المطعم البريطاني في كركوك .. قرن من الذكريات الراسخة في الأذهان بـ"المايوه" والكباب العراقي

شفق نيوز/ ما تمتلكه مدينة كركوك من معالم تاريخية موغلة بعمق حضارة وادي الرافدين تجعل المحافظة واحدة من أهم المواقع التي سجلت احداثاً تاريخيةً كثيرةً، ومرّ عليها شخوص، ووثقت فيها لحظات جميلة أو غيرها.

وقضاء الدبس جزء من محافظة كركوك والذي يقع شمال غرب المحافظة، وفيه منشآت نفطية، حيث المعلومات التاريخية وأهالي المنطقة، تشير دائماً إلى الشركة البريطانية للنفط التابعة للمملكة المتحدة، والتي كانت واحدة من منشآت المنطقة المهمة.

اللمسات الأولى

العاملون في شركة نفط الشمال من الرعيل الأول، رحل غالبيتهم ولم يتبقَ منهم إلّا القليل الذي يتذكر كيف بدأ العمل في شركة نفط الشمال، وكيف أسس البريطانيون ومعهم العراقيون أكبر شركة نفط في الشرق الاوسط.

ويقول احد العاملين القدماء في شركة نفط الشمال ويدعى عواد خلف (87 عاماً)، لوكالة شفق نيوز، إن "البريطانيين هم أول من وضع أسس شركة نفط الشمال مع العراقيين في قرابة العام 1921، وقبلها بسنوات باشروا بحفر الآبار النفطية المتمثلة في حقل كركوك النفطي وبابا كركر وحقول هافانا وجمبور وغيرها من الحقول النفطية، وكان البريطانيون من العاملين في هذه المشاريع ومع امتداد الخطوط كانوا ينشئون مباني كمقرات للشركة و للعاملين فيها للعمل او الاستراحة".

ويؤكد أن "شواخص هذه الابنية لا زالت قائمة ليومنا هذا منها داخل شركة نفط الشمال او باقي المواقع الاخرى التي اقيمت عليها وخاصة قضاء الدبس (65 كم شمال غربي كركوك)، حيث أُنشئت فيها مبانٍ قديمة كونها جزءاً من أعمال الشركات النفطية حيث بنيت كجزء من موقع غابات الدبس ولقربها من مشروع النهر الرئيسي، وتم بناء المطعم البريطاني في قضاء الدبس ويعتبر جزءاً متمماً من تاريخ البريطانيين في قضاء الدبس ويتميز بتقديمه للطعام للعاملين في الشركة، وكان المسؤولون الأجانب يجلسون فيه لتناول الطعام الذي يُجَهز فيه للعاملين في الشركة بقضاء الدبس".

ملابس البحر في "الدبس"

ويروي أحد سكان قضاء الدبس ويدعى عبد الجبار الاسحاقين لوكالة شفق نيوز، قائلاً إن "المطعم البريطاني الواقع في النمرة الثامنة قرب مجمع الغابات، كان واحداً من أهم المواقع التي يتجمع فيها الأجانب من جنسيات مختلفة، وبقي حتى سنوات الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم، حيث كنا اطفالاً صغاراً نشاهد العوائل الاجنبية والنساء يتجمعن فيه، حيث في أوقات الاستراحة كانت النساء البريطانيات والالمانيات وغيرهن يجلسن بالملابس الخاصة بالبحر (المايوه) على شاطئ النهر لقضاء الأوقات مع عوائلهن، وبعدها يتوجهون الى المطعم لتناول الطعام، وهذا كان عرفاً سائداً لدى عوائل العاملين في الشركات الأجنبية".

وتابع أن "هذه الذكريات لا تزال عالقة في ذهن الأشخاص الذين في سن متقدم الآن، وكانوا صغارا في الخمسينيات والستينيات من السنوات الماضية، وهذه الآثار المتبقية شاهد ودليل على أن هناك بريطانيين وألمان ومن جنسيات أخرى لأن الشركات النفطية والعاملين فيها كانوا من جنسيات عديدة".

عشق المشاوي العراقي

ويقول أحد العاملين القدامى في شركة نفط الشمال ويدعى احمد العبيدي، لوكالة شفق نيوز، إن "العاملين القدامى، وأنا منهم، نستخدم مفردات إنجليزية بحتة منها كلمة (الفورمان) والتي كانت تطلق على رئيس ومسؤول العاملين على مجموعة معينة، وهو الذي يتحكم بالعمل وتقسيماته".

ولفت إلى أن "المطعم البريطاني كان يقدم اجمل والذ الاطباق للعاملين في موقع قضاء الدبس، ويعشق العمال البريطانيون الأكل العراقي وخاصة المشاوي والمعروفة (بالكباب والتكة)، وغيرها من الأطعمة والمتعارف عن الانجليز انهم أين ما يعملون يكون المطبخ معهم لإعداد الطعام للعاملين".

ويشير إلى أن "نظام المطعم موجود لغاية اليوم في شركة نفط الشمال وباقي المواقع التي تتبع الشركة، وفي السابق كان العاملون يحصلون على وجبة طعام على حساب الشركة وهو نظام انجليزي بمنح وجبات طعام للعاملين، والآثار التي تتبع الانجليز في كركوك كثيرة ولا زالت شاخصة لغاية اليوم".

ويتابع أن "المسؤولين الانجليز كانوا يجلسون مع نسائهم الجميلات بملابس البحر على شواطئ النهر في الدبس في نهاية كل اسبوع، وهذا معروف لدى العاملين القدامى في الشركة كونهم يمتلكون مساحة من الحرية في تلك الفترات القديمة، واليوم يطوي الزمن معه الذكريات وجميع من كان في يوم من الأيام قد أصبح ذكرى، وبقي المكان ورحل الناس عنه ولا زال المطعم والمكان كما هو".

ويبين أن "نظام الغذاء المعمول في الشركة سابقاً، كان وجبتي طعام في الصباح للإفطار، والظهر للغداء، وتكون هذه الوجبات في فترات الاستراحة كون نظام عمل الشركات الأجنبية يبدأ من الساعة السادسة فجرا الى الساعة السادسة مساء، وبوجبتي عمل صباحي ومسائي، ولهذا كان العامل في الشركات الاجنبية يحتاج الى الطعام لطول ساعات عمله ويمنح فترة استراحة لتناول الطعام ومن ثم العمل على استئنافه ثانية، ومعروف عن الانكليز الانضباط والجدية وجودة العمل".

ويتابع أن "هناك مواقع بناء لازالت تعمل وفي الخدمة كون البناء قوي ويتم صيانته بصورة دورية من قبل العاملين، لهذا تجد البناء الذي نفذ قبل 100 عام شاخصاً وقوياً بسبب قوة العمل وجودته ومنها المطعم البريطاني في قضاء الدبس الواقع اقصى شمال غربي كركوك".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1139 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع