السبحه ..عاده وعباده ووجاهه
لا يكاد يخلو جيب اكثر العراقين من السبحة التي يعتبرها العراقيين من مستلزمات القيافه الكامله
. يقال ان العراقيين من أكثر الشعوب الخليجية والعربية استخداماً للسبح وامتلاك الأنواع النادرة منها.. وهناك أسواق عامرة بها ويتعامل أغلب أصحاب محال التحف والأنتيكات بها والحفاظ عليها كأنها حلي ذهبية بل هي كذلك لأن بعضها جاوز سعره ثمن قلادة الذهب وحل محلها في خزائن النساء .. وصارت للسبح تجارة رائجة ومربحة وتباع بالعمله الصعبه ..
الإعتقاد السائد هو أن المسلمين الأوائل قد أخذوا المسبحة من بلاد الهند، فبينما استعمل المسلمون الحصى لأغراض التسبيح، كانت الهند قبل ذلك بعشرات القرون قد عرفت المسبحة، وتشير الدلائل التأريخية الى ان الإله عند الهنود كان يحمل المسبحة بيده اليمنى كما ظهر جلياً في الرسوم التي تم العثور عليها، والسبحه او المسبحه والتي اشتهرت كثيرا عند العرب والمسلمين خاصة لاغراض العباده وكانت بدايتها فقيره جدا عبارة عن نوى التمر او حصى او على عقد الانامل في اليد حتى تطورت الى ماهي عليه الان وافضل توضيح للمسبحه هو :
عبارة عن حبات خرز يمر من خلال ثقوبها خيط لتشكل حلقة أو قلادة ، وتصنع حبات المسبحة من الأحجار الكريمة أو شبه الكريمة ، مثل العقيق والفيروز أو من الاحجار العضوية مثل اليسر والكهرمان والمرجان ، ، ولها عدة أشكال فمنها االكروي والبيضاوي والنقدي والاسطواني والحمصي واللوزي ، وتتوفر بعدة أحجام ، ولا يمكن تحديد تاريخ السبحة إلا أنه يقال أن أول من استخدمها كان السومريين قبل خمسة الاف سنة وبعد ذلك انتشرت إلى الحضارات الأخرى ، وفي العهد الفينيقي كانت تستخدم للطقوس والشعائر الدينية كتعويذة وتميمة وغيرها من الطقوس ، وكانت تستخدم أيضا للزينة ، أما في الاسلام فكانت أول سبحة تستخدم صنعت من البلح وتستخدم للتسبيح لله ، وتبلغ عدد حبات السبحة الإسلامية ، 33 حبة أو 45 أو 66 أو 99 ، او 101 حبة نسبة الى اسماء الله الحسنى وهي (99) والحبتان الباقيتان بمثابة فاصلتان للسبحة. ولا يحسب الشاهول من ضمنها ..
وغالبا ماكانت المسبحه تشير الى حاله دينيه وتعبد حاملها الا انها اصبحت من مستلزمات القيافه للكثير وللوجاهه حسب ثمنها وقيمتها حتى وصل الامر ان تصاغ من الذهب لترتديها النسوه او ان يحملها الرجل من الفضه او تعلق في البيت او في داخل السياره وكثيرا ما يقيم الشخص بموجب لبسه ومسبحته وهذا خطأ طبعا ..
انواع المسبحات حسب مادة صنعها
اولا . اللؤلؤ :
تصنع حباتها من حبيبات اللؤلؤ الطبيعي الذي يستخرج من الخليج العربي وهي تعتبر اثمن انواع اللؤلؤ ، وتتميز حباتها بالجمال والبياض الناصع ، وأكثر من يستخدمه النساء ، وهناك نوع اخر من مسابح اللؤلؤ وهي تلك التي تصنع في اليابان تكون أقل كلفة من المصنوعة في دول الخليج العربي لأن حباتها مرزوعة صناعيا (مزارع اللؤلؤ ) .
ثانيا . الكهرمان :
تعتبر من افضل انواع المسابح ، تستخرج من حجر الكهرمان ، تتميزالحبات بأنه كلما استخدمت أكثر يتغير لونها وتصبح أغمق وتزداد قوة رائحته الطيبة وهي تكون لامعة وشبه شفافة ، ويذكر أنه يستورد من الهند وبولندا واوكرانيا والمانيا .
ثالثا . الفيروز :
وهي مصنوعة من حجر الفيروز الكريم ، وأجود انواعها تجده في ايران وافغانستان وباكستان ، ويتم استخراجها من الجبال ، ويوجد منها الفيروز الامريكي ولكنه يعتبر بدرجه ادني في الجوده من الاخريات .
رابعا . العاج :
مصنوعة من ناب الفيل ولونها يكون أبيض وكلما كان اللون أكثر بياضا كلما كانت السبحة أفضل ، كما يوجد منها ألوانا أخرى مائلة للاحمراراو الاصفرار ، والعاج الطبيعي لا يمكن احتراقه ولا يتغير لونه حتى بعد الاستخدام لفترة ، إلا أن العاج الصناعي يتغير لونه ويميل إلى اللون الاسود عند تعرضه للنار .
خامسا . اليسر:
هي من أكثر أنواع السبح استخداما في السعودية والخليج والعراق ، كانت تسمى قديما بالمسبحة المكية ، كل غصن بها عبارة عن طبقات متراصة ، وتكون حبة اليسر خفيفة الوزن ويتم تثبيت مسامير فضية من جهتي السبحة حتى لا تفكك الطبقات المتراصة في حباتها ، كما أنها تطعم بحبات من الأحجار الكريمة أو الذهب ، ومتوفرة سبحة اليسر بعدة أحجام وأشكال فمنها الكروية والبيضاوية . ويقول البعض انها من الخشب الهندي الاسود وآخرون يقولون انها من الاحجار العضويه ..
سادسا .العقيق:
وهي مصنوعة من العقيق وهو من الأحجار الكريمة الغير مصقولة ، يتم تجميع العقيق وتخزينه لتشيكل حبات السبحة منه ، ولا رائحة له ، وتكون الوانه غامقة وعليها خطوط بيضاء او رمادي او اسود أو ازرق او اصفر التي تتكون بفعل الشوائب ، وأجود انواع سبحة العقيق تجدها في اليمن وهي تسمى سبحة العقيق اليماني التي تتميز حباته بخطوط متوازية ، كما يستورد أيضا من الهند . وهو بالوان مختلفه اكثرها شيوعا هو الاحمر ..
سابعا . الصندل :
تصنع حباتها من خشب أشجار الصندل المعروفة وهو خشب استوائي مصدره الهند ، يقطع ويستخدم في صناعة المسابح ، ويتميز برائحة طيبة ، ويطعم بالفضة والذهب واللؤلؤ .
ثامنا . المرجان :
وهي مصنوعة من المرجان المستخرج من أعماق البحر ، ويتسم المرجان بملمسه الدهني ، وهي متوفرة باللون الاحمر والوردي والابيض إلا أنه أفضل انواع المرجان الخالي من الشوائب والتشققات ، واشهر الدول المصدرة له هي تونس والصين ، وتكون كروية الشكل ، وتتألف من ثلاثة وثلاثين حبة أو من ستة وستين حبة .
تاسعا . السندلوس :
وهو من اكثر السبح تداولا لرخص ثمنه وجماله وخفة وزنه وسهوله تداوله وصنعه .
عاشرا . البولستر :
وهو الشائع حاليا بكثره ويصنع من المنتجات النفطيه والبلاستك ومنه العديد بالوان واشكال ونقشات كثيره ويباع باسعار قليله ..
احد عشر . الكهرب :
وهو نوع من الخشب المتحجر وبانواع والوان متعدده اكثرها شيوعا الاصفر المائل للاحمرار والاصفر الناصع والاسود والاحمر ومن مناشيء متعدده ارخصها الروسي وايضا ينتج في المانيا والكهرب عموما من اكثر الانواع شيوعا في العراق واسعاره عاليه حسب النوع واللون والمشهور منه ابو الحشره ..
وهناك العديد من الانواع لم اتطرق اليها لسعة البحث وضيق الفسحه ومنها ال باي زهر والنارجين والكوك والسندلوس وغيرها ..
وأغرب أنواع السبح سبح النارجين وهي عبارة عن جوزة يطلق عليها فحم الكوك في داخلها لبة نواة تحتوي على مواد مخدرة.. وهذا يفسر عدم السماح بإدخالها المطارات اذا كانت مغلقة ويسمح فقط للجوزة المفتوحة نصفين والخالية من النواة لصنع السبح منها. ويقال ان عصا موسى صنعت منه، أي حجر الكوك.
ولذلك فإن التجار اليهود غالباً ما يحتفظون بسبح النارجين في خزائن خاصة بها.
ولاننسى ان كل الانواع التي ذكرناها خاضعه للتقليد ولايمكن اكتشافها الا من قبل خبراء اختصوا في هذا المضمار ..
وهناك من بالغ في موضوع المسبحات وعملها من الماس والزمرد وجعل لها خزانه يفتخر بها ويباهي بها وهي تكلف مبالغ كبيره من المال ..
ومن اشهر الاسواق لبيع السبح هو سوق الباشا الذي افتتح في عام 1951
سوق الباشا
في سوق الباشا الذي افتتح في سنة 1951 ميلادية الموافق 1370 هجرية، وكان يعد من أكبر أسواق بغداد التي تباع فيها أنواع من السبح الاصلية والنادرة كالكهرب والكهرمان واليسر القديم والحجازي، وأغلبية المحال في السوق تتعامل بالاحجار الكريمة والسبح الاصلية المستوردة من الخارج خاصة من دول “روسيا، ألمانيا، تركيا، مصر، والهند”. والتي غالبا ما تكون أسعارها مرتفعة بعض الشيء وباعة السبح بأنواعها المختلفة ينتشرون في كل مكان خاصة قرب الأماكن الدينية والجوامع والمراقد والأضرحة ويعرضون سبحاً مختلفة وهي رخيصة الأثمان عادة.... وقد انتشرت مؤخراً السبح التي يجلبها الزوار من إيران والسعودية وعادة ما تهدى إلى الأهل والأصدقاء للبركة والدعاء.ويقع في شارع السمؤل في رصافة بغداد ..
لقد اتخذت المسبحه وسيله للذكر والتسبيح وتفنن الكثير فيها وفي نوعها وصناعتها ولكن اكثرها شيوعا هي الخشب والناعم من الاحجار وبعدد 101 كما ذكرنا ولقد وردت كلمة التسبيح في القرآن الكريم بقوله تعالى (تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وان من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم انه كان حليماً غفوراً). وقد احتاج المؤمنون إلى وسيلة لضبط العدد الذي حددته السنة النبوية الشريفة لكل تسبيحة وكان التسبيح يتم بعقد الأنامل ولما كانت هذه الطريقة تشغل فكر المسبح إلى العد وتؤثر في خشوعه التجأ إلى وسائل أخرى عديدة فمنهم من استعمل الحصى وآخر استعمل النوى وغيره استعمل العقد في الخيط كما كانت تفعل سيدتنا فاطمة الزهراء البتول وهكذا...
من أشهر السبح في تاريخ الاسلام هي سبحة زبيدة بنت جعفر المنصور . وهي من السبح الفريدة في شكلها اذ صنعت من تواقيت رمانية كالبنادق . أشترتها زبيدة بخمسين ألف دينار .
سبحة هارون الرشيد . وهي عشرة حبات من الدر . تم شراؤها بثلاثين ألف دينار .
يعتقد البعض ان لكل شكل او عدد للخرز يعني حاله معينه وهذا غير صحيح فأن الشكل لغرض التنويع والبعض يستخدم ما يلائم اصابعه ويسهل عليه التسبيح وادناه الاشكال الهندسيه التي تتواجد بها خرزات السبح :
أشكآل السبح
1 - الشكل البيضاوي وهو الشكل الشائع
2 - الشكل الكروي المتكامل
3 - الشكل البندقي
4 - الشكل الأسطواني
5 - الشكل الحمصي أو شكل حبات الذره
6 - الشكل اليوناني المسطح - اللوزى
7 - الشكل المضلع
لم تقتصر المسبحه على الاستخدام للاغراض الدينيه ولكنها استخدمت للزينه والوجاهه والتفاخر وابراز الذات واللهو والتسليه واكثرها اصبح عاده لايمكن تركها بدل التدخين او لتفريغ شحنات عصبيه او للتأمل او التفكير العميق او لاستعادة الذكريات وكما موضح في ادناه :
1 . لغرض العبادة الدينية وتلاوة التسابيح وذكر الله وتقواه وعبادته
2 . تستعمل وسيلة لاظهار الذات والبروز الاجتماعي والوجاهة والأبهة وكمظهر من مظاهر الترف عندما تكون غالية الثمن
3 . تستعمل السبحة عند بعض الناس وسيلة نفسية فيتخذها عاملا مساعدا على التهدئة من انفعالاته
4 . أو ستارا لكبت المشاعر ووسيلة للتخلص من التوتر وتفريغ شحنات القلق النفسي .
5 . كما قد تكون السبحة عند بعضهم مجرد وسيلة لتحقيق رغبة من خلال التسلي بحباتها هناك من يستعمل السبحة للاستغناء عن التدخين وهناك من يدعي أنها تعينه على التفكير الهادىء .
وبذلك اصبحت السبحة ذات علاقة مباشرة بعواطف الانسان ومشاعره وعبادته ومن مستلزمات الحياة اليوميه للكثير ..
عبد الكريم الحسيني
588 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع