كم ستستثمرون؟
العرب/بغداد - عزز العراق خطواته نحو تنمية صناعة النفط من خلال الاستعانة بعملاق الطاقة البريطاني بترش بتروليوم (بي.بي) لتطوير مجموعة من الحقول في كردستان، التي تعود إلى الإقليم، بعد انسحابها قبل أكثر من أربع سنوات.
وذكر مكتب رئيس الوزراء في بيان الخميس أن “العراق وقع مذكرة تفاهم مع مجموعة بي.بي البريطانية لإعادة تأهيل وتطوير أربعة حقول تديرها شركة نفط الشمال في كركوك”.
ووقع عن الجانب العراقي نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط حيَان عبدالغني، ومن جانب بي.بي الرئيس التنفيذي موراي أوشينكلوس.
وجاء في البيان “رعى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مراسم توقيع مذكرة تفاهم بترولية شاملة بين وزارة النفط وشركة النفط البريطانية (بي.بي) لتطوير حقول كركوك لإنتاج النفط والغاز”.
وتتضمن المذكرة إعادة تأهيل وتطوير حقول كركوك بقبتيه (بابا وأفانا) وباي حسن وجمبور وخباز، مع إمكانية الاتفاق على حقول أو رقع استكشافية أخرى، بحسب البيان الذي أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
ولم يتم الكشف عن الاستثمارات التقديرية للمشاريع الجديدة، التي قد تتضمن تطوير محطات للطاقة الشمسية في الإقليم، أو موعد الشروع فيها.
وتعد بي.بي واحدة من أكبر الجهات الأجنبية الناشطة في قطاع النفط في العراق، حيث يعود تاريخ إنتاج النفط إلى عشرينات القرن الماضي عندما كان البلد لا يزال تحت الانتداب البريطاني.
ووفقا للبنك الدولي، يمتلك العراق 145 مليار برميل من الاحتياطي النفطي المؤكد، وهو من بين أكبر احتياطيات النفط الخام في العالم.
لكن العراق يأمل أن يتجاوز احتياطيه النفطي 160 مليار برميل، وفق ما أعلنه عبدالغني في مايو. كما يأمل زيادة إنتاج الغاز للمساعدة في تقليل الاعتماد على الاستيراد لتلبية احتياجاته من الطاقة، وخاصة الغاز المستورد من إيران والضروري لتشغيل الكهرباء.
وكانت بي.بي قد قررت مطلع 2020 الانسحاب من حقول كركوك النفطية العملاقة بعد انتهاء عقدها للتنقيب البالغ حجمه 100 مليون دولار دون اتفاق على القيام بتوسعات جديدة.
وتزامنت الخطوة مع قيام شركات الطاقة الغربية بإعادة تقييم عملياتها في البلاد وسط اضطرابات سياسية آنذاك، في ظل الاحتجاجات المناهضة للحكومة وتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
والآن يبدو أن الوضع مختلف، ففي مسعى لتعزيز إنتاج البلاد من الخام يقول سياسيون مقربون من السوداني ومسؤولون بارزون في قطاع الطاقة إن رئيس الحكومة العراقية يرغب في استعادة ثقة المستثمرين الأجانب.
كما يريد إظهار استعداد بغداد للتعاون مع شركات النفط العالمية، بما في ذلك المشاركة شخصيا في الفعاليات الكبرى المرتبطة بهذه الصناعة.
وتُساهم صادرات النفط الكردستاني بنسبة ضئيلة من صادرات بغداد، التي تزيد عن 4 ملايين برميل يوميا ضمن اتفاق تحالف أوبك+.
وتنتج الحقول النفطية الواقعة ضمن حدود إقليم كردستان العراق حوالي 450 ألف برميل يوميا في الوضع العادي. ورغم الخلافات التي تطفو على السطح بين بغداد وأربيل، إلا أن زيادة الإنتاج قد تحقق للطرفين عوائد مجزية أكبر.
وأظهرت وثائق حكومية في عام 2022 أن إنتاج النفط في الإقليم قد ينخفض إلى النصف تقريبا بحلول عام 2027 في حال لم تكن هناك استكشافات جديدة أو استثمارات كبيرة في القطاع.
ووفقا للمعلومات الرسمية يمكن أن يرتفع إنتاج الإقليم إلى حوالي 580 ألف برميل يوميا في غضون خمس سنوات إذا جاءت الاستثمارات على الوجه الأمثل، وهو ما يعني توفر 530 ألف برميل يوميا للتصدير.
ويعتبر النفط شريان الحياة لاقتصاد كردستان العراق، حيث يساهم بأكثر من نصف إيرادات الحكومة. كما أسهمت صادرات الخام عبر تركيا، في الكثير من المرات، في تعزيز استقلال الإقليم عن بغداد، وهو ما أفرز خلافات عميقة بين الطرفين حول إدارة الحقول والإيرادات.
ووافقت إقليم كردستان على قيام شركة تسويق النفط العراقية سومو ببيع خام حقولها على أن يتم إيداع العائدات في حساب مصرفي لحكومة الإقليم لدى بنك سيتي في الإمارات، وسيكون بمقدور بغداد إجراء أعمال تدقيق عليه.
وبعد سنوات من تصديره منفردا للنفط عبر تركيا صار لزاما على الإقليم الالتزام اعتبارا من أواخر مارس 2023 بقرار هيئة تحكيم دولية أعطى لبغداد الحق في إدارة كاملة لنفط كردستان.
ويصدّر العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بعد السعودية، الجزء الأكبر من نفطه الخام عبر ميناء البصرة المطل على الخليج العربي.
وحققت الحكومة في نهاية العام الماضي إيرادات نفطية بلغت أكثر من 97.6 مليار دولار، وهو مستوى أكبر مما توقعته الحكومة بنسبة 7 في المئة.
ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد العراقي لسنة 2024 بنسبة 4.5 في المئة ليبلغ الناتج المحلي الإجمالي 297 مليار دولار مع دخل فردي يبلغ 5880 دولارا في بلد يصل تعداد سكانه إلى 43.5 مليون نسمة.
620 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع