سعاد عزيز
حديث الاصلاح الذي إنتهى
لکل شئ فصله وموسمه وأوانه، وليس من المفضل والمستحسن وانما حتى الواجب إنجاز ذلك خلال ذلك العقد الزمني، فمرحلة الشباب مثلا، يمکن للإنسان أن يستفاد منها ويبني لمستقبله ومستقبل عائلته مثلا، ويتحوط لأيام ضعفه وعجزه، لأنه إذا ما مرت مرحلة الشباب فإن الامور ستصير أصعب في المرحلة التي تليها، وحتى في الکثير من المسائل والقضايا السياسية والاقتصادية فإن هناك فترات هي الافضل للإقدام عليها وهذه الفترات بمثابة الفرص ويجب إنتهازها، کما قال الامام"إنتهزوا الفرص فإنها تمر مر السحاب".
مزاعم الاصلاح التي دأبت شخصيات سياسية في إيران إطلاقها وخصوصا الرئيس الاسبق محمد خاتمي و من بعده روحاني، ومع کل الصخب والضجة التي رافقتها وترافقها وعلى الرغم من کل تلك"المواجهات التصريحاتية" بين أجنحة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، فإن الذي يثير السخرية کثيرا هو إن أي إصلاح أو إعتدال فعلي أو واقعي لم يتم وإنما بقيت رهينة"التنظير" و محصورة في إطار"الوعود"، ولاغرو فإنه لو کان محمد خاتمي قد بادر فعلا للقيام بإصلاحات حقيقية ملموسة خصوصا وإنه قد کان رئيسا لدورتين أي خلال العقد الاخير من القرن الماضي، فإن الامور والاوضاع في إيران کانت ستختلف، ونفس الشئ عن روحاني عندما إستلم زمام الامور في آب/أغسطس2013، لکن وبعد کل المصائب والمآسي والاخطاء السياسية والاقتصادية الشنيعة التي إرتکبها النظام فإن الحديث عن الشروع بالاصلاح خلال الفترة الحالية من أجل تلافي سقوط النظام، هو حديث إنتهى مفعوله تماما!
عندما يطالب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، النظام الحاكم بإجراء إصلاحات لتجنب السقوط، ويحث على إتخاذ خطوات "لكسب ثقة الناس والكف عن التعامل بعنف معهم"، مٶکدا بأنه"إذا لم يتم إصلاح النظام، فإنه محكوم بالفشل"، فإن هذا الکلام لم يعد له من بريق وقوة وتأثير لأسباب کثيرة ومتباينة نحاول أن نورد أهمها لأنه وکما يبدو لايزال هناك من يتنتشي طربا لهکذا مزاعم عاقدا عليها الآمال في حين إنها ليس إلا کسراب بقيعة أو کمزنة صيف لاأکثر!
ماسر رفع الحظر الاعلامي الذي کان مفروضا على خاتمي بأمر من المرشد الاعلى، في هذه الفترة تحديدا کما أشاعت أوساطا سياسية مطلعة على الشأن الايراني؟ ومن هنا فإن موقف خاتمي هذا الذي يدعو من خلاله للإصلاح مجددا، تثار الشبهات حولها وحتى تبدو بمثابة مهمة جديدة موهولة به من أجل إنقاذ النظام وإخراجه من مأزقه الحالي، وذلك من خلال إستغلال دور وحجم ووزن خاتمي داخليا وخارجيا لصالح النظام وإلهاء الشعب الايراني والمجتمع الدولي مرة أخرى بکذبة الاصلاح!
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بدد أکثر من 800 مليار دولار على مخططات ومشاريع لم تنفع البلاد والشعب الايراني بشئ وانما أدخلته في معمعة هو في غنى عنها کما في معضلته في سوريا وبلدان المنطقة الاخرى والتي يرفضها الشعب الايراني والمقاومة الايرانية ويطالبان بإنهائها، وعندما يتم السعي لإصلاح الامور والاوضاع فإن هناك حاجة ماسة للأموال في حين إن الخزينة الايرانية تبدو في حالة يرثى لها، کما إن الاصلاح من حيث إطلاق الحريات، لايبدو هناك في الافق أقل أمل بشأنه خصوصا بعد أن کثر الحديث"السلطوي"في طهران بشأن وجود مٶامرة أمريکية ـ إسرائيلية ـ سعودية ـ مجاهدي خلق وراء الاحتجاجات الشعبية الايرانية وهناك مسعى واضح للمزيد من القمع والتصعيد التعسفي.
السبب الآخر والاهم برأينا والذي يجعلنا نٶمن بعدم جدوى تصريحات خاتمي، هو إن الشعب الايراني، قد رفض نظرية الاصلاح والاعتدال کما رفض"نظرية ولاية الفقيه"برمتها، فالنظام کله صار مرفوضا لديه وقد رفع شعارات تٶکد ذلك بکل وضوح، کما إن هناك أمور وتطورات أخرى ملفتة للنظر منها إن العالم صار ينتبه ويستمع لصوت الشعب الايراني ويعلن تإييده ودعمه له، وفوق ذلك کله فإن تصريحات خاتمي تأتي في وقت تقوم فيه المعارضة الايرانية بتنظيم ملتقى دولي في 30 عاصمة ومدينة رئيسية في أوربا وأمريکا الشمالية في 25 من الشهر الجاري بخصوص الذکرى الثلاثين لمجزرة صيف عام 1988 التي تم خلالها إعدام 30 ألف سجين سياسي في إيران، الى جانب الترکيز على ملف حقوق الانسان في إيران والاحتجاجات الشعبية فيها، فأي جدوى سيکون لکلام خاتمي في ظل کل ماقد أسردنا ذکره!
918 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع