شفق نيوز: ما ان تدخل قضاء الصويرة، كبرى اقضية محافظة واسط، حتى تلقى حشودا من "العرائس الروسيات" تستقبلك وترحب بك وتسألك أين الوجهة؟ حتى تخط الاتفاق مع مالكها وتسير بك حيثما تريد، مع راحة الجلوس ومتعة النظر وسرعة الوصول وتجاوز "بحور" الطين في شوارعها "بهية الطلة".
ويقف محمود الحجامي وهو يمتلك ثلاثة "عرائس روسيات" مختلفة الاعمار؛ ولكن لا تقل عمر صغراهن عن الـ35 عاماَ.
ويروي الحجامي في حديث لـ"شفق نيوز"، أن "قصتي مع العرائس الروسيات ليست وليدة اليوم، فهي ترجع إلى ما قبل 35 عاما مع اصغر عروس منهن".
وتطلق تسمية العروس في محافظة واسط على السيارات التي تعمل في نقل اهالي القضاء من والى مختلف الاحياء السكنية، وبالتحديد تطلق على السيارة الروسية الصنع (واز) التي وهي تحمل شخصين في المقدمة وستة اشخاص في الحوض الخلفي.
ويعلل الاهالي تسمية السيارة الروسية بالعروس لانها مهما مر الزمن عليها تبقى في الخدمة، وتنافس الحديثة.
ويتوقف عن الحديث ويصيح باعلى صوته "اركب عيني اركب العروس الروسية بربع دينار وين ما تريد توصلك، اركب عيوني اركب"، وما هي الا لحظات حتى امتلأت سيارة الحجامي بالركاب وبدات تشق طريقها وسط بحور من الطين اللزج الذي لا يفلح الخروج منها الا بحلوة روسية تركبها وتسير بعيدا عن ضجيج السيارات الحديثة.
ويستطرد أن "العرائس الروسيات تسمية يطلقها اغلب سواق سيارات الواز التي يعود تاريخ صنعها الى السبعينيات من القرن الماضي"، ذاكرا ان "هذه السيارات ما زالت عروساً وتضاهي السيارات الحديثة التي تخاف من العروس الروسية عند المرور في الشارع".
ويؤكد الحجامي ان "العروس الروسية رغم كونها آلية نقل قديمة ولا تضاهي ابهة السيارات الحديثة الا انها لا تزال تحظى بقبول اهالي القضاء"، موضحا ان "احياء متعددة من مدينة الكوت تلجأ لاستخدام الروسيات لسرعة النقل ومرورها في الازقة التي تتراكم فيها طبقات طينية، ولا تستطيع العرائس اليابانيات والأمريكيات والايرانيات على مجابهة قوتها وسرعتها".
وعن اسعار "العرائس الروسيات" يشير الى انها تختلف حسب النظافة فمنها ما يصل الى 35 "ورقة خضرة" (يقصد فئة المائة دولار امريكي) ويبلغ سعرها بالعراقي بحدود ثلاثة الى اربعة ملايين دينار عراقي ويتجاوز النظيف منها 5 ملايين دينار عراقي.
وبشأن ما تدره الروسيات من ارباح على مالكيها يقول الحجامي إن "ما تدره الروسية لمالكها خير من الله (دلالة على الوفرة)، فان العمل يقاس على كثافة عدد الركاب ونوعية الطقس، ففي الامطار يكون الرزق وفيرا ويصل مردود العمل الى اكثر من 40 الف دينار وفي الايام الاعتيادية يصل الى نحو 20 الف دينار".
من جهته يقول مالك "عروس روسية" في الصويرة ويدعى محمود الروسي في حديث لـ"شفق نيوز"، إن "الروسيات معروف عنهن الجمال ولكون سيارة الواز روسية وانا امكلها منذ اكثر من 40 عاما لذا يطلق الناس هنا عليّ لقب الروسي وحين يداعبوني يلقبوني بأبو الروسيات لاني امتلك ثلاث سيارات من الواز التي تعمل لحد الان (نگرة سلف)، وتساهم بنقل أهالي الصويرة من السوق الرئيس الى الاحياء الداخلية وتقوم بمهمات صعبة ولن تقف أي سيارة بوجه الروسيات".
ويشير الروسي إلى أن "السيارات الامريكية واليابانية والايرانية تجوب شوارع الصويرة والكوت ولكن لن تكون بهيبة الروسية الحسناء التي تدر علينا المال الوفير، وارزاق عوائلنا هي من عمل الروسيات في شوارع الصويرة".
ويؤكد الروسي أن "الاسماء تبقى ولا تزول وسيارات الواز لي معها ذكريات منذ فترة الحرب العراقية الايرانية التي كنا ننقل بها الجنود العراقيين ومرورا بالحصار الاقتصادي الذي انهك العديد من الروسيات والعراقيين وكذلك أحداث عام 2003 والتي سقط فيها رئيس النظام السابق صدام حسين وحملنا فيها الناس من الكوت الى اطراف بابل بل بعض سياراتنا وصلت الى العاصمة بغداد".
ويضيف الروسي أن "المتابع لموضوعكم الصحفي، يجلب النظر اليه، ان الصويرة قد غزيت من قبل العرائس الروسيات المعروف عنهن الجمال والبحث عن السياحة".
وقطع حديثه وقال باللهجة العراقية "بويه احنه ما عدنه روسيات؛ بس احنه عدنه روسيات چلح وملح، سمروات، يعني لاتصدگون اكو روسيات عمي الروسيات هن الوزاويز(صيغة جمع مبتكرة لمفردة الواز)".
من جهته يقول الباحث الاجتماعي سعيد العزاوي في حديث لـ"شفق نيوز"، "حقيقة اود قولها اولا ان الموضوع المختار موضوع غريب وطريف في الوقت نفسه وهذه الروسيات التي تتحدثون عنها تمثل جزءا مهما من حضارة وتاريخ الناس في الصويرة والكوت"، مشيرا الى ان "استخدام هذه السيارات ياتي لعدم وجود سيارات حديثة تستخدم للنقل الداخلي في الصويرة وان اغلب السكان المحليين يفضولنها على تلك السيارات الامريكية واليابانية والايرانية التي تجوب شوارع محافظات العراق".
551 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع