أخبار وتقارير يوم ٢٥تشرين الثاني
١-الجزيرة …تقرير…ماذا لو كنا نعيش في كون بلا بداية أو نهاية؟
*مقدمة للترجمة
يفترض فريق من الباحثين أن كوننا دوري، بلا بداية أو نهاية، حيث يمر بدورات متكررة من الانكماش والارتداد. وفي كل دورة، يعمل الانكماش البطيء على محو جميع التفاصيل الدقيقة من الدورات السابقة، ليصل الكون إلى نقطة الارتداد بالظروف ذاتها التي كانت لديه في الدورة السابقة. وهذا يعني أن جميع خصائص الكون ستظل متشابهة تقريبا في كل دورة، مثل درجة الحرارة، وكثافة المادة المظلمة، والمادة العادية، والطاقة المظلمة، وعدد النجوم والمجرات القابلة للرصد. بعبارة أخرى، إذا سبق لك أن عشت على كوكب مثل الأرض في الدورة السابقة، فستلاحظ تقريبا الخصائص الأساسية ذاتها للكون كما نلاحظها اليوم. عالمة الكونيات المجرية أنا إيجاس تشرح هذه الفرضية المثيرة للانتباه.
*نص الترجمة
قد يطرأ على ذهن البعض أن الكون بدأ بانفجار عظيم، وهذا ما كنت أعتقده أيضا قبل 10 سنوات، ولكنني أدركت بعد ذلك أن هذه القضية لم تُحسَم بعد، ولا زالت بحاجة إلى إجابات.لذا، دفعني هذا السؤال إلى تغيير مسار حياتي المهنية لأغدو في النهاية عالمة فلك على الرغم من أنني قد انتهيت للتو من حصولي على درجة الدكتوراه في فلسفة الفيزياء الكمية، وما اكتشفته منذ ذلك الحين قد يكون ردا جديدا جذريا على السؤال الذي لطالما قض مضجع أوغسطينوس وظل ماثلا في فضاء نفسه، وهو: ما الذي حدث قبل البداية؟ ربما الإجابة المثيرة هي أن الانفجار العظيم لم يحدث قط، بل كان الكون كيانا أبديا بلا بداية أو نهاية، يمر بدورات متكررة من الانكماش والتمدد.في عشرينات القرن العشرين، اقترح الفيزيائي الروسي "ألكسندر فريدمان" وعالم الفلك البلجيكي "جورج لومتر" أن الكون في حالة توسع مستمر، وبناء على هذا الاستنتاج اهتدى لومتر إلى فكرة تشير إلى أن الكون كان في الأصل عبارة عن "ذرة بدائية" شديدة الصغر.وعندما قدّم عالم الفلك الأميركي "إدوين هابل" أدلة قوية تدعم فكرة توسع الكون استنادا إلى ملاحظاته لحركات مجرات بعيدة، أسفر مسعاه عن نتائج حسمت القضية. كانت نظرية التوسع تعني ضمنا أن الكون الشاسع البارد الذي نراه اليوم، كان يوما ما رقعة صغيرة من الفضاء موغلة في السخونة والصغر. وبالعودة بالزمن إلى الوراء -مع افتراض أن القوانين الفيزيائية ظلت كما هي- فإن هذه الرقعة الساخنة تنكمش إلى نقطة صغيرة تصل فيها كثافة الطاقة إلى درجة مهولة، وهو ما عُرف لاحقا بـ"الانفجار العظيم". ولكن لا يوجد دليل قاطع يؤكد صحة هذه الفكرة التي تشير إلى أن الكون بدأ بهذه الطريقة، ومع ذلك توغلت هذه النظرية بقوة بين العلماء حتى أصبحت هي الرأي السائد لدرجة أن العديد منا تعلموها في طفولتهم كما حدث معي.على الجانب الآخر، يبزغ سبب رئيسي للتشكيك في النظرية التي تفترض أن الكون بدأ بانفجار عظيم، وهذا السبب مرتبط بنظرية الكم. فعندما أصبحت نظرية الانفجار العظيم مستشرية بقوة، كانت القوانين التي تحكم عالم الجسيمات دون الذرية واضحة إلى حد كبير رغم غرابتها بعض الشيء، فمن بين الأمور التي تنص عليها نظرية الكم أن الجسيمات يمكنها أن تظهر وتختفي من الوجود باستمرار، بشرط ألا تبقى لفترة طويلة.هذا النشاط المستمر والتقلبات العشوائية مهم في المقاييس الصغيرة، مثل تلك التي يُعتقَد أن الكون كان عليها عند نشوئه كنقطة غاية في الصغر. أثناء ذلك، كان من المفترض أن تزخر هذه النقطة بتقلبات طاقة تُفضي إلى تباينات كبيرة في مقدار الطاقة في أجزاء مختلفة من الكون مع تمدده، إلا أن الواقع الذي نرصده اليوم لا يُظهِر مثل هذه التباينات الكبيرة، بمعنى أن توزيع الطاقة والمادة فيه متساوٍ تقريبا في كل الاتجاهات وعلى مسافات كبيرة (وهو ما يناقض التوقعات الناجمة عن تطبيق بسيط لنظرية الكم على بداية الكون*).
*لماذا يبدو الكون بهذه الدرجة من الاتساق؟
على الرغم من أن المادة في الكون تتجمع عشوائيا في كتل تُعرف بالمجرات، فإن توزيع المادة على نطاق واسع يبدو سلسا ومتجانسا للغاية. يطرح هذا التجانس سؤالا شديد الأهمية، وهو: "لماذا يبدو الكون بهذه الدرجة من الاتساق؟!".وفقا لنظرية الكم، كان من المفترض أن تؤدي التقلبات الكمية عند بداية الكون (الانفجار العظيم) إلى حدوث التواءات وتشوهات في نسيج الفضاء، ومع توسع الكون كان من المفترض أن تتسع هذه التشوهات أيضا؛ ما يُسفر عن اضطرابات كبيرة في مسارات الضوء أثناء انتقاله عبر الكون، ولكن الواقع الذي يرصده الفلكيون يُظهِر عكس ذلك، وهو عدم وجود أي أثر لهذه التشوهات.في أوائل ثمانينات القرن العشرين، قدَّم علماء الفيزياء النظرية، آلان غوث، وأندريه ليند، وأندرياس ألبريشت، وبول شتاينهارت؛ فكرة تُعرف بـ"التضخم الكوني"، وهي فترة قصيرة من التوسع السريع جدا للكون حدثت بعد الانفجار العظيم بلحظات. أشارت فرضيتهم إلى أن التضخم أدى إلى تمدد الكون بسرعة مهولة؛ ما جعل أي التواءات أو انحناءات أو تشوهات في نسيج الزمكان تتلاشى تماما، كما أدى إلى تسوية توزيع المادة وجعلها متجانسة.وعلى الرغم من أن نظرية التضخم الكوني قدمت حلولا لمشكلات في نظرية الانفجار العظيم، فإنها مع ذلك تواجه مشكلات خاصة بها، فلكي يعمل التضخم كما هو متوقع ويتمخض عنه كون متجانس، لا بد من وجود مجال افتراضي (جسيم*) يُعرَف باسم "الانفلاتون "، وعلى هذا المجال أن يكون قد "نشط" في اللحظة المناسبة، وبالقوة المناسبة، وظل ثابتا تقريبا طوال فترة التضخم.لكن في إطار نظرية الانفجار العظيم، من غير المرجح أن يحدث هذا، لأن قوة مجال الانفلاتون ستختلف من منطقة لأخرى في الفضاء بسبب التقلبات الكمومية الكبيرة. ونتيجة لذلك، ربما حدث أحد الأمور التالية: إما أن التضخم لم يحدث أصلا، وإما أنه حدث بمقدار غير كافٍ لجعل الكون متجانسا، وإما أنه أفضى إلى نشوء كون مختلف تماما عن الكون الذي نرصده اليوم.بينما يهدف التضخم إلى توسيع الكون بسرعة لتحقيق التجانس، فإن التقلبات الكمومية يمكن أن تؤثر على العملية. ففي الأماكن التي يحدث فيها التضخم بصورة كبيرة، يمكن أن تؤدي هذه التقلبات الكمومية إلى استمرار التضخم على نحو عصي على التحكم؛ ما يمنعه من التوقف إلا في مناطق نادرة من الفضاء.ونتيجة لذلك، تتغير الخصائص الكونية بصورة عشوائية وغير قابلة للتنبؤ في تلك المناطق التي تظل في حالة تضخم مستمر. وبدلا من أن يكون الكون متجانسا كما نراه اليوم، يصبح مقسما إلى عدد لا نهائي من المناطق ذات تنوع لا نهائي في الخصائص المختلفة. ويتمخض عن هذه الفكرة مفهوم يُسمى "الكون المتعدد التضخمي"، وهو مجموعة من الأكوان التي يمكن أن تحتوي على أي عدد من الأكوان المختلفة، وفي الوقت ذاته لا يوجد شيء مرجح أو محتمل داخلها.
*الدخول في مرحلة الانكماش
يميل معظم علماء الكونيات والفيزياء الفلكية اليوم إلى تجاهل هذه الاشكالات المرتبطة بنظرية التضخم الكوني. ومع ذلك، أثارت هذه المشكلات اهتمامي بشدة منذ أن سمعت عنها لأول مرة، ولم أتمكن من تجاهلها. تَمثل هدفي الأساسي في البحث عن طرق لإصلاح نظرية التضخم ومعالجة تلك المشكلات، لكن حدث شيء آخر غيّر رأيي بشأن هذه الخطة.إن السمة العامة لنظرية التضخم هي التشوهات الصغيرة في نسيج الزمكان التي تنشأ جراء التقلبات الكمومية عند نهاية التضخم، والتي تتطور لتصبح ظاهرة غريبة تعرف باسم موجات الجاذبية (أو الثقالية) البدائية.وتختلف هذه الأمواج عن تموجات الزمكان التي اكتشفها مرصد ليغو عام 2015، التي تنشأ عادة عن تصادم الثقوب السوداء. تتميز الموجات الثقالية البدائية بأن لها أطوالا موجية كبيرة للغاية لدرجة أنه لا يمكن اكتشافها إلا من خلال آثارها على إشعاع الخلفية الكونية الميكروي الذي يمثل صورة الكون في مهده، لأنه يعطينا لمحة عن الكون عندما كان عمره حوالي 400,000 عام فحسب. ورغم أن هذا قد يبدو عمرا كبيرا، فإن مقارنته بعمر الإنسان تشبه صورة التُقطت لطفل عمره يوم واحد فقط.على الجانب الآخر، واصل القمر الصناعي بلانك، التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، سعيه برسم خرائط تفصيلية لهذا الإشعاع بدقة عالية منذ فترة طويلة بحثا عن أدلة على وجود موجات الجاذبية البدائية التي من المفترض أنها نتجت عن التضخم الكوني، ولكن في عام 2013 أعلن الباحثون الذين يعملون على مهمة بلانك أنهم فشلوا في العثور على هذه الأمواج كما توقعوا، وعندما تناهى إلى مسامعي هذا الخبر، أدركتُ أن هذا يعني استبعاد أبسط نسخ من نظرية التضخم الكوني، وراودني شعور بأن نظرية التضخم لم تعد صالحة بوصفها تفسيرا بسيطا لما حدث بعد الانفجار العظيم، لذلك اخترت التخلي عن خطتي الأصلية في دراسة التضخم، وبدلا من ذلك توجهتُ إلى استكشاف نهج مختلف لعلم الكونيات.ومن جانبي، قررت متابعة الفكرة التي طرحها أول مرة بول شتاينهارت الذي شارك في اقتراح نظرية التضخم. أشار شتاينهارت إلى بديل منطقي لنظرية الانفجار العظيم، فبدلا من أن يكون كوننا قد نشأ من العدم بانفجار عظيم، لعل بداية نشأته جاءت بعد انكماش كون سابق تدريجيا حتى وصل إلى نقطة صغيرة من الفضاء، ثم "ارتد" (أي حدث ما يُعرف بالارتداد الكوني) وبدأ في التوسع كما يتراءى أمام أعيننا اليوم.ومثلما يتطلب التضخم وجود شكل خاص من الطاقة (مجال الانفلاتون) ليقود التوسع السريع، فإن الانكماش البطيء يتطلب أيضا نوعا خاصا من الطاقة ذات ضغط عالٍ للغاية ليُبطئ من وتيرة عملية الانكماش عن طريق مقاومة الانضغاط، وفي الوقت نفسه يساعد في إزالة أي تفاوتات أو تشوهات في توزيع الطاقة ونسيج الزمكان.وما يجعل هذا النموذج مميزا عن التضخم هو أنه لا يتطلب شروطا ابتدائية خاصة لكي يحدث، فيمكن أن يبدأ الانكماش البطيء بطرق مختلفة، مثل تلاشي الطاقة المظلمة على سبيل المثال.ثمة ميزة إضافية لنموذج الانكماش البطيء، ففي كون بارد يتقلص ببطء، تظل التقلبات الكمية صغيرة طوال الوقت؛ ما يعني أن نتائج هذا النموذج تكون محددة ومتوقعة إلى حد كبير. وعلى عكس نظرية التضخم، التي تُسفر فيها التقلبات الكمية الكبيرة عن بزوغ كون متعدد فوضوي يتميز بتنوع عشوائي في خصائصه، فإن سيناريو الانكماش البطيء يتجنب هذه الفوضى، وهو ما يُفضي بالتبعية إلى كون أكثر اتساقا وتجانسا بعد الارتداد.إلا أن هناك ميزة إضافية أخرى لنموذج الانكماش البطيء، ففي الكون البارد الذي يتقلص ببطء، تظل التقلبات الكمية صغيرة في جميع الأوقات، وهو ما يعني أن نتائج هذا النموذج محددة ومتوقعة إلى حد كبير.
*ارتداد كل 100 مليار سنة
ولكن هذا السيناريو لم ينطوِ على أي دليل يُثبت إمكانية حدوث الارتداد بهذه الخصائص فعليا. ففي العام الماضي، نُشرت أول دراسة نظرية تشرح كيفية حدوث هذا الارتداد. بعبارة أبسط، تصف الدراسة مصدرا افتراضيا للطاقة يمكنه إيقاف الانكماش وتحويله بسلاسة إلى توسع قبل أن يصل الكون إلى حجم صغير جدا حيث تصبح تأثيرات الجاذبية الكمية ذات أهمية (وهي المرحلة التي يكون فيها الكون صغيرا جدا وكثافته عالية للغاية؛ ما يجعل الجاذبية الكمية تلعب دورا مهما*)، والواقع أن الكون الذي نشأ عن مثل هذا الارتداد لا بد أن يتمتع بتوزيع متجانس للطاقة وهندسة مسطحة وغير مشوهة لنسيج الزمكان.وبالتعاون مع شتاينهارت، وفرانس بريتوريوس من جامعة برينستون، أعمل على تطوير نماذج رياضية لدراسة تطور الكون بهدف البحث عن إشارات جديدة و مميزة يمكن أن تدل على عملية الانكماش والارتداد. ومن بين التوقعات التي يقدمها النموذج الذي نعمل عليه هو أن الانكماش البطيء للغاية لا ينتج موجات ثقالية بدائية يمكن اكتشافها، وهو ما يتفق مع نتائج القمر الصناعي بلانك والملاحظات اللاحقة.أما التجارب الأدق والأكثر حساسية فلا تزال قيد التطوير، مثل مرصد سيمونز في صحراء أتاكاما في تشيلي، والقمر الصناعي لايت بيرد الذي من المقرر أن تطلقه وكالة الفضاء اليابانية في غضون عقد من الزمان.تسعى هذه المشاريع إلى الكشف عن موجات الجاذبية البدائية بدقة أعلى. وإذا تمكنت هذه التجارب من رصد تلك الموجات، فإن هذا سيعني أن فكرة الانكماش البطيء لا بد أن تكون خاطئة. وكثيرا ما يسألني الناس عما إذا كان من المقلق بالنسبة لي أن أتصور أن فكرتي قد تُستبعَد بسبب تجربة واحدة، ولكن بالنسبة لي فهذا هو جوهر العلم الحقيقي، ولا أرغب في أن أسلك طريقا آخر.وإذا تمكّنا من رؤية أدلة تدعم حدوث الارتداد الكوني، فإن ذلك سيخلِّف وراءه تأثيرات عميقة على فهمنا للكون. فالامتداد الطبيعي يشمل فكرة أن كوننا قد يكون جزءا من كون دوري، حيث تحدث عملية الارتداد بانتظام كل 100 مليار سنة تقريبا.من الممكن حتى أن نتخيل كونا دوريا بلا بداية أو نهاية، حيث يمر بدورات متكررة من الانكماش والارتداد. وفي كل دورة، يعمل الانكماش البطيء على محو جميع التفاصيل الدقيقة من الدورات السابقة، ليصل الكون إلى نقطة الارتداد بالظروف ذاتها التي كانت لديه في الدورة السابقة.وهذا يعني أن جميع خصائص الكون ستظل متشابهة تقريبا في كل دورة، مثل درجة الحرارة، وكثافة المادة المظلمة، والمادة العادية، والطاقة المظلمة، وعدد النجوم والمجرات القابلة للرصد. بعبارة أخرى، إذا سبق لك أن عشت على كوكب مثل الأرض في الدورة السابقة، فستلاحظ تقريبا الخصائص الأساسية ذاتها للكون كما نلاحظها اليوم.وهذا بدوره يؤدي إلى توقع مذهل ينبثق من فكرة الكون الدوري، وهو أن المرحلة الحالية من الكون التي يتسارع فيها معدل توسعه ببطء ستنتهي وسيدخل الكون مرحلة انكماش جديدة، ثم يتجه نحو ارتداد جديد يليه مرحلة توسع جديدة. ومن ثم فإن الطاقة المظلمة التي تسبب هذا التوسع المتسارع الحالي لا بد أن تتلاشى بمرور الوقت، وقد يتمكن العلماء من رصد علامات هذا التلاشي للطاقة المظلمة في التجارب المستقبلية، وهو ما سيكون دليلا على صحة هذا النموذج الدوري للكون. إن إمكانية التحقق من الموجات الثقالية الأولية، إلى جانب البحث عن أدلة تدعم سيناريو الارتداد الكوني، قد تمكننا قريبا من معرفة ما إذا كان الكون قد بدأ بالفعل بانفجار عظيم.
*لا انفجار ولا ارتداد
إذا كنت تعتقد أن الكون لا بد أن يكون له بداية محددة، فإن هناك العديد من الأفكار الجريئة وغير التقليدية التي قدمها الفيزيائيون تشير إلى عكس ذلك. وأولها "نظرية الحالة المستقرة أو الثابتة"، التي اقترحها عالم الفلك فريد هويل في عام 1948.وفقا لهذه النظرية، إذا كانت المادة الجديدة تولد باستمرار مع تمدد الكون، فإن كل منطقة جديدة من الفضاء ستبدو مماثلة لبقية الكون، ومن ثم لا حاجة لوجود بداية أو نهاية للكون. المثير للسخرية أن هويل استخدم مصطلح "الانفجار العظيم" ليسخر من أفكار عالم الفلك جورج لومتر حول التوسع الكوني، لكنه أصبح فيما بعد المصطلح المعتمد لوصف النموذج الذي يفسر نشأة الكون؛ ما جعل السخرية تتحول إلى حقيقة علمية.وعلى المنوال ذاته، كان لستيفن هوكينغ وجيمس هارتل رأي مختلف تماما عن نظرية الانفجار العظيم، فقد اقترحا أنه مع العودة بالزمن إلى الوراء نحو الانفجار العظيم، ومع تقلص الأبعاد أكثر فأكثر، ستتحول الأبعاد المكانية الثلاثة والبعد الزمني إلى أربعة أبعاد مكانية. وهذا يعني أن الكون لم يكن له حدود زمنية، وأن مسألة البداية، أو ما حدث قبل الانفجار العظيم، لا معنى لها.إلا أن هذه الفرضية عارضها كل من لاثام بويل ونيل توروك من معهد بريمتر للفيزياء النظرية في كندا، وبدلا من ذلك اقترح كلاهما فكرة بديلة باستخدام أدوات رياضية مشابهة تشير إلى أن كوننا قد يكون صورة طبق الأصل من كون آخر معاكس (الذي أسموه الكون المضاد)، ويمتد إلى الوراء في الزمن قبل الانفجار العظيم، ويزداد حجمه مع مرور الوقت، وسينطوي هذا الكون المضاد على المادة المضادة (وهي مادة تتكون من جزيئات معاكسة للمادة العادية*).وبإلهام من نظرية الأوتار، اقترح كومرون فافا من جامعة هارفارد، وروبرت براندنبرغر من جامعة ماكغيل في كندا، أن الكون الحالي نشأ من غاز ساخن كثيف من الأوتار الفائقة المثارة، والتي يُعتقد أنها المكونات الأساسية للمادة.ويعتقد علماء فيزياء آخرون أن الزمكان نفسه لا بد أن يكون مكونا من جسيمات صغيرة تشبه الذرات. ويشير دانييل أوريتي، الفيزيائي من معهد ماكس بلانك للفيزياء الجاذبية في ألمانيا، إلى أن هذا النموذج قد يتضمن تحولات أو مراحل مشابهة لتلك التي تحدث مع الذرات المكونة للمواد، بمعنى أن الذرات يمكن أن تتكتل لتكوين حالات مختلفة مثل الصلب أو السائل أو الغاز، وبالمثل، يمكن لجسيمات الزمكان أن تتجمع أو تتوزع في مراحل مختلفة بناء على ظروف معينة. فمثلا قد تكون المرحلة الأولى للكون هي لحظة تكثفت فيها هذه الجسيمات لتشكيل ما نراه الآن. أما بالنسبة لما كان عليه الحال قبل هذه اللحظة، فيبقى سؤالا مفتوحا في الفيزياء وعصيا على الإجابة.
هذه المادة مترجمة عن نيوساينتست ولا تعبر بالضرورة عن الجزيرة نت
٢-جريدة المدى…العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !! … علي حسين
ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا تريد ان تعترف ان نسبة الجريمة ارتفعت هذا العام ، فيما تشير تقارير اعلامية الى أن العراق "أصبح خلال السنوات الأخيرة ممراً مهماً لتهريب المخدرات وخصوصاً حبوب الكبتاغون ".سيقول قارئ عزيز يارجل العالم يغلي والدولار يتلاعب باقوات الناس ، والبرلمان معطل حتى اشعار آخر ، والنائب الهمام لم يلق القبض على نور زهير ، وانت تخصص هذه الزاوية للحديث عن النوادي الاجتماعية والخمور ، الا تخجل . ساخجل بالتاكيد واصمت لو ان القضية تتعلق بالنوادي الاجتماعية ، لكنها ياسادة تتعلق بالحريات الشخصية التي كفلها الدستور ، وبالدولة المدنية التي يتشدق بها معظم المسؤولين .. ليست القضية تتعلق بالخمور ، لكن قرارات وزارة الداخلية جرس انذار لقضم الحريات وتأسيس امارة قندهار التي بشرنا بها ذات يوم النائب السابق " محمود الحسن " .تخيل جنابك قوات امنية مهمتها مكافحة النوادي الاجتماعية وتعتقد الوزارة أننا بلد فاسد يجب تقويمه، وان هذا الشعب بحاجة الى حملة تعيد امجاد الحملة الايمانية ، وزارة الداخلية مشغولة بالنوادي ، والبرلمان مشغول البال بقانون الاحوال الشخصية ، وايجاد مخرج قانوني لشمول نور زهير وجماعته من السراق والمزورين بالعفو العام المنتظر ، لكن الجميع يصمت ويضع رأسه في الرمل وهو يقرأ التقارير التي تؤكد أن العراق وبفضل همة قواتنا الامنية، على قائمة الدول الأكثر تعاطياً للمخدرات، ولا ننسى أيضاً الأكثر نهباً للمال العام. مئات التقارير التي تحذر من خطر انتشار المخدرات في العراق، فماذا حدث؟.. لا شيء في هذه الدولة التي انتفضت لحفلة غنائية، لكنها تصمت، عندما يتعلق الأمر بجرائم قتل وتعذيب النساء، فحين يهتف الجميع بصوت واحد: كلا كلا للرفاهية الاجتماعية، لا تحدثني عن ملفات البطالة، ونسبة الفقر، فهذه أمور بسيطة تُحل بخطاب "ثوري" عاصف.من المؤكد أنّ كثيراً من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كل يوم أمماً وشعوباً كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، أو تصحيح بعض الأخطاء في مسيرتها، إنّ ما يفرقنا عن هذه الأمم التي تسعى دوماً إلى تصحيح أوضاعها المتردية أنهم يملكون قوى حيّة وفاعلة للتغيير، في الوقت الذي لاتزال مدننا تخرج للاحتجاج على الأوضاع المأساوية، إلا أن الساسة لا يزالون يفكرون في الفرق بين حكومة أغلبية وحكومة توافقية، وأيهما كاملة الدسم؟ ! .اليوم لدينا إعلام يوجه أطناناً من تهم الفساد كل لحظة للعديد من المسؤولين، كباراً وصغاراً، لكنّ معظمهم يطبقون نظرية اتركوهم يكتبون ويصرخون حتى لو كان الفساد مقروناً بوثائق، وبعض الفاسدين يتبجحون علناً بفسادهم.
٣-السومرية ….ما هو مصير القادمين من خارج بغداد للتسجيل ضمن التعداد السكاني للعاصمة؟
كشفت لجنة التخطيط والخدمة الاستراتيجي النيابية، اليوم عن مصير القادمين من خارج بغدادللتسجيل ضمن التعداد السكاني للعاصمة.وقال النائب الاول لرئيس اللجنة محمد البلداوي لـ السومريةنيوز، ان "استمارة التعداد السكاني تتضمن فيها أماكن السكن الحالية والقديمة وتذكر فيها تفاصيل أسباب المجيء للسكن الحالي"، مبينا ان "القادمين من غير محافظة للتسجيل بالتعداد السكاني في العاصمة او محافظة أخرى سيكون دون جدوى، كون ان التعداد في مرحلة السكن وتليها مراحل أخرى".وأضاف ان "هناك مرحلة البيانات التنموية المتعلقة بالسؤال عن الوظيفة والامراض التي يعاني منها والتحصيل الدراسي والمكان الذي يسكن به اجار ام ملك"، لافتا الى ان "المرحلة الحالية هي مرحلة سجل الاسرة فقط". واكد ان "المعلومات ستتم مراجعتها وتدقيقها وهناك اجراءات ستتخذ للتأكد من صحة البيانات مع تقاطع المعلومات"، لافتا الى ان "البطاقات الموحدة تبين المكان الحقيقي لسكن المواطن عبر الاعتماد على الدائرة الصادرة منها تلك البطاقة".وذكر ان "هناك إجراءات ستتخذ ونتابع الإجراءات مع الهيئة العليا للتعداد العام للسكان والمساكن جميع الإجراءات"، موضحا ان "المرحلة القادمة ستكون تفصيلية التي توضح انه كل شخص اين سكنه ومحافظته".وبين ان "التعداد السكاني ليس لأغراض سياسية"، موضحا انه "لا يمكن لاي شخص التسجيل في مكانين بالتعداد السكاني".
٤-الجزيرة …الاتحاد الأوروبي وسوريا.. ما الخطوة التالية؟
عززت التصريحات الأخيرة لزعيم حزب الحرية اليميني المتطرف في هولندا خيرت فيلدرزالتي دعا فيها حكومة بلاده لتعزيز العلاقات مع النظام السوري من جدية المعلومات التي تتناقلها مصادر غربية عن تحركات دبلوماسية أوروبية لإحياء العلاقات مع سوريا، بعد أن قطع الاتحاد الأوروبي تعاونه الثنائي في مايو/أيار 2011.ومع أن النظام السوري لم يمتثل للشروط التي حددها مجلس الاتحاد الأوروبي في وقت سابق لعودة العلاقات، فإن فيلدرز حث الحكومة الهولندية على تعزيز حراكها الدبلوماسي مع دمشق، بهدف تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى مناطق آمنة في بلادهم يجري تقييمها من جديد، طالما أن الرجل -يقصد الأسد- لن يختفي.ولكن من جهة أخرى، تشكل عودة الارتباط -التي جرى الإعداد لها كما يبدو خلف الكواليس منذ سنوات- حراكا مزعجا، وفق الكاتب البريطاني تشارلز ليستر، كشف عن تذبذب الموقف الغربي وشقوق في الاتحاد الأوروبي من الدولة السورية والرئيس بشار الأسد.
*(من الشراكة إلى المواجهة)
تميزت علاقة الاتحاد الأوروبي بسوريا بداية من فترة حكم الأسد الأب بمحطات كان من أبرزها:
في عام 1977، وقع الاتحاد الأوروبي وسوريا اتفاقية تعاون شكلت أساس الشراكة بين الطرفين.
في عام 1995، انضمت سوريا إلى عملية برشلونة وسياسة الجوار الأوروبي وكان الاتحاد يهدف من ورائها نقل دمشق إلى موقع متقدم على مستوى السياسة والاقتصاد.
بين عامي 2004 و2008، وقع الطرفان مزيدا من الاتفاقيات الثنائية، وانضمت سوريا من خلالها إلى "الاتحاد من أجل المتوسط".
وفي عام 2009 وقع الطرفان مشروع اتفاقية الشراكة بشكل رسمي لتبدأ مرحلة جديدة منذ ذلك التاريخ.
ظل استقرار سوريا يحمل أهمية إستراتيجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي سنوات طويلة، وأرجع الباحث في مركز "كارينغي أوروبا" مارك بيريني هذا الاهتمام إلى عام 1995، وهو العام الذي أدرجت فيه دمشق بالشراكة "الأورومتوسطية" المعروفة باسم عملية برشلونة، نسبة إلى مكان إطلاقها.واستندت الشراكة على سياسة غربية تخص الحافة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، ترى فيها أن الاستقرار والازدهار في جنوب أوروبا هما ركنان أساسيان لرفاه الاتحاد، ولتحقيقهما لا بد لدول الجنوب -أغلب الدول العربية- من تعزيز الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، وتسهيل التجارة، والبدء بتبني سياسات اقتصادية واجتماعية ليبرالية، وتشجيع المجتمع المدني والتبادل الثقافي بشكل مشترك.لكن، عندما تولى بشار الأسد رئاسة سوريا في يونيو/حزيران 2000 بشر العديد من المعلقين المتفائلين ببداية "ربيع في دمشق"، واستمرت الآمال في التغيير قائمة حتى حلول مارس/آذار 2011 الذي اندلعت فيه احتجاجات مدنية في جنوب سوريا ضمن حراك الربيع العربي.ومنذ ذلك التاريخ، انطوت -بحسب بيريني- وعود الإصلاح ودخلت كلها طي النسيان، حين جاء رد فعل الأسد على المتظاهرين عنيفا جدا، وكان واضحا أن النظام -بحكم طبيعته- لن يفكر بأي إصلاح اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي ذي شأن، على حد قوله.وإثر ذلك جمد الاتحاد الأوربي اتفاقية الشراكة التي كان يطمح من خلالها إلى تحسين الحياة السياسية والاقتصادية في سوريا وعلق تعاونه الثنائي مع الحكومة السورية.كما فرض الاتحاد عقوبات محددة تطال كيانات لها صلة مباشرة بأعمال القمع أو بتمويلها، علاوة على قطاعات في الاقتصاد تقع في صلب الشبكات الممولة للأسد، من قبيل التسليح والسلع والتكنولوجيات المستخدمة في أعمال القمع، واستيراد النفط الخام. وفي فبراير/ شباط 2020 اعتمد عقوبات جديدة ثم مددها مجددا في مايو/أيار من العام الحالي. وربط -في بيان له- سبب تمديدها، بمواصلة نظام دمشق سياسته القمعية تجاه شعبه، وانتهاكه حقوق الإنسان والأعراف الدولية.
*(الاتحاد أمام تدفق اللاجئين)
خلال تلك الأعوام، استقبل الاتحاد الأوروبي -على غرار دول الجوار السوري- موجات لجوء تدفقت مع تعثر ربيع سوريا على وقع الرصاص الحي والقصف الجوي والبري الذي استخدمه النظام لسنوات من أجل الحفاظ على سلطته.وتقدر منظمات أممية وإغاثية عدد السوريين الفارين إلى خارج البلاد بنحو 6 ملايين لاجئ سوري، استضافت أوروبا أكثر من مليون منهم، وبلغت حصة ألمانيا 35%، في حين استقبلت النمسا أكبر نسبة مقارنة بعدد سكانها. ولا تزال قوارب اللجوء تبحر إلى شواطئ أوروبا الجنوبية المطلة على البحر المتوسط حتى الآن.وتسبب تدفق اللاجئين خلال العقد الأخير-برأي الخبير في قضايا الهجرة واللجوء غالب مارديني- بمشكلات طارئة منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي، كما تحول بالنسبة إلى اليمين المتطرف الصاعد في انتخابات البرلمان الأوروبي والانتخابات التشريعية المحلية لمصدر قلق بسبب احتمال استمرار الصراع وحالة الاضطراب التي تشهدها سوريا لموعد غير معروف، لا سيما أنه ينظر لقضية اللجوء والهجرة بشكل عام نظرة استهجان وعداء.ولفت مارديني -في حديثه للجزيرة نت- إلى وجود عوامل أفسحت المجال أمام اليمين -الذي سجلت أحزابه حضورا مؤثرا في البرلمان الأوروبي- ليتحدث عن أوضاع متغيرة في سوريا وما حولها، ويشدد على ضرورة إجراء مراجعة لإستراتيجية الاتحاد تجاه الوضع في سوريا، وتبني سياسة مرنة نحوها، ومن بين هذه العوامل:
تعثر الحل السوري وفشل نهج خطوة مقابل خطوة الذي تم تبنيه عربيا وأمميا.
عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وعودة العلاقات العربية السورية.
نجاح تجربة الاتحاد في خفض أعداد المهاجرين لدول الجنوب مقابل دعم مالي واقتصادي تتلقاه دول المنشأ والعبور أو الوسيطة لوقف اللجوء غير الشرعي، مثل نموذج لبنان وتونس وليبيا ومصر.
وتتزعم إيطاليا -الدولة الأوروبية السابعة التي أصبحت لها علاقات دبلوماسية مع النظام السوري إلى جانب رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص والتشيك والمجر- هذا الاتجاه، مما يعكس -بحسب مارديني- وجود تحول واضح وصريح ينشط وفق تقييم "ما دام النظام باقيا، فمن الأفضل المضي قدما في العلاقة معه، بطريقة منسقة، بدلا من تركه لسيطرة روسيا وإيران".
*(تذبذب الموقف الغربي)
ينظر محللون إلى المشهد السوري بعد مرور 13 عاما على بداية الصراع على أنه أشبه برقعة شطرنج مفككة تتحرك أحجارها وفق مسارات متغيرة تهيمن عليها سياسات عربية وإقليمية ودولية.ففي الوقت الذي تعد فيه سوريا دولة هشة غير آمنة يُمارس العنف الرسمي فيها بأشكال تتنافى مع حقوق الإنسان -وفقا لتقارير البنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة- شهد عام 2023 استئناف العلاقات العربية-السورية، وعودة دمشق لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية، على أمل أن يعزز الوضع الجديد مناخ الاستقرار في المنطقة.وبالتزامن، انتقل الحديث عن وجود ارتباط أوروبي سوري جديد، تسعى فيه دول أوروبية عديدة، إلى خطوات عملية جرى الإعداد لها خلف الكواليس لتكشف عن تذبذب الموقف الغربي تجاه الدولة السورية والرئيس شخصيا، وفق ليستر الذي نقل عن مصادر متعددة رفيعة المستوى عزم حكومات اليونان وقبرص وإيطاليا والمجر والنمسا وبولندا منذ عامين استخدام ثقلها داخل الاتحاد للضغط عليه ومطالبته بتغيير سياسته تجاه دمشق.ورغم تشدد الاتحاد الأوروبي إزاء عودة العلاقات الشاملة، ما لم يمتثل النظام لشروط مجلس الاتحاد وفي مقدمتها التوصل لحل سياسي وفق قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة بهذا الخصوص، فإن ليستر أشار في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي إلى وجود شقوق بدأت في الظهور بين الدول الأعضاء، أدت إلى خلافات خطيرة وجوهرية، وفقا لـ4 من كبار المسؤولين الغربيين الذين التقاهم.فبخلاف الدول التي عززت حراكها الدبلوماسي مع دمشق بهدف تسهيل عودة اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها إلى مناطق آمنة في بلادهم، أعلن 18 وزير خارجية تحمل دولهم مسؤولية مكافحة إفلات مرتكبي جرائم الحرب في سوريا من العقاب والمطالبة بمحاكمتهم بصرف النظر عن هوياتهم.واعتبروا في بيان مشترك، مكافحة الإفلات من العقاب شرطا من شروط إحلال السلام الدائم في سوريا، إذ "لن يتمكن الشعب السوري من التفاؤل بمستقبل أفضل ما لم تتوقف انتهاكات حقوق الإنسان على نحو تام ومؤكد، ولن تتمكن سورية من التصالح مع ماضيها ما لم يحاسب المجرمون على الجرائم التي ارتكبتها أيديهم".
*(سوريا: الاتحاد الأوروبي يكرر الأكاذيب)
من جهة أخرى، وصف النظام السوري الموقف الغربي والعقوبات التي تم تمديدها بالإجراءات القسرية أحادية الجانب غير المشروعة، وقالت وزارة الخارجية في بيان لها "مرة جديدة يصر الاتحاد الأوروبي على تكرار الأكاذيب حول الأوضاع في سوريا، في انفصال تام عن الواقع، وتجاهل تام للتطورات الإيجابية التي شهدتها البلاد ولا تزال، وفي مقدمتها الإنجازات الكبيرة في مكافحة الإرهاب، وتوطيد الاستقرار، وتوسيع المصالحات الوطنية، وتسوية أوضاع الكثير من المواطنين من خلال مراسيم العفو".
وحمل البيان، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مسؤولية معاناة السوريين جراء إجراءاتهما القسرية أحادية الجانب.ومن جانبها، نفت المبعوثة الفرنسية إلى سوريا بريجيت كورمي ما ذهبت إليه الخارجية السورية، من أن يكون السكان المدنيون هم أول ضحايا العقوبات الدولية، وقالت في مقابلة مع الكاتب الفرنسي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط ألان غريش إن هذا ليس صحيحا، بل هو "خطاب النظام وداعميه المسؤولين عن الحالة الكارثية التي أوصلوا إليها سوريا وسكانها".وأكدت المبعوثة أن العقوبات الأوروبية والأميركية لا تستهدف بأي حالة من الأحوال السلع والخدمات الضرورية لتلبية الحاجات اليومية للسكان ودعمهم، مشيرة إلى أن "قرار رفعها يكون بين يديه وأيدي إيران وروسيا اللتين أعربتا لنظام دمشق عن دعمهما الكامل عندما كان أكثر عرضة للخطر".
وأشارت كورمي إلى أن إيران حاضرة في سوريا منذ أكثر من 30 عاما، وقد اختارت معسكرها منذ بداية النزاع، دافعة النظام السوري إلى عدم التنازل، وإلى اختيار القوة العسكرية ضد الشعب الذي طالب بحقوق أساسية.وأضافت أن "روسيا جعلت من سوريا حقل تجارب لها، يمكننا رصد تبعاته اليوم في أوكرانيا، وذلك من خلال مواكبتها القمع الذي يمارسه النظام، ومن خلال قصف الشعب السوري بلا هوادة ولا تمييز، وكذلك عبر إنقاذ الأسد من أجل الحصول على رافعة جغرافية وإستراتيجية في المتوسط".
*(ما الخطوة التالية؟)
لطالما أكد الممثل الاعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل عدم مشاركة الاتحاد الأوروبي في جهود التعافي المبكر -ترسيخ الاستقرار- إلا في حالة سريان انتقال سياسي شامل وحقيقي وموسع، تتفاوض عليه الأطراف السورية في الصراع، على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبيان جنيف لعام 2012.
كما أكد عدم دعمه عودة اللاجئين -المقيمين في أوروبا- إلى سوريا، ما لم تكن هناك ضمانات ملموسة، بأنها تتم بشكل طوعي وآمن وكريم، تحت رقابة دولية.غير أن مصادر إعلامية غربية، تشير إلى أن ما يطالب به بوريل، لا يجد اليوم صداه المرجو في دول ترى أن الظروف المتغيرة تتطلب زيادة في الاتصالات مع سوريا، وإجراء مفاوضات فنية على الأرض مع شخصيات غير مدرجة على قوائم العقوبات لتهيئة الظروف التي تسمح بعودة السوريين إلى بلادهم.ويظهر التقدم الأكثر وضوحا عبر الجهود التي تبذلها في هذا الاتجاه إيطاليا والنمسا، إذ تنقل المصادر ذاتها إصرار رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني على إقناع قادة دول الاتحاد بتطبيع علاقتهم مع النظام السوري من أجل وقف الهجرة غير النظامية إلى أوروبا.واللافت، وفق صحيفة لوموند الفرنسية، أن يشيد رئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر بسياسة ميلوني المتشددة في حين يعتزم وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو تشكيل جبهة موحدة مع إيطاليا وألمانيا لتبني قوانين أوروبية أكثر صرامة، مع أن فرنسا انتقدت سياسات ميلوني، وشهدت العلاقات بين البلدين أزمة دبلوماسية إثر منع روما سفينة أوشن فايكنغ التي أنقذت لاجئين من الغرق من دخول الموانئ الإيطالية في عام 2022 واضطرت فرنسا لاستقبالها.وبهذا الصدد، يؤكد عضو حزب النهضة الفرنسي المحامي زيد العظم أن الموقف الرسمي لفرنسا بشأن التطبيع مع النظام السوري لا يزال ثابتا، إذ ترفض فرنسا أي خطوة على هذا الصعيد قبل أن تلتزم السلطات السورية بشكل كامل بقرار مجلس الأمن رقم 2254.وأكد في حديثه للجزيرة نت، أن جدية الموقف الفرنسي ظهرت بوضوح عندما حاول النظام السوري استغلال كارثة الزلزال الذي ضرب مناطق في شمال سوريا وجنوب تركيا في فبراير/ شباط 2023 لإعادة تأهيل نفسه عبر دبلوماسية الزلازل، ووقفت فرنسا موقفا صارما تجاهه.وأقر العظم بوجود إجماع أوروبي على أهمية التنسيق التقني مع جميع الدول المصدرة للاجئين، بما فيها سوريا، خاصة بعد أن تدهور الوضع الأمني في لبنان جراء الاعتداءات الإسرائيلية على أراضيه، ونزوح آلاف الأشخاص، لكنه يرى أن التعاون مع النظام السوري سيكون تقنيا بحتا ولن يرتقي إلى مستوى التطبيع السياسي.والسؤال الذي يفرض نفسه إذا ما أخذنا تطورات المشهد الأوروبي الأخيرة بعين الاعتبار هو: ما خطوة الاتحاد المتوقعة تجاه سوريا ونظام الأسد في المرحلة القادمة؟تشير مواقف الدول الأوروبية إلى وجود تباين واضح على هذا الصعيد، فبين تصريحات جوزيب بوريل، وخطط جورجيا ميلوني، ثمة مسافة تبدو بعيدة، لكن المبعوثة الفرنسية إلى سوريا بريجيت كورمي اختصرتها في مقابلة مع الجزيرة نت في فترة سابقة، بقولها "نواجه الآن خيارا مستحيلا، فإما المضي قدما نحو التطبيع دون القيام بأي تنازلات أولية أو القبول بالوضع الراهن، ولا يشكل أي من هذين الخيارين حلا مقبولا".
مع تحيات مجلة الگاردينيا
823 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع