بي. بي. سي:على مدار فترة حكم بشار الأسد، التي تقارب 25 عاماً كرئيس لسوريا، كانت بجانبه زوجته البريطانية المولد أسماء الأخرس.
كان النظام السوري يقدمها للشعب كوجه سوريا الحديثة، لكنها أصبحت قليلة الظهور منذ اندلاع الحرب الأهلية في البلاد في مارس/آذار 2011.
وُلدت أسماء الأخرس في أكتون، غرب لندن، لأبوين سوريين، أب يعمل طبيب قلب، وأم دبلوماسية، وتلقت تعليمها في مدرسة خاصة حيث كان أصدقاؤها ينادونها بـ"إيما".
درست أسماء علوم الكمبيوتر في كلية كينغز في لندن قبل أن تعمل في بنك استثماري هناك، والتقت بالأسد، الذي كان جراح عيون مؤهل ويدرس هناك في ذلك الوقت.
وانتقلت أسماء إلى سوريا سنة 2000 وتزوجت بشار الأسد في نفس السنة بعد أشهر قليلة من صعوده للحكم خلفاً لوالده حافظ الأسد، وأنجب الزوجان ثلاثة أطفال - ولدان وبنت – في سن الشباب الآن.
واجهة للبلاد
لسنوات عديدة، كانت هناك آمال في الغرب بأن تشجع ثقافة أسماء البريطانية على الإصلاح السياسي في سوريا، وبالفعل تم التعاقد مع شركة علاقات عامة في المملكة المتحدة للمساعدة في تحويلها إلى صورة دولية للبلاد.
وقال مصدر لبي بي سي في عام 2012، إن الأسد تزوج أسماء لأنه كان يعلم أنها ستفيده في تقديم وجه جديد وحديث للدولة السورية.
كما رأى كثيرون في ذلك الوقت أن هذا الزواج، كان فرصة للجمع بين مصالح الأغلبية السنية في البلاد، التي تنتمي إليها أسماء، والطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، مع ذلك، أشار المصدر إلى أن الطريقة التي كانت تؤدي بها دورها كسيدة أولى في البلاد أحدث توترات داخل عائلة الأسد، خاصة مع شقيقة الرئيس بشرى ووالدته أنيسة، إذ لم تهتما كثيراً لأمر العلاقات العامة.
وحققت استراتيجية العلاقات العامة التي تعتمد على أسماء الأسد بعض النجاح، ففي فبراير/ شباط 2011، نشرت مجلة فوغ الأمريكية مقالاً عنها بعنوان "وردة في الصحراء"، ووصفها المقال ـ الذي تم سحبه من النسخة المطبوعة والإلكترونية في وقت لاحق ـ بأنها "جميلة، ونحيفة، وطويلة القامة، وتتمتع بعقل تحليلي متفتح، وترتدي ملابس تتسم بالبساطة والذكاء"، فضلاً عن كونها "ساحرة، وشابة، وأنيقة للغاية".
وأعربت الصحافية التي كتبت المقال جولييت جوان باك عن ندمها بشأن المقال، قائلة إنه "لوّث" مسيرتها المهنية وأنهى ارتباطها بمجلة فوغ.
انتهاء عمليات البحث عن معتقلين في "زنازين سرية" داخل سجن صيدنايا السوري، وواشنطن "قد ترفع" هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب
الانتخابات السورية: انقلابات وانشقاقات وقمع، حكاية عائلة الأسد مع السلطة
وبعد شهر واحد فقط من نشر مقال يتناول شخصيتها، بدأ زوجها بشار الأسد بقمع انتفاضة سلمية تطالب بالديمقراطية بعنف، ما أشعل فتيل حرب أهلية مدمرة قُتل فيها أكثر من نصف مليون شخص، وأُجبر 12 مليون آخرين على النزوح من منازلهم.
وبعد حوالي سنة، في فبراير/شباط 2012، أدلت أسماء بتصريحات عن الحرب للمرة الأولى، إذ قالت ببساطة إنها "تواسي" ضحايا العنف"، وفي بيان لصحيفة التايمز البريطانية أكدت دعمها لزوجها، قائلة: "الرئيس هو رئيس سوريا، وليس فصيلاً من السوريين، والسيدة الأولى تدعمه في هذا الدور".
وفي نفس السنة، وفي ضربة أخرى لصورتها العامة، سرّب ناشطون آلاف الرسائل الإلكترونية الخاصة التي يُزعم أنها من عائلة الأسد، وأظهرت حبّ أسماء للسلع والماركات الفاخرة، ويبدو أن الرسائل الإلكترونية، التي كشفت عنها لأول مرة صحيفة الغارديان البريطانية، أظهرت أسماء وهي تبحث عن حذاء بكعب عال يبلغ ارتفاعه 16 سم سعره حوالي 5000 دولار في الوقت الذي كانت تواجه فيه البلاد اضطرابات متزايدة.
وقدرت وزارة الخارجية الأمريكية في عام 2022 صافي ثروة عائلة الأسد بما يتراوح ما بين مليار وملياري دولار، وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أسماء نفسها في مارس/ آذار 2012، ولم تتحدث إلى وسائل الإعلام الأجنبية عنها مرة أخرى حتى عام 2016 عندما قالت زوجة الأسد لقناة روسيا التلفزيونية إنها تلقت عروضاَ لمغادرة سوريا، لكنها رفضتها، دون أن تذكر مصدر تلك العروض.
وقالت أسماء الأخرس في ذلك الوقت: "أنا هنا منذ البداية، ولم أفكر مطلقاً في الذهاب إلى أي مكان آخر"، مضيفةً: "نعم، تلقيت عروضاً لمغادرة سوريا أو بالأحرى الهروب منها، وكان من بينها ما يحتوي على ضمانات لسلامة وحماية أطفالي وحتى الأمن المالي، ولا يتطلب الأمر عبقرية لمعرفة إلى ماذا يسعى هؤلاء، كانت محاولة متعمدة لكسر ثقة الشعب في رئيسه".
ترميم الصورة العامة والإصابة بالسرطان
مع استمرار الحرب، قادت أسماء جهوداً خيرية، والتقت بعائلات الجنود القتلى، وترأست صندوق سوريا للتنمية، وهي منظمة غير حكومية كبيرة تنسق عمليات المساعدة، وفي 2018، تم تشخيص إصابتها بسرطان الثدي وخضعت للعلاج من ورم خبيث في مرحلة مبكرة، ثمّ بعد عام، أعلنت تعافيها الكامل من المرض.
وفي مايو/ أيار 2024، كشفت الرئاسة السورية عن إصابة أسماء بسرطان الدم، وذكر بيان أنها بدأت بروتوكول علاج خاص يتطلب منها عزل نفسها والابتعاد عن المشاركة في الأحداث العامة.
ولم تعد أسماء السيدة الأولى في سوريا بعد أن سيطرت قوات المعارضة على العاصمة دمشق، وأطاحت بالأسد من منصبه كرئيس للبلاد الأحد الماضي.
وغادر الأسد البلاد إلى روسيا ـ الحليف الرئيسي للنظام السابق ـ حيث تم منحهم حق اللجوء السياسي، بحسب وسائل إعلام روسية رسمية.
784 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع