علي المسعود
"أسرار رسمية " فيلم يلقي الضوء على سذاجة العالم أمام أصحاب المصالح وتجار الحروب!!(Official Secrets (2019
في التاسع من نيسان/ أبريل عام 2003 ، أطاح جنود أمريكان بتمثال صدام حسين في بغداد، وبعد مرور ستة عشر عاماً تبين أن الحرب التي كلفت مئات الآف الضحايا، والتي أوقعت الشرق الأوسط في حالة من الفوضى، بنيت على أكاذيب، لم يستغرق الأمر أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء الغزو الأمريكي للعراق، ليظهر مشهد الإطاحة بتمثال الديكتاتور صدام حسين في بغداد عبر ملايين الشاشات حول العالم. ودخلت هذه الصورة في الـتاسع من نيسان /أبريل من عام 2003 الى الذاكرة الجمعية ، ولكن حتى بعد مرور ستة عشر عامًا عليها لا تزال هناك العديد من الأسئلة المفتوحة ، أولها هو السؤال عن عدد ضحايا حرب العراق عام 2003 والفوضى العارمة التي تلت ذلك بما في ذالك الاقتتال الطائفي ، إذ تتحدث معظم التقديرات عن عدد ضحايا يتراوح بين 150 ألف ونصف مليون قتيل، حتى أن بعض الأبحاث الجادة تحدثت عن أرقام أعلى بكثير من هذه الأرقام ، إذ سجّلت المجلة الطبية الأقدم والأشهر في العالم "لانسيت" في عام 2006 ، عدد وفيات إضافية تجاوز الـ 650 ألف حالة وفاة . وذلك بالإضافة إلى ضحايا العنف ، تم الأخذ بعين الاعتبار أيضاً ضحايا عواقب البنية التحتية المدمرة ونظام الرعاية الصحي المتهالك في البلاد . كانت فكرة الحرب دون موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة غير محببة إلى حد كبير، علاوة على ذلك ، أكتشفنا الآن أن "بيتر جولدسميث " المدعي العام البريطاني كان قد أخبر رئيس الوزراء توني بلير أن القرار أصدره مجلس الأمن في نوفمبر 2002 بخصوص العراق "لا يجيز استخدام القوة العسكرية دون قرار آخر من مجلس الأمن، كما إن استخدام القوة دون سلطة مجلس الأمن سيكون بمثابة جريمة عدوان. "ـ لذلك كان بلير يائسًا في الحصول على الموافقة من الأمم المتحدة خلال هذه المدة القصيرة، وكان من الصعب للغاية على الولايات المتحدة أن تغزو العراق دون مساعدة المملكة المتحدة، واتهم بلير الذي كان يصفه خصومه بـ”الكلب المدلل” لبوش، حينذاك بالخضوع للرئيس الأميركي بلا نقاش تحت ذريعة كاذبة هي وجود أسلحة دمار شامل .
فيلم "الأسرار الرسمية " يحكي جانب من تلك الاحداث التي سبقت غزو العراق عن طريق سرد القصة الحقيقية لكاثرين غون الموظفة في المخابرات البريطانية . يروي هذا الفيلم الذي يستند إلى كتاب"الجاسوس الذي حاول إيقاف الحرب" القصة الحقيقية ل- كاثرين غون- الموظفة والمترجمة في مركز الاستخبارات والأمن البريطاني وتختصر بالرمز (GCHQ )
والتي سربت خلال فترة الإعداد لغزو العراق عام 2003 ، سراً من اسرار الأمن القومي، وهي مذكرة الوكالة التي كشفت عملية تجسس غير قانونية من قبل الولايات المتحدة وكذالك بريطانيا على أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وكشفت المذكرة بشكل أساسي كيف قامت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بابتزاز الدول الأعضاء الأصغر حجماً والتي لم تقرر بعد في التصويت للحرب. و تلعب الممثلة" كيرا نايتلي" دور المترجمة " كاترين غون " التي سربت تلك المذكرة المثيرة للجدل حول الممارسة غير المشروعة برعاية وكالة الأمن القومي والتي تهدف إلى ابتزاز أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في التصويت لصالح غزو العراق عام 2003 ، وعندما نشرت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية هذه المذكرة المسربة بتاريخ 31 كانون الأول/ ديسمبر ، كان لهذا الخبر وقع مدوي، حيث أثارت المذكرة التي تم تسريبها إلى الصحافة عاصفة سياسة عنيف واتهمت كاثرين غون بمخالفة قانون الأسرار الرسمية. لكن أسقطت التهم عنها في 2004عام في غياب أدلة و بعد إعتراف"كاثرين غون" بإنها هي من سربت تلك الوثيقة أمام لجنة التحقيق، وتم القبض عليها بموجب قانون (حماية الأسرار الرسمية) .
الفيلم من إخراج غافن هود ، الذي شارك في كتابة السيناريو مع جريجوري بيرنشتاين . قصة الفيلم عن "كاثرين غون"وهي مترجمة سابقة في المخابرات البريطانية التي تعمل في مقر الاتصالات الحكومية في المملكة المتحدة (التابع لجهاز المخابرات) ، اتهمت بانتهاك قانون الأسرار الرسمية البريطاني. وتعرضت نايتلي (كاثرين غون) بعد تسريبها لهذه الوثيقة للإنتقام الحكومي من محاولة ترحيل زوجها الكردي الذي يحمل الجنسية التركية، مروراً بالتهديد بمقاضاتها، وعندما تصل قضيتها الى المحكمة بالفعل، تقرر ان تحارب وتخاطر بكل ما لديها لتفضح ممارسات الحكومة وتحديداً رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي اراد الحرب وحاول التملص من تبعاتها بتصويرها على أنها حرب شرعية وفي الواقع هي جريمة حرب، كما يفضح الفيلم الكيفية التي تم بها الإلتفاف على الديموقراطية في كل من أميركا وبريطانيا وفبركة أدلة على وجود أسلحة دمار شامل لتبرير قرار الحرب وتصوير العراق على أنه دولة تهدد أمن البريطانيين ولكن وكما يتضح لاحقاً أنها كذبة. لقد خاطرت بكل شيء لوقف حرب ظالمة. وجه لها تهمة الخيانة العظمى وفي نظر بعض الناس ، كاثرين غون ليست مجرد بطل، لا هذا ليس لأنها فككت بعض الرموز المدمرة الصينية أو الروسية ، أو أي شيء من هذا القبيل. بل لانها إنحازت للسلام دون الحرب ، وهي أساسأ تكره فكرة الحرب ، كاثرين مقتنعة بأن مسؤولي الحكومة الأمريكية والبريطانية يكذبون بشأن التهديد الذي تشكله أسلحة الدمار الشامل المزعومة في العراق. لقد شاهدت الوثائق الرسمية التي تشير إلى ذلك . فيلم "أسرار رسمية" دراما سياسية تتميز فيه حوار وكذالك اللغة تستحضر جملة مفردات وإدعاءات مضللة ولفترة عصيبة من تاريخ بلد اسمه العراق مهدت لغزوه كلاً من امريكا و بريطانيا، ولعل المخرج صاحب فيلم"عين في السماء ( 2015)، قد اعتمد هود في هذا الفيلم على قصة حقيقية عاشت تفاصيلها ووثقتها الموظفة والمترجمة في مركز الاستخبارات والأمن البريطاني "كاثرين غون" وضمها كتاب"الجاسوسة التي حاولت إيقاف الحرب". لمارسيا وتوماس ميتشل، وفيه يعيد هود الى الشاشة تسلسل الأحداث الدرامية والحرجة التي سبقت غزوالعراق في عام 2003 على يد إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأبن وصقورها والذيل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير. يتمحور شريط "أسرار رسمية"، الذي عرض ضمن مهرجان لندن السينمائي الأخير قبل اطلاق عروضه للجمهور في العاشر من الشهر ذاته ، حول سؤالين مهمين؛ هل من حق الموظف الحكومي إفشاء اسرار الدولة الحساسة؟، جدلية الأسئلة أعلاه تستحضر السجال حول مفهومي "الخيانة" و"الفعل البرئ" أيضاً . تضع هذه الرسالة "غون" (أدت الدور الممثلة البريطانية كيرا نايتلي بجدارة عالية إذ تقمصت لحظات ضعف وخوف الشخصية الحقيقية) في موقف حرج وقلق، وفي ورطة أخلاقية تطال شروط عملها ومتطلبات سريته من جهة ، وأخرى حساسية وضعها الشخصي، كونها متزوجة من لاجئ كردي/ تركي (ويؤدي الدور الممثل الفلسطيني " ادم بكري" وهو نجل الممثل و المخرج محمود بكري) والذي مازالت أوراق طلب لجوئه السياسي لم تحسم بعد، نشر الرسالة يضع " كاترين غون" في موقف حرج وهي تواجه ضغوط عدة، تركها العمل بعد اعترافها بتسريب الرسالة، تعرضها الى تعقب الشرطة السرية عبر تتبع حركاتها اليومية، فضلاً الى تحريك ملف تسفير زوجها، في الفصول اللاحقة نتابع محاولات المؤسسة القانونية، وبدفع سياسي، من التأثير على محامي المتهمة "بن أميرسون " ويقوم بالدور الممثل المتميز (رالف فينيس) عبر اغراءات وظيفية للتخلي عن القضية. لكن ما تفضحه وقائع الشريط تقول شيئاً أخر غرضه لملمة هذه الفضيحة بأي شكل من الأشكال وإغلاق ملفها قبل وصوله الى المحاكم العليا. لربما اللقطات الأخير لشريط "أسرار رسمية"، تشي وعبر حوار جانبي يدور بين أميرسون والمدعي العام على الشاطئ يقول الكثير ويفضح المؤسسة السياسية، كما أن صحيفة “نيويورك تايمز” لم تذكر اسم "كاثرين غون " إلا في سنة 2004، أي بعد 10 أشهر، وحتى في ذلك الحين، لم تظهر في قسم الأخبار، مما اضطر الصحفي في نيويورك تايمز بوب هربرت للنظر في تفاصيل هذه القصة، وتكفّل بوب بأخذها على عاتقه على الرغم من أن باقي المحررين الإعلاميين قد تغاضوا عنها. كشفت "كاثرين غون" فيما بعد عن بعض دوافعها الرئيسية في تسريب تلك المذكرة ، وقالت : “كنت أشعر بالارتياب حول حجج الحرب”. فذهبت إلى مكتبة وتوجهت إلى قسم السياسة وبحثت عن شيء عن العراق، اشتريت كتابين وقرأتهما من البداية إلى النهاية خلال نهاية الأسبوع . "لقد أقنعتني هذه الكتب أنه لا يوجد دليل حقيقي يبرر هذه الحرب"، وكان عنوان أحد هذه الكتب "خطة الحرب في العراق" لميلان راي. والكتاب الثاني كان بعنوان “استهداف العراق”، وهو الكتاب الذي شارك في تأليفه سولومون، نُشر كتاب “استهداف العراق” من قبل كونتكست بوكس، وهي شركة صغيرة أفلست بعد فترة وجيزة من نشرها لهذا الكتاب الذي تواجد في المتاجر قبل أسابيع فقط من عثور " كاترين غون" عليه، وفي غضون أيام من قراءتها للكتاب، عثرت على رسالة البريد الإلكتروني لوكالة الأمن القومي في 31 كانون الثاني/ يناير في بريدها الخاص، وسرعان ما قررت ما ستفعله لاحقا.
في حين عبر الصحفي و الناشط سولومون عن دهشته وقال : "لقد ذهلت عندما سمعت "كاثرين غون" تقول إن كتاب “استهداف العراق" دفعها للكشف عن مذكرة وكالة الأمن القومي. لم أكن أعرف كيف أستوعب هذا الأمر تمامًا". طرح الفيلم ( أسرار رسمية ) السؤال التالي: لماذا لم يُحدث التسريب فرقًا حقيقيًا في التاثير على قرار شن الحرب ؟، في الحقيقة،لقد ساهم التسريب في معارضة مجلس الأمن للولايات المتحدة والمملكة المتحدة فيما بعد ، والذي لم يصوت أبدًا على قرار آخر بشأن العراق . أما لماذا لم تنشر صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أي خبر عن تسريب بريد وكالة الأمن القومي منذ تاريخ نشره في المملكة المتحدة إلى حين بداية الحرب؟، أي تقريبا بعد ثلاثة أسابيع،هناك إجابة واحدة على هذا السؤال، سواء في فيلم ” أسرار رسمية” أو في الواقع ، وهي أن مؤسسات الإعلام الأمريكية والصحافة الأمريكية ، التي تغاضت عن هذا الخبر لإنقاذ أصدقائها في إدارة بوش ، لذا ساهم الفيلم في كشف الخلل الإيديولوجي من جانب الإعلام الأمريكي فيغض النظر عن تلك الفضحية المدوية. ويعود الفضل في الاهتمام الذي حصلت عليه القصة إلى الصحافي والناشط "نورمان سولومون " وكان سولومون قد سافر إلى بغداد قبل أشهر قليلة من غزو العلااق 2003 وشارك في تأليف كتاب "استهداف العراق: ما لم تخبرك به وسائل الإعلام"،الذي صدر في أواخر كانون الثاني/ يناير 2003 .
يقول سولومون مسترجعا : "شعرت بقرابة فورية، أو بالأحرى شعرت بالحب تجاه كل من تعرض لمخاطرة هائلة للكشف عن مذكرة وكالة الأمن القومي. بالطبع، لم أكن أعرف من فعلها في ذلك الوقت". وسرعان ما صاغ سولومون عمودًا بعنوان" الإعلام الأمريكي يتهرب من مراقبة قصة الأمم المتحدة". في حين صرحت البريطانية "كاثرين غون" أن فيلم "أسرار رسمية" (اوفيشال سيكريتس) الذي يروي قصتها، يحمل رسالة تقضي بالتذكير بالمسؤوليات في غزو العراق في 2003 ، "وكاثرين غون" (45 عاما) المترجمة السابقة في جهاز الاستخبارات البريطانية، ترى غون اليوم أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير والرئيس الأميركي جورج بوش الابن نجحا في تلميع صورتيهما على الرغم من دورهما الحاسم في غزو العراق بدون تفويض من الأمم المتحدة. وعلقت لوكالة فرانس برس قبل عرض الفيلم الطويل في مهرجان لندن إن "هذا الفيلم يمكن أن يصحح كل ذلك، وقال بلير والغصة بادية في صوته إنه "يشعر بقدر من الأسى والندم والاعتذار اكثر مما يمكنكم تصوره للاخطاء التي ارتكبت في الاعداد لحرب تسببت في حدوث شرخ عميق في المجتمع البريطاني". أنه فيلم مهم لأنه يلقي الضوء على سذاجة العالم وهشاشة الديموقراطية أمام أصحاب المصالح وتجار الحروب، كما أنه يجعلك تفكر بالمسؤولية الفردية تجاه المجتمع وهل تستحق الحقيقة أن تخاطر بكل شيء من أجلها، وعن دورها في الفيلم، قالت نايتلي خلال مقابلة مع رويترز "سيختلف كثيرون مع فكرة أن ما فعلته كاثرين هو الصواب، وسيرى كثيرون أن ما فعلته كاثرين هو الصواب. الأمر الذي لن يكون محل شك هو شجاعتها. فكرة أن يصدر عن شخص ما رد فعل أخلاقي على مسألة تجعل كل شيء على المحك... كي يفعل ما يعتقد أنه الصواب لإنقاذ حياة الناس". وتعتقد نايتلي أن ما سيجذب الناس لمشاهدة الفيلم هو الأسئلة التي يطرحها. "مسؤولية الحكومة، ومشروعية الصراع، ومن الذي سيُحاسب على ذلك؟". والشخصية الرئيسية الثانية في الفيلم الطويل هي الصحافي مارتن برايت ( قام بالدور الممثل مات سميث) الصحافي في صحيفة “ذي أوبسرفر” الذي قام بنشر المذكرة . يُطعم المخرج هود فيلمه بصور المظاهرات المليونية التي إجتاحت العاصمة البريطانية وعواصم العالم، المناهضة للحرب، كما أشار غافن هود مخرج الفيلم، أن هناك طريقتين عاديتين لشن حرب. الأول هو الحصول على غطاء للأمم المتحدة ، والثاني في حالة دفاع عن النفس. لذلك كانوا يائسين وخاصة توني بلير كان يائسًا للحصول على غطاء من الأمم المتحدة. المخرج السينمائي جافين هود (الجنوب أفريقي)، مؤلف وكاتب السيناريو مخرج امريكي مواليد 12 مايو 1963 في جوهانسبرغ، جنوب أفريقيا محام سابق، درس السينما في جامعة كاليفورنيا، وبدأ حياته في الشاشة كممثل في عام 2000 كاتب السيناريو فيلم الرجل المعقول عام 1999 ، كتب و اخرج ولفيرين (2009) وتسوتسي (2005). حاصل علي جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي ورشح لجائزة جولدن جلوب لأفضل فيلم أجنبي عام 2006.
تحفظت كاثرين غون أولا على فكرة المشاركة في الفيلم. لكنها غيرت رأيها بعدما تحدثت عن القضية بالتفصيل مع غافين هود الذي أخرج أفلاما ترتدي طابعا سياسيا عادة بينها“اسمي توتسي” (ماي نيم إز توتسي) الحائز على جائزة الاوسكار (2005)، وكذالك فيلم ”عين في السماء” (آي إن ذي سكاي) في عام 2015، وأوضح المخرج السينمائي "أروي هذه القصة لأنني أعتقد أنها تثير قضايا مهمة حول الولاء ، لأي شيء ولمن يجب أن نكون موالين؟". وترى "كاترين غون" أن عدم المحاسبة يفسر اليوم سبب إطلاق ترامب ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأكاذيب، على حد قولها. وقالت "هذا يعطي مثالا سيئا جدأ، وأضافت، "احتجت إلى فترة طويلة لتقبل ما حدث.. في كل مرة أحاول فيها رواية الحوادث أشعر بالتوتر مجددا، وأن كل ما كنت أريده هو العودة إلى الحياة الطبيعية وهذا ما فعلته" ، وتعيش كاترين غون منذ عام 2011 في تركيا مع زوجها وابنتها، بعد تم تسريحها من وظيفتها في 2003 ، ” مشيرة إلى أنها عملت مدرّسة للغة الصينية وقامت حتى بتدريس زملاء سابقين في جهاز الاستخبارات البريطانية. هناك درس مشترك مستخلص من تجربة " كاثرين غون" بالنسبة لغير الصحافيين والصحفيين على حد سواء، وهو أن لا تشعر بالإحباط ، لا يزال كل من سولومون وغون يشعران بالأسى العميق لأن حرب العراق اندلعت، على الرغم من محاولتهم القيام بكل ما يمكنهم تخيله لوقفها. وفي هذا الشأن، قال سولومون: "أشعر بالامتنان لأن الكتاب الذي شاركت في تأليفه كان له آثار متتالية. ولكن في الوقت ذاته، أشعر أن رأيي لا يهم في الواقع". عرض فيلم "أسرار رسمية" كان متزامنا مع مايشهده العراق من انتفاضة شعبية ربما تأتي في وقتها . ويشهد العراق منذ مطلع شهر إكتوبر الحالي موجة مظاهرات خرج فيها الآلاف من الشباب في العاصمة بغداد وعدد من المدن الأخرى، احتجاجا على استشراء الفساد والبطالة وسوء الخدمات العامة، وفي ظل حركة الاحتجاجات الأخيرة تتكشف أكثر مكامن الفشل في الأداء السياسي لمن توارثوا سلطة ما بعد الاحتلال وتتأكد للشعب العراقي حقيقة مؤلمة هي أن من تسلم زمام الأمور في بلادنا لم ينهلوا من ثقافة وحضارة البلدان التي عاشوا فيها ولم ينقلوا إلى العراق سوى أطماعهم وجشعهم ونقمتهم وهم اليوم لا يريدون التفريط بما آتاهم الفساد من سحت حرام وليست لهم النية الصادقة بتعديل الاعوجاج ووقف الانهيار الذي قادنا إلى هذه الفوضى العارمة وإلى هذه التضحيات الجسام، بنية تحتية في العراق متهالكة ومدن دمرتها الحرب لم يبدأ إعمارها بعد، كما لا يزال لجماعات مسلحة في الشوارع سطوة، والفساد استمر منذ عهد صدام حسين وترسخ في ظل حكم الأحزاب الطائفية، والوظائف أصبحت نادرة، ويتهم الشباب من يرون أنها قيادات فاسدة صراحة بالمسؤولية تتستر وراء مرجعيات دينية تستخدمها غطاءاُ لسرقاتها، وها هي الاحتجاجات مستمرة على الفساد وسوء أحوال المعيشة لتغير وجه العراق ومن اجل وطن حر وحياة كريمة.
علي المسعود
المملكة المتحدة
1758 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع