نادي بيلدربيرغ
ألف بوست: انتهت اليوم الأحد 3 يونيو 2012 أشغال الاجتماع السري لأعضاء نادي بيلدربيرغ الذي يتم وصفه بالحكومة السرية للعالم التي تتخذ قرارات تهم تسيير العالم للمحافظة على استمرار قوة الغرب.
ولا تتسرب إلا أخبار قليلة ونادرة عن اجتماعات النادي رغم حضور أسماء سياسية واقتصادية وازنة من الغرب. وتتفادى الصحف الكبرى مثل نيويورك تايمز ولوموند والباييس وكلارين وذي غاردين وذي شبيغل الكتابة عن هذا اللقاء السنوي الذي يبقى محرما على القادة العرب حضور أعماله رغم محاولات البعض منهم مثل الملك الراحل الحسن الثاني وأمير قطر.
ويعقد نادي بيلدربيرغ اجتماعاته مرة في السنة ودائما ما بين نهاية مايو وبداية يونيو من كل سنة تماشيا مع التقليد الذي أرساه في أول اجتماع له يوم 29 مايو من سنة 1954، وأحيانا يتم تغيير التاريخ إذا استدعت الضرورة ذلك وإن كان هذا قد حدث فقط في السنوات الأولى من ظهور النادي.
وفي ذلك اليوم، 29 مايو 1954، اجتمع عدد من قادة أوروبا في فندق بيلدلبرغ في هولندا لمعالجة ظاهرة ارتفاع مشاعر معاداة الولايات المتحدة في أوروبا بسبب مخطط مارشال الذي تنبته واشنطن لتطوير أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وكان الهدف هو تبني خطة للتقليل على هذه الظاهرة لتعزيز الروابط بين أوروبا والولايات المتحدة لتعزيز الكتلة الغربية. وحضر اللقاء عدد من قادة الغرب ومن ضمنهم ملوك ومفكرين وإعلاميين صناع رأي وسياسيين من اليمين المحافظ واليسار الديمقراطي. وجرت عملية الاختيار على أساس الذين لهم تأثير في المجتمع أو سيكون لهم تأثير قوي مستقبلا وسيخدمون أهداف النادي والغرب. وهذه هي المعايير التي يستمر العمل بها حتى يومنا هذا.
ونجح اللقاء الأول بشكل كبير، الأمر الذي جعل المشرفين عليه ينظمون دورة كل سنة حتى وقتنا الراهن، إذ احتضنت ولاية فرجينيا الأمريكية اللقاء الأخير ما بين 31 مايو و3 يونيو 2012.
والمثير أن أكبر تجمع لرجال السياسة والفكر والاقتصاد في الغرب لا يحظى بتغطية إعلامية عكس لقاءات أخرى مثل دافوس. إذ لا تنشر عنه قنوات التلفزيون وكبريات الصحف أي خبر لأن كبار مدراء الإعلام في الغرب يحضرون أشغاله ولكن يمنع عليهم نشر أي خبر حول أشغال اللقاء أو أجندته. وبقي نادي بيلدربيرغ طيلة عقود من الزمن بمثابة أسطورة ويدخل في إطار مفهوم المؤامرة حتى ظهور شبكة الإنترنت بما تشكله من الإفلات من رقابة وسائل الاعلام الكلاسيكية وبدأ بعض الصحفيين المستقلين وخبراء ينشرون مقالات بين الحين والآخر.
ويبقى المنعطف هو ظهور كتاب يحمل عنوان "القصة الحقيقية لنادي بيلدربيرغ" الذي ترجم الى 51 لغة لدانييل إستولين الذي يعمل صحفيا وسبق وأن عمل في جهاز المخابرات الروسي ويقيم متنقلا بين عدد من الدول ومن ضمنها اسبانيا. وتلاه كتاب "أسرار نادي بيلدربيرغ".
ويؤكد إستولين في كتابه الثاني الذي ترجم الى عدد من اللغات وباع خلال الخمس سنوات الأخيرة ملايين النسخ أن "أكثر من خمسين سنة من الاجتماعات التي يشارك فيها كبار القادة السياسيين ورجال الأعمال والمفكرين لم يحصل أن تسربت ولو معلومة واحدة حول المواضيع والقرارات التي جرى اتخاذها".
فندق بيلدربيرغ الذي احتضنت أول لقاء للنادي واستمد اسمه منه ويحضر قرابة 130 شخصا لاجتماعات النادي سنويا، وهناك نسبة قليلة تحضر سنويا باستمرار مثل هينري كيسنجر وملوك أوروبا، والمعايير التي يجب أن تتوفر في الشخص الذي يتم توجيه الدعوة له للحضور، رجل أعمال كبير يتحكم في جزء من اقتصاد بلاده أو في جزء من اقتصاد العالم أو ينتج شيئا ما لا يمكن للعالم أن يعيش بدونه مثل بيل غيتس صاحب شركة مايكروسوفت. أو سياسيا له وزنه في البلاد وليس بالضرورة رئيس الدولة أو الحكومة أو سياسي يتخذ قرارات تمس العالم مثل وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد. واعترفت ملكة اسبانيا صوفيا بحضورها الكثير من اللقاءات في حوار مع الصحفية بيلار أوربانو، ويؤكد فيلم وثائقي أن أعضاء النادي قرروا سنة 1968 الرهان على خوان كارلوس ليكون ملكا لإسبانيا بعد رحيل الجنرال فرانكو وتمكنوا من هذا. ولا يوجد بروتوكول في لقاءات النادي بل الكل متساوي سواء كان ملكا أو وزيرا أو مفكرا.
ويقدم كتاب "أسرار بيلدربيرغ" الكثير من المعطيات حول أبرز العمليات التي قررها هذا النادي ومن من ضمنها الحروب في العالم والتي تصب كلها في المحافظة على الغرب ككتلة وتعزيز الوحدة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وهناك بعض المعطيات تفيد بأن بعض القادة العرب حاولوا حضور اجتماعات نادي بيلدربيرغ وخاصة الرئيس المصري الراحل أنوار السادات وملك المغرب الحسن الثاني وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني والأمير الوليد بن طلال إلا أن الجواب كان الرفض لأن النادي غربي محض ولا مكان فيه للمسلمين.
وأمام كثرة الشبهات والتعاليق والتساؤلات والاتهامات بالتآمر التي توجه الى أعضاء بيلدربيرغ وخاصة مع شبكة الإنترنت، قررت قيادة النادي الانفتاح نسبيا على الرأي العام ولكن بدون ندوات صحفية أو بيانات بل التأكيد أن "بيلدربيرغ هو نادي يدعو أصحاب القرار في العالم من سياسيين ومفكرين ورجال أعمال للمشاركة في نقاش حر بدون تحفظ حول قضايا العالم والمستقبل".
ومنذ مدة قصيرة أنشأ النادي موقعا في شبكة الإنترنت يتضمن المواضيع التي يناقشها، وناقش السنة الماضية في سويسرا موضوع الديمقراطية في الشرق الأوسط، والتحديات الداخلية في الصين، الاقتصاديات الصاعدة بين الوظائف والمسؤوليات، الإبداع التكنولوجي في الاقتصاد الغربي، جمود أم وعود؟ تحديات الاتحاد الأوروبي لكن أجندته خلال اللقاء الأخير تستمر مجهولة ولم يكشف عنها كما لم يكشف عن الحضور. وزير الخارجية الأمريكي الشهير هينري كيسنجر بالنظارات في الوطس في لقاء من لقاءات النادي
وعموما، يبقى نادي بيلدربيرغ واحد من المنظمات السرية التي تحاول السيطرة على العالم والتحكم في تطوره وبدأت الأخبار تتسرب حول تاريخه وبعض اجتماعاته، في حين تبقى هناك نوادي أخرى مغلقة أكثر سرية وتستمر في ضباب أسطوري.
2000 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع