بغداديات / مالعبناه ومارسناه أيام الطفولة والصغر لا تنساها ذاكرتنا في ذلك الزمن الجميل..
تصفحنا بذاكرتنا وبما نحتفظ به من أوراق شخبطنا فيها تواريخ وحوادث ورموز ومناسبات عاصرناها وتعايشنا معها بتسلسلاتها الزمنية لمحطات حياتنأ، ونقلنا صوراً عنها من خلال قلمنا بمقالات عديدة، جزء عن الأعظمية أحدى درر بغداد الجميلة التي ولدنا وترعرعنا فيها،
وجزء من محطات العمل الوظيفي المهني وما رافقتها من ما حصل للبرنامج النووي العراقي وكيف كان تعامانا مع فرق التفتيش للفترة 1991 -2003 منذ الحصار وحتى الغزو والأحتلال الأمريكي بأعتبارنا أحد العاملين في منظمة الطاقة الذرية وأحد أعضاء الفريق النووي العراقي المقابل لفريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكي نستكمل ماقمنا به وبتشجيع من أصدقائنا ممن عاشوا معنا في الأعظمية، ولهذاستكون محطة الطفولة والصغر وألعابها والممارسات هي ما يسطره قلمنا في هذه المقالة.
كانت مظاهر ألعاب الطفولة والصغر والممارسات بسيطة وغير مكلفة، وهي مستوحات متوارثة لما مارسه آبائنا وأمهاتنا وأجدادنا، فهي كانت مبنية على روح التفاعل بأستخدام الأسلوب الفني الجمعي، كما وأنها تشيع الألفة والتنافس، وتنمي حب التراث وحب العادات الجيدة وحب التقاليد، كانت الألعاب فيها عبق النشوة والأعتزاز والفخر، كانت تمثل ظاهرة العنفوان والعفوية وتحفيز الطاقات الكامنة والخلاقة، فاللعب هو النشاط الأنغماسي الذي يشارك فيه الصبية للتعبير عن أنفسهم، كما أنها تنمي الأذهان للتفكير وهو جزء مهم من الحياة للتصرف دون الخشية من العقاب قدر الأمكان، كانت ممتعة وأجتماعية وتظاهرية وطوعية منها ماتكون موسمية ومنها ما تكون أشبه بالدائمية، كانت ألعاباً حملت رصيداً ومساراً لا يمكن نسيانه لمن كان في عمرنا أو أصغر منا من لم يجرب حلاوة ممارستها تجعل الحنين لها واجبة خوفاً من أندثارها في ظل تطورات الأجهزة والألعاب الألكترونية المستوردة وخصوصاً الألعاب التي تشجع على ثقافة الضرب والحرب والتدمير وممارسة الجريمة والقتل، بالأضافة لكونها ألعاباً فردية ومكلفة كما أنها تغيب العمل التفاعلي والجمعي.
تتشابه الألعاب والممارسات في معظم الدول العربية والخليج وقد تختلف في المفردات والأساليب لتراثهم وعاداتهم الثقافية، مستخدمين مواد بيئتهم، وأن جميع الألعاب والممارسات تمارس قسماً منها في أوقات الأستراحة في المدارس، والقسم الأكبر بعد وجبة الغذاء لغاية غروب الشمس وفي العطل.
هذه الألعاب والتي يطلق عليها بالألعب الشعبية تشكل جزء هام من تقاليد متوارثة لثقافة المجتمع لأنه تعلم سلوكيات الألتزام والشجاعة والفروسية أن صح التعبير، وليست كما ينظر اليها البعض على أنها مجرد وسيلة للهوا ولسد الفراغ يلجأ اليها الولد أو البنت في الماضي لقسوة الحياة وصعوباتها، وهي أيظاً تغذية لعقول الأولاد لشخصيتهم في مختلف الجوانب الأجتماعية والتربوية والتعليمية، وتنمية مهاراتهم، لنخوض في الذاكرة ونستخرج ما يمكن لندونه ونستعرضه عن جواهر وشذرات ألألعاب والممارسات أيام زمان:
*- لعبة الدعابل : هي لعبة جماعية وهي قديمة جداً الهدف منها كسب أكبر عدد من الدعابل ليتسنى للكاسب أن يتفاخر بأمتلاك أكبر عدد من الدعابل وكذلك الأستفادة ببيع عدد منها، والدعبل كرة زجاجية متنوعة الألوان فيها الكبير ويسمى الصول والعادي والصغير يسمى(الزقج)، تلعب في الأزقة وهي شبه دائمية، تكون طريقة اللعب فيهامتنوعة، منها الجقة والشبر والأورطة كما يطلق عليها، الحمام حيث وجود حفرة ترمى الدعابل أليها فأدا دخلت زوجي يربح الرامي بقدرها من ماسك اللعبة وأذا دخلت فردي يخسرها الرامي ،كذلك طريقة عمل دائرة بالطباشير وبالوسط يوجد خط توضع الدعابل مرصوفة ويجب على اللاعب أخراج الدعابل خارج الدائرة ليفوز بها وأذا أخطأ فأنه الخاسر، للصول وقوة تركيز والتصويب للاعب دوراً مهماً في هذه اللعبة، لعبة الدعابل ذكورية ولعبها ممتع ويستغرق وقتاً طويلاً ويمكن تكملة بعض منها ليوم آخر.
*-لعبة المصرع: هي لعبة ذكورية، تعتمد اللعبة على نوع المصرع المصنوع من الخشب ويكون وعلى شكل مخروطي وفي الذيل مسمار مصقول وحبل يلف على المصرع لفاً متلاصقاً ثم يحذف به على الأرض فيفلت الحبل بسرعة ويبدأ المصرع بالدوران على الأرض، يحاول المتبارون وهم أثنان كل منهم كسر مصرع الآخر، ترى بعض من المصاريع ملونة ومخططة عند الدوران فتظهر بأشكال الجميلة، وكلما كانت نوعية الخشب جيدة فأنها تدوم وتقاوم ولا تكسرأو تنفلق بسهولة.
*- لعبة الصقلة:هي لعبة أنثوية وذكورية، تتكون من خمسة حجرات(حصى) صغيرة متوازية الحجم تلعب داخل وخارج المنزل، تتميز على التركيز ودقة الحركة، يجلس اللاعبون على أرض منبسطة وعلى شكل قوس أو دائرة وتكون على مراحل، وتبدأ المباراة بوضع الأحجار على الأرض ويختار اللاعب واحدة ويقذفها الى الأعلى ويحاول أن يجمع الأربعة ويضعها على ظهر اليد وبالتالي ينزل الحجرات بصورة متفرقة ويحاول أن يلتقطها واحدة واحدة وكذلك الحجرالذي رماه الى الأعلى وأذا نجح يبدأ بأثنين أثنين وبعدها ثلاثة وواحدة وبعدها الأربعة جميعاً دون أن تسقط أي حجرة، ولكي تكتمل اللعبة بمرحلتها الأخيرة، يرمي الحجر في الأرض ويجعل السبابة والأبهام بشكل قوس على الأرض ويدخل حجرة حجرة داخل القوس لليد الأخرى دون أن تسقط الحجرة المرمية من يديه.
* لعبة التوكي: هي لعبة أنثوية جماعية تعتمد على التركيز وقوة الأرجل، وتلعب على الأرض من خلال رسم الطباشير لمستطيل فيه ستة أو ثمانية مستطيلات أو مربعات، تقوم المتبارية بوضع قطعة من الكاشي أو الطابوق في المستطيل الأول على اليسار وتبدأ اللعب لتحريكها الى المربع في اليمين وبساق واحدة فقط ويبدأ القفز المنظم ويتوجب نقل القطعة على كافة المستطيلات وبدون أستراحة وبدون أن تلمس القطعة الخطوط وأنما تبقى داخل المستطيل وهكذا الى المستطيل الأخير ثم الى الخارج ممزوجة بصيحات البنات للفوز بدلاً من الخسارة ويشارك أحيانا المارة من الفتيات ويشاركن باللعب أو التشجيع أو التحفيز أو لأعادة ذكرياتهم بهذه اللعبة.
*- لعبة الجعاب: وهي لعبة ذكورية تستخدم عظمة مفصل الخروف وتستخدم للرهان، توضع داخل مستقيم وسط الدائرة ويتوجب أخراج الجعاب الى خارج الدائرة،وهذه اللعبة قد أندثرت تقريباً.
*- لعبة تطيير الطائرات الورقية: وهي لعبة ذكورية تلعب في فصل الصيف وتكون الطائرة على شكل مخروطي أو مربع مصنوعة من الورق وعيدان خشبية ولاصق وخيط متين، ويمارسها الأولاد من فوق السطوح وتعتمد عل وجود الرياح، قسم منها ملون والقسم الأخر بلون واحد، ويتبارى البعض بقطع خيط الطائرة الأخرى من خلال مزج الزجاج المطحون المأخوذ مع عجينة السكر والنشأ وتمشط بالخيط بحيث تحيل الخيط الى منشار دقيق يقطع خيوط الطائرات الأخرى عند الأشتباكات في سماء المحلة، والبعض يحاول لف الخيط وتدويره على الطائرة الأخرى فيسحبها أو يقطع خيطها، وتسقط الطائرات عند توقف الرياح على الأشجار أو في بيوت المحلة، ومن ثم تبدأ بعض المشاكل ولكن تحل من قبل الأهالي.
*- لعبة رمي النقود في الدائرة: وهي لعبة ذكورية تراهنية للمقامرة الصبيانية لكسب النقود، فترسم حلقة كبيرة وبداخلها حلقات أصغر فأصغر، الرامي يرمي العانة أو الخمسة فلوس أوالعشرة فلوس ،فأن وقعت الرمية في أحدى الدوائر يحصل على النقود بقدر ماهو مؤشر داخل الدائرة، وأذا رمى الرامي قطعة النقود خارج الدائرة الكبيرة خسرها.
*- لعبة الختيلة: وهي لعبة مشتركة يلعبها الصبيان والبنات تعتمد على التركيز وسرعة الركض وأيجاد أماكن الأختفاء، وتلعب بحماس في الأزقة والتخفي عن الأنظار.
*- لعبة الحبل: وهي لعبة أنثوية أكثر مما هي ذكورية وتكون بتدوير الحبل من قبل بنتين والثالثة تقفز دون مس الحبل وفيها تظهر قوة الأرجل والتركيز،كما أنها تلعب فرادياً.
*- لعبة الزار: وهي ذكورية وتلعب بزارين للرهان والمقامرة الصبيانية لكسب المال، وفيها يلعب الحظ والشيطنة دور فيها، وأحياناً الخاسر يتحجج ويقول أن اللاعب المقابل وهو صديقه شايل زار، في حين أن نفس الخاسر أذا ربح في يوم آخر لا يقبل بالحجج حول الزار.
*- هناك العاباً أخرى نوجزها كلعبة الأحجار والكرة التي تعتمد على تصفيط الحجر واحدة فوق الأخرى ويقوم رامي الكرة بأسقاط أكبر عدد من الحجر ليفوز في الرهان، وهذه تعتمد على التركيز وقوة اليدين، ولعبة البلبل حاح وهي لعبة تكويم أعواد الخشب أو القصب ويقوم اللاعب بضرب أحدها من طرف الخشبة أو القصب لترتفع ليتسنى له ضربها لمسافة بعيدة وكل ماكانت المسافة أبعد يكون نصيبه الفوز، وهناك لعبة عد النوى في البرتقل أو النومي حلو والفائز تكون النوى أكثر والخاسر يدفع ثمن البرتقال أو النومي حلو،
كما أن لعبة السيفون والببسي لاحقاُ حول مسار البوصة بعد ضرب القنينة عدة مرات لتحريك الغاز، والمسافة التي يصل أليها السيفون أو الببسي الخارج من البطل هوالحكم حول الرابح والخسران يدفع الثمن،وعادة تلعب على منحدر في الزقاق أو الشارع.
هناك أيظاً بعض الممارسات التي تعتبر نشاطاً ورياضةً وفيها مشاعر عفوية والبراءة نذكر منها:
*- المصيادة: وهي تصنع من أغصان الرمان على شكل حرف( في)ويريط بها شريط مطاطي أسود وبمنتصف الشريط جلدة لمسك الحصى وتستخدم لصيد العصافير والحمام والبلابل، وأحسن وقت للصيد هو بين العصر والمغرب لأن هذه الطيور تتجمع في الأشجار والأماكن الأخرى للأستراحة والنوم، وأذا تم أصطياد بلبل لم يحالفه الموت فأن الصبي الذي أصطاده يربيه أو يبيعه، وهي تعتبر أيظاً رياضة لأنها تمارس المشي والكض ودقة التصويب.
*- لمة الخطار: وهي ممارسة طفولية أنثوية تكون داخل المنازل وتتقمص البنات شخصيات أمهاتهم من خلال الحديث والتقشيب أحياناً، والملبس، وأحياناً المكياج مع تناول الجكليت والكعك والشربت.
*- السباحة: وتمارس في الصيف في نهر دجلة، وسنوياً يبتلع ماء دجلة مجموعة من الأولاد والأطفال بسبب عدم معرفتهم للسباحة أو بسبب حوادث القفز من أماكن هالية وعدم معرفتهم بما مهو موجود في قعر النهر، وبدوري فقد فقدت أثنين من زملائي بسبب ذلك، وتصبح رياضة عند الرهان بعبور الشط والعودة، وهناك عند الجرف تمارس لعبة المصارعة والكرة وكرة الطائرة.
هناك بعض من الممارسات داخل العائلة للعب الحية ودرج والليدو والدومنة وأحياناً الشطرنج بين الوالد والأبناء.
هذه بعض مما حملته ذاكرتنا ودفتر ذكرياتنا عن الألعاب والممارسات البسيطة في أدواتها والغنية في تقوية العوامل الأجتماعية وثقافاتها والمشجعة للعمل الجماعي والأنفتاح الذهني والبدني وما أستطعنا من أبرازها ليس، الهدف منها عدم تشجيع مواكبة التطورات التي تحصل في عالم اليوم لتنمية الأبدان والأذهان والأبداع واللياقة والقوة للأولاد بفظل النوادي والمراكز والساحات الرياضية و الكومبيوتر والأتاري والألعاب الألكترونية التي باتت أساساً تنموياً لا بد من ممارستها، ألا أننا فقط ننبه من مغبة تشجيع العقول على وسائل القتل والتهديم والتدمير والوحدانية الفردية لبعض الألعاب الألكترونية بدلا من التوجه الجمعي والأجتماعي، ومن الله التوفيق.
سرور ميرزا محمود
3832 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع