ثلاث رؤساء وزارات عراقية كانوا متميزين في العهدين الملكي والجمهوري (1921 -2003)"
يتفق المؤرخون على أن الإنسان العراقي القديم يقف وراء التطور الحضاري المشهود في العراق وهو صاحب رسالة التطور النوعي للمجتمع والانتقال التاريخي به من البدائية إلى المدنية، والإنسان العراقي هو الذي طور أنماط الحياة وابتكر حاجاتها، شكل العراق التأريخ الحضاري الأطول والاغنى في العالم، وثروات لا تنضب، وامتلك اقدم تراث موجود لدى أي من دول العالم والذي ازدهر على ضفاف نهري دجلة والفرات والمناطق المحيطة بها، كما اصبح العراق مقر الخلافة العباسية التي كانت تعتبر اوج الحضارة الإسلامية وفيها اشتهر بتطوره وتنوعه، واصبح منارة العلم والثقافة والفنون، اتسعت الدولة الإسلامية في عهد الدولة العباسية وازدهرت الحضارة الإسلامية حتى اصبحت بغداد منارة العلم وسبيل العلماء في كل الدنيا، وخضع العالم لسلطان الخليفة العباسي وادان له بالولاء، ثم اعترى الخلافة عصر الضعف إلي أن سقطت علي يد التتار سنة 1258م، بعد مقاومة عنيفة، عانى الشعب وتم تخريب المدينة وحرقها وقتل سكانها؛ مما أدى الى تدهور اجوال البلاد اقتصاديًا وبذلك انتهى الحكم العباسي، قامت الحروب بين الفرق المغولية، مما أدى إلى تعرض البلاد لغزوات القره قوينلو، وألاق قوينلو، مرت على العراق قرون من الزمان والصراعات والحروب تدور في أرضه، حيث احتل الشاه إسماعيل الصفوي بغداد عام 1508م واتبع سياسة تفريق صفوف الأمة الواحدة، وباضطهاد السكان وتخريب مزارعهم، غير أن العثمانيين لم يمكنوهم من البقاء. هزم السلطان العثماني سليم الأول الصفويين عام 1514م. وقد أدى انتصار العثمانيين على الصفويين إلى مد النفوذ العثماني إلى شمال العراق في الجزيرة والموصل وأربيل وكركوك، وقد زعزع انتصار العثمانيين النفوذ الإيراني الفارسي في المنطقة.
اصبح العراق، الذي كان يوما موطنا لبعض من أقدم الحضارات في العالم، مسرحا لمعارك بين قوى متنافسة وتأثيرات إقليمية ودولية، شكل الاستعمار البريطاني تأسيس الدولة العراقية بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، فحدود العراق لم تنشأ من التفاعل الطبيعي للجماعات المختلفة في منطقتها، وانما فرضت من قبل الاستعمار، نجح البريطانيون بإقامة نظام حكم ملكي الذي استطاع ان يحافظ على وحدة العراق، فقد سعى الحكم الملكي على إرساء هيكل الدولة وإرساء الهوية القومية المستندة لحضاراته السابقة والفتوحات والتراث العربي الإسلامي والامبراطورية العثمانية مما شكل غطاء فوق الهويات العشائرية والطائفية والاثنية، وتوسع في انشاء المدارس وتأسيس الكليات التخصصية ورفد الصناعة والزراعة والخدمات،، كما أقدمت الحكومة على انشاء الجيش وفق تصور اعتباري وطني الذي خاض أولى حروبه ضد سلطات الانتداب البريطاني سنة1941، وبحلول الخمسينات اصبح الجيش العراقي هو الأداة الرئيسة للمحافظة على وحدة العراق وحماية هويته القومية والعربية من الخطر التي تشكله التمردات الداخلية والتهديدات الأخرى، استمر العهد الملكي 37 عاماً في مجمل الحكم وكان رؤساء الوزراء هم الذين يديرون الحكم من (1921 - 1958)، مروراً برجالات العهد الجمهوري الذي حصد 45 عاماً في الحكم العسكري (1958 - 2003)، وبعد الغزو الأمريكي عام 2003 اصدر الحاكم الأمريكي بريمر قرارا بحل الجيش العراقي، وتوالت السنين، وفي مطلع الخمسينات تأسس مجلس الاعمار الذي اضطلع بتنفيذ مشاريع عملاقة مثل السدود والإسكان وطرق المواصلات وغيرها الكثير، وفي السبعينات استحدثت طفرة نوعية في التصنيع والتعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجي، مما أدى الى الارتقاء بالقدرات البشرية في العلم والتكنولوجيا وفي اكتساب المهارات وامتلاك المعرفة والخبرة في كل الجوانب العلمية والاقتصادية والتعليمية، ونهض العراق من واقع التخلف، اضطرت الدولة منذ تأسيسها، الخضوع لأشكال مختلفة من الحكم السلطوي للإبقاء على وحدة الدولة، كان احتلال العراق للكويت في اب 1990 الخطأ الاستراتيجي الجسيم الذي كان الذريعة والفرصة لتدمير النهوض العراقي وعزله وحصاره، استطاع العراق دولة وشعبا ان يواجه العدوان ويعمل على التعايش مع الحصار بإعادة بناء البلد بما هو متاح من موارد، وبالقدرات الخلاقة والابتكار والابداعات التي برزت في تلك الظروف الصعبة، وسعى جاهدا لتجنب الحرب والعدوان، الا ان الامريكان والبريطانيون كانوا قد اعدوا خططا لاحتلال العراق دون الالتفات الى الاعتراضات والاحتجاجات، وهكذا احتل العراق، وبدأ تدميره وفق لتحقيق اهداف جيوسياسية واقتصادية عام 2003.
العراق الذي اريد له ان يكون علم يرفرف على الأرض، وفيه عقل استطاع ان يقود دفة حكمه بكل تفان واخلاص، لما يحتويه من المقومات التاريخية والأخلاقية والإنسانية والوطنية والرقي الذي تجاوز اقسى سنين الحصار الظالم، وسيتجاوز ما حصل له بعد الاحتلال من ازمة خطيرة تهدد هويته الوطنية وهويته الاجتماعية ومستقبله حيث تعاقبت عليه الزمر المتحكمة للهيمنة على السلطة دون الاخذ بالاعتبار مصلحة الشعب مما أدى الى تدمير مؤسساته وضياع حقوق شعبه، ولكي يعود علما يرفرف بشموخ واجلال، وهذا لا يتم الا بثورة الارادات الوطنية والجيش والشعب جميعا بالتوجه الى معاقل رؤوس الفساد والأحزاب والمتلبسين بعباءة الدين، انها رؤيا المفكرين والمخلصين من اجل قضية الانسانية لتتحول في القلب الى إرادة لأحداث فعل عمل دؤوب لا يعتريه ظلم عبر زمن حياتهم، ليعيشوا احرارا، يتفق معظم العراقيون على وجود رئيس قوي وصاحب سلطة ويتخذ القرارات المهمة، هوية عراقية واحدة تجمع كل أبناء الوطن بانتمائه العربي، بغض النظر عن الدين واللون والعرق، وسلطة تنفيذية (رئاسة الوزراء) تسيطر في جميع ارجاء الوطن ومختلف اوجه الحياة فيها، وضرورة تمتع الوزراء بصلاحيات بين المسؤولين تؤدي عادة الى اتخاذ قرارات افضل، وهذا التوزيع يمنع وجود شخص واحد يتفرد بالقرارات ويأخذ بنصيحة المقربين منه الذين لا يخالفونه الرأي عادة، يحتاج العراق في هذه الفترة الى عهد تتوفر فيه حكومة قادرة على التصدي وتنفيذ الحلول للمحن والكوارث والدمار الذي يهدد مجتمعه ووجوده بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003، اذ تحول قدر العراق إلى رعب وبطش تتلاعب به ايران وإسرائيل والقوى التي احتلته، فنشروا الظلام البهيم وصادروا أمن الشعب وطمأنينته وحريته وسائر حقوقه المدنية والاجتماعية، ومن الأنصاف وجدت نفسي امام مسؤولية تأريخية واخلاقية ان اكتب وأوثق بعض من تاريخ العراق وان انقل أهم الاحداث التي رافقت الحكومات والانظمة واهم الاسرار والخفايا، في سرد تاريخي بعيد عن الرتابة والانحياز من خلال مطالعة للعشرات من المصادر التاريخية وشهادات الشهود المعاصرين في الكشف عن الكثير من حقائق التاريخ المغيبة بشكل محايد ومهني عن بعض من الشخصيات التي قادت حكوماته في العصر الحديث أي منذ نشوء الدولة العراقية في مطلع القرن العشرين وحتى احتلاله في عام 2003.
منذ عام 1921 وحتى عام 2003 تعاقب على مجلس الوزراء العشرات من رؤساء الوزراء، السلطة التنفيذية (رئاسة الوزارة) خلال المرحلة الملكية 1921-1958 تشكلت 58 وزارة تعاقب على رئاستها 23 شخصا كان منهم 15 شخصا من ذوي الأصول العسكرية، ابتداءً بعبد الرحمن النقيب الذي شكل الوزارة الاولى في عهد الانتداب البريطاني، وانتهاءً بأحمد مختار بابان حيث كانت وزارته هي الاخيرة في العهد الملكي، الحكم في العهد الملكي كان برلمانياً، على الرغم من تميّز عدد منهم، فإن الحقبة برمتها دخلت في اذهان العراقيين كشعب باسم (عهد نوري السعيد).
مع أن الحكم في العراق بعد ثورة تموز عام 1958 جمهوري، إلا أنه لرئيس الجمهورية السلطة العليا في اتخاذ القرارات السياسية الخارجية والداخلية المهمة، وهو من يقوم بتعيين رئيس الوزراء بموجب مرسوم جمهوري، تعاقب على رئاستها 14 شخصاً، ابتداءً من الزعيم عبد الكريم قاسم الذي رفض أن يكون رئيساً للجمهورية فاكتفى بمنصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع، وانتهاء بالرئيس صدام حسين رئيس جمهورية العراق، ومع ذلك شهد التاريخ العراقي الحديث فترات كان لرئيس الوزراء فيها سلطة ونفوذاً كبيران، برز اسمين هما: الدكتور عبد الرحمن البزازوالدكتور سعدون حمادي، وكان لهما دور في المحافظة على رمزية المنصب.
نوري السعيد (1888-1958): من ابرز مؤسسي العراق المعاصر، ولد ببغداد ودرس في مدارسها وتخرج في مدرستها الحربية وفي مدرسة الأركان في الآستانة (1911) وشارك في حرب البلقان، ساهم في النشاطات التي كانت تدعوا الى استقلال العرب والعراق عن العهد العثماني فكان من أعضاء (جمعية العهد) التي كان يترأسها عز الدين علي المصري،وعندما اعتقل المصري هرب الى البصرة،
عندما نزلت القوات البريطانية البصرة في 23 نوفمبر 1914 واحتلتها، وقع أسيراً بيد القوات البريطانية، ونقل كأسير حرب عثماني إلى الهند نقل بعدها إلى مصر، ثم غادرها إلى الحجاز للالتحاق بالثورة السورية الكبرى عام 1916، وحال وصوله جدّة عُيِّن وكيلاً للقائد العام للجيش، لحين وصول عز الدين علي المصري إلى الحجاز ليشغل المنصب، ثم سافر إلى مكة بناء على أوامر الشريف حسين للالتقاء به والتباحث في شؤون الحرب، ومواقف الدولة العثمانية وكيفية التعاون مع الحلفاء. فينقله بعدها إلى الجيش الشرقي تحت قيادة الأمير عبدالله الذي رحب بمقدم نوري وعيَّنه رئيساً لأركان جيشه، ومنحه لقب باشا، ولم تمض فترة قصيرة حتى نُقل إلى الجيش الشمالي، تحت قيادة الأمير فيصل برفقة صهره جعفر العسكري، قائد القوات فيها، فعين نوري رئيساً لأركان الجيش الفيصلي، وحقق نجاحات كبرى، حيث وصفه «لورنس» بأن حركات نوري باشا العسكرية هي القاضية على الأتراك قضاءً نهائياً، مما حمل البريطانيين على منحة وسامين، تقديراً لجهوده الحربية.
بعد أن أصبح الأمير فيصل ملكاً على سوريا جعله مسؤولاً في إعداد الترتيبات الإدارية والأمنية في دمشق، ونجح نجاحاً فائقاً، فرشحه الملك للاشتراك في مؤتمر باريس للصلح 1919، وتولى في المؤتمر مسؤوليات كبيرة، باعتباره مسؤولاً عربياً لامعاً، وممثل الشريف حسين ونيابة عنه، مما مكَّنه لأن يأخذ مكانة رفيعة بعد انتهاء الثورة والحرب العالمية الأولى، وبعد خروج الملك فيصل من سوريا، بقي نوري إلى جانبه ورافقه عند سفره إلى العراق حيث اصبح ملكا على عرش العراق، في مراسلات تأسيس العراق بأن نوري السعيد قد اختير لعضوية المجلس التأسيسي للعراق عام 1920 من قبل الحكومة البريطانية في العراق برئاسة المندوب السامي السير بيرسي كوكس حيث تشير المراسلات بأن المس بيل كتبت بعد أول لقاء لها مع نوري سعيد: " إننا نقف وجهاً لوجه أمام قوة جبارة ومرنة في آن واحد، وينبغي علينا نحن البريطانيون إما أن نعمل يداً بيد معها أو نشتبك وإيّاها في صراع عنيف يصعب إحراز النصر فيه".
اسهم نوري السعيد وصهره جعفر العسكري، عن إعلان تأسيس جيش عراقي وطني في العام 1921، ويعتبر مؤسس تشكيلات الجيش الثلاثة وصائغ توجهات الصنوف الرئيسة الثلاثة البرية والبحرية والجوية وصائغ عقيدته أيضاً، نُصّبَ نوري السعيد مديراً عاماً للشرطة، تدرج بعدها في المناصب إلى أن أصبح رئيساً للوزراء عام 1930، تولى رئاسة الوزراء 14 مرة، بداية من وزارة 23 اذار 1930 وحتى وزارة 1 أيار 1958، شغل مناصب وزارية كالدفاع والخارجية أكثر من مرة، كان من رجالات النخبة العسكرية الناهضة حيث مارس الانتماء الوطني والتحديث فجمع بين الوطنية والتحديث في السياسة.
يعد واحداً من أبرز رجال السياسة العراقيين، ذلك السياسي الداهية وعرابها، حاد المزاج سريع الغضب ولكنه جاد وحازم في قراراته خصوصا إذا ما أراد الوصول إلى غاية ما أو تكريس سياسة ما، فإنه لا يثور ولا يتأثر،يتحمل النقد اللاذع من خصومه ويتعمد الغموض في أحاديثه ويوحي لمخاطبيه عن قصد بإشارات متناقضة أو تنطوي على تفسيرات متعددة، لقد كان نوري مناوراً بصورة فريدة، يعرف كيف يستغل الظروف والمتغيرات ويكرّسها لخدمة أهدافه. كان ميكافيليا بالفطرة، يؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، فيجيد اختيار ساعته ويعرف كيف يقتنص الفرص الثمينة لتقوية أوراقه الرابحة، وله مبدأ خاص في الحكم عرف به وهو مبدأ "خذ وطالب".
كانت له ميول نحو مهادنة بريطانيا على الرغم من حسه الوطني، وكان يدركبانه لا يمكن إقامة دولة عراقية حديثة ليردع اعدائه المحيطين بالعراق او الاضطرابات الداخلية الا بالاستناد الى دولة عظمى وفي حينها كانت بريطانيا هي الدولة العظمى التي تسيطر على منطقة الشرق الأوسط والهند..
وقع اثناء توليه ولايته الأولى مع المندوب السياسي البريطاني فرانسيس همفوي، معاهدة 1930 الشهيرة والتي ضمنت بموجبها بريطانيا مصالحها كافة في العراق، ترهن العراق لصالح بريطانيا لمدة 25 سنة، خصوصاً في الحقوق العسكرية غير المشروطة، حيث منحت بريطانيا حقًا غير محدود في تمركز قواتها المسلحة في العراق وعبور الوحدات العسكرية عبره، وكذلك التجارية غير المحدودة ومنها بما يتعلق بالسياسة النفطية، والتي اعتبرهاكخطوة نحو مزيد من الاستقلال، خفضت المعاهدة اسميا التدخل البريطاني في الشؤون الداخلية للعراق ولكن فقط إلى الحد الذي لا يتعارض فيه العراق مع المصالح الاقتصادية أو العسكرية البريطانية.
قادت معاهدة 1930 الطريق إلى الاستقلال الاسمي، حيث انتهى الانتداب في عام 1932 أن نوري السعيد وهو من عمل جاهدا على دخول العراق كأول بلد عربي مستقل إلى عصبة الأمم، عين نوري ، والعراب لتأسيس الجامعة العربية التي كان يطمح بترأسها حيث تنافس مع رئيس وزراء مصر مصطفى النحاس على تزعم واستضافة الجامعة العربية في بغداد الا انها افتتحت في مصر، وأول من دعا الى ميثاق جامع للعرب.
الخطوة السياسية الرئيسية والتي كان نوري السعيد صاحب فكرته لمشروع "حلف بغداد" الذي انشأ في شباط عام 1954 وهي سلسلة من الاتفاقات المبرمة بين عامي 1954 و 1955، والتي ربطت العراق سياسياً وعسكرياً بالقوى الغربية وحلفائها الإقليميين والذي ضم في عضويته كلاً من بريطانيا والعراق وتركيا وباكستان، وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الأساسي لهذا الحلف رغم عدم انضمامها رسميّاً له، وكان الهدف المعلن لهذا الحلف هو الوقوف بوجه المد الشيوعي في الشرق الأوسط متمثلاً بالاتحاد السوفيتي وتقويضه، وقد بذل نوري السعيد جهوداً كبيرة في محاولة إقناع كل من مصر وسوريا وعدد من الدول العربية للانضمام للحلف، ولكن لم تجد محاولاته نفعاً فقد رفضت كل من سوريا ومصر والسعودية الانضمام لهذا الحلف لوجود قناعة راسخة في ذلك الوقت لدى العرب بأن الخطر الحقيقي على المنطقة يأتي من "إسرائيل"، ولذلك واجهت كل من مصر وسوريا والسعودية هذا الحلف، مما أدى الى تدهور العلاقات مع مصر ومع الرئيس جمال عبد الناصر بالذات، ومما تجدر الإشارة بانه في تلك المرحلة اطلقت سياسة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز التي كانت تنادي بها مصر والهند ويوغسلافيا وكان نوري السعيد لا يؤمن بها وانه يرى ان الحياد بالنسبة للدول الضعيفة هو مجرد "خدعة"، لأنها لا تمتلك القوة المادية والعسكرية الثابتة للدفاع عن نفسها، تفكك، وسقط الحلف بعد فترة وجيزة من إنشائه خاصة بعد انسحاب العراق منه إثر التغيير الذي قاده عبد الكريم قاسم ضد النظام الملكي في العراق.
طالب نوري السعيد بانضمام الكويت إلى الاتحاد العربي الذي تأسس من المملكتين الهاشمتين العراق والأردن عام 1958، وكان في حينها الدبلوماسي الأول والأكثر شهرة في العالم العربي، وقدم العراق اقتراحاً إلى بريطانيا يقضي بمنح الكويت استقلالها حتى تصبح في وضع يؤهلها لكي تدخل عضواً في الاتحاد الجديد، اجرى نوري السعيد اتصالات مع ملك السعودية وقد وافق عليها الملك سعود، كما اجرى اتصالات مع الولايات المتحدة وأبدت موافقتها أيضا، وكانت مسودة اتفاقية تنظيم دخول الكويت الى التحاد الهاشمي تضمنت الاعتراف باستقلال الكويت على ان تتولى حكومة الاتحاد الشؤون الخارجية والعسكرية وامور الجمارك وتشريعاتها وتنظيم العملة وتوحيد سياسة التعليم ومور المواصلات، وان تتشاور حكومة التحاد مع امير الكويت في القضايا التي تتعلق بالشؤون الخارجية والدفاعية، وبالمقابل تتعهد الكويت بنسبة معينة في ميزانية الاتحاد، وقد رفض الشيخ عبدالله السالم هذا العرض العراقي للانضمام إلى الاتحاد الهاشمي المذكور وأيده في ذلك الإنجليز، وبطبيعة الحال فان محاولة هذا الطرح والمطالبة توقفت في حينها بانحلال الاتحاد الهاشمي بسبب سقوط الملكية عام 1958!!!.
يعد محركا دافعا وعرابا لسلسلة من السياسات الكبيرة التي غيرت المجتمع العراقي منها تأسيس (مجلس الإعمار) الذي تنسب له كل المنشآت الحيوية الصناعية والزراعية، فضلاً عن السدود والجسور والأبنية الفخمة في بغداد، مثل وزارة التخطيط وجامعة بغداد والطرق الدولية السريعة.
ان الاصالة البغدادية التي يتمتع بها نوري السعيد وروح الدعابة وصفة التبغدد متمركزة في مفاصل حياته وسلوكه وحبه للنكتة والطرافة في الطعام والملبس، وانعكست في مجمل حياته وسلوكه، اشتهر بعشق الاكلات البغدادية الأصيلة، فكان يحب الدولمة والشيخ محشي والتشريب والباجة والتمن والباميا، وكان يطلب أحياناً أن تنقل إليه حيث يكون، كما كان يُحِب تناول الخبز العراقي حاراً مِن تنور أحد جيرانه البُسطاء، وكان محبا للدعابة وروح النكتة ويعمل على خلق الطرائف في التعامل حتى مع خصومه، وهذه الصفة هي احدى سمات البغداديين (البغادة) الاصلاء، وحتى استخدام (الزيك) كان يمارسه،، يقول عنه توفيق السويدي "نشاء نوري في بيئة محدودة لم يستطع التخلص من مؤثراتها رغم الزمن الطويل الذي عاش فيه وهو متصل بكبار الطبقات من الاجانب والشرقيين"، ويقول طالب مشتاق في اوراق ايامه عن نوري السعيد “كان الباشا بغداديا يكل ما في الكلمة من معنى ودلالة، وكان بغداديا في اخلاقه وشمائله و وبغداديا في طعامه وشرابه، وبغداديا في وفائه لأصدقائه وفي عشرته ونكته، وبغداديا في ذوقه الموسيقي وولعه بالمقام العراقي.
له من الطرائف الكثير ندرج بعض من اوجهها:
- كان موظفي الدولة الكبار ورجال الحكم ايام زمان يعيشون على رواتبهم الشهرية المتواضعة ، فهم لا يملكون العقارات والقصور والسيارات الفارهة ، فرئيس الوزراء نوري سعيد والبعض من وزرائه كانوا يشترون الخضراوات والفواكه في اواخر الشهر من البقال (كّنو) في منطقة باب الأغا بالدين و يقومون بتسديد الديون عند تسلمهم الرواتب في نهاية الشهر، ((ذكر الكاتب التراثي عبدالحميد العلوجي في زاويته الاسبوعية في جريدة الجمهورية في التسعينات الموقف التالي .. كنت طالبا في الثانوية حين رأيت الباشا يتوقف بسيارته عند دكان بائع الفاكهة المعروف (كنو) الواقع قرب تمثال الرصافي الحالي. كان الموسم بداية الحر ونزول المشمش للسوق. أخذ الباشا كيسا ورقيا اسمر وجعل (يقلب) كوم المشمش ويلتقط الثمار الناضجة القليلة وسرعان ما أخذت (أي عبد الحميد العلوجي) من( كنو) كيسا ورقيا وبدأت بجمع ثمار المشمش متسابقا مع الباشا التقط الثمرة الناضجة التي تظهر بعد تقليبه للكوم قبل ان يلتقطها. فتبسم نوري السعيد وردد : واي واي يتعب ابو كلاش وياكل ابو جزمة)).
- في احد الايام حصل خصام بين الباشا نوري السعيد والسيد جميل المدفعي استمر عدة ايام، فما كان من الباشا الا ان يتصل بدار الاذاعة طالبا منهم اذاعة اغنية عيني جميل أزعلك وعده مرات مما لفت الانظار اليها وشعر جميل المدفعي انها موجهه ضده فاتصل بالباشا و صالحه .
- كان هنالك جفاء بين الباشا و الشيخ محمد رضا الشبيبي التقيا في احدى المناسبات و عاتب الباشا الشيخ على عدم زيارته له و الالتقاء به فأجابه "هذا افضل حتى لا ارى القرد ولا القرد يراني"، فالتفت الباشا في القاعة و رصد مرآة في احدى اركانها و عندها سحب الشيخ قائلا بعد انا وقفا امام المرآة باله عليك من الشادي بيننا، فضحك الاثنان و تعانقا.
- يقول السياسي المعروف عبد الفتاح إبراهيم" وجه الينا الباشا دعوة غداء في بيته، وقمنا بتلبية الدعوة، وكان معي درويش الحيدري وعلي حيدر سليمان وجميل توما وعبدالله بكر، إضافة الى ثابت عبدالنور وعندما وصلنا الى بيت (الباشا - نوري السعيد) في باب المعظم جالسا في (الاودة) اي غرفة الاستقبال يفترش الارض على فراش وثير وامامه (عرق عراقي) والى جانبه البعيد شخصان بالزي البغدادي يقرآن المقام العراقي فاستقبلنا بشفافية وترحاب، واخذنا الى غرفة مجاورة.. وبينما كنا نتبادل التحيات وكلمات المجاملة، جاء مزاحم الباججي، واخذ يتجاذب اطراف الحديث مع الباشا وثابت عبد النور وكان حديثهم بين النكتة المضحكة، والطرفة النادرة الى ان نصبت مائدة الغداء التي احتسيناها بصمت آداب المائدة وغادرنا شاكرين صاحب الدعوة لكرم الضيافة".
- روى ليث الحمداني ...في الثمانينات حين كنت مسؤولا عن جريدة (الاتحاد) البغدادية اقنعنا رشيد الرماحي سكرتير التحرير وانا الصحفي الكبير صادق الازدي صاحب مجلة (قرندل) الساخرة بنشر مذكراته وفعلا بدأنا النشر وكانت تحت عنوان (خمسون سنة صحافة) ولم تعجب المذكرات وزارة الاعلام يومها واضطر الازدي لحذف الكثير منها وقد حدثني الازدي يومها عن نوري السعيد وتحمله للنقد فقال : كان الرسام غازي الذي يرسم اغلفة قرندل قد تمكن من تجسيد كاريكاتير لنوري باشا يظهره قصيرا جدا بشكل قزم وهو يرتدي السدارة البغدادية وكرشه يتدلى امامه من قميص تفتحت ازراره وصادف ان نشر له غلافا بهذا الكاريكاتير وهو يحاور فاضل الجمالي الذي اعتنى غازي كثيرا برسمه واظهار اناقته وصادف ان كنت مدعوا في حفل دبلوماسي لإحدىالسفارات وجاء الباشا وشاهدني ومعي ناصر جرجيس محاسب المجلة فناداني :
ابوجعفر اشلونك ؟ ورددت له التحية الحمد لله باشا ..
ابو جعفر شنو القصة يبين اخونا غازي مالاكي احد يشتغل بي غيري ؟ وضحك واستطرد كله يتوصى بيه مثل مام توصي بمعالي فاضل الجمالي ترة اني هم حلو!!.
كتب السير أنثوني نتنج عن صديقه الباشا نوري السعيد، في كتابه الضخم (العرب) في الفصل الذي سماه (عهد نوري السعيد) قائلا :((كثيرا ما تنكر الأفضال في ميادين السياسة، وتنعدم الرحمة عند وقوع الثورات، ولكن مما لاشك فيه أنه مهما تبدلت الأوضاع في المستقبل، فإن العراق كدولة حديثة مزدهرة, بعد أن كان خاضعا للحكم العثماني مدة أربعة عقود، سيبقى وبما،مدينا لجهود لا تقدر لنوري السعيد الجبارة، وهمته كرجل دولة)).
يقول الدكتور مجيد خدوري في تقويمه لحياة نوري السعيد السياسية، ((على أنه كان يتحلى بصفتين بارزتين: الشجاعة والاستقامة، إلا أنه لم يكن زعيماً شعبياً. ففي الوقت الذي كان فيه خطباء متقدون حماسة، أمثال عبدالناصر وبورقيبة وغيرهما، يثيرون الجماهير ويلهبونهم، كان نوري يحاول اللجوء إلى الحكمة والعقل بدلاً من العواطف والانفعال)).
يقول خليل إبراهيم مدير الدعاية في الإذاعة العراقية "حاولت مرارا ان احمل نوري السعيد على كتابة مذكراته، لكنه كان يبرر ذلك قائلا (التاريخ سيدافع عني)" وفعلا هو ما يكتب الان.
كان نوري السعيد آخر رئيس وزراء في العهد الملكي، قتل بعد قلب نظام الحكم الملكي إلى جمهوري في 14 تموز عام 1958، في سياق مجزرة العائلة المالكة في العراق، ودفن بمقبرة الكرخ، وتم نبش قبره من قبل بعض الغوغاء وأخرجت جثته وسُحلت في شوارع بغداد بطريقة بشعة وخالية من كل عرف أخلاقي واعتباري ولا يعملها الا الرعاع والغوغاء، وكان مبرر هؤلاء الرعاع من الناس أن نوري السعيد كان عميلاً لبريطانيا والغرب، ومات السعيد بعد 38 عاماً في السلطة ولم يمتلك داراً باسمه أو رصيداً في البنوك، ومع ذلك بقى نوري السعيد مهيمنا في الذاكرة العراقية الرسمية والشعبية.
بعد عقود من الزمن أي منذ مصرع رئيس الوزراء نوري السعيد، السياسي المحنك ورجل الدبلوماسية، يُذكر اسم نوري السعيد إلا وتتداعى إلى الذهن كل تلك التهم التي أحاطت به، والتي كان يروجها الشيوعيون وبعض من الاعلام الموجه، فهو عميل الاستعمار، ومضطهد الشعب العراقي، والخائن للأمة العربية، وغير ذلك من تهم تبدأ ولا تنتهي، لقد اثبتت الوقائع بانه كانمحباً لوطنه، عاملاً على مصلحته وفق اجتهاد قد يُخطئ وقد يُصيب، ولكنه في كل الأحوال لا يؤدي إلى كوارث، لم تكشف التقارير السرية والتي سمح بنشرها الاحداث عن عمالة السعيد بل ذهب المؤرخون والمحللون على نطاق واسع بانه كان المدافع عن مصالح العراق في المناسبات العديدة في مواجهة بريطانيا، وان انتمائه الوطني لا لبس فيه، وانه مؤسس النظام السياسي العربي الذي اراده منحازا الى الغرب باعتبار ان الغرب بأيديه مفاتيح الشرق الاوسط والمنطقة العربية برمتها، وسيكون هو نفسه ضحية لذلك الغرب.
بعد عام 1958، حين جاء العهد الجمهوري، فقد منصب رئيس الوزراء رمزيته ودوره معاً بسبب استحداث منصب رئيس الجمهورية. لكن خلال الفترة من 1958 إلى عام 2003 - وهو عام إسقاط النظام العراقي السابق، فإن هناك اسمين فقط كان لهما دور في المحافظة على رمزية المنصب: الأول هو أستاذ القانون الشهير الدكتور عبد الرحمن البزّاز الذي يعد أول رئيس وزراء مدني في العهد الجمهوري، والثاني هو رجل الاقتصاد والمفكر الدكتور سعدون حمادي.
الدكتور عبدالرحمن البزاز (1973-1913): المفكر والفقيه في القانون الوزير ورئيس الوزراء:
كان لمجتمع كرخ بغداد الذي ولد فيه عام 1913 تأثير ببلورة الاتجاهات الفكرية لدى عبدالرحمن البزاز باتجاه العروبة والاسلام والتدين، فقد تربى في أحضان والده رجل الدين و خاله مفتي الديار العراقية نجم الدين الواعظ، اكمل دراسته فالابتدائية في الكرخ والثانوية المركزية في جانب الرصافة، التحق بكلية الحقوق، وتطورت هذه التوجهات بلقائه للحصري القومي النزعة والذي كان عميدا لكلية الحقوق .
ارسل الى لندن لإتمام دراسته العليا في الحقوق في نفس الكلية التي درس فيها الملك غازي وحصل على جائزة الملكة، التحق بالكادر التدريسي في كلية الحقوق ، الا انه فصل منها اثر تأييديه لحركة رشيد عالي الكيلاني، تعرض للاعتقال لمدة تقترب من الخمس سنوات ونصف في سجن نقرة السلمان،تزوج عبد الرحمن البزاز من (وفيـة) ابنة خاله نجم الدين الواعظ وسكن محلة سوق الجديد في منطقة الكرخ، ثم انتقل الي الاعظمية في جانب الرصافة حيث بني له دارا في راغبة خاتون، وفي عام 1955 عين عميدا لكلية التجارة والاقتصاد وعميدا لكلية الحقوق بعد تأميم قناة السويس وبدأ العدوان الثلاثي على مصر 1956، نشط البزاز في صفوف المعارضة اسوة ببقية الرموز الوطنية والاحزاب المعارضة للحكم أن ذاك، ورفع مذكرة باسم (نادي البعث)الذي اسسه الملك فيصل الثاني في تشرين الثاني من عام 1956،وكانت تلك المذكرة فرصة للبزاز وزملائه في تشخيص الاوضاع الداخلية بشجاعة والمطالبة بمنح الحريات للصحافة والاحزاب والمنظمات النقابية وتأسيس حياة نيابية سليمة، فاعتقل على اثرها وتم فصله من الخدمة كعميد لكلية الحقوق 1956، مارس المحاماة حتى تموز عام 1958.
عند اندلاع ثورة 14 تموز اُعيد البزاز بمرسوم جمهوري عميدا لكلية الحقوق في 30 تموز 1958.
بدأت علاقته بالزعيم عبد الكريم قاسم ودية لكنها بدأت بالتغير سببهاانحراف الزعيم عبد الكريم عن التوجه القومي وتصرفاته الفردية،وبدأبمعارضته، وتثقيفه لطلابه بثقافة قومية متحضرة مع مساهمته في بلورة الفكر القومي القومي العربي وارتباطه بتأريخ الامة الإسلامية، بما كان يخالف المد الشعبي والمزاج العام الذي ساد باتجاه الشيوعية واليسار عموما، جيء به شاهدا عام 1959 امام محكمة المهداوي المشهورة والحوار الساخن الذي دار بين المدعي العام العسكري وبين البزاز ابدي شجاعة فائقة لرد تطاول المدعي العسكري الذي استغل مركزه وموقعه في المحكمة الامر الذي حدا بالدكتور البزاز ان طلب من المحكمة ان تحميه من تعديات وتجاوزات المدعي العسكري فكسب عطف الناس وعري مصداقية المحكمة، بسبب موقفه المؤيد لانتفاضة الموصل 1959 الذي ادى لاعتقاله واستقالته من منصبه كعميد لكلية الحقوق في جامعة بغداد، سافر الى لبنان، وبطلب من الرئيس جمال عبد الناصر، لجأ البزاز الى القاهرة التي كانت ملاذا للقوميين والبعثيين الهاربين من حكم الزعيم قاسم، حيث عين هناك عميدا لمعهد الدراسات العربية خلفا للأستاذ الدكتور طه حسين واستاذاً في جامعة عين شمس، وفي القاهرة توطدت علاقة البزاز بالرئيس عبدالناصر من خلال العقيدة القومية مما دفع عبدالناصر ان يوصي بترشيحه مديرا لمعهد الدراسات العربية التابعة لجامعة الدول العربية.
بعد انقلاب او ثورة شباط 1963، عين سفيرا للعراق في القاهرة وانتدبوه مفاوضا بالمحادثات الثلاثية للوحدة السورية العراقية المصرية، ، شغل منصب السكرتير العام للدول المصدرة للنفط "اوبك"1964-1965، وزيرا للخارجية، كان يلقى احاديث في اذاعة بغداد سمي بحديث الاربعاء، تم تكليف عبد الرحمن البزاز، رئيسا للحكومة من قبل المشير عبد السلام وبشروط البزاز الداعية الى الى إعادة الحياة المدنية وبناء دولة الدستور والقانون والسعي لوضع النظام البرلماني بالطرق السلمية الدستورية، ويذكر عن البزّاز أنه أول من حاول جاداً البحث عن حلّ للقضية الكردية بإصداره بيان 29 حزيران عام 1966، بذلك أصبح البزاز أول رئيس مدني في العراق منذ القضاء على الملكية في 14تموز عام 1958، وهو الذي اطلق مفهوم الاشتراكية الرشيدة تقوم على أساس موازنة القطاعين العام والخاص، فهي اشتراكية تقوم على أساس زيادة النتاج دون التخلي عن التوزيع المتساوي.
بعد مصرع الرئيس عبد السلام عارف، ووفقاً للدستور تسلم البزاز رسمياً،مهام رئيس الجمهورية حتى إقامة الانتخابات التي يقوم بها مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني، حصل البزاز على الأصوات وتنازل بها الى الفريق عبد الرحمن عارف لتجنب الصدام مع العسكر، كانت فترة تولي البزّاز رئاسة الوزراء سنتين تقريباً إبّان عهدي الرئيسين الشقيقين عبد السلام وعبد الرحمن عارف، حفلت باستقرار للأوضاع الاقتصادية وحظيت بقبول واضح من الناس لما أشاعه من طمأنينة، حارب الطائفية بكل حزم وقوة إدراكا منه لخطرها وخطر انتشارها، وأن العدل والقانون هما المعيار الذي يجب أن يسود، وأن يأخذ كل ذي حق حقه وبالقانون، فالقانون هو السيد، كان عبد الرحمن البزاز رجلا مؤمناُ وصادقا ذا خلق رفيع، عف اللسان لا يستغيب أحدا ولا يرضى أن يستغاب أحد في مجلسه الذي كان يحضره الدكتور علي الصافي والاستاذ عبد الغني الدلي والاستاذ نعمان العاني والدكتور احمد صميم الصفار والدكتور علي والاستاذ سلمان الصفوان، طويل البال، يسيطر على أعصابه، لم يكن كما اشيع ضد المؤسسة العسكرية، بل كان يطمح ان يبتعد الجيش عن السياسة ويتحول الى مؤسسة وطنية وقوة فاعلة لخدمة الوطن، واسع الاطلاع خاصة في الشريعة الاسلامية.
ترك البزاز كما غزيراً من النتاج الفكري من كتب عديدة وبحوث ومقالات واحاديث مرئية واغلبها حول المسائل القانونية والسياسية والاجتماعية منها:
مذكرات عن أحكام الأراضي في العراق - بغداد - 1940م، الموجز في تاريخ القانون - بغداد - 1949م، الإسلام والقومية العربية - بغداد - 1952م، مبادئ أصول القانون - بغداد - 1958م، أبحاث وأحاديث في الفقه والقانون - 1958م، الدولة الموحدة والدولة الاتحادية - بغداد - 1958م، صفحات من الامس القريب -بيروت- 1960م، بحوث في القومية - القاهرة-1962م، من وحي العروبة -بغداد-1963م، هذه قوميتنا -بغداد1964م، مبادئ القانون المقارن -بغداد-1967م، نظرات في التربية والاجتماع والقومية-بغداد-1967، العراق من الاحتلال الى الاستقلال -بغداد-1967.
توفي في 28/6/1973م، ودفن في مقبرة الخيزران في الاعظمية.
عاش للعراق، فكان حياً في قلوب الناس، ورغم كل ما حدث له، وماجري عليه من اذى ظل متحمساً وصامداً ومتمسكاً بمبادئه التي رافقته طيلة حياته، هكذا كانت مسيرته ولاتزال تضيء الطريق لمن احب السير على هذا الدرب وشعلة متوقدة نيرة، باق ما دامت له اثار في الوجود باقية.
الدكتور سعدون حمادي (2007-1930): ولد ونشأ في مدينة كربلاء، واكمل الدراسات الثلاث وهي الابتدائية والمتوسطة والثانوية فيها، ونظراً لتفوقه ابتعث الى لبنان لإكمال البكالوريوس والماجستير هناك وتخرج من الجامعة الامريكية عام 1952، ثم اكمل دراسته العليا وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد الزراعي من جامعة ووسكنسن- ماديسون في الولايات المتحدة عام 1956، وكان أثناء دراسته للدكتوراه في أمريكا أحد النشطاء الذين أسّسوا منظمة الطلبة العرب في الولايات المتحدة وكندا، ومارس العمل الاكاديمي كأستاذ في كلية الزراعة منذ عودته من الولايا المتحدة.
من أوائل العراقيين الذين انضموا إلى صفوف حزب البعث عندما كان طالبا في الجامعة الأمريكية في بيروت والتقائه مع الدارسين العربمن مختلف الأقطار مما ساهم في بلورة موقفه القومي وترسيخ مبادئه وقناعاته وعقيدته في ضرورة وحتمية الوحدة العربية وابدى نشاطاً متحمساً، فاكتسب ذهنية ثقافية وفكرية قومية، اهلته ان يكون سياسياً مشاركاً في السلطة لاحقاً، مفكر قومي من طراز خاص،ورجل الدولة الفريد، والعقل المبدع البناء، جريء بطروحاته، نزيه وفي لشعب العراق وامته العربية، استلم على مدى 35 عاما، أخطر وأهم وأكثر المراكز حيوية وحساسية.
بعد ثورة تموز عام 1958 تولى رئاسة تحرير جريدة الجمهورية، سافر الى ليبيا وعمل في التدريس، ثم اعتقلته سلطات الحكم الملكي السنوسي، بتهمة العمل في قيادة تنظيم الحزب، وبعد اطلاق سراحه انتقل الى سورية وعمل في مؤسسات الحزب الثقافية ، وفي عام 1963 عند استلام حزب البعث الحكم، فعاد الى بغداد وكان آنذاك عضوا في قيادة قطر العراق حيث عين وزيرا للإصلاح الزراعي.
وبعد ثورة السابع عشر من تموز 1968 عين رئيسا لشركة النفط الوطنية العراقية ثم وزيرا للنفط (1971- 1974)، وفي فترة توليه المسؤولية شهدت صناعة النفط الوطنية العراقية وضع الاسس المتينة لانطلاقتها الكبرى في التنمية التقنية للاستخراج والإنتاج، وفي عهده تم تأميم النفط العراقي (1972)، حيث شارك مع الاساتذة مرتضى سعيد عبد الباقي واحسان شيرزاد وعدنان الحمداني ومحمد فاضل وفاضل الجلبي في وفد المفاوضات الحكومي مع شركات النفط الاحتكارية والتي استمرت عدة جولات، والتي شجعت الدول العربية وغير العربية، بتبني استراتيجيات لتحرير ثروتها النفطية من جميع أشكال الاستغلال التي كانت ضحيتها، وتمكنت من إعادة توزيع الموارد المالية بين المواطنين لضمان الاستقلال والسيادة على الثروات الطبيعية.
انتقل الدكتور سعدون حمادي من النفط إلى الديبلوماسية وزيرا للخارجية (1974-1983)، بذل جهوداً متواصلة لتمتين العلاقات بين الدول العربية في جميع المجالات: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية، واهتم العراق بالتأكيد على ضرورة تحقيق التكامل الاقتصادي العربي،والسعي لان تحقق الدول النامية، النجاح في تبني سياسة الاستقلال واعتماد سياسة غير منحازة للتكتلات، وإرساء مبادئ عدم الانحياز، بذل جهوداً حثيثة بإقناع دول مجموعة عدم الانحياز بالموافقة على عقد مؤتمر القمة في بغداد عام 1982، لكن تعقيدات القضية اللبنانية والانعكاسات الدولية التي افرزها الغزو السوفيتي لأفغانستان والحرب العراقية الإيرانية، حالت دون عقده في بغداد حيث عقد في نيودلهي عام1983.
وفي العام 1983 اصبح نائباُ لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية.
كان له موقفا معارضاً لاحتلال الكويت ومعه الأستاذ طارق عزيز والأستاذ سعدون شاكر وبعض من قيادات الحزب، وطلبوا الانسحاب من الكويت وذلك بحصول متغيرات دولية على النظام العالمي وحل الاتحاد السوفياتي وانفراد أمريكا بالنظام الدولي كدولة كبرى وحيدة وهي لا يمكن ان تسمح بذلك الاحتلال دون ان تعاقب.
اختير الدكتور سعدون حمادي لرئاسة الحكومة في اذار عام1991، وابتدأ بتنفيذ حملات الاعمار الكبرى للمنشآت والمرافق التي طالها العدوان، كما بدأ بمراجعة المسائل الاقتصادية والحلول المقترحة نتيجة قرارات مجلس الامن التي اتخذت ضد العراق، كما اقترح بضرورة اجراء المزيد من إعطاء الحريات والمصالحة مع الاكراد، وفي عهده جرى لقاء بين الرئيس الراحل صدام حسين والمفكر القومي الدكتور خير الدين حسيب مدير عام مركز الدراسات الاستراتيجية ، طرح الدكتور حسيب خيارات للخروج من الازمة التي حصلت، منها ما تم الاتفاق عليه لاحقا هو:
1- إقامة صيغة اتحادية، على شكل «اتحاد فدرالي» بين العراق وسورية والأردن وفلسطين ولبنان واليمن (إذا لم يوافق مجلس التعاون الخليجي ضمها إليه) وأن يكون مفتوحاً لانضمام كل من مصر والسودان إليه، إذا رغبتا في ذلك، لأنهما غير مشمولين بالاتحاد المغاربي أو مجلس التعاون الخليجي (إلا إذا انضما لبعضهما في اتحاد أو أي صيغة أخرى بينهما).
2 – كما تتضمن هذه الصيغة، أن يخصص العراق عائدات مليون برميل يومياً، وكانت تقدر حينئذ بحوالى خمسة مليارات دولار سنوياً، توزع على شكل مساعدات للأردن وفلسطين وسورية ولبنان لأغراض عسكرية وتنموية.
3 – كما يخصص جزء منها لمساعدة مصر، كبديل للمساعدات الأمريكية، التي قدرت مصر قيمتها الحقيقية، بعد استبعاد مصروفات الجانب الأمريكي منها، بحوالى نصف مليار دولار سنوياً، لتمكين مصر من التخلص من النفوذ الأمريكي تمهيداً للتخلص من معاهدة كامب دايفيد مع إسرائيل.
4 – أن تكون هناك فترة انتقالية لرئاسة الاتحاد، مدتها خمس سنوات، يتم التداول فيها بين أعضاء الاتحاد، ولمدة سنة لكل منهم، وحسب الحروف الأبجدية للاسم الأول من كل منهم.
5 – أن يعمل العراق مع الأقطار العربية النفطية الأخرى ومن خلال جامعة الدول العربية، على تزويد الأقطار العربية غير النفطية بحاجتها من النفط الخام مجاناً، مع إقامة مصفى للنفط في تلك التي لا تتوافر فيها مصافٍ وبتمويل من الأقطار العربية النفطية وتمويله كقروض تستقطع كأقساط من أرباحه.
ويطلب مني أن أفاتح الرئيس حافظ الأسد حوله قبل أن أفاتح الملك حسين، وعلى ألا أفاتح أحداً بالموضوع في سورية قبل أن أفاتح الرئيس الأسد بالمشروع.
يقول الدكتور حسيب بعد مقابلته للأسد التي استمرت اكثر من ثلاث ساعات: "اخبرني قبل انتهاء المقابلة أنه لا يستطيع لوحده أن يبت في هذا الموضوع وأنه لا بد أن يرجع إلى القيادة لبحث الموضوع معها وأنه سيخبرني بقرارهم بعد ذلك. ثم توفي بعدها بتسع سنوات دون أن يبلغني قرار سورية حول هذا المشروع!"، وهكذا تم إجهاض فرصة تاريخية لإقامة اتحاد فدرالي بين الأقطار العربية في المشرق العربي، الذي كان لو تحقق، سيغير الكثير من الأوضاع العربية وربما يحول دون التردي في الأوضاع العربية الذي نشهده حالياً.
وفي عام (2003-1996) انتخب رئيسا للمجلس الوطني العراقي وبقي كذلك لدورتين حتى الاحتلال الأميركي.
تزوج خلال حياته مرتين الأولى من عائلة الكيالي وهي فلسطينية الاصل ولكنها كانت تعيش في ليبيا مع عائلتها. تعرف عليها حينما كان مبعدا سياسيا والثانية من أحد اقربائه في كربلاء، له من الأولاد خمسة وكلهم ذكور وهم: أسامة وسهيل ووائل ومازن وغسّان.
فمسؤوليات العمل الرسمي في أجهزة الدولة لم تقف حائلا دون ممارسة الدكتور سعدون حمادي لنشاطه الفكري والعقائدي والثقافي عير تأليفه لمجموعة من الكتب العقائدية والسياسية كان آخرها كتاب - مشروع الوحدة العربية ما العمل؟ - وتشجيعه لمؤسسات الفكر والثقافة في الوطن العربي إذ أسهم سنة 1976 في تأسيس مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت وتولى رئاسة مجلس أمنائه سنة 1991.
وبعد الاحتلال اسرته قوات الاحتلال وابقته في الاسر 9 اشهر دون رعاية صحية وفي ظلّ ظروف الاحتجاز القاسية وخلال فترة الاسر تعرض وهو في منتصف السبعينيات من العمر لمعاملة غير انسانية واخضع لظروف التحقيق القسري، لكنه ظل ذلك القيادي والمفكر الذي لا يلين تحت أي من الظروف، واستمر بعطائه الفكري من خلال اللقاءات مع السجناء والمحاورات معهم، وكان معه في كروبر الأستاذ سمير الشيخلي القيادي في حزب البعث والوزير والأستاذ عدنان العاني وزير الصناعة وآخرين يقاربون ال35 حشروا في خيمة نصبت في العراء، وبعد تدهور صحته أطلقت قوات الاحتلال سراحه وسراح الاستاذين سمير الشيخلي وعدنان العاني، كتب اللواء الدكتور اكرم المشهداني والذي كان هو الاخر موقوفا في سجن كروبرمقالة بعنوان (المرحوم د.سعدون حمادي مفخرة رائعة من مفاخر العراق، وذكرياتي معه في معتقل بالمطار "كروبر")، كما كتب السيد علي القيسي رئيس جمعية ضحايا سجون الاحتلال الأمريكي في مقالة بعنوان (ذكرياتي في الأسر مع الشهيد الدكتور سعدون حمادي)، وكان السيد علي القيسيمعه في المعتقل: ((إن أكثر ما أعجبني فيه الابتعاد عن النظرة الطائفية والعرقية حيث قال لي رحمه الله : كنت أرأس لجنة ثقافية تتابع الكتب التي تدخل أو تطبع في العراق وكان حرصنا في هذه اللجنة منع كل ما يثير النعرة الطائفية أو العرقية فلو كان الكتاب من عدة مجلدات ووجدت به جملة تدعو للطائفية أو التعصب العرقي يرفض كلّ المجلّد...))، كما كتب الدكتور كاظم عبدالحسين عباس مقالة بعنوان (الشهيد الدكتور سعدون حمادي في المعتقل: قامة عراقية عروبية مسلمة باسقة).
تنقل الدكتور حمادي للعلاج بعد أطلاق سراحه في الأردن ولبنان وألمانيا، لكنه استقر في قطر في مطلع العام 2005، في الدوحة عرفه المثقفون في قطر متابعا دؤوبا لكل النشاطات والمجالس والندوات الفكرية والثقافية في قطر مثلما يعرفون تواضعه وادبه الجم وثقافته الواسعة وشغفه بالشعر العربي وعمقه الفكري.
في 16 آذار من عام 2007م رحل الإنسان والمفكر القومي الداعي بكل محبة وإخلاص من أجل الوحدة العربية التي أفنى عمره نضالا وبحثا وفكرا في سبيلها، عند عودته من العلاج في المانيا ودفن في قطر.
أكمل حياته بعيدا عن العراق وقلبه يخفق حسرة على ما آل إليه العراق في ظلّ الاحتلال وما فرّط فيه العراقيون من شرف وكرامة ووحدة وانسجام داعيا من جديد أبناء شعبه إلى الوحدة والتماسك من خلال وصيته التي خاطب بها أبناءه قائلا: ((أن يرسم على وجه الضريح خارطة الوطن العربي بحدودها الخارجية وأن يكتب على الضريح بالعربية الواضحة: "أيها المواطنون عليكم بوطنكم العربي وحدوده في دولة قوية تقدمية فليس غير الوحدة العربية ما يحقق لكم الأمن والنهضة والتقدم وهي لا بدّ متحققة بإذن الله وجهادكم")).
نعى مركز دراسات الوحدة العربية رئيس مجلس الوطني العراقي الراحلسعدون حمادي، وجاء النعي باسم الدكتور خير الدين حسيب رئيس مجلس أمناء ومدير عام مركز دراسات الوحدة العربية. حيث قال:
//انتقل إلى رحمة الله مساء يوم الجمعة 16 آذار/مارس، وهو في طريقه بالطائرة من ألمانيا حيث كان يعالج إلى الدوحة، حيث يقيم بعد خروجه من العراق، المناضل والمفكر القومي الأستاذ الدكتور سعدون حمادي عضو مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية وأحد أهم مؤسسيه؛ ورئيس الوزراء الأسبق، ورئيس المجلس الوطني في جمهورية العراق؛ إضافة إلى توليه مناصب وزارية عدة طيلة عمله في العراق. وهو من أبرز الكفاءات الوطنية في ميادين السياسة والاقتصاد والنفط.
إن مجلس أمناء مركز دراسات لوحدة العربية إذ ينعي إلى جماهير الأمة العربية وكل المناضلين التقدميين العرب وحملة راية الحرية والعدالة في العالم، عضواً مؤسساً للمركز ورئيساً لمجلس أمنائه منذ عام 1976 حتى عام 1991 ومناضلاً ومفكراً قومياً ثابتاً على قيمه ومبادئه، ومضحياً في سبيل آمالها المنشودة؛ فإنه سيتذكر المناقب الأخلاقية والفكرية والعلمية السامية للراحل الفقيد وإسهاماته في ميادين البحث والتأليف، وما قدمه للمكتبة العربية من إسهامات جادة ورصينة في مختلف الميادين، وبشكل خاص في ميدان قضية الوحدة العربية التي كان يؤمن بها إيماناً عميقاً وراسخاً، مناضلاً من دون هوادة في سبيلها.
ومركز دراسات الوحدة العربية الذي عرف المفكر الراحل الدكتور سعدون حمادي حاملاً لرايته الأولى منذ تأسيسه، ورفيقاً لمسيرته في مختلف ميادين العمل والإبداع، ومساهماً في كل أنشطته وأعماله، سوف يحرص على الوفاء لذكرى الراحل في إنجاز/إصدار مجموعة أعماله الفكرية الكاملة، والتي تلخص تاريخ وقضية أمة//.
ومن مؤلفاته :
نحن والشيوعية 1958، نحو اصلاح زراعي اشتراكي 1963، آراء حول قضايا الثورة العربية 1980، آراء ومذكرات في شؤون النفط 1980، ملاحظات حول قضية الحرب مع ايران 1982، في سبيل الجمهورية والوحدة العربية 1986، تجديد الحديث عن القومية والوحدة العربية 1986، الوحدة والاستقلال والدولة القطرية 1997، عن القومية والوحدة العربية سألني سائل فأجبت، مشروع الوحدة العربية ما العمل ؟، العقل والضمير :نظرات في الانسان والتطور، الأعمال الكاملة للدكتور سعدون حمادي) عنوان الكتاب الصادر حديثاً في ثلاثة مجلدات لدى «مركز دراسات الوحدة العربية»، يتناول فيه حمادي القضية الوطنية الكبرى، من منظور قومي، تنموي، إنساني، بالإضافة إلى ثلاثة روافد كانت بمثابة الحافز له على الكتابة: شعوره بالقومية، اهتمامه بقضية بناء كيان قومي موحّد للأمة العربية، دراسة الاقتصاد والتنمية ودور النفط الإيجابي في التنمية، اهتمامه وشغفه بالفلسفة وقضايا الفكر.
يجيب في المجلد الأول عن الأسئلة التالية: ما هي الطريق الأنسب الى تحقيق التوحيد القومي؟ وما هو السبيل الأكثر نفعاً وجذباً وتنشيطاً للحراك الشعبي؟ ما هو الشكل الأنسب لنظام الوحدة العربية؟.
كتبنا مقالتنا هذه عن رؤساء وزارات تميزوا بعملهم وعطائهم العملي والقيادي بعد دراسة مستفيضة ومصادر متنوعة، وهذ لا يعني اننا ننتقص من مكانة ودور كل رؤساء الوزارات التي استلمت مسؤولياتها منذ تأسيس الدولة العراقية ولغاية احتلال العراق، فهم رجال دولة عملوا بإخلاص وتفاني، وهم أعمدة وقامات تنحني لهم قامات الدول قبل قامات رجال الدولة، ومن الله التوفيق.
سرور ميرزا محمود
412 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع