من يحصل على منصب المحافظ؟ السؤال مطروح منذ 6 أشهر
المدى/بغداد/ تميم الحسن:يزيد منصب المحافظ الخلافات في ديالى وكركوك. الانقسامات عطلت تشكيل الحكومات المحلية هناك اكثـر من 6 اشهر، والطريق يبدو في نهايته مسدودا.
تفكر القوى السياسية في ديالى بالذهاب الى اعادة الانتخابات، وكركوك تلمّح الى امكانية اللجوء الى المحكمة الاتحادية لحسم المناصب المعطلة منذ العام الماضي.
كلتا المدينتين المختلطتين مذهبيا وقوميا، لم تتمكنا منذ انتخابات مجالس المحافظات في كانون الاول الماضي، ان تعقدا جلسة واحدة للإدارة المحلية الجديدة. حتى رئيس الوزراء محمد السوداني فشل في وساطته بين المتخاصمين في كركوك، ويبدو أنه منع من التدخل في ديالى بأوامر من حزب شيعي. وعقب نتائج الانتخابات المحلية الاخيرة حصلت القوى الشيعية على ادارة 10 محافظات، مقابل 3 للأحزاب السُنية، فيما تعثرت المفاوضات في ديالى وكركوك.
الأزمة تولد أزمة في ديالى
"الإطار" كان يتوقع منذ بداية التحضير للانتخابات المحلية حدوث مشاكل في إدارة المناطق المختلطة، مثل بغداد، والاخطر كان يتوقعه في ديالى.
فاقمت هذه المخاوف قرار مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، الذي رفض المشاركة بالانتخابات، ولوح الشيعة انذاك الى ما اسموه بـ" اختلال التوازن المكوناتي".
فكر الاطار التنسيقي بان اصوات الصدريين "المقاطعين" ستذهب لصالح السُنة، حيث كان التحالف الشيعي قد قسم نفسه الى نحو 12 قائمة بالانتخابات.حصل "الاطار" مجتمعا (3 قوائم)، على 7 مقاعد في ديالى وهي اقل من نصف المقاعد الكلية (15 مقاعدا) في المحافظة. بالمقابل زاحمت القوى السُنية طموح "الاطار"، وحصلت هي الاخرى على 7 مقاعد من 3 قوائم ايضا. وقف الفريقان امام بعض غير قادرين، فاي طرف عجز عن ان يشكل حكومة بمفرده، وهذا يحدث لاول مرة حيث كانت المدينة تدار في السنوات الـ10 الاخيرة من قبل منظمة بدر.
المفاجأة حدثت بعد ذلك، حين انهار اتفاق شيعي، على خريطة ادارة باقي المحافظات، ما ادى الى انقسام "الاطار" الى فريقين كل منهما ضم إليه حزبا سُنيا. يقول مسؤول رفيع سابق في ديالى باتصال مع (المدى): "لم ترض دولة القانون، بزعامة نوري المالكي على التقسيم الجديد، وطالبت بالحصول على ديالى". المحافظة كانت في البداية من نصيب بدر، لكن هادي العامري زعيم المنظمة، اخذ منصب محافظ الديوانية، وميسان بعد انهيار الاتفاق الشيعي السابق.
كذلك انسحبت عصائب اهل الحق، بزعامة قيس الخزعلي، من ديالى بعد ان حصلت على منصب المحافظ في بابل.
ويشير المسؤول السابق، الذي طلب عدم نشر اسمهإلى أن "بدر بالمقابل لم تنسحب من ديالى، وبقي محافظها السابق مثنى التميمي يطالب بالمنصب (التميمي يدير المحافظة تصريف اعمال حتى الان)".
وقبل ايام قال عباس الموسوي، المستشار في ائتلاف دولة القانون، إن منظمة بدر تسعى لـ"الاستئثار بمنصب محافظ ديالى" ما "سيؤثر على الاتفاقات المستقبلية".
لكن كريم عليوي القيادي في بدر ورئيس الكتلة في البرلمان، رد على الموسوي في بيان بأن الاخيرة "قررت ترك منصب المحافظ في ديالى لدولة القانون".
العامري كان قد رشح مثنى التميمي، ورفضته دولة القانون، ثم رشح محمد العميري، نجل رئيس المحكمة الاتحادية، وتراجع عنه بسبب صغر سنه. المالكي كذلك رشح خليفة التميمي، اعتقادا منه بانه سيرضي عشيرة المحافظ السابق، لكنه فشل في ذلك.
زعيم دولة القانون الان تصطف معه في ديالى العصائب، ائتلاف الاساس (محسن المندلاوي)، والسيادة (خميس الخنجر)، وعزم (مثتى السامرائي).
والفريق الاخر يضم منظمة بدر، وتحالف تقدم بزعامة محمد الحلبوسي، والاتحاد الوطني الكردستاني (مقعد واحد).كلا الفريقين غير قادرين على امتلاك الاغلبية، فيما جرت خلافات داخل دولة القانون، بين جناح المالكي، وصهره ياسر صخيل، رئيس كتلة البشائر. وبحسب المسؤول السابق في ديالى وهو مقرب من القوى السُنية فان "منصب المحافظ يفترض حسب نظام النقاط داخل الاطار التنسيقي بانه من حصة صخيل، لكن المالكي يتحكم بالمرشحين". تركي جدعان، وهو القيادي في دولة القانون/ جناح صخيل، وثاني اعلى فائز في ديالى بعد المحافظ السابق مثنى التميمي، اعلن قبل ايام انشقاقه عن المالكي. وقال في بيان انه "سيعمل مستقلا". جدعان كانت قد رشحته البشائر، قبل اسابيع، الى منصب المحافظ، لكن المالكي على مايبدو رفض ترشيحه.
وكانت الازمة بين المالكي وصهره، قد انتقلت الى العاصمة، وحاول الاخير قبل ايام، ازاحة محافظ بغداد عبد المطلب العلوي، وهو مقرب من زعيم دولة القانون، ردا على مايجري في ديالى، لكنه فشل.
وحتى امس، كان فريق المالكي مجتمعا في فندق الرشيد في بغداد، وكان يحاول جر بعض الأعضاء من الفريق الثاني لعقد جلسة مجلس المحافظة.
فشل الاجتماع، وفق ما قاله المسؤول السابق في ديالى، بسبب عدم الاتفاق على اسم المحافظ. واضاف ان "المالكي وعدهم بتقديم مرشح جديد قريبا، لكن لم يكشف عن اسمه حتى الان".
وخلافا لكل تلك الحلول، مازالت في ديالى فكرة اللجوء الى المحكمة الاتحادية، لطلب اعادة الانتخابات.
موازنة.. وتدوير
تساعد التخصيصات الجديدة في موازنة 2024 للمحافظات، التي اقرت قبل ايام، على تعزيز الانقسام، حيث تسعى كل كتلة للاستفادة القصوى من تلك الاموال لتلميع صورتها امام الجمهور. اللجنة المالية في البرلمان كانت قد زادت تخصيصات المحافظات 2 تريليون دينار، ليكون المجموع 43 تريليون، بحسب توصية اللجنة.
وحاول رئيس الحكومة، بحسب بعض المعلومات، تقليص الاموال للمحافظات حتى يقطع الطريق امام تلك الاحزاب المتنافسة. السوداني بالمقابل يهمه، وفق تصريحاته، ان تتعاون المحافظات مع الحكومة وتستثمر تلك الاموال بصورة صحيحة، لذلك سعى للتدخل في ازمة كركوك ولم يتدخل في ديالى.
المسؤول السابق، والذي شغل منصبا رفيعا قبل سنوات قريبة في ديالى يرجح ان "اطراف في الاطار التنسيقي، ربما المالكي، هو من منع السوداني من التدخل". رئيس الوزراء الحالي والمالكي بينهما تاريخ سابق من الخلافات، حيث كان الاخير قد رفض ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة، بحسب ما تسرب حينها من معلومات، بسبب انشقاق الاول عن حزب الدعوة.
ولا يعول كثيرا على تدخل السوداني في حل أزمة ديالى، نظرا الى فشله حتى الان في الواسطة بين القوى السياسية في كركوك. رئيس الوزراء، الذي عين نفسه قبل اشهر رئيسا لتحالف كل القوى في كركوك، لم يصل في اخر اجتماع مع تلك القوى الى حل.
يقول هدايت طاهر، رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك في اتصال مع (المدى) إن "الاجتماع الاخير مع رئيس الوزراء (وهو الثالث منذ نهاية الانتخابات المحلية) انتهى بدون حل". تنقسم الاحزاب في كركوك الى فريقين ايضا، الحزب الديمقراطي ومعه التركمان وكتلة خميس الخنجر، مقابل الاتحاد، و3 مقاعد من العرب، ومقعد المكون المسيحي.
يشير طاهر الى ان الحزب الديمقراطي اقترح مشروعا "نرفضه" وهو "ان يحكم الاخير 5 اشهر المتبقية من اول سنة بعد الانتخابات، ثم سنة الى التركمان، واخر سنتين الى الخنجر".
بالمقابل يقدم الاتحاد الوطني مشروعا مضادا، بالاتفاق مع العرب، وفق مايقوله طاهر، يتضمن "مناصفة الحكم بينه وبين العرب". ويشير مسؤول الاتحاد في كركوك الى ان حزبه "سيسمي محافظا يرضى عنه الجميع" في حال الموافقة على مشروعه.
وفي حال استمرت الازمة، يتوقع طاهر ان يذهب البعض الى المحكمة الاتحادية لتوزيع المناصب، لكنه حل قد يؤدي الى "مقاطعة بعض الاحزاب المجلس والمحافظة ونعود الى الجمود مرة اخرى".
1275 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع