الكرم والضيافة والخطار سجايا نبيلة أمتاز بها المجتمع العراقي على مر العصور"

    

الكرم والضيافة والخطار سجايا  نبيلة امتاز بها المجتمع العراقي على مر العصور"

   

  

  

الغربة مرة لان زمانها، لايحدده المغترب بنفسه،  ولكن تضعه الاقدار ومنها
يتعلم اشياء كثيرة ، فالحنين إلى الماضي شعور يلازم أي إنسان كلما تقدّم به العمر، ونفس الآنسان تتلذذ بالماضي أكثر من الحاضر، وتتوق لاستنشاق عبق الزمن الراحل أكثر من تلذذها برائحة القادم من العمر، وكلما ابتعدت اللحظات كلما ساقنا الحنين إليها، والحديث عن الذكريات الغابرة ألذ وأشهى من الحديث عن المستقبل المجهول، فقطار التأريخ لا يمكن ايقافه.
ان الحنين إلى البلد والأهل والأصدقاء والأمكنة، منبع شوق والهام لعدد كبير من المغتربين في المهجر، ويتجلى هذا الحنين، بالنسبة لنا، في شعر امرئ القيس الذي يعد أشهر من بكى على الأطلال وذكرى الديار، واستبكى الآخرين عليها حيث يقول :
أجـــــارتنـا إنـا غريــــبان هــا هنـا ... وكل غريــــب للغـريب نسيـــب
وقول بشار بن برد:
يسقط الطير حيث ينتثر الحب ... وتُغشى منازل الكرماء

حلم العودة حلم صغير كبر معي ومازال يكبر ومن منا لا يحلم بهذا الحلم لكن الواقع أقسى بكثير، تمر بنا  لحضات تأخذنا الذكريات الى كرم العراقيين وضيافتهم وكيف كانت العوائل تفرح بالخطار، أيقظت أحداث ما يحصل للعراق المضطربة، في زمن بعد الاحتلال، وبعد ان بدأ  التفكك في المجتمع، كما أيقظ في نفسي، أحاسيس الحنين الزماني، فلانجد أمامنا الإ القلم لنسطر به جميل ما كان العراقيون يمتازون به من تلك السجايا.  
لقد مر المجتمع العراقي القديم بمراحل تاريخية متعاقبة تطور خلالها من شكل لآخر حيث مرّ بمرحلة الصيد والجمع ومرحلة الاستقرار حيث بنى القرى ومارس الزراعة ودجن الحيوانات وأقام المدن وأسس فيها انواع الحضارات التي تعد من اولى الحضارات في العالم كالحضارة السومرية والاكدية والبابلية والآشورية. وخلال هذه المراحل كانت تتبلور النظم الاجتماعية في المجتمع العراقي لتحديد علاقات وممارسات الافراد بعضهم مع بعض، على شكل جماعات يتعاون افرادها في سد حاجاتهم والدفاع عن انفسهم وبناء مقومات حياتهم وتطوير حضارتهم ، ان المجتمع العراقي نتيجة مكوناته البنيوية هو تجمع متنوع يتشكل من عرب وكرد وتركمان وكلدان وآشوريون وأرمن وشبك وكاكيين وبعض من اصول قوقازية وشاميين ونجديين ، ومن اصول ايرانيية وهندية، وهم مسلمين ومسيحيين وصابئيين ويهود، وهذا الارتباط جعل الاكثرية، مؤمنين بقيم واحدة ومصالح مشتركة وأهداف عليا. علما بان القيم والمصالح والاهداف التي يؤمن بها العراقيون جعلتهم موحدين ومتماسكين، وهذا هو سر قوتهم ونجاحهم في تحقيق الاهداف المتوخاة، ان الانسان العراقي لا يمكن ان يعتبر انسانا بالمفهوم الصحيح الا اذا تقيد والتزم بقواعد منظمة لسلوكه ومنظمة لسلوك الجماعة والجماعات التي ينتمي اليه، فالكرم سمة العراق المتوارثة منذ القدم، يحس كل من عايش العراقيين الاصلاء ويقف على حقيقة وأصالة الإنسان الرافديني التي تمتد جذورها إلى الأصالة العربية والحضارات التي تعاقبت عليه ، وفيه ضربت الأمثلة وقيلت الأشعار، فالتاريخ حافل بمواقف راسخة، عكست في مضامينها ارتباط القدامى بهذه الصفة واعتبارها أحد أهم مبادئ الحياة، ولا يمكن التخلي عنها حتى وإن كلفهم ذلك نفيس أموالهم وأملاكهم، فاستقبال الضيف وإكرامه بسخاء، فطرة جبل عليها العراقيين عموماً والبدو على وجه الخصوص،

      

الكرم العراقي، بما يعنيه من تقديم الطعام والشراب للضيف، او للمحتاجين والفقراء، يكاد يغطي على المكارم الأُخرى، نظراً لما كان لهذا الكرم من اهمية ترمُز الى رفعة المكانة والى وساعة الاعتبار عند مقدم المكرمة، فالكرم صفة يتمسك بها من عرف قدر الرجال وقدر قيمة الضيف ووضع نفسه مكانه وفي ظرفه واجود انواع الكرم الذي يكون بدون سابق وعد او معرفه، لمن تكرم وتقدم كل غالي ونفيس وانت لاتعرفه اصلا فهذا قمة الكرم، ونود الإشارة فإن الكرم والضياقة هي من شيم العرب التي تربوا بها وعاصروها وتغنوا بها على مدى الأجيال، والشواهد المعنية تشهد بها في جيلنا ومن سبقنا، والى المستقبل في ظل العولمة وما تصبوا اليها!.
وقد حفِل الادب العربي بالحديث عن الكرم، وعن التضحية كعناوين ترمز الى رفعةِ الأمة، ابيات شعرية في اكرام الضيف" لجواد العرب حاتم الطائئ قوله:
أمـاوي إن المـال غـاد و رائـح ….. ويبقى من المال الأحاديث والذكر
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى ….. إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
يقول ابو العتاهية
ألا إنّما التّقوَى هيَ العِزّ وَالكَرَمْ.... وحبكَ للدنيَا هو الذلُّ والعدمْ
وليسَ على عبدٍ تقيٍّ نقيصة ....إذا صَحّحَ التّقوَى ، وَإن حاكَ أوْ حجمْ

يقول الشافعي
إني لقوام إلى الضيف موهنا ,,,.. إذا أغدق الستر البخيل المواكل
وما دون ضيفي من تلاد تحوزه   .....  يد الضيف إلا أن تصان الحلائل
يالهف نفسي على مال أفرقه  .....  على المقلين من اهل المروءات

يقول عبد الرحمن العيدروس
ما أحيلي من كف شاد كريم ...... بنت كرم تجلى لقوم كرام
يقول ابو فراس الحمداني
ليس جودا عطية بسؤال .… قد يهز السؤال غير الجواد
إنما الجود ما أتاك ابتداء .... لم تذق فيه ذلة الترداد
يقول بشار بن برد
إن الكريم ليخفي عنك عسرته .... حتى تراه غنيا وهو مجهود
إذا تكرمت أن تعطي القليل ولم  .... تقدر على سعة لم يظهر الجود
يقول البحتري
وما تخفى المكارم حيث كانت .... ولا أهل المكارم حيث كانوا
ابن خفاجة يقول
فَأَغضَيتُ إِغضاءَ الكَريمِ لِفِتيَة ..... كِرامِ الحُلى وَالمُنتَمى وَالأَواصِرِ
يقول احمد شوقي

 أَخرَجتَهُم لِلعالَمينَ جَحاجِحا  ..... عُرباً وَأَبناءُ الكَريمِ كِرامُ

يقول جرير
أَمَدَحتُمُ الجَمَلَ الكَريمَ بَناتُه  ..... لَكِن بَناتُ أَبيكَ غَيرُ كِرامِ

يقول شكيب أرسلان

 كَريمٌ بِهِ لَفظَ الكَريمِ مُقصِر ..... إِذا قيلَ عَن قَومٍ كِرامٍ تَوَسُّعا
يقول بن غلبون الصوريق
وَلا تَسقِ المُدامَ فَتىً لَئيماً....... فَلَستُ أُحِلُّ هَذي لِلَّئيمِ
لِأَنَّ الكَرمَ مِن كَرَمٍ وَجودٍ ....... وَماءُ الكَرمِ لِلرَجُلِ الكَريمِ

يقول أبو نُوّاس
لعل ليلك يسري فيه بارقهم .... ويسقِ أَرضك منهم واكف الديم

يا منكراً حركات كلها كرم....... إِنَّ الأَكارمِ لا تَنهى عَن الكرم
يقول محي الدين بن عربي
 فالآنَ ألقاه بلا أربٍ  ..... يُبْغَى ويلقاني بلا جُرْمِ
وسِعَ المنى ووفَى أخو كريم .... عُصِرتْ خلائقه من الكَرْمِ
يقول سيف الدولة بن حمدان
منزلنا رحب لمن زاره ..... نحن سواء فيه والطارق
وكل ما فيه حلال له ..... إلا الذي حرمه الخالق
يقول ايليا ابو ماضي
ان الكريم لك الربيع تحبه للحسن فيــــه.... وتهش عند لقائه ويغيب عنك فتشتهيه.
اعتقد البغادة بتقاليد متعددة حول مجيء الخطار منها: عندما تقع معركة بين العصافير وزقزقتها، ومنها عندما تنام الدجاجة بالشمس وتمد رجليها،  ومنها اذا سقطت الغراض أي الفراش، ومنها اذا كنست الطفلة في البيت،ومنها اذا ضرب الطفل على حلق الإبريق، وحكة الخد تدل على مجيء ضيف عزيز تتبادل معه القبل، اذا افترشت الدجاجة الأرض، يعني ذلك قدوم ضيف، أو نزل العنكبوت من السقف، أو إذا زحف الطفل الذي يستطيع المشي، أو كنس الطفل الأرض، أو إذا طفر العجين من يد المرأة، أثناء العجن، ونحكي بالتفصيل عن تناثر العجين من بين يدي العجانة فأنهم يعتقدون ان احد سيأتي لضيافتهم فيستعدون ويبلغون ابو البيت رب العائلة او ام البيت حتى تذهب الى السوق وتجلب احتياجات ومستلزمات استقبالهم واكرامهم حسب الأصول.
اعتادت العوائل العراقية والبغدادية ان تستقبل، الأهل  والأقارب  والأصدقاء المقربين والجيران وتكون زياراتهم اعتيادية مألوفة في أي وقت من أوقات الصباح أو المساء وتكون جلساتهم في غرفة المعيشة، اماالاهتمام الكبير بغرفة الخطار لتكون بموازاة قيمة ومكانة الزوار والضيوف الذين يتوافدون على زيارة البيت بين فترة واخرى في المناسبات والقبولات والعزائم، وتحرص على إظهار تلك الغرفة بحلة جديدة قدر المستطاع، لأنها تمثل واجهة البيت ومكانة اهله، كما كانت تعقد بها الاجتماعات الحزبية والسياسية، وجلسات السمر في بعض البيوت او موضعاً لمجالس الشعر والادب والثقافة

           
في كثير من الاحيان كان الخطار  يأتون بدون موعد، فالكل يستقبله بالبشاشة  والترحاب، وللنساء عادة معروفة وهي عندما يودون توديع اهل البيت فهذا يدلل على انها في منتصف الزيارة، والنصف الآخر عند الباب، وما احلى السوالف والمواضيع هناك،  ومنها يقولون ما يقارب عشرين مرة مع السلامة وهم لا يزالون عند عتبة الباب، ولا زلت لا اعلم لماذا لا تحلى السوالف الا عند الباب!، كما ان بعض العوائل تخصص المواعين والاستكانات وفناجين القهوة والكلاصات وتوضع في البوفية، والمناشف والخاوليات بالكنتور، وتكون حبيسة هناك وتخرج فقط للخطار.

 إن قصيدة  خطار جانه الفرح المغناة من قبل الفنان المبدع الهام المدفعي موضوعها الخطار، لفت انتباهي وأنا اقرا القصيدة التي يشير البعض بأنها للشاعر مظفر النواب والحقيقة فإنها تعود للشاعر عزيز السماوي وقد نشرها قبل تلحينها في جريدة (كل شيء ) العراقية فترة الستينات من القرن الماضي:
خطار عدنه الفرح اعلك صواني اشموع
خافن يمر بالعجد , رش العجد بدموع
يا قلبي , وين الحزن...حدر الحدر مرفوع
دومك تون،  ونتك تبكي ابدمع مفجوع
بالك تصيح ابحزن صوت الحزن مسموع
خطار عدنه الفرح اعلك صواني اشموع

    

في الريف كان الاقطاعيون من الشيوخ يقيمون لهم  ديواناً  خاصاً، وهي غرفة الخطار، ونكون مفتوحة بدون ابواب، يستقبلون فيه ابناء عمومتهم في الليالي توزع فيها القهوة ويتجاذبون فيها اطراف الحديث في امور العشيرة والزراعة والسقي والحصاد والتسويق، ومن هنا جاءت لفظة الديوه خانة وهو سلوك غابر في الازل في كل المجتمعات التي تتخذ من اماكن خاصة تكون مركزاً لتجمع الناس والتداول في امورهم العامة، وقد فرضت هذه الصالات او الاماكن وجودها لالتقاء رجال القرية بسبب انعدام وسائل الراحة وتبديد الوقت فلا وسيلة غير ايجاد مكان للتجمع وتبادل الاحاديث والآراء وعلى ذلك.
وفي الجنوب والغربية والشمالية، فالمضيف مركز هام من مراكز الحياة القبلية، فالمضايف هناك مفتوحة وليس لها باب يفتح، وهذا الشيء أنما يدل على الكرم، وللمضيف مهابة، والزائر لهذا المكان يحس ويقف على حقيقة وأصالة الإنسان العراقي التي تمتد جذورها إلى الأصالة العربية والحضارات التي سبقته، فقد بنيت المضايف  من قبل الشيوخ او الاثرياء من غير ابواب اصلا وهي ملك هذه الناحية او ذلك القضاء او تلك القرية، حتى تجد غنيهم وفقيرهم يتباهى بقوله"مضيف العشيرة" وهو بلاشك البرلمان الحقيقي لكل منطقة يتواجد فيها، بداخله تسن القوانين وتشرع الاحكام وتتصالح النفوس وتصدر اوامر الصلح وعقد القران وعقوبات الردع للمذنب واعطاء الحقوق للضحية.

                                      

في منطقة الاهوار المضايف هناك مصنوعة من القصب ترجع اصولها الى الفن المعماري للحضارة السومرية ، حيث وجدت في مدينة اور التاريخية على رقم طينية واختام اسطوانية ترجع تاريخها الى اكثر من 3000 سنة تحمل نقوشا مماثلة لهذه المضايف، حيث ان السومرين استطاعوا  تصميمها على طرق هندسية محددة، مستغلين بذلك طبيعة وجغرافية المنطقة، حيث يتم بناؤها جميعا باتجاه من الشمال الغربي الى الجنوب الشرقي، وذلك لكون هبوب الرياح هناك غالبا ما تكون شمالية غربية، فيدخل الهواء الى المضيف عبر احد البوابات او الفتحات القصبية الموجودة في الجدار ويخرج من الطرف الاخر، فيحدث عملية "تبريد طبيعي للمكان" ويشعر الجالس فيه بحرارة اقل من الجالس في البناء الحديث المبني من الطابوق والاسمنت، ولهذا المبنى خصوصية لم يدركها إلا من عاش في الأهوار والقرى المحاذية لها، يعتبر دار الضيافة مهماً في الحياة الاجتماعية والسياسية للعشيرة ، وينظر أهل الأهوار الى تقاليد المضيف وآدابه نظرة تقديس واحترام، والمضيف مكان تلتقي فيه الطبقات الاجتماعية وتتصل ببعضها طبقا لنظام وعرف دقيقين.

         

في البادية الصحراوية، تلك البيوت المصنوعة من الشعر والتي يسكنها البدو، البدوي معروف بشهامته وحسن معشره ، وإكرامه لضيفه، واستقباله له بوجه بشوش والترحيب به ، حتى يستأنس ضيفه وتنفرج أساريره ، وفي هذا فرحة غامرة ينتشي لها البدوي وهو يشعر بأنه قد نجح في إكرام ضيفه وأفلح في إدخال السرور إلى نفسه، فالضيافة عندهم أمر لامفر منه فهي صفة من صفاتهم لازمتهم منذ نعومة أظفارهم، فللضيف عندهم مكانة خاصة ومميزة وله احترامه وإنهم لايتوانون في تقديم واجب الضيافة إليه، فمتى أقبل الضيف نحو المضارب لابد من أن يستقبل بحفاوة وترحيب وفي ذلك قالت البدو بالضيف «إذا أقبل أمير وإذا جلس أسير وإذا غادر المضارب شاعر» فهو أمير اذ يقيم عند معازيبه معززاً مكرماً وإذا جلس يكون أسيراً أي الضيف لايعمل شيئاً إلا بإذن أصحاب البيت فلا يستطيع الخروج من المضارب إلا إذا سمح له بذلك اي الضيف أسير المعزب وشاعر إذا غادر المضارب فبالتأكيد إنه سيذكر أصحاب البيت بما قدموا له من كرم وجود ..فالبدو يكرمون الضيف ويلبون طلبه ويقبلون استجارته ومن الأعراف المتبعة بالبادية أيضاً الضيف لايسأل عن اسمه إلا بعد مضي ثلاثة أيام على وجوده عندهم.

     

‏‏تعتبر القهوة المرة أول مايقدم للضيوف فلا يجوز عدم تقديمها لانها رمز للكرم والضيافة، والقهوة وشب النار بالمضارب علامة مميزة عند البدو ولايمكنك أن ترى بيتاً خالياً من أدوات القهوة فهي أجمل ما يزين المضافة العربية فكما قال الشاعر: ‏
دنيت لي من غالي البن مالاق.... بالكيف صافيها عند الغدق منسوق ‏
أحمس ثلاث يانديمي على ساق.... ريحه على جمر الغضى يفضح السوق

هذه شيم  وكرم وضيافة أهل الرافديــن النهرين دجلـة والفرات، وبالرغم من تعرضه الى هزات الحصار وما تلاه من احتلال دمر المدن ومرتكزات بنائه وكيانه وزهقت الارواح ونهبت الثروات، الا انها لم تفلح في القضاء على روح وكرم وشهامة ابنائها اتجاه ضيوفها وخطارها، وماأجمل أن نختمها ونقول:  اللهم احفظ العراق واهله الطيبين، ومن الله التوفيق
سرور ميرزا محمود


   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

430 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع