علي المسعود
رواية الكاتب سلام أمان " الطائر ألاخضر " رواية مليئة بالمشاعر وبروح الاصرار على الحياة
أنتهيت قبل أيام من قراءة رواية ( الطائر الأخضر ) للكاتب سلام أمان ، وهي الراوية الثانية بعد روايته (رماد شجرة النبق) , تبدا رواية الكاتب سلام أمان ( الطائر ألااخضر ) بالولادة و تنتهي بالموت ومابين الولادة والموت تمتد سيرة بطل الراوية ( نجم ) ، يرافقه في تلك المسيرة ذالك "الطائر ألاخضر " والذي تنتهي رحلته بموته هو ألآخر ، رمزية الطائر له دلالات كبيرة ، الطائر هو الرمز للحلم الذي يرافق نجم و الامل الذي ظلّ مرافقاً له في رحلته الطويلة في الحياة ، فعند ولادة " نجم" : (يظهر طائر أخضر اللون رفرف منتشيا ودار فًي السماء دورتٌين قبل أن ٌيختفيً بٌين أغصان شجرة كبٌيرة ، إختفى بضع دقائق ثم طار محلقا من جدٌيد متجها صوب البناٌية ذات الواجهة الطابوقيٌة التًي إتخذها الجيش الإنكلٌيزي مستشفى سميث ، حط على شباك غرفة فًي الطابق الثانًي ونقر الزجاج نقرتين فًي تلك الغرفة كانت هناك سيدة تضع مولودها الأول) ص1 . تلك هي البداية لرحلة بطل رواية الكاتب سلام أمان مع الحياة وبرفقة تؤأم روحه الطائر ألاخضر ، وأختيار الكاتب للون الاخضر للطائر له رمزية و ينطوي على دلالات الحياة والخلود بما يثيره هذا اللون في ذاكرة المتلقي من ارتباطه (أي اللون) بسيدنا الخضر عليه السلام ، وهو ارتباط نابع من المعتقدات الشعبية ، ولكون العنوان هو عتبة النص والذي يوجه قراءة الرواية ، ويغتني بدوره بمعان جديدة بمقدار ما تتوضح دلالات الرواية. فهو المفتاح الذي به تحل ألغاز الأحداث وإيقاع نسقها الدرامي وتوترها السردي، ولذا كان أختيار الكاتب ل(الطائرالاخضر)عنوانا لروايته أختياراً موفقا به ، وعند سؤالي للكاتب " سلام امان " عن إستخدامه الرمز والاسطورة في روايته ( الطائر الاخضر) ، أجاب : "أنا ألتجئ الى الرمز والأسطورة في قصصي لأنها جزء من حضارة وادي الرافدين العريقة ثم امتدت عبر الموروث الشعبي السائد ودخلت في حكايات الجدات لأحفادهن وفي ثقافتنا وأمثالنا الشعبية . قد نجد جذورها في سلوكنا اليومي وفي عاداتنا الموروثة ، وحيثما بقي العلم عاجزا عن تفسير الكثير من الظواهر في الحياة والطبيعة يبقى هناك مكان للمعجزات وظواهر الميتافيزيقيا . بالنتيجة أنا أخاطب قاريء مثقف وأحب في بعض الأحيان ان أشاكسه أو أستفزه أو أمازحه وأذكر دائما ان الأحداث والشخوص في قصصي هي من وحي الخيال المحض لكن أجمل الخيال هو ذلك الذي يورق فوق غصن الحقيقة".
في هذه الرواية يقدم لنا الكاتب سلام امان بأسلوب شاعري أخاذ تقريراً صادقاً عن حياة نجم الشخصية ، ففي رواية قصيرة ذاتية ومركزة يستعيد الكاتب سلام ماضي متخم بالاحداث وكله وجع وخيبة ويزودنا بوثائق أصيلة عن رحلة حياة طويلة في الاقتلاع والحنين إلى الوطن ، والإغتراب والنفي الأبدي ، مما يجعل القارئ يلهث وراء الكاتب في رحلته القاسية والشديدة الانحدارات محاولاً أن يجد أجوبة لتلك الأسئلة الصعبة التي طرحتها الرواية . تبدأ مراهقة نجم ونظراته صوب بيت الحاج " رشيد " لعله يلمح صورة أمال التي توقد الشرارة الاولى في القلب ، ومن ثم يبدأ بالحلم ،"الخيال والحلم هو الملجأ من قسوة واقع لايستطٌيع أن يفهمه ، الهروب إلى الخيال"، ومع المراهقة والحب الاول يبدا في الوعي وفي تساؤلاته وأفكاره :" الوعًي ليس زهرة تتفتح ، الوعًي أدراك وفهم ما لا تجرأ ألاخرون أن يٌصلوا اليه ويفهموه ، يتحرك العقل صوب المناطق المحرمة ويقتحم ألافكار المحظورة ، أن تتسلح بمصباح العلم وأنت تمشًي فًي درب ترسب عليه ظلام سنين وقرون طويلة ، هل تجرؤ أن تفكر ولو قليلاّ ؟ ، هل تجرؤ أن تفكر وأنت تعيش وسط كل هذه العتمة المفروضة ؟ هل تجرإ أن تفكر وضجيج ألاصوات من حولك يصرخ فيك (هذا حرام وذاك كفر وألحاد )" ص 10 . في مدينة البصرة التي أحبها نجم وأحب أهلها الطيبين وكما يصف الكاتب ذالك ( يبدو ملوحة سمك صبور البصرة قد تركت فيه أثرها) ص 15 ، في البصرة نضجت بذره الرجولة من خلال التجارب التي اضافت لشخصيته مايترك أثرها في السنين القادمة من حياته ، لذا فترة النضج ستكون في تلك المدينة وشخوصها المتميزة ، في البصرة كان( نجم ) شاهدا على احتراق السينما الوطني واصابته بحروق والموت الموجع لصديقة "ياسين" ألانسان الوديع ، كان " ياسين " هادئا وديعا وصديقا مخلصا أحبه نجم لصفاته هذه ووداعته وربما لأنه كان يتفق معه في كرهه لنظام البعث الدكتاتوري الذي أرتكب أفضع الجرائم ضد الكرد ، وهو من عائلة تسكن بغداد ومن الاكراد الفيليين وهو صاحب الدعوة لحضور فيلم ( الطيور ) للمخرج هتشكوك ، في البصرة أيضاً يتعرف الى تومان ، ( تومان) عازف الناي البصري الاسمر ، وهو يقطع شوارعها عازفا للناي بأنفه ويتمايل راقصاً بجسده الطويل والرشيق ويمنح الفرح الى الناس . وفي البصرة هناك بيت النداهة ، هذا البيت المهجور له حكاية : (بيت النداهة هذا كان قديما منزال لعائلة مكونة من أب وأم وثلاثة أبناء ذكور، هذا الكلام كان في بداية الستينيات كما يتحدث الناس وعندما حدث أنقلاب شباط ألاسود جاء أفراد من الحرس القومي لحزب البعث واقتادوا رب ألاسرة الى جهة مجهولة و أخذت زوجته أولادها الثلاثة وذهبت تبحث عنه في السجون ومراكز الشرطة ومقرات البعث وقيل انها لشدة حالة اليأس التي وصلت لها فقد صرخت في وجه أحد المسؤولين من الحرس القومي وقال البعض انها بصقت في وجهه فأمر بتصفيتهم جميعا بما فيهم ألاطفال وظل البيت خاليا لفترة من الزمن حتى جاءت في يوم من ألايام أمرأة مجنونة وسكنت في البيت ، وقال بعض الجيران انها تشبه المرأة صاحبة البيت وربما تكون هي فقد كانت تقفً شرفة البيت أو عند الباب وتنده على أي طفل يمر بالشارع وكانت تسمي أولئك ألاولاد الذين تنده عليهم بأسماء أبناء ذلك البيت الذين رحلوا و كان ألاولاد يهربون منها وسموها النداهة) ص 21 ، لكن هذا ليس بٌيت النداهة بل هذا بيت الرفيق حامد صلال أبو معتز ( أعدمه البعثيون في شباط ألاسود ) ثم اعدموا زوجته واطفاله الثلاثة بعده بعدة ايام بعد أن بصقت أم معتز بوجه مسؤول الفرقة الحزبية . في البصرة ايضا يلتقي قصة حبه الرائعة والتي أصبحت زوجته فيما بعد ، زمان البصرة في الرواية هو زمن الحرب الايرانية والقصف والذي يضع لها الكاتب توصيفاً ( ملك الموت يتعامل مع البصرة بالجملة وياخذ ألارواح بالجملة ، منذ ان ابتدأت الحرب و المدينة تأن وتتوجع مثل أمراة تصارع الحمى وبدات تتجرد من زينتها)، يغادر " نجم " البصرة هاربا من الحرب والخراب وعلى ظهر سفينة ( بيتاه) متجهة الى سريلانكا ، تاركا البصرة والموت يحوم فوقها وفوق الحبيبة مريم والاهل و الاصدقاء ، ويلتقي على ظهر السفينة بشخصية اخرى "هادي " وهو الاخر فرًّ من الحرب وويلاتها . وفي "كولومبو " تلك البقعة من العالم وجد (شوكلا ) وهي فتاة سيرلانكية ويتيمة ارتبط بها " نجم " بعد الفراغ التي تركته مريم في حياته . في مرحلة الشيخوخة يعود الى وطنه بعد أن فارقه اربعين عاما ، وبرفقة زوجته شوكلا وإبنه راجي وهو الشاب المتشوق للقاء بلد ابيه لكثرة ماحدثه عنه وحكاياته عنه وعن ناسه الطيبين ، ولكن هذه المرة يصدمه خراب ، وخوفه من أن ينكره وطنه ، هي عودة يسميها الكاتب عودة الابن الضال ، عاد الى وطنه غريبا لايعرف احد و لايعرفه احد ، ويعود الى البصرة لتشهد خاتمة رحلة مسيرة " نجم " الذي كان شاهدا على خراب الوطن مرتين مرة بيد الديكتاتورية واخرى على يد الاحزاب الاسلامية التي سرقت حلم الملايين في وطن زاهي وجميل ، وعندما حانت ساعة الرحيل الابدية ، جاء طائره الاخضر ينادية يخفق بجناحيه وينادية باسمه :
- نجم ، هيا يا نجم فقد أن ألاوان ،
- الى أين ؟
- حبيبتك مريم بانتظارك " ص 95 ، وفي المستشفى التي رحل منها نجم ، وجدوا على دكة شباكه طائر أخضر اللون وقد مات على تلك الدكة
يستحضر الكاتب " سلام امان " في روايته الكثير من الشخصيات والابطال ، مثل شخصية المناضل العمالي( ابو شكري ) أوالعسكري رسول الذي دفن في الملجأ جراء سقوط قذيفة على الملجأ أو "هادي" الراقض للحرب والهارب منها والذي يرافقه رحلته على الباخرة ، وفي سؤال للكاتب: من أين يستحضر الكاتب سلام امان شخوصه الروائية ؟ ، أجاب الكاتب سلام امان على سؤالي :"شخوص رواياتي موجودون حولنا في الأحياء والمدن التي نعيش فيها عضهم أناس عاديون لايوجد مايميزهم وآخرون يحملون ملامح متميزة ونزعة ملحمية ، يخوضون المواقف بجرأة ويتصرفون كأبطال . فهم من يخلق الحدث المتميز وهم من أجد فيهم الأساس الملحمي للرواية . الشخصية هي التي تخلق الفكرة والفكرة تظل تنمو وتورق وتثمر الحدث . الأنسان هو المحور الدائم الذي تدور حوله قصصي وانا أنتقي مواصفات الشخصية من عدة شخصيات سبق وان التقيتها أو شاهدتها أو سمعت عنها عبر تجربتي في الحياة " . في روايته الاولى (رماد شجرة النبق ) بدأت رحلة الكاتب" سلام أمان" من بغداد و من ( راغبة خاتون ) بالتحديد ويتجول في مدن الاغتراب التي تبدا من عمان الى اليمن حتى يصل الى اوروبا ، أما في روايته "الطائر الاخضر" الرحلة تبدأ من البصرة تلك الرحلة البحرية صوب مدن الاغتراب والى سريلانكا حيث يتزوج و يبني الطائر الاخضر عشه في تلك البقعة من الارض ، وعن علاقته بالمدن وماذا تشكل المدينة في ذاكرة الكاتب " سلام أمان " ؟ وكيف تركت مدينة الحلة بصمتها في وجدان الكاتب ؟ ، يجيب الكاتب عن هذه الاسئلة قائلا : "المدينة تتكون من أحياء وانا أعتبرها كائن حي . هي تبدو طفلة في عيوننا البريئة ونحن أطفال ثم تغدو مطارح الرغبة في عنفوان الشباب وأخيرا ستتحول في كهولتنا الى مخزن لكل الذكريات التي عشناها في شوارعها وبين أزقتها المدينة تمنح هويتها لساكنيها وتسهم في بلورة ثقافتهم . الحلة هي مدرستي الأولى وحب مراهقتي الأول . هي بداية الوعي الذي تشكل في مقهى ابو ثامر مقابل مدرستي الأعدادية وبين نخلات شارع أربعين قبل ان تقتلعها يد الحضارة الشرسة . في معارض الرسم المدرسية وعلى خشبة مسرح قاعة التربية في مهرجاناتها الأدبية ، شط الحلة صديق عزيز وجسورها نابتة في ضمير ذاكرتي . قاعات سينما الجمهورية والفرات والخيام ظلت دائما مطارح للمتعة و الخيال واكتشاف الدهشة بأفلامها بحيث كنا عندما نسمع أغنية (بعيد عنك) لأم كلثوم نصرخ بصوت طفولتنا (هذه أغنية السينما ) لأننا لم نسمعها الا في صالة السينما قبل بدأ العرض . الحلة قصيدة خلقت أنا من بين كلماتها وقوافيها ، فيها أصدقائي وأصحابي الذين مازلت متواصلا معهم الى اليوم ، عشت في مدينة دبي في الأمارات حوالي أحدعشر عاما كنت أجتر فيها ذكريات تركتها في نفسي مدن كالحلة وبغداد وعمان وكتبت فيها روايتي (رماد شجرة النبق ) التي حملت الكثير من ألم الغربة والأبتعاد عن الوطن ". وظل سؤال يراودني ، ترى هل الكتابة عند الكاتب سلام امان قدر يبحث عنه أم قدر ينزل عليه ؟ هذا السؤال اردت ان اقف عنده لكن الكاتب رد على تساؤلي " أنا أؤمن ان الكتابة هي قدري ورسالتي في الحياة والقيمة التي سأتركها من بعدي ، الفكرة قد أقتنصها من الطريق أو من حلم أو كلمة أسمعها أو موقف يحدث أمامي ، هذه الفكرة تدخل في مصنع تجربتي الحياتية ليتبلور منها الحدث ثم مجموعة الأحداث التي ستصنع الرواية فيما بعد ".
الكاتب سلام أمان من مواليد مدينة السماوة العراقية في عام 1957 حيث كان والدي مديرا لمدرستها الثانوية في ذلك الوقت ، إنتقل الى مدينة الحلة حين كان عمره ثلاث سنوات بعد ان نُقل والده اليها ، في طفولته كان يرى أبيه يقضي فترات طويلة من يومه ، بعد انتهاء الدوام، في القراءة ولوجود مكتبة في بيتهم وهي عامرة بكل أنواع كتب الأدب القديم والحديث ماجعله يكتسب ذلك الولع بالقراءة ، جذبته في البداية روايات مترجمة لتشارلز ديكنز ومكسيم غوركي والبير كامو وديستوفيسكي وغيرهم . كان والده مدرس لغة عربية وهو أديب وشاعر وأعتبره معلمه الأول وجعل بيتهم بيئة أدبية مثالية سقت موهبته فبدأت تورق وتنمو . مرت شخصيات أدبية وفنية لامعة الى بيتهم ، مثل الفنان الرائد حقي الشبلي كذلك كان يتردد عليهم باستمرار ، أدباء مثل عبد الرزاق عبد الواحد و يوسف الصايغ وغيرهم ، بدأ الكاتب سلام أمان اول تجاربه في كتابة القصص القصيرة في المرحلة المتوسطة ، في مرحلة الدراسة الجامعية في كلية الأدارة والأقتصاد / جامعة بغداد بدأ تجاربه القصصية تنضج بعد ان تعرف على أدب نجيب محفوظ وعبد الرحمن منيف وعبد الرحمن مجيد الربيعي وكولن ولسن وغيرهم . نشر أول قصصه وكانت بعنوان (أنحدار عربة) في مجلة " الطليعة الادبية" التي كانت تهتم بأدب الشباب وكذلك بعض القصص القصيرة في الصحف المحلية .
يتحدث الكاتب سلام أمان عن التحولات في اسلوبه في الكتابة فيقول " النقلة المتميزة في أسلوبي الأدبي مرت بمرحلتين . المرحلة الأولى عندما تعرفت على أدب وكتابات حنا مينه ، الذي أستمر شغفي لقراءة مؤلفاته ورواياته لعدة سنوات وأعتبره دائما معلمي الثاني . هذا الرجل قامة أدبية كبيرة أصابه الغبن ولم يحظ بالمستوى والأهتمام المناسب بسبب ان سياسة منح الجوائز الأدبية العالمية ظلت مسيسة حتى يومنا هذا وحنا مينة أديب نذر كتاباته للفقراء والمسحوقين ، أما المرحلة الثانية التي أضافت الى أسلوبي في الكتابة فهي دخولي الى العالم السحري لأدب الكتاب اللاتينيين مثل بورخيس وماركيز وباولو كويلو وأستورياس ". وفي الختام ، رواية " الطائر ألاخضر" تحمل أشارات مضيئة عن الوعي و قيمة القراءة التي شكلت ثقافة جيل كامل ، في إحدى تلك الأشارات من الكاتب بهذا الخصوص ، وحين يذكر على لسان (نجم) بطل روايته " الطائر ألاخضر " القراءة هي الكلمة السحرية التي أكتشفوها ، والكتاب ذالك العالم اللامنتاهي من المعرفة والمتعة المجنحة التًي صارت تحلق بهم صوب عوالم بعيدة وأناس بعيدين لهم ثقافاتهم المختلفة عن تلك التي تعودها ، قروأ أصل الاديان وألأديان الشرقية القديمة ، قروأ عن الباراسايكولجي و أصل ألانواع والنطرية النسبية ، وكانوا غالبا يناقشون ما يقرؤون ) ، بعد قراءتي لهذه الفقرة فقز الى ذهني سؤال الى الكاتب سلام أمان : القراءة كنشاط مجتمعي في تراجع كبير لأسباب كثيرة . هل تعتقد ان شحة مايقدمه الأدباء اليوم من أنتاج هو أحد اسباب هذا التراجع ؟ وكيف يمكن حث الشباب خاصة على القراءة ؟ ، أجاب الكاتب على هذا السوال قائلا : "هذا السؤال مهم جدا . تراجع القراءة هو ظاهرة عالمية لكنها تظهر عندنا في البلاد العربية بشكل أكثر وضوحا ولا أعتقد ان مستوى مايقدم من أنتاج مطبوع حاليا هو السبب في هذه الظاهرة . التطور العلمي والحضاري وانتشار تطبيقات الأنترنت والسوشيال ميديا على نطاق واسع أدى الى تحول الأتجاه بعيدا عن الكتاب المطبوع والصحيفة الورقية . هذا جزء من منطق العصر والتطور وأنا لا أريد ان يعود الزمن الى الوراء لكني بنفس الوقت أريد ان تصل الأفكار التي كانت تقدم سابقا بكتاب أو صحيفة مطبوعة الى المتلقي بأسلوب حديث قد يفضله الكثير من الشباب . يمكن استغلال الأنترنت بهذا المجال . الأبداع سيبقى ولن يختفي أو يتضاءل . الخاسر هنا هو المتلقي الذي صار يفضل الصورة على الكلمة . يفضل السهولة والأختصار بحجة ان لاوقت لديه في عالم السرعة والأثارة . القراءة مثل السباحة لاتشعر بمتعتها الا عندما تغمر جسمك بالماء الدافيء. الا عندما تدخل في عالمها السحري الذي يشدك نحو آفاق أعمق التربية الأسرية والمدرسة لها دور كبير في التشجيع على القراءة وأنا أدعوهم وكذلك وسائل الأعلام لتأخذ دورها في هذا الموضوع " .
رواية " الطائر ألاخضر " رواية مليئة بالمشاعر وبالألتزام الحميمي وبروح الاصرار. انها حقاً بمثابة مرآة لروح هذا الكاتب وسجل حافل بتاريخه الشخصي ، وسجل تاريخي خالد لمدينة البصرة ، إنها تبدو كشجرة علقت على أغصانها أحداث أجيال متعاقبة وأنها بحق إنجاز كبير آخر يضاف إلى أعمال هذا الروائي المجتهد .
هامش :
الجمل المحصورة بين الاقواس مأخوذة من الرواية " الطائر ألاخضر "
1043 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع