الاندبندنت: شركة بريطانية-أميركية تٌصدّر وقود "مسموم" إلى العراق

   

بغداد، لندن/اور نيوز:كشفت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية عن استمرار شركة بترول بريطانية اميركية بتصدير الوقود الذي يحتوي على رابع إيثيل الرصاص إلى العراق.

وكانت وزارة البيئة قد أعلنت قبل سنتين أنها منحت وزارة النفط مهلة ستة أشهر لإنهاء استخدام الرصاص السام في معاملة وقود البنزين. وقد طلبت وزارة النفط فرصة أخرى إلى منتصف عام 2013 لإنهاء استخدام الرصاص في معاملة الوقود، لكن وزارة البيئة لم توافق على هذه المهلة. وعادت وزارة البيئة في 13 تشرين الثاني 2012 لتطالب بعدم استيراد مادة رابع أثيلات الرصاص الداخلة في عملية تكرير الوقود، مشددة على ضرورة التنسيق مع وزارتي النفط والصحة بشأن تحسين نوعيته. ويعني ذلك أن المهلة التي منحتها لوزارة النفط تم تجاهلها من أحد الطرفين أو كليهما.

وقالت الصحيفة البريطانية إن شركة بترول بريطانية اميركية قامت ببيع وقود يحتوي على الرصاص السام للدول الأفقر، التي تعاني من حالة عدم الاستقرار، وتدفع رشاوى للمسؤولين بتلك الدول من أجل استمرار مبيعاتها من ذلك الوقود بتلك البلاد. وذكرت الصحيفة أن الشركة -وهي اميركية الملكية ولكنها ما تزال تبقي على العديد من مصانعها في المملكة المتحدة- مدانة برشوة مسؤولين أجانب للإبقاء على مبيعاتها من الوقود السام بالإضافة إلى استمرارها في بيع مواد كيميائية خارج البلاد للدول النامية غير المستقرة، رغم أنها تتحمل مسؤولية إلحاق الضرر بصحة البشر على المدى الطويل وربما تكون متورطة في جرائم عنف. وأضافت أن منظمات البيئة دعت الحكومة البريطانية إلى فرض حظر على شركة أنوسبيك (أوكتيل سابقاً) بسبب ادعاءات ضدها بأنها الشركة الوحيدة بالعالم التي ما تزال تنتج وقودا يحتوي على رابع إيثيل الرصاص، وتقوم بتصدير المزيد من تلك المادة. ولفتت الصحيفة إلى أن مادة رابع الإيثيل تم حظر استخدامها على الطرق البريطانية ولكنها ما تزال قانونية في 6 دول "فقيرة" هي العراق والجزائر وأفغانستان واليمن وبورما وكوريا الشمالية. وأشارت إلى أن الشركة اعتزمت وقف إنتاجها ومبيعاتها من الوقود الذي يحتوي على رابع الإيثيل بحلول نهاية عام 2012، لكنها عادت ووضعت موعداً نهائياً جديداً بنهاية العام الجاري لوقف التعامل في هذه المادة الكيميائية التي جنت منها أرباحاً كثيرة.ونوهت الصحيفة إلى أن مجلة ماذر جونز الاميركية سلطت الضوء هذا الأسبوع على دراسات تربط بين استخدام تلك المادة في الوقود في سبعينيات القرن الماضي وبين الارتفاع الكبير في حالات العنف، كما أن فترة العشرين عاما أظهرت الأضرار التي تسببها هذه المادة السامة على الأطفال بمرور الوقت، بما في ذلك التأثير السلبي على الجهاز العصبي وتراجع معدل الذكاء لديهم قبل الوصول إلى سن البلوغ. وقال أحد العلماء البريطانيين في تصريحات لصحيفة الإندبندنت إن هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات من أجل التوثيق الجيد لتأثير مادة رابع إيثيل الرصاص على الجهاز العصبي للأطفال والذي يتسبب في سلوكهم العنيف. وكشفت دراسة علمية أعدتها جامعة بابل في السادس من تشرين الأول الماضي عن ارتفاع نسبة الرصاص في حليب الأمهات المرضعات في المحافظة فوق النسب المسموح بها دولياً. ونقلت إحدى وكالات الأنباء عن مصدر في الجامعة رفض نشر اسمه قوله إن "الدراسة شملت مجموعة من النساء المرضعات من خلال تحليل الحليب الذي يرضعنه لأطفالهن، وقد تبين أن نسب الرصاص فيه تفوق المعدلات الطبيعية المسموح بها دوليا بعشرات الأضعاف". وذكر المصدر أن "أسباب ارتفاع نسبة الرصاص في حليب الأمهات يعود إلى تلوث المياه والهواء نتيجة ارتفاع معدلات عوادم السيارات في المحافظة واعتماد هذه السيارات على وقود البنزين المشبع بالرصاص خلافا لما هو متبع في دول العالم التي تستخدم وقودا صديقا للبيئة". وأضاف أن "ارتفاع نسبة الرصاص في حليب الأمهات يخلف أجيالا من الأطفال تعاني نقصا حادا في الذكاء ورغبة عدائية في سلوكهم العام، فضلا عما يسببه هذا العنصر الخطير من أمراض مختلفة ربما تظهر في مراحل لاحقة من عمر الرضيع".وأوضحت الصحيفة البريطانية أن المخاطر الناتجة عن هذا النوع من الرصاص أدت إلى حظر استخدام الوقود الذي يحتوي عليه من الاستخدام بالدول الغنية في سبعينيات القرن الماضي. وكانت بريطانيا آخر دولة منعت استخدامه، حيث إنها أوقفت استخدامه تماما في عام 1999. وأضافت أنه تم التأكد من أن شركة أنوسبيك ما تزال تصدر الوقود المضاف إليه الرصاص إلى العراق واليمن والجزائر، وأقرت الشركة بأنها ما تزال تبيع ذلك الوقود لعدد محدود من الدول. وذكرت الصحيفة أنه تمت إدانة الشركة منذ عامين أمام المحاكم البريطانية والاميركية بتهم تقديم رشاوى إلى المسؤولين بالعراق وإندونيسيا من أجل تأمين استمرار صادراتها من هذا الوقود خلال الفترة بين عام 2000 إلى 2008، كما أقرت الشركة بأنها دفعت رشاوى إلى فريق العمل بوزارة النفط العراقية في عام 2006 من أجل ذلك الغرض أيضا.

وقالت إن الشركة كانت قد اعترفت في صيف 2010 بدفع رشاوى بملايين الدولارات إلى مسؤولين في العراق وإندونيسيا لاستخدام رصاص تترا إيثيل، على رغم مخاطره الصحية، وذلك وفق سياسة تهدف إلى زيادة أرباح الشركة. وتابعت أن رصاص رابع الإيثيل أضيف لأول مرة إلى الوقود في عام 1922 عندما اكتشف الكيميائي الاميركي توماس ميجلي أنه يساعد على حرق الوقود ببطء وبشكل أكثر سلاسة، إلا أنه تم اكتشاف أن إضافة الرصاص يضر بصحة الإنسان لآلاف السنين، وأن العديد من عمال الشركات الذين قاموا بإضافة تلك المادة إلى البنزين في عشرينيات القرن الماضي لقوا حتفهم، كما أن مكتشف إضافة الرصاص للوقود توفي نتيجة التسمم بسبب هذا النوع من الوقود. وأعلنت وزارة البيئة مرات عدة عن قلقها الكبير من ارتفاع مستويات الرصاص في أجواء العراق إلى أكثر من عشرة أضعاف الحد الطبيعي المقرر، مطالبة وزارة النفط باستخدام مادة بديلة عنه لإنتاج البنزين المحسن لأنه السبب الرئيس لارتفاع نسبة الرصاص في الجو، محذرة من أن هذه النسبة ستشكل خطرا حقيقيا خلال السنوات الثلاث المقبلة على الصحة العامة.

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

518 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع