ماجد عبد الحميد كاظم
ماضي الكويت وحاضرها ومستقبله
جريدة المفيد العدد 307 الاحد 25 كانون الثاني 1925 الموافق 30 جمادى الاخرة: الكويت هي احدى امارات " الخليج الفارسي" وليس لدينا تأريخ مضبوط عن زمن تأسيسها غير ان الارجح انها تأسست حوالى 1152 هجرية بالنظر لتاريخ جلوس اول حاكم عليها ووضع اول حجر لبنائها فقد كانت في بادئ الامر أرضا قفراء تقطنها عشائر " ابن عريعر" ثم قصدها الشيخ " صباح الاول" وهو اول من شيد البيوت الحجرية فيها بعد ان اتخذها ابن عريعر نفسه مستودعا للطعام وقد حكمها حتى اليوم عشر حكام اولهم صباح الاول المشار اليهم وآخرهم " الشيخ احمد مبارك الصباح" وهو الحاكم الحالي . ولم يرث الحكم اي رجل اجنبي سوى من تعاقب عليه من اسرة " الصباح " ، ويجدر علينا ان نلقي نظرة دقيقة على هذه الامارة حاضرها حاضرها ومستقبلها حاضرها السياسي وكيف اوشكت نيران الحرب ان تضرم بين المانيا وتركيا وانكلترا امن اجلها كما يجدر بنا ان نبحث في حاضرها وما لها من المستقبل مع علاقاتها بالقطر العراقي خاصة فنقول
شائت ساسة الاستعمار ان يتفرق احفاد قحطان أيدي سبأ ويتمكن الاجانب من دس السم في مرابعهم فيفعلون في بلادهم وإماراتهم فعلهم ويحققون رغبات اممهم وحكوماتهم فيها وكثيرا ما كانت انظار الغربيين تطمح الى هذه الامارة وخصوصا لما فيها من الخطورة الجغرافية والسياسية اذ هم يعلمون جد العلم ان من امتلك امارة الكويت فقد حصل على الخليج " الفارسي" باجمعه ومن كان بيده مفتاح هذا الخليج يمكن ان يكو له القول الفصل في كثير من شؤون الشرق الاوسط ، وهذا ما جعل مدحت باشا والي بغداد سنة 1869 ان يتخذ كل الوسائل الناجحة لرفع العلم العثماني فوق ربوع الكويت وجميع امارات الخليج ليبدأ مساعيه بتوطيد علاقاته مع الاولى وسير عليها الجيوش الجرارة فأنشأ المتصرفية على ساحل الحسا بعد ان اجلى اعرابها الخلص فلم ينل مبتغاه ثم اردف عمله هذا بالتفكيرفي مد " سكة حديد من البسفور حتى الخليج" فعندما توطدت دعائم الصداقة وألألفة بين الاتراك والالمان وافق السلطان عبد الحميد على مد هذه السكة واخراج هذه الفكرة الى حيز العمل والوجود ومنح احدى الشركات الالمانية امتيازا بتحقيق هذه الغاية التي ازعجت بريطانيا وجعلها تضرب أخماس في أسداس حاسبة لهذا المشروع الخطير الف حساب رغم ما فيه من فوائد اقتصادية لجميع الدول الغربية كما جعلها تقف بالمرصاد وتتخذ كل الوسائل لعدم تحقيق هذه الغايةالشريفة ، وأول عمل قامت به هي انها عقدت معاهدة سرية تحالفية مع الشيخ " مبارك الصباح حاكم الكويت " في سنة 1899 م حضرت فيها بيع اي شيئ من املاكه او التنازل عنها أو التصرف بها دون علم او اذن بريطانيا وتعهدت هي له ببعض العهود التي تجعل امارة الكويت في مأمن من غارات الاعداء سيما من غارات الوهابيين الذين اعتادوا ان يقلقوا بها بال الامارات المجاورة لهم في كل وقت" بهمجية ووحشية " الا ان هذه المعاهدة لم تفت في عضد المانيا بعد ان علمت ان معارضة الانكليز لها محصورة بين امرين الاول لسوء وسائله المالية والثاني لأنها تعد قيام الالمان
به تقويضا لنفوذها في الشرق الاوسط فقام " الهر سترمخ" القنصل الالماني في الاستانة بسياحة في الخليج على رأس الوفد الذي قصده للشروع في تمديد السكة المذكورة آنفا وعند وصوله الكويت اجتمع بالشيخ " مبارك الصباح " وعرض عليه ان يبيعه مقدار 50 متر مربع ليتخذ الارض محطة السكك الحديدية فأبى الشيخ ذلك علما منه ان هذا البيع يعد خرقا للمعاهدة البريطانية الكويتية ويجلب عليها الويل والثبور بتشييد السياسة التركية في الخليج ومنح السلطة لاحفاد " جنكيز خان " الذين كانوا يسومون العرب في هاتينك الايام البائدة سوء العذاب ويدسون في اجسادهم سم اطماعهم اللامتناهية فعاد القنصل الى العراق خائبا خاسرا وحاول هو والاتراك ان يكدروا صفو الامن في هذه الامارة ففي سنة 1899 عرج احد الطرادات الالمانية على الخليج وهو الذي كان راجعا من الصين فذهب الناس في مجيئه مذاهب شتى وفي سنة 1900 اشتبك الامير " ابن رشيد " مع الشيخ " مبارك " حاكم الكويت فأنتهز الاتراك هذه الفرصة الثمينة وقاد احد قوادهم جيشا عرمرما الى الكويت واعلن انه يريد احتلالها فانتفضت بريطانيا وانذرت تركية بسوء العاقبة ان هي مكثت في الخليج مدة وان كانت قصيرة ورجع الجيش والاسطول العثمانيان أذيال الفشل وجرت بعد ذلك مناورات جمة لا حاجة الى سردها غير انها انتهت بأعلان الحرب العامة وخروج الاتراك من الخليج خروجا نهائيا فرفرفت آنذاك الراية البرطانية فوق ربوع الكويت وصفا لها الجو من كل ما يزعجها والامارة من كل تشويش او خطر
أنتهى الاقتباس
يلاحظ القارئ الكريم من ان موضوع الكويت " الحاضر الغائب " كان له دائما التأثير البالغ على العراق وبخاصة ما يتعلق باطلالة العراق على الخليج
مع تحيات معد قراءات في صحف علراقية قديمة
ماجد عبد الحميد كاظم
1066 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع