شفق نيوز/ دعا معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الإدارة الأمريكية، برئاسة دونالد ترامب، إلى توجيه رسالة "هادئة وحازمة" إلى الحكومة العراقية، بشأن المخاطر المترتبة على تمرير قانون جديد يتعلق بـ "الحشد الشعبي"، محذراً من أن هذا التشريع من شأنه تحويل الحشد إلى كيان شبيه بـ "الحرس الثوري الإيراني".
وذكر المعهد، في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "الحشد الشعبي يُعتبر منذ سنوات خطراً على مصالح الأمن القومي الأمريكي والمدنيين العراقيين"، مشيراً إلى أن "إرهابيين مصنفين لدى الولايات المتحدة يتولّون مناصب قيادية عليا في الحشد، بما في ذلك رئيس الهيئة ورئيس الأركان، مستغلين هذا الهيكل المؤسساتي لتأمين رواتب حكومية لعشرات الآلاف من عناصر الميليشيات المنضوين تحت جماعات مصنّفة إرهابية مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق".
واعتبر أن "هذه الممارسات تمثل تلاعباً صارخاً"، مبيناً أن "بغداد تدرس حالياً مشروعين تشريعيين قد يمنحان الحشد شرعية أكبر كمؤسسة أمن وطني، الأول هو قانون الخدمة والتقاعد لقوات الحشد الشعبي، الذي وصفه التقرير بأنه يهدف داخلياً إلى إبعاد قادة ميليشيات منافسة، أما الثاني، والأكثر أهمية فهو قانون هيئة الحشد الشعبي المعدّل، الذي يعيد هيكلة الحشد ضمن إطار رسمي أشبه بمؤسسة وزارية".
ووفقًا للتقرير، فإن تمرير القانون الجديد من شأنه أن يُرسّخ وجود قوات الحشد الشعبي والتي يبلغ عدد أفرادها نحو 238 ألف عنصر كقوة مسلحة موازية لها صلاحيات على الصعيدين المحلي والإقليمي، فيما أكد أن "التشريع سيُرسّخ وضع الحشد كهيكل دائم داخل قطاع الأمن العراقي، وليس كقوة طارئة، بل كمؤسسة شبيهة بالوزارة يصعب إصلاحها أو حلّها لاحقاً".
كما حذر من أن مشروع القانون يشير صراحة إلى الحشد الشعبي باعتباره "الضامن للنظام السياسي"، بقيادة الفصائل الشيعية منذ العام 2003، على غرار دور الحرس الثوري الإيراني، وهو ما يُضعف من مكانة وهيبة القوات المسلحة العراقية، ويمنح الميليشيات صلاحيات واسعة قد تشمل "عسكرة العملية السياسية، بدءاً من تسجيل المرشحين وحتى التصويت وتشكيل الحكومة".
وحذّر التقرير، كذلك من أن التشريع قد يُشجع الميليشيات على تكرار سيناريوهات العنف ضد المتظاهرين ومنظمات المجتمع المدني، كما حدث خلال احتجاجات عام 2019، على حد تعبيره.
وطالب إدارة ترامب إلى التحرك بسرعة، وتوجيه اعتراضاتها الواضحة إلى المسؤولين في بغداد، عبر رسالة مباشرة إلى كلٍّ من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس البرلمان، لمنع إحالة القانون إلى مجلس النواب للمصادقة عليه، مشيراً إلى أن مثل هذه الخطوة لا تتطلب جهداً أمريكياً كبيراً، بل مجرد "إشارة حازمة خلف الكواليس".
وأشار إلى أن الوضع الإقليمي المتوتر حالياً يمنح واشنطن فرصة قوية للضغط، حيث تُعيد الولايات المتحدة نشر قواتها بكثافة، في وقت تحرص فيه الميليشيات العراقية على البقاء خارج دائرة الاستهداف الأمريكي، ما يوفر لواشنطن نفوذاً يجب أن يُستخدم بحكمة لمنع "ولادة حرس ثوري جديد في قلب المنطقة"، على حد تعبير التقرير.
ودعا المعهد، بحسب التقرير، صنّاع القرار في البيت الأبيض والسفارة الأمريكية في بغداد إلى تعزيز هذه الرسالة بشكل عاجل، والانتقال من أدوات الضغط الهادئة إلى استخدام أدوات ضغط أكثر صخباً، تشمل فرض عقوبات على الحشد الشعبي ككل، كما فعلت واشنطن سابقاً مع الحرس الثوري الإيراني.
وأوضح أن "من شأن هذه العقوبات أن تُحدث تأثيراً مالياً واسعاً داخل النظام المالي العراقي، نظراً لأن الحشد يتلقى رواتبه من الحكومة العراقية".
وتابع التقرير، قائلاً إن "التحرك الأمريكي المبكر لعرقلة هذا التشريع سيمثل دليلاً على وعي إدارة ترامب بالتطورات الدقيقة في العراق، وقدرتها على ردع الجماعات المدعومة من إيران، دون انتظار التصعيد العسكري عبر الطائرات المسيّرة أو عمليات الخطف والقتل بحق الأمريكيين".
واختتم التقرير بتوصية بعدم الاكتفاء بالتحذيرات، بل اتخاذ خطوات فعلية، مثل فرض عقوبات فورية على "شركة المهندس العامة"، وهي الجناح الاقتصادي للحشد الشعبي، والتي شبّهها التقرير بـ "مؤسسة خاتم الأنبياء"، التكتل الاقتصادي التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي فُرضت عليه عقوبات دولية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة منذ فترة طويلة.
872 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع