جمعيات ونواد بغدادية في بداية تأسيس الدولة العراقية
ان بدايات التحديث في العراق، ودخول الأفكار الجديدة يعودان الى زمن يسبق الاحتلال البريطاني، ويرتبط بإصلاحات الدولة العثمانية، ولكن عوائق انتشار التحديث بين الناس تجلت , بفعل إشكالية العلاقة بين اللغة والعلوم التي تنقلها فلسفة التعليم التركية كانت عاجزه عن منافسة المدارس الدينية التي تستعمل اللغة العربية، لأن التركية نظر أليها على أنها أداة من أدوات الصهر القومي والتجاوز على التاريخ المحلي،فاصبح رواج المدارس الحديثة عسيراً في وقت كانت العربية تواصل ديمومتها عبر المدارس الدينية التي بدت , وكأنها التعويض الأمثل عن غياب التواصل بين الناس وتراثهم المحلي وذاكرتهم الوطنية.
ومن الأمور التي اعاقت تطور المؤسسات المدنية هو انتهاج بريطانيا سياسةأبراز الطبقة الاقطاعية اذ اسهمت بريطانيا في العراق بخلق هذه الطبقة لضمان مصالحها ولتقف عائقا امام أي تطور، وقد اكدت المس بيل مستشارة وزارة الخارجية البريطانية لشؤون الشرق ذلك بقولها "اما السياسة التي اتبعناها فهي ان نعيد للشيخ نفوذه , وسلطانهُ ونؤازره بحيث نجعله مسؤولا لقاء ذلك عن سلوك قبيلته"، وغدت هذه الطبقة العمود الفقري للبناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهيمنة على جميع مفاصل الدولة المهمة.
كانت الحكومة العراقية لا تناهض في بادئ الامر نشر اية فكرة او مبدأ او رأي جديد في السياسة أو الاجتماع أو الادبأو الفلسفة أو الفن , لذلك نشأت مدارس ونواد ومنظمات وجمعيات ذات توجه قومي وديني وشيوعي وغيرها وهذا مرده الى حداثة الانفتاح على العالم الخارجي , وتساهل الدولة امام هذه التيارات بسبب خوفها من فشل العملية السياسية , لذلك ارادة ان تسمح بقدر معين من الحريات والحصول على الوقت اللازم لبناء الدولة.
تم تأسيس مؤسسة لرعاية الايتام وهي "جمعية الميتم الإسلامي" عام 1921 وكان اول من فكر فيه هو السيد عبد الحميد بابان حظيت هذه الجمعية , باهتمام كبير من قبل المؤسسات الإنسانية والخيرية فضلا عن اهتمام الملك فيصل الاول بهاوتبرع الوجيه مناحيم دانيال ببناية المدرسة لها , وفيما بعد الحقت هذه الجمعية بمديرية الاوقاف وسن لها قانون خاص واستمرت هذه الجمعية في أداء عملها لمدد طويلة.
وفي هذه المدة ظهرت جمعية "اخوان الأدب" في بغداد وكان تأسيسها بتاريخ تشرين الثاني 1921, ومن ابرز الاهداف التي سعت لتحقيقها , هو نشر الادب العصري والثقافة العربية بين المواطنين , من ابرز اعضائها جميل صدقي الزهاوي وابراهيم حلمي العمر وساطع الحصري ومعروف عبد الغني الرصافي , وفي اوقات لاحقة انحلت الجمعية من تلقاء نفسها.
المعهد العلمي
وفي المدة ذاتها تأسس"المعهد العلمي"بعد تولي الملك فيصل الاول العرش العراقي، بأسابيع قليلة وحظي باهتمامهُ, فقد حضر بنفسه حفل افتتاحه في الثلاثين من كانون الأول عام 1921، وحضر حفل الافتتاح عدد من اقطاب الثقافة أمثال محمد مهدي البصير, ومعروف عبد الغني الرصافي ومحمد باقر الحلي وغيرهم والقى معتمد المعهد ثابت عبد النور خطبة الافتتاح باسم المعهد، كانت بناية المعهد تقع في محلة "جديد حسن باشا" من جهة شارع الرشيد قرب سوق الصاغة وقد كان المعهد اشبه بناد يحتوي مكتبة عامة فيها قاعات للمطالعة , وتحتوي على الصحف والمجلات العراقية والعربية، وكان الدخول والجلوس فيه أو قراءة الصحف مباحة للجميع دون اشتراك.
ولكي لا تحوم الشكوك حول المعهد العلمي اعلن في نظامه الداخلي عدم تدخله في الشؤون السياسية، وبأن هدفه ثقافي بحت يعنى بنشر الآداب والعلوم والقاء المحاضرات والدروس وإقامة علاقات ثقافية مع الجمعيات والنوادي المؤمل اقامتها في البلاد، كانت طموحات المعهد العلمي اكبر من إمكاناته المادية، فمنذ البداية سعى الى نشر التعليم , وفتح صفوف لتدريس اللغتين العربية والإنكليزية وفق اسس حديثة , ووضع في برنامجه بنداً ينص على أعفاء الفقراء من دفع بدل الاشتراك فيه، كما أقر في برنامجهُ ارسال طلاب في بعثات دراسية بعد تنظيم ميزانيته , واقر أيضا تأليف هيئة إدارية من خمسة عشر عضواً في ثلاث لجان علمية ومالية وإدارية.
جرت انتخابات أعضاء الهيئة الإدارية للمعهد العلمي يوم التاسع من كانون الثاني 1922، جلب النادي انتباه الصحافة العراقية في غضون أسابيع يسيرة ولا سيما بعد ان عرض مسرحية "وفود النعمان"، وتم القاء دروس ليلية فيه، علاوة على ذلك انه لم يقم بمشروع نافع في هذه البلاد منذ اندثار مدنيتها، عمل على احياء الادب العربي وتعزيز مفاخر هذه الامة المجيدة كالمعهد العلمي.
ومن الاعمال التي قام بها المعهد، مكافحة الامية في العراق وبغداد على شكل خاص، كما وطلب ثابت عبد النور من وزارة المعارف وقتذاك عام 1925 تأسيس مجمع علمي كما اقام المعهد العلمي احتفالات أدبية في ذكرى وفاة الاديب مصطفى لطفي المنفلوطي وفي استقبال امين الريحاني في زيارته الأولى للعراق.
اما بشأن بواكير الجمعيات الفنية هو حصول الفنان الرائد خالص الملا حمادي على اجازة لتأسيس "جمعية التمثيل العربي" في بدايات صدور قانون الجمعيات عام1922 , والتي اسهمت بأجراء حفلات تمثيلية عدة في بغداد والبصرة، وكانت هناك عروض جمة قامت بها الجمعية على مسرح رويال سينما.
منتدى التهذيب
في غضون مدة الحكم الوطني أسس "منتدى التهذيب" في بغداد في 7 اذار 1922، اسسته طائفة من شبيبة الكلدان، اخص بالذكر منهم ميخائيل تيسي وليون لورانس عيسائي ويعقوب مراد الشيخ وعبد الجليل اوفي, لقد اسهم في نشاطه الثقافي بإلقاء المحاضرات والخطب عدد من الشعراء والادباء أمثال الزهاوي والرصافي والأب انستاس ماري الكرملي وفهمي المدرس وتوفيق السمعاني وروفائيل بطي ويوسف غنيمة، القى غنيمة في حفلة الافتتاح خطاباً دل مع قلته على معان بليغة تنطوي على تهنئة , لمؤسسي المنتدى وبعض منشورات تضمن ثبات هذا المشروع الخطير نخص منها بالذكر الثبات وخلوص النية في العمل.
حظي منتدى التهذيب بتقدير مثقفي المرحلة منذ تأسيسه يقول إبراهيم صالح شكر انه اختار له اسماً متواضعاً، وعمل في الخفاء اعمالاً مفيدة ويستحق على ذلك المدح والثناء العظيمين، ونال المنتدى اهتمام مثقفين كبار ممن حضروا ندواته واجتماعاته الثقافية، مارس منتدى التهذيب نشاطاً مسرحياً فقد عرض عدداً من المسرحيات في سنترال سينما، وأعطى دروساً في اللغات العربية والإنكليزية والفرنسية، وشهدت أروقة المنتدى محاضرات ثقافية أسهم فيها مثقفون مجددون أمثال كاظم الدجيلي وسامي شوكت وتوفيق السمعاني وغيرهم، وليس من شك في أن أهم خطوة قام بها النادي في سبيل التجديد كانت دعوته الى تحرير المرأة، وقد تجسد ذلك في الكثير من نشاطاته التي كانت تمثل تحولا نوعياً في ظواهرها، فانه دعا بولينا حسون لإلقاء كلمة في احتفال أقيم لتكريم الزهاوي في عام 1923، كما دعا محمد جميل بيهم عند زيارته العراق الى القاء محاضرة في النهضة النسوية، ووزعت بطاقات دعوة على عدد من النساء لأول مرة في تاريخ العراق الحديث , وقد نجح النادي في مسعاه، اذ اكتظت بهن قاعة سينما الوطني الى درجة لم يجدن موضعا للجلوس.
ومن أهداف منتدى التهذيب هي تهذيب الشباب أخلاقيا وعلميا ونشر العلم والمعرفة، وفيه مكتبة للمطالعة ضمت500 كتاب باللغات العربية والإنكليزية بموضوعات مختلفة، وكان دخله المادي من التبرعات في عام 1922 ما يزيد على 8000 ربية ومصاريفه 5000 ربية، وله نظام وقانون، وقد أسهم بتشجيعه وشعره الشعراء البارزون في العراق منهم الزهاوي والرصافي ومن أنشطة هذا المنتدى ان اقام حفلات أدبية للشاعر احمد شوقي وحفلة تأبين الكاتب العراقي شكري الفضلي.
تأسس في مطلع عام 1923 ناد ادبي يضم بعض شباب اليهود ومارس هذا النادي الأنشطة الثقافية , وذات يوم علقت قطعة على باب النادي هي "نادي جمعية الشبيبة الإسرائيلية"اختصارا Y.M.J.A)) لكي تحاكي جمعية (Young Messianic Jewish Alliance) فثار الجمهور عليها وأغلقت الجمعية وعطلت صحيفتها.
أسس "نادي النهضة النسائية" مطلع عام 1923, وهو اول ناد للمرأة العراقية اسس بجهود لفيف من نساء الذوات , وهدف هذا النادي هو تعليم الفتاة لتأخذ دورها في المجتمع , بدأ النادي اعمالهُ في24 تشرين الثاني 1923, بانتخاب السيدة اسماء الزهاوي رئيسة له , وبادر الى فتح دورة لتعليم الاميات والقيام بخياطة الملابس للفقيرات , والقيام بتربية وتعليم عدد من اليتيمات , وبهذا يكون النادي اول هيئة نسوية عراقية تحقق مبدا التكافل الاجتماعية.
جمعية نادي الاصلاح
في 17كانون الاول 1923 تم تقديم طلب لتأسيس نادي ثقافي باسم "جمعية نادي الاصلاح"في جانب الرصافة , وكانت الهيئة المؤسسة للنادي تتكون من ثلاثة عشر عضواً من اعيان البلد, وقد وافقت وزارة الداخلية بكتابها المرقم (20181) في 29 كانون الاول 1923على اجازة النادي لممارسة نشاطه , فتم انتخاب الهيئة الادارية للنادي والتي تألفت من محمد رؤوف البحراني معتمدا , ومحمد جعفر الشبيبي امينا للصندوق وعبد الرزاق حلمي الازري محاسبا عاما، وقد حضر الملك فيصل الاول ووزير الداخلية علي جودت الايوبي، وعدد من ابرز المثقفين وجمع من اعيان البلد والوزراء حفل افتتاحه , ونال النادي دعماً مالياً قدره ثلاث الاف ربية من كاظم الشمخاني، احد كبار تجار البصرة، كما تبرع باشتراك شهري قدره مائة ربية، وحضر ما يقارب ثلاثمائة شخص حفل افتتاح نادي الإصلاح , كان اغلبهم يحملون اراء "وطنية متطرفة"، لكن برنامج النادي تضمن مع ذلك عدم التدخل في الأمور السياسية مؤكداً ان هدفهُ اصلاح الأوضاع الاجتماعية، عن طريق نشر العلوم والآداب والقاء المحاضرات والدروس العلمية وإصدار مجلة باسم "الإصلاح" بموافقة الحكومة ونشر العربية الفصحى , وتألفت هيئته الإدارية من ثلاث عشر عضوا يتجدد انتخابهم كل عامين، على ان يقبل النادي في عضويته كل من يتصف بالأخلاق ويجيد القراءة والكتابة ولا يقل عمره عن 18 عام، واعلن عن عزمه على فتح فروع له في انحاء البلاد، وقد افتتح النادي فعلاً فروعاً له في كل من البصرة والنجف وغيرهما.
وفي غضون بضعة اشهر اصدر النادي مجلته "الإصلاح" التي تولى ادارتها "عبد الحسين الازري"، وهو نفسه الذي كان ينفق عليها، وقد حفلت المجلة بالمواضيع الادبية والثقافية , كالاهتمام باللغة العربية , وآدابها ونشر القصائد الشعرية واهتمت ايضا بالقضايا العلمية, وبالعلماء المسلمين ونشر سيرهم , ومن ابرز كتاب هذه المجلة هبة الدين الشهرستاني ومحمد رضا الشبيبي ورفائيل بطي وغيرهم الأ انها توقفت بعد صدور أربعة أجزاء منها، برز نادي الإصلاح في المجالين الثقافي والاجتماعي اسوة بغيره من النوادي التي ولدت في العقد الثالث من القرن الماضي فقد اسهم عدد من مثقفي المرحلة في القاء محاضرات في النادي، فعلى سبيل المثال القى عباس العزاوي محاضرات عن أسباب رقي العراق، ودعا النادي الجمهور الى الحضور للإفادة منها، والقى صادق الاعرجي دروسا في اللغة العربية، وفتح النادي صفوفا لتدريس اللغة الإنكليزية، كان الزعيم النقابي المعروف محمد صالح القزاز من بين الذين درسوا فيها، واعلن النادي عن استعداده لإرسال اثنين او ثلاثة طلاب للدراسة في الجامعة الامريكية في بيروت، كما وزع منشوراً ضد تناول المسكرات بفعل الاضرار التي تلحقها بالمجتمع.
من الاندية الاجتماعية التي أسست في بغداد هو "نادي العلوية" الذي اجيز عام 1924اهتمت أدارة النادي بالجانب الثقافي بكثرة , ودأبت على اقامة الامسيات الثقافية بشكل اسبوعي التي تقدم فيها المحاضرات الثقافية لمختلف المواضيع والقاء قصائد الشعر والمسابقات وغيرها, وحضرها عدد كبير من المثقفين , وأهل العلم والشعراء والادباء.
علاوة على ذلك تأسس نادي "لورا خضوري" بموافقة وزارة الداخلية في 11 اذار 1926، وفقاً لقانون تأسيس الجمعيات لعام1922، وكانت رئيسة النادي السيدة لورا خضوري زوجة أحد الأثرياء اليهود في العراق، وقد جاء في برنامج الجمعية التأسيسي انها جمعية اجتماعية نسائية مكونة من ثماني عضوات وكانت بينهن زوجة الشاعر اليهودي أنور شاؤول.
كان للجمعيات الأثر الفاعل في الاسهام في التوعية، ونشر التعليم والمساعدة على القيام بالأعمال الاجتماعية الخيرية، والإسهام في انتقال حركة الوعي الثقافي والقومي، مما زاد في عملية المطالبة بالحرية والاستقلال, ومما له مغزاه ان أبرز الأعضاء العراقيين في الجمعيات التي تجلت في أواخر العهد العثماني تحولوا الى ساسة بارزين في مجلس المبعوثان العثماني, وفيما بعدفي عهد الملك فيصل الأول اصبحوا اعضاء في المجلس التأسيسي غداة تأسيس الدولة العراقية , ومجلسي النواب والاعيان موزعين بين معارضين أساساً ومؤيدين بدرجة اقل.
كانت للطائفة اليهودية ابان هذه الحقبة جمعيات خيرية، أسهمت في رفع المستوى الصحي والتعليمي لليهود، وبفضل هذه المؤسسات نجد اليهود أكثر وعيا صحياً وثقافياً من بقية السكان ومنذ العهد العثماني، فقد أسست جمعية "مواسات العميان" التي تدير دار مواساة العميان لفاقدي البصر في بغداد والتي تأسست في 12 نيسان 1927، ولهذا الدار بناء فخم تبرع بتشييده اليعازر خضوري، وهي تعليم العميان القراءة والكتابة المختصة بهم، وأنواع الحياكةوالضرب على مختلف الآلات الموسيقية، فكان لهذه الدار جوق موسيقي يعزف في الافراح عند الطلب, وفيها جمعية اسعاف المرضعات وغايتها أسعاف الامهات الفقيرات واطفالهن.
كان هناك اتجاه اخر من الجمعيات المهتمة بالشأن الإسلامي، اذ تأسست"جمعية الاتحاد الإسلامي"عام 1929، واعضاؤها في البداية كانوا من الشباب تبلغ أعمارهم حوالي العشرينيات، وكانت الهيئة الإدارية لهذه الجمعية متكونة من سبعة أعضاء في بادئ الأمر , ولكن قانون الجمعيات وقتذاك نص على ان لا يقل عدد أعضاء الجمعية عن ثمانية ولا يزيد على الاثني عشر , وتكون مجلس ادارتها من حسين فوزي البياتي رئيساً وجلال الدين الحنفي سكرتيراً, ولم يكن لهذه الجمعية نشاط مميز باستثناء الاحتجاج على أعمال القمع والاضطهاد التي قام بها الايطاليون في طرابلس الغرب، كما انها فشلت في عقد اجتماعات منظمة مما كان سبباً في تعطيلها.
هنالك جمعية يهودية اخرى اسست في بغداد هي "جمعية الشبان الاسرائيليين" في 20 ايلول 1931, بموافقة وزارة الداخلية تحت ذريعة النقص في النوادي , ومحلات الاجتماع العلمية والادبية التي يمكن للشباب الاسرائيلي ان يقضوا اوقاتهم فيها , وكان المؤسسيين عدد من الشخصيات اليهودية المعروفة.
اسس مجموعة من الشباب الكرد جمعية الشباب(كومة لي لاوان) في بغداد , وقد اصدرت هذه الجمعية عدة نشرات منها ذكريات شباب (يادگارى لاوان) عام 1933و (ديار لاوان) وكان يرعى هذه الجمعية المؤرخ الكردي الشهير امين زكي بك , وكانت غاية هذه الجمعية العمل على رفع المستوى الثقافي والعلمي بين الكرد.
الكاتب: اياد يونس عريبي
المصدر: المدى
708 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع