كانت تحتضن أخيها الصغير.. رغم صغرها تحاول أن تحتويه بكلتا يديها..
كلما حاولنا الاقتراب منها ترمينا بالحجارة وكل شيء يوجد حولها. كانت متعبة والتراب يملأ وجهها.. صغيرة هي لدرجة ﻻيمكن أن تتركها لوحدها..
ذهلنا أين هم أهلها وماذا حدث لهم؟! وما الذي أتى بها الى هذه القطعة من ألارض!!
أحطناها من كل جانب، وكأنها ملاك نزل من السماء، ونحاول أن نتبرك به ونسأل الله أن يرحمنا من أجله..!
تركناها تهدأ، وكلما تقدمنا نحوها رمتنا بالحجارة، والصغير نائم في حجرها الذي بالكاد يحتويه..
احترنا ماذا نفعل؟! صحيح أن الحجارة ﻻتؤذينا، لكنني شعرت بأننا إن اقتربنا اكثر منها قد تشعر أنها خسرت الحياة وفقدت كل شيء..
انتظرنا الى أن نفدت الحجارة المحيطة بها.. انك في حرب وكل مالديك بندقية ورائحة البارود التي أزكمت الانوف وطغت على المكان؟! ليس لديك لعبة او شيء يمكنك أن تهدئ به روع هذه الصغيرة.. هناك من بكى على هذا الموقف الذي لن أنساه أبدااا....
تقدمت نحوها بخطوات هادئة وبكلام عطوف طيب.. وأنا أقول لها بلهجتنا ((باباتي تعالي ﻻتخافين))
ﻻحظت أنني كلما تقدمت منها أكثر كلما لملمت جسد أخيها كي تضمه اليها.. أصبحت المسافة قريبة جدا. وضعت يدها الصغيرة أمام وجهها
وقالت ((ﻻتقتلني عمو)). أدمعت عيني وقلت لها: لن أقتلك.. بل أنا هنا كي أخذك الى البيت.. جلست أمامها جلسة القرصفاء والكل من حولي ينتظر ماسيحدث. انه موقف يحدث في العمر مرة..
قلت لها؛ أين أهلك وأين والدك ووالدتك..
قالت: ((كتلهم داعش ))
تخيلت منظرها وهي تسير وسط هذا الركام والدمار مع هذا الصغير.. رسمت بأنامل يدي على الرمال التي امامها ملامح لعبة. نظرت هي الى الرسم وقلت لها: هل تحبين اللعبة؟
أبتسمت وقالت: ((أي عمو))..
قلت لها: تعالي كي أعطيك لعبة أنت والصغير الذي معك.. نظرت الى وفي داخلها ألف الف سؤال، وأنا أنتظر قرارها.. قد يستغرب البعض ويقول أسعد الاسدي الذي قاتل الدواعش ينتظر قرار طفلة..!! نعم ياسادة أنتظر قرارها فما مرت به ﻻيمكن أن يحكى..
وقفت ومسكت يد اخوها بعد أن أوقفته ونفظت ثوبها من الرمال وكأنها نفضت الهم الذي في داخلي عليها..
لمست يدي وبدأت تسير..
قالت: ((عمو أخويا جوعان))
قلت لها ﻻتقلقي.. حملتها وحملت أخيها ومضيت
وأنا أفكر.. ترى مالذي يحدث في بلدي؟!!!!!!!
أسعد الأسدي
ضابط في جهاز مكافحة الارهاب
1022 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع