المحور الثالث : الأسباب التي أدت لتأخر العرب والمسلمين :
قبل أن نذكر الأسباب التي كانت وراء تأخر العرب والمسلمين عن اللحاق بركب التقدم والحضارة الحديثة ، نتحدث عن التفسير النظري لتوقف المدنية العربية الإسلامية : استناداً إلى حركة التاريخ يعلل المؤرخون ذلك قائلين
(( فالحق أن شعوبا عدة في منطقة شرق البحر المتوسط كان لها اليد الطولى في إرساء حضارة الإنسان ، قد تناوبت العمل والابتكار على مسرح التاريخ . فعندما أصبحت الحضارتان البابلية والمصرية ، اللتان بدأتا الخطوات الأولى ، في حاجة إلى قوة إبتكارية جديدة وجدتاها في عبقرية اليونان . وعندما أنحدر اليونان وتخلفوا وكادت تطمس حضارتهم وتضيع ، وجدت الحضارة العربية تلك القوة الخلاقة الدافعة التي تناولت المشعل الذي كاد ينطفئ وتخبو ناره ، فأشعلوه من جديد وخطوا به نحو غايات جديدة وأسلموه بدورهم إلى أوربا وهو في أوج اشتعاله وفي قمة نوره .
إن ما حصل هو وصول نموذج اجتماعي وحضري معين إلى نضجه وغايته. وكان هذا النموذج قد نما في حضن الثقافية العربية والدين الإسلامي . وعندما نقول "وصل إلى نضجه" ، فهذا يعني أنه استنفـذ طاقته الخلاقة ، ولم يعـد قادرا على الذهاب إلى أبعـد مما ذهب. فلكل نموذج حضاري حدوده التاريخية .))
بعد هذا نقول إن الدولة الإسلامية بما كان لها من حضارة ومدنية وقوة مسيطرة في العالم أجمع طوال خمسمائة عام ، وظلت هي الرائدة في المجال العلمي حتى القرن الثالث عشر ولمدة مئتي سنة أخرى ، يعزى تأخرها وتشتتها وتفككها السياسي للأسباب التالية :
1 – ضعف القيادات وتشتتها وفسادها : والمطامع الشخصية للأمراء وتنازعهم على الرئاسة والمناصب ، وظهور الخلافات السياسية والعصبية والنزاعات القومية والقبلية ، وانتقال السلطة أحيانا لغير العرب ( الفرس ، الترك ، والمماليك ) . كل ذلك أدى إلى انقسام الدولة الإسلامية الواحدة الموحدة إلى إمارات صغيرة متناحرة تغير بعضها على بعض ، حتى وصل الحال بأمراء بعض تلك الإمارات إلى التحالف مع الأعداء ضد إمارات أسلامية أخرى .
2 – الخلافات الدينية والمذهبية والتعصب الديني والطائفي : وضعف إيمان المسلمين مع مرور السنين والانصراف عن الدين الإسلامي كعقيدة . وظهور وتأول عقيدة القضاء والقدر التي أدخلتها الطرق الصوفية على أنها حتمية تاريخية لا مناص منها .
3– غزو المخربين المحترفين من المغول : (( فقد بدأ ( جنكيزخان ) حملته على خوارزم فأزال السلطة الإسلامية وخرب المراكز العلمية في بخارى وسمرقند وطشقند وهلك عام 627هـ / 1227م.
ثم جاء ( هولاكو) فأرسل جيشاً إلى بغداد عام 656هـ / 1258م نهب أموالها ودمر وحرق مكتباتها ودمر معالمها ومراكزها العلمية .
وبعد وفاته تبعه (أباقا ) الذي أرسل جيشاً إلى الشام ودخل حلب وخرب مكتباتها . ولكن قواته لم تلبث أن اصطدمت بقوات سيف الدين قلاوون سلطان مصر فانهزم جيشه سنة 680هـ/ 1281م ، وبعد ذلك انتهى دور المغول الذين حطموا معالم حضارة الدولة العربية والإسلامية ومؤسساتها العلمية والدينية والفكرية .
وفي النصف الثاني من القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي جاء تيمورلنك الذي لم يكن أقل نزعة إلى التخريب من المخربين المغول رغم انتمائه إلى الإسلام ، فقضى على أحفاد جنكيز خان الذين اعتنقوا الإسلام ، ثم دخل بغداد عام 795 ه / 1198م وأحل الإرهاب وأقام المذابح حتى أنه أقام هرماً من جثث القتلى ، ودمر المكتبات العلمية نهائياً ، وظل تيمورلنك مدة خمسة أعوام في بلاد العرب يمارس التخريب ، ثم زحف على موسكو حيث احتلها وعاد إلى حلب ليقتل ألوفاً من أهلها ، ثم إلى دمشق ليحرق المساجد والبيوت هناك ، كما اتجه إلى آسيا الصغرى وهزم السلطان العثماني عام 805 هـ / 1402 م واستمر في التخريب حتى مات عام 801 ه / 1398م . ))
وهكذا بقيت بلاد العرب والمسلمين مثقلة بالهموم يشيع فيها التخريب على مدى بضعة قرون ، دمرت المكتبات ومراكز التعليم فضاعت كنوز علماء العرب والمسلمين ولم يعد هناك من يواكب البحث العلمي من العلماء فعم الجهل ودخلت البلاد العربية والإسلامية عصر الظلام .
4– الاستعمار : لقد حكم الغرب المستعمر باعتباره القوة الأولى في الأرض على الأمة الإسلامية بالتخلف الدائم والتبعية المطلقة في كل شيء ، فخطط ولا زال يخطط لقمع كل حركة استرداد لتراث الأمة وحضارتها ، ويئد كل عمل للارتقاء والتقدم ، ويستعمل لأجل ذلك وسائل كثيرة ، من أجل ضمان تفوق الغرب الدائم المطلق في كل الميادين الحيوية ، مهما كلف ذلك من ثمن ، ولو كان الثمن الإفساد والإفقار ، بل ولو كان الثمن إزهاق الأرواح وسفك الدماء بغير حق . ويمكن حصر دور المستعمرين في تخلف العرب والمسلمين عن ركب المدنية والحضارة الحديثة بالأمور التالية :
أ– تقسيم وتفتيت البلاد العربية والإسلامية : حاول المستعمر منذ أن وطئت قدمه أرض العرب والمسلمين تقسيمها وجعلها دولاً متشرذمة عدوها نفسها، فرق بينها بوضعه الحدود وخلق في تلك الحدود ثغرات تكون موضع خلاف دائم بينها ، ففرق بذلك ما كان بينها من القيم الوحدوية ومباديْ المصير المشترك .
كما أنه بين حين وآخر لم يأل جهداً في حياكة بعض المؤامرات في الدولة الواحدة نفسها التي تكون سبباً لحدوث حروب طاحنة بين أبنائها لا يعرف القاتل فيهم فيما يقتل ولا المقتول فيما قُتل
ب– الاستعمار الثقافي والغزو الفكري التبشيري : إن ما قام به ويقوم به المستعمر والسائرون في ركبه من محاولات سلخ الأمة عن ماضيها وعزلها عن واقعها وتهميش دورها الحضاري وإضعافها مستقبلاً كان تمهيداً لتدميرها . كما وأنه تبني وشجع ألسنة وأقلام دعاة التغريب من أبناء جلدتنا إلى أن تنادي وتلوك عبارات مسمومة مثل أن سبب تخلفنا هو الإسلام ، منادين بمزيد من التبعية للغرب المستعمر ، والاستزادة من التخلص من تراثنا الفكري والتاريخي وأصالتنا الحضارية إذا كنا نروم التقدم ، موحين إلى المتلقي بدونيته وعدم أهليته في المنافسة الحضارية .
ج – توكيل عملاء للاستعمار : الاستعمار عندما رحل عن بلاد العرب والمسلمين فرض بدائل استعمارية أخرى ، فعين أذنابا عملاء يدينون له بالتبعية والطاعة والحفاظ على ما أرسى ورسخ . ثبتهم أجيالاً وأجيالاً في المناصب الحساسة من أجل تحطيم كل محاولات الخروج من العبودية للغرب المحتل .
فقام هؤلاء العملاء بتدمير محاولات الاستقلال والإصلاح السياسي والاقتصادي ، وتلاعبوا بالإعلام لصالحهم فسمموا الأفكار وخربوا التعليم وشوهوا عقول أجيالنا وناشئتنا وحطموا معنوياتهم وزرعوا عقدة النقص فيهم ، وزعزعوا مبادئهم وثقتهم بالنفس والأسرة والمجتمع وسلخوهم عن أصالتهم الدينية والحضارية والتاريخية والفكرية .
د – حاول الاستعمار احتكار التقنيات في أغلب المجالات لدى الدول الغربية أو التي تدور في فلكها ، ولا تصدرها إلى الدول النامية ( الدول العربية والإسلامية منها ) إلا بشروط وبقدر ، وبما لا يتعارض مع مصالحها . كما أوصلت الدول العربية والإسلامية إلى أن تكتفي بنقل تقنيات الدول المتقدمة صناعياً دون أن يستثير ذلك حركة بحث علمي تطبيقي وتطوير عناصر الخبرة والمعرفة التقنية داخلها .
هـ - تبني العقول الذكية وأصحاب الكفاءات من العرب والمسلمين : (( فقد تبنى الغرب سياسة تبني العقول الذكية بفتح المجال لها أن تبدع وتنتج ، على العكس من سياسة الشرق _ خاصة بلاد الإسلام – إلا ما ندر ، الغارق في مشاكله الخاصة ، الذي لا يفكر في تبني العقول الموهوبة ، مما يدفع بكثير منها إلى الهجرة إلى حيث الاحتضان والرعاية العلمية في الغرب ، وليس من العسير أن نبحث عن أعداد ليست بالقليلة من العلماء العباقرة من المسلمين يديرون مراكز علمية غربية ، طبية وفلكية وصناعية وغير ذلك ))
المحور الرابع : الأسباب التي تحول دون تقدم العرب والمسلمين في العصر الحديث :
1– ترك الدين : من الأسباب التي تبقينا متخلفين هو تركنا ديننا وراء ظهورنا، فلا حدود تقام ولا شريعة تطبق ولا أخلاق تحترم ولا قيم تنير لنا دروب الحياة .
يقول شكيب ارسلان ((نحن لا نُنكِر أثرَ الدِّين في المدنية، ولكنَّنا لا نُسلِّم بأنَّه لا يصحُّ أنْ يكون لها ميزان؛ وذلك لأنَّه كثيرًا ما يَضعُف تأثيرُ الدِّين في الأمم، فتتفلَّت من قُيوده، وتفسد أخلاقها، وتَنهار أوضاعُها، فيكون فَساد الأخلاق هو علَّةَ السقوط، ولا يكون الدِّين هو المسئول. وكثيرًا ما تَطرَأ عوامل خارجيَّة غير مُنتظَرة، فتتغلَّب على ما أثبتته الشرائع من حضارة، وتزلزل أركانها، وقد تهدمها من بوانيها، ولا يكون القُصور من الشريعة نفسها. فتأخُّر المسلمين في القرون الأخيرة لم يكنْ من الشريعة، بل من الجهل بالشريعة . ))
لذلك نحن مع القائلين أنه (( لايمكن أن يحكم البشر إلا بشريعة رب البشر ، فإذا أبعدت هذه الشريعة عن الساحة حكم البشر بسنن البشر ، والبشر عاجز وقاصر ))
2 – الخلافات الدينية والمذهبية والتعصب القومي والعرقى والطائفى : تجذر الاختلافات الطائفية والمذهبية ، واستحكام النعرات العرقية والقومية أبقت الأمة في حالة من التشرذم عدوها نفسها، وكما ذكرنا سابقاً ، زال بينهم ما يجب أن يكون من المودة والألفة والوحدة ، وحل محل ذلك التنافر والعداوة وربما حروب طاحنة ، يرفعون السلاح على بعضهم ولا يستطيعون رفعه على عدو يغتصب أراضيهم وينهب خيراتهم .
3– غياب الديمقراطية : (( في دول تفتقر لأبسط مقومات المجتمع المدني وتغيب فيها الحريات الفردية ويمارس على الناشطين الحقوقيين شتى أصناف التنكيل والقمع وتنتشر فيها البطالة والرشوة والبروقراطية وتهرب منها الأدمغة ويغامر فيها الشباب بحياتهم للهروب منها ... وفي دول تتوارث فيها الحكم فئة جاهلة ومستبدة تتلاعب بمصالح شعوبها الحيوية وتتاجر بقضايا الأمة وتركع أمام العدو .... وفي دول تقصي نصف المجتمع وتهمش القضايا المصيرية وتهتم بالقضايا التافهة والمصطنعة ... فكيف ثم كيف لها أن تتقدم وتتطور وتواكب سير التقدم والحضارة ؟ ))
4– الحجر على الحريات وترسيخ الخوف في نفوس الشعب : إبقاء الحكومات المتنفذة في البلاد العربية والإسلامية شعوبها ترزح تحت ظل أنظمة مخيفة مستبدة قاهرة . إنه الخوف الذي حكمت به تلك الأنظمة ، الخوف على الحياة والوظيفة والأسرة ومستقبل الأولاد .
وحين ينشأ الناس على الخوف والكبت والحرمان فلا حريات مكفولة ولا حقوق مضمونة ولا قانون يسود بين جميع الناس ، يتعطل التفكير ويجمد الإبداع وترى الناس عاجزين عن إبداء آرائهم بكل حرية بل ويميلون للشعوذة والدجل ويخلطون بين الأمور ويستندون على أفكار موروثة خرافية ليسوا مقتنعين بها في حواراتهم ونقاشاتهم ، ويمررون جهلهم لأطفالهم وهكذا دواليك .
5- عدم المساواة : يعيش العرب والمسلمون اليوم على الأطلال البائدة والأمجاد الضائعة ... وترى الناس في الجهل والضلالة يعمهون وفي وحل التخلف الفكري والحضاري يتمرغون ... فلا مساواة بين الأفراد ولا قانون يسود على جميع الناس بل يسلط هذا القانون على رقاب الناس الضعفاء ويستثني أصحاب المناصب والنفوذ وتعيش المرأة تهميشا وإقصاء كبيرين في مجتمع ذكوري يحكمه التعصب والجهل والفوضى .
6– استشراء الرشوة والفساد في إدارات الدول العربية والإسلامية : لقد أدى ذلك إلى أن أصبح المواطن فيها لا يستطيع إكمال معاملة شخصية أو إدارية إلا بعد أن يدفع رشوة تسهل عليه أمره ، وأصبحت جل الإدارات العمومية مغلقة في وجه العموم ، إلا من رحم الله من موظفيها. كما بات المواطن غريباً في بلده، لا يفهم شيئا مما يحصل حوله، إذا قيد إلى مخفر الشرطة للتحقيق معه في مسألة هو بريء منها حتى يثبت إدانته فيها، شبعوا فيه ضربا ولطما وصفعا وركلا كأنه يأخذ عقوبةً على ذنب هو لم يقترفه.
7 – عدم تجديد برامج التعليم والتربية وإهمال الإعداد الصحيح للنشىْ ، وانتشار الجهل والأمية بين أفراد الشعب ، وعدم إتباع الأسلوب العلمي التجريبي في حياة الأفراد وأعمالهم .
8 - فقد الثقة بالنفس : إن إعجاب كثير من العرب والمسلمين بالغرب ، واعتبارهم القدوة الصالحة في كل الأمور الحسنة والسيئة هزيمة نفسية . كما وان ما يعانونه اليوم من كره الذات أصبح يشكل ظاهرة خطيرة في وسط أجيالنا الشابة ، والذي كان نتيجة طبيعية للإخفاق في السيطرة على نموذج الحضارة الجديدة وبالتالي لعدم قدرتنا على تلبية الحاجات الجديدة والمتبدلة أيضا في إطار ثقافتنا ولغتنا لهذه الأجيال .
وأخيراً نقول إذا أرادت الأمة التقدم عليها أن تتجاوز موقع الضعف والتبعية والتخلف وانعدام السيادة التي تعيش فيه وذلك:
اولاً : الأخذ بكل مقومات تقدم الآخرين وأن تتجاوز الأسباب التي حالت دون تقدمها والتي ذكرناها في الفقرات السابقة .
ثانياً : العودة إلى حضيرة الإيمان ، فمن صدق إيمانه ، وانقاد إلى ربه وعمل صالحاً فإنه يتحرك بنور الله ، ويثبت على الحق والخير ، فلا تجذبه مظاهر الحضارات المنحرفة وبذلك تسلم مجتمعاتنا من الاضطراب الحضاري الذي يزعج انطلاقتها نحو الفعل الحضاري المنشود والسعادة الحقيقية .
ثالثاً : أن تثبت في نفوس الأجيال الصاعدة الجديدة حب الحق والسعي إلى الخير وكينونة حالمة ومستبشرة ومتفائلة وسط المحن ، وان تغرس في عقولهم الطموح المستنير المتجدد ، والتطلعات الإيجابية ، وروح الإبداع الحضاري .
رابعاً : عليها أن تقلد الغرب لا في التفاهات وثقافته العفنه وقيمه البالية وتخليه عن دينه الباطل، بل تقلده في توحده وانسجامه في احترامه للمواطن وإعطائه حقوقه، في العمل على ما يجمع الأمة لا على ما يفرقها، فإذا اجتمع ما عند الغرب مع ما عندنا من الإيمان والدين الحق والعمل به، عندها تستطيع الأمة أن تسود مرة أخرى إن شاء الله.
ولا يفوتنا أن نشير إلى للمحاولات الجادة من بعض الدول الإسلامية ، مثل ماليزيا وتركيا للتقدم وقد قطعوا أشواطاً مهمة في هذا المجال ، فتحرروا من هيمنة الغرب إلى حد ما، واستفادوا من الطاقات في الداخل ، فبدأت عملية التطوير عندهم تؤتي ثمارها ، فذلك ما يؤكد على أن التقدم الإسلامي غير محال ، وأن التحرر من الهيمنة الغربية ممكنة بحسن التخطيط للتقدم وحسن التخطيط للتصدي لكل ما يتخذه الغرب للحيلولة دون ذلك .
1- الدكتور عبد القادر حسين ياسين / مقال - الشبكة العنكبوتية .
2- أرسلان ، الأمير شكيب : لماذا تأخر المسلمون ؟ ولماذا تقدم غيرهم ، مطبوعات إدارة النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية ، الطبعة الجديدة .
3- لماذا تأخر المسلمون وتقدم الآخرون – مقال / الشبكة العنكبوتية
4- الزلمي ، الدكتور مصطفى : حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي – إصدار بيت الحكمة ، بغداد 1998 ص 32
5- السائح ، الشيخ عبد الحميد : حقوق الإنسان ( مقال ) – مجلة الوعي الإسلامي ، السنة 1 ، العدد 4 ، 1965 ، ص 27 .
6- أسباب تخلف المسلمين وتقدم الغرب وتراجع الحضارة العربية الإسلامية / مقال – الشبكة العنكبوتية
7- بو جمعة حدوش : لماذا تقدم الغرب وتأخر المسلمون ، مقال – الشبكة العنكبوتية .
8-لماذا تأخر المسلمون وتقدم الآخرون ( مقال – الشبكة العنكبوتية )
9- مقال منشور على الشبكة العنكبوتية
10- مظهر ، جلال : حضارة الأسلام واثرها في الترقي العالمي ، ص 286 .
11- أوجزنا ذلك عن ( الدفاع ، د. على عبد الله : أسباب ركود الحضارة العربية والإسلامية ، مجلة قافلة الزيت ،العدد 6 ، مجلد 30 ، ابريل 1982م .
12- أسباب تخلف المسلمين وتقدم الغرب وتراجع الحضارة العربية الإسلامية / مقال – الشبكة العنكبوتية – موقع أنصار السنة .
13- ما هي أسباب تخلف العرب وتقدم الغرب / مقال – الشبكة العنكبوتية .
الگاردينيا: الأستاذ الدكتور محمود الحاج قاسم محمد ، اهلا وسهلا بكم في حدائقنا ، ننتظر جديدكم بأذن الله .. نقول لكم:
989 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع