بغداد ايام الزمن الجميل / 5عادات وتقاليد
بغداد حالها حال المدن والمجتمعات التي تتطور فيها بعض الافعال الى عادات ثم تصبح من التقاليد التي يحرص المجتمع على اتباعها وقد تختلف هذه التقاليد من مدينه الى اخرى او من محله الى اخرى ضمن المدينه الواحده كما هي تختلف بالتاكيد بين المدينه والقريه وبين البداوه والحضر وبين الشرق والغرب لتاثيرات كثيره تتدخل في هذه العادات والتقاليد منها ثقافيه ودينيه واقتصاديه وقبليه ..
في هذه المقاله ساتطرق الى عادات وتقاليد احدى المناطق الشعبيه وليست بالضروره ان تنطبق على غيرها من المناطق او المدن وفي زمان مضى الى قبل ستين سنه تقريبا ومن هذه العادات قد يكون غادرنا ومنها قد تكون تغيرت واستبدل فيها اشياء اخرى او قد تكون الاسس ماتزال باقيه مع تغيير في التفاصيل ..
الزواج
انه سنه الحياة وطبيعتها ان يتخذ الانسان زوجا لكي تستمر الحياة وهكذا ارادة الخالق سبحانه وتعالى وتختلف صيغ الزواج بين مدينه واخرى وبلد واخر وقد فصلت ذلك الاخت (خالد بابان ) في مقاله خصتها بالزواج وعاداته في العراق ولكني لازال اقول ان في العراق لايوجد تقليدثابت للزواج كما هو الحال في مصر او لبنان او فلسطين والمغرب حيث تم تطبع العراقيين بالاقتباس من كل العالم وخرجوا بتقليد بعيد عن التقليد الاساسي قبل عشرات السنين . ولذلك سوف لن اتطرق لهذا التقليد وابدأ بنتائج الزواج وهي :
الحمل والولاده
من الطبيعي ان تكون النتيجه لكل زواج هو الحمل وكانت العروس بعد ان تشعر بالحمل فأن ذلك بشرى خير ويقوم الزوج بجلب الحلويات والفواكه (الميوه) وتبدأ مرحلة (الوحام ) وهنا ترى العجوز تبدا بالنصائح والارشادات وغالبا ما يكلف احد الصبيه لجلب (النعناع او علج ماي وعلج بستك او نومي بصره) من العطارين وقد تجد احدى النسوه تجول على بيوت الدربونه تسألأ عن طبخ كل وحده لان كنتها مشتهيه (شجر اصفر ) او (باميا) او غير ذلك وعند اكمال المده واحساس الحامل بقرب الولاده يتم استدعاء (الجده) لغرض القيام بالواجب والجده هي قابله مأذونه اخذت بعض المعلومات ولها خبره خاصه بهذا العمل وتتم العمليه في البيت وقد تكون هناك مشاكل تعترض العمليه ويتم اصطحاب الحامل الى مستشفى (المجيديه ) وهي مدينة الطب اليوم ويتم الذهاب اليها غالبا ما يكون بالزورق من احدى الشرائع على نهر دجله .
بعد ان تتم عملية الولاده يقوم الاب يتقبيل جبين الزوجه امتنانا منه على ولادتها وسلامتها ويقوم بنحر (ذبيحه) وتفريق اللحوم على الجيران والفقراء وهنا تتم مراقبه الوليد وكان قديما يقال (الولد الي يعيش من خروجه يبين) واذا كان خروجه طبيعيا فهو الدلاله على انه صحيح والاصل كما كانت تقول عجائزنا ( الاصل تمام الخلقه ) وخاصة اذا كان الزوج متضايق من الولاده اذا كانت (انثى) وفي اليوم الثالث يتم غسل المولود من قبل احدى النسوه التي تمتلك خبره في هذا الجانب خوفا من اختناقه وشرب ماء الصابون او الشنان وكثيرا ما يترك المولود بدون ختان الى مرحله اخرى والبعض كان يقوم بهذه العمليه في اليوم السابع وعند بلوغ الصبي عامه الاول تتم حلاقته ويعادل شعره بالذهب اوالفضه او النقود الورقيه وحسب المستطاع والبعض يجرون الحلاقه في مرقد الصحابي سلمان الفارسي (رض) تقرباه
الطهور / الختان يعتبر الختان من الواجبات الدينيه المفروضه لدى المسلمين وكذلك اليهود وكان افضل الختانون (المطهرجيه ) هم من اليهودولهذه المناسبه تقاليد يحرص عليها البيت البغدادي وهي يجب ان تتم قبل بلوغ الصبي 7 سنوات ولكن في بعض الاحيان قد يتجاوز البعض ذلك لظروف معينه .. تجري تهيئة اللوازم من قبل البيت قبل الطهور بفتره مناسبه وتتضمن خياطة (دشداشه ) بيضاء وتهيئة فراش ستن ومندر صدر( وهو فراش ارضي لجلوس الزوار ) جديد او يتم تجديده عند النداف وتهيئه الكعك والجكليت والحامض حلو والفواكه والشربت ويتم غسل الدار والاواني وتبخير الغرف حتى يحين صباح يوم الجمعه لياتي الوالد ويصطحب معه الصبي الخائف المرتعب وتاتي (المزيقه) ويبدأ ابو خشمان بالعزف ويجلس المطهرجي على كرسي ومقابله كرسي اخر يجلس عليه حامل الصبي وتتم العمليه ويضمد الطفل باليود مع لفافه كانت تسمى مزاحا (العمامه )وتنثر النقود والحلويات وام الصبي تهلهل والحاضرين يرمون (الشوباش) وهي المبالغ التي تعطى لابو خشمان صاحب الفرقه الموسيقيه,, يحمل الصبي الى الدار ويوضع على الفراش الستن ويذهب الاب لنحر خروف بهذه المناسبه وتوزيع اللحم على الجيران والفقراء وغالبا ما يتم طهور بعض الفقراء مع طهور الصبي .. وتتهيأ الام لاستقبال (القبول) للنسوه المباركات بالطهور وكل حين يتم الكشف عن (المكرود) لتقول احداهن (خوش طهور ماشالله ) واخرى تبدي نصائح الخبره لانها ام اربعة اولاد ويقدم الكعك والشاي والشربت والحامض حلو وتبدأ السوالف .. بعد مرور اسبوع يصبح الصبي طبيعيا ..
الزكريا
يصادف هذا اليوم اول يوم احد من شهر شعبان حيث تقوم النسوه بالصوم ويسموه صوم (زكريا ) ..
ويتم فيه ايضا نصب صينيه تسمى صينية زكريا توضع فيها الاباريق على عدد الذكور والقلل على عدد الاناث وتزين بالاس والورد وصحون الحلويات وخاصة (الزرده والحليب ) وهي نوع من المحلبي بالرز بلونين اصفر (الزرده ) والابيض وهو الحليب وهناك مسواك خاص لهذا اليوم البعض يأتي به من الشورجه واخرين يأتون به من البقالين ويتضمن المسواك ( الحلويات : المخلط ، الحامض حلو ، المسقول ، الحلقوم ، جعب الغزال ، لقمة القاضي ، لقمة الملك، التين ، السمسم ، وغيرها ) تقوم النسوه بعمل الزرده والحليب و ( اللهوم ) وهو مطحون السمسم والسكر والكليجه في بعض الاحيان
وقد يجلب ابو البيت بعض الحلويات من الحاج جواد الشكرجي وهي البقلاوه والزلابيه وتسهر العائله على هذه الصينيه وهم يرددون (يازكريا عودي علي كل سنه وكل عام ..) هذا التقليد يكاد يكون قد انقرض الان الا ما ندر في بعض البيوت
الملا
نظرا لقلة المدارس في تلك الفتره وفي بعض الاحيان بعدها عن محلات السكن يلجأ الاباء لارسال اولادهم وبناتهم الى ( الملا ) او (الملايه ) وهذا الملا ليس كما يراه الان فهو معلم يقوم يتعليم القرأن الكريم والقراءه والكتابه والاخلاق الحميده والصلاة وارشادات اجتماعيه عامه ويستخدم طريقة المقطوعه الانشاديه في تعليم ما يريده وباسلوب انشادي محبب ( كما صوره مسلسل تحت موس الحلاق) ومن مستلزمات الذهاب الى الملا الذي يعقد مجلسه في المسجد قبل صلاة الظهر على ان يتنهي بعد صلاة الظهر وعلى التلميذ ان يكون معه (عليجه ) تضم اكله وكتاب التعليم (جزء من القرأن الكريم ) وبعض مستلزمات الدرس من كراريس ولوحه خشبيه وكان الملا يحمل بيده عصا يخافها التلاميذ ويستخدمها الملا بقسوه في بعض الاحيان .. ولقد علمت الملايات الكثير من الشخصيات والسياسين وكان لها دور مشهود حتى انشأت المدارس وانتهى دورها عدا القرى والارياف في تلك الفتره ..
الى هنا نكتفي ونأمل ان نلتقي معكم ان شاء الله ... مع تحياتي ... عبد الكريم الحسيني
للراغبين الأطلاع على الحلقة الرابعة النقر على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/tarfiya/menouats/1534-4.html
1384 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع