شفق نيوز/ تشهد محافظة كركوك تصاعدًا مقلقًا في حالات الطلاق والخلع، وفقاً لإحصائيات رسمية وشهادات من نساء ومحامين، في وقت تعاني فيه الأسرة من ضغوط اقتصادية واجتماعية متراكمة، إلى جانب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الزوجية.
وتشير إحصاءات محكمة كركوك، إلى تسجيل 945 حالة طلاق و139 حالة خلع خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، ليبلغ المجموع الكلي لحالات التفكك الأسري 1103 حالة، ما ينذر بإمكانية تخطي حاجز 2000 حالة مع نهاية العام إذا استمر هذا المعدل.
السوشال والانفصال
وعلى إثر ذلك، قال المحامي حسين العبادي، لوكالة شفق نيوز، إن محاكم كركوك تسجل ازديادًا مستمرًا في قضايا الخلع، مرجعًا السبب إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية وتراكم المشاكل الاجتماعية، ومنها العلاقات التي تنشأ عبر مواقع التواصل.
وأوضح العبادي، أن القانون العراقي يتيح للمرأة حق الخلع شريطة التنازل عن بعض حقوقها المالية، مشيرًا إلى أن العديد من هذه القضايا تُحسم في جلسات سريعة نتيجة اقتناع المحكمة باستحالة استمرار الزواج.
"حفلة خلع"
في هذا الصدد، روت أزهار محمد، وهي موظفة تبلغ من العمر 35 عامًا وأم لطفلين، قصتها مع الطلاق، قائلة إنها عانت لسنوات من إهمال زوجها، الذي كان يعمل في مطعم ويعتمد بشكل كلي على راتبها، مؤكدة أنها أقامت احتفالًا كبيرًا مع صديقاتها بمناسبة طلاقها، ووصفت اليوم بأنه "بداية لحياة جديدة بعد سنوات من الألم".
وأضافت محمد، خلال حديثها للوكالة، أن زوجها "كان يسرق أموالها وينفقها على علاقات نسائية وشرب الخمر"، رغم أنهم كانوا يسكنون في دار إيجار، مردفة بالقول: "توجهت إلى محامية وخلعته في أول جلسة مقابل مبلغ مليون دينار".
تفكك خطير
من جهتها، حذّرت الباحثة الاجتماعية زينب خلف، خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، من خطورة استمرار تصاعد حالات الطلاق والخلع في كركوك، مشيرة إلى أن "هذه الظاهرة تعكس أزمة حقيقية تهدد بنية الأسرة والمجتمع في حال عدم معالجتها بشكل جذري".
وأوضحت خلف، أن من أبرز الأسباب وراء هذه الحالات "الضغوط الاقتصادية، غياب الحوار بين الزوجين، التدخلات العائلية، وتنامي تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في خلق فجوات نفسية وعاطفية داخل الأسرة".
وأضافت أن "الخلع لم يعد وسيلة نادرة، بل تحول إلى خيار تلجأ إليه كثير من النساء للتخلص من علاقة مليئة بالخذلان أو العنف أو الإهمال، لكنه في الوقت نفسه مؤشر على فشل المنظومة الاجتماعية في توفير الدعم والاستقرار الأسري".
ودعت إلى تبنّي برامج دعم وإرشاد نفسي وأسري، وتكثيف التوعية للشباب المقبلين على الزواج، إلى جانب تفعيل دور الإعلام في تعزيز ثقافة التفاهم والتسامح الأسري.
معالجات ضرورية
في المقابل، حذرت منظمات اجتماعية من أن استمرار تصاعد حالات الطلاق والخلع دون تدخل جاد من الجهات المعنية، قد يؤدي إلى تفكك مجتمعي أوسع، خاصة في ظل غياب برامج دعم نفسي واجتماعي للأسرة.
ويرى مختصون أن من أبرز أسباب الطلاق في كركوك هي الضغوط الاقتصادية، وتغيّر الأدوار التقليدية داخل الأسرة، إضافة إلى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في تغذية الخلافات والشكوك بين الأزواج.
والحل، بحسب خبراء، لا يكمن في الإجراءات القانونية وحدها، بل يتطلب منظومة متكاملة تشمل الدعم المالي للأسر ذات الدخل المحدود، والتوعية المجتمعية بأهمية التواصل الأسري، إلى جانب تقديم خدمات إرشادية قبل الزواج وبعده.
الخلع أسهل من الحل
وفي هذا السياق، قال المواطن أسامة عبد الجبار، للوكالة، إن ارتفاع حالات الطلاق والخلع أصبح أمرًا مثيرًا للقلق، مشيرًا إلى أن بعض الأزواج والزوجات صاروا يتعاملون مع الطلاق كخيار أول بدلًا من الحوار أو الصبر أو الحلول المشتركة.
وأضاف: "أغلب مشاكل اليوم تبدأ بسبب المال أو مواقع التواصل أو الغيرة المفرطة، وتتحول إلى خلافات أكبر لأن الطرفين يفتقران إلى ثقافة التفاهم. من المؤسف أن الخلع أصبح أسهل من النقاش، وهذا يهدد استقرار البيوت وخصوصًا بوجود الأطفال".
وخلص عبد الجبار، إلى ضرورة تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على الأسرة، مشددًا على أن "الدولة والمجتمع مسؤولان عن هذه الظاهرة، ولا بد من دعم الأزواج الجدد نفسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا".
935 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع