الدكتور هيثم الشيباني
خبير في البيئه
الفوائد التي جنتها البيئه من فيروس كوفيد – ١٩
1.المقدمه:
سبق أن نشرت مقالا من جزئين بعنوان (وباء كورونا نبه العالم على عدو مشترك), أما اليوم فربما مقالي فيه بعض الغرابه , لأن الوباء حدد من النشاط الصناعي الملوث للبيئه , وتوقفت معظم وسائط النقل كالطائرات والسيارات والبواخر , التي عادة ما تستخدم النفط ومشتقاته الملوثة للبيئه , فتحسنت بيئة الأنهار والبحار والهواء المحيط بالأرض بشكل ملموس .
المقصود بعبارة التلوث البيئي في هذا المقال , هو كل أنواع التلوث الذي كان سببا في موت الملايين من البشر سنويا قبل كورونا.
2. النموذج الأردني
يتحدث الجميع عن الاردن ,مثل ما يتحدث عن الدول العظمى ,الاردن من أفقر دول العالم بالماء , مديونيته 30 مليار دولار , لا يوجد فيه بترول او غاز , يستقبل 3 ملايين فلسطيني , و يستقبل 1 مليون سوري , ويستقبل نصف مليون عراقي , و يستقبل نصف مليون عامل مصري .
يتعامل الاردن مع ازمة كورونا بالحزم والشفافيه والرعاية الأبويه .
الاردن اول دوله في العالم دخل مطار الصين وتولى جلب رعاياه من كل أنحاء العالم مجانا. واستضافهم أولا في فندق خمس نجوم لمدة اسبوعين لأغراض الفحص والمتابعه الصحيه والتغذيه السليمه على نفقته .
ملك الأردن الرجل والانسان يجتمع بجيشه وينزلهم للشوارع , لحماية الشعب من المرض .
الاردن أغلق الجامعات والمدارس ويتحول الى التعليم الكتروني , وأقدم على فتح قنوات تلفزيونية لبث الدروس . قام أيضا بالغاء القروض والديون على الشعب واجبار البنوك على صرف الرواتب في منتصف الشهر , و عاقب تجارا لجشعهم .
يتعامل الأردن مع الشعب بشكل تربوي أبوي نادر بين النماذج التي نشاهدها في وسائل الاعلام عن دول أخرى.
3. أول المستفيدين من جائحة كورونا.
ان حالة الاغلاق العام الذي شهدته العديد من المدن والدول حول العالم اثر تفشي كورونا , جعلت السماء صافية.
ان فيروس كورونا المخلوق النانوي والذي بالكاد يرى بالمجهر المتخصص, جعل العديد من دول العالم تعزل نفسها, وتغلق حدودها ,وتخصص مليارات الدولارات لمواجهته .
تسبب الوباء بركود اقتصادي عالمي , ودفع المواطنين الى التخزين وكأنهم مقبلون على مجاعة شديدة.
معروف أن تلوث الهواء من المشكلات التي تواجه المدن الكبرى في العالم, بسبب النشاط الصناعي وحركة المرور الكثيفة.
أصبح كوكب الأرض المستفيد الأول ,بحسب تقرير نشرته شبكة سي إن إن الأمريكية, بسبب إغلاق المصانع وخلو الشوارع في بعض الدول , فأصبحت السماء صافية.
في الصين مثلا وهي بؤرة انتشار كورونا , حيث ظهر للمرة الآولى في مدينة ووهان في وسط الصين في 12 ديسمبر /كانون الأول 2019, أعلنت أن معدل الأيام التي كان الهواء فيها نظيفا زاد بنسبة 21.5% في فبراير / شباط مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
كما أظهرت صور الأقمار الصناعية التى أصدرتها ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية , انخفاضا حادا في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين التي تطلقها السيارات ومحطات الطاقة والمنشآت الصناعية فى مدن صينية كبرى بين يناير وفبراير, وذلك بعد انتشار كورونا.
وبحسب تلك الصور اختفت تقريبا السحابات المرئية من الغازات السامة التي تحوم عادة فوق المنشآت الصناعية.وأشارت شبكة سي إن . أن , وذلك يعود إلى توقف العديد من المصانع , و تقييد حركات النقل منعا لانتشار الفيروس.
كما أن العديد من الدول الأوروبية والعربية, اضافة الى الصين, أعلنت عن إجراءات تقيد حرية تحرك المواطنين, ومنع التجمعات وإلغاء فعاليات عديدة, مثل أماكن الترفيه كمقاهي الانترنت والحدائق العامة.
لهذا السبب يرى الخبراء أن تلك الخطوات ايجابيه للحد من كورونا .
وظهرت الاصابات بكثافة في الصين وإيطاليا , وإيران ,وإسبانيا , وكوريا الجنوبية , وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
وفي 11 مارس/آذار الجاري، صنفت منظمة الصحة العالمية كورونا جائحة , وهو مصطلح علمي للدلالة على أنه أكثر شدة واتساعا من الوباء العالمي ويرمز إلى الانتشار الدولي للفيروس, وعدم حصره في دولة واحدة.
4. الفوائد التي تحققت في يوم الأرض.
صادف تاريخ الـ22 من أبريل الماضي , اليوم العالمي للأرض وهو حدث سنوي عالمي, قد أعلن عنه لأول مرة في عام 1970, بينما مضى يوم الأرض وقد لازم معظم الناس منازلهم في ظل الإجراءات المتبعة للحد من انتشار فيروس كورونا , إلا أن البيئة هي المستفيد الوحيد من البقاء في المنازل وتوقف المصانع الإنتاجية وتوقف الطيران حول العالم .
كشفت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية عن انخفاض في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين التي يحدثها حرق الوقود الأحفوري , من يناير إلى فبراير في الصين, بسبب الإغلاق التام وتوقف المعامل والمصانع أثناء الحجر الصحي.
كما تظهر النتائج التي توصل إليها مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (CREA), أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين قد انخفضت بنسبة 25٪ .
وخلال الحجر الصحي في إيطاليا, أظهرت معلومات الأقمار الصناعية انخفاضا في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين في المنطقة الشمالية من البلاد, وبدت الممرات المائية في البندقية أكثر نظافة وصفاء , بسبب الانخفاض الكبير في حركة القوارب السياحية.
في الهند, أدى حظر التجول على مستوى البلاد في 22 مارس إلى أدنى تلوث لثاني أكسيد النيتروجين تم تسجيله في الربيع, وفقا لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف .
ان البقاء في المنزل نتيجة الوباء العالمي كوفيد- 19 , ساهم في تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة التي تتسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.
أظهرت دراسة نشرت عام 2018 في مجلة Nature Climate Change أن الانبعاثات من جراء السياحة تضيف ما يصل إلى 8 ٪ من الإجمالي العالمي من التلوث, ويساهم الطيران بأكبر حصة من ذلك.
وكما نعلم أن تحقيق هدف اتفاقية باريس للمناخ المتمثل في الحد من الاحتباس العالمي إلى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030, وإجراء تغييرات في طريقة السفروقطاع صناعة الطيران والنقل.
وتحرز بعض شركات الطيران تقدما من خلال البحث عن بدائل للوقود مثل الوقود الحيوي المشتق من المواد العضوية,والطائرات التي تعمل بالكهرباء والذي يقلل من تأثيرات قطاع الطيران على الاحتباس الحراري بنسبة 60٪ مقارنة بالوقود التقليدي .
لا بد من تغيير نهج سفر الأفراد , ويقترح الخبراء أن السفر لمدة طويلة يعد أفضل من السفر عدة مرات في العام الواحد, كما يعد تصميم الطائرات التي تحوي على مقاعد الدرجة الأولى ورجال الأعمال عاملا مساهما في الانبعاثات السامة المؤثرة في البيئة, لأنها تقل ركابا أقل في الطائرة وبالتالي تحتاج الى رحلات أكثر.
5. فيروس كورونا يمنح الأرض هدنة من البشر.
منذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية فايروس كورونا وباءًا عالمياً , دخلت بلدان العالم حالة تأهب قصوى في محاولاتها لكبح انتشار الفيروس, فاختلفت الإجراءات ما بين تقييد الحركة العامة للسكان, وإغلاق حركة الطيران بين دول العالم, و فرض الحجر المنزلي المشدد في عدة دول, ومنع الذهاب إلى دور العبادة , وتوقف حضور الفعاليات الرياضيه والمسرحيه , ومنع الفعاليات الاجتماعيه كحفلات الزفاف ومجالس العزاء والزيارات الدينيه المكتضه , مما جعل كورونا يعطي الأرض هدنة من الأنشطة البشرية.
وهكذا غير فايروس كورونا العالم بشكل كبير في فترة زمنية قصيرة.
حسب الدراسات التي أجراها موقع Carbon Brief المتخصص ببحوث المناخ , فقد انخفضت مستويات ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) انخفاضاً كبيراً خلال الإغلاق في كل من الصين وإيطاليا, فوصلت في الصين إلى 35% مقارنة بعام 2019 .
ووفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) في الولايات المتحدة ومحطة ماونا انخفضت نسبة أول أكسيد الكربون إلى 50% فوق نيويورك مقارنة بالعام الماضي.
حيث أن تلوث الهواء وحده يتسبب في حدوث حوالي 7 ملايين حالة وفاة سنويًا , بينما تتسبب الجزيئات الناجمة عن استخدام الوقود الأحفوري بالوفاة المبكرة ل4 ملايين ونصف المليون أخرين في جميع أنحاء العالم , ومليوني ولادة مبكرة سنويا, وأربعة ملايين حالة من الربو, تنتج كلها عن تلوث الهواء.
ويؤدي تغير المناخ إلى زيادة عدد الأشخاص المتأثرين بالفيضانات أو المعرضين لموجات الحر أو المعرضين لخطر الأمراض المتنقله.
فبالرغم من أن تأثير فيروس كورونا المستجد مفاجئاً للبشرية, ولكنه أقل فتكاً من الظواهر المناخية المتطرفة التي يعانيها العالم.
يجب أن يتضمن عصر ما بعد كورونا إجراءات تحسينية لدعم ممارسات عمل صديقة للبيئة على المدى الطويل وعمل خطط جديدة تأخذ المناخ بعين الإعتبار.
ان الإجراءات التي توصي بها منظمة الصحة العالمية لمكافحة الآثار الصحية الضارة لتغير المناخ هي:
أولا. تقليل احتراق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة.
ثانيا. تنظيم انبعاثات الصناعة وتوليد الطاقة.
ثالثا . استخدام طرق النقل السريع و المشي وركوب الدراجات .
رابعا. تخفيض حرق النفايات الزراعية وحرائق الغابات وبعض أنشطة إنتاج الفحم .
خامسا .تشجيع خيارات الطاقة النظيفة .
6.تأثير فيروس كورونا على البيئه و تغيير المناخ.
توقع علماء الرصد الجوي أن يتأخر فصل الصيف في العالم أجمع , بسبب تحسن حالة طبقة الأوزون في الفترة الأخيره , بفعل قلة الاحتباس الحراري الذي نتج عن إغلاق آلاف المصانع والتلوث البيئي الذي قل بنسبة 90% , وأضافوا أن تاخر الصيف يشمل كل دول العالم , وأشاروا إلى أنه وبعد 4 اشهر من كورونا فقط , عادت الارض لمثل ماكانت عليه قبل 4 آلاف عام.
تقول أوكسانا تاراسوفا رئيسة برنامج مراقبة الغلاف الجوي العالمي في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية, إن من المحتمل أن يكون تأثير توقف النشاط الاقتصادي على مستويات ثاني أكسيد الكربون على الغلاف الجوي قليلا.
في أوروبا كانت الشوارع مكتظة بالسيارات باتت فارغة, خلال الإغلاقات المفروضة. ومن المؤكد أن يكون هذا الأمر في بعض النواحي جيدا بالنسبة للبيئة , كما أن هواء المدينة بات اليوم أنظف , وتظهر صور القمر الصناعي سنتينيل P5 , تراجع متوسط مستويات تلوث الهواء بثاني أكسيد النيتروجين في فرنسا وإيطاليا.
قال مدير خدمة مراقبة الغلاف الجوي فانسان هنري بوش, إن هذه التغييرات مفيدة على المدى القصير. بشكل عام يؤثر مستوى تلوث الهواء على صحة القلب والرئة, لذا فإن تقليل تلوث الهواء في وقت انتشار فيروس كورونا أمرا جيدا.
من جهة أخرى اعتبر رئيس الجمعية الإيطالية للطب البيئى أليساندرو مياني, أن الجسيمات المعلقة, عندما تكون بكثافة معينة مع الكثير من الضباب , تعتبر وسيلة لتسريع انتشار الوباء.
وأضافت تاراسوفا أنه :إذا نظرنا إلى كيفية تشكيل مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي , فليست الانبعاثات السنوية هي التي تتحكم بهذه المستويات, بل التراكم الكامل لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي منذ ما قبل العصر الصناعي والتي تشكل المستوى الحالي. لذا من غير المرجح أن يكون لخفض الانبعاثات في عام معين تأثيرا على المستويات العالمية لثاني أكسيد الكربون .
ولفت فانسان هنري بوش إلى أن الدروس التي يمكننا الاستفادة منها , بعد أن نتخطى هذه الأزمة أن نفكر مرة أخرى في مشكلة تلوث الهواء.
وإحدى أبرز الأسئلة التي طرحت خلال هذه المدة كانت , هل كورونا سيختفي بمجرد حلول فصل الصيف , إلا أن الإجابة على هذا السؤال لا تزال غير واضحة, وليس لدينا معلومات كافية بعد .
7. هل أن تراجع مستويات التلوث سيدوم بعد انحسار الفيروس؟
في غضون أشهر قليلة انقلب العالم رأسا على عقب, منذ أن ظهر فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية في ديسمبر/كانون الأول الماضي وتفشى في أرجاء العالم, وأودى بحياة عشرات الآلاف وأصاب أكثر من مليون شخص.
وخلت شوارع ووهان من المارة, منذ أن طبقت السلطات الحجر الصحي الكامل, وفرضت إيطاليا أكثر القيود صرامة على حركة السفر والتنقلات منذ الحرب العالمية الثانية, وأغلقت لندن حاناتها ومسارحها وأجبر سكانها على البقاء في المنازل.
ترتب الانخفاض المفاجئ في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تزامنا مع إغلاق المصانع وشبكات النقل والشركات , فتراجعت مستويات التلوث في نيويورك بنحو 50% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وانحسرت الانبعاثات في الصين بنسبة 25 % في مطلع العام الحالي, منذ أن لزم الناس منازلهم وأغلقت المصانع, وتراجع استهلاك الفحم بنسبة 40 % في ست من أكبر محطات الطاقة في الصين منذ الربع الأخير من عام 2019. وتحسنت جودة الهواء في 337 مدينة حول العالم بنسبة 11.4 %مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وهذا يعني انخفاض ملحوظ في نسبة الغازات الملوثة للهواء مع انتشار كورونا.
ان سياسات الإغلاق التام تواصل كبح التلوث الأوروبي , حيث أظهرت الصور الملتقطة بالقمر الصناعي في أوروبا أن نسبة انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين في الجو تراجعت في شمالي أيطاليا, وإسبانيا والممكلة المتحدة.
ان إحداث تغيير واسع النطاق بسرعة , مهم للغايه بسبب فيروس كورونا المستجد, الذي تخطى عدد ضحاياه حول العالم حتى الآن 2,984,538 مليون ,وأمريكا مليون, تليها ايطاليا ,ثم فرنسا ثم, بريطانيا.
وتقول كيمبرلي نيكولاس , الباحثة في علوم الاستدامة بجامعة لاند في السويد, إن ثمة عوامل عديدة ساهمت في تخفيض الانبعاثات, على رأسها القيود المفروضة على حركة المواطنين لمنع انتشار الفيروس, إذ تسهم وسائل النقل وحدها بما يصل إلى 23 في المئة من الانبعاثات العالمية للكربون, وتسهم قيادة السيارات بنسبة 72 في المئة والنقل الجوي بنسبة 11 % من إجمالي الانبعاثات العالمية للغازات المسببة للاحتباس الحراري من قطاع النقل.
في بيروت أصبحت السماء صافية , التي اشتهرت بارتفاع مستويات تلوث الهواء, لكن تقول نيكولاس ماذا سيحدث عندما تخفف هذه القيود على التنقلات وتعود الحياة إلى طبيعتها؟ فقد يزداد الناس إقبالا على السفر بعد قضاء فترة طويلة من العزل المنزلي.
و ربما تتغير الأولويات أثناء الحجر الصحي, ويقدر الناس أهمية قضاء وقت مع العائلة, وقد تساعد الأزمة الناس في التركيز على أهمية صحة العائلة والأصدقاء والمجتمع, وترى نيكولاس أن الاهتمام بالصحة والوقاية من الأمراض قد يقود الناس لاحقا لتخفيض الانبعاثات.
وتقول بونغراتز أن الفعل الايجابي لصالح البيئه لن يكون طويل الأمد,اذ أن استغلال المنتجات النفطيه وغيرها , سرعان ما يعود بعد انحسار الوباء ,لكنها ترى أن منفعة البيئة قد تصبح طويلة الأمد ,في حال استمر تفشي الوباء حتى نهاية العام الجاري, وذلك لأن القيود الوقائيه سوف تستمر أطول.
وأصدرت مؤسسة التعاون الدولي والتنمية تقريرا ذكرت فيه أن توقعات النمو لعام 2020 تراجعت بمقدار النصف إثر تفشي فيروس كورونا.
وأُجلت مؤتمرات عالمية كان من المقرر إقامتها لمناقشة تغير المناخ, مثل مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ الذي كان من المقرر إقامته في غلاسكو في اسكتلندا.
كما يرى البعض أن انخفاض النشاط الصناعي أسفر عن الحد من تلوث الهواء و إنقاذ آلاف الأرواح .
وأكدت صور الأقمار الصناعية أن غيمة التلوث البيئي انخفضت مستوياتها بالعديد من الدول الأوربية , مثل إيطاليا , وفرنسا , و المملكة المتحدة, كما أن مدينة ميلانو شهدت انخفاضا ملحوظا في مستويات ثاني أوكسيد النيتروجين .
كانت الولايات المتحدة الأمريكية ضمن الدول التي شهدت انخفاضا في مستوى التلوث البيئي, فنيويوك مثلا تراجعت فيها مستويات التلوث بنحو 50 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي, كما عرفت انخفاضا مفاجئا في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تزامنا مع إغلاق المصانع وشبكات النقل والشركات .
وتقول كيمبرلي نيكولاس, الباحثة في علوم الاستدامة بجامعة لاند في السويد نقلا عن البي بي سي العربية , تسهم وسائل النقل وحدها بما يصل إلى 23 في المائة من الانبعاثات العالمية للكربون.
وتوقع الباحثون في مركز أبحاث الطقس والبيئة الدولي في أوسلو انخفاض الانبعاثات العالمية في عام 2020 بنسبة 0.3 في المائة .
في دراسة لخبير الموارد البيئية مارشال بورك حول انخفاض التلوث بالصين , قدر بورك عدد الأرواح التي نجت نتيجة لشهرين من الحد من التلوث, بـ 4000 طفل دون سن الخامسة و73 ألف بالغ فوق سن الـ 70 في الصين.
إن هذا العدد أكبر بكثير من عدد الوفيات العالمي الحالي من الفيروس نفسه, وبهذا خلص بورك إلى أن هذا الانخفاض في معدل تلوث الهواء سينقذ حياة أشخاص بمقدار يعادل 20 ضعفا
من عدد الوفيات الناتج عن كورونا.
8. مقدار الفوائد المرجوه من وباء كورونا في انقاذ الأرواح من تلوث الهواء.
رغم التطبيق الصارم لتدابير إدارة أزمات الوباء العالمي فإن تفشي وباء كوفيد-19 يزداد يوما بعد يوم, ليتجاوز عدد الوفيات الاف الأشخاص من جميع أنحاء العالم . ولهذا يتسبب الفيروس بإثارة هلع عالمي علاوة على توجيهه ضربة مباشرة للاقتصاد العالمي.
ويرى البعض أن هذه الضربة الاقتصادية تحمل طابعا إيجابيا , لأنها تسببت في تناقص النشاط الصناعي مما أسفر عن الحد من تلوث الهواء, وبالتالي إنقاذ الأرواح التي كانت تموت سنويا بفعل تلوث الهواء.
بخصوص الحد من تلوث الهواء , بتاريخ 8 مارس/آذار الجاري نشر خبير الموارد البيئية بجامعة ستانفورد مارشال بورك , تقريرا على المدونة العالمية للأغذية والبيئة وديناميكيات الاقتصاد , كان قد أجرى فيه بعض الحسابات حول معدل الانخفاض الأخير في تلوث الهواء على أجزاء من الصين.
بتاريخ 3 مارس/آذار من العام الجاري نشرت دورية كارديوفاسكولار ريسرتش (Cardiovascular Research) دراسة تمت بالتعاون بين جامعات من ألمانيا ولندن والسعودية,تفيد بأن تلوث الهواء يسلب من عمر الإنسان ما يقدر بثلاث سنوات من متوسط العمر المتوقع العالمي.
ويقدر بعض الباحثين أن كلا من عدد الوفيات والخسارة المتوقعة في العمر نتيجة تلوث الهواء تنافس تأثير تدخين التبغ كما أنها أعلى بكثير من أسباب الوفاة الأخرى ,حيث يتجاوز تلوث الهواء , الملاريا كسبب عالمي للوفاة المبكرة بـ19 ضعفا, والعنف بـ 16 ضعفا, وفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) بـ9 أضعاف, والكحول بـ 45 ضعفا, وتعاطي المخدرات بـ60 ضعفا.
أظهرت بيانات الأقمار الصناعية في شمال إيطاليا ,الآن انخفاضا كبيرا في تلوث الهواء, بثاني أكسيد النتروجين, وهو غاز ينبعث بشكل رئيسي من السيارات, والشاحنات, ومحطات الطاقة ,وبعض المنشآت الصناعية.
9. الخلاصه:
ان وباء كوفيد-19, خطير ومميت اذا لم يتم التعامل معه بمهنية وحذر شديد , وليس صحيحا أن نستهين به , كما فعلت بعض الدول مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكيه وفرنسا في بداية اجتياحه, رغم تفوقها في مجالات السلاح والتكنولوجيا , الا أنها كشفت خللا في الاستعدادات وتدابير الوقايه وشحة في الملاكات التمريضيه والاختصاصات الطبيه والخدميه الساندة , والاستعدادات اللوجستيه الصحيه. بحيث أنها تأخرت في تشكيل خلايا الأزمه وادارتها بمهارة وسرعة كافيه.
على الرغم من تواضع مواردها الماليه , فقد تعاملت المملكة الأردنيه الهاشميه بوقت مبكرمع الوباء , واستنفرت قدراتها الماديه والفنيه والصحيه بكفاءة عالية, ونجحت في تطويق الأزمة باجراءات العزل الصحي , والعزل الاجتماعي , والتحول بسرعة الى التعامل عن بعد , في دوائر الدولة , والجامعات , والمدارس , والشركات مستفيدة من الانترنت,ونشطت في تفعيل المتاح من الجهد الصناعي لانتاج كمامات الوقايه , وتأمين مواد التطهير المنزلي والشوارع والأبنيه المكتضة بالسكان ,والعمل الجدي لرعاية المصابين من قبل الملاكات الطبية الوطنيه المحليه , والاستفادة من المتطوعين من كل الفئات العمريه , وممارسة الشفافيه والمصارحه مع أبناء الشعب , والاهتمام بتأمين المواد الغذائيه اعتبارا من الخبز اليومي وحتى اللحوم والألبان , و المحروقات وغاز الطبخ والتدفئة للسكان وكل من يحتاجها, والسيطرة على الأسعار منعا للاستغلال , وتوزيع الرواتب بوقت مبكر وايصالها الى المستحقين قبل نهاية الشهر , و عبور منحنى الأمان الصحي.
كل النجاح الذي حققته المملكة الأردنيه يعود الى القيادة الحازمه والشعب الواعي.
ان حالة الاغلاق العام الذي شهدته العديد من المدن والدول حول العالم اثر تفشي كورونا , جعلت السماء صافية.
أصبح كوكب الأرض المستفيد الأول ,بحسب تقرير نشرته شبكة سي إن إن الأمريكية, بسبب إغلاق المصانع وخلو الشوارع في بعض الدول .
ان القيود على سفر شركات الطيران و تخفيض رحلاتها بشكل كبير , تؤدي الى قلة انتشار الوباء , وتقليل الملوثات الناتجه من الاحتراق , و تقليل الاحتباس الحراري .
شملت الإجراءات تقييد الحركة العامة للسكان, و فرض الحجر المنزلي في عدة دول, وتأجيل الذهاب إلى دور العبادة , وتوقف حضور الفعاليات الرياضيه والمسرحيه , ومنع الفعاليات الاجتماعيه كحفلات الزفاف ومجالس العزاء ,والقيام بأي أنشطة أخرى يجتمع فيها الناس بشكل مكثف , وإغلاق حركة الطيران بين دول العالم .
يجب أن يتضمن عصر ما بعد كورونا إجراءات تحسينية, وتنفيذ خطط صديقة للبيئة,ومراعاة تقليل الاحتباس الحراري الى الحدود المتفق عليها عالميا .
قدر خبير الموارد البيئية مارشال بورك حول انخفاض التلوث البيئي في الصين عدد الأرواح التي نجت نتيجة لشهرين من الحد من التلوث, بـ 4000 طفل دون سن الخامسة و73 ألف بالغ فوق سن الـ 70 في الصين.
إن هذا العدد أكبر بكثير من عدد الوفيات العالمي الحالي من الفيروس نفسه, بمقدار يعادل 20 ضعفا .
4754 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع