الدكتور محمود الحاج قاسم محمد
الموصل / العراق
مدينة بلد تاريخها وآثارها ومشاهير أطبائها
سيكون تناولنا الموضوع في ثلاثة محاور :
المحور الأول – تاريخ مدينة بلد ( أسكي موصل )
مدينة بلد التي يعتبرها المؤرخون إحدى المراكز الحضارية المهمة، عرفت منذ القديم بنشاطها الفني والأدبي والاجتماعي وفعالياتها الاقتصادية والعلمية، وقد أنجبت نخبة من العلماء والأطباء والفقهاء انتشروا في طول البلاد العربية والإسلامية.
-1 الاسم والموقع والعمران :
وردت أسماء عديدة لهذه المدينة حسب العصور والدول . فسميت في العصر الآشوري ( أرض بلداي أو بلطاي( Baladai , Balatai .
وفي العصر الإسلامي سميت تسميات مختلفة إلاّ أن الاسمين الشائعين لها في المراجع التاريخية والجغرافية هما ( بلط ، بلد ) ثم أطلق عليها العثمانيون اسم ( أسكي موصل ، Eski – Mosul ) أي الموصل القديمة= العتيقة ) ظناً منهم أن الموصل كانت فيها ثم خربت وتحول الناس إلى موقع الموصل الحالية ، واليوم لا زالت تعرف بـ ( أسكي موصل ) حتى الوقت لحاضر [i].
تقع بلد شمال غرب الموصل على طريق القوافل المؤدية إلى نصيبين وسنجار وجزيرة ابن عمر ، على الشاطئ الغربي من نهر دجلة .
وإن توافر أسباب الحياة وارتقاء الحضارة فيها ، كالعامل الجغرافي الهام وذلك من خلال الأراضي الزراعية الخصبة التي وفرتها طبيعة تربتها بسبب فيضانات نهر دجلة والوديان حولها ، فضلاً عن التشكيل الجيولوجي الخاص لهذه المنطقة فالسهول الفسيحة والوديان الواسعة إلى جانب عوامل المناخ ، وطدت دعائم الإستقرار فيها وأدت إلى اجتذاب الإنسان واستقراره.
وقد اختلف المؤرخون والجغرافيون في وصف سعتها ، حيث ذكرها بعضهم بصفة مدينة وبعضهم الآخر بصفة كورة ( مدينة صغيرة أو بلدة أو بليدة ) وآخرون بصفة قرية من قرى الموصل .
إلاّ أن أهمية بلد من النواحي الاقتصادية والجغرافية والسياسية وغيرها تدل على كونها مدينة إسلامية مهمة ذات شأن .وعلى هذا الأساس وقياساً لما هو باق من سعة مساحة وأطلال وسور ومباني المدينة الظاهرة للعيان في الوقت الحاضر نستطيع القول بأنها كانت مدينة تحوي كل متطلبات المدن في العصور الوسطى .
2 - تـاريـخـهـا :
تاريخ نشوء بلد يكاد يحاذي مسيرة التاريخ بقدمه، فقد استقطبت الإنسان منذ منتصف الألف الخامس قبل الميلاد حتى العصر الإسلامي الذي ازدهرت فيه ، فالملتقطات الأثرية التي وجدت فيها تشير إلى عصر العبيد وتاريخه التقريبي من 4500 – 3800 ق . م [ii] . سنتناول تاريخ مدينة بلد حسب العصور التي مرت بها
أ - العصر الآشوري :
إن مدينة ( بلط ، بلطاي ، بلداي ) وهي بلد كانت ذات أهمية خاصة في العصر الآشوري لما توفر فيها من المقالع الحجرية الصالحة والحاوية على كتل الأحجار الضخمة من المرمر والحلان الصالحة لعمل التماثيل والمنحوتات وبناء القصور .
وكانت هذه المدينة مركزاً فنياً مهماً لنحت التماثيل ومنها هذه الثيران المجنحة التي كانت تنقل على نهر دجلة بالأكلاك .
فنجد الملك سنحاريب في تدوينه لأعماله يقول : (( إن المرمر الأبيض والذي اكتشف عند حكم الإله في أرض بلداي لبناء قصري ، ولقد حولت حجر الكلس إلى تماثيل لثيران قوية لحماية مداخل قصري في نينوى [iii] .
ب - العصر الفارسي :
كانت مدينة بلد تسمى في العصر الفارسي باسم شهرأباذ وتقع ضمن ممتلكات الإمبراطورية الفارسية وكانت تسكنها قبائل عربية ، وتحكم من قبل مرزبان ( حاكم ) وبقيت كذلك حتى قبيل الفتح الإسلامي .
ج - العصر الإسلامي الأول والأموي :
إن بلد فتحت بعد فتح الموصل وأعمالها سنة 16 هـ على عهد عياض بن غنم والراجح أن ( بلد ) فتحت سنة 17 هـ .ولم نعثر في المراجع التاريخية على ما يشير إلى أهمية بلد في العصر الأموي .
د - العصر الـعـباسـي :
تبعت بلد إدارياً وسياسياً حكام الموصل في الغالب وحكام نصيبين في أحيان أخرى في العصر العباسي وفي عصر الدويلات والإمارات التي قامت في الموصل والجزيرة ( بين النهرين ) كالحمدانيين والعقيليين ومن أعقبهم من السلاجقة والأتابكة ، ومرت بها طوال هذه الحقب ظروف مختلفة ساعد بعضها على عمرانها خلافاً للآخر الذي أدى إلى انحطاطها ، إلى أن اجتاح المغول الموصل وسائر مدن الشرق الإسلامي فقضوا عليهم وعلى الإمارات والدول فيها .
هـ - حقبة الغزو الـمـغـولـي و العصر الـعـثـمانـي :
فقدت مدينة بلد الكثير من أهميتها بعد الغزو المغولي حيث شملها التدمير والتخريب كما شمل المنطقة بأسرها .
وعندما استولى العثمانيون على العراق وجدوا مدينة بلد خربة فأطلقوا عليها اسم ( إسكي موصل – الموصل القديمة ) اعتقاداً منهم بأنها هي الموصل الأصلية .
3 - عـوامـل تـدهـورها :
إن الازدهار الذي حصل في بلد في بعض العصور كالعصر العباسي لم يكن دائمياً حيث تعاقبت عليها ضروب من الكوارث والغزوات المفجعة شأن بلدان العراق التي ظلت ردحاً من الزمن مسرحاً لأعمال عسكرية ومطمعاً تتطاحن الغزاة للهيمنة عليها مما أدى إلى طمس معالمها وتشويه نضارتها وبذلك فقدت معظم مبانيها . ومن العوامل التي كانت سبباً مباشراً في انحطاط المدينة هي :
أ . الخوارج : إذ أن وجودهم كقوة سياسية وعسكرية في منطقة الموصل أدى إلى حروب كثيرة مع السلطة المركزية و كان نصيب بلد منها الكثير من الخراب والدمار .
ب . الحمدانيون : ومن عوامل اضمحلال مدينة بلد وهجرة سكانها ما تعرضت المدينة له إبان حكم ناصر الدولة وولده إلى تخريب وفرض ضرائب كثيرة نتيجة الحروب والتي أدت إلى هجرة أهلها .
ج . السلاجقة : والسبب الرئيس الآخر من أسباب قفر بلد وهجرة أهلها كان في العصر السلجوقي في عهد السلطان طغرل بك ولدى تولي هزارسب أمور مدينة بلد حيث عمل على ترحيل أهلها وسيرهم إلى الموصل .
د . حرب نور الدين أرسلان شاه وأعدائه : ومن أسباب اضمحلال مدينة بلد هي الحرب التي وقعت بين نور الدين أرسلان شاه صاحب الموصل وقطب الدين صاحب سنجار وحليفه الملك الأشرف موسى بن الملك العادل حيث خسر نور الدين الحرب ونهبت مدينة بلد من قبل الجيوش المنتصرة للملك
هـ - الغزو المغولي :خلال الغزو المغولي للشرق الإسلامي ودفع الخوارزميين أمامه بعد قتل سلطانهم خوارزم شاه ، قام هؤلاء بالإغارة على البلاد ومنها الموصل وماردين وبلد ، حيث عاثوا فيها فساداً وتخريباً ، إلى أن أتى عليها المغول كبقية المدن التى دخلوها ، إلى حد لم نعد نرى لها ذكراً في المراجع منذ بداية القرن السابع ، مما يبين اضمحلالها وفقدان مركزها السابق إن لم نقل خرابها كلية .
المحور الثاني – آثارها الباقية :
- 1 المسجد الجامع : أشار البشاري المقدسي إلى وجود جامع في وسط مدينة بلد لدى ذكره لها قائلاً)) بلدغزير الدجلة كثيرة القصور حسنة البنيان من جص وحجر فرجة الأسواق والجامع وسط البلد [iv] ((.
وأشار إلى ذلك كل من الساتذة فؤاد سفر وناصر الدين النقشبندي قائلين (( وفي وسط المدينة بناية متهدمة أسس جدرانها من المرمر الأزرق وداخلها قواعد وأساطين مرمرية واسعة لا يتجاوز قطر الواحدة المتر الواحد ، وفي الزاوية الغربية من البناية برج مجوف لم يبق منه سوى إرتفاع خمسة أمتار ، وسطح هذا البرج الداخلي أملس أما خارجه كثير التخديش مما يدل على وجود قدمات درج يصعد بواسطتها إلى أعلى البرج ، ويغلب على الظن أن هذه البناية تضم بقايا الجامع الذي جاء ذكره في كتاب أحسن التقاسيم للمقدسي [v] ((.
2 - السور : إن الدلالات الكثيرة التي ذكرناها عن سعة وأهمية ومكانة بلد إقتضى أن يكون لها سور حصين . وقد أشار الأستاذ فؤاد سفر إلى سور مدينة بلد في تقريره عنها قائلاً (( ويحيط بالمدينة القديمة سور يكاد يشكل نصف دائرة قطرها مواز لشاطئ دجلة ويتكون هذا الجزء من السور المطل على نهر دجلة من غرف عديدة متجاورة لم يزل بعض ما فيها على حاله إلا أنها مملوءة بالأنقاض ، وربما كان داخل هذا السور سور ثان )) [vi]
ولا تزال بقايا السور والأطلال الأخرى تشاهد في الوقت الحاضر .
3 الزخارف والكتابات الرخامية : (( نشاهد ذلك في الأطلال والجدران والأقبية الشاخصة فيها ، ولوفرة الرخام ( المرمر الأزرق والأبيض ) وسهولة قطعه ومطاوعته للحفر والزخرفة عليه إستغله أهالي بلد في مختلف الأغراض البنائية ، فصنعوا منه قواعد الدعامات والأعمدة والتيجان والشبابيك والأقواس ومجاري المياه وشواهد القبور وبلطوا به أرضيات الغرف والدور والدرج وعتبات الغرف . . . إلخ من الأغراض البنائية . وهذا ما نلاحظه في الصور الملتقطة لبعض من هذه القطع المرمرية )) . [vii]
4 - جسر ( قنطرة ) بلد أسكي موصل : (( يقع على مسافة 3 كم إلى الشمال من مدينة بلد – أسكي موصل الأثرية ، جسر حجري لم يبق منه إلا القنطرة الوسطى المبنية من حجارة الحلان الكبيرة المهندمة مع شئ من الجص والجارة الصغيرة ، والعقادة _ القنطرة – هذه قائمة على وادي المر الجاي المياه .
أما أطراف جوانب الجسر فقد أزيلت ونقضت حجارتها ولم يبق منها إلا جزء يسير من الحجارة التي كانت تكون فيما مضى قواعد الدعامات لقناطر الجسر الكائنة على جانبي العقادة الوسطى، وهذه الحجارة المتبقية أيضاً قد أزالت معالمها مكائن الحراثة التي تحرث أماكنها باستمرار وتبعثر وتشوه معالمها التي قد نتمكن من تحديدها فيما إذا منعت الحراثة في المنطقة )) (( وهوجسر إسلامي ولا يستبعد أن يكون من المنشآت الأتابكية (الفترة المتأخرة منها ) وهذا يعلل عدم ذكره من قبل الرحالة والجغرافيين المتقدمين وحتى أواخر القرن السادس الهجري )) [viii]
5 - القلعة العثمانية ( الخان ) : لم يقتصر موقع مدينة بلد ( أسكي موصل ) الستراتيجي على أهميته التي كان عليها في العصور الوسطى بل يبدو أنه إستمر على ذلك حتى العصر العثماني ، حيث أشاد العثمانيون حصناً على المرتفع الكائن في شمال المدينة المطل على وادي المر .
وللحصن أربعة أبراج مرتفعة وجدران ضخمة عالية للدفاع ولحماية المدافعين عنه وللسيطرة منه على حركة المرور في نهر دجلة وعلى طرق القوافل والمواصلات المارة في المنطقة . وداخل الحصن غرف عديدة يسكنها الآن بعض من أهالي المدينة وفيه إسطبلات ومعالف صغيرة محفورة في الجدران [ix].
المحور الثالث - مشاهير أطباء بلد :
أنجبت مدينة بلد العديد من العلماء والمشايخ والمحدثين والنحويين والشعراء والأدباء والكتاب . إلاّ أننا لم نعثر في المصادر وكتب الطبقات والسير سوى على خمسة أطباء فقط ، ونحن على يقين بأنه لابد من وجود أطباء آخرين أغفل ذكرهم المؤرخون إما لأنهم لم يتركوا مؤلفات أو آثاراً تدلل عليهم أو أن مؤلفاتهم فقدت فأهملوا . كما أن اثنين من هؤلاء الخمسة لم تذكر المصادر عنهم شيئاً سوى أسماءهم وهـم :
1 . أحمد بن الحسين بن زيد بن فضالة البلدي .
2 . عزوز بن الطيب اليهودي البلدي .
وأما الثلاثة الآخرون فقد كان حظهم أحسن بقليل حيث وجدنا ذكراً أوسع أتاح لنا مجالاً للتحدث عنهم وعن مساهماتهم وهؤلاء هم :
- 1 أحـمـد بــن محـمـد البلـدي : هو الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيى البلدي . عربي مسلم من مدينة بلد ( بلط ) وهي مدينة أسكي موصل الحالية والقريبة من الموصل في العراق . من أبناء القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي . لم تذكر كتب التراجم والسير تاريخاً محدداً لولادته أو وفاته ، إلاّ أن المرجح لدينا أنه كان حياً قبل سنة 368 هـ / 978 م (([x] كان خبيراً بصناعة الطب حسن العلاج والمداواة وكان من أجلّ تلامذة أحمد ابن أبي الأشعث لازمه مدة واشتغل عليه وتميز [xi] (( .
ثم كانت النقلة الكبرى في حياته حين ذهب إلى مصر والتقى الوزير الأجل أبي الفرج يعقوب بن يوسف بن كلَس وزير المعز الفاطمي وألف له كتابه تدبير الحبالى والأطفال والصبيان وحفظ صحتهم ومداواة الأمراض العارضة لهم في أو بعد سنة 368هـ ))(الذي قمنا بتحقيقه وطبع الكتاب ضمن سلسلة التراث التي تصدرها وزارة الثقافة والإعلام العراقية سنة ( 1980 ) وفي سنة ( 1987 طبعة ثانية(.
))إن هذا الكتاب في نظرنا يعتبر أكمل وأحسن ما كتب في بابه ليس بالنسبة لزمانه فحسب بل حتى عصر النهضة الأوربية بسنوات ، لاحتوائه آراء الأطباء الذين سبقوه وعاصروه ، فضلاً عن حصيلة ضخمة من خبراته وتجاربه في كيفية العناية بالحامل ، وعلم الولادة ومعالجة الأمراض النسائية والعناية بالطفل من الناحية الجسمية والنفسية والتربوية ومعالجة أمراضه المختلفة)) [xii].
وإن عبقرية أحمد بن محمد البلدي في نظرنا تتجلى في هذا الكتاب في مسألة اكتشافه مرض الحميقاء ( الجدري الكاذب = الجديري = Chicken Pox ) ونظراُ لكون البحث مخصصاً للآثار لاندخل في تفصيلات ذلك ولمن يرغب في التفصيل عليه مراجعة كتاب تدبير الحبالى والأطفال والصبيان ، حيث تناول البلدي في الباب التاسع والخمسين العلامات المنذرة الدالة على الجدري والحصبة والحميقاء ، وأعطى لكل مرض من هذه الأمراض وصفاً منفصلاً وأبان بأن المصاب بالحصبة يمكن أن يصاب بالحميقاء .
-2 أوحـد الزمان أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البلدي ولد ببلد ، ثم أقام ببغداد ، كان يهودياً وأسلم بعد ذلك ، وكان في خدمة المستنجد بالله ( 555 – 565 هـ / 1160 – 1170 م ) تعلم الطب على أبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسين ( المتوفى سنة 489 هـ / 1059 م ) [xiii] ثم صار طبيباً عالماً بعلوم الأوائل قيماً بها ، وكان موفق المعالجة لطيف لمباشرة[xiv].
ويبدو أنه كانت له إخفاقات في المعالجة أيضاً ككل البشر وكل الأطباء حيث أنه ليس هناك من يكون النجاح حليفه طول عمره . سماه البيهقي فيلسوف العراقيين وقد اتهمه السلطان محمد بن ملكشاه بسوء علاجه وسوء تدبيره فحبسه مدة [xv] . وفي جمادى الآخرة سنة 544 هـ / 1146 م ، لما اشتد مرض سيف الدين غازي بن زنكي بن آق سنقر ، استدعي أبو البركات لمعالجته من بغداد فعالجه ولم ينجح الدواء وتوفي سيف الدين آخر الشهر [xvi].
وبعد أن أسن أدركته أعلال قصر عن معاناتها طبه … وذلك أنه عمي وطرش وبرش وتجذم[xvii]. وعالج نفسه بتسليط الأفاعي على جسده بعد أن جوعها ، فبالغت في نهشه ، فبرئ من الجذام وعمي[xviii].
ومع ذلك لم ينقطع عن العمل والتدريس والتأليف ، ومن تلاميذه مهذب الدين ابن هبل البغدادي [xix].
ومن النوادر التي تشير إلى ذكائه وسعة اطلاعه في علاج المرضى ، معالجته مريضاً مصاباً بمرض الوهم ، تقول القصة : (( أن مريضاً ببغداد كان عرض له عله المالينخوليا ، وكان يعتقد أن على رأسه دناً ، وأنه لا يفارقه أبداً . فعالجه أوحد الزمان ففكر أنه ما بقي شيء يمكن أن يبرأ به إلاّ بالأمور الوهمية ، فقال لأهله إذا كنت في الدار فأتوني به . ثم أمر أحد غلمانه بأن ذلك المريض إذا دخل إليه وشرع في الكلام معه ، وأشار إلى الغلام بعلامة بينهما أنه يسارع بخشبة كبيرة فيضرب بها فوق رأس المريض على بعد منه كأنه يريد كسر الدن الذي يزعم أنه على رأسه ، وأوصى غلاماً آخر وكان قد أعد معه دناً في أعلى السطح ، أنه متى رأى ذلك الغلام قد ضرب فوق رأس صاحب المالينخوليا أن يرمي الدن عنده بسرعة إلى الأرض . فقاموا بذلك ، فلما عاين المريض ما فعل به ، ورأى الدن المنكسر . تأوه لكسرهم إياه ولم يشك أنه الذي كان على رأسه بزعمه ، وأثر فيه الوهم أثراً برئ من علته تلك [xx] ((.
وهناك اختلاف في سنة وفاته (( يجعلها قاضي شهبة بين سنتي 550 ، 605 هـ . [xxi](( .
مـؤلـفاتـه : 1 – اختصار التشريح ، جمعه من كتب جالينوس 2 – مقالة في الدواء الذي سماه بالسريانية ) برشعنا ) أي سم ساعة وهو من باب الأضداد ، أي الدواء الذي يشفي في خلال ساعة من الزمن 3 – كناش في الطب 4 – مقالة في معجون سماه أمين الأرواح 5 – حواشي على قانون ابن سينا 6 – أقرباذين 7 – رسالة في العقل وماهيته 8 – كتاب المعتبر في الحكمة أملى كثيراً منه على تلميذه يوسف أبي عبد اللطيف البغدادي ، وأنه بعد أن عمي . والكتاب بثلاثة أجزاء ، وفي الجزء الثاني منها فصول لها علاقة بالطب .
-3 عبـد العزيز بن علي بن عبد العزيز عز الدين البلدي [xxii]
كان في بدايته صيرفياً في سوق الغزل ثم اشتغل وبرع وأتقن الطب والفرائض والجبر والمقابلة وحفظ الحاوي الصغير وتميز في المذهب ، وكان أكثر اشتغاله على السيد ركن الدين ، ودخل الشام فولاه الصالح صاحب أرزن الروم القضاء والمشورة فظلم وتمرد وصار يركب في زي الملك ، فأتهم أنه قتل شخصاَ لفساد بدا منه فثار عليه أقاربه وشكوه إلى غازان ، وفارق الأرزن . وقدم الموصل ودرس وناب في القضاء ، ونسب إليه رأي النصيرية فطلب وهرب إلى أرزن الروم ، وكان صاحبها على هذا الرأي فاتصل به وبقي بها مدة إلى أن مات سنة 710 هـ ( في نسخة 717 هـ ) أو بعدها .
الـمـصادر :
1 – أمين أغا ، عبد الله : بلد ( أسكي موصل ) ، الموصل 1974 ، ص 13 .
[ii] - مديرية الآثار العامة : المواقع الأثرية في العراق / 5 ، ص 242 .
[iii] - أمين أغا : مصدر سابق ص 24 .
[iv] - المقدسي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد : أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ط 2 /140.
[v] -تقرير السيدين فؤاد سفر وناصر النقشبندي : الإضبارة / 134 المحفوظة في مديرية الآثار العامة ببغداد .
[vi] - المصدر نفسه.
[vii] - أمين أغا ، عبدالله : بلد ص 62 .
[viii] - المصدر نفسه ص 68 ، 79 .
[ix] -المصدرنفسه ص 86 - 87 .
[x] - البلدي ، أحمد بن محمد : تدبير الحبالى والأطفال والصبيان – تحقيق الدكتور محمود الحاج قاسم محمد ، دار الرشيد ، بغداد 1980 ، ص 36 .
[xi] - ابن أبي أصيبعة ، موفق الدين أبي العباس أحمد : عيون الأنباء في طبقات الأطباء – دار الفكر ، بيروت ، 1956 ، ج 2 ، ص 246 .
[xii] - محمد ، الدكتور محمود الحاج قاسم : تاريخ طب الأطفال عند العرب – الطبعة الثالثة ، مركز إحياء التراث العلمي العربي ، بغداد 1989 ، ص 182 .
[xiii] - ابن أبي أصيبعة : عيون الأنباء – ج 2 ، ص 286 .
[xiv] - القفطي ، جمال الدين بن أبي الحسن بن يوسف : تاريخ الحكماء – مؤسسة الخانجي بمصر ، بدون تاريخ ص 323 .
[xv] - البيهقي ، ظهير الدين : تاريخ حكماء الإسلام - مطبوعات المجمع العلمي بدمشق ، 1946 ، ص 152 .
[xvi] - ابن العبري : مختصر تاريخ الدول – دار الرائد اللبناني ، بيروت 1983 ، ص 359 .
[xvii] - القفطي : ص 335 .
[xviii] - ابن خلكان ، أبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد : وفيات الأعيان – تحقيق الدكتور إحسان عباس ، دار صادر ، بيروت ج 6 ، ص 74 .
[xix] - ابن أبي أصيبعة : ج 2 ، ص 299 .
[xx] - المصدر نفسه : ج 2 ، ص 297 .
[xxi] - البيهقي : تاريخ حكماء الإسلام : ص 152 – 153 .
[xxii] - عيسى ، د . أحمد : معجم الأطباء – دار الرائد العربي ، بيروت د 2 ، 1982 ، ص 269 . نقلاً عن الدرر الكامنة لأبن حجر العسقلاني .
3282 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع