((مبدعات من بلادي )) حوار مع الأديبة والشاعرة العراقية المغتربة"مي العيسى "
* سماني أبي وكان أديبا وكاتبا معروفا على اسم الأديبة والكاتبة العربية الشهيرة "مي زيادة" .
*صالوننا الأدبي في لندن يحضره المثقف الانكليزي والامريكي والهندي والاسباني والايطالي والعربي.
* ماذا تقرأ بطاقتك الشخصية ؟
- عراقية نقلت حضارتها إلى بريطانيا وتحافظ عليها بإفادتها مما يحمله العرب من تراث رائع ، وقيّمٍ راقية .
*أنت رئيسة تحرير مجلة "همس الحوار" المحكمة الصادرة في لندن ، هل لك أن تطلعينا على تاريخ صدور العدد الأول من المجلة، وكيف تولدت الفكرة ابتداء ؟
- صدر العدد الأول من دورية "هَمْس الحِوار~ Whispering Dialogue" للأدب والفنون والعلوم الإنسانية في كانون الثاني ٢٠١٨.
أما عن الفكرة فقد إختمرت في ذهني أول مرة خلال دراستي للترجمة واللغويات ، ومن ثم الماليّة الدَوْليّة في إنكلترا، وقد تلمست نقصاً في المواد المؤرشفة، وكنت أشخص شحا فيها مهما بحثت و تقصيت ،برغم ما توفره مكتبات الجامعة من مصادر ومراجع على مستوى عال وبما لايحصى ، وبالأخص تلك المصادر التي أحتاجها باللغتين ،ما جعلني أفكّر مليّاً في إصدار مطبوع دوري أدبي وثقافي يسد هذا النقص ،بما يوفر الكثير من الجهد والوقت أمام الباحثين من بعدي ، وبالفعل فقد طرحتُ على المسؤولين في المكتبة البريطانية ، فكرة إصدار دورية ذات محورٍ رئيس ومهم يناقش ما يحدثُ آنيّاً لكلّ عددٍ من اصداراتها وباللّغتين العربية والإنكليزية في تشرين الأول ٢٠١٧ ، وقد رحّبوا بالفكرة ، وأثنوا عليها كثيرا ، ولله الحمد والمنة ،وبهذا صادقتْ ادارة المكتبة على الدورية برقم تسلسل عالميّ ثابت ، وها هي في أرشيفها الإلكتروني كمجلّة إلكترونية محكمة (بي دي أف ~ pdf) زيادة على موقعها الإلكتروني الرسمي الذي يحفظها وموادها الثرية من المتسللين والمنتحلين اضافة الى السرقات الأدبية .
* ماذا يعني أرشفة " همس الحوار" في المكتبة البريطانية بالنسبة للكتاب والباحثين والأكاديميين وطلبة الدراسات الاولية والعليا ،سواء العرب منهم أو الاجانب ؟
- الأرشفة عاملٌ مهمّ جدا لكونه يضمن المحافظة على الدورية مدى الحياة داخل المكتبة البريطانية لتشكل مرجعا ومصدرا يرجع إليه الباحثون والدارسون في أيّ وقت شاؤوا ، حاضرا ومستقبلا، بغية الافادة من مواضيعها وبحوثها ومحاورها وأبوابها المهمة والشائقة والمتعددة.
*عدد كبير من المثقفين والكتاب والباحثين العراقيين والعرب يودون الكتابة في مجلتكم الرصينة، ترى ما هي ضوابط وشروط النشر فيها ؟
- نرّحب بالكتّاب والباحثين من أنحاء العالم كافة، شريطة الالتزام بالرصانة والموضوعية وأصول وقواعد النقد الادبي والبحث العلمي ، ونؤكد للجميع حرصنا على انتقاء الجيد والجديد من النصوص الأدبية التي تتناسب مع رقي لغة الضّاد ، لتحلق بها عاليا الى آفاق أرحب ، علماً بأنَّ النصّ أولا وأخرا ، إنما يُعبِّرعن وجهة نظر ، ورأي كاتبه، أمّا شروط النشر،فهي كالآتي:
– أن لا يكون النص قد نُشِر في أية صحيفة أو موقع إلكتروني سابقا ، أو قبل مرور عام كامل على الأقل من تاريخ النشر وبإذن من الناشر.
ـ خلو النص من أي نَفَس طائفي.
ـ أن يتعلَّق النص بمحور العدد.
ـ سلامة اللغة بمفرداتها كلِّها.
ـ توفُّر المعايير اللغوية ومقاييس البلاغة حسبما يقتضيه النص.
ـ يخضع النص للتدقيق من قبل أساتذة أكفاء في هيئة التحرير حسب الاختصاص.
ـ لهيئة التحرير رفض أي نص على أن تبيِّن أسباب ذلك.
– يُقدَّم للنص العربي بتوطئة باللغة الإنجليزية ، وللنصّ الإنجليزي بتوطئة باللغة العربية.
ــ تُكتب خلاصة باللغتين العربية والإنجليزية بتحليل أكاديمي مهني وموضوعي للبحوث والدراسات التي يتم قبولها على أن يتضمن البحث عناصر القوة والضعف في النصّ موضع الدراسة أو التحليل النقدي بعيداً عن المحاباة. وهو النهج الثابت لسـياســة الدورية.
*انت أديبة وشاعرة وكاتبة ومترجمة،حدثينا قليلا عن أهم دواوينك الشعرية، وكتاباتك وترجماتك من الانجليزية للعربية وبالعكس .
- بعض النصوص الشعرية جمعتها في ديوان (و.. هَمَستْ) على أمل أن أجمع الجديد منها في ديوان آخر، أمّا عن المقالات فقد نُشرت في بعض المجلات والصحف ابتداءً بـ( الشرق الأوسط )مرورا بـ (سيدتي ) و( كلّ العرب) .
فيما نشرت المقالات الإقتصادية منها في (جريدة الحياة ) كما في بعض الترجمات. أمّا الإنكليزية منها فتم نشرها في بعض المواقع الإلكترونية .
ولايفوتني التنويه الى أن بعض النصوص الشعرية والقصص القصيرة قد ألقيت في العديد من المنتديات البريطانية وباللغتين ، ولا سيّما في مقهى الشعر اللندني Poetry Café ، وأنا عضوة فيه .
* وماذا عن صالونك الأدبي المعروف والذي شبهه بعضهم بصالون "مي زيادة " وكان يعقد كل يوم ثلاثاء في القاهرة ، و يؤمه كبار الأدباء والكتاب والشعراء العرب، ولاسيما أنكما تشتركان في الاسم ذاته ايضا وهو من الأسماء المؤنثة الشاعرية الأكثر عراقة عند العرب وفيه قال النابغة الذبياني :
يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ ...أَقوَت وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ
- (صالون ميّ) الجديد يأتي امتداداً لصالون الكاتبة والاديبة التي سماني والدي رحمه الله تعالى، على اسمها ، تيّمناً بها، وذلك لشغفه بالأدب والشعر العربي والعالمي وتربيته وتربته الأصيلة التي سقاها إياي .
صحيح أن صالوننا الأدبي قد توقف برهة من الوقت لظروف خارجة عن إرادتنا بما فيها ظروف الحظر بسبب جائحة (كوفيد - 19 )، إلا أننا واصلنا إقامة الجلسات الادبية من خلال اللقاءات الإلكترونية لمناقشة القيّم من المواضيع وما يُكتب فيها ،كذلك الشعر والقصة القصيرة، بالعربية والانكليزية ، فصالوننا الأدبي يحضره المثقف الإنكليزي والإسباني والإيطالي والهندي والأمريكي والعربي ، ومن الجلسات ما تتداخل فيها الثقافات، وتتزاحم الآراء ،وتتراكم المعارف ، ومنها ما تتشابه ، أو تتعاكس ،لننقل خلاصة التجربة الثرية تلك ،وزبدتها لاحقاً إلى دوريتنا الثقافية "هَمْس الحِوار" .
*والدك هو المحامي والأديب عبد الودود العيسى ، وهو من أسرة بصرية عريقة ومعروفة ، وله روايات ما تزال محفورة في الذائقة فضلا على الذاكرة الأدبية ، أولاها "مذكرات مسلول" وثانيها "شمخي" وثالثها ظلت مخطوطة بعنوان " الشاطىء المسحور"، حدثينا قليلا عن سيرته الأدبية التي قد تجهلها الأجيال الناشئة .
- والدي المرحوم عبد الودود العيسى الخصيبي البصراوي ، معروف بحكمته وعدله وحنكته كمحام ، و بكتاباته الراقية ككاتب ، وقد تناول في روايته "مذّكرات مسلول" تجربته الشخصية حين كان يدرس في الجامعة الأمريكية في بيروت، اما رواية "شمخي" فقد تناول فيها معاناة الفلاّح المُنهك المُستغل إقطاعياً ، متطرقا الى ملابسات غبن الحقوق العامة، والخاصة من خلال "شمخي "وأمثاله ، ليس للفلّاح فحسب ، وإنّما للجميع. أمّا عن (الشاطئ المسحور) فقد ظلّت المسوّدة تنتظرنا بعد أن قال لي ابي بأننا سنُكملها سوية ، قبل أن نفقدها وللأسف!
لقد كان يكتب مقالاته الأدبية والسياسيّة اللاذعة وينشرها في الصحف والمجلاّت الأدبية والسياسية منذ أن كان طالباً في بيروت ولاحقاً في بغداد والبصرة.
حتى اللقاءات الاجتماعية في دارنا كانت تتحوّل إلى جلسات و صالونات ثقافية وسياسية وأدبية نناقش فيها محاور شتى منها الحادثة ومنها الآنية ،من دون أن نغفل عن الاحداث الماضية ، وعن الذكريات المهمة ، وقصص التراث التي تروى كحِكَم وعبر وعظات وتجارب لا مناص من ذكرها والتذكير بها البتة .
كان مديراً للحقوق والأراضي في شركة نفط البصرة ، وقد سنّ قانونا يحمي به حقوق العمّال ، ووزع أراضٍ سكنية لهم .
كان نهمَ القراءة باللّغتين العربية والانكليزية ، وظلّ يتعلم ويقرأ. وقد أعاد دراسة الفرنسية حين كنتُ في الابتدائية ، وقد أفدت كثيرا من كتبه تلك لاحقاً.
فمكتبته ورفوفها كانت عامرة بالكتب والمخطوطات الأصيلة، وفي كلّ شهر كان يأتيه أفضل كتابين من المكتبات الانكليزية ليزين بها مكتبته . وكان حين يكتب الدعاوى أرتّبها له لاحقاً بخطي.
كان رحمه الله تعالى شديداً في التربية، ودوداً كأسمه ، حريصاً على قول الحقّ في حياته وكتاباته ، وأذكر أنه وفي الرابع الابتدائي حدث وأن صححت لي مدرّسة الإنكليزي الإملاء ووضعت لي درجة ١٠/١٠ ، ففرحتُ كثيرا ، الا أنني وحين سلمت الورقة الى أبي فإذا به يذهب إلى المعلمة في اليوم التالي ليؤنّبها وينبهها على وجود خطأ إملائي وبالتالي فأنا لا أستحق تلك العَشرة الكاملة عليه ، فصارت المعلمة ومنذ ذلك الحين تراجع ورقتي الامتحانية أكثر من مرة قبل أن تسلمني إياها!
ولعل عزائي الوحيد هو أنّه قرأ كتاباتي قبل أن تُنشر رسمياً، وكان يشجعني ويشكل مصدر إلهام لي ، وما تزال نصائحه الابوية الذهبية ، تداعب مسامعي ، وترن في أذني .
*مجلة (همس الحوار) تتضمن أبوابا عدة ، حبذا لو أطلعت القراء الكرام على تلكم الأبواب وأبرز خصائصها وأهم من كتبوا فيها ؟
- الأبواب الرئيسة،في مجلتنا هي :
– البحوث والدراسات والمقالات في علوم اللغة والنقد الأدبي والعلوم الإنسانية.
– الشعر
– المقالة
– القصة القصيرة
– الفنون
– أدب الرحلات/ في باب ابن بطوطة.
– الوثائقيات.
– ذخائر الأدب
– ما قبل التاريخ؛ عن الحضارات الغابرة.
– الحوارات
والحق يقال فإن دورية " همس الحوار " تزخر بالأسماء اللامعة المعروفة ،فضلا على الواعدين من الأقلام الشابة لتشجيعهم، والقائمة تطول ، وكما أسلفت فنحن نختار القيم والدسم من المواضيع المهمة دائماً.
كانت أستاذتنا المرحومة "ناصرة السعدون " من أوائل من حاورناها أدبياً ، كذلك الأستاذة الدكتورة بشرى البستاني ، أطال الله في عمرها ، والفنان التشكيلي الكويتي سامي محمود ، وغيرهم كثير من الشخصيات العربية المهمة ، اضافة الى البريطانية المحامية (عينا خان) التي حصلت على الوسام الملكي تثمينا لجهودها في إدخال الشريعة الغراء في قانون الزواج البريطاني للمحافظة على حقوق الزوجة في عقود الزواج في بريطانيا. علاوة على أساتذة في جامعات أمريكية كأستاذ الفلسفة مارك جوزيف ، وأستاذة اللغة كرستينا كيتسون.
ومن خلال الدورية نتعرف كذلك على أدب وثقافة الهنود الحمر، والفرنسيين ، والإسبان،وشعوب امريكا اللاتينية ، والعرب من الخليج إلى المحيط. .
أسرة تحرير مجلتنا كان لها الدور البارز والجميل من خلال المناقشات المفتوحة لإختيار المواد ، ومراجعة النصوص ، والمحاور في اجتماعاتنا الدورية. أذكر منهم الكاتبة الإسبانية إيزابيل دَلْ ريو، والشاعرة الدكتورة ثريّا نعمان ، كما هي اسهاماتك أستاذنا الفاضل.
* ماذا تعني لك الرواية والمجموعات القصصية كفن أدبي مؤثر ومرموق ولاسيما وأن هناك من الأدباء المعروفين من يقلل من شأنهما ،عمدا تارة ، وسهوا أخرى ؟
- في الرواية، ننتقل إلى عالمٍ آخر نستقي منه الحقيقة عبر الخيال. التاريخ فيها عِبرة وحكمة ونصيحة. أمّا القصص القصيرة ولا سيّما الموجزة منها ، فهذه تختصر الحياة بجملة ، وتوجز الواقع بالتفاتة. وفي كل منهما نقول ما لا نستطيع الجهر أو البوح به.
ولكلّ كاتبٍ أسلوبه الجميل والماتع في الكتابة والحكاية التي يرويها لنا ، وبما يختلف عن نظرائه الاخرين ، والحق يقال بأن أصحاب (الأنا) الفارهة هم وحدهم من يريدون إسقاط سواهم ربما للصعود والتميز .
* بماذا تنصحين الشعراء الشباب من كلا الجنسين ؟
- يا حبّذا لو يقرأ الشعراء أمهات الكتب العربية، وترجمات الشعراء ، كما الكتّاب للتعرف على مجمل المدارس الأدبية والثقافات الموسوعية، و يحرصوا على أن يطوروا أنفسهم ، ويصقلوا مواهبهم ، ويشذبوا مهاراتهم في كتابة الشعر ونظمه ، سواء منه المقفّىً ، او الحرّ.
* كلمة أخيرة لقرائك ومتابعيك .
- لننقل الأصيل من ثقافتنا الجميلة ولنجول بها حول العالم بأجمل ثوب قشيب ، وبأبهى حلّة.
ولكم منّي طِيْبَ التحايا ، وصِدق الدعوات.
يشار الى أن للأديبة والشاعرة والأكاديمية العراقية المغتربة ، مي العيسى ، ديوان شعري بعنوان " وهمست " ،سجلت بين دفتيه حبا انسانيا يحلق بجناحي العشق والغربة عاليا من مدينة الضباب - لندن - ليعانق نخيل البصرة الفيحاء ، وجنائن بابل ، و شناشيل بغداد ، وحدباء الموصل ، وقلعة اربيل .
ديوان تماهت عناوينه الجميلة ، مع شاعريته الخلابة الاصيلة :
" حوارية الشمس والقمر ، كحلة الليل ، نثيث صيف ، حلم آفل ، رقصات ، لا ، انخطاف ، لعبة الثلج والوحل ، لحظة انتظار .. وساعة ، الحياة أوراق ، في قنينة ، هبني ، بين الظهيرة والليل ، تسلل ، حنين ، دعابة الأمس ، حجري ، بينكما ، ثلاث حفنات ، وأدي ، وكفى اغتيالا ، مشاكسة ، منام ".
ومن عناوينه ايضا " اهرب ، فلنرقص ، يأس !، الصبر ، يا ابن أمي ، صمت كلمات ، هيا شهرزاد ، غضب ، صدى الأعماق ، جراح الورد ، هيولى ، إليك ، اضافة الى ، خبيء ، ومضة ، علمني المشي ، لقاء عابر ، نيام نيام ، إبليس ، مشاكسة ، من أنت ، بعد الغد ، أٔمان محالة ، سيكارة ، دورة مدى ، مصيدة ، نسيان الذكرى ، في الفؤاد..وردتان ، دمعة،" .
العيسى تحدثت في قصائدها عن مواضيع شتى في حب الوطن ، وألم الفراق ، ولوعة العشق ، وخبايا الحياة ...وتقول في قصيدتها يا ابن أمي :
يا ابن أُمّي يا ابن أُمّي، أين أمّي؟
ها قد توالدتِ الذئاب
رأيتُهُم هنا وهناك
بتكشيرتهم ينهشون لحمي
يا ابن أُمّي، أين أمّي؟
تكاثرتِ الذئابُ من حولي
أراهُم..هنا وهناكْ
بوجوهٍ تحت ألف قناعٍ وقناع
يحتفون بغرز الأشواك..في جسدي
هنا. وهنا. وهنا. وهناك
يا ابن أُمّي، أين أمّي؟
4748 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع