الصباح/السماوة - شاكر الاعاجيبي:بتناغم واضح بين عشقه وإدمانه .. وجلال هيبة شيبته التي عركتها السنون ورسمت خطوطها الايام .. يجلس كأنما منتظرا حبيبته التي لا يقوى على فراقها لدقائق معدودة ..
ويشرب بفرح غامر حينما تداعب يداه ثنايا معشوقته التي امضى اكثر من ثلثي عمره السبعيني لم يخاصمها يوما ذلك هو ممدوح وتلك هي قصته مع اناء الشاي..
بالرغم من ان عمر ممدوح، ذلك الرجل البدوي، شارف على السبعين، إلا انه مازال يشرب كأس الشاي بكل شراهة وتلذذ، بل انه يستنشقه كما هو الحال في العطور الطيبة، معتبراً اياه رافدا من روافد الحياة المهمة بالنسبة له، كما هو الحال في الماء والهواء بدافع الحب والادمان... عندما يتحدث عن رحلته مع الشاي كأنما يروي لنا قصة عشقه التليد مع رفيقة عمره!!..
يقول ممدوح جساب ابو الجيج،لـ(المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي):" لقد عشت معظم حياتي في التنقل بين البوادي الصحراوية وتناولت الشاي وبدأت الاكثار منه في وقت مبكر من عمري، عندما كانت البادية مزدهرة بشتائها المخضر، وصيفها المزدهر بالأشجار البرية والابار والعيون العذبة، حيث يعتمد ابن البادية في غذائه، آنذاك على المنتوج الطبيعي المحلي من الاغنام والماعز الذي يتمثل بالسمن الحيواني (الدهن المشيح) والمشتقات الاخرى كاللبن والخاثر والزبد والحليب ، فضلاعن لحم الاغنام والماعز، واضاف كما نعتمد في غذائنا ايضاً على صيد بعض الطيور كالحباري والقطا، ناهيك عن الكمأ، فكل شيء طبيعي في البادية من الماء والغذاء، اضافة الى طبيعة البيئة النظيفة"وتابع" نعتمد على الدواء في البادية على الاعشاب بشكل مباشر، وطب العرب الذي يبدع فيه البعض من سكان البادية،وبإزاء كل ذلك، فإن الشاي لايمكن ان يؤثر في صحة الانسان، بل يساعد في القضاء على الدهون بالجسم، فالإنسان الذي يأكل(طلي) بكامل عظمه ولحمه، فهل يعقل ان يؤثر فيه الشاي؟، موضحا انا كنت اتغذى في الفطور على اكلة نطلق عليها بـ(المريس) وهي عبارة عن حليب ودهن مشيح(دهن مغلي) وخبز كاع( رغيف واسع وسميك يتم شويه بالجمر،وليس بالتنور) ومن ثم يخلطن معاً بصحن كبير، ليتم اكلها، وهذه الأكلة تعتبر من الاكلات الدسمة جداً، لذا يتطلب شرب كميات كبيرة من الشاي، بحسب تقديره".
ويبين" الشاي بالنسبة لي لايختلف كثيراً عن الهواء، بل وأهم من السيكارة ، حيث ابتدأ وجبة الافطار بإبريق شاي كامل، وبعد الفطور، اتنقل بين الجيران والاقارب بهدف التزاور التقليدي، وفي كل جلسة اتناول اكثر من خمسة اكواب، اي ما يعادل عشرة اقداح شاي.. وهكذا الحال بالنسبة لبقية الجيران وصولاً لوجبة الغداء، حيث اتناول عندها ابريق شاي ايضاً، واستمر بهذا النهج حتى العشاء، واعيد الكرة مرة ثانية، حيث اتناول ثلاث اباريق لثلاثة وجبات طعام فقط، ويتخللها ابريق الى اثنين بين وجبة واخرى، واضاف كما اني استيقظ في وقت مبكر، في الساعة الثالثة صباحاً لتناول الشاي، أيضاً، حيث تصل اباريق الشاي التي اتناولها الى السبعة"
وزاد" في حال سفري الى مكان خارج المنطقة التي اقطن فيها، اصطحب معي(قوري الشاي)، لشرب الشاي متى ما شئت، نافياً ان يكون للشاي دور في التأثير على الجسم والصحة العامة، مؤكداً ان المشكلة تكمن في البيئة وسلامتها من الاوبئة، مشيرا الى انه عاش في البادية نحو 65 سنة دون ان يتعرض الى اي مرض، لكن في مواسم الجفاف الاخيرة اضطررت للسكن في منطقة ريفية، ما عرضني للإصابة بذبحة صدرية، منوهاً بان كل شيء في البادية صحي، الاعشاب الغذاء، الماء، الهواء.. الطبيعة، إلا ان الحياة في القرية والمدينة كل شيء ملوث..
1157 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع