المناحة والفكاهة

                                               
بقدر ما أعطت المصائب التي مر بها اليهود النواح في تلاواتهم، أعطتهم أيضا سجلا حافلا بالفكاهة والسخرية الذاتية. قلما وجد قوم يضحكون على أنفسهم كبني موسى.. هناك عشرات من الكتب تتناول فكاهاتهم وتحللها وتؤرخها؛ منها كتاب هنري سبالدنغ «موسوعة النكتة اليهودية».

وظهر عدد قليل من الفكاهيين اليهود الذين راحوا يطوفون العالم ويكسبون ثروات غزيرة من سرد فكاهاتهم اليهودية وبيع أسطواناتهم وأفلامهم الفكاهية، كما فعل جاكي ميسون بفيلمه «اليهودي الأصيل».

الطريف فيها قدرتهم وشجاعتهم في التنكيت على أنفسهم وعلى قادتهم ونسائهم، وعلى حبهم للفلوس وبخلهم وحرصهم.. لماذا لون الدولار أخضر؟ لأن اليهود يقطفونه قبل أن ينضج!

ابتلعت طفلة قطعة نقدية وراحت تغص بها.. صرخت أمها: «أسرعوا! نادوا على الطبيب»! قال زوجها: «لا تضيعي وقتنا.. نادي على جارنا شالوم.. هو يستطيع أن ينتزع الفلوس من أي أحد».

وقال آخر: «شربت الشاي يوم أمس في بيت يهودي». فسأله صاحبه: «وكيف عرفت أنه يهودي؟»، قال: «عرفت ذلك لأنه وضع شوكة بدل الملعقة في علبة السكر»!

براعتهم في كسب الفلوس شيء يتردد مرارا في نكاتهم وطرائفهم.. قيل إن تاجرا في السوق توفي وخرج أصحابه في تشييع جنازته.. تقدم أحدهم واعترف بأنه كان مدينا له بمائة دولار، فأخرج ورقة من فئة المائة دولار ووضعها على القبر لتدفن معه تبرئة لذمته، وتقدم آخر ففعل مثل ذلك ووضع ورقة أخرى بمائة دولار.. وضعها على النعش لتدفن معه، ثم جاء صاحبه التاجر اليهودي وقال: «أنا أيضا كنت مدينا له بمائة دولار عليّ أن أسددها له»، فجمع المائتي دولار الأخرى ووضعها في جيبه، ثم كتب صكا للميت بمبلغ ثلاثمائة دولار ووضعه على النعش!

وروى لنا القارئ الفاضل كنعان شماس أن يهوديا التقى بآخر وسأله: «أسمعت بآخر نكتة؟»، قال: «لا»، قال: «أعطني دينارا لأرويها لك».

كل ذلك من النكات القديمة، ولكنهم في السنوات الأخيرة أضافوا لها ميدانا جديدا يتعلق بهويتهم ويهوديتهم.. تفاقم هذا الأمر بعد تأسيس إسرائيل.. من هو اليهودي الذي يستحق دخولها واكتساب جنسيتها؟ وبينما كان القضاة والمشرعون والمحامون يخوضون في هذه المتاهة، انطلق الفكاهيون يروون النكتة بعد الأخرى بصدد كل هذه المفارقات.

التقت امرأة برجل أشقر.. أزرق العينين.. بادرته بالسؤال قائلة: «يبدو أنك يهودي يا سيدي».

- لا يا سيدتي.. أنا لست يهوديا.

- لكنني أعتقد بأنك يهودي.

- لا مطلقا.. أؤكد لك ذلك.

- هل أنت متأكد حقا بأنك غير يهودي؟

وهنا ضاق الرجل بها وبإلحاحها، فأجابها قائلا: «نعم.. أنا يهودي، فماذا تريدين؟».

قالت: «هذا شيء مضحك حقا.. فلا يبدو عليك مطلقا أنك يهودي»!

أبرع ما قيل في هذا الصدد القول: «أنت يهودي إذا اعتبرت نفسك يهوديا.. ونكتتك يهودية إذا اعتبرتها نكتة يهودية»!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

652 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع