الوكالات/فارس الشريفي: في العقد السابع من العمر، ذو لحية كثة اصطبغت باللون الأبيض كلون القماش الذي وضعه على ظهره (كفن)،أصبح «أيقونة» للتظاهر كل صيف جنوب العراق، وهو يحمل بيده مروحة يدوية مصنوعة من سعف النخيل (مهفة)، للتعبير عن سخط الشارع وما تعانيه محافظة ذي قار (375 كلم جنوب بغداد)، بسبب ازدياد ساعات القطع المبرمج للكهرباء تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة في إحدى أسخن مدن العراق.
الحاج عبد الزهرة الشيال (70 عاما) سجين سياسي إبان حكم الرئيس السابق صدام حسين، اعتاد منذ ثلاثة أعوام ماضية في فصل الصيف على ارتداء «الكفن» وحمل «المهفة»، والتوجه في الساعة الخامسة عصرا، نحو ساحة الحبوبي، أبرز معالم مدينة الناصرية، للتظاهر مع المئات من أبناء المدينة؛ جماعة «لصمتنا ألف حكاية» على موقع «فيس بوك»، مطالبين بتحسين واقع الكهرباء.
وقال الشيال ، إن «حق التظاهر مكفول للجميع، خاصة إن كان للمنفعة العامة وليست الشخصية، لذا خرجنا وسنخرج ضد سياسة الحكومة ووزارة الكهرباء إزاء محافظة ذي قار».
وأضاف أن «الطاقة الكهربائية موجودة، لكن المشكلة في المحولات وفي أسلاك الحمل، أي المشكلة سوء إدارة وفساد مستشر في قطاع تصرف عليه الدولة سنويا المئات من ملايين الدولارات».
وتابع: «أكثر ما أثارني وأثار أبناء مدينة الناصرية التي تشهد عشر ساعات تجهيز متقطعة من الكهرباء الوطنية، هو تصريح نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، بأن العراق سينهي الأزمة عام 2013؛ فهل هذا يعقل؟ أين هي الكهرباء؟».
العجوز السبعيني وجد هذا العام تضامنا كبيرا من قبل العشرات من الشباب، أغلبهم من العاطلين عن العمل والفنانين والصحافيين، كوّنوا عبر شبكة التواصل الاجتماعي (فيس بوك) ما يُعرف بجماعة «لصمتنا ألف حكاية»، للتعبير على عدم صمتهم حيال تردي واقع الكهرباء وسوء الخدمات وعدم توفير فرص العمل لمحافظة تعد رابع أكبر محافظات العراق بالنسبة لعدد السكان، حيث تقدر، بحسب إحصائيات شبه رسمية، بـ2.400.000 نسمة.
وقال أبا ذر المشرفاوي أحد مؤسسي الجماعة: «نحن مجموعة من مثقفي محافظة ذي قار من شعراء وسينمائيين وفنانين وطلبة جامعيين نظموا وقفة، وسط مدينة الناصرية، مطالبين بحقهم المشروع بتحسين واقع الكهرباء».
وأضاف أن «هذه الوقفة ستستمر بصورة سلمية كل يوم، في تمام الساعة الخامسة عصرا، حتى تنفذ جميع مطالبنا، وإذا ما تعرضنا لمضايقات، فسنحول الوقفة إلى اعتصام».
وتابع أن «هذه المدينة تتحمل كل مخلفات الطاقة الحرارية (محطة الناصرية الحرارية) من سموم ومخلفات أخرى، حيث تلقى في الأنهر وفي سماء المدينة، في وقت لا تحصل فيه المدينة سوى على القليل من الطاقة الكهربائية، التي لا تعد شيئا في هذه الأيام الحارة».
إلى ذلك، قال حيدر حسن، كاتب وصحافي، إن «الاحتجاج الذي قمنا به نحن مجموعة من الشباب في مدينة الناصرية، الذي أطلقنا عليه (لصمتنا ألف حكاية) جاء نتيجة لما تعانيه هذه المدينة الجنوبية من إقصاء وتهميش»، مبينا أنه «خلال السنوات العشر الأخيرة توقعنا أنه سيتم منح الناصرية عددا من الامتيازات وبعض الخدمات، لكن فوجئنا بما يحدث من ظلم وتردٍّ واضح في الخدمات، خاصة الكهرباء».
وأضاف أن «خروجنا بهذه المظاهرة جاء من إيماننا بأن هناك حقا يجب أن نأخذه، بعدما عجز المسؤولون في مدينتنا عن المطالبة بأي حق»، مشيرا إلى أن «الكهرباء في الجنوب تزداد ساعات الانطفاء فيها إلى أكثر من 16 ساعة، وما خصصته الوزارة لذي قار كان غير منطقي».
وتابع: «أطلقنا احتجاجنا من (فيس بوك) ثم إلى الشارع، حيث كان احتجاجا صامتا لم يُطلق فيه أي شعار معادٍ لأي حزب، ولم ننادِ بإسقاط للحكومة أو الدستور، لذا أردنا أن نوصل مطالبنا بأنفسنا بأسلوب حضاري ديمقراطي، والآن ننتظر من يسمعنا».
يُذكر أن محافظة ذي قار تعاني كل عام من الانقطاع شبه المستمر للطاقة الكهربائية، على الرغم من أنها تعد واحدة من أسخن محافظات العراق، حيث تصل فيها درجات الحرارة في الصيف إلى أكثر من 50 درجة مئوية
627 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع