سَعيد قَزّازْ سيرة وطنية عراقية مُشرّفة .. لرجل مات شامخاً يتحدى الموت والطغاة!!

           

سَعيد قَزّازْ سيرة وطنية عراقية مُشرّفة.. لرجل مات شامخاً يتحدى الموت والطغاة!!

     

   

من هو سعيد قزاز؟

هو محمد سعيد أفندي بن مرزا مجيد بن الحاج أحمد القَزّاز وهو سياسي عراقي شغل مناصب وزارية مختلفة في العهد الملكي في العراق، ولد محمد سعيد القَزّاز في اليوم الأول من الشهر الأول من عام 1904 في مدينة السليمانية لعائلة كردية كريمة وعريقة .
قضى فترة طفولته ودراسته في مراحلها الثلاثة في مسقط رأسه وتخرج من كلية الحقوق التي كانت تسمى (مدرسة الحقوق العالية) في بغداد في عام 1922
توفي والده وهو طفل صغير, وتزوج من السيدة زكية بنت توفيق القَزّاز، وقد أثمر زواجهما عن بنت وحيدة اسمها (پـري)، ولم يخلف غيرها، وكانوا ينادونها (پـري خانم)، أو (پـري هانم)، ومعنى اسمها باللغة الكردية (الحورية).
وأعدم شنقا في 20 أيلول 1959 بعد محاكمته مع اركان العهد الملكي بعد انقلاب 14 تموز 1958 ضمن محاكمات محكمة المهداوي المهزلية الانتقامية.

المناصب التي شغلها سعيد قزاز:
شغل سعيد قزاز مناصب مختلفة، حيث تشير سيرته الوظيفية:
1) في 20 كانون الثاني 1924 بدأ عمله موظفا بدائرة التفتيش الإداري في لواء السليمانية.
2) في 1927 شغل منصب مدير ناحية تانجرو في لواء السليمانية.
3) نقل بعدها إلى لواء أربيل وعين مدير ناحية.
4) بعدها عمل قائمقام قضاء زاخو.
5) في 20 تموز 1941 نقل إلى بغداد وشغل منصب مدير الداخلية العام في وزارة الداخلية.
6) في 17 أيلول 1944 شغل منصب متصرف (أي محافظ) لواء أربيل.
7) في 22 أيلول 1946 شغل منصب متصرف لواء الكوت (واسط).
8) في 26 حزيران 1949 شغل منصب متصرف لواء كركوك.
9) في 24 تموز 1950 شغل منصب متصرف لواء الموصل.
10) في 21 كانون الأول 1952، شغل منصب وزير الشؤون الاجتماعية في وزارة نور الدين محمود خلفا لماجد مصطفى
11) في 15 شباط 1953، كان أول عراقي يشغل منصب مدير للموانئ العراقية بعد احتكار الإنكليز لهذا المنصب منذ عام 1919، وبقي في هذا المنصب حتى 28 شباط 1954.
ثم شغل منصب وزير الداخلية في حكومات محمد فاضل الجمالي الثانية، ووزارة أرشد العمري الثانية ووزارات نوري السعيد الثانية عشر والثالثة عشر والرابعة عشر ووزارة احمد بابان وهي آخر حكومات العهد الملكي.

     

بعد وقوع انقلاب 14 تموز 1958 فقد سلم نفسه طواعية للسلطات واتهم بتهم منها إسقاط الجنسية العراقية عن عدد من العراقيين، وانه أمر بإطلاق النار على المتظاهرين ضد تزوير الانتخابات، وعند صدور حكم الإعدام بحقه في محكمة المهداوي سيئة الصيت قال سعيد قزاز قولته التي خلدها التاريخ:
(( إنني أقف اليوم وأرى الموت مني قاب قوسين أو أدنى، ولا ترهبني حبال المشنقة، وعندما اصعد عليها، وارتفع فوق رؤوسكم، سأرى كثير ممن لا يستحقون الحياة... تحت أقدامي)).
وعندما وصله خبر مفاده قيام زوجته بالتوسط لتخفيف الحكم عنه أرسل رسالة لها مضمونها عليها الاستعداد أن تكون أرملة وأنها طالق إذا تورطت بالسعي لتخفيف الحكم عنه.. وأعدم سعيد قزاز شنقا في 20 أيلول 1959
صدرت كتب عديدة توثق سيرة وزير الداخلية الصارم ومن اهمها كتاب هو عبارة عن رسالة ماجستير للسيد/ عبدالرحمن إدريس البياتي بعنوان: «سعيد قزاز ودوره في سياسة العراق حتى عام 1959» من اصدار المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت في عام 2001. وكذلك مقالات عديدة نسطرها في ختام هذا البحث.

     

سر يوم الاحد في حياة سعيد قزاز:
كتب الاستاذ كاظم فنجان الحمامي يقول:
((... ارتبطت حياة الأستاذ محمد سعيد القَزّاز ارتباطا عجيباً بيوم الأحد، فقد التحق هذا الرجل بالسلك الوظيفي يوم الأحد الموافق 20/يناير- كانون الثاني/1924 ليعمل بمنصب المفتش الإداري لمدينة السليمانية، ثم انتقل إلى بغداد يوم الأحد الموافق 20/يوليو- تموز/1941 للمباشرة بعمله مديراً عاماً للداخلية، وبقي بهذا المنصب لحين صدور الإرادة الملكية بتعيينه متصرفاً (محافظاً) لأربيل يوم الأحد الموافق 17/سبتمبر- أيلول/1944، وظل في أربيل حوالي عامين, وصدرت الإرادة الملكية مرة أخرى بتعيينه متصرفاً لمدينة الكوت, ليلتحق يوم الأحد الموافق 22/سبتمبر- أيلول/1946, وانتقل منها إلى متصرفية كركوك, ثم انتقل إلى مدينة الموصل يوم الأحد الموافق 26/يونيو- حزيران/1949 للعمل بدرجة متصرف وظل متصرفاً للموصل مدة قصيرة لحين دخوله الوزارة لأول مرة, وذلك يوم الأحد الموافق 21/ديسمبر- كانون الأول/1952, ليصبح وزيراً للشؤون الاجتماعية في وزارة نور الدين محمود خلفا للوزير المستقيل السيد ماجد مصطفى, ولم تمض مدة قليلة حتى استقالت وزارة نور الدين, ثم تم تعيينه مديراً عاماً للموانئ العراقية يوم الأحد 15/فبراير- شباط/1953, وانتهت مهمته كمدير عام للموانئ العراقية يوم الأحد 28/فبراير- شباط/1954, وشاءت الأقدار أن يفارق الحياة في الساعة الرابعة فجراً من يوم الأحد 20/سبتمبر- أيلول/1959, وهو اليوم الذي انتقل فيه هذا الرجل إلى رحمة الله مرفوعاً فوق أعواد المشانق، التي نصبتها له المحكمة العسكرية الارتجالية الفوضوية برئاسة فاضل عباس المهداوي، والتي كانت أقرب للمهزلة منها للمحكمة العادلة)). انتهى الكلام للاستاذ كاظم فنجان الحمامي.
أيام سعيد قزاز في الموانئ:
يروي الاستاذ كاظم فنجان الحمامي في مقالته عن المرحوم سعيد قزاز:
((... كان يوم الخامس عشر من شهر فبراير (شباط) من عام 1953 يوما مباركاً ومميزاً في تاريخ البصرة باعتباره اليوم, الذي استقبلت فيه الموانئ العراقية مديرها الوطني الأول الأستاذ محمد سعيد القزاز خلفا للبريطاني (آر سي كلايت), ليكون أول عراقي يحل محل المدراء الانجليز في ادارة الموانئ, الذين تعاقبوا على منصب المدير العام, واحتكروا التحكم بسلطة الموانئ العراقية منذ اليوم الأول من أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1919 ولغاية الرابع عشر من فبراير (شباط) 1953, كان الكولونيل (جي سي وورد) أول المدراء الانجليز, وأطولهم مدة من 1/10/1919 إلى 10/10/1942, ثم جاء من بعده, ولفترة قصيرة جداً, الكابتن (سي جي كوبلن) للمدة من 11/1/1943 إلى 14/2/1943, وحل محله الكابتن (دونالد لينكتون) للمدة من 15/2/1943 إلى 1/11/1946, تلاه الكابتن (وليم بنت) للمدة من 15/11/1946 إلى 27/7/1948, جاء من بعده الكابتن جورج توماس جونسون للمدة من 17/8/1948 إلى 16/8/1951, وانتهت سلطتهم بعد رحيل الكابتن (آر سي كلايت), الذي حكم الموانئ العراقية للمدة من 17/8/1951 إلى 14/2/1953.
فجاء العراقي محمد سعيد القزاز ليكتب بخط يده النهاية الرسمية للهيمنة البريطانية المطلقة على الموانئ العراقية, وينهي نفوذهم القديم على الممرات الملاحية المؤدية إليها, ويضع حداً لتسلطهم على المسطحات البحرية المرتبطة بها)). ا هـ

    

سعيد قزاز وزير الداخلية يفتتح مشروع ماء لواء كركوك سنة 1956 ويستعرض حرس الشرف بصحبة مدير شرطة لواء كركوك

   

قصة الخلاف بين مدير الموانئ ووزير المواصلات:

من أطرف الكتب والمراسلات الرسمية التي وقعها المرحوم سعيد القَزّاز في أول أيامه كمدير عام للموانئ العراقية, الكتاب الذي أشار إليه المؤرخ عبدالرزاق الحسني في الجزء التاسع من الطبعة السابعة لكتابه (تاريخ الوزارات العراقية), الصادر من مطبعة دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد عام 1980, وعلى وجه التحديد في الصفحة 29 منه:

        

يقول الحسني: وقعت خلافات حادة في ربيع عام 1953 بين مدير عام الموانئ (محمد سعيد القَزّاز) وبين وزير المواصلات والأشغال الأستاذ (عبد الوهاب مرجان) في وزارة جميل المدفعي. حيث نشبت الخلافات بين الاثنين على خلفية مطالبة القَزّاز بمنحه الصلاحيات الإدارية والمينائية, التي كان يتمتع بها المدير العام البريطاني الكابتن (كلايت), فلم تستجب وزارة المواصلات لمطالبه, ورفضتها جملة وتفصيلا, وصادف أن قام وزير المواصلات وقتذاك بتعيين (إبراهيم الراضي) بمنصب مدير القسم المالي, أو مدير الحسابات في الموانئ, وكان من أعضاء الحزب الذي ينتمي إليه الوزير, وبسبب عدم كفاءة (الراضي) رفض القَزّاز الاستجابة لأمر الوزير (مرجان), ولم يوافق على تعيين الموما إليه في هذا المنصب الإداري الحساس, فأرسل خطابه الاحتجاجي إلى مكتب وزير المواصلات والأشغال يوم الجمعة الموافق 20/مارس- آذار/ 1953, وهذا نصه كما اورده المؤرخ عبدالرزاق الحسني:
((عندما طلبتم معاليكم إليَّ إبداء الرأي في تعيين إبراهيم الراضي أقدم ضابط حسابات في مديرية الموانئ, بينت لكم المحذور من مثل هذا التعيين, بسبب عدم خبرة هذا الشخص في أعمال أهم فرع في هذه المديرية, وتأثيره السيئ على نظامها, وعلاوة على معروضاتي الشفهية, طلبت من مدير عام مكتبكم بيان هذه الحقيقة إليكم منعاً من إجراء التعيين المطلوب, فعلى الرغم من بسط هذه الحقائق لمعاليكم, فإن تعيين هذا الشخص لغرض حزبي معناه عدم الثقة بشخصي, أو عدم المبالاة برأيي لتمشية هذه المديرية على أساس صحيح, لذا لست مستعداً لتحمل المسؤولية, وأقدم استقالتي من وظيفتي حالياً, راجياً قبولها, وتعيين من تنسبون لتسلم مهام إدارة الموانئ العراقية ))
فاستجاب الوزير لطلبه وقبل استقالته, وهنا وقعت الكارثة, وتفجرت الأوضاع بوجه الوزير بسبب تحزبه الأعمى, وإصراره على تعيين الذين ينتمون لكتلته السياسية في المواقع الحكومية الحساسة, فانتصر القَزّاز وعاد إلى منصبه ليرأس الموانئ العراقية, ويديرها على وفق السياقات الإدارية الصحيحة, بينما شعر الوزير بالحرج, وتقدم باستقالته من الوزارة, فقبلتها الحكومة رسمياً في 31/5/1953, وهكذا عاد القَزّاز إلى الموانئ بقوة, وخرج الوزير (مرجان) من الوزارة, ولم يجد (الراضي) له أي مكان في الموانئ))
((ولم يمض عليه عام واحد في الموانئ حتى استطاع أن يسجل قفزات مينائية ملفتة للنظر عام 1953, إذ ارتفعت أعداد السفن الوافدة للموانئ العراقية من (323) سفينة تجارية في زمن الكابتن (كلايت) إلى (453) سفينة تجارية في العام الأول لإدارة القزاز, وارتفع المجموع الكلي للحمولات الواردة والمصدرة عبر ميناء المعقل من (1129) ألف طن في زمن الكابتن (كلايت) عام 1952 إلى (1470) ألف طن في العام الأول لإدارة القزاز عام 1953, وقفزت البضائع المشحونة إلى أوربا في عنابر السفن العابرة للمحيطات, من (655) ألف طن عام 1952 في زمن (كلايت) إلى (897) ألف طن عام 1953 في زمن القَزّاز, بمعنى إن صادرات ميناء المعقل وحده عام 1953 تزيد على ضعف صادرات الموانئ التجارية العراقية كلها عام 2012, إذ بلغت صادراتها في العام الماضي (404) ألف طن فقط)). انتهى كلام الاستاذ كاظم فنجان الحمامي.

       

دور وزير الداخلية سعيد قزاز في انقاذ بغداد من الفيضان:

يشهد له المؤرخون والمطلعون ان سعيد قزاز وزيراً مثابراً كثير الحركة, يكرس وقته كله لعمله الميداني الدءوب, بادر بصفته وزيراً للداخلية بتخفيف الرقابة على الصحافة ودور النشر, فمنحهم الامتيازات والحريات التي كانوا يطالبون بها.
وسجل له تاريخ بغداد في آذار (مارس) 1954 أروع المواقف عندما تصدى للفيضانات الكاسحة, التي كادت أن تجتاح المدينة بأهلها، حيث أصيب سكان مدينة بغداد حينها بالهلع والخوف وساد الهرج والمرج بينهم على ضوء انتشار أخبار وإشاعات تنذر بغرق مدينة بغداد وخاصة جانب الرصافة منه، وكانت الحكومة العراقية في حالة انذار وانعقاد مستمر لغرض تلافي مخاطر الفيضان، وكان الرأي الراجح لديها بعد أن بلغ الخطر ذروته، حيث كان جانب الرصافة في خطر أكيد، هو إخلاء هذا الجانب ونقل سكانه إلى جانب الكرخ، وكان المرحوم( سعيد قزاز ) بالضد من هذا الرأي مبرراً ذلك توقعه من حصول اندفاع شديد وحصول كارثة بسبب شدة الازدحام بسبب عدم استيعاب الجسور بين الرصافة والكرخ هذا الازدحام حيث لم يكن عدد الجسور في بغداد لا يكفي للعملية، كما انه راى ان إخلاء المدينة سيسبب قيام عمليات نهب وسرقة لا يمكن السيطرة عليها.
وطلب ترك معالجة الحالة على عاتقه وهو يردد ((لن أنام هذه الليلة حتى ينام دجلة)) ومن ثم أسرع إلى دار الإذاعة ووجه كلمة مباشرة إلى المواطنين طالباً منهم الهدوء والصمود وعدم إخلاء مساكنهم والعمل الجاد لتقوية السدود وكانت المعجزة في اليوم التالي، حيث توقف اندفاع المياه وبدأت تنحسر بعد أن فتحت ثغرات في الأنهار الفرعية، وبذلك تم انقاذ مدينة بغداد من الغرق بفضله وثقته بنفسه وبصواب موقفه.
وكان لنداءاته المتكررة وتوجيهاته المباشرة, التي أطلقها بصوته الأثر الكبير في إسعاف الأوضاع المضطربة, كانت نبرته الوطنية الصادقة وهو يواسي الناس عبر ترددات الإذاعة العراقية في بغداد هي التي أنقذتهم من كارثة حقيقية كادت أن تودي بالعاصمة وضواحيها, وهي التي أعادت إليهم الطمأنينة, فسمعه الناس وهو يناشدهم من وقت لآخر، ويطلب منهم مغادرة الخوف والذعر، والعودة إلى بيوتهم في الوقت الذي نشر فيه فرق الإنقاذ حول العاصمة، وهرع معهم لتعزيز قوة السداد وترصينها ومنع تدفق مياه الفيضان، فسجل له التاريخ هذا الخطاب المباشر الذي نقل المؤرخ عبدالرزاق الحسني مقتطفات منه:
((يا أهالي بغداد الأعزاء: انتشرت في الساعات الماضية أخبار مقلقة للسكان عن حدوث بعض الكسرات في سداد مدينة بغداد، إن هذه الأخبار لا صحة لها، ولم تحدث أية كسرة بفضل الله حتى هذه الساعة، لا أريد أن اقلل من الخطر المحدق بالمدينة هذه الليلة، لكنني أود أن أطمئنكم بأننا نمتلك الجهود الممكنة لدرء الأخطار، ومنع الأضرار عن المدينة، إننا بعون الله باذلون أقصى الجهد للحفاظ على الأمن والاستقرار، وتخفيف الضغط على السداد، وسنتجاوز هذه المحنة إن شاء الله، وقانا الله من كل شر، وحفظ بلادنا العزيزة بعنايته الربانية)).

       

جلال الحنفي يشيد بجهود وزير الداخلية في التصدي لفيضان دجلة:
وعلى أثر هذا الموقف المشرف, كتب الشيخ جلال الحنفي قصيدة بعنوان (تحية) نشرها في ديوانه المطبوع في مطبعة المعارف ببغداد عام 1956 يثني فيها على موقف القَزّاز في التصدي لفيضان بغداد, جاء فيها:

أسعيد لو تجد النفوس خياراً لحَنتْ عليك من الوفاءِ إطارا

فلأنت مُنقذ أمة من محنةٍ كادت تُكلُفها أذى وخسارا

أسعيد يا مولى الجميل تحية تستوعب التقدير والإكبارا

حقٌ على بغدادَ وهي وفيّة أن لا تُضيع جهدك الجبارا

قد كان موقفك المحجل رائعاً سَحرَ العقولَ وأدهش الأفكارا

نزاهته وعفته ونظافة يده:
قيل عنه انه لم يكن يملك عقارا على وجه التخصيص، ولا رصيداً في بنك، ولا أموالاً منقولة جناها أثناء تقلده للوظائف الإدارية المرموقة, فلم يكن يملك غير إرادته الصلبة الثابتة على المبادئ والأعراف الأصيلة، ولطالما أعلن مسؤوليته التامة عن كل القرارات التي اتخذها، وقد أصر على مسؤوليته إصراراً قويا حتى وهو داخل قفص الاتهام في محكمة المهداوي.
عاش متعففاً متقشفاً في بيته المتواضع بمنطقة العلوية, وكان منزله مبنياً بالطين والآجر، كان يرفض الهدايا العينية والنقدية رفضا قاطعا حتى من اقرب الناس إليه، ويعتذر لهم دائما بعبارته التي حفظوها عنه: ((إني موظف في الدولة, وصاحب راتب محدود، وعندما أقبل منك الهدية كيف استطيع ردها إليك)).
لم يكن يملك بستاناً ولا حقلاً زراعيا ولا منتجعاً مخملياً باذخاً، كان رحمه الله من الشخصيات العراقية الوطنية, ومن الذين تركوا أثراً طيباً في تاريخ العراق السياسي، وكان له دور الريادة المطلقة في وضع اللمسات الوطنية الأولى، التي ارتكزت عليها الموانئ العراقية حتى ارتقت على يده ويد الذين جاءوا من بعده إلى مصاف الموانئ العالمية, فوصلت في خمسينيات القرن الماضي إلى المرتبة الأولى في التصنيف العالمي للموانئ والمرافئ متفوقة بذلك الانجاز الكبير على الموانئ الأوربية والأمريكية والآسيوية.
كان رحمه الله ابيض اليد والقلب والبشرة, يتمتع بلياقة بدنية عالية, لا هو بالطويل الفارع ولا بالقصير البدين, تقرأ في وجهه علامات الود والتسامح, يبتسم للصغير ويحترم الكبير, لا تخلو ملامحه من الحزم والجد, يحب عمله ويقدس واجبه, يتميز بالشدة من غير عنف واللين من غير ضعف, ينصت لشكاوى الناس, يلبي مطالبهم, يوفر احتياجاتهم, يسهر على راحتهم

   

المرحوم سعيد القزاز وقصة معاقبة الشقي الموصلي فاضل حيه
في ربيع عام 1950- في الموصل ايام تولي سعيد قزاز مهمة متصرف لواء الموصل، أنتشرت ظاهرة الخاوات التي يقوم بجمعها بعض الأشقياء الذين كانت لهم سلطات غامضه تخيف اصحاب المحال والتجار..
نما لسمعه ان المدعو فاضل حية هو أحد اشقياء الدواسه كان سكيرا ويميز رأسه جرح مخيف اصيب به نتيجة لأحدى المشاجرات التي كان قد اصيب بها واصبحت وساماً يتسلط بها على اصحاب المحلات تحت شعار (مكسّر على راسو كحوف الدنيا ) وكان مركز شرطة الدوّاسه يضم مجموعة نخبويه من رجال الشرطه المحليه ولما ازدادت اتاوات فاضل حيه لتكون ثلاثة ايام بالاسبوع مما اضطر اصحاب المحال الى تجاوز مدير شرطه المدينة ومركز شرطة الدواسه والتوجه مباشرة الى المتصرف (سعيد قزاز).. الذي تم تعينه متصرفا للموصل عام 1948، وهو رجل حازم من اهالي لواء السليمانيه وبعد استماعه لشهادة أصحاب المحلات . توجه بعد الدوام الرسمي الى مركز شرطة الدواسه وطلب من ضابط الشرطه المختص احضار فاضل حيه .

وفعلا تم ارسال مسلحه الى بيت فاضل واحضاره امام السيد متصرف الموصل ليقوم بالتحقيق معه مباشرة ووجه اليه السؤال الاول والاخير (يا فاضل أنت تاخذ خاوات من الناس وانا متصرف على الموصل؟؟) .

اجابه فاضل حيه :- (انا من بادوش واتيت اعمل بشرف ابوس رجلك انا ماخذ خاوات)!!.

نظر اليه سعيد قزاز بغضب وامر الشرطه بمدّه ((فلقه)) واخذ سعيد قزاز الخيزران وقام بنفسه بجلد فاضل حيه الذي اصبح فأراً امام قزاز واخذ يجلده ويقول له بالحرف: (ياغريب كون اديب .. ياغريب كون اديب) ..
تمزقت ملابس فاضل حتى بآنت عورته أستدرك سعيد قزاز انفاسه وقال لضابط الشرطه هذا حق العلم العراقي ... وآلآن احملوه وتجولوا به بالمسلحه (سيارة الشرطة) امام المحال التي كان يجمع الخاوات منها ليعلموا ان هذا يستحق العقاب ليكون عبرة لمن اعتبر ومن يرغب بتسجيل اي شكوى ليتفضل لمركز شرطة الدواسه لنأخذ حق المجتمع...
وفعلا تسربت اخبار فاضل الى كل انحاء الموصل ووصل الى بقية العواطليه والاشقياء ليقفوا طابورا امام المضمد المجاز رعد محمد بمنطقة باب جديد ليقوم بمحو الرسومات الخاصه بالاشقياء وانتهت ظاهرة الاتاوات في زمن القزاز وليكون فاضل عبرة لمن اعتبر.


كان يُجير من يستجير به:
يتحدث المرحوم الصحفي (جرجيس فتح الله) في كتابه (رجال ووقائع في الميزان) من أنه يوم استجار به خريج ثانوية كانت الشرطة قد رفضت تزويده بوثيقة حسن السلوك وهو يروم التقدم إلى وظيفة في مديرية السكك الحديدية وقلت في نفسي فلأجرب ( القزاز) لأرى مقدار ما يفعله وجئت بالشخص إليه , وشرحت أمره فأمر بإدخاله عليه , فدخل خائفاً وجلاً وأدرك ( القزاز ) ما به فسأله بلطف عن اسمه فأجاب ( سنحاريب) فراح يمازحه قائلا له: اتعرف من هو (سنحاريب )؟ إنه ملك أشوري عظيم القدر . هل أنت أشوري ؟ عليك أن تفتخر بنسبك هيا فإحك لنا قصتك مع هؤلاء الشرطة الأشرار فروى له قصته والكلام لازال للمرحوم ( جرجيس فتح الله) أجزم أنها لا تحتوي على شيء من الحقيقة لفقها بإعتبارها من أسباب حبس الشهادة عنه وقد علق الوزير على كلامه : (( إن كان هذا التلميذ فعلاً عنصر هدم وتخريب فهو كذلك موظفاً كان أم عاطلاً , وقد تكون الوظيفة سبباً في صلاحه , ثم أليس أسهل للدولة مراقبة سلوكه وهو موظف تحت ضبطها من تعقب حركاته وهو حر)) , ثم تناول الهاتف وخاطب مدير الشرطة بشأنه وأشار عليه بمراجعته , إلا أن (سنحاريب) جاء مساء اليوم نفسه ليخبرني بفشل المسعى وقال بأن مديرية الأمن في بغداد لم توافق.
يقول المرحوم (جرجيس فتح الله) مسترسلاً عدت به إلى (القزاز ) في اليوم التالي فقال له: ((سأكون نهار السبت القادم في بغداد وسأحل في فندق سميراميس فالحق بي وتعال في الساعة العاشرة صباحاً لأخذك معي إلى مديرية الأمن وسأحصل لك على الشهادة))
وفعلها (القزاز) وعاد (ذو الآراء الهدامة) من بغداد وبيده شهادة لحسن السلوك فتحت له باب الوظيفة والأهم في هذا الموضوع هو نقل صلاحية الاستئذان من بغداد إلى توصية المتصرف

   

    

    

محاكمة القزاز امام محكمة المهداوي:
لم تكن محكمة المهداوي محكمة عادلة بالمفهوم القضائي الثابت, ولم تكن القضية المثارة ضد القزاز من القضايا الرصينة المتكاملة الأركان, فقد كان المقصود من المحاكمة هو ضرب أقطاب النظام الملكي والانتقام من رموزه, فانعدمت نزاهتها تماماً, وغابت عدالتها منذ بداية تشكيلها وحتى يوم انهيارها, وبالتالي فإن معظم قراراتها كانت متخبطة ومنفعلة ومفرطة في إظهار القوة والبطش, وأقل ما يقال عنها إنها كانت جائرة أو ظالمة. .

عرضوا قضية القزاز على محكمة المهداوي يوم الخميس الموافق 6/11/1958 بالملف التحقيقي المرقم 70/1958, وبدأت محاكمته يوم السبت 24/1/1959 الساعة الخامسة مساءً, برئاسة العقيد فاضل عباس المهداوي وعضوية مجموعة من الضباط المشفرين عقلياً ضد أقطاب العهد الملكي.

وقف القزاز بقامته الفارعة في قفص الاتهام متحديا المحكمة, ومدافعا عن كرامته التي انتهكتها الثورة الجديدة, طلبوا منه أكثر من مرة الاعتذار لهيئة المحكمة فلم يعتذر لأحد, وظل متمسكا بموقفه الشجاع مفضلا الموت على التنازل عن حقوقه, فتمت إدانته بتهم باطلة, على الرغم من أن الأسس التي استندت عليها المحكمة لم تكن قانونية, ولا تصلح للإدانة. .
كان مؤمناً إيماناً قاطعاً بأن العدالة لا تموت وإن غابت لأسباب قاهرة, ولابد أن يأتي اليوم الذي ستنجلي فيه شمس الحقيقة, إلي لن تستطيع الأرواح الشريرة أن تحجبها. .

ويروي الاستاذ سعد ناجي جواد في مقالته عن سعيد قزاز ومحاكمته امام محكمة المهداوي
لقد مثل موقف المرحوم سعيد قزاز، آخر وزير داخلية في النظام الملكي (١٩٢١-١٩٥٨)، في محكمة الشعب، او محكمة المهداوي كما عرفت فيما بعد نسبة لرئيسها ( العميد) فاضل عباس المهداوي، موقفا شجاعا بل وبطوليا، ولم ترهبه الهتافات التي كان بعض الحاضرين من الشيوعيين يطلقونها ضده، ولا الحبال التي كانوا يرمونها على قفص الاتهام الذي كان يقف فيه شامخا بقامته وبعزة نفسه وبكبرياء قل ان تتوفر لأشخاص مثله في ساعة العسرة. وبالتاكيد فانه كان في تلكم اللحظات يفكر بالاعمال الكبيرة التي قام بها من اجل العراق، ومساهماته في بناء دولة العراق الحديثة، منذ بدا موظفا اداريا بسيطا، ثم تدرج، بسبب كفاءته ليصبح محافظا (متصرفا) ثم وزيرا. وأهمها وآخرها كان جهده الاستثنائي في حماية بغداد من الفيضان عام ١٩٥٤، و وقوفه ضد فكرة إخلاء بغداد آنذاك، وما كانت ستنشره من فوضى وفقدان للارواح.

            


احدى جلسات محكمة المهداوي المدعي العام ماجد محمد امين يلقي مطالعته

    

ولكن اهم ما كان يشغل بال القزاز ويقلقه اثناء جلسات محاكمته، وهو ما اخبر به المقربين له من عائلته، هو أن لا يُسمٓح له بإلقاء دفاعه عن نفسه في المحكمة في نهاية جلسات محاكمته، كي يرد فيه على سيل الاتهامات، والتي تضمنت عددا غير قليل من الافتراءات، التي تُليَت ضده سواء من رئيس المحكمة او من المدعي العام العقيد الركن ( العميد) ماجد محمد أمين، او الشهود الذين شهدوا ضده. والتي أيقن من خلالها بان مصيره هو الإعدام لا محالة. ولهذا فلقد لجأ الى تهريب نسخة من دفاعه، وطلب من عائلته ان يأخذوها الى المؤرخ العراقي المرحوم السيد عبد الرزاق الحسني، صاحب الموسوعة الكبيرة ( تاريخ الوزارات العراقية)، وأرفَقَ نسخة دفاعه بطلب يقول فيه للحسني، ( إِنَّكَ أثبَتَ نفسك أمينا على تاريخ العراق وإني أأتَمِنُكَ على هذه الوثيقة لكي تنشرها بعد وفاتي لاني اعتقد باني لن أتمكن من إلقاءها في المحكمة)، وهو ما سمعته من أشخاص مقربين من الطرفين. وبالفعل فلقد قام الحسني بإخفاء الرسالة في مكان ما من مكتبته، الطريف في هذه القصة ان المرحوم الحسني، والذي كان يعمل آنذاك في أمانة مجلس الوزراء، وهي الوظيفة التي شغلها لمدة طويلة والتي مكنته من الحصول على الكثير من الوثائق الرسمية التي ضمنها في موسوعته عن وزارات العراق ومؤلفاته الاخرى، ظلَ يتابع محاكمة القزاز، الذي، على عكس توقعاته، سمحت له المحكمة ان يقرأ دفاعه كاملا في نهاية جلسات محاكمته، والذي ظهر فيه بذلك الموقف البطولي والجريء الذي اذهل متابعي المحكمة، سواء من هيئة المحكمة او الحاضرين فيها والمطالبين بإعدامه، والاهم انها أكسبته احترام وتقدير نسبة كبيرة من العراقيين. وكان الحسني يتابع تلك الجلسة ايضا وبيده النسخة التي ارسلها القزاز له. في اليوم التالي ذهب الحسني الى دائرته في مجلس الوزراء و هو يشعر بان الوثيقة التي وصلت اليه لم تعد بالأهمية التي كان يعتقد انها كانت ستكتسبها اذا ما مُنِعٓ القزاز من إلقاء دفاعه، خاصة وان جلسات المحكمة كانت علنية ومباشرة ولا تخضع لا الى تقطيع او حدف او تلاعب بمجريات بثها. كما ان كل تفاصيل ووقائع المحاكمات كانت تنشر في مجلدات تباع في الاسواق، وبدون اي حذف او تغيير..
وأثناء جلوس الحسني في مكتبه في أمانة مجلس الوزراء، و بدون سابق إنذار فتحت باب غرفته واذا بالمرحوم عبد الكريم قاسم، رئيس الوزراء آنذاك، على الباب. هبَّ الحسني واقفا وهو يرد على تحية الزعيم ، الذي بادره بالسؤال (ها سيد .. دفاع سعيد قزاز الذي قراءه بالمحكمة البارحة هو نفسه اللي عندك؟). فابتسم الحسني مذهولا ولم يستطع الرد، و اكتفى بالإيماء براسه موافقا..

الأيام الأخيرة
الطغاة أعدموه مرتين إمعاناً في تعذيبه والانتقام منه:
أعدمه الطغاة الشيوعيون في ذلك اليوم مرتين، المرة الأولى عندما قام المشرفون على إعدامه بقطع حبل المشنقة بعد توتره وقبل أن يلفظ سعيد قزّاز أنفاسه الأخيرة، والمرة الثانية عندما أعادوا شنقه مرة أخرى وهو فاقد الوعي بعد سقوطه في المرة الأولى تحت خشبات منصة المشنقة.
تلقى القَزّاز بلاغا من إدارة السجن يتضمن تحديد موعد تنفيذ حكم الإعدام, فقام يودع السجناء منتصب القامة, بشوشاً يصافحهم بقوة تنم عن إيمان كبير بما قدره له الله, وفي اليوم التالي حضرت عوائل كثيرة إلى بوابة السجن لتوديع أبنائها, وكان من ضمن من حضر لتوديع محمد سعيد القَزّاز زوجته (زكية), وأبنته (پـري) وزوجها, فأخذهم القَزّاز إلى زاوية منفردة من الزنزانة, وكان يتكلم معهم باللغة الكردية, ثم طلب منهم المغادرة بسرعة, وأن يتركوه يواجه مصيره, لكنه قال لزوجته قبل أن يودعها الوداع الأخير: ((أنا راضي عنك يا أم پـري, فتهيئي من الآن لتكوني أرملة, وهذا أمر الله)). .
وصله خبر قبيل تنفيذ حكم الإعدام ببضعة أيام عن عزم زوجته التوسط لغرض تخفيف الحكم عنه عن طريق مراجعة بعض الشخصيات لتتظلم عندهم وتسترحمهم, فأرسل لها رسالة بيد صديقه (حسن توحلة), مفادها انه يعلم بقرب موعد تنفيذ الإعدام, وأنه لا يطلب الرحمة من الجلادين, بل يطلبها من الرحمن الرحيم, وأنه غير مبال بالموت, وفي حالة قيامها بالتوسط فإنها تصبح في نظره مطلقة
في الساعة الرابعة من فجر يوم الأحد المصادف 20 أيلول 1959 تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً حتى الموت بالمرحوم ( سعيد قزاز ) في سجن بغداد المركزي وهنا أيضاً كان للشيوعيين دور سيئ وخبيث يخالف أبسط القيم الإنسانية من خلال مشاركتهم الفعالة في عملية التنفيذ حيث قاموا بإرخاء حبل المشنقة عندما صعد إليها ( القزاز) لكي لا تتم عملية الإعدام بسرعة وسهولة والإمعان في تعذيبه , وفعلاً عندما سحبت الخشبة من تحت قدميه سقط على ظهره بشدة على الأرض وهو معصوب العينين ومقيد اليدين والساقين وهذا المنظر المؤلم لهذا الرجل وبهذا العمر والمكانة بدلاً من أن يثير في نفوس المنفذين الأشرار نوازع الرحمة والاحترام جعلتهم يتضاحكون ويتشفون به , ويحملوه وهو مغمي عليه إلى حبل المشنقة مرة ثانية وتم شنقه من جديد ودفن بصمت في مقبرة باب المعظم في بغداد.
وكانت عائلة المرحوم (القزاز) ترغب في نقل جثمانه الى مدينته التي ولد وعاش فيها وأحبها (مدينة السليمانية) ودفنه فيها لولا خوفهم من الفوضويين الشيوعيين المعادين له من أهل المدينة.
وها نحن على نهاية حكايات هذا الرجل الذي عاش نزيها متعففاً شجاعاً إلى أبعد الحدود فأعماله وكلماته جعلته يرتقي المكانة العالية في حياته ويحتفظ بهذه المكانة حتى بعد وفاته وقول الشاعر أبي الحسن الأنباري فيه لم يأتي اعتباطا حين يقول:
علو في الحياة وفي الممات لحق أنت احدى المعجزات
وكيف لا وهو يسمعه يخاطب جلاديه قائلاً : ((لا أطلب الرحمة ولا الغفران من أي بشر كان بل اترك أمري الى الله واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين))

    

الشيوعيون يحملون الحبال امام المحكمة ويطالبونها باعدام من اسموهم بعملاء الاستعمار من رجال العهد الملكي

الايام الأخيرة للقزاز
أما عن الايام الاخيرة فتشير المصادر انه وبعد صدور الحكم على سعيد القزاز نقل الى سجن بغداد بأنتظار تنفيذه وعلى أثر ما قاله القزاز أمام المهداوي شددت العناصر المعارضة له من مضايقته فوضع في سجن أنفرادي أمعانا في تعذيبه وقد طلب منه أن يقدم أعتذارا للمحكمة عن العبارة التي ذكرها ((لا ترهبني المشنقة))!!! إلا أنه رفض التراجع بشدة مما دفع بعض الشيوعيين للأتصال بزوجته وطلبوا منها أن تكتب رسالة لكي يبدي شيئا من التنازل ويقدم أعتذارا للمحكمة وفعلا حررت زوجته رسالة إليه طلبت فيها تقديم اعتذار الى هيئة المحكمة عسى أن يجعل الله له في ذلك مخرجا فأجابها على ظهر رسالتها بعبارة ( استعدي لكي تكوني أرملة).
وقد أثار ذلك الموقف الشجاع من سعيد قزاز معارضيه فقاموا بتحريك بعض العناصر الشيوعية الفوضوية لرمي مسكن عائلته بالحجارة مما أضطرها الى ترك الدار وأستئجار بيت آخر لتتوارى عن الأنظار.

             

        سعيد قزاز في شبابه طالبا في كلية الحقوق

     

 أهالي السليمانية الأصلاء يقيمون نصبا لسعيد قزاز في مدينته:

قبل سنوات بادر عدد من الطيبين الاصلاء من أهالي السليمانية الأكارم، باقامة تمثال للمرحوم سعيد القزاز في مدينته التي يحبها السليمانيه..احياءً لذكرى سيرة وأمجاد هذه الشخصيه الرائعه الذي خدم وطنه وأهله بكل أخلاص ....

     

       سعيد قزاز مع غازي الداغستاني رئيس اركان الجيش
المصادر:
• عبدالرزاق الحسني: تاريخ الوزارات العراقية الجزء التاسع من الطبعة السابعة الصادر من مطبعة دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد عام 1980
• عبد الرحمن إدريس البياتي كتاب بعنوان "سعيد قزاز ودوره في سياسة العراق حتى عام 1959 م" وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت في العام 2001. وهي بالاصل رسالة ماجستير من جامعة بغداد.
• محاضر جلسات المحكمة العسكرية العليا الخاصة 1959 الملف رقم 70/1958
• سعد ناجي جواد: قصة دفاع سعيد قزاز في محكمة الشعب). مجلة الگاردينيا
• الاخ اللواء محي الدين محمد يونس: (سعبد قزاز: الحياة حكايات) مجلة الگاردينيا
• كاظم فنجان الحمامي: (مأساة أول مدير عراقي للموانئ..سعيد قَزّازْ. الرجل الذي مات مرتفعاً) جريدة المستقبل بغداد 12/5/2013
• زهير كاظم عبود: (لمحات عن سعيد قزاز) نشرت في مجلة رؤية التي تصدر عن مؤسسة حمدي للطباعة والنشر في السليمانية 2006.
• كاظم حبيب (سعيد قزاز واعادة كتابة التاريخ في العراق) موقع الحوار المتمدن 10/12/2006
• جرجيس فتح الله: في كتابه (رجال ووقائع في الميزان) أشار اليه الاخ محي الدين في مقالته.

    

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1241 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تابعونا على الفيس بوك