ربيئه طاوكي العسكريه و قصة اسقاط الطائرة التركيه
وصف جغرافي لقضاء زاخو
زاخو مدينة كردية إستراتيجية حدوديه مع تركيا, مواجهه لجبل جـودي المذكور في القرأن الكريم و التي رست عليه سفينة نبي الله نوح عليه السّـــلام , وهي موغلة في القدم ومهمة من حيث سيطرتها على الطرق والمداخل التجارية التي كانت تؤدي مــــن بلاد آشور والأناضـول. هذا الموقع سبب لها الكثير من الدمار والخراب عبر الزمان فالجيوش الجرارة التي كانت تمر من خلال هذه الممرات غالبا ما كانت تدك مواقع هذه المنطقة التي لم تكن لتصمد أمام جبروتهم و قسوتهم.
أما نهر خابورالقادم من منطقه الهكاري التركيه حيث منابعه من منطقه اناضول الشرقيه و يخترق الحدود العراقيه متوجها الي منطقه الدوسكي ومنها الي مركز قضاء زاخــــــو ليقسمها متوجها نحو الشمال الغربي ليتحد مع نـــهر الهيزل الحدودي مع الجاره تركيا و ليصبح الحدود الدوليه بطول اكثر من 20 كم من معبر ابـــــراهيم الخليل الي مصبه في نهر الدجله في منطقهالمثلث التركي السوري العراقي شمال قرية فيشخابور.
مدينه زاخو و نهر خابور الفائض في موسم الربيع حيث الخضره في كل مكان
يعد جسر دلال من ابرز المعالم التاريخية للمدينة ويبلغ طوله الاجمالي 114 متر وعرضه 4,70 متر ويرتفع عن سطح النهر 15,50 وهو مشيد بالحجارة المنحوتة وان تسمية جسر دلال (برا ده لال) تسمية قديمة عند سكان مدينة زاخو, ويطلق البعض عليه تسمية الجسر العباسي.
كل هذا الوصف والشرح لكي اضع الزمـلاء و الزميلات من متابعي مجلتنا العزيزه بالصوره و خاصه هولاء الذين لم تسعفهم زيارة هذا الجزء الغالي من كردستان العراق بالرغم من كون المنطقه جزء هام و عريق و قديم و علي طريق الحرير , حيث عبر منه اسكندر المقدوني علي رأس الجيش الروماني الجرار من الاغريق و المقدونين لكي يلاقي الجيش الساساني في معــــــركة كوكميلا سنه 331 ق.م ضد داريوس الثالث ملك الفرس الاخمينيين و كانت المعركه في السهل الواقع بين أربيل والموصل و انتهت بهزيمة الفرس الاخمينيين هزيمه ساحقه ادى بالامبراطوريه الاخمينيه الى الانهيار.
هناك من الباحثين في اغوارالتأريخ من ينسبون بأن الرومان هم من بنوا هذا الجسراي الجسر العباسي لأغراضهم العسكريه ويعللون ذلك بوجــــود امثاله في تركيا و يونان.
جسر العباسي او برا دلال في موسم الصيف مفتوح للمشاهفقط.
ربيئه طاوكي و نمط الحياهفيها
كنت مع مجموعه من المقاتلين يبلغ تعدادنا حوالي 25 عسكريا بامرهعريف في ربيئه عسكريه منفرده علي قمه جبل طاوكي, يقع هذا الجبل في الجنوب الشرقي لمدينه زاخو و يبعد عنها حوالي 6 كم.
كانت ربيئتنا المنفرده متقدمه في العمق وامام خط الربايا , حيث كانت تمثل كرأس حربه لسلسله من الربايا العسكريه الموزعه علي الجانب الايمن او الشرقي من الطريق الحدودي الي باطوفا و كاني ماسي والجانب الايسراو الغربي خط ربايا كلي زاخـــو و جبل بيخير والطريق الي مركز محافظة دهـوك.
الربيئه كانت تشرف مباشرة علي قريه طاوكي من الجهه الشرقيه و نهر خابور من الجهه الجنوبيه حيث كلا السفحين منه ذو انحدار قاسي و يصعب للعدو التسلق منه , ناهيك عن وجود حقلين مزروعين بألغام ضد الاشخاص و مثبتات باسلاك لكي تنفجر حينما يتعثر الشخص بها, لذلك كان الشخص الذي اختار هذا المكان موفقا مـن حيث تأمين لجهتين الأكثر خطوره .
و كانت تمثل عراقا مصغرا, فأفرادها من جميع القوميات و الأديان والمذاهب والطوائف و مقسمون الي خمسه حضائر و كل حضيره مستقله لعمل وجبات الأكل والطبخ . اما منتسبوها,,,,,, فهذا عريف باني الأنسان البسيط من منطقه الأهوار والذي كان يندب حظه لأنه خسـر بقرته مصدرالحليب و الخاثر لأفراد عائلته خلال أحدي هجمات الايرانيه علي منطقه أهــــوار العماره و كنا نمزح معه بان بقرته يمكن تكون أسيره وتعود الي الوطن بعد أنتهاء الحرب وذاك ابن ديوانيه نائب العريف محمد الشهم والشجاع الحاضر دائما لكل واجب و بجنبه العسـكري كريم العجوز ذلك القروي القادم من المشخاب و مواليده في ثلاثينيات من القرن الماضي وكان جلد جسـده يميل للأسوداد من قسوه الزمان ومشقه حالة الفقر والعوز التي كان يعاني منها علما انه سيق للخدمه للعسكريه لكونه متخلفا ومسجل 20 سنه اصغر من عمره الحقيقي, حيث نظره كان شبه معدوم و خاصه في الليل و يرتدي نظاره طبيه / چعب استكان ولا يمتهن غير الكلام عن زمـان الانكليز والتموين وغير ذلك من الحكايات, واحتراما لسنه ولأمان الربيئه كان معفيا من الواجب حتي لا يوقعنا في ورطه و يشاهد الجني والطنطل و يرمي عليهم فـــي الليالي القاتمه السواد بعد غياب القمر لكونه من الزمن القديم ومن الذين يۆمنون بمثل هذه الخرافات, اما كاطع من الطارميه فكان ذو بنيه جسديه قويه حيث يمتهن صناعة طابوق هو واولاده الاربعه حيث كان يتناول التمن بيده رغم النصائح باستعمال الملعقه حيث كان يبرر ذلك انه ما بيها عافيه و ما تشبع اما سعد و رأفت فكانا مـن الموصل يجلبان اطيب الكرزات و الحلوي عند عودتهم من الاجازه و نجدت تركماني من كركوك و ازاد و بارزان من سليمانيه و وليد من اربيل و جمال من تلسقف وهيدو الاشوري الذي كنا نناديه بحيدر من قرية بيبادي من قضاء العماديه والذي كان يحتار اين يقضي اجازته لكون القريه تصبح اثناء الليل تحت سيطرهمسلحي احزاب المعارضه, جازف في أحدي الأجازات ان رجع الي قريته ليقضي ايامها مع والدته العجوزه الوحيده في البيت والتي كانت تملك بستانا للخوخ ذو مورد مالي يكفيهم لطيلة ايام السنه والتي كانت ترفض تركها وحينها و في تلك الليله اكل عدة صفعات من افراد المفرزه التي كانت قد دخلتها جزاء عدم تركه العسكريه والأڵتحاق معهم واما عـباس ذلك الفتي اليافع من اهل الناصريه فكان عدد رشاشه بي كي سي المنصوبه علي الجانب الغربي للربيئه و امامها ساحه مكشوفه للرمي حيث كانت قد ازيلت الاشجار و الأحراش منها, فكانت مسيطره علي هذأ الجانب من ساتر الربيئه الاكثر خطوره و كان كله شوق لأستعمالها اي الرمي من خلالها, اما جندي اول سنباط الأرمني من زاخو فكان هادىء وكتوم كأنه حامل هموم الدنيا في رأسه و قلبه.
كذلك كان معنا مقاتلان اخران هما الراصد و المخابر من رعيل مدفعيه لأسناد المدفعي وخاصة قنابل التنوير في الليل و اخرون لا تسعفني ذاكرتي بسردهم و هكذا كانت الربيئه عائله عراقيه كبيره.
كانت ربيئتنا محصنه بشكل كبيرحيث من الصعوبه اختراقها , و كانت تشغل مساحه من الارض حوالي اكثر من 600 متر مربع , كانت محاطه بساتر ترابي بارتفاع متران و لها 8 مواضع للرمي و المراقبه حيث يشغل 4 منها في الليالي الاعتياديه و الاخري مهيئات للأستعمال في الحالات الطارئه ولم نصادفها طيله مدة بقائي معهم و لله الحمد .
كانت قد شيدت فيها قاعه تكفي لأيواء 30 شخصا و ثبت عمود طويل كمانعه للصواعق في موسم الشتاء , اضافة الي حمام و مرافق صحيه و مجري لتصريف مياه الامطار في فصل الشتاء.
كان يمر اسفل الربيئة بمسافه200 م طريق غير مبلط قادم من مدينه زاخو و يۆدي الي مجموعه قري محذوره امنيا ولا يتواجد بها اي تواجد حكومي و كانت تسلكه صباح كل يوم من مركز زاخو سيارات لاندروفر حيث تقل المعلمات لمدارسـها و تعود عند الظهيره و من الجانب الاخر تأتي سيارات بيك أب للفلاحين او تركترات مع عرباناتها لنقل الحاصلات الزراعيه من الخضروات والفاكهه و منتوجات حيوانيه كالالبان و الأجبان و احيانا اخري ملابس وستائر تركيه قجغ لبيعها في اسواق المدينه او مراجعة لطبيب او دائرة معينه و يعودون عصرا متبضعين معهم السـكر والشاي او حاجات اخري مع جليكانات من النفط ولسخريه القدر لم يعلموا ان منطقتهم كانت تعوم علي بحر من النفط و التي اصبحت الان مقرا لعمليات شركه ( دى ان او) النرويجيه حيث المصفي و عشرات الأبار للبترول.
كانت لنا سيطره لغرض تدقيق و تفتيش الماره علي الطريق, كنا نعاملهم كأنهم أخوان لنا و بكل معايير الأنسانيه في الوقت نفسه كنا نلتمس منهم نفس المشاعر و كلانا كنا بعيدين كل البعد عن الحس الطائفي البغيض و لعل ذلك الفلاح الكردي البسيط في منطقهالمثلث الحدودي التركي الايراني خير نموذج لهذا الاعتقاد عندما احتظن الطيار العراقي العائد من الواجب و طائرته مصابه وجازف بحياته لكي لا تسقط في ايران و يصبح اسيرا حيث تمكن من الوصول الي أرض الوطن ويهبط بمظلته في منطقه نائيه داخل الوطن ليصبح بضيافة كاكه حمه و من المضحك لا الطيار يجيد اللغه الكرديه و لا كاكه حمه يتقن اللغه العربيه, فألبسه الملابس الكرديه و خبأ مظلته و ملابسه لكي يبعد كل الشبهات عنه و انكرعلمه بهذا الحدث عندما استفسر البعض منه , وأوصاه أن يتصرف كأنه اخرس حتي ان أوصله الي اقرب تواجد حكومي و ينقذه من محنته.
قصه سقوط الطائره التركيه
نهضنا صباح يوم السبت المصادف 24 من ايلول سنه1983 وكان يوما مشمسا و قطع من الغيوم متناثره هنا وهناك في السماء وكانت تهب نسائم من الرياح الشماليه البارده وما ان اصبحت الساعه قرابة العاشره و النصف حتي سمعنا دوي انفجار و هرعنا الي الساتر لنتقصي مكان الانفجاراو مصدر الصوت ,, و ما هي الا لحظات و شاهدنا طائره تتقلب في السماء و النيران تلتهم مؤخرتها في الوقت نفسه بانت في الجو بالقرب منها نقطتين بيضاوتين حتي ظهرتا بانها كانت مظلتين لطياريها واللذان قادتهم الرياح الي ســـــماء زاخو و يعبرا الي فوق ربيئتنا بأرتفاع اقل من 100 متر و كانا ينظران للأسفل علينا و نحن ننظر اليهم ليعبرا قمه الجبل ومن اسفله نهرالخابور ويهبطا الضفه الاخري منه حيث حقول الخضروات وبساتين الفاكهه, اما الطائره فسقطت بعدة مئات من الامتار من مدينة زاخـــــو وعلي طريق الي ابراهيم الخليل.
ما ان هبطا علي الارض بسلام حتي وثب محمد و سعد و رأفت و عباس و هيدو بعد ان تمنطقوا بمخازن العتاد مع بنادقهم و سـلكوا الطريق الي الهابطين بالمظلتين دون ان يعرفوا من هم و ما هي جنسيتهم و كأنهم كانوا في سباق للركض لما كانوا يتمتعون مــن مستوى عال من اللياقة البدنية وخفة الحركه و كانوا يتوقعون انهم من الجانب الايراني.
كنت اراقب الحدث من منطقة السفح الجنوبي للجبل خارج الساتر والمشرف علي النهر من خلال الناظور لزميلي الراصـد المدفعي و كنت اشاهد الطيارين واقفين مذهولين يلملمان بالحبال والمضلتين .
تصوروا اي تعجيل هذا اواية سرعه كانا رفاقي المقاتلين خلال نزولهم من الجبل الي الهدف للوصول اليهم و الظفر بهم.
هنا كانت المفاجأه!! حيث تعرضوا الي رشقات و صليات من بنادق رشاشه من أؤلائك المزارعين من داخل البساتين وحقول الخضروات حيث ازيز الرصاصات من كل حدب و صوب ,, مما حدي بهم العوده بالسرعه القصوي و ذلك لخطوره الموقف و حراجته.
ما ان وصلوا الربيئه حمدنا الله علي سلامتهم و خاصة لم تكن هناك اية اوامر عسكريه من المراجع العليا للنزول.
من خلال مراقبتي شاهدت كيف قبضوا عليهم و اقتادوهم الي جهه مجهوله و اختفي كل شيء خلال لحظات و كأنهم كانوا علي موعد معهم.
و في صباح اليوم التالي خرجت قوه مرتبه قوامها 20 عجله و مدرعه بأمرة النقيب ح الدباغ للبحث عنهم , حيث مرت القوه من امام ربيئتنا و نزولا الي قرية طاوكي و صعودا الي القري الاخري علي نفس الطريق .
عند المساء ,, عادت القوهالي زاخو بدون حادث و لم يعثروا علي اي شيء ......
وبعد فتره من الزمن ... تبين ان الاشخاص الذين قبضوا عليهم كانوا من ضمن جماعه كرديه مسلحه من كردستان تركيا و قد قاموا بمبادلتهم بمجموعه من السجناء من حزبهم في داخل احد سجون تركيا ...................
الرابط ادناه يبين سير العمليه و الجزء الاخير منه لا صحه له اطلاقا من الأنزال الجوي و قــــوات خاصه والأسر ....
الرحمه لروح صديقي سنباط الذي توفي اثر حادث مؤسف للسير وكل اؤلائك الذين غادروا هذه الحياة و الصحه والمقاومه لاسرة الكاردينيا العزيزه و متابعيها ضد مرض كورونا اللعين و خاصة الطفره الاخيره .
https://youtu.be/3g2f-rQX4os
أبن الرافدين
796 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع