العفو العام والأحوال الشخصية يؤججان الخلافات السياسية في العراق

ميدل ايست اونلاين/بغداد – تحتدم الخلافات السياسية في العراق بشأن قانوني "العفو العام" و"تعديل الأحوال الشخصية" مع اختلاف في وجهات النظر بين بعض الكتل السياسية والحديث عن مساومات بين أعضاء مجلس النواب لتمرير القانونين، وسط تنديد واسع من قبل الشارع والمنظمات المدنية خصوصا على بعض مواد قانون تعديل الأحوال الشخصية التي تؤثر على نسيج المجتمع العراقي، وتعتبر انتكاسة خطيرة في حقوق المرأة.

وأنهى مجلس النواب في جلسته الأحد برئاسة رئيس المجلس بالنيابة محسن المندلاوي وحضور 177 نائباً، قراءة أربعة قوانين بضمنها تعديل قانوني الأحوال الشخصية والعفو العام. بعد تأجيل القراءة الأولى بسبب الخلافات السياسية حول التعديل والاعتراض عليه، فهناك أيضا خلافات سياسية على تعديل قانون العفو العام وتخوف نيابي وشعبي من شمول الارهابيين بالعفو".

وقالت نائب رئيس رابطة المرأة سهيلة الأعسم في تصريحات لوكالة "شفق نيوز" المحلية أن "ما يحصل داخل مجلس النواب العراقي من تعديل قانون الأحوال الشخصية هو عبارة عن مساومات بين الكتل والأحزاب السياسية في البرلمان، فقسم يرغب بتمرير قانون العفو العام مقابل السماح للقسم الآخر بتعديل الأحوال الشخصية، لذلك هذه التعديلات والتشريعات الجديدة هي عن عبارة مساومات بين الكتل والأحزاب داخل قبة البرلمان".

وأفاد بيان الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، أن البرلمان أتم القراءة الأولى لمقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 بعد التصويت على إضافته الى جدول أعمال الجلسة، "والذي جاء انسجاماً مع ما أقرته المادة (2) من الدستور بأنه لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام وما أقرته المادة (41) من ضمان حرية الأفراد في الالتزام بأحوالهم الشخصية وحسب مذاهبهم، أو اختيارهم تطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل، وبالشكل الذي يحافظ على وحدة الجهاز القضائي لتطبيق أحكام القانون والأحكام الشرعية للأحوال الشخصية".

لكن الأعسم تؤكد أن "البرلمان العراقي ومنذ أسبوع يتحرك على تعديل قانون الأحوال الشخصية الرصين المدني الذي شرع عام 1959 على يد فقهاء من مختلف القوميات والديانات وكذلك من الأكاديميين والقانونيين، لكن رغم ذلك يعمل أعضاء في البرلمان على تعديل هذا القانون بطريقة مجحفة للمرأة العراقية وبما يتعارض مع مواد دستورية منها المادتين 14 و41".

من جهتها أكدت النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني سوزان منصور ما صرحت به الأعسم، وكشفت عن جود كلام "قيل علناً داخل مجلس النواب، بعدم تمرير قانون العفو العام إلا بتضمين تعديل قانون الأحوال الشخصية في جدول أعمال جلسة البرلمان، رغم أن القانونين مختلفان عن بعضهما، لكن يتم ربطهما بالكتل السياسية والمذاهب".

وأضافت أن "فرض الإرادات هذا معيب، وسيتم الطعن عند المحكمة الاتحادية بقانونية الجلسة لإعادة النظر فيها وبنصابها القانوني، حيث هناك كلام لأكثر من نائب عن حدوث تزوير في التواقيع، لكن لا نعلم صحة ذلك".

وينص التعديل على قانون الأحوال الشخصية في إحدى فقراته على إنه يحق للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في جميع مسائل الأحوال الشخصية، ويجوز لمن لم يسبق له اختيار تطبيق أحكام مذهب معين عند إبرام عقد الزواج، تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة لتطبيق أحكام الشرع على الأحوال الشخصية، وفق المذهب الذي يختاره ويجب على المحكمة الاستجابة لطلبهم.

كما ينص أيضاً على أنه تعتمد مدونة الأحكام الشرعية في تنظيم أحكام مسائل الأحوال الشخصية للفقه الشيعي الجعفري، ومدونة أخرى تنظم أحكام مسائل الأحوال الشخصية طبقا للفقه السني، حيث تعد في وضعها على آراء المشهور عند فقهاء كل مذهب في العراق.

وتقول ناشطات ومعارضون للقانون بأن التعديل يعني سن الزواج في تسع سنوات (زواج الأطفال) وحرمان النساء من الإرث في العقارات، والنفقة بشرط الاستمتاع، إذ أن الزوجة التي لا تمكن الزوج من الاستمتاع بها لا نفقة لها وتوضح الناشطة انتصار صالح "هذا القانون هو رصاصة الرحمة في جسد المجتمع العراقي"، وأضافت أن "التعديل سيقسم العراق أكثر، وسيولد انفلاتاً كبيراً في القانون وستتحول قضايا الأحوال الشخصية إلى خارج المحاكم الرسمية".

ويرى الكثيرون أن هذه التعديلات تكرس الطائفية والمذهبية وتساهم في ترسيخ الانقسام داخل المجتمع، فيما يدافع بعض النواب عنها، ويرى عضو ائتلاف دولة القانون عمران الكركوشي، أن "قانون الأحوال الشخصية حق قانوني وقضية تتعلق بصيانة الأحوال الشخصية للمجتمع العراقي واحتراماً للمرجعيات الدينية والأخلاقية والفكرية، وواجب على القوى السياسية كلها سواء الكردية أو السنية أو الشيعية وكل القوميات الأخرى الالتزام بالضوابط التي تقدر حاجات المجتمع العراقي وخلفياته الدينية والعقائدية".

وتابع "ويفترض أن هذا القانون لا يخضع لأي محاولة ابتزاز أو مساومات في البرلمان، وما أُثير ويُثار حول هذا القانون يتعلق بالدعايات المضادة وربما مساومات غير أخلاقية ومحاولات لتشويه هذه القوانين، وهذا الأمر له مردود سلبي على سمعة البرلمان وأعضاؤه ويؤدي إلى المزيد من تآكل ثقة الرأي العام العراقي بالبرلمان".

ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيراً غامضاً على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، إلا أن مراقبين أشاروا إلى وجود إرادة سياسية وخاصة من قبل الإطار التنسيقي لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة.

ويعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة الذي ضم الإطار التنسيقي الشيعي والكتل الكردية والسنية والذي تمخض عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني.

وأّوضح الكركوشي، أن "قانون العفو العام عليه خلافات كثيرة، صحيح هناك ملفات لبعض المعتقلين يجب إعادة النظر فيها، لكن هناك محاولات لخلط الأوراق في هذا القانون، ومحاولة تمرير ملفات قد تبرئ ملفات العديد من الإرهابيين والمجرمين الذين لم تثبت دلائل إدانتهم بشكل قاطع".

وأضاف "لذلك يجب على البرلمان عدم السماح بتمرير قانون يفتح الباب للإرهابيين للخروج من السجون، وأن هذه المحاولات وراءها ضغوط خارجية وإقليمية، لذلك هناك إرادة داخل البرلمان على عدم تمرير قانون العفو العام إذا تضمن نافذة لخروج الإرهابيين".

ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، اصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

570 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع