وجد زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم نفسه في قلب عاصفة من الانتقادات على خلفية فيديو قديم له كان تحدث فيه عن مصطلح الجندر، وسرعان ما تحول الجدل المثار إلى سجال بين الإطاريين والصدريين لا يخلو من خلفيات سياسية ورغبة لدى كل طرف في تسجيل نقاط على حساب الآخر.
العرب/بغداد - تشهد الساحة العراقية هذه الأيام جدلا حول مصطلح الجندر، انخرطت فيه قوى سياسية ذهب بعضها إلى حد شيطنة استخدام المصطلح، والدعوة إلى التصدي لذكره.
وتفجّر الجدل مع تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي لفيديو ظهر فيه زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم يتحدث فيه عن “ثقافة الجندر”، ليتضح لاحقا أن الفيديو قديم يعود إلى نحو عامين، لكن ذلك لم ينه الجدل المثار حيث هاجم الكثيرين الحكيم، متهمين إياه بالتطبيع مع ما اعتبروه “المثلية الجنسية”.
وسرعان مع تحول الجدل إلى سجال بين أنصار الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الموالية لإيران وبينها تيار الحكمة وبين أنصار التيار الصدري.
وأحرج الجدل المثار الإطار التنسيقي الذي حاولت بعض أقطابه التبرؤ من موقف الحكيم، وأصدر ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، بيانا قال فيه إن “مصطلح الجندر يتعارض مع الدين والأعراف والقيم الوطنية وأحكام الدستور العراقي”.
وأوضحت النائب عن الائتلاف ضحى القصير في مؤتمر صحفي بمشاركة أعضاء الكتلة إن المصطلح “اتضح أنه يرمز إلى ظاهرة شاذة، هي الاعتراف بنوع ثالث للجنس البشري غير الذكر والأنثى”.
ويرى مراقبون أن مسارعة ائتلاف دولة القانون للتبرؤ من تصريحات الحكيم، تعود إلى خشيته من تداعيات ذلك على شعبية الإطار التنسيقي المقبل على استحقاق مهم جدا وهي انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في ديسمبر المقبل.
ويخشى ائتلاف المالكي الذي يرنو للسيطرة على مجلس المحافظات أن تؤثر هذه الدعاية السلبية على نسب التصويت له في الاستحقاق.
ويشير المراقبون إلى أن الجدل الحاصل حاليا بشأن مصطلح الجندر يكشف عن حالة من الخلط حتى لدى الطبقة السياسية حيال عدد من المفاهيم.
وقالت الباحثة الاجتماعية العراقية رند الفارس إن هناك خلطا بين “النوع الاجتماعي” والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، وموضوع مختلف آخر هو “الهوية الجنسية”، والتي تعني “التجربة الشخصية العميقة” للفرد، والتي “قد تتوافق أو لا تتوافق مع جنسه البيولوجي” أو جنسه المحدد عند الولادة.
ووفق الفارس يثير الخلط سوء فهم يهدد الباحثين والناشطين المطالبين بالمساواة بين الجنسين، الذين يستخدمون مصطلح “الجندر” بتعريفه العلمي، لتسليط الضوء على القيود الاجتماعية التي تعيق تنمية الأفراد من النساء والرجال.
وتابعت بالقول إن “مصطلح الجندر، أو النوع الاجتماعي، يستخدم في الدراسات التي تنظر في تأثير الظروف والتقاليد الاجتماعية على الرجال والنساء”.
وأضافت الفارس في تصريحات صحفية “على سبيل المثال، ينظر المجتمع إلى مهن معينة على أنها محصورة بنوع اجتماعي واحد، إما للرجال أو النساء”، وبالتالي سيتعرض الرجل الذي يعمل في مهنة “نسائية” إلى التمييز وأحيانا الاعتداء، وكذلك المرأة.
ورأت الباحثة العراقية أن هذا “يخلق حالة تمييز لا تنحصر فقط بالفرص الاقتصادية، وإنما يمتد التمييز القائم على النوع الاجتماعي إلى مجالات أخرى: قانونية مثل حضانة الأطفال والإعالة، واجتماعية مثل تركيبة الأسرة وديناميكيتها، بل وحتى إدارية، حيث أثبتت البحوث أن النساء والرجال يتلقون معاملة مختلفة عند مراجعة دوائر الدولة”.
وحذرت من أن “شيطنة” مصطلح النوع الاجتماعي أو الجندر بهذه الطريقة قد تؤدي إلى عرقلة التقدم الذي حققه العراق، ولو كان نسبيا، على طريق تحقيق المساواة بين الرجال والنساء.
وظهر مصطلح “الجندر” في السبعينات مِن القرن الماضي، والـ”جندر” (Gender) كلمة إنجليزية تنحدر من أصل لاتيني، وتعني في الإطار اللغوي “جينس” أي: الجنس من حيثُ الذكورة والأنوثة، وكانت آن أوكلي هي التي أدخلتِ المصطلح إلى عِلم الاجتماع؛ وتوضح أوكلي أنَّ كلمة “سكس”؛ أي: الجنس، تشير إلى التقسيم البيولوجي بين الذكر والأنثى، بينما يشير النوع “الجندر” إلى التقسيمات الموازية وغير المتكافئة اجتماعيًّا إلى الذكورة والأنوثة.
ويعرف الجندر في الموسوعة البريطانية بأنه شعور الإنسان بنفسِه كذَكَر أو أنثى.. ولكن هناك حالاتٌ لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائصه العضوية، ولا يكون هناك توافُق بين الصِّفات العضوية وهُويته الجندرية، إنَّ الهُوية الجندرية ليستْ ثابتة بالولادة؛ بل تؤثِّر فيها العوامل النفسية والاجتماعية بتشكيل نواة الهُوية الجندرية، وتتغيَّر وتتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية، كلما نما الطفل”.
1103 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع