كمال جميل عبود الدهان
خمسون عام تفصل بين انقلابين عسكريين فاشلين احدهما في العراق والاخر في تركيا – الخسائر والنتيجة
بين الحين والاخر يظهر بوسائل الاعلام بعض الباحثين لمناقشة احد القضايا العلمية او التأريخية او الاجتماعية او غيرها من المواضيع التي تهم الشعب الاطلاع على جوانبها المتعدده وعدم تركها لاهميتها بالتاريخ .
في الساعة السابعة يوم 18-07 -2016 ظهر في قناة التغيير دكتورين عراقيين احدهما يعيش في الاردن , لمناقشة انقلابات عسكرية في كل من العراق واخر في تركيا عام 2016 . تطرقوا الى جوانب متعدده فيهما , كما نشر في كانون الاول عام 2018 الاستاذ عبد الاله الخطبي مقالة (1)
تناول فيه الانقلاب العسكري الفاشل في العراق الذي وقع في 30 حزيران 1966 , ودور الرائد الركن كمال جميل عبود الذي كان أمرآ لفوج المشاة الاول حرس جمهوري انذاك ضمن لواء الحرس الجمهوري والمؤلف من فوجين مشاة وفوج مشاة ألي وكتيبة دبابات وسرية حراسة وسرية مقر والذي اختتم مقاله اعلاه حول افشال الانقلاب العسكري بالعراق في حينه (30 حزيران 1966) والقضاء على مؤامرة عارف عبد الرزاق رئيس الوزراء الاسبق ضد الرئيس عبد الرحمن عارف رئيس جمهورية العراق والذي جاء فيه نص العبارة التالية :
(أن افشال المؤامرة قد حمى العراق وشعبه من شرور ومنازعات داخليه كثيرة ..... الخ) .
لقد جلبت هذه العباره انتباهي الى نقطة مهمة تستحق البحث توقفت عندها، بعد اطلاعي وقرائتي لتلك العباره بعد أن استوعبت ماحدث في تركيا عند وقوع انقلاب عسكري فاشل فيها في كانون اول 2016 مع نوع وحجم المأسي والشرور التي اصابت الجيش والشعب التركي جراء ذلك بسبب اسلوب ومدة القضاء على انقلابهم العسكري وافشاله في ذلك العام والذي تناقلته صحف وغطاه اعلام عالمي تقريبا هو عكس ماجرى تناوله وتغطيته في الاعلام العراقي الذي اقتصر اعلانه على مانشرته صحيفتي المنار والاخبار العراقيتين فقط في 4 تموز 1966 (2،3)، والتي تناولت فيه تصريحات الرائد الركن كمال جميل عبود أمر الفوج الاول حرس جمهوري ودوره الفعال في افشال الانقلاب والقضاء على المؤامره انذاك خلال اقل من (10) عشر ساعات انعدم على أثرها اي نوع من الخسائر للشعب والجيش كليآ عدا ماسببه قصف الطائرات المتأمرة على ثكنة الفوج الاول حرس جمهوري المجاور للقصر الجمهوري في ساعة وقوع الانقلاب اعلاه واعلن في حينه ولم يتطرقوا الى العديد من الجوانب من الانقلاب الفاشل التي لها احداث في ذلك اليوم ولا النتائج والسيناريوهات المحتمل حدوثها وتحققها في حالة نجاح الانقلاب عندنا في العراق .
والاغرب من ذلك كله هو عدم تطرق المناقشين للانقلابات العسكريه في تركيا والعراق من قبل الدكتورين العراقيين المشار اليهما اعلاه في حديثهما بالساعه السابعة من يوم 18 / 7/2016 المذاع في قناة التغيير اي اشارة الى الانقلاب العسكري الفاشل الوحيد في العراق الذي حدث في 30 حزيران 1966 ، والذي قضي عليه في مهده وحال وقوعه علمآ ان موضوع المناقشه للدكتورين اعلاه كان تحت عنوان الانقلابات العسكريه الفاشلة في كل من العراق وتركيا بل عددوا الانقلابات العسكرية الناجحه في العراق منذ تأسيس الحكم الوطني بالعراق في العشرينات من القرن الماضي ولحد الان وتجاهلوا الانقلاب العسكري الفاشل في العراق والبالغه ستة انقلابات تقريبا . وهذا يعتبر نقصآ كبيرآ في بحث الامور التاريخيه لكلا البلدين , لذلك وجدت ان الضروره تقضي لبيان ذلك النقص التاريخي والامور المحتمل حدوثها (السيناريوهات) في حالة نجاحه ومايسببه من خسائر في الارواح والاموال في عراقنا حيث لم يذكر اي شيء عنها في حينه او يجري بحثها او التطرق اليها من قبل الباحثين اعلاه أو غيرهم وكأن الانقلاب العراقي العسكري الفاشل لم يتم (علنآ وبضوء النهار وبقوات عسكرية لها ثقلها ووزنها كالدبابات المتمثل ب (56) دبابة واشتراك عدة قواعد جوية بالعراق مع فرقة المشاة الرابعة في الموصل متمثله بقائدها العميد الركن انذاك) اضافة الى العديد من الضباط المشتركين والمؤيدين للانقلاب في عدد من الوحدات العسكرية وحتى في وحدات الحرس الجمهوري وكتيبه دبابات الحرس نفسها والتي فتحت نيران دباباتها على السيد رئيس الجمهورية عبد الرحمن محمد عارف لغرض قتله في يوم الانقلاب 30 حزيران 1966 عندما وصل ودخل الى دار الاذاعة بالصالحية من قبل الملازم الاول مرعي حسن المنسوب الى كتيبه دبابات الحرس الجمهوري والذي ادى الى استشهاد سائق السيد الرئيس واحد مراتب الحرس في دار الاذاعه اعلاه بعد ان تم سحب السيد الرئيس من قبل مرافقه الملازم الاول ماجد توفيق لتخليصه من نيران الدبابات المتأمره في باب الاذاعة واعادته الى مقره في القصر الجمهوري بسيارة عسكرية متواجدة في دار الاذاعة انذاك (4).
الانقلاب العسكري الفاشل التركي
ان خلاصة ماجاء بلسان المصادر التركية عن الانقلاب العسكري الفاشل فيها بالتاريخ اعلاه والذي تم نشره على صفحات شبكة المعلومات الدولية الانترنت التي احتوت العديد من التصريحات والاراء فيما يخص الجانب التركي بذلك العام وكما يلي بعضآ منها .
لقد جاء بتأكيد رئيس الوزراء التركي (بن علي يلدرم) ان محاولة انقلاب عسكري تركي قد وقعت في( 15 يوليو 2016 ) قام بها مجموعه من ضباط القوات المسلحة التركيه بعد ان دبرها فصيل داخل القوات المسلحه التركية (5) .
واعلن (مدبروا الانقلاب) انشاء مجلس السلم من اجل ان يكون الهيئة الحاكمة بالبلد خلال بيان بث بعد سيطرتهم على قناة (تي ار تي الرسمية التركية) والذي تضمن خلاله حضر التجوال في انحاء البلاد واغلاق المطارات وحسب المصادر العسكرية التركيه فأن قائدي القوات الجوية والبرية هما من نفذا الانقلاب ضد الرئيس التركي (رجب طيب اردوغان) وان (محرم كوسا) المستشار القانوني لرئيس الاركان هو من خطط للانقلاب .
واعلن على شبكات الانترنيت ايضا ان مصادمات جرت بين فصائل الجيش الانقلابي والمدنين الاتراك اللذين لم يؤيدوا الانقلاب العسكري التركي .
واذاعت (قناة الجزيرة) تعليقآ (6) عن توجه الرئيس التركي رجب اردوغان من انقره الى اسطنبول ببيان طمأن المواطنين الاتراك وطلب منهم الخروج الى الشوارع والمطارات لرد الانقلاب . وشوهدت خلال تلك الفترة وعلى علو منخفض طائرات فوق انقره ، وسمع اطلاق نار متقطع ، كما اطلقت مروحيات النار على مبنى المخابرات التركية .
وتناولت اخبار الوكلات الاخبارية مساء الجمعة الموافق 15 يوليو 2016م اخبار وحوادث الانقلاب التركي في بعض ارجاء البلاد مع تغطية اطراف اخرى للرئيس التركي اردوغان وخطابه التأريخي يوم 16 يوليو صباحا الذي وصف فيه (أن الانقلاب التركي خيانة) وتعهد بتطهير الجيش من الذين قاموا بالانقلاب .
ان موضوع مناقشتنا هذه لم نركز فيها على اسلوب وكيفية واسباب وقوع الانقلاب اعلاه وانما يتعلق (بالخسائر والمنازعات ) فقط التي اصابت القوات المسلحة والشعب التركي فيها وكيفية فشلها في كلا البلدين .
الانقلاب العسكري الفاشل في العراق
لاعطاء فكرة واضحة عن اسلوب وقوع الانقلاب العسكري العراقي الفاشل لابد من شرح موجز لما جرى من احداث للتوضيح ومنح قدره للباحثين لمناقشة هذا الموضوع بالعراق وتركيا وتقييم الدور الرئيسي لمن (حمى الشعب وجنبه شرور منازعات كثيره ...الخ ) في كلا البلدين .
وكانت بداية الاحداث التي وقعت بالعراق بعد ظهر يوم الخميس المصادف 30 حزيران 1966 الذي كان يمثل بداية العطلة الاسبوعية لكافة الدوائر الرسمية بالعراق اذ قام السيد عارف عبد الرزاق رئيس الوزراء الاسبق بانقلاب عسكري ضد الرئيس عبد الرحمن محمد عارف رئيس الجمهورية العراقية بعد ان اختار هذا الوقت لتأكده من ترك ومغادره كافة رؤوساء ومسؤولي الدوائر الحكومية لدوائرهم وعودتهم الى دورهم، وان هذا مايحقق له احتمالات النجاح لانقلابه الحالي .
وصلت طائراته القاصفه من كركوك الى بغداد وباشرت بقصف ثكنة الفوج الاول حرس جمهوري وبناية القصر الجمهوري ايضا وتقدمت (56) دبابه بطواقهما من معسكري التاجي وابو غريب ووصلت طلائعها اطراف مدينة بغداد متوجهه الى القصر الجمهوري لاسقاط نظام الحكم فيه بعد ان سيطر الانقلابيون على معسكر ابو غريب والقاء القبض على معارضيهم هناك واحتل الانقلابيون مرسلات الاذاعة في ابو غريب وباشروا باذاعة بياناتهم الاول والثاني والثالث والرابع من هناك الموجهه الى السيد رئيس الجمهورية وقطعات الحرس الجمهوري والجيش العراقي وقوى الأمن الاخرى .
استمر القصف الجوي على ثكنة الفوج الاول حرس جمهوري والقصر الجمهوري وشبت النيران في اجزاء منها وساد الهياج جراء المباغته والقصف الجوي انجلى الموقف بعدها لمعرفة الاسباب وراء ذلك بعد اذاعة البيانات الداعية للاستسلام والمقاومة .
كان الوقت يمر بسرعة والاحداث تتلاحق وتتزايد في كل مكان ولم تتحرك اي قطعة عسكرية من مكانها ووقعت الخسائر وتعالت الاصوات لوقوع الاصابات بالمراتب مابين شهيد وجريح وشبت النيران في عجلات الفوج الاول مع استمرار القصف الجوي .
عندها تحرك امر الفوج الاول الرائد الركن كمال جميل عبود بسرعة خاطفة من مقره بالفوج الى القصر الجمهوري المجاور لثكنة فوجه والتقى رئيس الجمهورية مع العقيد الركن بشير الطالب امر لواء الحرس الجمهوري وهم متقابلين في غرفة الرئيس يفكرون بما يجب عمله وسط تلك المفاجئة وطلب امر الفوج الاول (الرائد الركن كمال) من السيد رئيس الجمهورية السماح له بالحركة الى موقع الانقلابين في مرسلات ابو غريب التي تبعد (14) كم عن القصر الجمهوري بفوجه والتي دخلت طلائع قواتهم اطراف مدينة بغداد للقضاء عليهم هناك قبل وصولهم الى موقعهم الحالي .
استغرب رئيس الجمهورية من طلبه هذا وتردد في بداية الامر حقنآ للدماء، ووافق بعد الحاح الرائد كمال امر الفوج حول تنفيذ طلبه واصدر امره اليه بالحركة .
انطلق امر الفوج الاول بعد عودته الى ثكنة فوجه بسريتين مشاة مع دبابة كانت بامرته سابقا مستصحبا مدفع ضد الدبابات (106) ملم وطاقمه وعتاده كاملا وترك سرية كاملة لحماية القصر الجمهوري وسرية اخرى لحماية دار الاذاعة بالصالحية. وعقبته طائرات الانقلابيين وقصفت رتله المتوجه الى ابو غريب في منطقة ساحه النسور وفتحت نيران الطائرات عليهم اصدر بعدها امره الى قطعاته المتقدمة بالترجل على الارض والاستتار فيها وترك العجلات والنهوض والحركة بعد مغادرتها المكان الى جهة اخرى .
اصطدم بأول دبابتين معاديتين في مدخل شارع 14 رمضان عند جامع المأمون وأسر طاقمها , وفتحت عليه النار دبابة اخرى في بداية مدينة الشرطة على طريق ابو غريب وهربت عائدة بعد فتح النار عليها وعند وصوله لنهاية مدينة بغداد جوار
بناية (الكمرك القديم) شوهدت الدبابات المتأمرة منتشرة في الارض الخالية من الابنيه حتى المرسلات في ابو غريب حيث مقر المتأمرين هناك . وبدون تردد اندفعت قطعات الفوج بعد اصدار الامر اليها من امرها تجاه الدبابات المنفتحة يسار ويمين طريق ابو غريب / بغداد واسرها جميعا بطواقمها بعد تعالي اصوات (الله اكبر ) التي كانت تطلقها قطعات الفوج عند كل هجوم على كل دبابة وتمكنت من اسر (30 ) دبابه بعتادها واخلاء طواقمها الى الخلف بحرس خاص من القوة وشوهدت عجلات المتأمرين تهرب من مرسلات ابو غريب الى الخلف بعد تأكدها من وصول القوة اليها وفتحت النار عليها ودخل بعدها الرائد الركن كمال جميل بناية مرسلات ابو غريب وسط اصوات الضباط الموقوفين من قبل القوة الانقلابية في مدخل بناية مرسلات ابو غريب حيث كان العميد امر المعسكر والعقيد امر كتيبة مقاومة الطائرات وعدد اخر من الضباط غير المؤيدين للانقلاب يعتقلون هناك والتي كانت تستغيث وتطلب اطلاق سراحهم من اسرهم في غرفة ضيقة والذي يقارب عددهم (25) ضابط برتب مختلفة .
دخل الرائد كمال متقدمآ قطعاته الى مقر الانقلابيين مع حرس يرافقه وهو شاهرآ مسدسه لمواجهة من تخلف عن الهرب (وهم رافعوا ايديهم الى الاعلى) من الانقلابين ومن بينهم معاون مدير الاستخبارات العسكرية السابق العقيد الركن مع ثلاثه ضباط برتبة مقدم ورائد مخاطبآ لهم وقائلا (لمصلحة من عملتم انقلابكم هذا ياعقيد ركن ....) واجابه العقيد وهو مستسلما بكلام مؤدب ومعترفآ بقيامهم بعمل غير صحيح اذ كان جوابه (لكم الحق بكل ماتفعلوه بنا) . عندها اصدر الرائد كمال امرآ الى ضابط استخبارات الفوج المرافق له الملازم مشعل تركي الراشد باستلامهم وتوقيفهم وحمايتهم من اي اعتداء . بعدها تم اخبار السيد رئيس الجمهورية هاتفيا باحتلال الهدف والقاء القبض على المتأمرين واصدر عندها السيد رئيس الجمهورية امره الى الرائد الركن كمال امر الفوج بوجوب التوجه بفوجه الى بغداد وتسليم المرسلات الى الفوج الثاني الذي ارسله لاستلامه لوجود واجب اخر في بغداد , وعند وصول القوه (الفوج الاول ) الى اذاعة الصالحية هرب المتأمرون الذين كانوا في دار الاذاعة ومنطقتها منذ الصباح بعد تاكدهم من وصول الرائد كمال وقواته اليهم .
ومما يجدر الاشارة اليه أن السيد رئيس الجمهورية عبد الرحمن محمد عارف تحرك من مقره في القصر الجمهوري الى دار الاذاعة في الصالحية بعد ظهر اليوم بعد تقدم الفوج الاول حرس جمهوري باتجاه ابو غريب حيث مقرات الانقلابيين واذاعتهم هناك لاذاعة بيان موجه من قبله الى الشعب العراقي حول الانقلاب المنفذ حاليا .
وعند دخوله دار الاذاعة بالصالحية فتحت عليه النار من احدى الدبابات المنسوبة الى كتيبة دبابات الحرس الجمهوري نفسه والتي كان فيها الملازم الاول مرعي حسن على السيد الرئيس حال دخوله دار الاذاعة وتهدمت اجزاء منها وقتل سائق الرئيس وجرح جندي اخر ، اسرع بعدها مرافق السيد الرئيس الملازم الاول ماجد توفيق عندها وسحبه الى الخلف بعد ان شهر مسدسه ناويآ الخروج الى الدبابة المهاجمة لمقاتلتها واركابه باحدى السيارات العسكريه المتواجده في دار اذاعة الصالحيه واعادته من الباب الخلفي الى القصر الجمهوري فيما بقت القوات الانقلابيه حول بناية دار الاذاعة الصالحية وبعدد من الدبابات التي وصلت الى دار الاذاعة لحراستها في اول الامر وتمردت حسب خطة الانقلابيين .
نعود الى مايخص تقدم الرائد الركن كمال لاحتلال المرسلات حيث تم كما اشرنا في الساعة الحادية عشر مساءً احتلال الهدف حيث كان مقر الانقلابيين وأسر قادتها هناك اتصل بعدها هاتفيا بالسيد الرئيس لاخباره باحتلال الهدف وطلب منه السيد الرئيس بنفس الوقت بالتوجه الى بغداد ثانية للقضاء على المقاومه في الصالحيه التي لاتزال هناك وتسليم المرسلات الى الفوج الثاني الذي ارسله اليه لاستلام الواجب .
بعد وصول الرائد الركن كمال وقواته العائده من ابو غريب الى الصالحية هرب من تبقى من الانقلابيين في المنطقة وعاد بعدها الى القصر الجمهوري ودخل على السيد رئيس الجمهورية في غرفته مؤديآ التحية العسكرية ومخاطبآ لسيادته قائلا (سيدي لقد تم تنفيذ الواجب) .
عندها نهض السيد الرئيس من مكانه في غرفته بالقصر الجمهوري مع الساده المتواجدين في غرفته انذاك وهم (عبد الرحمن البزاز رئيس الوزراء واللواء الركن عبد الغني الراوي رئيس الوزراء الاسبق والسيد ناجي طالب والسيد بديع شريف المستشار القانوني بالقصر ) مخاطبآ لهم السيد الرئيس وقائلآ : ( اقدم لكم البطل كمال جميل عبود الذي قضى على الانقلاب العسكري) وبهذا انتهى كل شيء .
خسائر الشعبين في تركيا والعراق
نتيجه الاحداث التي وقعت في كلا البلدين العراق وتركيا نتجت خسائر لديهما تفاوتت في نسبتها جراء تطور الاحداث في كليهما واسلوب معالجتها كانت جسيمة جدا في احداهما وقليلة في الجانب الاخر , ويرجع ذلك لعدة عوامل اهمها توسع المنازعات في هذا الطرف وانهائها كليآ في الطرف الاخر وسنترك للتاريخ ذكر واحصاء السلبيات والايجابيات لكل منهما ونقتصر هنا عن ذكر العناصر الرئيسية المسببه لتلك الخسائر فيهما وفيما يلي ماتم ذكره في صحف الاعلام وتصريحات المسؤولين والاعمال الجارية في كلا البلدين توضيحآ للحقيقة (7) :
أ . الخسائر المتحققة في تركيا
اولا : نشر في شبكات الانترنت بعد وقوع الانقلاب التركي تصريحات متعدده للمسؤولين والاعلاميين في تركيا حددوا فيها الخسائر المتحققة خلال ست ساعات من وقوع الانقلاب وارتفاع عدد الضحايا الى (265) قتيل و (1440) مصاب، مع انخفاض الليرة التركية لاكثر من 5% امام الدولار، وان (4) دول الغت رحلاتها الى اسطنبول يوم السبت 16 تموز 2016 وفي كل من مصر وبريطانيا وروسيا , مماسببت خسائر للطيران التركي .
كما جاء فيها ان الخسائر التي تكبدتها تركيا ومااكده وزير العدل التركي الذي قال (أن تركيا تكبدت خسائر فادحه بسبب محاولة الانقلاب الذي دبرته عدت كتائب في الجيش) .
ثانيا : كما بينت (وكالة رويترز) ان من بين القتلى (104) من عناصر القوات المتمرده و (1440) مصابا ومن بينهم مقتل رئيس اركان الجيش التركي – خلوصي داخل مقر رئاسة الاركان التركية، ووقوع انفجارات بالعاصمه التركية انقرة ، واخر في المطار ، واطلاق نار من مروحيات على اشخاص خرقوا حضر التجوال .
ثالثا : افاد رئيس الوزراء التركي (ابن علي يلدرم) بالقاء القبض على (2839) عسكري ومقتل (265) شخص واصابة (1440) اخرين أثر قيام عسكريين بمحاولة انقلاب استخدموا فيها دبابات ومروحيات وسيطروا على بعض الجسور والمحطات الاعلامية، كما اعلن ان الضحايا نتيجة المواجهات العنيفه في انقره واسطنبول بين المتمردين والقوات الحكوميه وعشرات الالاف من الاشخاص الذين نزلوا الى الشوارع .
رابعا : كما تأثرت العملة التركية في الساعات الاولى للانقلاب ووصلت الى ادنى مستوى امام الدولار الامريكي , وحدث ارتفاع في (سعر الذهب) .
خامسآ : واخيرا اذاعت (محطة نوى) الاخبارية من السليمانية بالعراق(8) بالساعة الثانية ظهرا من يوم 22/11/2018 أن حصيلة الانقلاب التركي الفاشل الذي وقع في تركيا في 15 / 7 /2016 كانت (270) شخص و (74) شخص محكوم عليهم بالسجن المؤبد و (400) المحتجزون من الشعب التركي ايضا , عدا الخسائر المادية الاخرى .
سادسا : كما اعلن في مكان اخر تفصيلات الخسائر للشعب التركي كما يلي :
خسائر الانقلابيين
(1) مقتل (24 – 104) مؤيد للانقلاب .
(2) اسقاط مروحيه يواتش – 60 واحده .
(3) اعتقال 7543 – 68775 و 30 جندي و2745 من اعضاء السلطة القضائية .
(4) مقتل (145) مدني وكان المجموع (232- 292) قتيل و (1541) جريح .
خسائر الجانب الحكومي التركي
مقتل (63) من القوات الموالية للحكومة (60) ضابط شرطة و (3) جنود .
سابعا : كما نشرت اخبار عديده اخرى بينت خسائر تركيا بالليرة التركيه وتوقيف موظفين وخسائر اخرى من السياح والغاء طلبات تجارية اخرى وتضررمباني حكوميه واحداث عسكرية واحصاء اخر بعدد الشهداء والقتلى .... الخ .
والخلاصة رغم الاختلاف بعدد الاسرى والاموال المذكوره اعلاه فأنها خسائر فادحه اصابت الشعب والجيش التركي خلال عملية الانقلاب الواقعه في تركيا تختلف كليآ عن ما حدث في العراق .
السيناريوهات المحتمل وقوعها في الانقلاب التركي
افترض المحللون السياسيون ايضا سيناريوهات للحالة المتوقعة في تركيا لو نجح الجيش بانقلابه اعلاه للسيطرة على الحياة الاقتصادية وما يترتب عليها من مشاكل اقتصادية واجتماعية كما يلي :
اولا : سينتج عن ذلك معدلات في البطالة وتراجع ايرادات الدولة من الضرائب والكمارك والتأمينات وغيرها .
ثانيا : حدوث انفلات سريع في سعر الدولار وانهيار بالعمله التركي ، والتي قد تصل الى الالاف من الليرات التركية، واحتمال عودة الاصفار مرة اخرى للعملة التركية بعد ان اختفت طوال السنوات الاخيرة الماضية .
ثالثا : سيترتب على تهاوي الليرة انهيارات اقتصادية ابرزها قفزات في سعر السلع والخدمات ومعدلات قياسية بالتضخم وتأكل العملة الوطنية ، وتعرض الاقتصاد لخسائر ماديه متلاحقة، وعجز ضخم في الموازنه العامه خصوصآ وأن حكومة العسكر الجديده كانت ستلجأ لسلاح زيادة سعر الفائده لاحتواء التضخم والحفاظ على ما تبقى من قيمة الليرة، كما ستلجأ الحكومه لشراء اسلحة ترهق المواطنين كزيادة الضرائب والرسوم لعلاج عجز الموازنة العامة .
رابعا : وجود الحكومة العسكرية بالبلاد سيسبب التوتر السياسي لمفاصل عديدة، ويؤثر على السياحة والخدمات الحالية والبورصة وغيرها , والديون للمشاريع والقطاعات الاقتصادية المختلفة خاصة قطاعات الطاقة والصناعة والبنية التحتية، والبناء والتشييد والعقارات، ويؤثر على مشروعات سابقه بالبلاد (كنقل الغاز الروسي لاوربا عبر تركيا) .
كما سيتأثر معدل النمو الاقتصادي المتحقق بالبلد خلال السنين الاخيرة، مع احتمالات اختفاء القطاع الخاص او ضعفه بسبب تنامي الدور الاقتصادي للمؤسسة العسكرية وتراجع الاستثمارات المحلية والخارجية ومع تراجع النمو الاقتصادي تزيد معدلات الفقر والبطاله والفساد . وستتفاقم نواحي اخرى وتحويل البلد الى مقترض من الصندوق الدولي وليس مقرضآ له، كما يحدث حاليآ وستفرض المؤسسات المالية الدولية رأيها واجندتها على الحاكم الجديد في تركيا .
كما ستزداد الاسعار وتثبيت الاجور وتقليص بالجهاز الاداري للدولة، وخفض الدعم المقدم للخدمات والسلع، والاقتراض لسداد القروض المستحقة والحصول على قروض خارجية باسعار فائدة فلكية .
كما ستزداد رواتب واجور العسكريين مع زيادة في المزايا المالية الضخمة للعديد من الموظفين الاتراك، ومنهم القضاة التي لم يحصل عليها ملايين الاتراك الاخرين.
وبالجهة المقابلة سيتم استثناء اجهزه مثل الشرطة والاعلام والاجهزة السيادية من تلك المزايا المالية لوقوف الشعب التركي ضد محاولة الانقلاب الفاشلة ودعمها للتجربة الديموقراطية والحكم المدني الحالي في تركيا .
والخلاصة هنا تقول أن الاحتمالات المذكورة اعلاه سيتكلفها الشعب التركي لو نجح الانقلاب وهذه نتائج تضاف الى النتائج المتحققة في حسابات وقوع اي انقلاب .
الخسائر في الجانب العراقي
لم نجد في العديد من التصريحات الحكومية والرسمية والشعبية عند اعلانها في العراق يوم 30 حزيران 1966 ومابعدها اي اشارة او تعداد او ذكر للخسائر بالارواح والاموال عدا مانشرته صحيفتين عراقيتين هما (جريدة المنار وجريدة الاخبار) يوم 4 تموز 1966 , والتي نشرت فيها صور للرائد الركن كمال جميل عبود أمر افوج المشاة الاول حرس جمهوري وهو يشرح لهما كيفية واسلوب القضاء على مؤامرة عارف عبد الرزاق حال وقوعها .
كما لم يعلن او ينشر اي دور او فعالية داخل القوات المسلحة العراقية او خارجها ولم نجد بحثا او مقالات للاعلاميين في ايام الانقلاب بالعراق عن اسلوب القضاء على المؤامرة اعلاه عدا ماذكرناه اعلاه مع بعض التعليقات هنا وهناك عن حدث وقع في بداية العطلة الاسبوعية (يوم الخميس) وقضي عليه فور انطلاقه وفي مهدها من قبل فوج المشاة الاول حرس جمهوري بقيادة امره اعلاه، علمآ ان قوات الانقلابيين انذاك لم تكن بالقليلة والمؤلفة من فرقة المشاة الرابعة بمدينة الموصل وقائدها العميد الركن انذاك مع ثلاث قواعد جوية في كل من الموصل وكركوك وبغداد وبقطاعات بريه بـ (56) دبابة في بغداد انطلقت بوقت واحد من معسكري التاجي وابو غريب مع اشتراك اعداد من الضباط بالانقلاب ببقية الوحدات العسكرية ووحدات الحرس الجمهوري نفسها وهي التي فتحت النار على السيد رئيس الجمهورية العراقية السيد عبد الرحمن محمد عارف عندما دخل دار الاذاعة في الصالحية بعد ظهر يوم الخميس لاذاعة بيانه عن الانقلاب العسكري العراقي وبنفس يوم الانقلاب ونجاته باعجوبة من نيران مدافع الدبابات الموجه الى دار الاذاعة حال دخوله فيها واستشهاد سائق سيارته وجرح اخر وهي نيران دبابات كتيبة الحرس الجمهوري التي جاءت الى دار الاذاعة بالصالحية لحراستها وحمايتها والتي كان فيها الملازم الاول مرعي حسن من الكتيبه نفسها .
وبالعودة الى مجرى الاحداث يوم الانقلاب الفاشل المذكورة في الماده السابقه وانطلاق الرائد الركن كمال امر الفوج الاول حرس جمهوري بحركة خاطفة غير محسوبة من قبل المتأمرين الى مقر انطلاق حركتهم في مرسلات ابو غريب واسر ضباطهم ودباباتهم والقضاء على الانقلاب في العاصمة بغداد خلال اقل من (10) ساعات كان بعمله هذا قد قضى على اي حركة انقلابية في عموم القطر العراقي والحيلولة دون نشوء اي منازعات اخرى بالعراق ومنع بعمله هذا اي احتمال لاي نزاع وخسائر قد تقع في الشعب العراقي في حالة نجاح الانقلاب .
وكانت الخسائر بالجانب العراقي هي فقط ما اوقعها القصف الجوي لقوات الانقلاب على ثكنة الفوج الاول حرس جمهوري عند بدء انقلابها والتي كانت (5) خمسة شهداء و (10) جرحى جراء القصف اعلاه مع استشهاد سائق السيد رئيس الجمهورية وجرح اخر عند فتح احد دبابات المتأمرين والتي كانت تحرس دار الاذاعة بالصالحية نيرانها عليه عند دخوله دار الاذاعه يوم الانقلاب .
اي ان مجموع الخسائر العراقية والتي وقعت بسبب نيران الانقلابيين على قطعاتنا لاتتجاوز اعداد اصابع اليدين عكس ماجرى وتحقق في الانقلاب التركي الفاشل عام 2016 .
السيناريوهات المحتمل حدوثها بالعراق
اندفاع الرائد الركن كمال جميل عبود بفوجه الاول حرس جمهوري حال انطلاق حركة الانقلابيين انهى الانقلاب للقوة المنفذة خلال اقل من (10) ساعات ومنع اي احتمال وتطوير لاعمال الانقلابيين كما حدثت في تركيا وسببت صراعات ونزاعات وخسائر استمرت اكثر من يوم واحد في تركيا وفي عدة اماكن خارج العاصمة لذلك لامجال لذكر اي شيء عنها هنا.
خلاصة ماجاء من خسائر البلدين تركيا والعراق
الخســائر
1 . بمقارنة ما جاء في خسائر تركيا بالارواح والمعدات بانقلابهم في عام 2016 ارقام عديده ومخيفه بالنسبه للشعب والجيش التركي جراء الاضطرابات الحاصلة في عدة مناطق في العاصمة التركية وخارجها وتنوع المصادمات مابين القوات المسلحة التركية وجماهير الشعب التركي نفسه والتي وردت على لسان المسؤولين الاتراك ووكالات انباء واعلاميون في تركيا وخارجها ايام الانقلاب .
2 . ان الخسائر بالارواح والمعدات في الجانب العراقي تكاد ان تكون معدومه نهائيا عدا خسائر معدودة سببها القصف الجوي للانقلابيين على ثكنة الفوج الاول حرس جمهوري عند بداية الانقلاب في 30 حزيران 1966 مع عدد قليل من الضحايا سببتها الدبابات الخائنة للامانة عندما فتحت النار على رئيس الجمهورية العراقية عند دخوله دار الاذاعة بالصالحية لاذاعة بيان يخص الانقلاب، و عدا ماجاء اعلاه لم يصب الشعب العراقي ولا القوات المسلحة العراقية الاخرى انذاك في عموم العراق بأي خسائر غير ماذكرناه اعلاه.
3 . النتـــائــــج
بعد بيان التفاصيل الخاصه بالانقلابين اعلاه والاحتمالات المتوقعة عند نجاحهما في كل من تركيا والعراق كانت النتائج المتوقع حدوثها عند نجاح الانقلاب كما تم ذكره وتوضيحه للقارئ الكريم اعلاه لما حصل في البلدين .
ولنا ان نعود ونتسأل عن ما جاء في ختام كلمة الاستاذ عبد الاله الخطبي المنشوره في (صفحته الشخصيه في الفيس بوك في كانون الاول )2018 والتي ورد فيها خلاصة رأيه وتقييمه للدور الذي لعبه الرائد الركن كمال جميل عبود الدهان البدراني العاني في افشال انقلاب عسكري بالعراق حدث في 30 حزيران 1966 بقوله ((أن افشال الانقلاب حمى الشعب العراقي من شرور ومنازعات كثيرة داخلية .... الخ)) ... وبذلك تؤيد النتائج والخلاصة اعلاه بما انتهى بها الاستاذ الخطبي في تقييمه الحدث اعلاه .
وهذا ماسنتركه للتاريخ (اولا) وللقراء على ماجاء اعلاه (ثانيا) علمآ (تم منح الفوج الاول لواء الحرس الجمهوري بعد القضاء على المؤامره اعلاه أعلى وسام عسكري في الجيش وهو وسام الرافدين العسكري من الدرجة الاولى وسمح لمنتسبيه ضباطآ ومراتبآ بحمل اشارة حمراء في غطاء الرأس لكل واحد منهم تمييزآ لما قاموا به من عمل مشرف للبلد وجيشه حسب قانون الاوسمة والانواط العسكري في العراق) اللهم اشهد .
الفريق الركن المتقاعد
كمال جميل عبود
الدهان البدراني العاني
كانون الثاني 2019م
المصادر:
1- عبد الاله الخطبي – مقالة منشورة على (صفحته الشخصية) في الفيس بوك في كانون الاول- 2018م.
2- صحيفة المنار – العدد 3436، الاثنين 4 تموز 1966، الجمهورية العراقية.
3- صحيفة الاخبار - العدد 88 ، الاثنين 4 تموز 1966، الجمهورية العراقية.
4- كمال جميل عبود الدهان البدراني : (الانقلاب العسكري التركي وفشله في تركيا والانقلابات العسكرية في بلدنا العراق) ، مجلة الكاردينيا - الإثنين 01 آب/أغسطس 2016م
- ناصر محسن المعاضيدي : (الفريق الركن كمال جميل عبود العاني دور فاعل في إفشال إنقلاب عام 1966) صحيفة الزمان ، العدد 1072 ، 9 اكتوبر 2017م.
5- رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم، محاولة الانقلاب في تركيا 2016،
الويكيبيديا ، وجريدة مكة المكرمة الأربعاء 28 شوال 1437 - 03 أغسطس 2016
6- موسوعة الجزيرة : " كيف بدأت محاولة الانقلاب بتركيا وكيف انتهت " .
قناة الحرة ، " محاولة انقلاب 2016: تحول في تاريخ تركيا ) 15/7/2018.
رجب طيب أردوغان ، على متن طائرة محلقة من أنقرة إلى إسطنبول، مكالمة عبر تطبيق "برنامج فيس تايم" على هاتفه الشخصي بمحطة " سي أن أن تورك" ، 15 /7/2016م
7- الفجر الجديد 14/7/2017م
8- اذاعة (محطة نوى) الاخبارية من السليمانية بالعراق ، بتاريخ 22/11/2018
794 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع