قادة عراقيون في إجتماع بأربيل
إذاعة العراق الحر/فارس عمر:حين أُنشأت الدولة العراقية عام 1921 كانت العشيرة والاتحاد القبلي الشكل الرئيسي للتنظيم الاجتماعي بعد العائلة بوصفها الوحدة الأساسية.
وكانت القبائل تشكل واحدا من اكبر التحديات التي واجهت الدولة العراقية الفتية بسبب التضاد بين تنظيم القبيلة وقيمها التي تنحصر في اطار الجماعة القرابية من جهة ومشروع كيان فوق القبائل والطوائف ذي مؤسسات وطنية جامعة بخلاف جزئية القبيلة من الجهة الأخرى.
وكانت قيم التضامن الجماعي والتكافل المالي والدفاع الذاتي واعراف القبيلة في الاقتصاص وصيانة الشرف وحماية "الديرة" تستدعي ان يكون لابن القبيلة لقب ملحق باسمه يعلن انتماءه القبلي ونسب يفتخر به.
ومع تطور عملية بناء الدولة الحديثة انحسرت سطوة القبائل تحت تأثير الاستقرار الزراعي والبناء الحضري والهجرة الى المدينة والملكية الخاصة وانتشار التعليم ونشوء طبقات وسطى.
ولكن اللقب الذي يعلن انتماء صاحبه القبلي ظل متداولا على نطاق واسع ربما لأن الصراع الثقافي بين القبيلة والمدينة لم يُحسم تماما لصالح الثانية.
وشهد عقد السبعينات محاولة بائسة لالغاء الألقاب ولكنها محاولة ولدت ميتة اصلا بسبب توظيف رأس النظام الدكتاتوري نفسه اواصر القرابة والعشيرة والمنطقة لصالح بقائه في السلطة واستخدام القاب الآخرين لملاحقتهم.
وبعد حرب 1991 والانتفاضة التي اعقبتها دخل العراق فترة مظلمة من العقوبات الدولية القاسية وانشغال النظام بحماية نفسه وضعف مؤسسات الدولة وفشلها في حماية أمن المواطن وتلبية حاجاته الأساسية الأخرى. وفي هذه الظروف تنامي من جديد دور العشيرة والقبيلة بوصفها الجماعة التي يلوذ بها الفرد في بيئة محفوفة بالمخاطر. واستمر دور القبيلة في التعاظم بعد الغزو الاميركي عام 2003 واعمال العنف التي ما زالت تلقي بظلال ثقيلة على حياة العراقيين. ويكفي للتدليل على قوة دور العشيرة والقبيلة والنسب في عراق اليوم ان الرؤوس الأربعة للدولة الاتحادية العراقية يعرِّفون أنفسهم بألقاب قبلية. فرئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ورئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني.
في هذه الظروف، مقترنة بأزمة عميقة تمر بها العملية السياسية ، أُطلقت دعوة جديدة الى الغاء الألقاب عن اسماء السياسيين والمسؤولين وصانعي القرار. وقالت عضو مجلس النواب عن ائتلاف العراقية وحدة محمود فهد صاحبة الدعوة ان بناء دولة مدنية تعتمد مبدأ المواطنة وإعلاء الهوية الوطنية العراقية فوق الانتماءات الصغرى والفرعية والابتعاد عما سمته "التعنصر الطائفي والمناطقي والديني" يتطلب الغاء الألقاب عند ذكر اسماء المسؤولين وصانعي القرار.
اذاعة العراق الحر التقت رئيس لجنة الثقافة والاعلام النيابية والمتحدث باسم كتلة دولة القانون علي الشلاه الذي قال ان الغاء الاشارة الى اسماء أُسر عريقة وعائلات مرموقة مطلب غير ديمقراطي، على حد وصفه.
وأوضح الشلاه ان هوية الفرد المذهبية أو القومية في العراق تُعرف من اسمائه وبالتالي لا جدوى من رفع لقبه مشيرا الى ان من اسمه الأول أو الثاني عبد الحسين تكون هويته المذهبية معروفة بلا لبس مثلما ان من اسمه حمة أو كاكا يعلن انتماءه القومي الى الشعب الكردي.
واقترح الشلاه ان يقبل العراقيون بعضهم بعضا بانتماءاتهم المذهبية وهوياتهم القومية وان يتعاملوا معها على انها خيار شخصي يتعلق بالخصوصية بدلا من رفع الألقاب والغائها لافتا الى ان الألقاب معتمدة حتى في الديمقراطيات العراقية بل ان اللقب يتقدم على الأسم.
عضو مجلس النواب عن القائمة العراقية ناهدة الدايني رحبت بمقترح رفع الألقاب ودعت الى شمول الدوائر الرسمية والتعيينات به وليس صانعي القرار وحدهم نظرا لاستغلال اللقب واساءة استخدام الانتمائ العشائري للحصول على امتيازات في الظرف الحالي.
ولفتت النائبة الدايني الى صعود نفوذ العشائر مع ضعف النظام السياسي والدولة مؤكدة الاعتراف بدور العشائر ولكن ليس على حساب الأدوار الأخرى ، بحسب تعبيرها.
استاذة العلوم الاجتماعية الدكتورة نهى درويش وصفت الألقاب بأنها مؤشر قوي الى التمييز واستُخدمت سابقا في حملات تهجير معلنة ان لا مكان لها في المجتمع الديمقراطي أو الذي يسعى الى بناء الديمقراطية.
وقال المواطن اياد الملاح ان المجتمع العراقي في الوقت الحاضر أخذ يكرس القيم العشائرية على حساب القيم المدنية متفقا مع رأي الدكتورة درويش القائل بالغاء الألقاب.
"ليس الفتى من قال كان أبي ان الفتى من قال ها انا ذا" بيت قيل في العراق قبل اكثر من 1200 عام.
1013 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع