التلوث البيئي في العراق كارثة لابد من مواجهتها

                                                

                         د.هيثم الشيباني
                          خبير في البيئة

           

    

      التلوث البيئي في العراق كارثة لابد من مواجهتها

1.المدخل :
تناولنا في مقال سابق كارثة التصحر في العراق , ووجدنا أن محنة التلوث البيئي في العراق ذات صلة وثيقة بالتصحر , وأن التصدي لها بحاجة الى دراسات معمقه وتحليل دقيق أملا في التوصل الى حلول عمليه وملموسه تبعث على التفاؤل نحو مستقبل مزدهر يعيد صورة العراق الأخضر , والذي عرف في الماضي بأرض السواد .
ان الرعب البيئي مختلف عن رعب الجرائم الجنائيه المتداوله, لأن هذا النوع يمشي في خطى بطيئة بفعل الأثر التراكمي الذي تتصف به الاضرار البيئية .
وسوف لا تتسع صفحات مقال واحد لتغطية كافة ملفات التلوث البيئي , منها معضلة النفايات ومعضلة المجاري ومعضلة التلوث الأشعاعي , الا أن كاتب المقال قرر الأكتفاء بتناول بعضها , أملا في تناول ما تبقى في مقالات قادمه ان شاء الله .
2. نبذه تأريخيه: حماية البيئة في التشريع العراقي
ان المتتبع لحضارة وادي الرافدين يجد صورة الجانب البيئي واضحة في الكثير من المراجع , فقد عبر فنانو حضارة وادي الرافدين عن استلهامهم لنظم البيئة الطبيعية, حسب ما يظهر على الرقم الطينية التي عكستها هذه الحضارة , ووجدنا أن الملك حمورابي يؤكد على عماله في الاهتمام بمياه النهر وضفافه .


نشأت الدولة العراقية الحديثة بعد نهاية الحكم العثماني وظهور المملكة العراقية, ولم يذكر القانون الاساسي العراقي لعام 1925 البيئة ضمن نصوصه, لكن صدرت عدة قوانين تهتم بجوانب معينة من البيئة خاصة الصحة والنظافة , مثل : قانون الاشراف على الحرف ذات الروائح الكريهة رقم 42 لسنة 1931.
وقانون تصريف المياه الوسخة رقم 29 لسنة 1934 ,وقانون تنظيف الشوارع ونقل الازبال وازالة المكاره رقم 4 لسنة 1935 ,وقانون منع تلويث الانهار رقم 4 لسنة 1935 ,وقانون المحلات المضرة بالصحة العامة رقم 11 لسنة 1936.
اما بعد 14 تموز 1958 وقيام النظام الجمهوري , فقد صدرت تشريعات تخص الصحة ولم يصدر تشريع يخص البيئه لغاية عام 1974.
وعلى المستوى التشريعي فقد كان العراق من أوائل الدول العربية التي فكرت في حماية البيئة والحد من تدهورها , وجاء ذلك عقب مشاركة العراق في مؤتمر استوكهولم للبيئة البشرية عام 1972.
فشكلت الهيئـة العلـيا للبيـئة البشرية , بموجــب أمر ديــوان الرئاسة المرقم 2411 فـــي 10/3/1974, و أنيطت رئاسة الهيئة بوكيل وزارة البلديات وبعضوية ممثلي الدوائر ذات الصلة بالبيئة.
مارست تلك الهيئة مهام عملها لمدة أكثر من عام ونصف , حتى صدر قرار لمجلس قيادة الثورة (المنحل) آنذاك والمرقم 1258 في 19/11/1975 , لتشكيل المجلس الأعلى للبيئة البشرية بإعتباره الجهة المركزية لحماية البيئة وأنيطت رئاسة المجلس بوزير الصحة وعدلت تسميته لتصبح مجلس حماية البيئة. إرتبطت بهذا المجلس دائرة عرفت بأسم دائرة الخدمات الوقائية والبيئية وهي من دوائر وزارة الصحة , ثم صار أسم هذه الدائرة دائرة الوقاية الصحية وحماية البيئة مع الابقاء على المجلس , وكان من بين أهم تشكيلات الدائرة المذكورة هو مركز حماية البيئة الذي كان الذراع التنفيذي للمجلس , وتمت تلك التغييرات أثر صدور قانون مجلس حماية وتحسين البيئة المرقم 76 لسنة 1986, الذي حدد ارتباط مجلس حماية وتحسين البيئة بنائب رئيس الجمهورية , وبقى نافذ المفعول لغاية 1997 , حيث صدر القانون رقم (3) لسنة (1997) قانون حماية وتحسين البيئة والذي ربط مجلس حماية البيئة بمجلس الوزراء.
(بدأ تعاوني ثم استمرضمن المجلس بصفة خبير في البيئه منذ تأسيسه لغاية نهاية عام 2000)
اما وزارة البيئة فقد تأسست في العراق بعد الاحتلال الذي حصل في عام 2003 بموجب امر سلطة الائتلاف المؤقتة (44) لسنة 2003 .
وتطبيقاً لذلك صدر قانون وزارة البيئة رقم 37 لسنة 2008 , ليبين هيكلية واختصاصات هذه الوزارة والاهداف التي تسعى لتحقيقها والمهام الملقاة على عاتقها , ثم تلاه قانون حماية وتحسين البيئة رقم (27) لسنة 2009 حتى تكتمل العملية التشريعية الخاصة بحماية البيئة , حيث اصبح مجلس حماية وتحسين البيئة مرتبطاُ بوزارة البيئة .
ان تشكيل وزارة البيئه و المهام التي أنيطت بهذه الوزارة , كان يشعرنا بالتفاؤل الشديد اذ أن الحفاظ على البيئه يستحق اهتماما يرقى الى درجة تشكيل وزاره , وصدورقانون باسمها يتضمن تفاصيل كثيره تبدأ من الهيكل التنظيمي وتنتهي بالأسباب الموجبه.
الا أن الدوله اتخذت قرارا بالغاء وزارة البيئه ودمجها تحت مظلة وزارة الصحه ونطالب بمراجعة هذا القرار لأسباب تنظيميه وعلميه واداريه .
3. مخاطر التلوث البيئي ونقص المياه في العراق
هناك ترابط كبير بين مخاطر التلوث البيئي ونقص المياه في العراق ,وكي يتوضح هذا الترابط نطلع على المقابلة التي أجرتها فضائية الجزيره مع الدكتور وائل عبد اللطيف عضو أول مجلس حكم بعد احتلال العراق , وعضوالبرلمان العراقي لعدة دورات , والدكتور علي العموري رئيس الجمعيه العراقيه للاداره والتنميه الصحيه , ونشرت الحوار التالي :
لقد بدأت تظهر في الآونة الأخيرة آثار نقص المياه ومياه الشرب بالإضافة إلى انتشار الأمراض المزمنة والخطرة , يترافق ذلك مع قلة الخدمات , فما مستوى الخطر البيئي والصحي في العراق؟ وما هي مسبباته وأبرز آثاره؟
فتحدث الدكتور وائل عبد اللطيف , كذلك الدكتور علي العموري.
لقد صنفت بغداد حسب مؤسسة ميرسر العالمية من حيث الجانب البيئي أنها صعبة العيش (كمؤسسة معنيه بتقييم مستوى مدن العالم المعيشي) , وهنالك اشكاليات في البنى التحتية منذ 2003 وحتى هذا اليوم , وهناك أزمة الكهرباء , وهناك موضوع المجاري والنفايات .
اتهمت السلطه البيئة العراقية كل من وزارتي النفط والكهرباء بتلويث البيئة بسبب عدم معالجة مخلفاتهما حيث تصرف بشكل مباشر الى مياه الأنهر , وهو أمر أدى إلى ارتفاع نسبة الملوثات فيها , وكذلك حذرت عدد من المنظمات من ارتفاع الملوحة في معظم محافظات الجنوب فصارت التربة غير صالحة للزراعة , وفي موضوع التلوث في العراق فقد نشرت صحيفة التايمز البريطانية أن القوات الأميركية العائدة إلى بلادها بعد سبع سنوات ونيف تركت وراءها كما هائلا من المواد السامة , و ما لا يقل عن خمسة آلاف طن من النفايات السامة بما فيها بقايا اليورانيوم المنضب المشع , في أكثر من ثلاثمئة موقع كانت تشغلها هذه القوات في العراق , وهذا ما يعتبره ذوو الاختصاص مشكلة بيئية وصحية سيظل يعاني منها العراق الى مستقبل غير منظور .
أضاف الدكتور وائل عبد اللطيف أن الهموم العراقيه كثيره , منها مسألة الزراعه ومياه الصرف الصحي , ونقص المياه مما يوثر على انتاج الطاقة الكهربائيه.
وأكد د.وائل أيضا معاناة العراق في الحصول على المياه من ايران وتركيا .
يقول علي العموري: ان انخفاض مستوى المياه الناجم عن تناقص في حجم المياه الواردة من الدول المحيطة في المصبات المائية لنهري دجلة والفرات , يؤثر على حق السكان في الحصول على ماء صالح للشرب , وهناك تناقص في نسبة السكان الذين يحصلون على ماء صالح للشرب في العراق , ووفقا لوزارة الصحة العراقية هناك حوالي 80% من السكان العراقيين فقط يحصلون على ماء صالح للشرب , هذا إذا افترضنا أن هذا الماء فعلا صالح للشرب لأن الاختبارات التي تجرى على هذه المياه أثبتت أن هناك نسبة كبيرة من هذه المياه غير صالحة للشرب .انها تصل إلى المناطق المختلفة ولكنها غير صالحة للشرب وبالتالي هذا ينجم عنه الكثير من المشاكل الصحية التي يعاني منها المجتمع العراقي , مثل تفشي الكوليرا في العراق , وان العراق مرشح في أي لحظة لظهور وباء بسبب انتقال مجموعة من الأمراض عبر المياه , خصوصا أن المياه ناقل رئيسي لكثير من الأمراض.
صدر تقرير التنمية البشرية لعام 1993 المنبثق عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي , الذي ذكر إن نسبة الأشخاص الذين كانوا يجهزون بمياه مأمونة وصالحة للشرب بين عام 1988 حتى 1993 هم 93% من مجموع سكان العراق , لكن الآن هبطت النسبة الى 80% .
و إذا ابتدأنا من التواريخ التي ذكرت في تقرير التنمية البشرية منذ ذلك الحين والعراق واقع تحت تأثير الحصار الاقتصادي لمدة 13 عاما ثم الاحتلال في 2003 ثم الوضع السياسي المضطرب خلال السنوات اللاحقة من 2003 إلى يومنا هذا , كل هذا مترافق مع زيادة مضطردة في حجم السكان , وهذا في غياب إستراتيجيات واضحة المعالم قصيرة و متوسطة وطويلة المدى , لتأمين الماء الصالح للشرب للسكان مما أدى إلى انخفاض في نسبة السكان الذين يحصلون على ماء صالح للشرب. وفي المعدل العام فان المسوح التي أجرتها كل من وزارة التخطيط ووزارة الصحه ومنظمة الصحة العالميه تشير الى تراجع في نسبة السكان الذين يتناولون الماء الصالح للشرب , وان مشاكل العراق الحقيقة كثيرة جدا , ويفتقد إلى قاعدة بيانات إحصائية لعدد نفوسه على الأقل , و هذه أبسط معلومة إحصائية , فكم عدد النساء ؟ وكم عدد الرجال ؟ وكم عدد الأطفال ؟ يعني قاعدة للبيانات . ان هذه المعلومات ربما متوفره في داخل المدن فقط , أما الأهوار والريف فمن الصعب الوصول إليها . وبكل الأحوال فان هؤلاء السكان يشربون من مياه النهر بشكل مباشر وعن طريق أكف اليدين فقط , فكيف ينهض البلد دون معلومات احصائيه دقيقه ؟ . أما وضعنا في الماء خلال الستينيات والسبعينيات و الثمانينيات والتسعينيات فقد كان أفضل , والأسوأ بدأ من عام 2000 حتى هذا الوقت , ونجد العدد الهائل جدا من أبناء العراق يلجأ إلى صنابير المياه وهي غير صالحة للشرب أو يلجأ إلى مياه النهر.
مسببات الأزمة وآثارها ومؤشرات تزايد المخاطر
نتعرف على بعض الأرقام التي تتحدث عن الوضع البيئي والصحي في العراق:
- تبلغ الكثافة السكانية في العراق 436 شخصا لكل ألف هكتار وهي كثافة منخفضة نسبيا بالمقارنة مع بعض الدول المجاورة.
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 1993: نسبة الأشخاص الذين كانوا يجهزون بمياه مأمونة في العراق للمدة 1988- 1993 نحو 93% من المجموع العام للسكان.
- يوجد في العراق 30 محطة فقط لمعالجة مياه المجاري تعمل دون حدود الكفاءة المقبولة وبعض المحافظات لا توجد فيها أي محطات.
- يضخ يوميا في نهر دجلة من مياه الصرف الصحي الفجة (غير المعالجة) نحو 1500 مليون متر مكعب .
- منظمات دولية: حجم التلوث الإشعاعي الذي تعرض له العراق يفوق التلوث الإشعاعي الناتج عن قنبلتي هيروشيما وناكازاكي.
- مستشفى البصرة: نسبة الإصابة الحالية بالسرطان بين الأفراد ضمنها سرطان الدم وسرطان الثدي كبيرة جدا.
ان مياه نهري دجلة والفرات الآن قد انخفض منسوبها, و مياه الصرف الصحي تعود إليها من غير معالجة و المصانع والمعامل ترمي فيها النفايات , وذلك يشكل خطورة مباشرة وغير مباشرة , مباشرة عبر شرب المياه الملوثة يعني لا توجد تقريبا معالجة حقيقية لمياه الصرف الصحي , أو مياه المعامل , أو أي نوع من المخرجات المائية , التي ترمى مباشرة إلى نهري دجلة والفرات , وبالتالي كل ما يؤخذ من دجلة والفرات ممكن أن يشربه الإنسان بشكل مباشر أو غير مباشر , أو أن يذهب إلى الأرض أو تأخذه الحيوانات وهذه الحيوانات بالنتيجة يتغذى عليها الإنسان , فبالتالي هناك الكثير من المخاطر الصحية الناجمة عن تلوث المياه. في نفس الوقت تجد مناطق كثيرة غير مخدومة بأنابيت المياه الصالحة للشرب , اضافة الى التخسفات الحاصلة في مياه المجاري والاختلاطات التي تصير ما بينها وما بين المياه الصالحة للشرب.
يضاف إلى ذلك فقد انتشرت في مناطق جنوب العراق وسائل بديلة , منها المياه الجوفية وهذه المياه الجوفية ليست مأمونة.
عندما أجرت السلطات البيئيه كشفا على المياه في محافظات العراق المختلفة وجدت أن هناك سبع محافظات , فيها الماء غير صالح للشرب وفيه أمراض كثيرة , وممكن أن تنقل عبر هذه المياه في بغداد العاصمة والأنبار و النجف والقادسية وكربلاء إضافة إلى ذي قار والمثنى .
ويرى الدكتور وائل عبد اللطيف أن مع انخفاض منسوب نهري دجلة والفرات , تتسع ظاهرة التصحر وتزداد نسبة الملوحة في المياه .
وأكثر المناطق تتضررا بهذا الوضع هي الفرات الأوسط والمنطقة الجنوبية البصرة والعمارة والناصرية , حيث إن مياه الفرات تصلها مياه مالحة , أما مياه دجلة فهي قليلة وبالتالي يمكن عبر ظاهرة المد والجزر أن تصعد المياه المالحة من البحر العربي لتصل تقريبا إلى مناطق العمارة . ان هذه المياه طيلة الفترة الماضية لم تكن لتصل إلى هذه المناطق وكانت المياه عذبة صالحة للشرب , و كان المواطن يأخذها من الأنهار وهي صالحة للشرب دون معالجة , ولكن في الوقت الحاضر حتى المياه المعالجة تعتبر مياه ملوثة , فكثيرا ما ترتبط مع مياه الصرف الصحي , والأمر خطير اذا فكرنا في عام الهدف الذي يطلق عليه العام 2025.
ويذكر في بعض التقارير إن سوريا تريد أن تستخدم مياه دجلة لمعالجتها والاستفادة منها في مائتي هكتار في الأراضي السورية أو أكثر , وهذا سيؤثر على المياه في العراق .
يعقب الدكتور وائل عبد اللطيف: في سنة الهدف 2025 سوف لن يصل إلى العراق إلا مليار متر مكعب من المياه سنويا والعراق يحتاج إلى مائة مليار متر مكعب , وهذا النقص كبير جدا وينذر بخطورة على نهري دجلة والفرات على السواء , و إذا ذهبنا إلى بحيرة الرزازة نجد عدة بحيرات وليس بحيرة واحدة , وهذا يعني أن جرس الخطر بدأ يدق على الأرض العراقية , فعندما تعالج الموضوع يستوجب هذا تغييرا كاملا في أنظمة المياه أضف إلى ذلك أن كل محطات الكهرباء تحتاج إلى مياه نقية تماما وهذا غير متوفر. وأخيرا فأن كل مياه المعامل ومياه الصرف الصحي تبدأ بالانحدار من شمال العراق إلى جنوبه وصولا الى البصره .
وهناك أمراض محددة تنقلها المياه من ضمنها التيفوئيد و الديزنتري والكوليرا وهذه الأمراض تصيب الأطفال , وبالتالي فان العراق واحد من الدول الأكثر ارتفاعا في معدل ارتفاع وفيات الأطفال الرضع والأطفال دون سن الخمس سنوات , وإذا أردنا أن نخرج بخلاصة فإنه لا توجد لحد الآن بشكل واضح وملموس إستراتيجية بعيدة المدى إلى عام 2025 لتحقيق الهدف . نحن نؤمن أننا إذا وفرنا الفرصة لأولادنا وأطفالنا بالحصول على ماء صالح للشرب بأقل نسبة من الخطورة , فذلك يعني أننا قد عالجنا المشكلة من بدايتها .

4. الأمراض السرطانية وأمراض أخرى بعد عام 2003
يقول الأطباء: إنهم يجدون صعوبة في التعامل مع ارتفاع الإصابات بالسرطان والأورام , خصوصاً في المدن التى تعرضت للقصف الثقيل بأسلحة اليورانيوم المنضب في بدايات حرب عام 1991 وعام 2003 . لقد ظهر خطر جديد يفتك بكثير من النساء والرجال والشيوخ والأطفال الرضع ,حيث أفاد أحدث تقرير طبي صادر عن وزارة الصحة بأن نحوَ 164 ألف شخص أصيبوا بالسرطان خلال السنوات الماضية .وذلك يتفق مع التقرير الذي أعد في عام 2012 م من قبل عدد من المتخصصين بأمراض السرطان .
وكي لا تضيع الصورة أمام أي فريق يشرع بالدراسة والتقيم والمعالجه للأمراض السرطانيه يجب أن لا يكون التفكير محصورا بأن الأشعاع هو السبب الوحيد للأمراض السرطانيه , فعلى سبيل المثال ورد في تقرير منظمة الصحة العالمية لرصد الأمراض السارية والأمراض الجديدة في الشرق الأوسط , وفي برنامج أقرته قبل بضع سنوات , برصد ومتابعة الأمراض الجديده في المنطقة , وأمكن رصد أكثر من 200 مرض سار و120 مرضاً جديداً تعد نتاجاً لتطور بكتيريا , أو فيروس ,أو دخول مواد كيميائية , أوتراكم مواد أخرى. وقد رصد البرنامج الإقليمي 60 مرضاً وبائياً في مناطق مختلفة من العراق.
لقد جاءت الخارطة الخاصة بالأمراض في العراق ووفقا لوحدة البحوث الطبية الأميركية الميدانية على الشكل الآتي :
- بغداد/ البصرة/ النجف/ كربلاء/ ديالى , ظهور أمراض انتقالية ووبائية خطيرة , وسجل في هذه المحافظات ظهور 33 مرضاً جديداً.
- بغداد/ البصرة/ النجف/ كربلاء/ وديالى/ واسط/ ميسان والأنبار , شهدت ظهور امراض سببها الاشعاعات ومنها اليورانيوم المنضب , وبقايا المنشآت العسكرية العراقية السابقة التي قصفت إضافة إلى بقايا المقذوفات الأميركية بمختلف أنواعها وأسباب أخرى.
- الناصرية/ البصرة/ الديوانية/ , كربلاء/ الحلة/ بغداد/ ديالى/ واسط/ ميسان وصلاح الدين , ظهور أمراض سارية ومعدية انتقالية و11 مرضاً جديداً.
- حلة/ ميسان/ بغداد/ الناصرية/ البصرة وديالى , ظهور أمراض وبائية معدية وأخرى غير معدية.
بدأت بعض الأمراض تتفاقم يوما بعد يوم , حتى أن أمراضاً تعد الأولى من نوعها في العالم قد استوطنت: كداء الفقاعة , والأنوسيميا , وتجلط المراهقين والشباب.
هذه صورة بيئة عراقية ملوّثة خلال السنوات الماضية , مع خريطة وبائية مخيفة بشهادات دولية. إنه غول الأوبئة يستوطن أرض الرافدين , أمراض غريبة استوطن بعضها جنوب العراق تحديداً فيما انتشرت في معظم المحافظات الأخرى فيروسات لم تعد تكترث لحقن المضادات الحيوية بعدما كيفت نفسها طوال السنوات الماضيه .
5. التلوث والملوحة في محافظة البصره :
نشرت صحيفة الزمان في عددها الصادر يوم 31 – 8-2018 مقالا بعنوان
المأساة تكبر كل يوم.. المياه المالحة والملوثة تأتي على كل ما في طريقها بالبصرة
لقد وصفت يونس سليم على سرير جناح الطوارىء في مستشفى البصرة العلاج , إثر إصابته بتسمم سببه المياه الملوثة كما هو حال آلاف العراقيين من أبناء هذه المحافظة الجنوبية.
فيما يشهد العراق نقصا كبيراً في منسوب المياه بسبب الجفاف , تعيش البصرة وسط معاناة المياه الملوثة والمالحة, ونقص الخدمات العامة وانقطاع التيار الكهربائي وفتحات مجار مفتوحة, وتلوث الهواء بسبب مشاعل احتراق تنتشر في حقول نفطية في المنطقة , نظرا لارتفاع ثمن المياه المعدنية , ويتلقى البعض حقن لمعالجة الجفاف الذي أصابهم بسبب الأسهال الحاد.
يقول مدير عام دائرة الصحة في البصرة رياض عبد الأمير لفرانس برس : منذ 12 اب/أغسطس : استقبلنا أكثر من 17 ألف حالة إسهال ومغص وتقيؤ في محافظة البصرة . وقال إنه لم يواجه مثل هذه الأزمة على مدى أحدى عشر عاما من عمله .ان المياه الصحيه مكلفة للغايه.
لقد أصبحت مياه الخليج المالحة تتقدم لمسافة 40 كيلومتر داخل مجرى النهر شمال مدينة البصرة .
لقد قامت تركيا وإيران بانشاء سدود على الأنهار التي تصب في العراق, الامر الذي أدى الى انخفاض حاد في منسوب المياه, مما تسبب في تغييرات بيئية و ارتفاع نسبة الملوحة , اضافة الى النفايات التي يحملها النهران بينها مياه صرف صحي.
ففي البصرة , تتدفق مياه الصرف الصحي عبر قنوات مفتوحة الى شط العرب , بالاضافة الى مواد ملوثه سببها الصناعات النفطيه الايرانيه.
ويقول فيصل عبد الله عضو مفوضية حقوق الانسان الحكومية : إن شط العرب أصبح مكباً للنفايات, ولم تجدد محطات المعالجة منذ 15 عاما.
وتدعو المفوضية الى إعلان البصرة محافظة (منكوبة).
يقول عبد الله من المفترض ان يصل المحافظة 75 مترا مكعبا من المياه في الثانية الواحدة, لكن ما يصل فعلا هو 59 متراً مكعبا في الثانية ,وفي مكان آخر كان هناك مئات من الأسماك المتفسخة بفعل حرارة الشمس على ضفاف البحيرة فيما تطفو أخرى على سطح المياه التي تتغذى من نهر دجلة.
يقول كاظم الغيلاني وهو مهندس زراعي أن كثافة الملوحة تبلغ 12 مليغرام لكل كيلوغرام من الماء ,والطبيعي أن تتراوح الكثافة بين 1 الى 5,1 مليغرام لكل كياوغرام ماء.
وأعرب الطبيب عبد الأمير عن قلقه من المياه المالحة ذات التركيز المنخفض جداً من الكلور, في ظل درجات حرارة منخفضة متوقعة خلال موسم الخريف ، فتشكل أوساط ملائمة لظهور الكوليرا.

6. العواصف الترابيه :
تضطر غفران حسين وعمرها خمس وعشرين عاما وهي خريجة قسم علوم الحياة , الى مراجعة الصيدلية مع عدد من كبار السن الذين يعلو سعالهم وعطاسهم كلما اشتدت الاجواء صفرة مع هبوب العواصف الترابيه. كذلك تهرع فاطمة للاسراع باستلام الكمامات وبخاخ الهواء , لمواجهة نوبات الربو المصابة به منذ صغرها .كما يرتفع تلوث الهواء بسبب عوادم السيارات ومولدات الطاقة الكهربائية وغيرها من الأنشطة الصناعية الأخرى , كذلك مصانع الأسلحة قبل عام 2003 ومواقع الطاقة الذرية ومختلف أنواع الأسلحة والذخائر خلال الحروب.
هناك تقرير دولي خاص بالبيئة العراقية , أعده فريق من الباحثين الأميركيين في مركز دراسات الحرب في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية , أشار إلى أن الغبار في العراق يحتوي على 37 نوعاً من المعادن ذات التأثير الخطير على الصحة العامة , إضافة إلى 147 نوعاً مختلفاً من البكتيريا والفطريات التي تساعد على نشر الأمراض , بحسب دويتشة فيله ) هي الإذاعة الدولية لألمانيا إلى العالم الخارج ( .
بينت وزارة الصحة ان ارتفاع مستويات التلوث في العراق سببت ارتفاع نسبة الامراض المرتبطة بالجهاز التنفسي.
و تخضع المستشفيات العراقية إلى حالة إنذار قصوى لاستقبال مئات المرضى المصابين بحالات اختناق عند هبوب العواصف الترابية , وذكرت مصادر طبية في بغداد ومدن عراقية بأن أكثر من 4360 شخصاً نقلوا إلى مستشفيات عدة بسبب حالات ضيق التنفس الناجمة عن تلك العواصف التي ضربت ربوع العراق منتصف يونيو/ حزيران 2016 فقط. بحسب دويتشة فيلة.
أما مركز الإشعاع والطب النووي التابع لوزارة الصحة فقد كشف ارتفاع حالات السرطان بعد تسجيل الاف الحالات السرطانيه في البلاد خلال عام 2010.كما أن التلوث في العراق سبب زيادة الإصابة بالأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية وشلل الأطراف واضطراب الأعصاب , بالإضافة إلى أمراض الجهاز التنفسي والعقم , وكذلك انخفاض معدلات الأعمار في المجتمع العراقي , بالإضافة إلى كثرة الإصابة بالأمراض المزمنة التي تصيب الصغار والشباب بعد أن كانت تصيب الإنسان بمراحل متقدمة من العمر.
اشتدت آثار التلوث في العراق خصوصا بعد حربي الخليج الأولى (1980-1988) والثانية 1991 , حيث سقطت آلاف الأطنان من القنابل التي يحتوي بعضها على اليورانيوم المنضب , وكذلك تجفيف الأهوار وتحويلها إلى أراضٍ غير صالحة للزراعة وقطع الأشجار وتدمير الغابات في وسط وجنوب البلاد.و أكدت وزارة الموارد المائية : أن حجب المياه الدولية المتدفقة إلى العراق من دول الجوار , والإهمال الشديد لمشاريع استصلاح الأراضي وتدهور المستصلح منها , وكمية التبخّر الكبيرة الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة في العراق وقلة كميات الأمطار الساقطة ,زادت من ظاهرة تلوث المياه والتربة وتركيز الأملاح في مياه النهرين .
وأظهرت الاستطلاعات الميدانية والقياسات التي أجراها فريق من مركز أبحاث اليورانيوم الأميركي , بالتعاون مع جهات علمية دولية أخرى , وأجرى مسحا موقعيا لبعض مسارح العمليات العسكرية في وسط البلاد وجنوبها , أن ارتفاع مستوى التلوث الإشعاعي في مناطق شاسعة من بغداد ومناطق جنوب العراق كان واضحا , حيث بلغ عشرة أضعاف المستوى الطبيعي. بحسب موقع العربي الجديد (مشروع اعلامي عربي يصدر في لندن ),

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9

وأن الدقائق المشعة التي يحملها الغبار والهواء من النوع الدقيق الذي يسهل استنشاقه وترسبه وبقاؤه في حويصلات الرئة . 

أشار جون هنت من وودز هول في عام 1986 إلى أن أكثر من 70% من الاحتياطي العالمي من النفط لا يستلزم الإضرار بالبيئة لاستخراجه , الا أن الغاز المصاحب لاستخراج النفط في العراق ملوث بيئي و مضر للصحة , وقد بدأ مؤخرا الاستفادة منه لأغراض عمليات توليد الكهرباء.
7.الاستنتاجات :
أولا: في اطار التعاون بين وزارات الدوله, تم ترشيحي للعمل ضمن المجلس , منذ صدور قانون مجلس حماية وتحسين البيئة المرقم 76 لسنة 1986 بصفة خبيرغير متفرغ, في المجال البيئي لغاية نهاية عام 2000 , فتراكمت لدي معلومات مهمة بخصوص الواقع البيئي في العراق.
ثانيا : ان حضارة وادي الرافدين منذ نشوءها , مشبعة بقوانين وانجازات بحق البيئة وحمايتها.
ثالثا : كان تشكيل وزارة البيئه و المهام التي أنيطت بهذه الوزارة بعد عام, يوحي ببعض التفاؤل , اذ أن الحفاظ على البيئه يستحق اهتماما يرقى الى درجة تشكيل وزاره , وصدورقانون باسمها يتضمن تفاصيل كثيره تبدأ من الهيكل التنظيمي وتنتهي بالأسباب الموجبه.
الا أن الدوله اتخذت قرارا بالغاء وزارة البيئه ودمجها تحت مظلة وزارة الصحه ونطالب بمراجعة هذا القرار لأسباب تنظيميه وعلميه واداريه .
رابعا : اتضج غياب إستراتيجيات واضحة المعالم قصيرة و متوسطة وطويلة المدى , لتأمين الماء الصالح للشرب.
خامسا : اتضح غياب احصائيات دقيقه فكيف ينهض البلد دون هذه المعلومات ؟
وهئا يعني عدم التوصل الى وضع استراتيجية واضحة ملموسه بعيدة المدى لغاية عام الهدف 2025.
سادسا : قدرت منظمات دولية أن حجم التلوث الإشعاعي الذي تعرض له العراق يفوق التلوث الإشعاعي الناتج عن قنبلتي هيروشيما وناكازاكي.
سابعا : أن الغبار في العراق يحتوي على 37 نوعاً من المعادن ذات التأثير الخطير على الصحة العامة , إضافة إلى 147 نوعاً مختلفاً من البكتيريا والفطريات التي تساعد على نشر الأمراض , بحسب دويتشة فيله ) الإذاعة الدولية لألمانيا إلى العالم الخارج (
ثامنا: ذكرت مصادر طبية في بغداد ومدن عراقية بأن أكثر من 4360 شخصاً نقلوا إلى مستشفيات عدة بسبب حالات ضيق التنفس الناجمة عن العواصف التي هبت على العراق في منتصف يونيو/ حزيران 2016 فقط. بحسب دويتشة فيلة .
تاسعا : كشف مركز الإشعاع والطب النووي التابع لوزارة الصحة ,ارتفاع حالات السرطان بعد تسجيل الاف الحالات السرطانيه في البلاد خلال عام 2010.كما أن التلوث في العراق سبب زيادة الإصابة بالأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية وشلل الأطراف واضطراب الأعصاب , بالإضافة إلى أمراض الجهاز التنفسي والعقم , وكذلك انخفاض معدلات الأعمار في المجتمع العراقي , بالإضافة إلى كثرة الإصابة بالأمراض المزمنة التي تصيب الصغار والشباب بعد أن كانت تصيب الإنسان بمراحل متقدمة من العمر.
عاشرا:
بعد حربي الخليج الأولى (1980-1988) والثانية 1991 , اشتدت آثار التلوث في العراق ,و سقطت آلاف الأطنان من قنابل اليورانيوم المنضب , وكذلك تجفيف الأهوار وتحويلها إلى أراضٍ غير صالحة للزراعة وقطع الأشجار وتدمير الغابات في وسط وجنوب البلاد . أن حجب مياه الأنهار المتدفقة إلى العراق من دول الجوار , والإهمال الشديد لمشاريع استصلاح الأراضي وتدهور المستصلح منها , وكمية التبخّر الكبيرة الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة في العراق وقلة كميات الأمطار الساقطة, زادت من ظاهرة تلوث المياه والتربة وتركيز الأملاح في مياه النهرين .
أحد عشر: أن الغاز المصاحب لاستخراج النفط في العراق ملوث بيئي خطير على الصحة العامه , وقد بدأ مؤخرا الاستفادة منه لأغراض عمليات توليد الكهرباء.
8.التوصيات :
أولا . اعادة وزارة البيئه كما نص عليها القانون وعلى رأسها وزير , لأن وزارة الصحة لها مهام كبيرة ويتعذر أن تقوم بمهام وزارتين في آن واحد.
ثانيا. الشروع بتنفيذ مشروع احصاء شامل لعموم العراق يشمل السكان وكافة مرافق الحياة , ليتسنى اعداد الاستراتيجيه ووضع الخطط السليمه لادارة البلاد بيئيا وصحيا.
ثالثا . وضع و تنفيذ الثقافة البيئة في برامج تعليمية وثقافية موجهة من خلال توعية المواطن , وطلاب المدارس والجامعات , بالتعاون مع المؤسسات البيئيه والصحيه.
رابعا.الشروع فورا بتنفيذ خطط تأمين الماء الصالح للشرب البشر والأحياء وسقي الزراعه.
خامسا. التسارع نحو استثمار الطاقة المتجدده , مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها , لضمان مصادر نظيفة للطاقة.
سادسا.وضع الخطط والمباشرة بتنفيذ منظومات معالجة النفايات المنزلية والصناعيه والطبيه وكل ما يؤدي الى الضرر من النشاط البشري والحيواني بشكل رئيسي.
سابعا. نقترح المباشرة بتأسيس منظومة تحويل النفايات الصلبه الى طاقة أسوة بما فعلته مدينة استانبول التركيه منذ عام 1994,حيث حققت ضمان تغذية 100 ألف منزل بالطاقة الكهربائيه بشكل مستمر , مع أرباح تقدر ب 800 مليون دولار سنويا , تستفيد منها في تطوير المدينه.
ثامنا. اعداد خارطة البيئه الاشعاعيه وذلك بمسح كامل لأجواء العراق وأرضه ومياهه.
تاسعا.المباشرة بتنفيذ خطط ازالة التلوث الاشعاعي من التربه والمياه.
عاشرا .تقديم الدعم الكافي الى مركز الوقاية من الاشعاع ليقوم واجباته أفضل قيام , وتوسيع مستشفيات معالجة السرطان من حيث الملاكات البشريه والمعدات والأجهزة الفنيه.
أحد عشر.جمع المخلفات الحربية بطرق علمية سليمة وتحت الإشراف المباشر لمختصين لتجنب مخاطر المواد الملوثة بالاشعاع .
اثني عشر. تشجيع الزراعة وتطويق المدن بالاحزمة الخضراء , لتكون حاجزا وقائيا من التلوث والغبار , والتنسيق المشترك بين وزارة البيئة ووزارة الزراعه والمرور العامه والبلديات وأمانة بغداد لهذا الغرض.
خامسا.التحول التدريجي نحو السيارات الكهربائيه , وذلك لضمان هواء خالي التلوث
ثلاثة عشر .استصلاح التربة الزراعية خصوصا في وسط وجنوب العراق , اذ تعاني تربة هذه المناطق من التلوث والإهمال منذ عشرات السنين.
أربعة عشر .اتخاذ الاجراءات اللازمه لمواجهة العواصف الترابية ومنها احياء البساتين وتنظيم الزراعه الموسميه وتشجير أحزمه وقائيه للمدن لمنع التراب.
خمسة عشر. اخراج الورش الفنية والاحياء الصناعية الى مناطق بعيدة عن المدن والتجمعات السكانية.
ستة عشر. اخضاع المواد الغذائية والأدوية التي تدخل إلى العراق من مختلف المنافذ والمناشئ إلى السيطرة النوعية.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

736 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع