قانون العفو العام مدار حملة انتخابية مبكرة في العراق

 تهمة الإرهاب استخدمت بشكل فضفاض ومسيس

العرب/بغداد - يتصاعد الجدل في العراق بشأن تشريع قانون للعفو العام يتمّ بموجبه إطلاق سراح الآلاف من المساجين الذين تحوم حول محاكمتهم وسجنهم شبهات تسييس في قضايا خطرة من ضمنها قضايا الإرهاب، وبينهم من كانوا أحداثا غير بالغين السن القانونية أثناء محاكمتهم.

ويتنزّل أغلب الجدل في خانة التكسب السياسي واستمالة الأصوات الانتخابية في الانتخابات المحلية المقررة لشهر ديسمبر القادم.

ويسير في اتجاهين، اتّجاه المطالبين بالتعجيل بإقرار القانون وجلّهم من السياسيين السنة كون الغالبية العظمى من المساجين المراد تبرئتهم وإطلاق سراحهم من أنباء طائفتهم، واتّجاه المعترضين على إقراره والرافضين خصوصا لأن يشمل المسجونين على ذمة قضايا إرهابية، وجل هؤلاء المعترضين من السياسيين الشيعة الذين يقدّمون أنفسهم كمتزعمين لمقاومة الإرهاب في البلد وضامنين للأمن والاستقرار.

واعتبر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي أنّ تشريع القانون أمر حتمي كونه مثبتا في ورقة الاتفاق السياسي والبرنامج الحكومي، مبينا أنه أحد المطالب الأساسية لتياره وذلك “لإنصاف الأبرياء والمغرر بهم”.

كما أشار زعيم حزب “تقدّم” إلى وجود ملفات كثيرة معروضة أمام مؤسسات الدولة تتعلق بالعفو العام وإنصاف الأبرياء وتعويضات المتضررين وإعادة كامل النازحين إلى مدنهم وإنهاء عمل هيئة المساءلة والعدالة في العراق وغيرها من الملفات المهمة.

وكانت الهيئة المذكورة قد أنشئت أساسا لمحاسبة أعضاء النظام العراقي السابق والرموز البارزين في حزب البعث الحاكم آنذاك، لكنّها استخدمت لاحقا لتصفية حسابات سياسية ولتحييد منافسين في الانتخابات لرموز بارزين في تجربة الحكم الجديدة.

وحذّر الحلبوسي من أنّه “إذا أصبح قانون العفو شعارا انتخابيا فإنّه سيُوءد”، مؤكدا ضرورة أن “يُشرّع بعيدا عن المزايدات والشعارات الانتخابية في توقيت سليم”.

وعلى الطرف المقابل قال عضو تحالف الفتح عائد الهلالي إنّ الإصرار على تطبيق القانون المراد إقراره لشمول الجميع يشبه “حلم إبليس بالجنة”، مؤكّدا أنه لا يمكن إطلاقا تمرير مثل ذلك القانون “ولن يتم السماح بإخراج القتلة والمجرمين من السجون”.

وما يعمّق الخلافات بشأن قانون العفو العام أنّ عوائل الآلاف من المدانين بشبهة الإرهاب تطالب ببراءة أبنائها كونهم اعتقلوا على الشبهة ولم تثبت ضدّهم التهم الموجهة إليهم، وكثيرون منهم هم بمثابة مختطفين من مناطق سنّية على أيدي ميليشيات شيعية كانت قد شاركت في الحرب ضد تنظيم داعش في تلك المناطق.

ويقول حقوقيون عراقيون إنّ تهمة الإرهاب في العراق تحمل مفهوما مطاطا يوسّعه بعض أصحاب النفوذ السياسي في البلاد ليشمل مخالفيهم في الرأي وخصومهم السياسيين، فيما يضيقونه حين يتعلّق الأمر بجرائم كبيرة مثل التعذيب في السجون والقتل على الهوية خارج نطاق القانون وجرائم الميليشيات الشيعية ضدّ المدنيين.

وقال عضو ائتلاف دولة القانون حيدر اللاّمي إن “المحكمة الاتحادية العليا سترفض إقرار قانون العفو العام الذي تعمل بعض القوى السياسية على إنضاجه في الفترة المقبلة، خصوصا أنه يُخالف القوانين والدستور في البلد”.

ونقلت عنه مواقع إخبارية عراقية قوله إنه “لا يمكن تجاوز الإثباتات التي تؤكد إجرام وإرهاب الأشخاص المحكومين بمختلف القضايا في السجون من أجل إخراجهم عن طريق هذا القانون”، مستبعدا تمرير القانون في مجلس النواب بالنظر إلى الرفض الكبير الذي يواجهه.

ولفت اللامي إلى أن “أغلب القوى السياسية ترفض سعي البعض لتعديل قانون العفو العام في مجلس النواب”.

وعن مواقف الكتل الشيعية من قانون العفو العام تقول عدّة شخصيات سياسية عراقية إنّ الأحزاب التي تصفها بالطائفية تحاول إفراغ القانون من محتواه وتسطيحه ليصبح مجرّد عفو عن مجرمي الحق العام، فيما المطلوب، حسب هؤلاء، العفو عن شخصيات وكفاءات حوكمت لأسباب سياسية وأيديولوجية وخلت ملفاتها من أي إثباتات تؤكّد تورّطها في جرائم حقيقية.

ويعتبر هؤلاء أن الموقف من قانون العفو العام هو امتداد لسياسة الاجتثاث التي مارستها القوى السياسية الشيعية ولم تكن لها أي فوائد عدا تكريس الانقسام داخل المجتمع وتعميق النوازع الطائفية والعرقية لدى مكوناته.

ومن هذا المنظور يعتبر المدافعون عن قانون العفو العام أنّ إقراره يشكّل مدخلا مناسبا للمصالحة الوطنية وتجاوز أحقاد الماضي وضغائنه.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1091 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع