شَيٌء مِنْ التأرِيخِ / بِماذا تَمَيَّزتْ اَلْحَرْبُ الْعِراقِيَة الإيرَانِيَةُ(1980 – 1988)
1. المقدمة
أ. بعد مرور ما يقارب على ثلاثة عقود من الزمن على نهاية الحرب --- (العراقية – الإيرانية 1980 – 1988 ) لمن الضروري كتابة هذا البحث المقتضب لإلقاء الضوء على الأحداث التي فرضت نفسها على الجيش العراقي الباسل خلال هذه الحرب سواء كانت بالسلب أم بالإيجاب وبحيادية ومهنية من وجهة نظرعسكرية متواضعه ليبقى شاهداً للتأريخ على أداء عمل الجيش العراقي الباسل خلال فترة هذه الحرب ليكون مرجع للأجيال التي ولدت بعد نشوب الحرب للإطلاع عليه ولمعرفة البطولات التي سطرها جيشنا الباسل خلال هذه الحرب.
ب. سأركز في هذا البحث على القاطعين الجنوبي والشمالي لكوني كنت في حينه أقرب إلى مكان الحدث .
ج. سيعتمد البحث على الذاكرة الشخصية وذاكرة الإنترنت و إحتمال حدوث تباين في تأريخ بعض الأحداث لذا أرجو الإعتذار سلفاً.
د. كما أحث القراء الكرام على قراءة كتاب ( أوراق جندي عراقي ) لكونه يحتوي على كنز من المعلومات العسكرية عن الحرب العراقية الإيرانية.
2. الفترة التي سبقت نشوب الحرب :
أ. بعد إنتهاء عمليات الأمن الداخلي في المنطقة الشمالية سنة 1975 سنحت فرصة ثمينة للجيش العراقي الباسل على مدى خمس سنوات حيث مارست وحدات الجيش فيها التدريب التعبوي السنوي بنطاق واسع وأجريت تمارين تعبوية بقطعات بمستوى لواء على كافة صفحات القتال كما أجريت تمارين تعبوية بِنِطاقٍ واسِعٍ بمستوى فرقة مدرعة مثل تمرين (بادية) في المنطقة الشمالية الغربية من العراق .
ب. جرى تشكيل عدد من التشكيلات والفرق المدرعة والآلية وتسليحها بأفضل أنواع الأسلحة وأذكر منها الفرقة المدرعة التاسعة والفرقة المدرعة العاشرة إضافةً إلى قلب قيادة فرقتي المُشاة الأولى والخامسة من فرق مُشاة راجل إلى فرق مُشاة آلي وتشكيل فرقة المُشاة الحادية عشرة والفرقة المدرعة الثانية عشرة.
ج. تشكيل جامعة البكر للدراسات العسكرية العلياً وإشراك عدد كبيرمن الضباط الذين كانوا يشغلون مناصب آمري تشكيلات وضباط ركن في دورات في كلية الحرب وكلية الدفاع الوطني لغرض تأهليهم لإستلام مناصب عسكرية قيادية عُلْيا.
د. إشراك عدد كبيرمن الضباط من مختلف الصنوف ومختلف المستويات في دورات خارج القطر لغرض تطوير مؤهلاتهم علمياً و فنياً لضباط الجيش.
هً. أما على صعيد القوة الجوية والدفاع الجوي وسلاح السمتيات والقوة البحرية فكان إهتمام القيادة العليا للدولة بشكل متميز في التسليح والتجهيز والتدريب.
3. الفترة التي تسارعت فيها الأحداث وأدت إلى نشوب الحرب .
أ. تم إتفاق العراق و إيران على تسوية المشاكل الحدودية بين الطرفين في زمن الشاه كما جاء في إتفاقية الجزائرالتي تم التوقيع عليها بين الطرفين في الجزائر في آذار سنة 1975 والتي أنهت تمرد البيشمركه في شمال العراق.
ب. بعد قيام الثورة الإيرانية في شباط سنة 1979 كانت القيادة العراقية تأمل تحسن العلاقات (العراقية – الإيرانية) عما كانت عليه في زمن الشاه إلا أن العلاقات ساءت أكثر حيث أعلن الجانب الإيراني رسمياً ، وكرَّر مرارا ً، إلغاء اتفاقية الجزائر المبرمة بين العراق وإيران ، التي أبرمها العراق مضطراً في مارس/ آذار عام 1975 و إتخذت القيادة الإيرانية بقيادة الخميني مبدأ تصدير الثورة وأوعزت إلى الأحزاب الدينية العراقية التي ترتبط بها القيام بأعمال عدائية ضد العراق تمثلت بتفجيرات الجامعة المستنصرية التي إستهدفت إغتيال وزير الخارجية الراحل طارق عزيز.
ج. الإعتداءات القتالية المستمرة التي كان يقوم بها الجيش الإيراني ضد المخافر الحدودية العراقية على طول خط الحدود من أقصى الجنوب في شط العرب إلى أقصى الشمال في أربيل حيث بلغ عدد الإعتداءات العسكرية 420 إعتداءاًً طيلة أكثر من 18 شهراً نفذتها القوات المسلحة الإيرانية براً وجواً وبحراً ، وكانت توجيهات القيادة السياسية العراقية إلى قيادة قوات الحدود بتجنب الإشتباك مع القوات الإيرانية .
د. قصف القصبات الحدودية العراقية بالمدفعية والطائرات الإيرانية المقاتلة مثل مدينة خانقين ومدينة مندلي ومدينة بدرة ومدينة زرباطيه، إختراق الأجواء العراقية من قبل الطائرات الإيرانية المقاتلة فتصدى لها صقور الجو البواسل وتم إسقاط إحدى الطائرات الإيرانية المقاتلة من طراز( أف 4 ) في إشتباك جوي مع إحدى مقاتلات القوة الجوية العراقية بقيادة الطيار الرائد كمال عبد الستار البرزنجي في ضواحي مدينة بعقوبة القريبة من العاصمة بغداد وأُسِرَ الطيار الإيراني المدعو (حسين علي رضا لشكري) بتأريخ 17 أيلول 1980 قبل إسبوع من تأريخ الرد العراقي في 22 أيلول 1980.
هـ. قدمت وزارة الخارجية العراقية 293 مذكرة إحتجاج رسمية وُجِهَتْ إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورؤوساء مجلس الأمن الدولي وإلى الحكومة الإيرانية مباشرة أو عبر هيآتها الدبلوماسية في بغداد إلا أن إيران كانت تقوم بالمقابل بأعمال من شأنها الإخلال بأمن العراق الداخلي منها:
أولاً. التهديدات الإيرانية بإجتياح العراق و( تحريره ) من النظام الوطني فيه ، وتصدير الثورة والزحف نحو كربلاء والنجف .
ثانياً. دعم إيران خميني لفصائل المعارضة العراقية التي تدين بالولاء لها ، ومدِّها بالمال والسِلاح ، وقيام تلك التنظيمات وخاصة حزب الدعوة ، بأعمال التفجيرات والإغتيالات.
4. تَحَشُدْ القطعات
أ. في شهر حزيران 1980 صَعَّد الجيش الإيراني من الإعتداءات العسكرية على المخافر الحدودية في مناطق عديدة من خط الحدود خاصة في القاطعين الأوسط والجنوبي ، في هذا التأريخ كانت معظم وحدات الجيش العراقي منفتحة في مناطق التدريب الإجمالي المثبته من قبل قيادات الفرق لتطبيق (التدريب التعبوي القسم الأول ) حسب نشرة تدريب المقر العام.
ب. صدرت الأوامر من رئاسة أركان الجيش إلى قيادات الفيالق بتحريك القطعات العسكرية من مناطق التدريب التعبوي المنفتحة فيها إلى مناطق تدريب تعبوي خلف خط الحدود بمسافة مناسبة على أن تتخذ تدابيرالحماية ضد الهجمات الجوية المعادية المحتملة من خلال الإنتشار الواسع وحفر مواضع لعجلات القتال المدرعة وكافة الآليات وفتح أسلحة م / ط وإستلام أعتدة الخط الأول والخط الثاني.
ج. كما صدرت الأوامر إلى قيادات الفيالق بإكمال تطبيق التدريب التعبوي القسم الأول كما مقرر في نشرة تدريب المقر العام والإيعاز بتنفيذ تمارين تعبوية بقطعات بمستوى التشكيلات على صفحة التقدم والهجوم والتخلل.
د. كما قامت مديرية التعبية والإحصاء بدعوة مواليد إحتياط لغرض سد النقص في الأشخاص لبلوغ موجود الوحدات المقاتلة نسبة 80 % من الملاك الدائم.
5. المعلومات
أ. أغلب المعلومات العسكرية التي كانت متوفرة لدى وحدات الجيش العراقي عن قطعات الجيش الإيراني تنظيماً وتسليحاً وتجهيزاً مقتبسة من نشرات الصحف والمجلات العسكرية للدول الغربية على إعتبار أن تنظيم وتسليح الجيش الإيراني مشابه لتسليح الجيش الأمريكي وهذا لا يطابق الحقيقة التي على الأرض.
ب. قبل تأريخ نشوب الحرب لم يكن لدى الجانب العراقي معلومات تفصيلية عن طوبغرافية الأرض لمحاور الحركات المحتمل أن تتقدم عليها القطعات العراقية ، والأكثر من ذلك لم يكن لدى الجهة العسكرية المسؤولة عن تأمين الخرائط التربيعية ( العسكرية ) وهي مديرية الإستخبارات العسكرية العامة أية خرائط بمقياس الرسم الذي تحتاجه القطعات العسكرية خلال العمليات العسكرية مما سبب للقطعات صعوبات جمة خلال بدأ العمليات العسكرية.
ج. إشارة للفقرة ( ب ) أعلاه كانت الخرائط العسكرية المزودة بها قيادة القوة الجوية قديمة جداً ولم يجري تحديثها بالمعلومات المستجدة مما سبب معاضل جمة للتشكيلات للضربة الجوية الأولى وأذكر على سبيل الحصر التشكيلات التي إنطلقت من قاعدة علي الجوية بإتجاه قاعدة ديزفول الجوية كان مدرج القاعدة على الأرض لايتطابق مع الخرائط التي تم تزويد الطيارين بها مما تَطَلّب البحث عنه وهذا أدى إلى حرق وقود إضافي ولأن وقود الطائرات محسوب بالثواني وبعد عودة الطائرات نَفَذَ وقودها قبل الوصول إلى القاعدة مما أدى إلى سقوط قسم من الطائرات وإصابة الطيارين نتيجة القفز بالمظلات ومنهم قائد السرب 49 ميك 23 هجوم أرضي.
6. العقيدة العسكرية
أ. كانت القيادة السياسية العليا للدولة والقيادة العسكرية العليا المتمثلة برئاسة أركان الجيش تخشى قيام إيران بالتعرض على الأراضي العراقية لأسباب كثيرة منها :
أولاً. طول خط الحدود المشترك مع إيران والبالغ التعقيد وذو طبوغرافية متنوعة ولكون طبيعة الجغرافيا العسكرية في أراضي الجانب الإيراني تساعد على المناورة أكثر من أراضي الجانب العراقي
ثانياً. حجم الجيش الإيراني يفوق حجم الجيش العراقي عدداً وعُدَة ًوتسليحه بِأسْلِحَةٍ أمريكية تتفوق على الأسلحة الشرقية المسلح بها الجيش العراقي.
ثالثاً. حجم القوة الجوية الإيرانية يفوق حجم القوة الجوية العراقية عدداً وعدة حيث كانت مجهزة بطائرات مقاتلة أمريكية الصنع من طراز (أف 4 وأف 5 وأف 14 ) التي كفائتها تتفوق على الطائرات المقاتلة الروسية الصنع التي تمتلكها القوة الجوية العراقية.
رابعاً. حجم القوة البحرية الإيرانية يفوق حجم القوة البحرية العراقية عدداً وعدة وبنسبة 1 / 10 حيث كانت مجهزة بالعديد من القطع البحرية الغربية الصنع ولها العديد من الموانئ البحرية على طول الخليج العربي إضافة إلى سيطرتها على مضيق هرمز و سيطرتها على الملاحة في الخليج العربي وخاصة ناقلات النفط العراقية .
ب. إتخذت القيادة العسكرية العراقية العُلْيا قراراً عسكريا ًخطيراً يَنِمُ عن شجاعة متخذ القرار وهو( تطبيق مبدأ الهجوم أحسن وسيلة للدفاع ) والقيام بالتعرض الواسع يوم 22 أيلول 1980 جواً وبراً لغرض تفادي قيام القوة الجوية الإيرانية بهجوم واسع على القواعد الجوية العراقية وتكبيدها خسائر جسيمة كما حصل للقوة الجوية المصرية في حرب حزيران سنة 1967 كذلك تفادي قيام الجيش الإيراني بالتعرض على الأراضي العراقية وتجنيب المدن العراقية القريبة من خط الحدود ويلات الحرب.
ج. ينبغي الإشارة إلى العقيدة العسكرية التي طُبِقَتْ من قبل الجيش العراقي بعد نشوب الحرب إن صح التعبير:
أولاً. كان الجيش العراقي منذ تأسيسه سنة 1921 يطبق المفاهيم الغربية من حيث التنظيم والتسليح والتجهيز والتعبئة وتدريب وحدات الجيش وفق المصطلحات والمفاهيم الآنفة الذكر والتي تشكل بمجموعها مصطلح العقيدة العسكرية.
ثانياً. لطول خط الحدود بين العراق وإيران وعدم وجود عمق مناسب بين خط الحدود والمدن العراقية والتي تشكل هدفاً للقوات الإيرانية في حالة نشوب حرب بين البلدين كان الجيش العراقي وضمن مصطلح العقيدة العسكرية التي يعتمدها لا يستطيع التخلي عن شبر واحد من الأراضي العراقية وهذا يعني وجوب تواجد قطعاته على طول خط الحدود.
د. يجب الإشارة إلى العقيدة العسكرية التي طبقت من قبل الجيش الإيراني بعد نشوب الحرب إن صح التعبير:
أولاً. لعمق إيران الجغرافي وبُعدْ مدنه عن خط الحدود وكثافة السكان العالية كان الجيش الإيراني يطبق المفاهيم الشرقية خلال القتال حيث يقوم بوضع نقاط مراقبة في مواضعه الدفاعية ويستخدم باقي القوة في شن هجوم على مواضع دفاعية تقع على محورآخر، لِعِلْمِهِ المسبق بعدم إمكانية القطعات العراقية من شن هجوم على تلك الدفاعات التي لايتواجد فيها غير نقاط المراقبة.
ثانياً. كان الجيش الإيراني في معظم الهجمات التي شنها على الحدود العراقية يعتمد هجوم الكتل البشرية لكي يحقق التفوق البشري على عدد الأفواه النارية المتواجدة في الدفاعات العراقية التي غالباً ما يكون أعداد الجنود فيها لا يتناسب مع سعة جبهة المواضع الدفاعية.
7. أهم أحداث الحرب سنة 1980
أ. لا أعرف أسماء الضباط أو رتبهم العسكرية أو المناصب العسكرية التي كانوا يتبؤونها أو الدوائر العسكرية التي كانوا مسؤولين عن إدارتها ، أقصد الضباط الذين وضعوا الخُطَطِ العسكرية وتخصيص حجم القطعات المناسب لكل محور من المحاور الذي تقدمت عليه القطعات العسكرية عند حلول ساعة الصفر ، لكن أعلم بما لايقبل الشك إن هؤلاء الكوكبة هم نخبة ضباط الجيش العراقي الباسل كفاءةً ومهنيةً ونهلوا العلم العسكري من أرقى المؤسسات العسكرية في العالم .
ب. إنطلقت تشكيلات القوة الجوية المقاتلة نحو الإهداف المقررة لكل تشكيل وتقدمت القطعات البرية على المحاور نحو أهدافها المحددة في ساعة الصفر يوم 22 أيلول 1980 وحققت تشكيلات القوة الجوية ومعظم القطعات البرية أهدافها حسب الخطط الموضوعة إلا أن قسم من القطعات البرية تأخر لبعض الوقت نسبياً وهذا شئٌ طبيعي بسبب مقاومة الجيش الإيراني ، وصعقت القيادتين السياسية والعسكرية الإيرانية لوقت وحجم المباغته الجوية والبرية التي حققها الجيش العراقي الباسل .
ج. قسم من الأهداف العسكرية كان إختيار واضعي الخطط لها غير صائب أحدها في القاطع الشمالي و الآخر في القاطع الجنوبي :
أولاً. الهدف الأول منطقة نوسود شرق حلبجة ، طبوغرافية هذه المنطقة جبلية ومعقدة وخط الإدامة طويل جداً ، القطعات العسكرية من فرقة المُشاة الرابعة التي تقدمت على هذا المحور وإتخذت موضع دفاعي لاحقاً تكبدت خسائر بشرية كبيرة نتيجة لطبوغرافية الأرض الجبلية المعقدة ولمعرفة الإيرانيين بطبيعة المنطقة بشكل جيد جداً.
ثانياً. الهدف الثاني قاطع عبادان شرق نهر الكارون آمر اللواء المدرع السادس الشهيد العقيد الركن عبد العزيز الحديثي رفض تنفيذ عملية عبور نهر الكارون ( كانت وجهة نظره الشخصية إن إحتلال شرق الكارون عملية غير صائبة ) ، لأن طبوغرافية هذه المنطقة معقدة جداً لا تصلح لعمل القطعات المدرعة والآلية لأن المياه الجوفية عالية جداً ، إستبدل بآمر لواء بديل أعتقد هو العقيد الركن صبيح عمران الطرفه ونفذ عملية العبور، لكن المساحة التي إنتشرت فيها القوة بعد عملية العبور قليلة لا تسمح بالإنفتاح الواسع ومُحاطة بالمياه من جميع الإتجاهات من إتجاه الشرق وإتجاه الجنوب منطقة (هورالشدكان ) المغمور بالمياه ومن إتجاه الغرب ترعة بهمشير ومن إتجاه الشمال نهر الكارون وأصبحت القطعات العراقية في منطقة قتل هدفاً دسماً للمدفعية الإيرانية.
د. طبق الجيش الإيراني في الأشهر الأولى من الحرب سنة 1980 العقيدة العسكرية التي تُعْرَفْ بحرب الإستنزاف إقتباساً من الإسلوب الذي طبقه الجيش العربي المصري بعد حرب حزيران 1967 ضد الجيش الإسرائيلي في خط بارليف الذي بناه الجيش الإسرائيلي شرق قناة السويس ، حيث تحولت القطعات العراقية من حالة الهجوم إلى حالة الدفاع المستكن وأصبحت هدفاً دسماً لنيران المدفعية الإيرانية ، قدمت القوات العراقية تضحيات بشرية كبيرة نتيجة القصف المدفعي الشديد والمتواصل كذلك تكبدت خسائر كبيرة بالمعدات المدرعة والآلية وكانت خسائرالجيش الإيراني أضعاف خسائر الجيش العراقي.
8. القيادة والسيطرة
أ. كانت فترة تبوأ الفريق الأول الركن عدنان خيرالله منصب وزير الدفاع تُعْتَبَرُ فَتْرَةً ذَهَبِيَةً عاصرتها وزارة الدفاع من خلال حرصه على تنظيم دوائر وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش و تعيين أكفأ الضباط مهنية وخبرة عسكرية علمية وعملية لإشغال مناصب دوائر وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش والمؤسسات العلمية ( كلية الأركان – جامعة البكر للدراسات العسكرية العُليا) وهذا ساعد كثيراً على إعداد ضباط ركن كفوئين قادرين على إدارة القيادات العسكرية العُليا وقيادة القطعات في ظروف الحرب .
ب. لقد تبوأ قيادة الفيالق خلال سنوات الحرب ضباط ركن كفوئين يشهد لهم القاصي والداني وسبق لهم قيادة القطعات العراقية في الجبهة الشرقية خلال حرب تشرين سنة 1973 مع العدو الإسرائيلي وحركات الشمال سنة( 1974 – 1975 ) وأخص بالذكرمنهم :
الجيل الأول
أولاً. الفريق الركن عبد الجبارشنشل .
ثانياً. الفريق الركن إسماعيل تايه النعيمي.
ثالثاً. الفريق الركن محمد فتحي أمين.
رابعاً. الفريق الركن سالم حسين العلي.
خامساً. الفريق الركن ضياء توفيق.
سادساً. الفريق الركن ضياء الدين جمال.
سابعاً. الفريق الركن عبد الستار المعيني.
ثامناً. الفريق الركن طه نوري الشكرجي.
تاسعاً. الفريق الركن عبد الجبار الأسدي.
عاشراً. الفريق الركن عبد الله عبد اللطيف الحديثي.
أحد عشر. الفريق الطيار حميد شعبان .
الجيل الثاني
أولاً. الفريق الركن عبد الجواد ذنون .
ثانياً. الفريق الركن نزار عبد الكريم الخزرجي .
ثالثاً. الفريق الركن سعدي طعمة الجبوري.
رابعاً. الفريق الركن هشام صباح الفخري.
خامساً. الفريق الركن ماهر عبد الرشيد .
ساًدساً. الفريق الركن محمد عبد القادر الداغستاني .
سابعاً. الفريق الركن سلطان هاشم أحمد .
ثامناً. الفريق الركن صلاح عبود .
تاسعاً. الفريق الركن أياد خليل زكي .
عاشراً. الفريق الركن شوكت أحمد عطا.
أحد عشر. الفريق الطيار الركن محمد جسام.
ج. فاق الجيش الإيراني من تأثيرالضربة العسكرية العراقية التي وجهت له يوم 22 أيلول 1980 بعد وقت قصير نسبياً وبدأ يقاتل بشراسة ، أدركت القيادة العسكرية العراقية العُلْيا خطورة الموقف الآنف الذكر بسرعة عالية ولسعة ساحات العمليات وخطورتها في القاطع الجنوبي قامت ( ق ع ق م ) بتشكيل قيادة الفيلق الرابع في سنة 1981 وحددت مدينة العمارة مقراً له ليتسنى له قيادة القطعات التي كانت تقاتل في قواطع (الشيب - الشوش - ديزفول – الطيب) وحتى منطقة جلات الحدودية مقابل مدينة علي الغربي.
د. كما تم تشكيل قيادة الفيلق الخامس بنفس الفترة الزمنية أعلاه لغرض قيادة القطعات المتواجدة على محور( أربيل - راوندوز - حاج عمران ) والقطعات المتواجدة على محور( كويسنجق – رانية – قلعة دزه ).
هـ. كما تم تشكيل قيادة الفيلق السادس بعد معركة شرق دجلة في آذار سنة 1985 لغرض قيادة القطعات المنفتحة في منطقة الأهواروالممتدة من مدينة قلعة صالح شمالاً حتى مدينة القرنة جنوباً.
و. كما تم تشكيل قيادة الفيلق السابع سنة 1985 لقيادة القطعات المنفتحة في قاطع الفاو الممتدة من مدينة أبو الخصيب شمالاً حتى رأس البيشة جنوباً قبل معركة الفاو سنة 1986 بفترة زمنية قصيرة.
ز. كما تم تشكيل قيادة الفيلق الأول الخاص سنة 1986 وأنيطت به مهمة قيادة القطعات المنفتحة على المرتفعات الحدودية من منطقة جلات جنوباً مقابل مدينة علي الغربي حتى مدينة زرباطية شمالاً مقابل حوض مهران .
9. أهم أحداث الحرب سنة 1981
أ. في بداية سنة 1981 تحول الجيش الإيراني من العقيدة العسكرية التي تُعْرَفْ بحرب الإستنزاف إلى العقيدة العسكرية التي تُعْرَفْ بهجوم الكتل البشرية إقتباساً من الإسلوب الذي طبقه الجيش الروسي ضد الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية أوالإسلوب الذي طبقه الجيش الكوري الشمالي ضد الجيش الأمريكي خلال الحرب الكورية في خمسينيات القرن العشرين وبإشراف خبراء كوريين تم التعاقد معهم وإستهدف القطعات المنفتحة في القاطع الجنوبي في قاطع الشوش وقاطع الخفاجية وقاطع الأهواز وقاطع عبادان لأن الدفاعات العراقية فيها كانت هشة بسبب طبوغرافية الأرض المستوية والتي تكون فيها المياه الجوفية مرتفعة خاصة في فصل الشتاء ولاتسمح بحفر المنظومة الدفاعية بالعمق المناسب وفق كراسة دفاعات الميدان وكما مبين في المعارك التالية.
ب. ليلة 4 / 5 كانون الثاني 1981 شن الجيش الإيراني أول هجوم له على دفاعات الفرقة المدرعة التاسعة والقطعات المتجحفلة معها شرق الخفاجية بإسلوب الكتل البشرية تعقبها دروع الفرقة المدرعة 16 الإيرانية وتركز الهجوم على الموضع الدفاعي للواء المدرع 43 ، أخلت معظم قطعات الفرقة المدرعة التاسعة مواضعها الدفاعية نتيجة إستخدام قذائف ال (أر بي جي ) المضادة للدروع بكثافة من قبل حرس خميني وإنسحبت إلى الخلف بإسلوب غيرمُنَظَمْ وغير مُسَيْطَرٌ عليه وتكبدت خسائر جسيمة بالأشخاص والمعدات.
ج. طلب رئيس أركان الفيلق الثالث صباح 5 كانون الثاني 1981 إسناد جوي قريب ومستعجل من قاعدة علي الجوية مباشرة ، لبى آمر القاعدة الجوية الطلب فوراً حيث قامت طائرات الهجوم الأرضي من السرب 49 نوع ميك 23 والسرب 14 نوع ميك 21 من قاعدة علي الجوية تحديداً بعملية الإسناد الجوي القريب لأول مرة منذ بداية الحرب وإنْقَضّ صقور الجو البواسل من أبطال السربين المذكورة آنفاً على أهدافهم بشجاعة منقطعة النظير حيث كانوا يتسابقون لتنفيذ الضربات الجوية على مدى ثلاثة أيام متواصلة وكبدوا قطعات الجيش الإيراني خسائر بشرية جسيمة كذلك دكوا مواضع إنفتاح المدفعية الإيرانية بوابل من النيران وتدمير أعداد كبيرة من القطعات المدرعة المعادية المهاجمة .
كتبنا مقالة عن إستخدام القوة الجوية في هذه المعركة ونُشِرَتْ في مجلة الكاردينيا على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/terathwatareck/9498-2014-03-18-20-17-02.html#disqus_thread
د. فجر يوم 6 كانون الثاني 1981 شن إحتياط الفيلق الثالث اللواء المدرع العاشر الذي كان تسليحه دبابات (تي 72)هجوم مقابل صاعق على قطعات الفرقة المدرعة 16 الإيرانية التي وصلت طلائعها إلى الحويزة وقدمة الصولة الأولى إجتازت نهر الكرخة العمية ومن أثر المباغته وقوة الصدمة التي حققها اللواء المدرع العاشر فرّ طواقم الدبابات الإيرانية تاركين دباباتهم ومحركاتها تشتغل فكانت بحق معركة الدروع الأولى بين الجيش العراقي والجيش الإيراني حقق فيها اللواء المدرع العاشر نصراً ساحقاً وكبدها خسائر جسيمة بالدبابات وناقلات الأشخاص المدرعة والأشخاص وأُطْلِقَتْ على هذه المعركة تسمية معركة الخفاجية الأولى.
ه. توالت هجمات الجيش الإيراني على القطعات العراقية في قا طع الفيلقين الثالث والرابع أكثر من بقية قواطع العمليات لأسباب عديدة منها :
أولاً. سعة الجبهات للمواضع الدفاعية للقطعات المدافعة خلافاً للسياقات التعبوية بسبب عدم إعادة تنسيق المواضع الدفاعية بعد عملية التقدم رغبة بعدم التخلي عن الأراضي التي تم السيطرة عليها.
ثانياً. عدم حاكمية الأرض والتي لا تساعد على الدفاع لكونها مستوية والمياه الجوفية فيها مرتفعة جداً خاصة في فصل الشتاء.
ثالثاً. عدم إحكام السيطرة على خطوط الإدامة الطويلة نسبياً بين مواضع إنفتاح القطعات الأمامية داخل الأراضي الإيرانية وبين مناطق الإدامة الرئيسية داخل الحدود العراقية والتي كانت تسمح بتسلل مجموعات من حرس خميني خلف القطعات العراقية بالتزامن مع ساعة شروع قطعات الهجوم الرئيسي الإيراني وتضربها من الخلف وتسبب إرباك بين صفوف جنود الوحدات العراقية يصعب السيطرة عليه من قبل الآمرين.
رابعاً. المعلومات العسكرية المجانية عن أماكن إنفتاح القطعات العراقية وحالتها المعنوية التي كانت تقدمها العناصر الموالية للنظام الإيراني المتواجدين في القرى المنتشرة على جهتي خط الحدود العراقية الإيرانية خاصة في مناطق الأهوار والمناطق الجبلية.
و. في 27 أيلول سنة 1981 شن الجيش الإيراني عملية عسكرية واسعة النطاق على المواضع الدفاعية لقطعات الفرقة المدرعة الثالثة والقطعات المتجحفلة معها شرق نهر الكارون على أثرها إنسحبت القطعات العراقية عبر الجسور العسكرية المنصوبة على نهر الكارون إلى جهة غرب الكارون وأسفرت العملية عن فك الحصار عن مدينة عبادان ودفع القوات العراقية إلى ما وراء نهر الكارون وتكبدت القطعات خسائر كبيرة بالأشخاص والمعدات ، مما أكد صحة وجهة نظر آمر اللواء المدرع السادس الذي رفض تنفيذ عملية عبور نهر الكارون في بداية الحرب.
ز. المنطقة الرخوة بين محور( الفكة – جنانة – الشوش ) الذي تقدمت عليه قطعات فرقة المُشاة الآلية الأولى ومحور (الشيب – البسيتين – الخفاجية ) الذي تقدمت عليه قطعات الفرقة المدرعة التاسعة ، منطقة شاسعة تبلغ أبعادها ( 60 × 60 ) كيلومتراً طبوغرافية هذه المنطقة عبارة عن كثبان رملية زائداً طبقات صخرية يحدها من الشرق نهر الكرخة ومن الجنوب تلول تعرف بإسم تلول ( ألله أكبر) ومن الشمال الغربي مرتفعات تعرف بإسم جبل (مشداخ ) هذه المنطقة الشاسعة تقدم تسهيلات الإختفاء للقطعات الإيرانية الراجلة وللطائرات السمتية المقاتلة وتسمح بالتسلل خلف القطعات العراقية المدافعة على شكل نقاط مراقبة في تلول ( الله أكبر ) و جبل (مشداخ ) لم تحكم القطعات العراقية السيطرة عليها بصورة جيدة .
ح. بعد معركة الخفاجية الثانية جرى سحب الفرقة المدرعة التاسعة من قاطع (الخفاجية - الحويزة ) لضعف إدائها ولغرض إعادة التنظيم لتشكيلاتها وتبديلها بالفرقة المدرعة السادسة التي كانت في قاطع الفيلق الثاني في قاطع (خانقين – قصر شيرين).
ط. في 28 تشرين الثاني سنة 1981 شن الجيش الإيراني هجوماً واسع النطاق بقطعات تتألف من الدروع والمُشاة وحرس خميني من عدة محاور على قطعات الجيش العراقي التي تدافع في منطقة الحويزة قيادة الفرقة المدرعة السادسة والقطعات المتجحفلة معها ومدينة البسيتين قيادة قوات الشيب التي ترتبط بقيادة الفيلق الرابع .
أولاً. المحورالأول بإتجاه الجناح الأيمن لقطعات الفرقة المدرعة السادسة والقطعات المتجحفلة معها في قاطع الحويزة على الموضع الدفاعي للواء المُشاة 49 الذي يتخذ موضع دفاعي غرب نهر الكرخة العمية الكائن في الجناح الأيمن لقاطع الفرقة والذي يوجد في قاطعه الدفاعي خمسة جسور على نهر الكرخة العمية ويشكل الحدود الفاصلة مع قطعات فرقة المُشاة الآلية الخامسة وبعد وقت قصيرإتضح إن هذا الهجوم ثانوي لغرض صرف إنتباه الفرقة عن محور إتجاه الهجوم الرئيسي.
ثانياً. المحور الثاني بإتجاه الجناح الأيسر لقطعات الفرقة المدرعة السادسة والقطعات المتجحفلة معها على قاطع اللوائين 25 مُشاة آلي و96 مُشاة التي تكون مواضعها الدفاعية بين نهر السابلة ونهر نيسان وحقق العدو موطئ قدم في مواضع السرايا الأمامية لأفواج اللوائين المذكورة آنفاً ، وبعد إنجلاء الموقف تأكد للفرقة إن هذا المحور هو محورهجوم العدو الرئيسي وجرى تثبيته من قبل قطعات العمق .
ثالثاً. بعد ذلك شنت قطعات الهجوم المقابل المؤلفة من اللواء المدرع 16 واللواء المدرع 30 هجوماً ساحقاً مُسْندْ بثقل ناري كبيرعلى قطعات العدو في موطئ القدم الذي إحتله وكبدها خسائر جسيمة بعجلات القتال المدرعة وبالإشخاص مما إضطر العدو على سحب أشلاء قطعاته المنهارة والتراجع إلى الخلف.
رابعاً. المحور الثالث على قطعات قيادة قوات الشيب المنفتحة في منطقة مدينة البسيتين من إتجاهين الأول من إتجاه مدينة الخفاجية بقطعات مدرعة
، على قاطع لواء المُشاة 48 الذي يشكل الحدود الفاصلة مع قطعات الفرقة المدرعة السادسة والإتجاه الثاني من إتجاه المنطقة الرخوة المشار إليها في الفقرة (ز) أعلاه حيث قام بعملية تسلل بكتل بشرية كبيرة من حرس خميني خلف القطعات العراقية المنفتحة حول منطقة مدينة البسيتين وتمكن من تكبيد القطعات العراقية خسائر بشرية كبيرة.
ي. شنت (قوة عبد الله ) قوة مرتبة من قطعات الفيلق الثالث بقيادة قائد فرقة المُشاة الآلية الخامسة هجوم مقابل على قطعات الجيش الإيراني التي إحتلت مواضع لواء المُشاة 48 في منطقة البسيتين وكبدتها خسائر جسيمة بالأشخاص والمعدات إلا أنها لم تستطع إعادة إحتلال المواضع الدفاعية التي إحتلها الجيش الإيراني .
إطلق على هذه المعركة إسم معركة الخفاجية الثالثة.
ك. إرتكب الجيش الإيراني جريمة بشعة بحق الأسرى من الجنود العراقيين العُزّلْ الذين تم أسرهم في مدينة البسيتين في هذه المعركة حيث قام بإعدام أعداد كبيرة منهم وهم مقيدي الأيدي ضارباً عرض الحائط بنود إتفاقية جنيف التي تنص على معاملة الأسرى معاملة حسنة.
ل. تخليداً لذكرى شهداء الجيش العراقي الذين أعدمهم الجيش الإيراني في معركة البسيتين إتخذت القيادة العراقية العُليا للدولة قراراً ، تثبيت يوم 1 كانون الأول من كل عام يوم للشهيد ، وشيدت صرحاً عظيماً في جانب الرصافة بين طريق شارع فلسطين وطريق قناة الجيش مقابل مبنى اللجنة الأولمبية العراقية نُقِشَتْ فيه أسماء شهداء الجيش العراقي الذين ضحوا بحياتهم من أجل الدفاع عن أرض العراق في الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988).
10. أهم أحداث الحرب سنة 1982
أ. قاطع الفيلق الرابع
أولاً. في 22 آذار سنة 1982 شن الجيش الإيراني هجوماً واسع النطاق بقطعات كبيرة الحجم على قاطع الشوش وديزفول من محورين :
(1). المحور الأول من جهة الجنوب من إتجاه المنطقة الرخوة التي أشرنا إليها آنفاً وتحديداً من منطقة الكثبان الرملية (فتحة الرقابية - جنانة – دوسلك)على قطعات المراقبة لفرقة المُشاة الآلية الأولى التي كانت تدافع على تلول مشداخ وتكبدت القطعات خسائر كبيرة بالأشخاص والمعدات وأصبحت القوات الإيرانية خلف قطعات فرقة المُشاة الآلية الأولى والقطعات المتجحفلة معها التي كانت مواضعها الدفاعية في قاطع الشوش .
(2). المحور الثاني من جهة الشمال من إتجاه منطقة إمام زادة عباس ومنطقة دهلران على قطعات الفرقة المدرعة العاشرة والقطعات المتجحفلة معها التي كانت مواضعها الدفاعة في قاطع ديزفول وأصبحت القوات الإيرانية خلف قطعات الفرقة المدرعة العاشرة وأصبحت القطعات العراقية بين فكي كماشة تكاد تطبق عليها القوات الإيرانية .
ثانياً. شنت قطعات الإحتياط للفيلق الرابع هجوماً مقابلاً عنيفاً على قطعات الجيش الإيراني وتمكنت من كسر الطوق الذي فرضته القوات الإيرانية وكبدتها خسائر كبيرة بالأشخاص والمعدات وأدامت الإتصال بالقطعات العراقية وسهلت عملية إنسحاب قطعات فرقة المُشاة الآلية الأولى إلى موضع دفاعي جديد قرب خط الحدود الدولية بينما قامت قطعات الفرقة المدرعة العاشرة بقتال تراجعي إلى مواضع دفاعية متعاقبة بإتجاه خط الحدود الدولية وإتخذت موضع دفاعي جديد على نهر دوريج شرق خط الحدود الدولية .
ب. قاطع الفيلق الثالث
بعد نجاح الهجمات التي شنها الجيش الإيراني في نهاية شهرآذار1982 على قطعات الفيلق الرابع في الشوش وديزفول شرق ميسان التي أشرنا لها آنفاً في (أ) أعلاه وإنسحاب القطعات العراقية إلى خط الحدود الدولية ، نقل الجيش الإيراني جهد قطعاته من قاطع الفيلق الرابع إلى قاطع الفيلق الثالث في منطقة شرق البصرة .
أولاً. في 30 نيسان سنة 1982 قام الجيش الإيراني بعملية عبور لنهر الكارون شمال شرق مدينة المحمرة من منطقة السلمانية المعروفة بمنطقة جسر حالوب وسيطرت قطعات الجيش الإيراني على طريق السدة الحديدية (المحمرة - الأهواز) بعد تدمير القطعات التي كانت منفتحة بين نهر الكارون والطريق العام والذي كان مَمْسُوكاً بنقاط مراقبة أشبه بنقاط المراباة في المناطق الجبلية من قبل لواء مُشاة مستقل وأصبح للجيش الإيراني تواجد كبيرفي منطقة جسر (حالوب - الطاهري ).
ثانياً. كان ضمن نهج إدارة المعركة الدفاعية للفيلق الثالث فيما إذا تمكن الجيش الإيراني من عبور نهر الكارون من منطقة جسر حالوب ينبغي مسك خط صد على سدة الطريق ( المحمرة – الأهواز) من قبل الفرقة المدرعة الثالثة لغرض تثبيت العدو أولاً ثم القيام بالهجوم المقابل عليه ، لكن الفرقة المدرعة الثالثة تأخرت في مسك خط الصد وإستثمر الجيش الإيراني الفرصة الذهبية التي سنحت له نتيجة هذا الخطأ الستراتيجي الكبير وبدأ الجيش الإيراني بتدمير قطعات الفرقة المدرعة الثالثة المنفتحة بين سدة طريق( المحمرة – الأهواز) والسدة الحدودية وإندفعت قطعاته بكثافة بإتجاه دفاعات الفرقة المدرعة التاسعة المنفتحة أمام السدة الحدودية بين مخفر بوبيان جنوباً ومخفر زيد شمالاً ودارت معارك شرسة وضارية بين قطعات الطرفين .
ثالثاً. في 22 أيار سنة 1982 شن الجيش الإيراني هجوماً بكتل بشرية كبيرة من حرس خميني من عدة إتجاهات على مدينة المحمرة مما أدى إلى حدوث فوضى بين القطعات المكلفة بالدفاع عن المدينة وإنسحابها من مواقعها بشكل مفاجئ وغير مُنَظَمْ وغير مُسَيْطَرٌعليه وفقدان السيطرة على القطعات من قبل قيادة قوات الدفاع عن مدينة المحمرة بسبب كون أغلب القطعات المدافعة عن المدينة كانت من تشكيلات الأحتياط المشكلة حديثاً ومن قواطع الجيش الشعبي وتكبدت القطعات خسائر بشرية كبيرة ووقوع أعداد كبيرة من الجنود والضباط ومنتسبي الجيش الشعبي بالأسر.
رابعاً. أصبح تواجد العدو في منطقة الطاهري يهدد دفاعات فرقة المُشاة الآلية الخامسة والقطعات المتجحفلة معها المنفتحة في منطقة معسكر حميد غرب الأهواز كما يهدد دفاعات الفرقة المدرعة السادسة والقطعات المتجحفلة معها المنفتحة في منطقة الحويزة ، طلب قائد الفرقة المدرعة السادسة وقائد فرقة المُشاة الآلية الخامسة من نائب القائد العام للقوات المسلحة سحب قطعات فرقهم إلى خط الحدود الدولية تلافياً لحصول موقف مشابه لموقف الفرقة المدرعة الثالثة ، حصلت الموافقة على سحب الفرقتين إلى خط الحدود الدولية وتم الإنسحاب بشكل مُنَظَمْ ومُسَيْطَرٌعليه من دون التدخل من قبل العدو وإتخذت الفرقة المدرعة السادسة موضع دفاعي من زاوية كشك البصري شرقاً حتى سدة السويب غرباً وفرقة المُشاة الآلية الخامسة من زاوية كشك البصري شمالاً حتى مخفر زيد جنوباً على السدة الحدودية وبدأتا بتهيئة وتحصين الموضع الدفاعي بأقصى سرعة .
خارطة الطاهري
خامساً. للفترة (من 13 تموز – 31 تموز 1982) شن الجيش الإيراني عدد من الهجمات التعرضية المتعاقبة بقطعات كبيرة الحجم مؤلفة من الدروع والمُشاة وحرس خميني على المواضع الدفاعية ( لقطعات الفرقة المدرعة الثالثة وقطعات الفرقة المدرعة التاسعة وقطعات فرقة المُشاة الآلية الخامسة ) التي كانت تتخذ خط دفاعي على السدة الحدودية بين مناطق -( مخفر كوت سوادي - مخفربوبيان – مخفر زيد) في منطقة شرق البصرة متوخياً إحتلال مدينة البصرة الهدف الستراتيجي الخطير .
سادساً. كلفت قيادة الفرقة المدرعة السادسة معززة باللواء المدرع العاشر بشن هجوم مقابل على قطعات الجيش الإيراني التي إستهدفت دفاعات الفرقة المدرعة التاسعة والتي وصلت طلائع قطعاته إلى عقدة كتيبان التي يتواجد فيها مقر الفرقة المدرعة التاسعة وجرت معارك ضارية بين قطعات الجيش الإيراني وقطعات الجيش العراقي لم يشهد لها تأريخ الحروب المعاصرة إستمرت حتى 1 آب 1982 وتكبد الطرفين فيها خسائر جسيمة بالأشخاص وعجلات القتال المدرعة وإستقر الموقف لصالح الجيش العراقي ، وأُطْلِقَتْ على هذه المعركة تسمية معركة شرق البصرة الأولى .
ج. بتأريخ 20 حزيران 1982 صدر قرار سحب القطعات العراقية من الأراضي الإيرانية إلى خط الحدود الدولية خلال عشرة أيام وبتأريخ 30 حزيران 1982 تم سحب كافة القطعات إلا إن صدور هذا القرار جاء متأخراً جداً كان المفروض إتخاذ القرار قبل ذلك التأريخ لتجنب الجيش العراقي الكثير من التضحيات البشرية ووفر الكثير من المعدات العسكرية للجيش العراقي التي كان بأمس الحاجة إليها.
د. كانت أحداث سنة 1982 أكثر سنوات الحرب إلاماً للقيادة العراقية وأحدثت جرحاً عميقاً في قلب الرئيس الراحل صدام حسين ، لمسنا ذلك من خلال مقابلة أجريت لآمري التشكيلات الذين تَبَوَءوا مناصبهم حديثاً مع الرئيس الراحل صدام حسين في 18 كانون الأول سنة 1984.
كتبنا مقالة عن هذه المقابلة ونشرت في مجلة الكاردينيا على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/terathwatareck/13709-2014-11-24-17-18-32.html
هـ. بعد معركة جسر حالوب الطاهري التي حققت فيها قطعات الجيش الإيراني مباغته تامة وتفوق ملحوظ أربك قطعات الفرقة المدرعة الثالثة والقطعات المتجحفلة معها في الجيش العراقي :
أولاً. شُكِلَ مجلس تحقيقي ميداني بحق قائد الفرقة المدرعة الثالثة العميد الركن مُشاة جواد أسعد شيتنه وقائد الفيلق الثالث اللواء الركن درع صلاح القاضي وتم تقصيرهم وصدرحكم بالإعدام بحقهم
ثانياً. في ظروف الحرب الطويلة وفي إمكانيات الجيش العراقي المحدودة ينبغي التأني طويلاً في إتخاذ مثل هذا القرار لأن الجيش بذل من الجهد والوقت أكثر من ثلاثين عاماً لغرض إعداد هؤلاء الضباط القادة وإيصالهم إلى هذه الرتبة والجيش بأمس الحاجة إلى الضابط مثل آمر الفصيل فكيف نضحي بقائد فرقة وقائد فيلق إنه حتماً قرار غير صائب في ظرف عصيب مر به الجيش العراقي الباسل.
11. أهم أحداث الحرب سنة 1983
أ. ليلة 6 / 7 شباط سنة 1983 شن الجيش الإيراني هجوماً كبيراً بكتل بشرية مؤلفة من المُشاة وحرس خميني ومعززة بقطعات مدرعة على المواضع الدفاعية للواء المُشاة 95 ولواء المُشاة 704 ضمن قاطع فرقة المُشاة 18 في قاطع الفيلق الرابع في (منطقة الشيب) وتمكن الجيش الإيراني من إحتلال موطئ قدم في المواضع الدفاعية للوائين المذكورين آنفاً وإستمرت المعركة عدة أيام قاتلت وحدات اللوائين المذكورين قتال بطولي كبدت فيها القطعات الإيرانية خسائر بشرية كبيرة .
ب. في يوم 9 شباط 1983 شن إحتياط الفيلق الرابع اللواء المدرع 12 هجوماً مقابلاً على قطعات الجيش الإيراني في موطئ القدم الذي حصل عليه وتمكن من تدمير معظم دروع وآليات العدو وطرده من المنطقة التي إحتلها وتكبد الجيش الإيراني خسائر بشرية جسيمة.
ج. يوم 10 نيسان 1983 شن الجيش الإيراني عدة هجمات تعرضية متعاقبة على المواضع الدفاعية في المرتفعات الحدودية في قاطع الزبيدات والشرهاني قاطع العمارة التي كانت تدافع فيها تشكيلات فرقة المُشاة 20 ضمن قيادة الفيلق الرابع ، طبوغرافية هذه المنطقة تخدم قطعات الجيش الإيراني أكثر مما تخدم قطعات الجيش العراقي وبعد عدة هجمات متقابلة بين الطرفين تمكن الجيش الإيراني من الإحتفاظ بموطئ قدم في هذه المرتفعات وتكبد الجيش الإيراني خسائر كبيرة بالأشخاص والمعدات .
د. بتأريخ 22 حزيران 1983 شن الجيش الإيراني سلسلة هجمات متعاقبة في القاطع الشمالي في قاطع (حاج عمران – رايات – جومان ) في قاطع الفيلق الخامس بمساعدة البيشمركه جماعة الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني حيث قدمت للجيش الإيراني معلومات لوجستية عن حجم قطعات الجيش العراقي وأماكن إنفتاحها حيث كانت تدافع في هذه القاطع تشكيلات من فرقة المُشاة 23 وتمكن الجيش الإيراني من إحتلال السلسلة الجبلية المسيطرة على مدينة رايات خاصة جبل ( كرده مند ).
ه. بتأريخ 19 تشرين الأول سنة 1983 شن الجيش الإيراني سلسلة هجمات تعرضية متعاقبة في القاطع الشمالي في قاطع ( بنجوين – باسنه - جوارته – ماوت ) في قاطع الفيلق الأول بمساعدة البيشمركه جماعة حزب الإتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني حيث قدمت للجيش الإيراني معلومات لوجستية عن حجم قطعات الجيش العراقي وأماكن إنفتاحها حيث كانت تدافع في هذه القاطع قطعات من تشكيلات الحدود والإحتياط بقيادة فرقة المُشاة الرابعة وتكبدت هذه القطعات تضحيات بشرية كبيرة وأعداد مماثلة من الأسرى وخسائر بالمعدات وتمكن الجيش الإيراني من السيطرة على أراضي واسعة ومرتفعات إستراتيجية هامة.
و. أدت أسراب الطائرات السمتية العائدة لجناح طيران الجيش الأول دوراً كبيراً في معارك المنطقة الشمالية خاصة في جبل (كرده مند) قاطع رايات من خلال إسناد القطعات بالنيران وبالإسناد الإداري.
12. أهم أحداث الحرب سنة 1984
لفشل الجيش الإيراني في تحقيق نصر إستراتيجي على القوات العراقية في معارك شرق البصرة سنة 1982 وفي معركة الشيب سنة 1983 بدأ العدو التحضير لشن هجوم في قاطع الفيلق الثاني لجلب إنتباه القيادة العراقية بعيداً عن القاطع الجنوبي :
أ. في ليلة 15 / 16 شباط 1984 شن الجيش الإيراني هجوم واسع النطاق على المرتفعات الحدودية في القاطع الأوسط على طول خط المواجَهة بين مدينتَي دهلران التي يقابلها في الجانب العراقي مدينة جلات الحدودية ومدينة مهران التي يقابلها في الجانب العراقي مدينتي بدرة وزرباطية الحدودية بجبهة تقارب 50 كيلومتراً ضد المَواضع الدفاعية لقطعات الفيلق الثاني في المنطقة المذكورة ، وكان هدف الهجوم قطع الطريق العام ( بغداد – البصرة ) حيث تشكل هذه المنطقة أقرب نقطة بين خط الحدود والطريق العام في مدينة علي الغربي وبعد قتال إستمرعدة أيام لغاية 21 شباط 1984 لم تحقق العملية أي نجاح رئيسي وإقتصرت العملية على تحقيق نتائج محدودة وتكبد الطرفان خسائر بشرية كبيرة ، وسميت هذه المعركة بمعركة مهران الثانية .
ب. منذ بداية سنة 1984 بدأ الجيش الإيراني القيام بإستعدادات مبكرٍة لغرض تحقيق مباغتة إستراتيجية بالإندفاع عبر مستنقعات هور الحويزة في هجومٍ رئيسٍ يستهدف قطع طريق (بغداد – البصرة) والإندفاع للتواصل مع هور الحمار حيث ينشط فيه بعض المخربين الموالين لإيران ،نشرت القيادة الإيرانية قواتها الضاربة في مناطق قريبة شرق هور الحويزة .
ج. في ليلة 21 / 22 شباط سنة 1984 شنت قطعات الجيش الإيراني هجومها الرئيسي ، بثلاث هجمات برمائية بإستخدام الزوارق المطاطية لقطعات الصولة ، وبزوارق فايبر كلاس بأحجام مختلفة لنقل القدمات المعقبة وأسلحة الإسناد ، وإستهدفت بهجومها هذا (مخافر أبو الصخير والترابة وأبو ذِكِرْ ومنطقة البيضة ) التي تقع في منطقة الكسارة داخل هورالحويزة شرق مدينة قلعة صالح وجزر مجنون الشمالي والجنوبي ومنطقة غزيل مقابل مدينة القرنة كان النجاح الوحيد الذي حققته هذه العملية هو الإستيلاء على جزر (حقلي) مجنون الشمالي والجنوبي .
د. في بداية شهرآذارسنة 1984 شنّت قطعات قيادة الفيلق الثالث هجومًا مقابلاً تمكَّنت فيه من إستعادة جزيرة مجنون الجنوبي ، عدا السدة الشمالية منه التي بقيت تحت سيطرة الجيش الإيراني.
ه. صرَّح علي أكبر هاشمي رفسنجاني ، رئيس مجلس الشورى الإيراني بعد إنتهاء معارك مجنون وسيطرتهم على حقول نفط مجنون الشمالي ، أصبح لدينا أكثر من الكفاية من إحتياطي النفط لتعويضنا عن الخسائر الفادحة التي لحقت بنا على أيدي العدو.
13. أهم أحداث الحرب سنة 1985
أ. في مطلع سنة 1985 كانت تقارير الإستخبارات تشير إلى قيام الجيش الإيراني بالتحضير لشن هجوم واسع النطاق على قاطع الفيلق الرابع في منطقة غرب الطيب لكون دفاعاتها واهنة نسبياً والقطعات الماسكة للموضع الدفاعي حجمها لا يتناسب مع سعة جبهة الموضع الدفاعي ولهذا السبب تم تحريك لواء المُشاة التاسع عشر من قاطع بنجوين قاطع فرقة المُشاة السابعة الفيلق الأول إلى قاطع الفيلق الرابع وإسندت إليه مهمة مسك هذا القاطع .
ب. برع الجيش الإيراني في تضليل الإستخبارات العسكرية العراقية عن مكان محور الهجوم المحتمل بالوقت الذي كان يعد العدو لشن الهجوم في منطقة هورالحويزة معتمداً على المعلومات التي قدمها له أدلاء من الموالين لإيران المتواجدين في مناطق الأهوارعن مكان وحجم تواجد القطعات العراقية في هذا القاطع.
ج. ليلة 10/11 آذار سنة 1985 شن الجيش الإيراني هجومه الواسع على قاطع عمليات شرق دجلة في هور الحويزة مستغلاً طبوغرافية منطقة الأهوار التي أمنت له ستر تحشد قطعاته مستخدماً وسائل جديدة هي إستخدام الضفادع البشرية والزوارق السريعة المسلحة بأسلحة ساندة في المرحلة الأولى من الهجوم وإستخدامه جسور الأطواف الفلينية التي سهلت له عملية تنقل قدمة القتال بعد إحتلاله رؤوس جسور على عقد سداد هور الحويزة وطور هجومه لاحقاً ليصل إلى الطريق العام (البصرة – العمارة ) .
د. قام الجيش العراقي الباسل بهجوم مقابل على رأس الجسر الإيراني شرق نهر دجلة من ثلاثة إتجاهات من إتجاه الشمال الفرقة المدرعة العاشرة زائداً قطعات الحرس الجمهوري ومن إتجاه الجنوب الفرقة المدرعة السادسة زائداً القطعات المتجحفلة معها ومن إتجاه الطريق العام ( البصرة – العمارة ) فرقة المُشاة الآلية الخامسة زائداً القطعات المتجحفلة معها وأحكمت القطعات العراقية الطوق عليها وأجهزت عليها عن بكرة أبيها وكبدتها خسائر جسيمة بالأشخاص والمعدات .
ه. للتأريخ قدم نظام القذافي إلى النظام الإيراني كافة معدات العبور من زوارق حربية مسلحة زائداً أطواف الجسور الفلينية التي بلغ طولها أكثر من 20 كيلومتراً هدية دعماً للمجهود الحربي الإيراني.
كتبنا مقالة عن هذه المعركة ونشرت في مجلة الكاردينيا على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/terathwatareck/6076-1985.html
14. الإستخبارات
أ. يطلق مصطلح (الإستخبارات السوقية) على المعلومات التي تحصل عليها من مصادر المعدات الفنية التي مهمتها التنصت على مكالمات العدو عبر وسائل الإتصال بالأجهزة اللاسلكية بعد فك الشفرة المعادية وتحليل نوايا العدو المستقبلية أومعلومات التصاوير الجوية لساحة العمليات التي تحصل عليها عبرالوسائل المتعددة كالطائرات المتخصصة بالتصوير الجوي أو صور الأقمار الصناعية .
ب. يطلق مصطلح ( الإستخبارات التعبوية ) على المعلومات التي تحصل عليها عن العدو من دوريات الإستطلاع العميق لساحة العمليات أو من مراصد الوحدات ومراصد المدفعية المنفتحة على طول خط الجبهة أو من إستنطاق الأسرى الذين يمكن خطفهم بواسطة دوريات القتال .
ج. بالرغم من إرسال عدد كثير من الضباط إلى خارج العراق في وقت السلم للإشتراك بدورات الإستخبارات التعبوية بدول متقدمة في هذا المجال إلا أن أغلب الدورات التي كانت تُفْتَحْ داخل القطر لمنتسبي الوحدات يتم التركيز فيها على جانب الأمن الداخلي فقط ، إنعكس هذا خلال الحرب على سير العمليات القتالية لإعتماد المحللين المعتمد عليهم في ( م إ س ع ع ) على الإستخبارات السوقية فقط للحصول على المعلومات عن نوايا العدو وإن هذه المعلومات في أغلب الأحيان قابلة للتظليل إذا أجاد العدو فن لعبة الحرب ، وهذا ما حصل فعلاً في معارك كثيرة وخطيرة حيث أخفقت ( م إ س ع ع ) مرات عديدة في معرفة محاور إتجاه هجمات العدو الرئيسية وحقق العدو نجاحاً كبيراً كلف الجيش العراقي خسائر بشرية جسيمة .
د. بينما تم إهمال المعلومات التعبوية التي حصلت عليها المراصد الأمامية للوحدات والتشكيلات ومراصد المدفعية والتي تؤشر حتمية هجوم العدو على قواطع إنفتاح تلك المراصد ، وهذا ماحصل في معركة شرق دجلة في آذار 1985 ومعركة الفاو في شباط 1986 ومعركة شرق البصرة في كانون الثاني 1987 حيث كنتُ شاهداً عليها وكان لي شرف المشاركة فيها جميعاً.
15. أهم أحداث الحرب سنة 1986
أ. بعد إنتهاء معركة شرق دجلة في آذار 1985 التي حقق فيها الجيش العراقي نصراً ساحقاً وتكبد الجيش الإيراني فيها خسائر بشرية كبيرة إستمر الجيش الإيراني بتجنيد أعداد كبيرة من المتطوعين وزجهم بجبهات القتال وكان يطمح إلى تحقيق نصر عسكري مهما كان حجمه لرفع معنويات قطعاته المنهارة.
ب. إستمر الجيش الإيراني بعملية تضليل الإستخبارات العسكرية العراقية من خلال بث رسائل عبر الأجهزة اللاسلكية توحي إهتمامه بقاطع شرق دجلة والتحضير لهجوم جديد يستهدف من خلاله منطقة السويب الكائنة شرق القرنة الحدود الفاصلة بين قطعات الفيلق الثالث وقطعات الفيلق السادس رغم أن معلومات الإستخبارات التعبوية كانت ترجح بقوة قيام الجيش الإيراني بهجوم في قاطع عمليات شط العرب الذي كان يشكل نقطة ضعف في القاطع الجنوبي لطول القاطع وضعف القطعات التي كانت تدافع عنه وهشاشة الدفاعات على ضفة شط العرب الغربية لطبوغرافية المنطقة المعقدة بسبب كثرة الأحوازات المتفرعة من نهر شط العرب وظاهرة المد والجزر في نهر شط العرب وإخفاق مديرية الإستخبارات العسكرية وللمرة الثانية على التوالي في معرفة محور الهجوم المرتقب.
ج. في ليلة 9/10 شباط سنة 1986 قام الجيش الإيراني بعملية عبور ناجحة لنهر شط العرب بواسطة الضفادع البشرية وأسس رأس جسرعلى ضفة نهر شط العرب الغربية في قاطع لواء الحدود 111 فرقة المُشاة 26 تبعه بعملية هجوم بقطعات كبيرة عبر الزوارق الحربية السريعة وقام بعملية توسيع رأس الجسر شمالاً وغرباً وتمكن من إحتلال مقر فرقة المُشاة 26 في منطقة المملحة وتمكن من إحتلال مثلث الفاو ، حاول الجيش العراقي طرد العدو من خلال شن هجمات مقابلة إستمرت فترة طويلة ولم يحقق نجاحاً ملموساً بسبب طبوغرافية المنطقة المعقدة ولعدم وجود إحتياط محلي في قاطع الفيلق السابع لوجود معظم إحتياط الجيش في قاطع الفيلق الثالث وقاطع الفيلق السادس الذي يبعد عن مكان محور الهجوم مسافة تزيد على 100 كيلومتراً.
كتبنا مقالة عن هذه المعركة ونُشِرَتْ في مجلة الكاردينيا على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/terathwatareck/6457-1986.html
د. في ليلة 23/24 كانون الأول سنة 1986 شن الجيش الإيراني هجوماً جديداً عبر نهر شط العرب على جزيرة أم الرصاص وقاطع السيبة في قاطع الفيلق السابع وتمكن من تحقيق موطئ قدم لكن القطعات العراقية كانت على درجة عالية من اليقضة والإستعداد القتالي لللإشتباك بالعدو، صمدت القطعات التي في خط العمق في مواضعها الدفاعية وتمكنت قطعات الهجوم المقابل من تدمير العدو وطرده من موطئ القدم الذي حصل عليه وتكبيده خسائربشرية كبيرة .
كتبنا مقالة عن هذه المعركة ونُشِرَتْ في مجلة الكاردينيا على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/terathwatareck/6651-2013-10-02-16-30-30.html
16. الحرس الجمهوري
أ. قبل ثورة تموز 1968 كان الحرس الجمهوري يتكون من لواء الحرس الجمهوري ويتألف اللواء من الفوج الأول مُشاة والفوج الثاني مُشاة والفوج الثالث مُشاة آلي مُجَهَزْ بناقلات أشخاص مدرعة نوع ( أم 113) أمريكية الصنع وكتيبة دبابات القصر.
ب. بعد سنة 1980 أضيف إلى قطعات الحرس الجمهوري اللواء المدرع العاشر المستقل.
ج. بعد نشوب الحرب وفي سنة 1981 تم تشكيل اللواء المدرع الثاني الحرس الجمهوري وأصبحت قطعات الحرس الجموري بمستوى فرقة .
د. بعد معركة شرق دجلة سنة 1985 بدأ التوسع في تشكيل قطعات الحرس الجمهوري بإطراد وبعد معركة الفاو سنة 1986بلغ التوسع في التشكيل ذروته حيث أصبحت قطعات الحرس الجمهوري بمستوى فيلق وشكلت له قيادة قوات الحرس الجمهوري.
ه. العوامل التي سرعت تشكيل الحرس الجمهوري هو إنتقاء الضباط المتميزين من وحدات الجيش ونقلهم إلى وحدات الحرس الجمهوري كذلك نقل وفك إرتباط وحدات كاملة من مختلف صنوف الجيش من قيادات الفرق وقيادات الفيالق وإلحاقها بالحرس الجمهوري .
و. كانت وحدات الحرس الجمهوري لاتمسك مواضع دفاعية إسوة بوحدات الجيش وإنما تتمركز في مناطق خلفية في قواطع الفيالق و متفرغة لأغراض التدريب مما جعلها منتعشة بإستمرار، وعندما تكلف بواجب هجوم مقابل في أي قاطع لا تبقى أكثر من 72 ساعة في المكان بعد إنتهاء المعركة وتسلم مواضعها إلى وحدات الجيش.
ز. إشتراك قطعات الحرس الجمهوري في الحرب :
أولاً. في معركة الخفاجية الأولى في 6 كانون الثاني 1981إشترك اللواء المدرع العاشر ناقص كتيبة دبابات بالهجوم المقابل على الفرقة المدرعة 16 الإيرانية وكبدها خسائرجسيمة.
ثانياً. في معركة شرق البصرة( 31 تموز – 1 آب) سنة 1982إشترك اللواء المدرع العاشر بالهجوم المقابل على القطعات الإيرانية وكبدها خسائر جسيمة.
ثالثاً. في معركة شرق دجلة في آذار 1985 إشتركت قطعات الحرس الجمهوري بالهجوم المقابل لأول مرة بمستوى فرقة في الرتل الشمالي وكُبِدَتْ الجيش الإيراني خسائر جسيمة.
رابعاً. في معركة تحرير الفاو 17/ 4 / 1988 إشتركت قطعات الحرس الجمهوري في تحرير مدينة الفاو وكُبِدَتْ الجيش الإيراني خسائر جسيمة.
خامساً. في معركة الشلامجة 25 أيار1988 إشتركت قطعات الحرس الجمهوري في تحريرالمخافرالحدودية في منطقة الشلامجة والسدة الحدودية حتى مخفر زيد وكُبِدَتْ الجيش الإيراني خسائر جسيمة.
سادساً. في معركة توكلنا على الله الرابعة في قاطع الفيلق الثاني في 22 تموز 1988 في تحريرالمخافر الحدودية في قاطع ديالى وكُبِدَتْ الجيش الإيراني خسائر جسيمة.
16. أهم أحداث الحرب سنة 1987
أ. في ليلة 8 /9 كانون الثاني سنة 1987 شن الجيش الإيراني هجوماً واسعاً على مواضع عدد من ألوية المُشاة التي كانت تتخذ مواضع دفاعية خطية في السدة الحدودية شمال مخفر الشلامجة والتي تحيط بها المياه من إتجاه الجنوب وإتجاه الشمال ، لكن كان لسقوط المواضع الدفاعية للواء المُشاة 45 فرقة المُشاة 11 في منطقة مخفر الشلامجة الأثر الكبيرعلى سير المعركة حيث واصل الجيش الإيراني هجماته المتعاقبة لفترة تقارب الشهرين ونصف وإشترك في المعركة من الجيش العراقي أكثر من 100 لواء ( مُشاة / مغاوير / قوات خاصة / مشاة آلي / مدرع ) وبعد إحتواء هجمات الجيش الإيراني وإستقرار الموقف حتى إستقرت الدفاعات العراقية على إحدى الأحوازات العريضة الذي يسمى نهر جاسم الذي إقترن إسم المعركة بإسم هذا النهر.
كتبنا مقالة عن هذه المعركة ونُشِرَتْ في مجلة الكاردينيا على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/terathwatareck/6651-2013-10-02-16-30-30.html
ب. تعتبر سنة 1987 سنة التدريب التعبوي المكثف لتشكيلات الجيش العراقي بعد إحتواء هجمات العدو على قطعات فرقة المًشاة 11 المُشار إليها في الفقرة ( أ ) أعلاه وإستقرار الموقف بين الطرفين على خط الموضع الدفاعي المستحدث على حافتي نهر جاسم الجنوبية والشمالية صدرأمر من القائد العام للقوات المسلحة مضمونه كل فرقة مُشاة تحررلواء مُشاة من قاطعها الدفاعي لأغراض التدريب التعبوي لفترة زمنية لا تقل عن ثلاثة أشهر وبشكل دوري ليشمل كافة تشكيلات الفرقة ، لكن التشكيلات التي كانت مخصصة لأغراض الهجوم المقابل إستمرت بالتدريب التعبوي لفترة زمنية قاربت على السنة مما أدى إلى إرتقاء المستوى القتالي لتلك التشكيلات وأصبحت جاهزة لتنفيذ أي مهمة قتالية في أي قاطع من قواطع العمليات .
17. أهم أحداث الحرب سنة 1988
أ. في شهر كانون الثاني سنة 1988 ورد تقرير من مديرية الإستخبارات العسكرية مضمونه ، يقوم الجيش الإيراني بإستحضارات ميدانية لغرض شن تعرض واسع على قاطع السليمانية بهدف إحتلال مدينة السليمانية وبالتنسيق مع البيشمركه العائدة إلى حزب الإتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني بتقديم الدعم اللوجستي للجيش الإيراني ، إتخذت ( ق ع ق م ) في نهاية شهر شباط 1988 قراراً بتحريك عدد من التشكيلات المخصصة للهجوم المقابل من القاطع الجنوبي إلى القاطع الشمالي ، وبدأت العمليات العسكرية في القاطع المؤهل لقيام الجيش الإيراني بالتعرض عليه ، إستمرت العملية العسكرية الإستباقية لإجهاض إحتلال مدينة السليمانية لغاية 17 آذار1988 :
كتبنا مقاله عن هذه العملية ونُشِرَتْ في مجلة الكاردينيا على الرابط أدناه :
http://www.algardenia.com/terathwatareck/5817-2013-08-09-21-00-35.html
ب. ليلة 13/14 آذار1988 شن الجيش الإيراني هجوم من محورين على قطعات الفيلق الأول المحور الأول على جبل مجداخ في قاطع ماوت في السليمانية والتي كان يتوخى الجيش الإيراني إحتلال مدينة السليمانية لكن العملية الإستباقية التي أشرنا إليها في الفقرة (أ) آنفاً بددت أحلامه ، والمحور الثاني على المرتفعات الجبلية المحيطة بمدينة حلبجه الحدودية والتي كان يستهدف من خلالها السيطرة على سد دربندخان ودارت معارك عنيفة على العارضة الجبلية ( شميران ) التي تشكل الكتف الأيمن لسد دربندخان وتكبد فيها الطرفين خسائر بشرية جسيمة.
كتبنا مقاله عن هذه المعركة ونُشِرَتْ في مجلة الكاردينيا على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/terathwatareck/8745-13-14-1988.html
ج. كانت سنة 1988 سنة الحسم للحرب حيث إرتقى المستوى القتالي لتشكيلات الجيش العراقي الباسل بكافة صنوفها بعد تنفيذها لخطة التدريب التعبوي المتواصلة التي إستمرت سنة كاملة وأصبحت على أهبة الإستعداد لتنفيذ أوامر ( ق ع ق م ) لتحرير الأراضي العراقية التي دنستها أقدام جنود الجيش الإيراني فكانت العمليات التعرضية المتعاقبة في كافة القواطع من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال وكما مبين أدناه:
أولاً. عملية رمضان مبارك في 17 نيسان 1988 العملية الصاعقة التي دمرت الجيش الإيراني في مثلث الفاو وحررت مدينة الفاو بفترة زمنية قياسية تلتها .
ثانياً. عملية توكلنا على الله الأولى لتحرير منطقة الشلامجة جنوب شرق البصرة في 25 أيار1988 تلتها .
ثالثاً. عملية توكلنا على الله الثانية لتحرير المخافر الحدودية وجزر مجنون شمال شرق البصرة في 25 حزيران 1988 تلتها .
رابعاً. عملية توكلنا على الله الثالثة لتحرير كافة الأراضي في قاطع العمارة قاطع الفيلق الرابع في 14 تموز 1988 وتلتها.
خامساً. عملية توكلنا على الله الرابعة لتحرير كافة الأراضي في قاطع الفيلق الثاني في القاطع الأوسط في 22 تموز 1988 والتي تزامنت معها عملية محمد رسول الله الثالثة في قاطع الفيلق الأول لتحريرقاطع بنجوين في السليمانية .
سادساً. عمليات محمد رسول الله (1 / 2 / 3 ) في قاطع الفيلق الأول في القاطع الشمالي في السليمانية :
(1). عملية محمد رسول الله الأولى لتحرير العوارض الجبلية في قاطع ماوت في السليمانية قاطع الفيلق الأول في 24 حزيران 1988.
(2). عملية محمد رسول الله الثانية لتحرير العوارض الجبلية في قاطع جوارته في السليمانية قاطع الفيلق الأول في 4 تموز 1988 .
(3). عملية محمد رسول الله الثالثة لتحرير العوارض الجبلية في قاطع بنجوين في السليمانية قاطع الفيلق الأول في 22 تموز 1988.
د. على أثرالمعارك الْمُشارُ إليها في الفقرات أعلاه التي حقق فيها الجيش العراقي الباسل نصراً ساحقاً على الجيش الإيراني وافقت إيران على قرار وقف إطلاق النار وتوقفت الحرب في 8 / 8 / 1988 .
18. القوة الجوية
أولت القيادة السياسية للدولة والقيادة العسكرية جُلّ إهتمامها في بناء القواعد الجوية على مساحة القطر وتجهيزها بأحدث الطائرات وتدريب الطيارين تدريبا فعالاً وإشراكهم في دورات متقدمة في مؤسسات التدريب للدول التي تعاقد العراق لشراء الطائرات منها كما أن خبرة طياري القوة الجوية من خلال إشتراكهم في معارك العرب القومية ضد جيش العدو الصهيوني في حربي سنة ( 1967- 1973 ) في سوريا ومصر أكْسَبَتْهُمْ خِبْرَةً قِتالِيَةً كبيرةً إضافَةً إلى العامل النفسي العالي والشجاعة الفائقة التي يتحلى به الطيار العراقي كل العوامل الآنفة الذكر أهَلّتْ القوة الجوية العراقية القيام بدورها على أفضل وجه في تنفيذ المهمة الصعبة التي كلفت بها بتوجيه الضربة الجوية الأولى إلى القواعد الجوية الإيرانية وتكبيدها خسائر كبيرة وشل حركتها من خلال الأيام الأولى للحرب ثم فرضت التفوق الجوي على القوة الجوية الإيرانية خاصة بعد تزويدها بطائرات ( أف 1 ) الفرنسية الصنع وطائرات الميك 29 وطالت ذراع القوة الجوية جزيرة خرج الإيرانية وناقلات النفط في عمق الخليج العربي وتكبيدها خسائر فادحة ولا ننسى دورمعاونية الهندسة الجوية والأجنحة التابعة لها في القواعد الجوية التي قامت بدور فعال في تصليح العطلات خلال المعارك وأجرت التحويرات الضرورية على صواريخ (جو- جو) فرنسية الصنع وتركيبها على طائرات روسية الصنع .ولأوأولتت القيادة السياسية
19. الدفاع الجوي
ينقسم الدفاع الجوي إلى قسمين الدفاع الجوي الميداني الذي يؤمن الحماية للوحدات المقاتلة في ساحة المعركة والذي يكون تحت إمْرَة آمريات الدفاع الجوي في قيادات الفيالق وقيادات الفرق والدفاع الجوي القُطْري الذي يؤمن الحماية للقواعد الجوية والمنشأت الحيوية المنتشرة على جميع مساحة أراضي القُطُرْ وتكون قيادة الدفاع الجوي هي المسؤولة عن إدارة العمليات الجوية الإيجابية كما تقوم بعملية التنسيق مع قيادات الدفاع الجوي الميداني للسيطرة على الأسلحة في ساحات المعركة أثناء تنفيذ المهمات الجوية لإسناد القطعات الأرضية ، الدفاع الجوي القُطُرْي كان إلى وقت قريب جُزْءٌ من قيادة القوة الجوية ، ولو ألقينا نظرة سريعة على الدفاع الجوي لوجدنا مقدار التوسع الذي حصل في وحدات الدفاع الجوي وجسامة مهماتها في حماية أجواء العراق ، تشكل كتائب الإنذار والسيطرة خط الدفاع الأول لرصد أي محاولة لخرق المجال الجوي لحدود العراق والتي تنتشرعلى طول خط حدود القُطُرْ ، كما تكون أسراب الطائرات المتصديات في القواعد الجوية تحت إمرة قواطع الدفاع الجوي وتشكل ألوية الصواريخ (أرض – جو) بمختلف أنواعها خط الدفاع الفَعّال لحماية أجواء العراق تساندها كتائب مدفعية م / ط بمختلف أنواعها ومختلف أنواع عياراتها
أدت قيادة الدفاع الجوي ومختلف الوحدات التي بإمرتها خلال فترة الحرب واجبها على أحسن مايرام ، لكن يؤخذ عليها عمليتين عسكريتين ، الأولى قامت بها القوة الجوية الإيرانية بالتنسيق مع النظام السوري بضرب القاعدة الجوية في (أج ثري ) يوم 4 نيسان 1981 في المنطقة الغربية من العراق ، والثانية قامت بها القوة الجوية الإسرائيلية بضرب مفاعل تموز النووي في بغداد في مساء يوم 7 تموز 1981 ، كلتا العمليتين نفذت بإستغلال إنشغال الجيش العراقي بالعمليات العسكرية على الحدود الشرقية مع إيران.
20. القوة البحرية
كان إهتمام القيادة العليا للدولة بالقوة البحرية لا يوازي الأهتمام الذي توليه القيادة بالقوات البرية والقوة الجوية ، كانت القوة البحرية تمتلك زوارق طوربيد روسية الصنع لا تلبي التطور الحاصل بتسليح الجيش عموماً، صَعَّدتْ القيادة إهتمامها بالقوة البحرية مع مراحل إنجاز مشروع ميناء البكر العميق في رأس الخليج العربي الذي يتطلب تأمين الحماية اللازمة له من أي إعتداء محتمل عليه، قامت بتوقيع عدة عقود مع شركات التصنيع الإيطاليه لشراء سفن حربية متنوعة لكن صناعة السفن الحربية يتطلب وقت طويل كما يتطلب إشراك الضباط والفنيين بدورات للتدريب على تلك السفن مع البلدان المصنعة لتلك السفن وبطبيعة الحال هذا يستغرق وقت مضاعف لذا قامت الدولة بالتعاقد مع الصين لشراء صواريخ أرض بحر من نوع (سيلك وورم ) موجه رادارياً تتميز بدقة عالية في إصابة الهدف يبلغ مداه مايقارب 100 كيلومتراً وتم نصبها في رأس البيشه في الفاو كما تعاقدت الدولة مع فرنسا لشراء طائرات سمتية ( نوع سوبر فرلون ) مجهزة بصواريخ (جو- بحر) نوع (أكزوسيت) موجه ضد السفن يبلغ مدى الصاروخ 35 كيلومتراً تم ربط هذا السرب لأغراض الحركات بقيادة القوة البحرية وبهذه الوسائل الحديثة تمكنت القوة البحرية من أداء دورها خلال فترة الحرب وكَبَدَتْ الجانب الإيراني خسائر جسيمة بالسفن الحربية وناقلات النفط التي كانت تتم تعبئتها بالنفط الخام من ميناء (بوشهر) الإيراني في رأس الخليج العربي .
21. طيران الجيش
أ. في منتصف السبعينات من القرن الماضي أولت القيادة العليا للدولة إهتماماً كبيراً في تسريع تشكيل أسراب السمتيات من خلال قبول الضباط خريجي الكلية العسكرية وإشراكهم بدورات للتدريب لتأهيلهم كطيارين على السمتيات إختصاراً للوقت المستغرق في تدريب وإعداد الطيارين.
ب. قبل بداية الحرب العراقية الإيرانية إزداد إهتمام القيادة السياسية للدولة بهذا السلاح المهم حيث تم تشكيل مديرية طيران الجيش بتأريخ 26 حزيران 1980 وجعل إرتباطها بدائرة العمليات في رئاسة أركان الجيش وتم فك إرتباط أسراب السمتيات من قيادة القوة الجوية وجرى تغيير أسماء أجنحة السمتيات االسابقة وتشكيل أجنحة جديدة بما يتلائم مع التوسع الحاصل في الجيش وكما يأتي :
أولاً. في سنة 1980 تم تغيير إسم جناح طيران التأميم المستقل الذي تشكل سنة 1975 في مطار كي 1 في كركوك إلى جناح طيران الجيش الاول الذي يقوم بإسناد قطعات الفيلق الأول.
ثانياً. في سنة 1980 تم تغيير إسم جناح السمتيات المستقل في التاجي الذي تشكل سنة 1977 إلى جناح طيران الجيش الثاني الذي يقوم بإسناد قطعات الفيلق الثاني.
ثالثاً. في سنة 1980 تم تشكيل جناح طيران الجيش الثالث في ( المطار المدني القديم ) في البصرة الذي يقوم بإسناد قطعات الفيلق الثالث.
رابعاً. في سنة 1982 تم تشكيل جناح طيران الجيش الرابع في مطار الميمونة (العمارة - ميسان) الذي يقوم بإسناد قطعات الفيلق الرابع.
خامساً. في سنة 1984 تم تشكيل جناح طيران الجيش الخامس قي مطار كي 2 (الصينية ) في بيجي الذي يقوم بإسناد قطعات الفيلق الخامس.
سادساً. في سنة 1987 تم تشكيل جناح طيران الجيش السادس في الموصل (المكان مؤقتاً ) الذي يقوم بإسناد قطعات الفيلق السادس.
سابعاً.في سنة 1987 تم تشكيل جناح الطيران الخاص في قاعدة الرشيد الجوية الذي يقوم بإسناد قطعات الحرس الجمهوري.
ج. تنوعت السمتيات التي تسلحت بها أسراب السمتيات منها الشرقية الروسية الصنع مثل مي 6 المخصصة للنقل ومي 8 للإسناد الإداري ومي 25 القتالية ومنها الغربية الصنع مثل بيل 214 المخصصة للنقل وإلويت المخصصة للإستطلاع والغزال المخصصة لقتال الدروع وبي او 105 المخصصة للقتال والطائرات الثابتة الجناح نوع بي سي 7 وبي سي 9 المخصصة للإسناد الناري للقطعات .
د. ولدور طيران الجيش الفعال في المعارك في السنة الأولى والثانية من الحرب بتأريخ 11 أيلول 1982 تم فك إرتباط مديرية طيران الجيش من دائرة العمليات في رئاسة أركان الجيش وجعل إرتباطها بديوان وزارة الدفاع بشكل مباشر.
ه. قام صقورأسراب السمتيات على مدى سنوات الحرب بعمليات بطولية خلال المعارك سواء بعمليات الإسناد الناري للقطعات الأرضية أو مقاتلة دروع العدو أو عمليات الإخلاء للجرحى أوعمليات النقل للقطعات أوعمليات الإسناد الإداري بإيصال مواد القتال إلى القطعات خاصةً في المناطق الجبلية و ضحى الكثير من مقاتلي طيران الجيش من الطيارين والفنيين بدمائهم الزكية دفاعاً عن حدود العراق.
و. في سنة 1994 تم قلب مديرية طيران الجيش إلى قيادة طيران الجيش.
22. إستقراء الموقف
أ. وجهة نظر شخصية ، كانت القيادة السياسية والعسكرية العليا تتوقع توقف العمليات القتالية بين الجيشين العراقي و الإيراني بعد فترة زمنية قصيرة من بدء القتال ويتدخل مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمرالإسلامي وتتدخل أطراف دولية أخرى ، قياساً على الحروب التي نشبت بين جيش العدوالإسرائيلي والجيوش العربية سنة ( 1967- 1973 ) حيث كانت تتوقف الحروب بعد تدخل المنظمات الدولية والحقيقة العراق إستجاب للدعوات التي إنطلقت من كل المنظمات المذكورة آنفاً لكن الجانب الإيراني رفض كل الدعوات لإنهاء القتال .
ب. ينطبق المبدأ القانوني ( ما قيس على خلاف القياس فغيره عليه لايُقاس ) بسبب عدم قراءة وتحليل أعضاء القيادتين السياسية والعسكرية العراقية ليساكولوجية النفس البشرية الفارسية المتغطرسة وعدم قراءة التأريخ العسكري للحروب بين إيران وجاراتها التي نشبت في العصر الحديث كان إستقرائهم للموقف غير صائب لأن القادة االسياسين الإيرانيين رجال كهنوت وليس رجال سياسة ، كما أن شرارة الحرب تبدأ بعمل عسكري محدود ولا أحد يستطيع التنبؤ بنهايتها وإستمرت الحرب ثمان سنوات عِجاف.
23. إعداد القادة و الآمرين
أ. واجه الجيش العراقي مشكلتين رئيسيتين خلال فترة الحرب أدت إلى نقص كبير بالقادة والآمرين مع إطالة أمد الحرب :
أولاً. المشكلة الأولى نسبة الخسائر العالية في القادة والآمرين نتيجة المعارك المتواصلة ( الشهداء – الأسرى – الجرحى – المعوقين ) مما يتطلب سرعة تعويض الوحدات ليتسنى قيادتها بيسر.
ثانياً. طول خط الحدود فرض على( ق ع ق م ) التوسع في تشكيل الوحدات والتشكيلات وقيادات الفرق وقيادات الفيالق وهذا تطلب تهيئة آمرين وضباط ركن للوحدات والتشكيلات التي شكلت حديثا.
ب. إستمرت كلية الحرب وكلية الأركان وكلية القيادة بفتح الدورات وتقليص الفترات الزمنية للدراسة وقبول التلاميذ من أجل إعداد ضباط الركن والآمرين لرفد الجيش وسد النقص ولكن كان ذلك على حساب كفاءة الضباط المتخرجين من تلك الدورات.
24. إعداد الضباط
بذلت الكلية العسكرية الأولى والكلية العسكرية الثانية وكلية الأمن القومي وكلية الشرطة ومدارس الصنوف كافة جهوداً كبيرةً في تدريب وإعداد الآلاف من الضباط من الطلاب الخريجين من الإعدادية والطلاب الخريجين من الجامعات لرفد الوحدات في جبهات القتال وسد نقصها من الضباط.
25. تدريب الجنود المستجدين والإحتياط
بذلت دوائر التعبئة والإحصاء والتجنيد ومديريات الصنوف كافة ومراكز التدريب المرتبطة بها ومدارس قتال الفرق جهوداً كبيرةً في إستدعاء وجبات الجنود المكلفين و الجنود الإحتياط وتدريب عشرات الآلاف منهم لرفد وحدات الجيش في جبهات القتال للحاجة الملحة لتشكيل وحدات جديدة وتعويض النقص الحاصل بالوحدات نتيجة الخسائر جراء المعارك المستمرة ولكن كان مستوى التدريب في المؤسسات التدريبية ليس بالمستوى المطلوب للأسباب التالية:
أ. ضعف الكادر التدريبي ( المعلمين ) في مراكز تدريب الصنوف.
ب. ضغط الفترات الزمنية المخصصة لتطبيق مناهج التدريب .
ج. أعداد الجنود المُساقين للتدريب لا يتناسب مع إستيعاب مراكز التدريب.
26. التسليح والتجهيز
كانت مديرية التسليح والتجهيز التي تعتبر شريان الجيش العراقي من أكفأ المديريات المعنية بالتسليح والتجهيز للوحدات العسكرية سواء كانت الوحدات المتشكلة حديثاً أو الوحدات المتضررة المفقودة أسلحتها أو المُدَمَرةِ معداتها نتيجة المعارك الطاحنة ، واصل منتسبيها من الضباط والإداريين الكتبة الليل بالنهارمن أجل تأمين ما تحتاجه الوحدات ولا ننسى دور مديريات الصنوف المعنية بالتسليح والتجهيز أيضاً.
27. الإعاشة وإدامة مواد القتال
هناك مقولة رائعة للقائد الفرنسي نابليون بونابورد ( الجيوش تزحف على بطونها ) طيلة فترة الثمان سنوات من الحرب لم تشكو وحدة من وحدات الجيش من نقص في الإعاشة أو التجهيز أو العتاد أو مواد التحكيمات الهندسية ، كانت المديريات المعنية ومنها مديرية الصنف الإداري ومديرية العينة ومديرية التموين والنقل وآمريات مخازن الأعتدة وآمريات المذاخر وسرايا التموين والنقل تعمل كخلايا النحل تتسابق فيما بينها من أجل تأمين ما تحتاجه الوحدات من أقصى نقطة في الجنوب إلى أقصى نقطة في الشمال من جبهات القتال.
28. الطبابة
عملت الكوادر الطبية في مواقع إسعاف الوحدات وفي مراكز جمع الخسائر وفي وحدات الميدان الطبية وفي مستشفيات الميدان المتقدمة وفي مستشفيات المواقع العسكرية في المحافظات وفي المستشفى العسكري الرئيسي في بغداد وفي مستشفيات وزارة الصحة في المحافظات جُلّ إهتمامها من أجل إسعاف وإخلاء الجرحى من الوحدات المقاتلة في أقصى الأمام تحت ظروف القصف المعادي الشديد وإجراء العمليات المستعجلة من أجل إنقاذ حياة الجنود والضباط الجرحى وقد برع الإطباء الأخصائيين في إجراء أعقد العمليات الجراحية خطورةً لأجل إنقاذ الجرحى من أبناء القوات المسلحة
29. المعنويات
كانت معنويات المقاتلين من كافة الصنوف في كافة وحدات الجيش أشبه بالبارومتر ترتفع كلما قامت القطعات البرية أو الجوية أو البحرية بعمل بطولي يكبد الجيش الإيراني خسائر كبيرة أو تتمكن القطعات البرية من صد هجمات الحشود البشرية المعادية في قواطع العمليات ، لكن المعنويات في كافة وحدات الجيش هبطت إلى مستويات متدنية بعد معركة الفاو سنة 1986 وتمكن العدو من إحتلال مثلث الفاو وعدم تمكن الجيش من طرد العدو منها وإزداد تدني المعنويات بعد معركة شرق البصرة في الشلامجة في كانون الثاني سنة 1987 وتمكن العدو من إكتساح المواضع الدفاعية لِلِواء المُشاة 45 فرقة المُشاة 11 وإقتراب العدو من مدينة البصرة والذي إقترن إسم هذه المعركة بإسم إحدى الأحوازات الفرعية المسمى بنهر جاسم ، وبعد معركة تحرير الفاو في 17 نيسان 1988 وتمكن الجيش من طرد الجيش الإيراني منها و إرتفعت المعنويات إلى أعلى درجة في مقياس البارومتر وإستمرت في الإرتفاع كلما حققت القطعات نصراً جديداً على قطعات الجيش الإيراني حتى تحرير كامل الأراضي التي إحتلها الجيش الإيراني طيلة سنوات الحرب.
30. الجيش الشعبي
أدى الجيش الشعبي دوراً لا يقل أهمية عن دور الجيش العراقي في مسك خطوط العمق التي أقَلُّ سخونةً من الخطوط الأمامية ومسك الخطوط الخلفية من جبهات القتال و الأهداف الحيوية وعُقَدُ المواصلات وأعطى الكثير من الشهداء والجرحى والأسرى .
31. الجهد الهندسي للدولة
قام الجهد الهندسي للدولة بجهود إستثنائية جبارة طيلة سنوات الحرب في ظروف مناخية صعبة وطبيعة جغرافية معقدة وتحت تأثير القصف المدفعي المعادي وبالتنسيق مع مديرية الهندسة العسكرية وقيادات الفيالق وعلى طول خط الحدود من أقصى نقطة في الجنوب إلى أقصى نقطة في الشمال قام بإنشاء وتعبيد مئات الكيلومترات من الطرق الموازية لخط الحدود والعمودية على خط الحدود وبفترات زمنية قياسية لغرض تسهيل تنقل القطعات من وإلى جبهات القتال وإدامتها ، كما قام بإنشاء مئات الكيلومترات من السداد والسواتر الترابية في هور الحويزة ونهر دجلة بين قلعة صالح شمالاً والقرنة جنوباً وشط العرب في قاطع الفاو وشرق البصرة من منطقة كشك البصري شمالاً حتى منطقة مخفرالشلامجة جنوباً كذلك في القاطع الأوسط والقاطع الشمالي.
اَلْلِواءْ
فَوْزِيّ اَلْبَرَزَنْجْيّ
27 ك1 2015
3667 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع