أخبار وتقارير يوم ٢٢ تموز
١-الجزيرة ……تقرير…"أسود البشرة لا يكتئب".. كيف استخدم الرجل الأبيض الطب النفسي ضد المستضعفين؟
("العنابر العامة كانت بالغة السوء، ولم يكن هناك سوى خمسة أطباء، أربعة منهم أجانب، لم يكن مرخصا لهم للعمل في الولايات المتحدة، وليس لديهم أوراق اعتماد كأطباء نفسيين في بلدهم الأصلي. كان الطبيب النفسي الخامس هو المسؤول، ومن الواضح أنه لم يكن على دراية بالطب النفسي الحديث، ويبدو وكأنه يدير مزرعة في إحدى (الولايات الجنوبية")
————————————-
كان هذا جزءًا من التقرير الذي كتبته المفتشة مارلين روز، حينما شاركت عام 1967 في لجنة لتفتيش مرافق مستشفيات الطب النفسي، خاصة في ولايتي ألاباما وميسيسيبي، التي يتلقى الرعاية فيها ذوو البشرة السوداء الذين يُعانون من مشكلات في الصحة العقلية أو ما أصبح يُعرَف اليوم باسم الاضطرابات النفسية.نعم، كانوا يعالجون بشكل منفصل، وفي مؤسسات لا تسمح بالاختلاط بينهم وبين السكان البيض، وذلك ضمن سياق الفصل العنصري واضطهاد السود الذي عرفته الولايات المتحدة الأميركية منذ تأسيسها، حتى عهد قريب، وقد كان وجه الطب النفسي قبيحا في تلك المسألة، وفي ذلك التوقيت.في تاريخ تأسيس الطب النفسي عمدت العديد من التجارب والدراسات النفسية إلى تشويه وقهر ذوي البشرة السوداء، بل تورط العديد من رواد علم النفس الذين لهم إسهامات بالغة الأهمية في المجال النفسي، في دعم هذه العنصرية وتعزيز سيطرتها على عملهم العلمي والبحثي.ومن مرافق مستشفيات الطب النفسي في ولايتي ألاباما وميسيسيبي، ننتقل إلى كلية التربية بجامعة ستانفورد، وتحديدًا في أوائل القرن العشرين، حيث يعمل لويس ماديسون تيرمان، وهو أحد أبرز علماء النفس الأميركيين، وقد اشتهر لاحقًا بأنه من رواد علم النفس التربوي، ومن إنجازاته تطوير اختبار خاص لقياس مستوى ذكاء الشخص أُطلق عليه اسم اختبار "ستانفورد بينيه للذكاء".كان تيرمان من العلماء البارزين الذين يدعمون فكرة "تحسين" النسل، وكان عضوًا في مؤسسة معروفة في تلك الآونة تسمى "تحسين الإنسان"، إضافة إلى شغله لمنصب رئيس جمعية "علم النفس الأميركية".في إطار عمله على اختبار قياس ذكاء الفرد، أطلق تيرمان العديد من المقولات، التي اعتُبرت لاحقًا، في غاية العنصرية في حق الأشخاص الملونين، من هذه المقولات قوله عن الأشخاص ذوي البشرة السوداء إن "بلادتهم فطرية" وإنه "يجب فصل أطفال هذه المجموعات (البشرية الملونة) في فصول خاصة وإعطاؤهم تعليمات ملموسة وعملية.. فهم لا يستطيعون التعامل مع الأمور المجردة". قال تيرمان أيضًا: "من منظور تحسين النسل يُشكل "السود" مشكلة خطيرة بسبب تكاثرهم الغزير بشكل غير عادي".
*( ذوو البشرة السوداء؟ "ليس من المفترض أن يمرضوا")
اعتقدت هذه المدرسة النفسية العنصرية، أن ذو البشرة السوداء، محصن ضد المرض النفسي، وأنه لا يسقط في براثن الاكتئاب أو غيره من الأعراض العصابية، ومردّ ذلك كله هو التكوين النفسي والعقلي الخاص به، أو بتعبير تيرمان بسبب "بلادته الفطرية"، على حد زعمه.الدكتورة أوشينا أومه، طبيبة سابقة في سان أنطونيو بولاية تكساس، وهي امرأة من أصل نيجيري تعيش في الولايات المتحدة، قررت أن تترك وظيفتها عام 2018 للتركيز على المحاضرات العامة، بهدف نشر وزيادة الوعي حول الاضطرابات النفسية بين الأشخاص ذوي الأصول الأفريقية في الولايات المتحدة.توضح الدكتورة أوشينا أنه طوال سنوات كثيرة صدّق العديد من الأشخاص السود أنه يُفترض أن لا يُعانوا من مشكلات الصحة النفسية، استنادا على ما قاله جون جالت الطبيب والمدير الطبي لمصحة الأمراض النفسية في ويليامزبرغ بفيرجينيا، وفكرته العجيبة التي نشرها عام 1848، وأوضح فيها أن الأشخاص السود يمتلكون مناعة طبيعية ضد الأمراض النفسية.بنى جالت رأيه السابق على افتراض أن الأفارقة مستعبَدون، والعبيد لا يملكون شيئا، وليس لهم دور في الأعمال الحرة التي تقوم على المغامرة، ولا يشاركون في الشؤون المدنية والانخراط في أنشطة سياسية مثل التصويت أو شغل المناصب. وبناء على هذه الفرضية سيكون خطر الإصابة بالمشكلات النفسية أعلى لدى السكان البيض الذين يتعرضون بشكل يومي لمفاعيل الأنشطة السياسية، ومنافسات الطموح والترقي داخل مجتمعات ريادة الأعمال والتجارة، وما ينجم عن ذلك من ضغوط تصاحب المكاسب أو أزمات تعقب الخسارة.كان صموئيل كارترايت أحد هؤلاء الأطباء الذين جادلوا بأن العبودية كانت هي "الحالة الطبيعية"، للأميركيين ذوي الأصول الأفريقية، مُضيفًا أنهم استفادوا من العمل الشاق وأنهم غير قادرين على الاعتناء بأنفسهم خارج هذا النظام. ادعى كارترايت أيضًا أن الأشخاص الملونين أظهروا بساطة "طفولية" في مشاعرهم وافتقارًا إلى العمليات العاطفية المعقدة، ورأى أن هذا الأمر هو من سمات عرقهم بأكمله.بناء على رأي كارترايت الذي يذهب إلى أن العبودية هي الحالة "الطبيعية" للأشخاص السود، فإن الخروج عن هذه الحالة "الطبيعية" هو اضطراب عقلي. هذا بالضبط ما أوضحه كارترايت عام 1851، حيث نشر تقريرًا اخترع فيه اثنين من الاضطرابات "النفسية"، التي تتضمن أعراضها ميل "العبيد" إلى الهروب أو مقاومة العمل الشاق، وتم تصنيف هذه الاضطرابات على أنها "مرض عقلي"، وأطلق عليها "هوس الفرار/ draeptomania" و"عسر الحس الإثيوبي/ dysaesthesia aethiopica".استخدم مشرفو المستشفيات أفكار كارترايت لتبرير آرائهم الطبية حول عدم وجود أي علاجات طبية نفسية حقيقية للمرضى الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية، وأنهم لا يشعرون بنفس الطريقة التي يشعر بها البيض، أو أنهم غير مناسبين لأشياء مثل التحليل النفسي أو العلاج الجماعي. وهذا هو سبب فصل المرضى السود في مرافق منفصلة بالمستشفيات تتسم بكونها دون المستوى المطلوب، هذا إضافة إلى أنه كان يتم تشغيلهم في مغسلة المستشفى والمطبخ والحقول.تقول الطبيبة الأميركية النيجيرية الأصل أوشينا أومه: "أنا وأفراد عائلتي وأصدقائي ومعارفي ومرضاي وآباؤهم وأجدادهم، جميعنا من السود، لذا فمن المفترض أننا لا ينبغي أبدًا أن نخوض صراعًا مع مشكلات الصحة النفسية. لسوء الحظ، نحن، أنفسنا، اعتنقنا هذه الرواية (رواية جالت وأمثاله)، واعتقدنا أن مشكلات الصحة النفسية غير موجودة في عرقنا، ونشرنا هذا الأمر دون وعي وهو ما أضر بنا كثيرًا".خلال عملها، لاحظت الدكتورة أوشينا زيادة كبيرة في الاكتئاب والتفكير في الانتحار لدى مرضاها. حيث تقول: "زادت معدلات الانتحار بين الأطفال الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 سنة بشكل مطرد منذ الثمانينيات، وهي الآن ضعف مثيلتها لدى نظرائهم من القوقاز. وشكل الرجال السود 80% من محاولات الانتحار بين الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية عام 2015. وهذه الأرقام آخذة في الارتفاع"
هكذا بدأ الأمر)
وحتى نتمكّن من استيعاب ممارسة العنصرية وحضورها في الطبّ النفسي بشكل تاريخي ومتسلسل، دعنا نقص عليك جذور الأمر من البداية. تحديدا فيما بين عامي 1861 و1865 وهي الحقبة الزمنية التي دارت فيها "الحرب الأهلية" بين ولايات الشمال الأميركي وولايات الجنوب، وتم فيها إضفاء الطابع المؤسسي الرسمي على مجال "علم النفس" الأميركي، حيث تم تأسيس وإنشاء البرامج والأقسام والدرجات العلمية والمجتمعات والمدارس المختصة بدراسة مجال علم النفس.وتُعدّ هذه الحرب من أسوأ الأحداث الدموية التي تعرّض لها الاتحاد الفيدرالي الأميركي، وكان من أسبابها الرئيسية نظام "الرِّق/ العبودية". ففي الوقت الذي أرادت فيه ولايات الشمال تضييق نطاق العبودية ووضع القوانين التي من شأنها تحقيق ذلك، كانت ولايات الجنوب تتوسع في العبودية، بل وتعتمد بشكل أساسي في نظامها الاقتصادي القائم على الزراعة بشكل كلي على سُخرَة العبيد.
حررت الحرب الأهلية ما يقرب من أربعة ملايين شخص من العبيد في جميع أنحاء الجنوب، ولم يؤد ذلك إلى مواقف طبية أكثر استنارة بشأن معاملة الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية، بل العكس تماما حيث استمر الطب النفسي في غيه العنصري.ففي عام 1895، لاحظ الدكتور باول، وهو المشرف على مصحة جورجيا للأمراض العقلية كما كانت تُسمّى، زيادة مثيرة للقلق في إصابات الصحة العقلية بين السود في ولايته، وعلل الدكتور باول تلك الزيادة بأنها ناتجة عن ثلاثة عقود ماضية من الحرية، بعد تحرير العبيد من نير الاستعباد، حيث لم يستطع قطاع كبير منهم التكيف مع الانفتاح والنتائج التي تسببت فيها الحرب الأهلية. باول يرى فيما يبدو أن العبودية والحرية هما من أمور الفطرة والحتمية البيولوجية.جادل باول بأنه عندما حصل العبيد السابقون على حريتهم، فقد تسبب ذلك في عدم قدرتهم على السيطرة على شهواتهم وعواطفهم، وبالتالي أدى هذا إلى حدوث بعض التجاوزات قادت بدورها إلى ارتفاع معدلات الإصابة والتشخيص بمشكلات الصحة النفسية.بالطبع لم ير باول الحقيقة وكانت على مرمى حجر منه، لكن عنصريته حجزته عن الذهاب إلى أصل المشكلة، حيث إن سبب تزايد مشكلات الصحة النفسية بين السود يعود إلى تاريخ طويل عاشوه في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية بالغة السوء بما في ذلك الفقر والتمييز العنصري وشبح العنف الذي رُبما كان يصل إلى حد الإعدام، لكنه اختار أيسر الطرق؛ فقال إن حصول ذوي البشرة السوداء على الحرية هو أصل مشاكلهم العقلية والنفسية.
*(علم نفس الاستعمار)
حينما تأسست الجمعية الأميركية لعلم النفس عام 1892 كانت برئاسة غرانفيل ستانلي هول وتم انتخاب 31 عضوًا من الذكور البيض لعضويتها، في ذلك الوقت كان علم النفس الرسمي يقوده في المقام الأول البيض ويعتمد بشدة على نظرية التطور الذائعة الصيت حينها، وقدّم المجال النفسي الغربي دعمه الكامل لفكرة تفوق الرجل "الأبيض"، كنتاج من نتائجها، وسلّط كامل تركيزه على إظهار الفروق الفردية بين المجموعات العرقية المختلفة.وفي عام 1904 قام ج. ستانلي هول، الرئيس المؤسس لجمعية علم النفس الأميركية، بنشر نظريته التي تحمل اسم "المراهقة". وخلالها، وصف الشعوب الأولى، وهم السكان الأصليون للأميركتين قبل عصر كريستوفر كولومبس، بأنهم يعيشون في طور من "الطفولة البشرية"، وأن البالغين من أبناء هذه الشعوب أكثر شبهًا بمرحلة المراهقة لدى الأطفال أو المراهقين البيض.طور هول "برامج حضارية" استعمارية مصممة خصيصًا لما اعتبره تلبية احتياجات الشعوب الأولى. وفرت هذه البرامج الإطار الأخلاقي الداعم للاستعمار، وكانت نتيجة ذلك التورط في إبادة ثقافية للشعوب المختلفة، وكان الهدف البراق: نحن نفعل ذلك من أجل تمدينهم وإلحاقهم بالنموذج الغربي، تحت سيادة الرجل الأبيض.لكن بعد الحرب العالمية الأولى، حدثت حركة عكسية حيث اندفع بعض أبناء الشعوب الفقيرة إلى الولايات المتحدة وغيرها من دول الشمال الغنية، ووفدت أعداد غير مسبوقة من المهاجرين، واكبها تزايد في فيض المشاعر المناهضة للهجرة، وهنا ظهرت نظرية "تحسين النسل"، باستخدام مبادئ الوراثة. هنا واجه الأميركيون ذوو الأصول الأفريقية، الذين قيل إنهم يعانون من "قصور" عقلي، تهديدًا جديدًا أكثر خطورة على سلامتهم.يقوم علم "تحسين النسل" على مبدأين متوازيين هما: تشجيع الولادات بين الأشخاص الذين يملكون مخزونًا وراثيًّا "جيدًا"، وتعقيم الأشخاص غير الصالحين للإنجاب بما في ذلك الأفراد الذين يعانون من مرض عقلي، وكذلك الفقراء والمتهمون بالانتهاكات الجنسية. كان التركيز على تعقيم الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية. وفي كاليفورنيا وحدها في ثلاثينيات القرن العشرين، كان الأميركيون ذوو الأصول الأفريقية الذين يمثلون 1% من السكان، قد شكلوا 4% من ضحايا التعقيم القانوني.العديد من رواد علم النفس دافعوا عن أجندة اجتماعية ترغب في الحدّ من عدد الأطفال الذين يلدهم أشخاص مصنفون بأنهم "أقل لياقة"، وقد كان الأشخاص الملونون المصنفون بأنهم "أقل لياقة" يعتبرون أقل شأنا في المجتمع الغربي من حيث المعرفة والقانون العام.
*(رواد علم النفس تورطوا في "العنصرية")
السير فرانسيس جالتون، أحد قادة علم النفس الأوائل، وهو أول من صاغ مصطلح "تحسين النسل". يعتبر جالتون من رموز "علم الأعراق"، وهو فرع من العلوم يبحث في أصول الشعوب المختلفة وخصائصها، وقد أدّت "نظرية تحسين النسل"، دورا كبيرا في دعم فكرة تمايز الأعراق، في قدراتهم الشخصية والنفسية.اعتبر كتابه "العبقرية الوراثية"، الذي نُشر عام 1869، أول محاولة علمية لدراسة "العبقرية والعظمة"، ونظر إليه على أنه من الأدبيات المبكرة التي ساهمت في دراسة الفروق الفردية والقياسات النفسية في علم النفس الأوروبي والأمريكي، وتوصل إلى أن متوسط المستوى الفكري لـ "العرق الزنجي" هو أقل بدرجتين من الرجل الأبيض.كان كتاب فرانسيس أحد المراجع الهامة التي تم الاستشهاد بها واستخدامها بشكل كبير من قبل الجيل الأول من علماء النفس الذين أسسوا الجمعية الأميركية لعلم النفس، وأول مجلات علم النفس المعترف بها، وبرامج البحث الأكثر تأثيرًا، فتورط العديد من الأكاديميين البارزين في إشاعة مفاهيم تتحدث عن تفوق الرجل الأبيض ليس على مستوى الذكاء فقط، بل على المستوى الأخلاقي والثقافي والنفسي.في مجلة المراجعة النفسية، وبعد عام واحد فقط من إصدار المجلة النفسية الأميركية لأول نسخة لها، نُشرت دراسة كانت نتائجها توضح أن العينات المفحوصة مما يسمى الشعوب الأولى والسود، لديهم أحيانًا، رد فعل "أسرع" من البيض، وهو ما فسروه حينها بأنه يُشير بدرجة كبيرة إلى التسرع وتحكم الانفعال في ردودهم، بسبب ميولهم نحو العنف. جادل مؤلف الدراسة بأن الرد السريع كان مرجعه "البدائية"، وأن الذكاء الأكثر تطورًا للمشاركين البيض أدى بهم إلى تفكير أعمق ورد أبطأ.واصل العديد من علماء النفس دعم فكرة التفوق الأبيض في كافة المنافذ العامة والأكاديمية. مثلًا في عام 1922، ألقى عالم النفس جيمس رولاند أنجيل، رئيس جامعة ييل، سلسلة من المحاضرات تصف التسلسل الهرمي للأجناس، وتتبنى تفوق الرجل الأبيض، وتناقش انخفاض مستوى الذكاء لدى ذوي البشرة السوداء.وكذلك نشرت مجلة علم النفس المقارن، عام 1922، بحثًا يربط بين درجة "الدم الأبيض" لدى الشعوب الأولى ودرجات اختبار الذكاء الأعلى. وفي عام 1933، تم نشر المزيد من الدراسات التي تجادل بأن أطفال الشعوب الأولى يُظهرون عدم أمانة أكثر من الأطفال البيض.رُبما يكون السؤال المنطقي هنا هو: هل تم تزييف البحوث أو النتائج التي أُجريت وقتها بهدف إثبات تفوق الرجل الأبيض على نظيره الملون؟ الإجابة: رُبما لا، لكن الدراسة ذاتها والنتائج المستخلصة منها كانت تتم من خلال عقلية تسيطر عليها فكرة تطور وتفوق الرجل الأبيض، فحتى لو جاءت البحوث والدراسات بنتائج عكسية تُفيد بأن ذوي البشرة المُلوّنة أكثر تفوقًا في جانبٍ ما، فإنه سيتم النظر إلى هذه النتيجة وصياغتها في إطار تفسيري من موقعية ومرجعية تفوّق الرجل الأبيض.هذا ما حدث عام 1897، إذ توصلت دراسة أُجريت على الأطفال السود والبيض، إلى أن الأطفال الملونين ذاكرتهم أقوى، وأنهم يتفوقون على الأطفال البيض بشكل عام في مهمة الذاكرة.هنا، ورغم أن نتائج الدراسة إيجابية في حق الأشخاص ذوي البشرة السوداء، فإنه قد تم صياغتها بطريقة سلبية تمامًا، فقد عزا المؤلف قوة ذاكرة الأطفال السود إلى قدرة "أدمغتهم البدائية" على التذكر أكثر من غيرهم، ووصف الأطفال السود بأنهم ناقصون في التفكير.
*(تحكم العنصرية في التشخيص النفسي)
أدّت انحيازات الأطباء النفسيين المسبقة ضد الملونين، إلى صدور تشخيصات غير علمية ولا تلتزم المعايير المهنية المنضبطة، فقد أوضحت دراسة نُشرت عام 2023، أن هناك تباينا ملحوظا في انتشار اضطرابات طيف الفصام (رؤية شخصيات وهمية وسماع أصوات غير حقيقية) بين الأشخاص الملونين في الولايات المتحدة وكندا والأفراد البيض في هذه البلدان ذاتها. حيث يتم تشخيص السود بهذه الاضطرابات بمعدلات أعلى من المجموعات الأخرى.
العواقب المترتبة على هذا التشخيص غير الدقيق علميا، تفاقم الآثار المجتمعية العقابية مدى الحياة، بما في ذلك زيادة الوصمة الاجتماعية وانخفاض الفرص، وتدنّي الرعاية، وزيادة احتمال التجريم والتوقيف القانوني، حيث إن الصور النمطية المقترنة بالأعراض الذهانية قد تُعرض هؤلاء المرضى لخطر عنف الشرطة والوفيات المبكرة.الجانب المؤسف هنا، أنه وفقًا لما تُظهره البيانات الجديدة فإن اختلافات معدلات التشخيص، ليس من المرجح أن تكون وراثية، بل مجتمعية في الأصل. فالإفراط في تشخيص طيف الفصام يعود بشكل كبير إلى التحيزات العنصرية لدى الأطباء.وأوضحت الدراسة كيف أن سوء فهم العرق يربك محاولات تشخيص وعلاج اضطرابات طيف الفصام لدى الأفراد السود، إضافة إلى أن التحيزات الضمنية تمنع المرضى السود من تلقي العلاج المناسب من مُقدّمي الرعاية الصحّية النفسية من العرق الأبيض بشكل رئيسي، وهو ما وصفته الدراسة بأنه "نقص في التعاطف" لدى الأطباء مع مرضاهم.في السياق ذاته، شككت الدكتورة أوشينا أومه، من خلال مقالها المنشور عبر موقع "blackpast"، في صحة تشخيص الأطفال المحتجزين في مرافق مستشفيات الطب النفسي واضطرابات الصحة العقلية، إذ أوضحت أنه في كثير من الأحيان، كانت سلطات اللجوء تُشيد بقدرات ومهارات هؤلاء الأطفال، وهو أمر يُثير الكثير من التساؤلات حول مدى صحة تشخيص مرضهم العقلي أصلًا.هنا تقول أوشينا: "إذا كان هؤلاء الأشخاص من ذوي البشرة السوداء قد "فقدوا رشدهم" حقًّا، فكيف كانوا قادرين على القيام بأعمال شاقة متواصلة تتطلب مهارات خاصة، في حين كان المرضى البيض في كثير من الأحيان "أضعف" عقولًا بدرجة لا تُمكّنهم من العمل؟!".
*(العلاج في مرافق بالغة السوء)
يوضح التحالف الوطني للأمراض النفسية (NAMI) أن هناك تاريخًا طويلًا من التمييز والعنصرية في تاريخ الرعاية الصحية النفسية، فقد تعرض الأشخاص المصابون بمرض عقلي دائمًا للتمييز، وحرموا من المشاركة الكاملة في المجتمع، ووُصفوا بأنهم خطرون ومجرمون، وتم احتجاز العديد منهم في مؤسسات كانت أكثر شبهًا بالسجون المصممة للعقاب منها بالمستشفيات المصممة للعلاج.وكان هذا التمييز سيئًا بالنسبة لأي شخص يعاني من مرض أو اضطراب نفسي، لكنه كان أكثر سوءًا بالنسبة للأشخاص الأكثر تهميشًا، ومنهم الرجال والنساء والأطفال الأميركيون ذوو الأصول الأفريقية، فقد كانت بعض المراكز في بعض الولايات، مثل ألاباما وميسيسيبي، تقوم بفصل المرضى على أساس عنصري، بل زعمت أنه من الضروري "طبيًّا" فصل المرضى على أسس عنصرية.
في الستينيات، حاولت سلسلة من التشريعات الفيدرالية والدعاوى القضائية إنهاء هذا التمييز. فتم إقرار قانون بناء مراكز الصحة النفسية المجتمعية (CMHA) لتحسين عملية تقديم العلاج والرعاية للأشخاص المصابين بأمراض عقلية أو ما يُعرَف اليوم بالاضطرابات النفسية. وفي عام 1964، تم إقرار قانون الحقوق المدنية الذي يتضمن بندًا مفاده أنه من غير القانوني لأي منشأة أو خدمة تتلقى أموالًا فيدرالية أن تقوم بالتمييز على أساس العرق.حينها، كانت بعض الولايات لا تزال تنتهج سياسات الفصل العنصري في تقديم العلاج، الأمر الذي جعلها عُرضة لخطر فقدان التمويل وعدم تلقي أي دعم مادي يُمكنها من تقديم الرعاية الطبية. بدلاً من قبول هذه الأحكام وإيجاد طرق لإنهاء التمييز والفصل العنصري، اختارت ولايات منها ألاباما وميسيسيبي محاربة الحكومة الفيدرالية وإقامة دعاوى قضائية ضدها في المحكمة. وزعمت أن من حقها إدارة خدمات الدولة دون تدخل فيدرالي، وأنه من الضروري "طبيًّا" فصل المرضى على أسس عنصرية.كما في الأبحاث والتجارب والإحصائيات، بنى الأطباء رؤيتهم لضرورة "الفصل العنصري" في تقديم العلاج على تاريخ طويل من الأفكار العنصرية في الطب النفسي. ولم يكن الدكتور جون جالت -صاحب الادّعاء المُجحِف بأنّه ليس من المفترض أن يُعاني ذوو البشرة السوداء من مشكلات الصحة العقلية أصلًا- وحده الذي تحكمت العنصرية في رأيه الطبي. فمنذ أوائل القرن التاسع عشر، جادل بعض الأطباء النفسيين بأن الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية كانوا "أدنى" درجة من الناحية البيولوجية مقارنة بباقي البشر وأعراقهم.توضح هنا الدكتورة أوشينا ظروف العلاج الذي كان يتلقاه الأشخاص المُصابون بمشكلات الصحة النفسية من ذوي البشرة السوداء قائلة: "معظم مرافق الصحة النفسية قبل الحرب الأهلية في الجنوب عادة ما كانت تمنع المستعبَدين من العلاج".بدا من الواضح أن خبراء الصحة النفسية كانوا يعتقدون أن إيواء السود والبيض في نفس المرافق من شأنه أن يؤثر سلبًا في شفاء البيض. كانت ظروف السكن في المصحات الجنوبية بالنسبة للقلة التي قبلت علاج المستعبَدين سيئة للغاية مقارنةً بالمرضى البيض. وغالبًا ما كان يتم إيواء السود في الهواء الطلق بالقرب من هذه المؤسسات أو في السجون المحلية. وكانت هناك روايات عن إيواء بعض الأطفال السود في ساحات المصحات".
*("اعتذار")
أخيرًا، وبعد كل هذا التاريخ الطويل من الظلم والقهر، في مؤسّسات الرعاية النفسية والطب النفسي، لذوي البشرة السوداء، اعترفت الجمعية الأميركية للطب النفسي عام 2021، بكل ما سبق واعتذرت عنه. ففي يناير/كانون الثاني أصدرت الجمعية التي تأسست قبل 176 عامًا، أول اعتذار على الإطلاق عن ماضيها العنصري. واعترفت بما أسمته الأفعال الماضية "المروعة" من جانب المهنة، وألزمت مجلس إدارتها بتحديد وفهم وتصحيح المظالم الماضية لذوي البشرة السوداء، وتعهدت باعتماد ممارسات جديدة مناهضة للعنصرية تهدف إلى إنهاء هذا التاريخ الطويل من التمييز.لكن، بعض النقاد رأوا أن خطوة الاعتذار هذه لم تكن كافية، وشككوا في حدوث أي خطوة إيجابية فعلية، مشيرين إلى أن الجمعية الطبية الأميركية أصدرت اعتذارًا مماثلًا عام 2008 عن تاريخها "العنصري" الممتد لأكثر من 100 عام في تعزيز أو قبول عدم المساواة العرقية سلبيًّا، واستبعاد الأطباء الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية، دون تقديم أي شيء فعلي أو واقعي بعد هذا الاعتذار.وأوضح النقاد الذين يعملون داخل وخارج جمعية الطب النفسي الأميركية، أن الجمعية بحاجة إلى التغلب على عقبات كبيرة لإصلاح مشكلاتها ومعالجة قضاياها المتعلقة بالمساواة العرقية بشكل فعلي وواقعي، وأضافوا أنه من هذه العقبات تحيزات الجمعية التشخيصية، والنقص المستمر في الأطباء النفسيين ذوي البشرة السوداء، والهيكل المادي الذي يميل إلى استبعاد الأشخاص الذين لا يستطيعون الدفع من جيوبهم مقابل الحصول على الخدمات. وهو أمر رُبما يجعل أزمة العنصرية في الطب النفسي أكثر تجذرًا وعمقًا من أن يكون حلها مُجرد "اعتذار" و "وعد" بالإصلاح.يؤكد هذا ما حدث في صيف عام 2020، إذ غادرت الدكتورة روث شيم، مديرة الطب النفسي الثقافي وأستاذة الطب النفسي السريري بجامعة كاليفورنيا في ديفيس، جمعية الطب النفسي الأميركية، موضحة سبب مغادرتها بلهجة تعبّر عن استيائها وإحباطها وبتصريحها الهامّ بأنّ "العنصرية المؤسساتية تمثل أزمة وجودية في الطب النفسي".
٢-الشرق الأوسط…ما دور المتعاونين في العمليات الإسرائيلية داخل غزة؟
تجنيد فلسطينيين عاديين وناشطين في الفصائل وأشخاص في بيئة المستهدفين بالاغتيالات
أعادت محاولة اغتيال محمد الضيف، القائد العام لـ«كتائب القسّام» في قطاع غزة، بعد أكثر من 3 عقود من المطاردة المعقدة، وهي محاولة لم تُحسم نتائجها بعد... تسليط الضوء على مسلسل طويل من الاغتيالات التي نفّذتها إسرائيل خارج الأراضي الفلسطينية وداخلها، وطالت حتى الآن قائمة طويلة من القادة الفلسطينيين من كل الفصائل، بالإضافة إلى شخصيات من جنسيات مختلفة.ولعقود طويلة عندما كانت قواعد الثورة الفلسطينية في الخارج تمكّن جهاز «الموساد»، الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية، من اغتيال العديد من القادة الفلسطينيين في عواصم مختلفة. ومنذ قيام السلطة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية، في بداية التسعينات، نجح جهاز «الشاباك»، المكلف الحفاظ على الأمن الداخلي في إسرائيل، في اغتيال قائمة أخرى طويلة من القادة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، في حرب بدت اليد العليا فيها لإسرائيل.ونجاح إسرائيل في الوصول إلى قادة «حماس» و«القسّام» في قطاع غزة، بعد 9 أشهر من الحرب الحالية، لا يزال محل نقاش. فهناك من يرى أن عدم الوصول إلى شخصيات وازنة من «حماس» بعد 9 أشهر من الحرب، يشير إلى إخفاقات، إذ لم يتأكد حتى الآن أن إسرائيل نجحت فعلاً في اغتيال الضيف، كما أنها لم تصل إلى قائد «حماس» في غزة يحيى السنوار ولا إلى شقيقه محمد. لكنَّ آخرين يرون أن اغتيال الضيف، إذا ما صحّ، ونائبه مروان عيسى، وقادة ألوية في «القسّام»، يُمكن أن يُعد إنجازاً كبيراً لإسرائيل.وقبل أيام، نفّذت الدولة العبرية هجوماً ضخماً استهدف قتل الضيف الذي ظل شبحاً تطارده منذ أكثر من 30 عاماً، في عملية معقدة تدفقت خلالها معلومات يصفها الإسرائيليون بأنها «ذهبية» نظراً إلى قيمتها الكبيرة، حول مكان وجوده قرب خان يونس بجنوب قطاع غزة. وهي قتلت قبل ذلك نائبه مروان عيسى، كما قتلت قائد لواء خان يونس في «القسّام» رافع سلامة (في الضربة ذاتها التي استهدفت الضيف)، وأيمن نوفل، قائد لواء الوسطى، وأحمد الغندور قائد لواء الشمال، إلى جانب قائد الوحدة الصاروخية أيمن صيام، وعضوي المكتب السياسي لـ «حماس» في غزة زكريا أبو معمر وجواد أبو شمالة، وآخرين.ومما لا شك فيه إن إسرائيل نجحت في الوصول إلى أماكن كثيرين من القادة البارزين والميدانيين، بعضهم قُتل فعلاً وبعضهم نجا أو أُصيب.
*(فكيف تصل إسرائيل إلى قادة الفصائل في غزة؟)
تتنوع مصادر أجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية في الوصول إلى قيادات «حماس» والفصائل الأخرى. أحد هذه المصادر هو العامل البشري الذي يساعد بشكل كبير في تشخيص الأهداف وتتبعها، ويعين على تحديد الأماكن ووقت تنفيذ الهجمات. وتستخدم إسرائيل عملاء لها على الأرض منذ عقود، وقد بنت «جيشاً منهم»، حسب بعض المصادر التي تقول إن هؤلاء قدَّموا للإسرائيليين «خدمات كبيرة ساعدت في تعقّب مطلوبين وتسهيل عمليات اغتيالهم».وكشفت تحقيقات مستفيضة أجرتها السلطة وفصائل فلسطينية، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة في السنوات الماضية، عن أن كل عملية اغتيال في الضفة أو غزة شارك فيها بصورة أو بأخرى عملاء فلسطينيون، حتى إن بعضهم شارك في تنفيذ هذه الاغتيالات.وقالت مصادر ميدانية في قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط» إن العامل البشري يعد أحد أهم العوامل في عملية التجسس لأي جهاز استخباراتي، مؤكدةً أن المقاومة والأجهزة الأمنية الحكومية في غزة ضبطت على مدار سنوات مئات المرتبطين بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية وكان هؤلاء يقدمون معلومات متفاوتة القيمة للجهات التي تشغلهم. وتابعت المصادر أن إسرائيل نجحت أحياناً في تجنيد أشخاص حتى داخل التنظيمات الفلسطينية، وفي بيئة الشخص المستهدف، تنظيمياً وعائلياً، أو من خلال علاقاته الاجتماعية (مثل الأقارب والجيران).وكشفت المصادر عن أن قيادات من الصفين الثاني والثالث ونشطاء في الفصائل كُشفت علاقتهم بإسرائيل بعدما ساهموا في تحديد مواقع قيادات ومواقع تصنيع أسلحة وصواريخ وحتى أنفاق.وحسب تفاصيل اطّلعت عليها «الشرق الأوسط» فإن (أ.ش)، وهو فلسطيني من مدينة غزة وأُعدم عام 2021، كان ناشطاً بارزاً في أحد الأجنحة العسكرية لفصيل صغير مقرب من «حماس»، وكانت له علاقات واسعة جداً مع قيادات بارزة ووازنة داخل الأجنحة العسكرية الأخرى للفصائل وليس فقط داخل الفصيل الذي كان ينشط فيه، واعترف بأنه قدّم معلومات خطيرة أوصلت إلى أماكن تصنيع أسلحة وصواريخ وكذلك الوصول إلى شخصيات تعمل في هذا المجال. وليس واضحاً هل قدّم اعترافاته المزعومة تحت الضغط.أما (ص.د) وهو أيضاً من سكان مدينة غزة وينشط في مجال تصنيع الصواريخ، فقد اكتُشف وهو يحمل في مفتاح مركبته الخاصة كاميرا صغيرة جداً قام من خلالها بتوثيق مكان مهم يُستخدم في عمليات التصنيع وتعرض لاحقاً للقصف، حسبما قالت المصادر ذاتها.ونجحت المخابرات الإسرائيلية في إحدى المرات في تجنيد ناشط عسكري، وأوصلت له حذاءً رياضياً تبيّن لاحقاً أنه يحوي شرائح إلكترونية تجسسية ساعدت في مسح الأنفاق التي كان يدخلها في مناطق مختلفة من شمال القطاع، وجرى اعتقاله، لكنه نجح في الفرار إلى خارج القطاع. وساعد آخر يعمل في مجال حفر الأنفاق، إسرائيل على تحديد أماكن هذه الأنفاق، وأظهرت التحقيقات أنه ارتبط بمشغليه عن طريق الإنترنت.وفي قصة مثيرة، أكدت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» اعتقال فتاة عام 2015 تبيّن أنها ساعدت جزئياً في محاولة اغتيال قائد «القسّام» محمد الضيف، داخل مبنى في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة. وأدت المحاولة حينها إلى مقتل زوجته واثنين من أطفاله، لكنه نجا. وأوضحت المصادر أن ضباط المخابرات أوصلوا إلى الفتاة معلومات تقريبية حول شكل الضيف المفترض، وطلبوا منها بعد أن جنّدوها سابقاً، التوجه إلى الشقة السكنية التي توجد بها زوجة الضيف ومعرفة ما إذا كان بداخل الشقة أي رجل، قبل أن تعطي إشارة لهم بسماعها صوت شخص داخل الشقة غير الزوجة والأطفال، وبعدها قصفت إسرائيل المكان.وقبلها قتل ناشطون في فصيل مسؤولاً أعلى منهم اتضح أنه ساهم في اغتيال قادة في الفصيل.ولعل آخر ما كُشف عن «حرب الجواسيس والعملاء» في الحرب الحالية على القطاع، هو تورط ناشط من القائمين على حراسة الأسرى الإسرائيليين في كشف مكانهم بعد تجنيده من جهاز الشاباك. ولم تُكشف تفاصيل كل ما قام به بعد، خصوصاً أنه تمكن من الفرار خارج القطاع، حسبما تقول المصادر الأمنية ذاتها في غزة.لكنَّ معلوماته ساعدت، كما يبدو، على نجاح قوة إسرائيلية خاصة في الوصول إلى 4 أسرى إسرائيليين واستعادتهم من مخيم النصيرات (وسط غزة)، حيث كان المشتبه به، بالتعاون مع جهاز الأمن الإسرائيلي، يعرف تفاصيل عن طريقة حراسة الأسيرة نوعا أرغماني. وما زالت «حماس» تحقق في ظروف هذا الخرق الأمني.وكانت إسرائيل قد عرضت دفع أموال طائلة بداية الحرب مقابل الإبلاغ عن أماكن قادة «حماس» أو المختطفين.
*( المال ليس بالتأكيد الدافع الوحيد لبعض الفلسطينيين.)
وتعتمد إسرائيل على أساليب عدة في تجنيد العملاء لصالحها، من بينها الإسقاط الجنسي، الذي نجح في كثير من الحالات، حيث أُجبر هؤلاء على التعاون خوفاً من الفضيحة. كما تعمل إسرائيل على استغلال الوضع الاقتصادي، ودفع أموال، أو تمويل مشاريع صغيرة مقابل التعاون، إضافةً إلى استغلال ظروف اجتماعية محددة، قد تشمل حاجة البعض إلى الحصول على تصريح للعمل أو تصريح تجارة أو السفر أو حتى للعلاج.وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن تحقيقات سابقة كشفت عن تجنيد ما لا يقل عن 30 من المسافرين عبر معبر «إيرز» إلى الضفة أو إسرائيل، وقد طُلب منهم جمع معلومات عن «حماس» مقابل إصدار التصاريح.ولا تعتمد إسرائيل على العامل البشري فحسب، بل تستخدم أيضاً الذكاء الاصطناعي، وأدوات تكنولوجية مختلفة.وتعمل طائرات تجسسية في سماء قطاع غزة من دون توقف، وهي طائرات متصلة بالذكاء الاصطناعي ويمكن من خلالها التعرّف على وجوه وأصوات قيادات على مدى كيلومتر واحد في مربع جغرافي ما، كما تقول مصادر أمنية فلسطينية في غزة. وهذا ما حصل، كما يبدو، مع القيادي في «الجهاد الإسلامي» إياد الحسني الذي اغتيل في مايو (أيار) 2023 الماضي، حينما كان يتحدث عبر خط يوصف بأنه «آمن»، ليتبين من خلال تحقيقات معمقة جرت لاحقاً أن إسرائيل نجحت في تحديد بصمة الصوت، وقتلته فوراً.وأكدت إسرائيل أنها تستخدم فعلاً الذكاء الاصطناعي في حربها ضد غزة، وهي مسألة أثارت الكثير من الجدل.ومعروف أن الإسرائيليين يتتبعون أجهزة الاتصال الخليوي وكذلك اللاسلكي في غزة، وقصفوا العديد من النشطاء خلال استخدام هذه الأجهزة، مما دفع «حماس» في السنوات الأخيرة إلى إنشاء شبكة اتصال أرضية خاصة بها.وأدخلت إسرائيل التكنولوجيا في مسألة تحديد وتحييد الأنفاق كذلك.والاعتماد على المتعاونين مستمر في الحرب الحالية رغم العديد من الحملات التي أطلقتها «حماس» في السابق ضدهم، وقادت إلى إعدام بعضهم و«توبة» بعضهم.واعترفت مصادر في «حماس» بوجود خروقات دائماً.وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لا يُعد ذلك إنجازاً لإسرائيل. نعمل وفق قاعدة أن ذلك (الاختراق) ممكن في كل لحظة، ونتخذ تدابير. نتبع نهجاً أمنياً معقداً، ولا يوجد مكان واحد فوق الأرض أو تحتها يمكث فيه أي شخص (قيادي) لفترة طويلة. الخروفات الأمنية واردة، وليس فقط داخل الفصائل الفلسطينية وخارجها. نحن نتحدث عن منظومة أمنية استخباراتية تمتلك الكثير من القدرات. في النهاية كل قيادي ومقاوم عندما ينخرط في مشروع المقاومة يعرف المصير الممكن أو يواجهه في النهاية. ولا تتوقف مسيرة تنظيم على شخص هنا أو هناك. المقاومة تعلّمت الدروس ولديها هرم تنظيمي متدرج يستطيع قيادة العمل وفق أصول محددة».
٣-سكاي نيوز…
يهم الملايين.. "معركة المتصفح" تشتعل بين غوغل وأبل
تسعى شركة غوغل لتحويل المزيد من مستخدمي جهاز آيفون للاعتماد على غوغل كروم كمحرك للبحث، وهو ما تكافح أبل لمنعه عبر الترويج لمتصفح سفاري، لتشتعل معركة بين الطرفين في هذا المجال.ويستخدم أكثر من مليار و400 مليون شخص حول العالم أجهزة آيفون المحمولة، ووفقا لمجلة "فوربيس" فإن هناك اتفاقا بين الشركتين العملاقتين للسماح لمستخدمي أبل باستعمال متصفح غوغل كروم مقابل ترتيب مالي، لكن هذا الأمر قد يواجه مصاعب بسبب التحقيقات في ما يتعلق بالاحتكار بالولايات المتحدة وأوروبا. وتجري وزارة العدل الأميركية تحقيقات حول مزاعم بسيطرة ألفا بت الشركة الأم لغوغل على عمليات البحث على شبكة الإنترنت والإعلانات المرتبطة بها بشكل غير قانوني.وكانت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي قد أيدت في 2021 قرارا للمفوضية الأوروبية يعود لعام 2017 بتغريم شركة غوغل 2.4 مليار يورو (قرابة 2.8 مليار دولار) بسبب خروجها على قواعد المنافسة العادلة وإساءة استغلال هيمنتها على السوق من خلال الترويج لخدمة التسوق الخاصة بها. ويستخدم 30 بالمئة من حاملي جهاز آيفون متصفح غوغل ويسعى محرك البحث العملاق لزيادة هذه النسبة إلى 50 بالمئة ما يجلب 300 مليون شخص كانوا يستخدمون متصفح سفاري، وهو ما تحاول أبل لوضع حد له لا سيما مع دخول الذكاء الاصطناعي كسلاح في هذا الصراع.شركة أبل نشرت إعلانات لها لا تذكر كروم بالتحديد لكنها تركز على قدرة متصفح سفاري على حماية الخصوصية، وهي نقطة ضعف لدى غوغل كروم، حيث يلتقط غوغل بيانات الأجهزة من مستخدمي كروم عبر إعداد مخفي لا يمكن تعطيله. وزادت أبل من حملتها من خلال استخدام إعلان يطبق فيلم "الطيور" للمخرج العالمي هيتشكوك على خصوصية الهواتف الذكية، فالفيلم الذي صدر في الستينات كان يطرح أفكارا مخيفة عن وجود تهديد لا نراه حقا، وهو ما يلمح لالتقاط غوغل بيانات المستخدمين دون معرفتهم.هدف أبل من الإعلان ليس جذب مستخدمي أجهزة أندرويد أو مستعملي متصفح غوغل الحاليين بحسب مجلة فوربيس، وإنما الحفاظ على ما لديها من مستخدمي متصفح سفاري ومستعملي جهاز آيفون داخل حديقة أبل.
٤-شفق نيوز…………
فتيات كينيات يواجهن محن الاحتجاز في العراق
كشف موقع "مواكيلشي" الكيني، عن حجم المعاناة التي تواجهها الشابات الكينيات في العراق، حيث يعتقد أن عدداً منهن محتجزين في سجون البصرة جنوبي البلاد.وعلى سبيل المثال، تناول التقرير قضية الشابة الكينية كاثرين وامبوي التي سافرت من كينيا الى العراق في العام 2020، وهي تحلم بتحقيق حياة أفضل، إلا أن وضعها تطور ليتحول الى محنة فظيعة، وهو ما كشف عن نقاط الضعف التي يواجهها العمال الكينيون المهاجرون إلى الخارج.وأوضح التقرير أن وامبوي، الشابة الكينية، بعد حصولها على عقد لمدة عامين كمدبرة منزل، غادرت وطنها على أمل تحسين ظروف حياتها، لكن عقد عملها كان بمثابة بداية تجربة فظيعة، واختبار لمدى قوتها، بالاضافة إلى أنها تسلط الضوء على وضع المهاجرين الكينيين في الخارج".
وتابع التقرير الكيني، أن وامبوي، عندما أعربت عن رغبتها في العودة الى كينيا في نهاية عقدها، واجهت رفضا غير متوقع من صاحب العمل، مضيفاً أن صاحب العمل، وبرغم معاناتها النفسية والعاطفية، ضغط عليها من اجل تمديد إقامتها.وأشار إلى أن صاحب العمل ورداً على رفض وامبوي البقاء في العراق، لم يكتف بحجز تذكرة العودة إلى وطنها، بل صادرأيضا جواز سفرها، مما جعلها محاصرة فعلياً في العراق".وأضاف التقرير، أن الوضع اتخذ منعطفا خطيراً عندما سلمتها إدارة الهجرة إلى السلطات العراقية، عوضاً عن تسهيل إعادتها إلى بلدها كينيا".ولفت التقرير الكيني، إلى أن "اعتقال وامبوي في سجن شديد الحراسة تسبب في تعريضها الى ظروف مزرية تمثل انتهاكا لحقوق الانسان"، مشيراً إلى أن الزنزانات المكتظة، تجبر المعتقلين على النوم في وضعية الجلوس، في حين يؤدي عدم كفاية المرافق ونقص الإمدادات الأساسية إلى التدهور في معاناتهم.لكن التقرير نوه إلى أن سلطات السجن بدأت في اطلاق سراح بعض المعتقلين خلال شهر رمضان العام 2023، ونالت وامبوي على حريتها بفضل المساعدة المالية من والديها في كينيا الذين حولوا لها أموالا لشراء تذكرة الطائرة لها.وتابع التقرير: "العديد من الكينيين الآخرين ظلوا محتجزين بشكل ظالم في سجن البصرة، على الرغم من عدم ارتكابهم أي جرم في العراق"، لافتاً إلى أن مجتمعات المهاجرين الكينيين أكدوا على الحاجة الملحة لتأمين حماية اكبر لحقوق العمال المهاجرين وتعزيز الجهود الدبلوماسية لحماية المواطنين الكينيين في الخارج".وخلص التقرير الكيني، للإشارة إلى وجود 150 مواطناً كينياً في العراق، وفقا لرئيس مجلس الوزراء الكيني موساليا مودافادي، غير أن هذا الرقم لا يشمل عدد الكينيين المتواجدين في السجون العراقية.
٥-سي ان ان ..
الكشف عن مفهوم طائرة كهربائية بالكامل قادرة على تقليل الانبعاثات بنسبة 90%….تكافح صناعة الطيران التجاري للحد من تأثيرها المناخي، وهي حاليًا بعيدة عن المسار الصحيح لتحقيق هدفها المتمثّل في خفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050. كما أن وقود الطيران المستدام لا يتم إنتاجه بالسرعة الكافية، ويبدو أن هناك بدائل قليلة في الأفق للمحركات النفاثة والمحركات التوربينية المتعطّشة للوقود.ومع ذلك، فإن شركة "Elysian" الهولندية الناشئة تتحدى هذا الافتراض من خلال خططها لصنع طائرة إقليمية كهربائية بالكامل، يصل مداها إلى 805 كيلومتر وتتسع لـ 90 راكبًا، وقادرة على تقليل الانبعاثات بنسبة 90%، وتطمح إلى الطيران بشكل تجاري في غضون عقد من الزمن.وقال رينارد دي فريس، وهو مدير التصميم والهندسة لدى شركة "Elysian" إن "العديد من الخبراء يقولون إننا بحاجة إلى تكنولوجيا بطاريات تتجاوز [أي شيء سيكون متاحًا حتى] عام 2050 للحصول على نطاق معقول، وقدرة حمولة صافية".وأضاف: "لكن السؤال الذي طرحناه على أنفسنا هو كيف يمكن الحصول على أقصى مدى لتكنولوجيا البطاريات المتوفرة لدينا بالفعل؟ يمكن الطيران لمسافة أبعد بكثير بالطائرات الكهربائية التي تعمل بالبطارية مما تدعي غالبية الدراسات، فقط إذا قمت بالاختيارات الصحيحة".
*(تصميم غير تقليدي)
طائرة كهربائيةصورة توضيحية لطائرة Elysian الإقليمية الكهربائية.Credit: Elysian
حاليا، تُوجد الطائرة التي تُسمى E9X فقط على الورق، وتخطط "Elysian" لبناء نموذج مصغر في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام، ونموذج أولي واسع النطاق بحلول عام 2030.ومع ذلك، فإن ميزات تصميمها الرئيسي معروفة بالفعل، وهي مثيرة للدهشة إلى حد ما.وأشار دي فريس إلى أنه "لا ينبغي الافتراض أن الطائرة الكهربائية ستبدو مثل الطائرات (الأكثر نجاحًا) اليوم"، مضيفًا أن هناك مفهومًا خاطئًا شائعًا يتمثل في أن الطائرات الكهربائية يجب أن تكون في الأساس نسخًا تعمل بالكهرباء من أخف المحركات المروحة التوربينية.وأوضح أن ذلك من شأنه أن يجعل النطاق محدودًا للغاية، لافتًا إلى أنه "ما عليك فعله حقًا يتمثل بتصميمها من الصفر".وستحتوي طائرة E9X على 8 محركات مروحية ويبلغ طول جناحيها حوالي 42 مترًا، أكبر من طائرة بوينغ 737 أو إيرباص A320، رغم أن النموذجين يمكنهما حمل أكثر من ضعف الركاب، إضافة إلى جسم الطائرة الأكثر نحافة، والذي قال دي فريس إنه يحسن الخصائص الهيكلية والديناميكية الهوائية.ويُعد هذا التصميم نتيجة التعاون مع جامعة دلفت للتكنولوجيا، وهي أقدم وأكبر جامعة تقنية في هولندا، وقد شرحت مبادئ التصميم في ورقة علمية بعنوان "منظور جديد حول الطيران بالبطارية الكهربائية"، وكان من بين مؤلفيها دي فريس وروب ووليسوينكل، وهو المؤسس المشارك لشركة "Elysian".ويتمثل أحد المبادئ الأساسية في وضع البطاريات داخل الأجنحة بدلاً من جسم الطائرة، حيث أشار دي فريس إلى أن "هذا اختيار تصميمي بالغ الأهمية"، مضيفًا أن "البطاريات تمثل جزءًا كبيرًا من وزن الطائرة، وما تريد فعله بالوزن هو وضعه في المكان الذي يتم فيه توليد حركة الصعود".وستكون تكنولوجيا البطاريات مشابهة لما هو متاح اليوم، بالإضافة إلى أي تطورات سيتم إحرازها خلال السنوات الأربع أو الخمس المقبلة.
*(جاهزة في 45 دقيقة)
ومن بين عناصر التصميم المعروفة الأخرى وضع عدّة الهبوط في الأجنحة بدلاً من جسم الطائرة، وأطراف الأجنحة التي يمكن طيها لتوفير المساحة، و"نظام الطاقة الاحتياطية" القائم على توربينات الغاز الذي يمكنه توفير الطاقة في حالات الطوارئ.ويتوقع دي فريس أن يكون التأثير المناخي للطائرة أقل بنسبة تتراوح بين 75 و90% مقارنة بالطائرات النفاثة ضيقة البدن المتاحة اليوم، حتى عند الأخذ في الاعتبار إنتاج البطاريات والكهرباء المستخدمة لإعادة شحنها.وسيجري تصميم الطراز E9X ليناسب البنية التحتية الحالية للمطارات، من دون الحاجة إلى أي تعديل أو ترقية.ومع ذلك، قد يمثل الوقت المستغرق تحديًا بسبب الحاجة إلى شحن البطاريات، الأمر الذي يستغرق وقتًا أطول من ملء الخزان بالوقود.وقال دي فريس: "هدفنا الآن هو جعل الحد الأقصى لوقت الشحن 45 دقيقة، وهو ما يعني فترة زمنية أطول قليلاً مما اعتادت عليه بعض شركات الطيران، وخاصة شركات الطيران منخفضة التكلفة.. ولكن في المتوسط، ستكون المدة حوالي نصف ساعة".وأضاف أن هناك مناقشات جارية مع شركات الطيران حول العالم، ومن المرجح أن تجذب الطائرة اهتمام شركات الطيران الإقليمية.ويمكن أن يفيد ذلك أيضًا المطارات العسكرية الثانوية التي تعاني حاليًا من نقص الخدمات بسبب قيود الضوضاء أو الانبعاثات، أو لأنه ليس من الاقتصادي أن تخدمها شركات الطيران.أخيرًا، من وجهة نظر الركاب، يُعتقد أن طراز E9X سيوفر تجربة طيران أكثر هدوءًا ومتعة، ويهدف إلى حل إحدى المشكلات الأكثر إلحاحًا في السفر اليوم، أي ندرة مساحة الأمتعة في المقصورة.
مع تحيات مجلة الكاردينيا
686 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع