العراق أمام "فرصة ذهبية" بعد التهدئة الإقليمية.. هل يستثمرها؟

شفق نيوز – بغداد:بعد توقف الحرب بين إسرائيل وإيران، التي استمرت لـ12 يوماً، تبرز أمام العراق "فرصة ذهبية" ليأخذ دوره الأساسي في المنطقة، عبر استثمار التهدئة الإقليمية لتقليل التوترات، ووضع رؤية أمنية جديدة لأمنه القومي، وتعزيز العلاقات الدولية والتجارية، مما سينعكس بشكل أولي على الاقتصاد العراقي، بحسب مراقبين.

لكن ترجمة هذا الهدوء إلى مكاسب اقتصادية حقيقية تبقى، وفق المراقبين، مرهونة بقدرة الحكومة العراقية على مواكبته بإصلاح جذري في الداخل، يضمن سيادة القانون، ويُحرّر القرار الاقتصادي من سطوة الميليشيات، وإلا لن تكون أكثر من هدنة تُفوّت على العراق فرصة النهوض.

تأثيرات إيجابية

وبهذا السياق، يقول المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، إن "التهدئة الإقليمية في الشرق الأوسط، وخاصة بين الأطراف الفاعلة لجوار العراق، يمكن أن يكون لها تأثيرات إيجابية مباشرة وعميقة على الاقتصاد العراقي".

ويوضح صالح لوكالة شفق نيوز، أن "الدول الخليجية وتركيا وإيران قد ترفع من استثماراتها في العراق بمجالات البنية التحتية والطاقة والنقل والزراعة، وتمنح العراق فرصة الاستقرار ولاسيما لتنفيذ مشروعه الجيو اقتصادي في مشروع (طريق التنمية)".

ويتابع، "فضلاً عن جذب الاستثمارات العربية والأجنبية للعمل بالمدن الاقتصادية الصناعية المرتبطة بمشروع التنمية بأقل المخاطر وأعلى درجات الاستقرار، وجميعها ترتبط بدرجة الاستقرار بالأمن الإقليمي وانعكاساته على بلادنا".

ويؤكد، أن "البيئة الاستثمارية كلما أصبحت أكثر جذباً واستقراراً للمستثمرين الخارجيين، يعني أن التكاليف آخذة بالانخفاض إزاء تعاظم فرص الربح".

ويشير صالح، إلى أن "من أفضل الفرص الاستثمارية الخارجية إضافة إلى طريق التنمية، هي التنافس على الاستثمار المشترك لمواقع الموارد الطبيعية من باطن الأرض (عدا صناعة النفط والغاز) بكونها المجال الحيوي الواعد للمستثمرين".

"فرصة ذهبية"

وهذا ما يذهب إليه أيضاً نائب رئيس لجنة الاستثمار النيابية، حسين السعبري، إذ يقول إن "الوضع الإقليمي أصبح هادئا بعد توقف الحرب بين إيران وإسرائيل، وأضحت العلاقات أقرب بين الدول العربية والإقليمية، لذلك لابد من الحكومة العراقية استثمار هذه الأجواء لتكون قطباً وحلقة الوصل بين الأطراف، في سبيل توفير تنمية أقليمية".

ويؤكد السعبري لوكالة شفق نيوز، أن "الظرف الراهن يمثل فرصة للبناء السياسي والعلاقات الدولية والتجارية، ما يتطلب من العراق أخذ دوره الأساسي في المنطقة واستثمار هذه الفرصة الذهبية".

ويتفق الباحث الاقتصادي أحمد عيد، مع حديث حسين السعبري، بأن "التهدئة الإقليمية بين إيران وإسرائيل تشكل فرصة لتقليل التوترات في المنطقة، وهو ما ينعكس بشكل أولي على الاقتصاد العراقي عبر خفض كلف التأمين والنقل، وتحسّن مزاج الأسواق، واستقرار نسبي في سعر صرف الدينار، كما قد تسهم في تقليل الضغوط المالية على الموازنة العامة، وتعزيز ثقة المستثمرين المؤقتة".

مكاسب اقتصادية مشروطة

لكن عيد ينوّه خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "ترجمة هذا الهدوء إلى مكاسب اقتصادية حقيقية تبقى مرهونة بقدرة الحكومة العراقية على مواكبته بإصلاح داخلي فعلي، فالاستقرار الخارجي مهم، لكنه لا يُعوّض عن الفساد المستشري في جميع مؤسسات الدولة العراقية، والذي يلتهم فرص الاستثمار، ويشل المشاريع، ويقوض بيئة الأعمال".

ويتابع، "أما عن زيادة في الاستثمارات أو تقليل المخاطر المالية في العراق نتيجة هذا الهدوء، بشكل نسبي نعم، لكن ذلك يعتمد على عاملين، الأول مدة الاستقرار ومدى قناعة المستثمرين بأنه ليس هدوءاً مؤقتاً، والثاني مدى قدرة الحكومة العراقية على مواكبة هذا الهدوء بإصلاحات داخلية، كتحسين بيئة الأعمال وتقليل التدخلات الأمنية والميليشياوية".

ويوضح، "فإذا تحقق ذلك، فإن الهدوء الإقليمي قد يُقلل من مخاطر التصنيف الائتماني للعراق، وبالتالي يشجع بعض الاستثمارات الخليجية أو التركية أو الإيرانية المترددة، ويعزز فرص إعادة تمويل الديون أو الحصول على قروض دولية بفوائد أقل".

فرص استراتيجية

ويؤكد عيد، أن "العراق يمتلك فرصاً استراتيجية واضحة، تتمثل في توسيع التبادل التجاري مع دول الجوار (تركيا، إيران، الخليج)، واجتذاب استثمارات في الطاقة المتجددة، خاصة من الشركات الأوروبية والخليجية التي تراقب الوضع".

ويضيف، "وكذلك إحياء المشاريع المؤجلة مثل خط سكك البصرة – تركيا أو ميناء الفاو الكبير، والاستفادة من العراق كممر ترانزيت بين الخليج وأوروبا عبر مشروع (طريق التنمية)، وتنشيط قطاع السياحة الدينية واستقطاب زوار من إيران والخليج دون هواجس أمنية".

وعليه، يقول عيد، إن "الاستقرار السياسي الخارجي شرط ضروري لجذب رؤوس الأموال، لكنه غير كافٍ ما لم يُرفَق بإصلاحات داخلية تضمن سيادة القانون، وتُحرّر القرار الاقتصادي من سطوة الجماعات المسلحة، حيث أن أي تهدئة إقليمية، بلا إصلاح جذري في الداخل، لن تكون أكثر من هدنة مؤقتة تُفوّت على العراق فرصة النهوض".

رؤية جديدة للأمن القومي

ولا يقتصر استثمار التهدئة الإقليمية على الجانب الاقتصادي، إذ يوضح الخبير العسكري، علاء النشوع، أن "المنطقة معرضة لأحداث متسارعة وسط تجاذبات إقليمية ودولية، ما يتطلب من العراق وضع رؤية جديدة لأمنه القومي".

ويشرح النشوع لوكالة شفق نيوز، أن "دول العالم تعتمد على المقدرات الأمنية التي هي الاستخبارات والدقة في المعلومات والسيطرة والقيادة وأمن المعلومات والمنشآت والأشخاص، وهذا كله يعزز من الأمن القومي للدولة، لذلك العراق يحتاج إلى رؤية أمنية تتعلق بتوازن السياسة الخارجية من أجل المصالح المشتركة، ورفض التدخلات والخضوع لأي دولة".

ويؤكد الخبير العسكري، أن "على العراق بناء آفاق على ضوء مرتكزات أمنية حقيقية ترتبط بتأمين المجتمع العراقي من خلال تعزيز التعاون مع الأمن القومي العربي والإقليمي والدولي".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

753 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع